"أن تكون في الزمان": عن أزمة الصهيونية
استنتاجات جلعاد غير مريحة للقارئ. لكنها نتاج ذهن فلسفي حاد وفهم عميق للموضوع، وسنوات طويلة من المعايشة لإسرائيل والصهيونية والهوية اليهودية.
صدر حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، و"مكتبة كل شيء" في حيفا كتاب "أن تكون في الزمان" للكاتب البريطاني – الإسرائيلي جلعاد عتصمون. ترجمة الأستاذ صالح الكميشي.
جلعاد عتصمون يتم استعماله أحياناً كفزاعة لتخويف الأطفال اليهود. لكنه حقيقي وموجود. إنه معروف لدى مجموعة من الناس بوصفه موسيقار جاز وعازف ساكسفون رفيع المستوى، ومعروف لدى مجموعة أخرى بوصفه مجادلاً ومحاوراً رهيباً في قضايا الهوية اليهودية. وفي وقتنا الحالي، فإن أي نقد لأفعال "الدولة اليهودية"، أو لنشاطات منظمات أو جماعات يهودية ، يتم وصمه بمعاداة السامية، بصرف النظر عن طبيعة تلك الأفعال والنشاطات في معظم الأحيان . جلعاد، الذي هو "إسرائيلي” سابق و"يهودي" سابق.
كتب بالتفصيل في كتابه "من التائه"الذي سبق وأصدرته المؤسسة العربية للدراسات والنشر، عن طبيعة الهوية اليهودية، وعن مدى اختلافها عن تلك الهوية النمطية التي تقدمها لنا معظم الجماعات اليهودية، كما يحلل هذا الموضوع في كتابه الجديد هذا، ويضعه في سياق متجانس مع التحول السياسي الكبير 2016، ويساعد في إلقاء الضوء على كيفية الوصول الى هذه النتائج غير المتوقعة لاستفتاء خروج بريطانيا من الإتحاد الاوروبي، وانتخاب ترامب للرئاسة الأميركية.
استنتاجات جلعاد غير مريحة للقارئ. لكنها نتاج ذهن فلسفي حاد وفهم عميق للموضوع، وسنوات طويلة من المعايشة لإسرائيل والصهيونية والهوية اليهودية. ومهما كان صمود هذه الأفكار مع تجربة الأيام، فإنها تبقى استنتاجات حكيمة مبنية على أدلة صلبة مدعومة باقتباسات من كُتاب وخبراء يهود، وتستحق الاهتمام الجدي بدل الاهمال والتجاهل.