مع ابراهيم شريف السيد - الأمين العام الأسبق لجمعية وعد البحرينية المعارضة
بإيجاز - ابراهيم شريف السيد
راميا الابراهيم: عشية ذكرى حراك الرابع عشر من فبراير في البحرين، وبعد نحو عقد ما الذي تحقق، هل يغيب الملف أو يُغيَّب؟ أزمةٌ اقتصادية تعصف بالعالم، أين اقتصاد البحرين منها وهل بلغ مرحلة الانفجار؟
ومع الاجماع العربي الشعبي في المونديال على فلسطين قضية وإسرائيل عدوّة، أيّ أثرٍ على اتفاقيات التطبيع؟
الأمين العام الأسبق لجمعية وعد البحرينية المعارضة الأستاذ ابراهيم شريف السيد أهلاً بك ضيفاً عزيزاً في برنامج بإيجاز نوّرتنا.
ابراهيم شريف السيد: أهلاً بكم، أنا سعيد بوجودي معكم.
راميا الابراهيم: أهلاً بك، شكراً على قبول الدعوة. نحن على أبواب ذكرى الرابع عشر من فبراير، هذه المحطة تُعتبَر محطة تاريخية ومهمة في تاريخ البحرين، كان هناك زخم في الشارع، حراك سياسي، قوى سياسية إما التقت مع الحراك أو خرجت من رحمه، ما يدفع لسؤال الآن بالنظر لواقع الملف البحريني أين نحن من تلك المشهدية؟ ما الذي تغير؟
ابراهيم شريف السيد: الحقيقة أن الحركات الجماهيرية في البحرين متكررة، يعني عندنا حراك جماهيري واسع كل عشرة الى خمسة عشر عام وهو حراك تراكمي يعني لا يُحدث بالضرورة نقلة نوعية وقت الحراك لكن يساعد على إحداث نقلات في المستقبل، فالمشهد بعد 2011 هو أن الناس كانوا مخزن كبير للتضحية، عدد الشهداء منذ 2011 الى الآن أكثر من شهداء الحركة الوطنية والإسلامية طوال سبعين وثمانين عام قبل ذلك عدد الناس الذين دخلوا السجون ربّما يصل الى عشرين ألف شخص، وهو ربّما أكثر من أي فترة سابقة مجتمعة، وكذلك عدد الأحكام القضائية التي صدرت فيها المؤبّد والعشرين سنة والعشر سنوات أكثر بكثير من كل الأحكام القضائية التي صدرت.
راميا الابراهيم: تفوق كل الانتفاضات السابقة؟
ابرهيم شريف السيد: كل الانتفاضات مجتمعة، كمية التضحيات التي قدّمها الناس من أجل التغيير كبيرة جداً وهذا يعطينا أمل أن الناس مستعدون لتقديم تضحيات كبيرة ومستعدون أن يصبروا وينتظروا، الظروف لم تكن ملائمة لنجاح الحراك في 2011، لأسباب محلية لا شكّ لكن توقيته له علاقة بالحراك في المنطقة العربية، ولم تصطف كل النجوم لكي تُنتج عن حراك ناجح، أعتقد هذا من ضمن الحراكات الكبيرة.
راميا الابراهيم: هل هذا الملف يُغيَّب أو غاب؟ يعني أنت تتحدث عن زخم شعبي غير مسبوق بالنسبة لانتفاضات حدثت في البحرين وأنت تاريخ عريق، سيد ابراهيم شريف أنت مناضل كبير لك باع طويل في العمل والمعارضة ومسار ممتد، كيف يستوي لزخمٍ شعبي بهذا الشكل الذي تتحدث عنه أن يغيب بشكل أو بآخر أو يمكن أن يُغيَّب؟
ابراهيم شريف السيد: هو القمع كان شديد والتآمر كان شديد والمنظومة الخليجية كلها اصطفّت وراء النظام لمنع التغيير في البحرين، لأن البحرين هي الخاصرة الرخوة في منطقة الخليج تاريخياً بسبب الحراك التاريخي الموجود فيها، بسبب التشكيلة السكانية الموجودة وبسبب أن البحرين نسبياً أفقر من أغلبية دول الخليج ما عدا عمان ربّما، فبالتالي فيها تاريخ من الحراكات قوية وفيها تاريخ من دعم دول خليجية في مساعدة النظام البحريني أيضاً كبير. فأنا أعتقد أن في هذا السياق في هذه المنظومة الخليجية غير مسموح أن يحدث تغيير في البحرين لأن التغيير معدي لبقية الدول، حتى التجربة الكويتية تم وضع فرامل عليها بحيث ألا تُنتج..
راميا الابراهيم: والآن هناك تعثّر.
ابراهيم شريف السيد: دائماً كانت متعثّرة، التجربة الكويتة كانت من الستينيات حدث تزوير انتخابات في فترة من الفترات، دئماً هناك تعثّر، ليس مسموح للتجربة الكويتية أن تكون نموذج الديمقراطية الناجحة فبالتالي مطلوب منها أن تكون ديمقراطية فاشلة.
راميا الابراهيم: لو حدث تغيير بشكل أو بآخر بشكل النظام أيّاً كان، طرحتم الإصلاحات السياسية وليس إساقط النظام وهذا ان به افتراقات ونراها بالنسبة للمعارضات في العالم لا يكون هناك التقاء على مظلة واحدة أو عنوان واحد، هذا كان حكماً سينتقل الى دول الخليج الأخرى.
ابراهيم شريف السيد: إذا حدث تغيير في البحرين أو أي دولة خليجية التغيير معدي لدول الخليج الأخرى، فإما أن يحدث تغيير يعدي أو أن هذا التغيير يجب إفشاله إذا حدث بحيث أن يكون نموذج لتجربة فاشلة في التغيير يتّعظ منها الناس ولا يتبعونها.
راميا الابراهيم: السؤال الآن بالنسبة للتقييم لأننا نتحدث عن عقد، يعني حصاد عشرية، وهناك أيضاً مشاركات جاءتك على مواقع التواصل الاجتماعي في ما طرحناه بأنك معنا في برنامج بإيجاز، يقول سلمان ما سبب سكوت المعارضة، برأيه، ما الذي جعل المطالب من مطالب دستورية الى مطالب إطلاق سراح السجناء، وما هي وسائل الضغط عند المعارضة؟
ابراهيم شريف السيد: المطالب الدستورية ما زالت مستمرة، يعني دعيني أقول إذا لاحظت أن في أولوياتي اليوم أنني أحتاج لانفراج حقوقي وسياسي قبل تحقيق الإصلاحات الواسعة المطلوبة، فهذا موضوع له علاقة بالتوقيت وليس بالمطالب، المطالب ما زالت موجودة بدون تحقيق إصلاحات دستورية ديمقراطية عميقة ما يمكن الانتقال الى مجتمع ديمقراطي يشارك به الناس، لكن اليوم عندي مئات الناس يشكون من آلام وجود أبنائهم في السجون، هذه قضية يجب حلّها بأسرع وقت ممكن، يعني لا تضارب بين أن تطرح قضية آنية وتُطرَح قضية استراتيجية والتي هي التغيير الدستوري في تركيبة النظام السياسي.
راميا الابراهيم: لكن المشهد السياسي متعثّر أو مسدود، بمعنى بعد الانتخابات التشريعية، وشاهدنا أيضاً افتراق في الرؤى أو الطروحات بالنسبة للمعارضة حتى بعد المشاركة والحديث عن أن هناك مَن شارك ممن يعتبرونهم بعض قوى المعارضة في دائرتهم وكان هناك حملات تخوين حتى أو تشكيك حتى بالنسبة للأرقام، لكن المسار بالنسبة للسلطات البحرينية يسير وهذا يدفعنا للسؤال، هل طُوي ملفّ التعامل أو مناقشة ملف الاصلاحات السياسية أقلّه التي طرحتها المعارضة ومن ضمنها وعد؟
ابراهيم شريف السيد: بالنسبة للمعارضة لا توجَد ظروف مهيأة لنقاش الموضوع مع النظام، النظام غير قابل لأي حوار مع المعارضة، ليس فقط غير قابل للنقاش مع المعارضة بل في فترة من الفترات كان النظام يريد أن يحاور المعارضة بشروطه، الآن النظام يقول لا أريد أصلاً أن أحاور المعارضة لا بشروطي ولا بشروطكم، والدليل على ذلك في الانتخابات الأخيرة 2022 الحكومة شطبت حوالى 104 آلاف ناخب من سجلّ الناخبين، حوالى 23% من الناخبين كلُهم شُطبوا لأنهم لم يمارسوا حق الاقتراع في انتخابات عام 2018 أو لأنهم محرومون من حقوقهم السياسية والمدنية بسبب أحكام سجن صدرت عليهم.
راميا الابراهيم: يعني تم شطب حوالى مئة ألف؟
ابراهيم شريف السيد: مئة وأربعة آلاف، كان مفترض أن يكون عندنا عدد ناخبين بناءً على الهرم السكاني، من هم فوق العشرين سنة لهم حق الانتخاب، مفترض أن يكون عندنا 448 ألف، الحكومة أعلنت فقط عن 344 ألف فقط، الفارق هو 104 آلاف، أين ذهب ال104 آلاف؟ الحكومة لا تعطيك تفسير لكن نحن نستطيع أن نفسّره من تعديل قانوني صدر في 2014 يقول في إعداد سجله الناخبين من حق الهيئة المشرفة على الانتخابات أن تُزيح من أرقامها مَن لم يمارس حق الانتخاب في انتخابات سابقة، فإذا جمعنا هذا مع أرقام الأشخاص الذين دخلوا السجون وحُكم عليهم وفقدوا حقوقهم السياسية والمدنية نتيجة لذلك نجد أنه عندنا حوالى 104 آلاف فاق في سجل الناخبين أي 23%.
راميا الابراهيم: وهذا في الحصيلة هناك عملية استبعاد واقصاء وأيضاً ذلك يؤثر على ما يُقدَّم بالنسبة التي شاركت لأن عملياً هناك من تم إقصاؤه، لكن إذا تحدّثنا أن الآن الحوار السياسي مسدود في ظروف عديد وهناك من يرعى ذلك وحتى المناخ على المستوى الاقليمي أو الخليجي حتى يدفع لذلك، ودولياً قبل العملية الروسية في أوكرانيا لم يكن هناك ضغط فما بالك الآن بالانشغال الدولي، هل الاقتصاد سيخلُق فارقاً اليوم؟ العالم كله أمام تحديات اقتصادية كبيرة، البحرين معروف أنه اقتصاد هش غير مُنتج، يعتمد على المساعدات وخطط الانقاذ الخليجية، يدفعنا للسؤال عن تقييم الواقع الاقتصادي وإمكانية أن يُحدث فارقاً في طريقة التعاطي للناس حتى أو عودتها الى الشارع؟
ابراهيم شريف السيد: للناس صحيح، يعني السياسة قد تفرّق الناس لكن الاقتصاد عادةً يجمع الناس لأن الأزمة الاقتصادية تُصيب الجميع، تُصيب الشخص إذا كان "موالياً للنظام" أو "معارضاً له"، الجميع يتضرر من وجود أزمة اقتصادية، البحرين مقبلة على عاصفة مكتملة الأركان، لدينا مشكلة الدين العام الذي هو الآن إذا حُسب بكل مكوناته يشكّل حوالى 130% من حجم الاقتصاد، من الناتج المحلي، في اقتصاديات كاقتصادياتنا متوسطة الدخل مفترض أن يكون بين أربعين وخمسين بالمئة، نحن ثلاث تقريباً تقريباً المعدّل العالمي، السبب هو أنه كان ممكن أن نكون على حافة الافلاس، السبب أن دول الخليج تضخ أموال بين فترة وأخرى، أول ضخّ كان في التسعينيات، ثاني ضخ كان بعد 2011 سُمّي بالمرساة الخليجي، وفي 2018 سُمّي ببرنامج التوازن المالي، دول الخليج ضخّت عشرة مليار دولار في الاقتصاد البحريني لم تُستنفَذ كل هذه الأموال حتى الآن، لكن مع 2024 كل أموال المرساة الخليجي وبرنامج التوازن المالي ينتهي، في نفس الوقت عندنا كم هائل من الديون الموجودة. الآن خدمة الدين العام، الفوائد التي ندفعها على الدين العام تساوي تقريباً 25% الى 30% من كل دخل الدولة، تصوّري ما ندفعه من فوائد لدين العام يوم أكثر مما ندعه على الصحة والتعليم والإسكان مجتمعة.
راميا الابراهيم: ما الذي سيجعل هذه المرة مختلفة؟ وأنا أيضاً سأُشرك مشاركات، هبة عبدالعزيز تقول أحب أن أعرف لمَ لم يحدث حراك في الدول يحكمها ملوك، رغم وجود فقر مدقع في بعض الدول، هذا يُحيلنا الى أنه ما الذي سيجعل هذه المرة مختلفة بمعنى لن يكون هناك خطة انقاذ تدفع لألّا نرى السيناريو الذي تحذّر منه؟ ومربوط بالسؤال هل هذا يأتي دون أن يكون متعمّداً، أن يكون اقتصاد البحرين يتبع بشكل أو بآخر لاقتصاد مساعِد وخطط إنقاذ لا سيّما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، بمعنى أن يكون اقتصادك تابع للمساعدات ذلك سيجعل قرارك السياسي في مكان أو بآخر يتبع لمَن يدعم.
ابراهيم شريف السيد: أنا لا أعتقد أن السبب وجود خطة خليجية ليكون عندنا ديون كبيرة وكذا، أنا أعتقد أن هناك سوء إدارة للاقتصاد، جزء كبير من موارد الاقتصاد، يعني نصف الدين العام تقريباً أو ما يقارب نصفه سببه مصاريف سرّية موجودة خارج الموازنات التي تمرّ على البرلمان، فالجانب الآخر أن جزء كبير من مصاريف الدولة اليوم تذهب في الدفاع والأمن، يعني اليوم الدفاع والأمن يأخذ أكثر مما تأخذه الصحة والتعليم، حوالى 60% أكثر منهم، بينما إذا عدنا الى ما قبل أربعين وخمسين سنة نرى أن الصحة والتعليم كانت ميزانيتهم أكثر.
راميا الابراهيم: لماذا هذه المرة تعتقدها مختلفة، لأننا أمام ربّما انفجار؟
ابراهيم شريف السيد: لا، لا أحد يستطيع أن يتنبأ متى يحدث انفجار.
راميا الابراهيم: أنت خبير مالي اقتصادي بالصدفة، يعني أنت ذهبت الى هذه المهنة ربّما المشاهدين، وربّما في البحرين لا يعرفون لا يعرفون أنك كنت تتجه الى الهندسة في التعليم، ظروف لها علاقة بمسار عملك السياسي أُبعدتَ من الولايات المتّحدة الأميركية أيضاً لأنك تدعم النضال ومسار الثروات بما فيها في عمان، نتحدث عن ظفار في حينه أو حتى الثورة الفلسطنية، وجئتَ الى البحرين وسُحب منك جواز السفر واتّجهت الى العمل في البنوك ومن ثم بتّ خبيراً قوياً يُعتَدّ به بشكل كبير في الجانب المالي، لذلك يُعتمَد على رؤاك وأنت طرحت الكثير من الرؤى الخاصة بالاقتصاد وأثبتت نجاعتها وحتى أثبتت أرقام بالموازنات سابقاً حتى قبل الحراك كانت مسار جدل، وأسقطَت ربّما وزراء في حينها، لذلك في قراءتك لماذا اليوم يبدو الاقتصاد البحريني قد لا ينجو في الواقع العام أيضاً دولياً؟
ابراهيم شريف السيد: تجربتنا تقول أن الاقتصاد البحريني الآن على حافة الافلاس، الذي يمنع الافلاس هو المساعدات الخليجية، أنا لا أستطيع أن أتوقع إذا كانت المساعدات الخليجية ستستمر أو لا، لكن شروط برنامج التوازن المالي في دول الخليج في 2018 أن البحرين يجب أن تصل الى مرحلة التوازن المالي في 2022 يعني في هذا العام، مُدد لهم سنتين بسبب الكوفيد، ففي 2024 يجب أن تصل الى التوازن المالي. كي تصل للتوازن المالي البحرين يجب أن تسير في برنامج تقشّفي شديد أكثر من البرنامج السابق، بمعنى أنه سيكون هناك ضرائب أكثر، رُفعَت الضريبة والقيمة المضافة VAT كانت صفر، صارت خمسة،صارت عشرة، الآن الجميع يتوقع أن تصبح 15% وربّما 20%، وعندنا الآن ضريبة دخل على الشركات قادمة، بعدها ضريبة دخل على الأفراد، كل هذه الضرائب الجديدة تجعل المواطن يقول الدولة لم تعد هي التي تموّلني وأصبحت أنا أموّل الدولة، هذا يخلق طريقة تفكير مختلفة عند الناس بما فيهم التجار نحن الآن نموّل الدولة نحتاج أن نحاسبها على الأموال التي تخرج من جيوبنا وتدخل في خزينة الدولة. هذه فكرة الدولة الراعية والغنائمية التي توزّع وبالتالي الناس يستلمون ويخضعون لها، هذه المعادلات على وشك الانتهاء عندنا، وهذا التغيير الأساسي هو الذي يُحدث ربّما تغيير أوسع مم كان موجود في السابق في ذهن المواطن البحريني المتلقّي.
راميا الابراهيم: إذاً نحن أمام سنوات مفصلية ربّما العام المقبل والذي يليه على مستوى الاقتصاد، وأشرتَ ما قد يفرّق الجماهير بالسياسة الاقتصاد قد يجمعهم، وهذا مُعطى نراه حتى في دول تُعتبَر مرفّهة كالدول الأوروبية بناءً على ما نشاهده من تحديات على مستوى الاقتصاد العالمي.
ولأننا نتحدث عن حراك الجماهير في الانطلاق وأنتم ضمن مساركم النضالي داعمين للقضية الفلسطينية، ومُرر لنا في أذهاننا لا سيّما في العقدين الماضيين أن هناك تحوّل في موقع القضية الفلسطينية بالنسبة لوعي الجماهير العربية، وإذ بنا أمام المونديال في قطر، أمام التقاء شعبي واسع يناضل بطريقة مختلف أو برمزية في استفتاءٍ رمزي على موقع القضية الفلسطينية، ليس فقط في وجدانه ووعيه وإنما أيضاً في تشخيص إسرائيل. هذا كيف لمستموه، لا سيّما وأن البحرين مثّلت نموذجاً شعبياً أيضاً في الرفض، وكانت من بين الأنظمة التي طبّعت مؤخّراً في اتفاقيات التطبيع الأخيرة، كيف تجدونه وكيف يمكن البناء عليه؟
ابراهيم شريف السيد: المونديال ربّما أثبت لنا موضوعين أو ثلاثة رئيسية، هو كان استفتاء على القضية الفلسطينية من جانب، وكان استفتاء على العروبة أيضاً من جانب آخر، لكن الجانب المهم أعتقد الذي ربّما لا ينتبه إليه الفرد أن المونديال أيضاً أثبت أن الشباب العربي مهتم بالقضية الفلسطينية، لأن الكرة في نهاية المطاف لعبة الشباب، فنعتقد أن المونديال كان فرصة مناسبة جداً لإظهار أن هناك معارضة شديدة للمشروع الصهيوني في المنطقة، يوجد تضامن واسع مع القضية الفلسطينية ويشمل ليس فقط الجيل القديم الذي تربّى على القومية، لكن يشمل جيل جديد كان يُعتقَد بأنه لم يعد يهتم بالقضية الفلسطينية.
بالنسبة للبحرين والتطبيع فعملية التطبيع مستمرة منذ سنوات، يعني في البداية كنا نرى لقاءات غير رسمية تتسرّب، بعد ذلك تم تعيين أحد الحاخامات الصهاينة في أميركا مستشار للملك، وبعد ذلك بدأنا نرى عملية تطبيع التي حدثت في سبتمر 2020، فعملية التطبيع في البحرين عملية مستمرة. الآن ما نراه ليس عملية تطبيع، بل أكثر بكثير من تطبيع، هو محاولة لاختراق المجتمع البحريني، الآن السفير الاسرائيلي في البحرين يحاول أن يلتقي مع كل وزير وكل مسؤول وكل بعثة إسرائيلية تأتي للبحرين يُقحمونها في لقاءات مع مسؤولين على مستوى وزراء، على مستوى مدراء، سواء كان في المياه، في الكهرباء، في الصحة، في التعليم، في الأمن، في الدفاع، كل مجالات البلد، مع الأسف الموضوع أبعد بكثير من عملية تطبيع.
راميا الابراهيم: ما الأثر اليوم؟ كان يُراد وضع القضية الفلسطينية حتى في البحرين مثالاً حصرها طائفياً، في اعتبار أن "الشيعة" يدعمون القضية الفلسطينية ويلتفون ضمن محور المقاومة وما الى ذلك وأنتم مثال مغاير لذلك، عفواً يعني أنتم من أهلنا السنة في البحرين وأمثال كثر كما أفضالك وقوى سياسية تلتقي ولديكم منتدى ومروحة واسعة من الشخصيات البحرينية تحضر الى بيروت وتشارك في منتدى في مقاومة التطبيع، أي أثر وكيف يمكن الاستفادة من ذلك على المفعول هذا الذي نراه، نتحدث بشكل خطير عن مفعول التطبيع حتى على مستوى الحضور في مفاصل الدولة البحرينية.
ابراهيم شريف السيد: القوى السياسية في البحرين تختلف في الشأن البحريني، اختلاف كبير بين قوى "معارضة" وقوى "موالية" لكن في ما يتعلق بالشأن الفلسطيني الجميع ينضم تحت مبادرة وطنة تقود الجميع لمقاومة التطبيع، هذه المبادرة تشمل الأحزاب في حركة 2011 وقفت مع الحكومة وأحزاب وقفت ضد الحكومة، جمعيات منحلّة وجمعيات غير منحلّة، جمعيات لها نواب في البرلمان وجمعيات لا نواب لها، جمعيات مجتمع مدني، نسائية، عماية، الى آخره. الحراك في البحرين يناصر القضية الفلسطينية عبر السياسة المحلية، بمعنى أنا ممكن في القضية المحلية عندي خلاف شديد مع الاخوان المسلمين مثلاً لكن في القضية الفلسطينية نحن نلتقي تقريباً مئة بالمئة.
راميا الابراهيم: هل يمكن أن يكون هناك تغيير والى أي حد الالتقاء بالقضية الفلسطينية يعني الالتقاء مع حركات المقاومة؟ ليس فقط المقاومة في فلسطين، نتحدث المقاومة في لبنان حزب الله.
ابراهيم شريف السيد: صحيح، ما يمكن الحديث عن مقاومة تطبيع بدون مناصرة فلسطين، بدون دعم كل حركات المقاومة، سواءً كانت حركات مقاومة داخل فلسطين أو في لبنان، أوّل الانتصارات التي تحققت ضد المشروع الصهيوني تحققت في لبنان وبالتالي لا يمكن إغفال أن المقاومة بدون مقاومة موجودة في لبنان على الأرض لا يمكن الحديث عن مقاومة ظهرها قوي يتصدى للمشروع الصهيوني. المقاومة اللبنانية جزء مهم جداً وأعتقد أن أغلبية المؤيّدين للقضية الفلسطينية يعتبرون أن وجود مقاومة في لبنان، حزب الله بالذات، أي واحد يطرح أنه عندي مشكلة مع حزب الله نقول له حسناً عندك مشكلة مع حزب الله في أي موضوع؟ في موضوع المقاومة لا يمكن أن يكون لديك مشكلة مع حزب الله، عندك مشكلة مع أيديولوجية حزب الله لا بأس في ذلك، عندك بديل لحزب الله في المقاومة؟ لا بديل لك، في المقاومة في لبنان عندك بديل غير حزب الله؟ غير موجد، الحزب الذي حقق انتصار على العدو الصهيوني كان حزب الله وبالتالي يجب أن يُعطى التقدير، تختلف معه في القضايا الأخرى لا بأس لكن في هذا الموضوع لا.
راميا الابراهيم: وحتى على شخص السيد نصرالله؟
ابراهيم شريف السيد: لا، على شخص السيد ربّما لا يوجد إجماع في البحرين يسبب الانقسام الطائفي الذي حدث، لكن أنا أعتقد من الطبيعي أنه عندما يحبّ أحدهم المقاومة عليه أن يحبّ المقاومين وعلى رأسهم السيد حسن.
راميا الابراهيم: حتى في موضوع نصرة الشعب البحريني، وسمعنا أيضاً في خطابات السيّد.
ابراهيم شريف السيد: هناك حديث كبير عن أن حزب الله تدخّل في أحداث 2011، محاضر التحقيقات عند النيابة تقول بأنه التقى السيد حسن نصرالله بالأستاذ حسن مشيمع عندما زار بيروت في طريقه الى البحرين، والسيد حسن نصح الأستاذ حسن مشيمع بأن يمشون على طريق الاصلاح الذي طرحته الجمعيات، يعني حتى الحديث بأن حزب اله أراد أن يقوم بإنقلاب في البحرين ليس صحيح، المحاضر الموجودة عند الدولة تقول بأن مطالب السيد حسن هي نفس مطالب الجمعيات، مطالب إصلاحية لنظام وليس اقتلاع نظام وتغييره.
راميا الابراهيم: هذه معلومة مهمة ولافتة وهناك كثير من المعلومات خاصة بالتحقيقات التي جرت وحتى في تقرير بسيوني لم يتم الالتقاء بها على ما تم الوعد به وهذا يدفع لحديث كبير لكن الوقت داهمنا، ونحن قلنا في البداية ومررنا نقاط إشارات، أنتم أستاذ شريف لديكم تاريخ نضالي واسع وطويل، والآن نتحدث ولو بجملة نختم وإياك في الاطمئنان على وعد في عملكم السياسي، طالما أنتم جرّبتم تجربة السجون ربّما في عودتكم من تكساس أيضاً الصدفة إن صحّ التعبير ساهمت بخروجكم، في حينها كان التشديد على الإسلاميين وفُسح المجال لتخرج أنت وليكون هناك مساحة للمعتقلين في خلفية إسلامية، طمئنّا عليك وعلى وعد.
ابراهيم شريف السيد: وعد كحزب سياسي لنقل تم حلّه رسمياً، لكن كتيار سياسي موجود في البلد، أنت بإمكانك أن تحلّ الاخوان المسلمين في مصر، تحلّ حزب النهضة أو أي حزب في أي منطقة، لكن التيار الذي حمل هذا الحزب أو حمل الأفكار التي يحملها الحزب يبقى موجود، فمن هذه الناحية هناك استمرار للنضال السياسي بنفس النهج السابق لكن الحزب كوينه وتشكيله الرسمي لم يعد موجد.
راميا الابراهيم: مسار نضالي يجب أن نذكر فيه السيدة فريدة غلام زوجتك التي شاركتك في هذا المسار وهي أيضاً تشكّل أيقونة في عمل النضال أيضاً لحقوق المرأة وبارزة جداً أيضاً في البحرين، فتحية لها. فهمنا أنه بات ناك حفيد وحفيدة، سما وأمير، تحية لهم. أنت لا تستطيع أن ترى أحفادك لأنك لا تستطيع الدخول الى الإمارات.
ابراهيم شريف السيد: صحيح، أنا ممنوع من دخول بعض الدول العربية من بينها الإمارات.
راميا الابراهيم: على أن تلتقيهم إن شاء الله.، كل المحبة والاحترام والشكر لهذه المساحة وحضورك معنا أستاذ ابراهيم شريف السيد وأنت الأمين العام الأسبق لجمعية وعد البحرينية المعارضة، ضيفنا هنا في برنامج بإيجاز.
والشكر لكم مشاهدينا أينما كنتم، موعد جديد يتجدد الأسبوع المقبل، ودائماً بإيجاز، الى اللقاء.