«حرق الكتب: تاريخ إتلاف الكتب والمكتبات»
يتحدث خالد السعيد فى كتابه «حرق الكتب: تاريخ إتلاف الكتب والمكتبات» الصادر أخيراً عن دار أثر عن المكتبات التي تم حرقها.
منذ أن إكتشف الإنسان الكتابة، والكتب هي المحرك والشاهد لكل الشعوب، هي الحكاء الذي ينقل كل شيء من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل. لطالما كانت الكتب هي الثبات، الاتفاق، المصالحة، المهادنة، القانون، المعرفة والحكمة. لكن هذا ليس هو الوجه الوحيد للكتب، فعلى إختلاف الأزمنة والمذاهب والأفكار والصراعات الفكرية والدينية والمجتمعية واجهت الكتب، الماء والنار والتراب. إما أن يكون إتلافاً متعمداً من قبل السلطة أو المجتمع أو الأفراد أو العادات والتقاليد، وإما أن يكون شخصياً من المؤلف نفسه لأسباب علمية أو اعتقادية أو نفسية، وإما أن تكون مجرد جور حضارة على أخرى بالسلاح. ولم يتوقف الأمر على مجموعة من الكتب تتطرق إلى موضوع واحد أو عدة مواضيع، وإنما تفاقم إلى أن وصل إلى حرق مكتبات بأكملها، تحولت فيها الكتب إلى تلالٍ من رماد سرعان ما عبثت بها أصابع الريح، لكن التاريخ لاينسى، بقيَ الشاهد الوحيد على ذلك. على مر العصور كشفت الحقيقة عن نفسها، كشف الإنسان عن قدرته على وأد الحضارات، فمن الامبراطور الصيني "تشي هوانغ تي" صاحب أكبر محرقة كتب في التاريخ، الى كتب الفلسفة المحروقة في عصر العباسيين، إلى تدمير الإسبان لمخطوطات المايا، إلى حرق النازيين للكتب، وصولاً إلى مجزرة الكتب في مكتبة الموصل ومكتبة السائح بطرابلس، وقف الكتاب بالمرصاد، مواجهاً كل هذه المجازر بأقصى ما يمتلك من قوة وصبر، فلطالما بقيت الكتابة ذاكرة الشعوب، كي تبقيها متقدة وتحميها من الضياع والاندثار.