آفاق تعزيز العلاقات العسكريّة بين القاهرة والخرطوم

يبدو أنَّ ملف سد النهضة سيكون الاختبار الجدي الأول للعلاقات المصرية السودانية في شكلها الجديد، وهو اختبار يقترب من لحظة مفصلية، مع قرب بدء الملء الثاني لسد النهضة في تموز/يوليو المقبل.

  • تعزيز العلاقات العسكرية بين مصر والسودان هو تصحيح لأخطاء العقود الماضية
    تعزيز العلاقات العسكرية بين مصر والسودان هو تصحيح لأخطاء العقود الماضية

ربما أثارت الزيارة الأخيرة لرئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق محمد فريد، إلى العاصمة السودانية الخرطوم، انتباهاً إقليمياً ودولياً كبيراً، نظراً إلى أهمية ما تمخّض عنها من اتفاقيات ونقاشات دفعت آفاق التعاون العسكري بين الجانبين إلى مستويات جديدة كلياً، في ظلّ ظروف إقليمية دقيقة تعيشها المنطقة نتيجة متغيّرات عديدة.

يكمن الجانب الأهم في هذا الصدد في أن تعزيز العلاقات العسكرية بين الجانبين يأتي بشكل أساسي كتصحيح لأخطاء نتجت خلال العقود الماضية، نتيجة للظروف السودانية الداخلية وما نتج منها من مد وجزر في علاقات الخرطوم مع القاهرة، وهي علاقات كان من الأجدى أن تكون الأوثق على المستوى الأفريقي، نظراً إلى العلاقات التاريخية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين.

لتحديد الموقف الحالي والمستقبلي للعلاقات العسكرية بين الجانبين اللذين يشهدان في هذا التوقيت التحديات الأمنية والاستراتيجية نفسها، يجب العودة إلى تاريخ هذه العلاقات ووضع اليد على مكامن الخلل فيها، والتي لو قُدر لها أن تكون على المستوى نفسه الذي يسعى الجانبان حالياً للوصول إليه، لكانت لتمثل نموذجاً يُحتذى به للعلاقات العسكرية العربية - العربية.

حقبة خمسينيات وستينيات القرن الماضي

لم تكن العلاقات بشكل عام بين القاهرة والخرطوم - وبشكل خاص العلاقات العسكرية - على ما يرام منذ استقلال السودان أواخر العام 1955 وحتى العام 1958، وذلك لعدة أسباب، أهمها التأثير الخارجي في الحياة السياسية السودانية بشكل عام، والذي كان يدفع دائماً في اتجاه استقلال السودان بشكل كامل عن مصر، والابتعاد عن النهج الذي كان يقوده في هذه الفترة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ما أدى إلى فتور في العلاقة بين الجانبين، وخصوصاً في حقبة رئيس الوزراء السوداني الأسبق عبد الله خليل، الذي اصطدم مع القاهرة في عدة ملفات، أهمها ملف حلايب وشلاتين وملف السد العالي. 

انتهت هذه المرحلة بحلول شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1958، حين تسلَّم الفريق إبراهيم عبود - الذي خدم في الجيش المصري خلال عشرينيات القرن الماضي، مثله في ذلك مثل سلفه عبد الله خليل - مقاليد السلطة في البلاد، على خلفية أزمة سياسية وحزبية.

تحسّنت العلاقات بشكل مطرد بين الجانبين خلال فترة حكم عبود - التي امتدّت حتى العام 1964 - ودعمت مصر السودان على كل المستويات، في ظل الصعوبات الاقتصادية الشديدة والصراع الداخلي المحموم على السلطة الذي اكتنف المشهد السوداني في تلك المرحلة. هذا التحسن اكتنفته في بعض الأحيان توترات مؤقتة، نتيجة لاختلاف رؤى كلا الجانبين بشأن دعم حركات التحرر في أفريقيا.

توترت العلاقات بين الجانبين عقب ثورة تشرين الأول/أكتوبر 1964، التي تولت بعدها خلال فترة انتقالية عدة حكومات سياسية، أهمها حكومة رئيس الوزراء الأسبق سر الختم خليفة. التزمت هذه الحكومات بدعم التوجهات المصرية على المستوى الإقليمي، مثل إعلانها دعم المجموعات اليمنية الثورية التي كانت تقاتل بدعم مصري نظام الحكم الملكي في صنعاء، وكذا دعمها حركات التحرر في أفريقيا، لكن كانت هناك خلافات أساسية بين الجانبين، تمثلت بشكل كبير في الموقف من جماعة الإخوان المسلمين. في هذا التوقيت، بدأت بوادر تعاون عسكري بين القاهرة والخرطوم، وكان ملف دعم حركات التحرر الأفريقية هو عنوانه الأساسي.

التعاون التسليحي بين الجانبين في حقبة النميري

دخلت العلاقات بين الجانبين - وخصوصاً على المستوى العسكري - مرحلة تعتبر الأنشط في تاريخهما، بوصول العقيد جعفر النميري إلى سدة الحكم في الخرطوم، في انقلاب عسكري في الخامس والعشرين من أيار/مايو 1969، إذ كانت ملامح توجهات النظام الجديد قائمة على المبادئ القومية العربية، وهو ما أدى إلى تصاعد دعم القاهرة للنظام الجديد وتنامي العلاقات بين العقيد النميري ورؤساء الجمهورية في مصر (جمال عبد الناصر - أنور السادات - حسني مبارك). العلاقة بين النميري والسادات كانت الأقوى، وخصوصاً في مرحلة ما بعد حرب العام 1973، إذ وقع الجانبان في أوائل العام 1974 اتفاقية للدفاع المشترك واتفاقيات أخرى للتكامل السياسي والاقتصادي.

بعد تولي الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك منصبه، تصاعد التعاون العسكري بين الجانبين بشكل أكبر، إذ قدمت مصر للجيش السوداني كميات كبيرة من المعدات والمنظومات العسكرية السوفياتية والصينية والمصرية الصنع خلال الفترة الممتدة بين العامين 1980 و1989، تضمنت عربات استطلاع مدرعة سوفياتية الصنع من نوعي (BRDM-1\2)، وصواريخ مضادة للدبابات من نوع "سوينج فاير"، ومدفعية ميدان مقطورة سوفياتية وصينية الصنع من عياري 122 و130 ملم، وناقلات جند سوفياتية مدرعة من نوع (BTR-152)، إلى جانب منظومات سوفياتية للدفاع الجوي، وعربات مدرعة مصرية الصنع من نوعي "الوليد" و"فهد".

الخرطوم وطهران في حقبة حكومة الإنقاذ 

ظلّت العاصمة الخرطوم تتلقّى هذه الدفعات من الأسلحة خلال فترة الثمانينيات، إلى أن وصل العميد عمر حسن البشير - خريج الكلية الحربية المصرية - إلى سدة الحكم في السودان، عبر انقلاب عسكري في حزيران/يونيو 1989، إذ اتسمت العلاقات بين مصر والسودان بشكل عام في عهده بالتقلب المستمر. 

في بداية عهده، زار القاهرة كأول وجهة خارجية له، وأعلن عزمه على إدامة التعاون مع مصر على كل المستويات - ومنها الجانب العسكري - لكن اتضح للقاهرة خلال النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي أن توجهات النظام الجديد تحمل ملامح لا تتوافق مع التوجهات المصرية.

اعتمدت الخرطوم في هذه المرحلة وحتى أوائل العقد الأول من الألفية الجديدة على التسليح الصيني والإيراني، إذ تلقت شحنات من الأسلحة الإيرانية، كما ساعدت طهران الصناعات العسكرية السودانية على المستوى اللوجيستي والفني. 

ووقّع الجانبان في منتصف التسعينيات اتفاقاً تزوّد طهران بموجبه الخرطوم بالنفط والأسلحة، إلى جانب المساعدات المالية لشراء أسلحة من الصين، إلا أنّ العزلة الإقليمية والدولية التي تمّ فرضها على الخرطوم جراء هذا الموقف أدت إلى لجوئها إلى مصر كي تساهم في انفتاحها على العالم، وهو ما استدعى من نظام البشير عدة إجراءات، من بينها قيامه في العام 1999 بتسليم أحد المشتبه بهم في محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق مبارك. تحسنت العلاقات تدريجياً بين الجانبين، إلا أن الشق العسكري منها ظل يشوبه الجمود حتى العام 2014.

بدء تصاعد العلاقات العسكرية بين الجانبين

تمثّلت الخطوة الأولى في طريق عودة العلاقات العسكرية بين الجانبين، في الزيارة التي قام بها إلى مصر في شباط/فبراير 2014، الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين، وزير الدفاع الوطني السوداني، على رأس وفد رفيع المستوى عقد سلسلة من المباحثات مع وزير الدفاع المصري آنذاك المشير عبد الفتاح السيسي. تلت هذه الزيارة سلسلة من اللقاءات، بدا من خلالها أن كلا الجانبين شرع فعلياً في تعزيز العلاقات العسكرية بينهما إلى مستويات غير مسبوقة.

من هذه اللقاءات:

● في نيسان/أبريل 2015، قام الفريق أول مصطفى عثمان عبيد سالم، رئيس هيئة الأركان المشتركة السودانية، بزيارة القاهرة وعقد مباحثات مع رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق محمود حجازي.

● في العام 2016، تم عقد جولتي مباحثات؛ ضمَّت الجولة الأولى من الجانب المصري الفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة، ومن الجانب السوداني الفريق الركن علي محمد سالم، رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية السودانية، والجولة الثانية ضمّت من الجانب المصري كلاً من وزير الدفاع ورئيس الأركان، ومن الجانب السوداني الفريق أول مهندس ركن عماد الدين مصطفى عدوى، رئيس الأركان المشتركة للقوات المسلحة السودانية.

● في آب/أغسطس 2017، التقى القائد العام للقوات المسلحة المصرية الفريق أول صدقي صبحي مع الفريق أول ركن عوض محمد وزير الدفاع الوطني السوداني في القاهرة أحمد بن عوف. وتم خلال هذا الاجتماع الاتفاق على عقد اجتماع للجنة العسكرية المشتركة بين الجانبين، بهدف تعزيز التعاون والتنسيق بينهما على الحدود.

● تكثّفت اللقاءات بين الجانبين خلال العام 2018، ففي آب/أغسطس، عقد كلا الجانبين الاجتماع الخامس للجنة العسكرية المشتركة بينهما في العاصمة السودانية الخرطوم، بحضور رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق محمد فريد. وقد تبع هذا الاجتماع زيارة قام بها وزير الدفاع المصري، الفريق أول محمد زكي، إلى الخرطوم في تشرين الثاني/نوفمبر، ثم لقاء جمع بينه وبين وزير الدفاع السوداني الفريق أول عوض محمد أحمد بن عوف، على هامش معرض الصناعات الدفاعية المصرية (أيديكس).

الدعم الكامل.. مرحلة ما بعد رحيل البشير

بعد سقوط نظام البشير في العام 2019، بدأت مرحلة جديدة من العلاقات العسكرية بين الجانبين، تم تدشينها خلال الاجتماع السادس للجنة العسكرية المشتركة بينهما، والذي عُقد في شهر تموز/يوليو، وترأس الجانب المصري فيه رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، الفريق محمد فريد، فيما ترأس الوفد السوداني رئيس الأركان الفريق هاشم عبد المطلب. تم خلال هذا الاجتماع وضع أسس تطوير العلاقات العسكرية بين الجانبين، والتي اتضح من خلال مراحلها اللاحقة أنها تستهدف الوصول بهذه العلاقات إلى مستويات غير مسبوقة. 

التطور المفصلي الأول في هذه العلاقة كان في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، حين نفذ كلا الجانبين - للمرة الأولى في تاريخهما - مناورات جوية عسكرية مشتركة تحت اسم "نسور النيل – 1"، جرت فصولها على الأراضي السودانية، بحضور الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية.

وخلالها، تدرب للمرة الأولى الطياران المصريان والسودانيان على تكتيكات استخدام المقاتلات الروسية الصنع في تنفيذ المهام الجوية كافة، بما فيها مهام الدورية القتالية، والاستطلاع الحر، وعمليات الاعتراض والقصف، إلى جانب التدرب على العمليات الفنية واللوجستية المصاحبة للمجهود الجوي، وهو ما يمثل سابقة في العلاقات بين الجانبين ستساهم بشكل كبير في رفع كفاءة سلاح الجو السوداني، الذي تأثرت كفاءته القتالية على مدار السنوات الماضية بفعل عدة عوامل، من بينها انفصال جنوب السودان، والنزاع في دارفور، وكذا العقوبات التي ظلّت مفروضة على السودان لعقود طويلة.

تزامنت هذه المناورات مع عدة تطورات مهمة في العلاقة العسكرية بين الجانبين، من بينها اتفاقهما خلال الاجتماعات التي تمت على هامش هذه المناورات على أسس التبادل العسكري بينهما على كل المستويات، وكذا إعادة تسيير دوريات عسكرية وأمنية مشتركة في المناطق الحدودية بين البلدين، وذلك لمنع تسلّل العناصر الإرهابية وعمليات الهجرة غير الشرعيّة.

وفي الشهر نفسه، زار القاهرة قائد قوات الدفاع الجوي السودانية، وتباحث مع نظيره المصري في إمكانية مساهمة مصر في تطوير منظومات القيادة والسيطرة الخاصة بالدفاع الجوي السوداني. كما تم خلال هذه الزيارة توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة القومية للإنتاج الحربي ومنظومة الصناعات الدفاعية السودانية، وذلك خلال زيارة العميد الركن المعتصم عبد الله الحاج، نائب المدير العام لمنظومة الصناعات الدفاعية السودانية، لعدد من شركات الإنتاج الحربي المصرية.

يمكن اختصار التطور الثاني في هذا الصدد في الزيارة التي قام بها الشهر الجاري الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية للسودان، على رأس وفد رفيع المستوى من قادة القوات المسلحة، للمشاركة في الاجتماع السابع للجنة العسكرية المشتركة المصرية السودانية، إذ تم خلال هذا الاجتماع توقيع اتفاقية لتعزيز التعاون العسكري والأمني بين مصر والسودان، وخصوصاً في مجالات التدريبات المشتركة والتأهيل وأمن الحدود ونقل وتبادل الخبرات العسكرية والأمنية، وهي اتفاقية تضع مزيداً من الأسس للعلاقات العسكرية المستقبلية بين الجانبين، حيث يتشاركان العديد من التحديات الأمنية والعسكرية، التي لا تتعلق بملف التطورات المتصاعدة حالياً في قضية سد النهضة فحسب، بل بملفات أخرى لا تقل أهمية عن ذلك أيضاً.

تحديات مشتركة واتجاهات متعددة

من جهته، يرى السودان أن الضرورة باتت ملحة لإطلاق جولة كبيرة من عمليات التحديث في قدراته القتالية والتسليحية، وهو ما يتيسر له من خلال التعاون مع القاهرة وتنفيذ مذكرات التفاهم المشتركة في الجانب التسليحي والتصنيعي، للاستفادة من القدرات الحالية للصناعات العسكرية المصرية، سواء عن طريق تزويد الجيش السوداني بما يحتاجه من منظومات ومعدات أو إعادة تأهيل المنظومة الصناعية العسكرية في السودان. يضاف إلى ذلك الاستفادة من الخبرة الصناعية للمؤسسة العسكرية المصرية في ما يتعلق بالجانب المدني، وخصوصاً القطاع الاستهلاكي والمعماري. 

يحتفظ كلا البلدين برؤية مشتركة على المستوى الأمني، وخصوصاً ملف أمن الحدود وفرض السيطرة على النطاق الحدودي الرابط بين مصر والسودان وليبيا، لإنهاء عمليات التهريب المستمرة في هذا النطاق، والتي تؤثر بشكل أساسي في الاقتصاد السوداني، في حين ترى مصر أن السودان يمثل - كما ليبيا - خاصرة لأمنه القومي.

لكن التحديات التي يواجهها كلا الجانبين لا تتوقف على الجانب العسكري، فعلى المستوى الأمني، باتت أنشطة التهريب العابرة لحدود البلدين مشكلة تؤرقهما معاً، وخصوصاً أنه ملف يضم بين طياته الجانب الاقتصادي.

 لهذا، لوحظت في الآونة الأخيرة التحركات المصرية لتأمين الحدود المشتركة بين الجانبين بشكل كافٍ، وكذا إطلاق عدة مشروعات مشتركة مع السودان من أجل إضافة زخم إلى التحركات على جانبي الحدود، من بينها معابر حدودية جديدة، وتفعيل فعلي لاتفاقية الحريات الأربع التي تم توقيعها بين البلدين في العام 2004، والتي تنص على حرية التنقل والإقامة والعمل والتملك، يضاف إلى ذلك مشروعات أخرى، منها مناطق تجارية وصناعية مشتركة واتفاقية تم البدء بتنفيذها في نيسان/أبريل 2014 للربط الكهربائي بين الجانبين.

يعد المستوى السياسي من أهم أوجه تفعيل التعاون بين البلدين، بعد فترة من الفتور النسبي في حقبة حكم الرئيس الأسبق عمر البشير، وهو ما أثر بشكل أو بآخر في الموقف التفاوضي لكلا البلدين في ملف سد النهضة. والآن، باتت القاهرة والخرطوم تشكلان جبهة موحدة أمام أديس أبابا في هذه المفاوضات، بخلاف ما كان الحال عليه في السنوات السابقة، إذ كانت الخرطوم تعتبر نفسها "وسيطاً" فيها، وليست طرفاً.

في ضوء صعوبة وضع المفاوضات حالياً، وخصوصاً في ظلّ رفض إثيوبيا توسيع مظلة الوساطة الدولية الراعية لأي مفاوضات قادمة، يبدو أنَّ ملف سد النهضة سيكون الاختبار الجدي الأول للعلاقات المصرية السودانية في شكلها الجديد، وهو اختبار يقترب من لحظة مفصلية، مع قرب بدء الملء الثاني لسد النهضة في تموز/يوليو المقبل.