الإعلامية ماغي فرح

نص الحلقة

المحور الأول

زاهي وهبي: مساء الخير. إسمُ علمٍ، وفي مهنتها صفةٌ لا موصوف. واحدة من أبرز صنّاع الإعلام اللبناني الحديث. عاشت زمن الأوج وساهمت في صناعته، انطلقت من منبرٍ حزبيّ لكنّها تجاوزت الحدود الضيّقة إلى فضاء الوطن الأرحب. ذاقت الحلوَ وظلّت حلوة الطلّة والمعشر واللسان، شهِدت السنين العجاف وبشَّرت بالسمان وكادت ذات يومٍ أو ذات موقفٍ أن تقضي ضحيّة اغتيال. وحين حلّ ضيفاً عليها مَن حاول قتلها لم تتردّد في سؤاله، لماذا فعل ما فعل؟ تنقّلت بين مُختلف الشاشات اللبنانية وظلّت حيثُ حلّت وارتحلت علامة فارِقة إسمها "ماغي فرح". أهلاً وسهلاً نوّرتِ "بيت القصيد" 

ماغي فرح: Merci الله يخلّيك "زاهي"، شكراً على هذا الإعلام الحلو

زاهي وهبي: تستأهلين أكثر. تقولين حضرتكِ: الجوّ الإعلامي لم يعُد يُشبهني. مَن الذي تغيّر الجوّ الإعلامي أم حضرتكِ؟ 

ماغي فرح: لربما كلانا. الإنسان يتغيّر مع الوقت، يتطوّر، يصير يرى الأشياء من زاوية أُخرى وهذا الشيء تعرِفه وكلّ يوم نحن نتغيّر. الوضع في البلد تغيّر، الوضع الإعلامي تغيّر، النفسية وربما القِيَم أو شيء من هذا النوع أو أنّ الأسلوب كلّه تغيّر 

زاهي وهبي: عندما تستعيدين اليوم "ماغي فرح" الصبيّة التي بدأت في إذاعة "صوت لبنان" قبل أن تتخرّج من الجامعة ماذا تقولين لها؟ هلّ تُعاتبينها؟ هلّ تشكرينها؟ هل هي مُمتنّة؟ ماذا؟  

ماغي فرح: لا على العكس، أقول لها أنني أعود للقيام بنفس الشيء لو عدت إلى بداياتي وأقول لها إنّ التمسُّك بالمبادئ والقِيَم كان أهم شيء وهذا فيه خسارة. اليوم صارت المصلحة الذاتية قبل المبادئ والقِيَم لكن أنا وضعت مبادئي قبل المصلحة الذاتية وما زلت مستمرة وهذا الشيء يُريِّحني ويطمئنني

زاهي وهبي: يعني حجم الشكر والامتنان 

ماغي فرح: أكثر. هناك بعض الأشياء أقولها لها أيضاً أنّ هناك أُناساً ضحيّتِ من أجلهم ولم يكن من اللازم أن تُضحّي، يعني لم يكن من اللازم أن أفعل ذلك ولكن لم يكن ذلك في مقدوري لأنني كنت لا أزال أتعرّف على الدنيا وأرتكب الأخطاء 

زاهي وهبي: كما تعلمين النفس اللوّامة متعبة أحياناً لصاحبها، أعني الذي يلوم نفسه كثيراً، لكن لا تنطبق عليكِ هذه الصفة 

ماغي فرح: لا، أنا أتخطّى "زاهي" وأقول، هناك شيء فعلته وكنت مقتنعة به، طالما أنا كنت مقتنعة ولم أكذب على نفسي ولم أخُن نفسي فهذا يعني أنني أسير في الطريق الصحيح 

زاهي وهبي: حتّى الحسد أعطيته صفة إيجابية، تتحدّثين عن الحسد الإيجابي 

ماغي فرح: لا على العكس، هو إعجاب بك عندما أحدهم يفعل مثلما تفعل أو يحسدك، هذا يعني أنّه يراك في منظار جيد جداً. طبعاً ليس الحسد الشرير، ليس الحسد الذي يؤدّي إلى شرّ. ممكن أن يكون الحسد أيضاً سلبياً، أمّا مَن يحاول أن يؤذيك فهو شخص أشفق عليه في النهاية وأقول حرام 

زاهي وهبي: بعد تجارب ناجحة كثيرة ومتعدّدة لا يتّسع المجال للتوقّف عند كلّ محطّة للأسف وإن شاء الله يوماً ما لربما تقدّمين برنامجاً تعرضين فيه سيرتكِ المهنية الحافلة. لكن كأنّكِ في السنوات الأخيرة ارتحتِ إلى دور الضيفة أكثر من دور المُضيفة 

ماغي فرح: أجبرتني الظروف، هكذا هي الظروف. اليوم في بعض الأحيان تصل إلى وقت أقول لك فيه "زاهي": عندما تقدّم برنامجاً سياسياً قناعاتي مئة في المئة هي أنّك من اللازم أن تكون تابعاً لأحد، في هذا العالم عليك أن تكون تابعاً لشيء في هذا المعنى وأن تقبل بالتنازل. أتنازل بنسبة عشرة في المئة، أتنازل عن نسبة خمسة عشر في المئة وأكثر من هكذا لا يُمكنني أن أتنازل. لا يُمكنني أن أقدّم شيئاً 

زاهي وهبي: اليوم حجم التنازل المطلوب من الإعلامي السياسي أكثر بكثير من عشرة وعشرين في المئة 

ماغي فرح: أكيد، حتّى أنني أعتقد ولا أدري إن كنت مُخطئة، أعتقد أنّ المطلوب اليوم من الإعلامي أن يكون مُجيّشاً أو تابعاً أو عنده انتماء واضح لا لُبس فيه، هكذا صار البلد اليوم. البلد يمرّ في مؤامرة كبيرة، المنطقة كلّها وليس فقط البلد 

زاهي وهبي: على كلّ حال سأرجع إلى بعض العناوين التي تتفضّلين بها ولكن أولاً، اليوم يُحكى أنّ الإعلام البديل هو الميديا الحديثة، هو الـ Social Media 

ماغي فرح: الـ Social Media نعم

زاهي وهبي: وحضرتكِ موجودة على الـ Social Media

ماغي فرح: مؤخراً وليس من زمان. في البداية كنت أرفض تماماً

زاهي وهبي: لماذا؟ هلّ هو موقف رجعيّ من تقنيات العصر؟ لماذا؟ 

ماغي فرح: صرت أجد أنّه من اللازم. كما تعلم أحياناً موجة معيّنة تدخل فيها لكنني لستُ مرتاحة جداً لها خاصة "تويتر"

زاهي وهبي: لماذا؟

ماغي فرح: أنا لا أُحب أن أجادل أحداً أو أحد يقول لي وأنا أرُد عليه ويحادثني وأُحادثه. من طبعي أحب أن أقول مسألة على نسق "قل كلمتك وامشِ". أجد أنّ كائناً مَن كان يُجادلك، أشخاص يحاولون الافتراء عليك، يتّهمونك، يروون قصصاً غير صحيحة، وأنت ألا تريد الإجابة والدفاع عن نفسك؟

زاهي وهبي: للأسف هناك ظاهرة الجيوش الإلكترونية أيضاً 

ماغي فرح: نعم، هذه الجيوش موجودة 

زاهي وهبي: التابعة لدول، لأحزاب، لقوى سياسيّة 

ماغي فرح: طبعاً، وأنا منذ زمن يعترضونني. يعني أنا خضت هذه المرحلة، منذ زمن وقبل الجيوش الإلكترونية كانت هناك جيوش إعلامية وشائعات، يعني أنا خضت هذه التجربة من زمان 

زاهي وهبي: لماذا ستكونين مُستهدفة بالشائعات والناس الذين يكتبون ضدك؟ وصل الأمر ذات يوم كما قلنا في المقدّمة أنّك تعرّضتِ لمُحاولة اغتيال 

ماغي فرح: أجل من زمان، أكثر من مرة وتهديدات طبعاً ونسف سيارة والى آخره، لأقول لك لماذا، لأنّني كنت في البداية في إذاعة محسوبة حزبياً وأنا لم أكن حزبيّة وكنت أرى الأشياء من منظارٍ آخر. من هنا أقول لك إنّك من اللازم أن ترى الأشياء من نفس المكان الذي تنتمي إليه وأنا لم أكن أرى الأشياء، وكان في الإذاعة نوع من صراع بين العالق في الأمر الواقع وبين النَفَس الذي كنّا فيه، وأنا كنت مُستهدفة لأنني كنت مُديرة أخبار ولأنني كنت أُقدِّم برامج فوق الاعتبارات الأمنية 

زاهي وهبي: أنتِ أوّل سيّدة، أول امرأة لبنانية تولّت إدارة قسم الأخبار 

ماغي فرح: نعم، كانت فترة ذهبية لأخبار "صوت لبنان" 

زاهي وهبي: نعم والأخبار في (لبنان) دائِماً تغلي 

ماغي فرح: طوال عُمرها تغلي والحرب لم تتوقف "زاهي"، لا تزال الحرب مستمرّة لكن في غير إطار، نفس اللاعبين لا يزالون على الأرض 

زاهي وهبي: كلّ هذه الأشياء سأصل إليها لكن قبل ذلك وقبل أن نتوقف مع "قطع وصل" في الجزء الأول مع حضرتك، هل هناك وصفة للإعلامي الناجح أو للإعلامية الناجحة؟ أعني هل توجد وصفة أو مبادئ مُعيّنة إذا قام بها الإعلامي يضمن النجاح في مهنته؟ 

ماغي فرح: أنا أقول إنّ الإعلامي الناجح عليه أن يكون عنده أولاً خط واضح، استقامة في الكلام، حضور جذّاب وهذا لا يمكننا أن ننكره، الحضور مهم جداً في الإعلام ولا يمكنك أن تأخذ مثلاً شخصاً صوته لا يسمح له أن يكون في الإعلام، النطق والحضور وسرعة البديهة 

زاهي وهبي: مخارِج الحروف

ماغي فرح: طبعاً مخارِج الحروف، ثقافة، الأخلاق. أنا أكيدة أنّ الإنسان الذي لا أخلاق لديه لا يُمكنه أن يحرز تقدماً لكن فوراً ينتقده الناس ويظهر على حقيقته 

زاهي وهبي: في آخر النهار يظهر 

ماغي فرح: أخلاق وثقافة، يجب أن تكون عندك خلفية ثقافية. لا يمكن لأحد أن يُقدِّم شيئاً ولا تكون عنده ثقافة

زاهي وهبي: صحيح

ماغي فرح: وسرعة البديهة، والعِلم طبعاً. من اللازم إن كنت تقدِّم شيئاً بالعربي أن تجيد العربية، إن كنت تقدِّم لغة من اللازم أن تعرِفها

زاهي وهبي: لكن اليوم للأسف حال اللغة العربيّة في وسائِل الإعلام 

ماغي فرح: طوال النهار أُصلِّح عندما أسمع  

زاهي وهبي: لو سمحتِ لي، نتوقّف مع "قطع وصل" مع حضرتكِ، نشاهدك ونسمعكِ ثمّ نعود إلى الاستديو 

قطع وصل - ماغي فرح: 

- أشعر بنفسي مرتاحة كثيراً أمام الكاميرا لدرجة أنّ أصحابي أو زوجي يقول لي "ليتني عندما تريدين التحدّث أضع دائماً أمامك كاميرا لأنكِ تتحدّثين في طريقة أحسن وعندما تكونين لوحدكِ لا تزعلين ولا نسمع صوتك. أمام الكاميرا تكونين تتحدّثين بطلاقة وهدوء وتحاورين في طريقة إيجابية ولا تُعذّبين". على العكس الكاميرا أُحبها 

- الناس حولي اليوم هم أهلي، إخوتي، أصدقائي المُقرّبين المخلصين طبعاً الذين أثبتوا مع الأيام أنّهم إلى جانبي ومعي في كلّ أحوالي وفي كلّ أخطائي بكلّ محبة وإخلاص، الذين في إمكاني الاتكال عليهم وأقدر أن أُغمض عيناي وأُسلِّمهم أي شيء مصيري، الذين أستطيع أن أُعطيهم ثقتي. الثقة أهم شيء في الحياة، لا يُمكنكِ أن تبني أية علاقة من دون ثقة، والثقة تُكتسب مع الوقت   

- كنت أحمِل همّ العُمر وكنت أقول إنّه إذا المرء كبِر يتغيّر شكله ويصير أقلّ جاذبية، الآن ما عدت أقول ذلك، الآن صرت أجد أنني متأقلمة مع نفسي وأنّ الإنسان عنده خياران، إما يصبح عجوزاً أو يموت. إذا لم أمُت هذا يعني أنني سأقبل أن أكبر في العُمر وأُصبِح عجوزاً. هناك مرحلة نمر بها بين الشعور بأننا شباب وصغار ونعيش ولا يهمنا ومرحلة النضج. في مرحلة النُضج تخافين على مفترق الطريق هذا من أن تتغيّري وتخف جاذبيّتك، أو حتّى إعجابكِ بنفسك وليس من الضروري جاذبيّتك للآخرين. ثم تصلين إلى وقتٍ تَرْكّزين فيه وتشعرين أنّ هذه فترة حلوة تعيشينها بقبول وليس فقط تقبّل، قبول أو تقبّل، تعيشينها حتّى في سعادة، وهكذا أنا اليوم

- النجاح يُرتِّب عليكِ مسؤولية كبيرة ويُحمِّلك هماً كبيراً، وأيضاً عليك أن تتقبّلي أن هناك أُناساً يكرهون النجاح. طبعاً الفشل يؤلم كثيراً لكن هذا الألم يجعلكِ ناضجة أكثر في الحياة ويجعلكِ تكونين أكثر عزماً لأن تتجدّدي

- لا أنظر إلى المُستقبل وأقول إنّه يأتي من تلقائه، هناك أشياء ستحدث سواء قبلت أم لم أقبل. لا أُخطّط وأُحب عنصر المُفاجأة، أُحب العُنصر الجديد الذي لا أتوقّعه. أُحب أحياناً أن أترُك الأشياء للحلم، مَن يُخطط كثيراً لا يترك مجالاً للحلم ومجال الحلم عندي واسع جداً 

زاهي وهبي: حلو كثيراً وإن شاء الله مزيداً من الأحلام التي تتحقق، ثم يبدو أنّ العُمر زادكِ جاذبيّة وليس العكس 

ماغي فرح: الله يخلّيك "زاهي"، شكراً 

زاهي وهبي: أقول الصراحة 

ماغي فرح: شكراً

زاهي وهبي: في موضوع الإعلام اللبناني قلتِ لي عن الفترة السابقة إنها كانت العصر الذهبي، تعتبرين سواء فترة "صوت لبنان" أو فترة التسعينات مثلاً 

ماغي فرح: طوال تلك الفترة كان لا يزال الإعلام في أوجّه 

زاهي وهبي: ما الذي جعل الإعلام اللبناني في شكلٍ خاص يتراجع؟ الإعلام التقليدي في شكلٍ عام أمام الإعلام البديل صار عنده منافس حقيقي

ماغي فرح: نعم 

زاهي وهبي: ولكن الإعلام اللبناني نجد أنّه تراجع زيادة عن اللزوم، ما السبب؟ هل السبب سياسي؟ منطق الـ Rating؟ ماذا

ماغي فرح: نعم. منطق الـ Rating مُهمّ جداً، منطق جذب المستمعين هو منطق أميركي لنقول الحقيقة، أنه على قدر ما تستقطب مستمعين ومشاهدين تأخذ اعلانات أكثر. هذا الشيء انتزع من الجودة وأعطى مجالاً أكبر للأمور الشعبوية 

زاهي وهبي: المهم أن نكسب جمهوراً في أي ثمن 

ماغي فرح: أجل، الجمهور في أي ثمن، وأنا دائماً أقول إنّ الإعلام من اللازم أن يكون مدرسة لهذا الجمهور، ترفعه لعندك وليس أن ينزل الإعلام لعنده كي ترضيه 

زاهي وهبي: نعم

ماغي فرح: نحن من المفروض أن نكون نوجه الناس في الإعلام ولسنا نأخذ منهم كي نُرضيهم، صار الإعلام غرائزياً 

زاهي وهبي: نَقود ولا نُقاد  

ماغي فرح: ولا نُقاد ونحن نُقاد

زاهي وهبي: واليوم نُقاد

ماغي فرح: طبعاً نُقاد. اليوم يتخانقون على خبر قد يكون صحيحاً أو غير صحيح، قد يكون من العيب نشره أو عدم نشره. أُريد أن أسألك "زاهي"، اليوم نحن نقول ونعرف في الإعلام أنّه قُبِض على شخص، ولا يزالون إلى الآن، مثلاً قوى الأمن تنشر أنّه قُبِض على ع. ت. مع ن. ج.، ويقولون إنّهم لا يذكرون الأسماء إذا لم يُحكم، يعني إذا لم يصدر حُكم 

زاهي وهبي: احتراماً لخصوصيته ولكرامته 

ماغي فرح: صرنا في الإعلام اليوم نقول أي شيءٍ كان مع أيٍ كان ونذكر الإسم ونبهدِل ونضع سؤاله على وسائِل الإعلام، يعني نتسابق على إثارة الغريزة كما قلت لك، والفضائِح 

زاهي وهبي: على أنواعها 

ماغي فرح: هذه صحافة صفراء. كان للصحافة الصفراء أماكن، كان عندنا نحن مجلّة 

زاهي وهبي: "صوت العدالة"

ماغي فرح: "صوت العدالة" ونقول إنّ هذه صحافة صفراء، في (فرنسا) عندهم أيضاً "لو كنار أون شيني" مثلاً، أوكي، لكن ليس "لوموند" وليس TF1، يعني التلفزيونات

زاهي وهبي: اليوم طغت الصحافة الصفراء على 

ماغي فرح: صارت هي الطاغية عندنا في (لبنان). الذي نراه هنا لا نراه في إعلام الخارِج المُحترم في هذه الطريقة 

زاهي وهبي: وتلاحظين أنّ إثارة الغرائِز على أنواعها، سياسيّة، طائفية، جنسيّة، من جميعه 

ماغي فرح: كلّها، إذا أرادوا أن يشتغلوا طائِفية يشتغلون على الغريزة الطائِفية 

زاهي وهبي: حضرتك ألم تستخدمي أُسلوب الإثارة ولا مرّة؟

ماغي فرح: أبداً 

زاهي وهبي: في كلّ هذه التجربة الطويلة العريضة؟ 

ماغي فرح: "زاهي" أبداً لدرجة أنّ هناك أشياء تخطّيتها كي أُحافِظ على السِلم الأهلي. أحياناً كنت أقول للسياسيين، وهذا الشيء ربما أقوله للمرة الأولى، Please هذا الموضوع لا تذكروه في هذه الطريقة. وإذا أحدهم قال شيئاً وكان عندي ضيوف أضع إعلاناً وأقول له: ما قلته الآن يجعل الناس تُفكِّر هكذا وإذا فكّر الناس هكذا ونحن في حساسية ليست جيدة قد تخلِق قتلى في الشوارِع، Please أعِد صوغ ما قلته. كان عندي حسّ المسؤولية هذا، الإعلام مسؤولية 

زاهي وهبي: طبعاً. نحن لا نتحدّث من مُنطلق نظريّة المؤامرة ولكن من باب الحق في علامات الاستفهام. هل يُعقل، أي تضعين احتمال أن يكون الإعلام اللبناني أُغرِق عمداً في كلّ هذا المُستنقع كي يُضرَب دوره الذي كان رائِداً في يومٍ من الأيام على مُستوى العالم العربي؟   

ماغي فرح: لماذا لا؟ لماذا تقول إنّك تضعها في إطار المؤامرة، ضعها في إطار الواقع، الواقع هكذا، الواقع يقول: فليفلت الإعلام وليظهر كائن مَن كان على التلفزيونات وليقل أي شيء. هناك برامج أحضرها أحيانا وأقول: "لا لا لا" وأستحي وأضع يدي وأقول "لا لا لا"

زاهي وهبي: وأنا أختبئ تحت الطاولة

ماغي فرح: وأنت أيضاً؟ 

زاهي وهبي: أجل أختبئ وأقول "إن شاء الله لا يراني" 

ماغي فرح: وأنا أقول: " لا لا لا! هلّ أسمع عن جدّ؟ هذه الأشياء يعرضونها على التلفاز ويتركون هذا الجيل يُشاهدهم؟"، أعني هناك قصص وأخبار، هناك أشخاص وهناك أخبار ممنوع وغير مسموح أن نعطيهم هذه المساحة من الحريّة أو من الاستهتار، أُسمّيها مساحة استهتار 

زاهي وهبي: "ماغي" حضرتكِ اشتغلتِ في مُعظم القنوات اللبنانية، القنوات الأربع الأبرز دعينا نقول، ربما باستثناء "المنار" فقط لم تُقدّمي برامج فيها لكنك درّبتِ إعلاميين 

ماغي فرح: في "المنار" أجل 

زاهي وهبي: بناءً على طلب من السيّد "نصر الله" شخصياً ربما 

ماغي فرح: بعد مقابلة معه طلبوا منّي هذا الشيء، لكن أنا أُعجبت جداً بالمُستوى، للحقيقة أُعجِبت بمستواهم 

زاهي وهبي: بين الـ LBC والـ MTV و"المستقبل" والـ OTV أين كنت مرتاحة أكثر أو مساحة الحريّة كانت أوسع 

ماغي فرح: كلّهم أعطوني مساحة حريّة، ولم يكن هناك مشكلة في مساحة الحريّة، لكن أحياناً الجو يُعجبك أو الجوّ لا ترتاح إليه. في أوّل أيام الـ MTV عندما كانوا في فترة البدايات ولم يكن أحد يعرِفهم كثيراً صرت أنا أُعرِّفهم بأنّ هذا فلان وذاك فلان. لم يكونوا يعرفون مكان الـ MTV وكانوا يتوجهون إلى تلفزيون "الجديد" ويعتقدون أنّ المحطة إسمها NTV ولم تكن معروفة الـ MTV عندما بدأت معهم وكان الضيوف يذهبون إلى غير مكان. قدّمنا برنامج "الحكي بيناتنا" حينها ولم تكن البرامج سياسية فقدمت أفكاراً، فكرة وحولها أشخاص

زاهي وهبي: كان من أنجح البرامج، حقيقةً 

ماغي فرح: وحينها حلّق البرنامج عالياً وكانت هذه الفترة ذهبية تلفزيونياً. لاحقاً، في "المستقبل" صار عندي مُشكلة 

زاهي وهبي: حول حلقة المطران "إلياس عودة" 

ماغي فرح: وقبلها، "هذا يسوى وهذا لا يسوى"، لكن لم يكونوا يُضيّقون، لا. في الـ OTV كان عندي حريّة لكن لم يكن عندي المهنية الاحترافية حينها التي من اللازم أن تُرافق عملي ولم تكن الأخبار معي بل كانت الأخبار ضدّي. يعني كنت أُقدِّم برنامجاً والأخبار ضدّي، هذه مسألة ليست سهلة أعني

زاهي وهبي: ممكن أن نعود ونشاهدكِ في الـ OTV مُجدداً؟ 

ماغي فرح: الآن لا أُفكِّر في هذا الموضوع 

زاهي وهبي: خلص مكتفية بـ "يوتيوب" 

ماغي فرح: لستُ مكتفية "زاهي" هناك مسألة، إذا أردت أن تُقدِّم برنامجاً تحتاج حولك عن جدّ 

زاهي وهبي: أخذتكِ الأبراج والفلك 

ماغي فرح: لا، بدأت في الأبراج قبل أن أبدأً في الأخبار وكنت لا أزال في الجامعة 

زاهي وهبي: أعرِف، فقرة في "صوت لبنان"، أعرِف هذا الشيء 

ماغي فرح: أنت تعرِف هذا الشيء. أولاً أصدرت كتاباً واحترفت أكثر وتعلّمت أكثر والآن أقوم بدراسات أكثر 

زاهي وهبي: على كلّ حال أنا أُريد أن أسألكِ سؤالاً واحداً اليوم وهو توقُّعكِ الذي له علاقة بالنصف الثاني من سنة 2020، تقولين أنّ الكوارث أكثر مما مررنا به؟ 

ماغي فرح: أصعب مما مررنا به 

زاهي وهبي: الله يُبشِّرَك بالخير، وأنا أقول إن شاء الله لا تصح تكهناتك لو سمحت

ماغي فرح: إن شاء الله يا رب، أنا معك وأقول أكثر منك إن شاء الله لا. لكن إذا كنّا نتحدث عالمياً، يعتقد الناس أنني أتحدّث فقط عن (لبنان) لكن الكواكب ليست فقط لـ (لبنان) بل للعالم كلّه. عالمياً قد يحدُث 

زاهي وهبي: ونحن نعتقد أنّ الكواكب كلّها والعالم كلّه يدورون حولنا. مَن أكثر ضيف أو أكثر موضوع ربما، إذا لم يكن ضيفاً، ترك أثراً لا يُنسى؟ أي تعتبرين أنّ هذه الحلقة أو تلك لا تُنسى في حياتكِ المهنيّة 

ماغي فرح: هناك حلقات حلوة قدمتها ولا تُنتسى، حلوة ولا يُمكنني أن أعرِف أيها أكثر. هناك أناس كنت أُحب أن أشاهدهم وأن يكونوا معي على الهواء مثل الأستاذ الله يرحمه "غسّان تويني". كنت أحب جداً الأُستاذ "ألبير مُخيبر" عندما كان يتحدث، "نسيب لحّود" المهذّب. هناك برامج نالت نجاحاً قدمّتها مع "الجنرال عون" 

زاهي وهبي: الرئيس "عون" 

ماغي فرح: والرئيس "أمين الجميِّل" في (باريس) وكانت فترة 

زاهي وهبي: والتي على أثرهما اُقفِلت الـ MTV أعتقد 

ماغي فرح: لا لم يُقفلوها بل فرضوا الحجز لمدة ثلاثة أيام في داخلها لأنهم لم يسمحوا لنا ثمّ لاحقاً سمحوا لنا. هناك حلقات مهضومة على التلفاز أيضاً أوقفوا برنامجي جرّاءها. هناك حلقة مع "القذّافي" كانت مُهمّة وحلقة مع "بوتفليقة" كانت مهمة جداً، على تلفزيون "المستقبل" مع "بوتفليقة" وكانت مُهمة. أنا كنت أُحبّ الحوارات التي فيها ثقافة أكثر 

زاهي وهبي: ما الانطباع الذي تحملينه عن "القذّافي" و"بوتفليقة"؟ نحن مُشاهدينا في كلّ العالم العربي كما تعلمين 

ماغي فرح: "القذّافي" كان شخصاً لا شك عنده جاذبيّة خاصة ولا يُمكننا أن نحكي عنه، لكن طلب منّي حينها أن أُعطيه الأسئِلة ولم أعطها له، وقال أنّه ليس هكذا يريد المقابلة ثمّ قَبِلَ لاحقاً ولم يقل شيئاً وكان جيداً في المقابلة. الانطباع طبعاً أنّه دكتاتور، كان دكتاتوراً على الناس، وكانت أجوبته مهضومة وكان فيها هذا الشيء. الرئيس "بوتفليقة" كان عصبياً وقلت له: أنت عصبي جداً، وحتّى أنني قلت له: أنت تشبه عندنا جنرالاً في الجيش، قائد الجيش واسمه "ميشال عون". هكذا قلت له. قلت له: هذا طبع عسكري، وحينها رفع صوته عليّ قليلاً، لم يصرُخ بل نرفز، قال لي: لا، هذا طبع جزائِري 

زاهي وهبي: إخواننا الجزائِريون الذين أُحبهم كثيراً ويحبّونني 

ماغي فرح: وأنا أيضاً 

زاهي وهبي: لكن عندهم هذا الطبع 

ماغي فرح: طبع الانفعال وردّة الفعل 

زاهي وهبي: أنا أُسمّيه "العنفوان"، عندهم هذا العنفوان الدائِم 

ماغي فرح: طبعاً

زاهي وهبي: الجنرال "عون"، فخامة الرئيس "عون" كان مسروراً من السؤال ومن المقارنة؟

ماغي فرح: لا أعرِف إذا كان شاهد الحلقة لأنه كان حينها كان لا يزال خارج (لبنان)، لا أدري إن شاهدها! 

زاهي وهبي: سيكون هذه الليلة قد علِم بها، وإذا لم يكن يعلم بها على الأقل صار الآن يعرِف بها. صحيح أنّكِ سألتِ "إيلي حبيقة" لماذا حاول اغتيالكِ؟ 

ماغي فرح: نعم، لماذا نسفَ لي سيّارتي. قال لي: لأنّكِ لم تكوني معنا، كنتِ ضدنا

زاهي وهبي: سبب وجيه جداً 

ماغي فرح: أجل، قلت له: ماذا تعني؟ قال لي، أجل كنتِ ضدنا

زاهي وهبي: كيف كانت مشاعِركِ عندما كنتِ تجلسين وتحاورين شخصاً كان يوماً ما مسؤولاً عن مُحاولة قتلكِ؟ 

ماغي فرح: شوف، قابلت الكثير من الناس الذين أعرِف أنّهم لم يكونوا جيدين كثيراً معي وليس هو فقط

زاهي وهبي: يعني إذا لم يحاولوا كانوا على الأقل يرغبون في قتلكِ

ماغي فرح: لم يحاولوا لكن فكّروا في قتلي واضطررت في وقتٍ مُعيّن أن أهرب من (لبنان) لمدة ثلاثة أشهر بعد أن علمت أنّ تهديداً سيأتيني. شوف، أريد أن أقول لك شيئاً. الوقت كفيل في التخفيف من زعلك، من حقدك 

زاهي وهبي: من الضغينة ربما 

ماغي فرح: من ضغينتك ومن اشتياقك، لا أدري ماذا أُسمّيه. تقول لاحقاً أنه صارت هذه المسألة وانتهت وأنا عندي شغل أُريد إكماله. أعني إذا كلّ شخص زعلت منه لن أعود أُجري مقابلة معه إذاً لن أُجري مقابلات مع أحد أبداً 

زاهي وهبي: أنا رغم تجربتي الصعبة في جريدة "النهار" ومع الأُستاذ "غسّان تويني" لا أنسى مشهد وقوفه أمام جثمان "جبران" الله يرحمه وحديثه عن التسامح وعن الغُفران 

ماغي فرح: نعم

زاهي وهبي: يعني الإنسان إذا قرّر أن يُسامح في لحظة مُعيّنة يستطيع أن يُسامح

ماغي فرح: في هذا القرار عذاب وفيه انتصار على الكراهية، بكيَ معي عندما كنّا على الهواء. هذه لحظة عندما فكّرت فيها أصابتني قشعريرة، وعندما ذكر سيرة إبنه "جبران" الله يرحمه وقف وغصَّ وبكى على الهواء في محطة OTV. يعني أنا هنا لا أدري ما سأقول لك وما هو هذا الشعور الذي يكون عندك، أمامك شخص يتألّم ولا يستطيع أن يضبط نفسه في هذه الموضوع مع أنّه جبّار، جبّار كبير

زاهي وهبي: على كلّ حال هذه العائِلة عندها تراجيديا 

ماغي فرح: لأنّه مصير مثل مصير آل "كينيدي"، كأنّ هناك أحداً، لا أدري ماذا نسميه، ماذا تقول نسمّيه؟ لا أدري! لها اسم، مآسٍ عائلية إلى هذا الحدّ 

زاهي وهبي: مآسٍ في هذه المنطقة من العالم. على كلّ حال سأُتابع مع حضرتكِ سيّدة "ماغي فرح" ولكن نتوقف لحظات سريعة ثمّ نُتابع "بيت القصيد"

ماغي فرح:

- أنا أُحب الحوار مع المُفكّرين، مع الفِكر السياسي وليس مع السياسيين، مع الناس المثقفين الذين يستطيعون إعطائِكِ شيئاً، مع أحد يستطيع أن يُعطيكِ فكرة جديدة تجعلكِ تسرحين فكرياً، تسرحين عقليّاً، هؤلاء صاروا قلائل في العالم للأسف

- لا أنظُر إلى المستقبل وأقول أنّه سيأتي وأن هناك أشياء ستحدُث سواء قبلت أم لم أقبل. لا أُخط   ط وأُحب عنصر المُفاجأة، أُحب العنصر الجديد الذي لم أتوقعه. أُحب أحياناً أن أترك الأشياء للحلم. الذي يُخطط كثيراً لا يترك مجالاً للحلم وأنا عندي الحلم واسع جداً  

المحور الثاني

زاهي وهبي: اسمحي لنا سيّدة "ماغي فرح" وليسمحوا لنا مشاهدينا أن نتوجّه بالشُكر للسيّدة "ريّا الداعوق، السيّدة المُحترمة الراقية، التي سمحت لنا أن ندخُل إلى الفيلّا وإلى الحديقة الخاصة بها لنصوِّر اللقطات مع حضرتك. قصّة الحلم تتكرّر في كلامكِ. كأنّك حالمة أو تحملينه معك ولا يزال في جعبتكِ، كما من الأحلام لم ينضبوا أحلامك

ماغي فرح: شوف، لا يستطيع الإنسان أن يعيش بلا حلم 

زاهي وهبي: بلا حلم هناك موت 

ماغي فرح: الإنسان فاقد الحلم وفاقد الأمل يقول خلص، أنا من اللازم أن أنتظر الموت. أحياناً الحلم ليس من الضروري أن يكون مُجسّداً في شيء وليس من الضروري أن يكون واضحاً كي يكون أمامك. تقول إنّ هناك أشياء حلوة ربما تأتي في الحياة وهكذا تعيش في طريقة أحلى، تعيش مسروراً أكثر ومرتاحاً أكثر. عندما أقول حلماً أقول أملاً، أقول حبّ الحياة، أقول عدم اليأس في الحياة لأنّ اليأس خلص، يعني الموت 

زاهي وهبي: ما يعيشه (لبنان) حالياً يدفع بالكثيرين إلى هاوية اليأس والإحباط، حضرتكِ كيف تعيشين هذه المرحلة؟ يعني منذ السابع عشر من تشرين الأول، منذ الثورة أو الانتفاضة أو سمِّها ما شئتِ حضرتكِ 

ماغي فرح: إسمح لي أن أُسمّيها المؤامرة 

زاهي وهبي: المؤامرة رغم أنّ الناس مظلومون! 

ماغي فرح: الناس مظلومون جداً، كلّنا مظلومين 

زاهي وهبي: الشعب اللبناني أُفقِر! 

ماغي فرح: مئة في المئة معهم حق، كلّنا معهم إنما المشهد الذي شاهدناه هو مشهد بداية لشيء. يعني إذا نحن نريد أن نكون منطقيين أنظر إلى ما حدث في الدول العربية، كيف بدأت المشاكل؟ هكذا بدأت، بدأت هكذا وانتهت بمآسٍ

زاهي وهبي: في رأيكِ (لبنان) على سكّة ما حصل في بعض الدول؟ 

ماغي فرح: عندما شاهدت هذه التظاهرة الكبيرة لأننا نعرِف يا "زاهي"، أنا كنت أُعلّمهم في الجامعة، أنّه لا توجد تظاهرة كبرى في هذا الحجم لا يوجد وراءها مُخطِّط أو أحد أو جهة

زاهي وهبي: تعنين أنها لا تحدُث في شكلٍ عفويّ، عشرات الآلاف! 

ماغي فرح: كلا. إذا أنا وأنت قلنا هيا لننزل إلى الشارع لن ينزل أحد، عليك أن تُخطّط وتُحضِّر وتُنظِّم. صار هذا التنظيم وشاهدت المشهد، مع أحقيّة الناس، انتبه، الناس لم يعد في استطاعتهم. لا أقول أنّهم ليسوا على حقّ

زاهي وهبي: لكن المؤامرة من أجل ماذا؟ 

ماغي فرح: لهدم البلد، للهدم، كما حدث في (سوريا) كما صار في (العراق) وكما صار في 

زاهي وهبي: لا زلتِ مُقتنعة أنّ هناك مؤامرة لتفتيت الشرق الأوسط إلى كيانات إثنيّة ودينية وعرقية وإلى آخره؟ 

ماغي فرح: نعم. بدأت في عام 1975 

زاهي وهبي: لمصلحة (إسرائيل)؟ 

ماغي فرح: لمصلحة (إسرائيل)، لخلق دويلات تُشبه دولة (إسرائيل) 

زاهي وهبي: وتبرِّر يهوديّة الدولة الإسرائيلية 

ماغي فرح: تؤمّن استمرارية (إسرائيل) لأنّك إذا تأخذها على صعيدها الديموغرافي وإذا تأخذ ما يحدث تجد أنّ دولة يهودية وسط عالم إسلامي أو حتّى مدني أو حُكم مدني لا يُمكنها أن تستمر 

زاهي وهبي: عندكِ أمل أنّه سينتصر (لبنان) على هذه المؤامرة أو على مُحاولات إعادته، هل نعود إلى زمن "مكتب التحرير في خبرٍ جديد"؟  

ماغي فرح: حرب؟ أنا لا أرى حرباً

زاهي وهبي: لا ترين حرباً، ماذا هناك إذاً؟ 

ماغي فرح: الحرب اليوم إقتصادية، الحرب هي الدولار. لم تعُد هناك قذيفة وبندقية، القذيفة أو البندقية مهمّة وتردع، الصاروخ يردع ويُحدِث توازناً في الرُعب بيننا وبين (إسرائيل) 

زاهي وهبي: وبين الاحتلال الإسرائيلي

ماغي فرح: طبعاً، توازن الرُعب هو شيء مهم جداً 

زاهي وهبي: يعني حضرتكِ مع سلاح المقاومة 

ماغي فرح: طبعاً، أنا مع سلاح المُقاومة. سلاح المُقاومة طالما لا يؤذيني لماذا سأكون ضدّه؟ 

زاهي وهبي: هو عامل توازن كما حضرتكِ تحدّثت 

ماغي فرح: عامل توازن وهذا الشيء أقوله بقناعة وقرار رغم أنّ هناك الكثيرين من مُحيطنا قد يكونون ضدّ هذا الشيء لكن أنا لا ألوم أحداً وأقول، لأنهم لا يمتلكون كلّ المُعطيات، ولأنّ هناك دعاية أو بروباغاندا موجودة تقول إنّ هذا الشيء ليس جيداً، وراح (لبنان) وإلى آخره

زاهي وهبي: أنتِ مع التوجُّه شرقاً؟ بمعنى إذا (لبنان) لم يستطع أن يحصل من الغرب على ما يُنقذه من وضعه الاقتصادي؟ 

ماغي فرح: لِمَ لا؟ قل لي لماذا لا؟ كلّ العالم يتعاطى اليوم مع (الصين)، وإذا نتحدّث عن الشرق هذا يعني (الصين). (الصين) صارت إذا أردت موجودة في كلّ العالم، عندها صناعة وتنافس

زاهي وهبي: حتّى الدول الخليجية العربية عندها علاقات اقتصادية بالمليارات مع (الصين) 

ماغي فرح: طبعاً، موجودة حتّى في (إسرائيل)، ذهبوا إلى (إسرائيل) وقاموا بمشاريع. إن كانت (أميركا) تُنافس (الصين) ولا تريد أن تعطيني نتوجّه شرقاً، لكن إذا أرادت أن تُعطيني أهلاً وسهلاً. إذا جاءت (فرنسا) الآن وقالت إنّها تريد أن تقوم لي بمشاريع أهلاً وسهلاً، إذا جاءت (أميركا) أيضاً وتريد إقامة مشاريع الشيء نفسه من دون أن نكون نقطع صلاتنا مع العالم. أكيد (أميركا) دولة كبيرة ودولة مُهمّة لكن (أميركا) مُلتزمة مع (إسرائيل). حسناً، المياه 

زاهي وهبي: النفط، الآن يريدون أن ينقّبوا على مساواة حدود آبارنا البحرية

ماغي فرح: أريد أن أتحدّث عن النفط وجاءت كلمة مياه مكان النفط. مياه (الليطاني) ممنوع أن نقيم سدوداً حتّى لا نأخذ المياه، ممنوع أن نقوم بكذا، ممنوع أن ننقِّب عن الغاز لأنهم يريدون، ولكن لماذا أنا أقبل، أنا أسأل، أنا أُريد مصلحة (لبنان)، هل هناك ذنب في ذلك؟ هل أنا مذنبة إذا أردت مصلحة (لبنان)؟ هذا ليس ذنباً، هذا حقّ. إذا أردت مصلحة (لبنان) ومصلحة (لبنان) تكون في مكانٍ ما أو في عدّة أمكنة لما أُقفِل على نفسي أبواباً؟ ومن أجل مَن؟ هذا هو سؤالي فقط 

زاهي وهبي: لكن في نفس الوقت وكي تكون الأمور جليّة قليلاً، حضرتكِ مُقتنعة أنّ الشعب اللبناني مسحوق ومسروق ومنهوب

ماغي فرح: طبعاً، وانتبه، أنا لا أفصِل هذه السرقة من كونها ضمن المؤامرة المُحاكة 

زاهي وهبي: تُرِكت الطبقة الحاكمة تنهب اللبنانيين 

ماغي فرح: تُرِكت، لا بل حُضِّرت، لا بل شُجِّعت، لا بل حكمت من أجل أن نصل إلى وقتٍ مُعيّن نرضى فيه بتسويات مُعيّنة، حينها يلغون الديون أو نصِل إلى تفكُّك مُعيّن وفرز طائِفي ومذهبي يوصِّلنا إلى مكانٍ ما 

زاهي وهبي: عندكِ أمل أننا سننتصر على مُحاولات التفتيت والتفكيك؟ 

ماغي فرح: إن شاء الله. لا أدري إن كانت المنطقة كلّها تستطيع بعد هذا الفرز الطائِفي والفرز المذهبي أن تعود وتُجمِّع نفسها 

زاهي وهبي: وهذا أخطر شيء في الحقيقة، الشحن الطائِفي والمذهبي 

ماغي فرح: موجود الشحن. في (طرابلس) الآن عندك شحن طائِفي، ويأتونا دول، يلزِّمونها لدول، كلّ شحن طائِفي له تلزيمه، يلزّمونها. إن شاء الله، إن شاء الله ينتصر (لبنان) 

زاهي وهبي: كيلا نقول (طرابلس) فقط، في الحقيقة الشحن الطائِفي موجود في كلّ المنطقة

ماغي فرح: مثلاً الآن، الشحن الآن يصير في منطقة (عكّار) 

زاهي وهبي: لغايةٍ ما في ما بعد؟ يعني مُحاولة فصل هذه المنطقة عن (لبنان) لا سمح الله؟ 

ماغي فرح: أنا هكذا أعتقد وإن شاء الله لا يكون الأمر هكذا. لكن أنا من زمان قرأت تقريراً كبيراً جداً ولا أدري من أين أتى، كان ذلك قبل حرب الجبل وكان هناك هذا التقرير وماذا سيحدُث في المنطقة. يعني أُخبرك أنني قرأته في سنة 1983. حتّى حرب الجبل 

زاهي وهبي: أفّ نتحدّث عن فترة 37 سنة

ماغي فرح: حتّى حرب الجبل كانت بحذافيرها، كيف ستدخل "القوات" 

زاهي وهبي: قرأتِه مُسبقاً 

ماغي فرح: قرأته كما هو واتصلت هاتفياً حينها وقلت لهم: "يا جماعة لا أحد يصعد إلى الجبل لأنهم يريدون تهجير المسيحيين من الجبل، وحينها كان تهجير المسيحيين 

زاهي وهبي: والآن قراتِ شيئاً عن شمال (لبنان) 

ماغي فرح: وحينها قرأت كلّ الخارطة، كيف ستبدأ من (باكستان)، من (أفغانستان) و(العراق) 

زاهي وهبي: مَن الكاتِب؟ 

ماغي فرح: تقرير، أعتقد أنه كان تقريراً. أحدهم أحضر لي مُغلّفاً بهذا الحجم، (حجم صندوق)، وقالوا لي أنظري إلى هذا التقرير، والتقرير اختفى من عندي على كلّ حال ولم أره مُجدّداً 

زاهي وهبي: اختفى أم

ماغي فرح: اختفى ولا أعلم كيف لم يعُد في المكتب 

زاهي وهبي: يعني عندنا كلّ شيء مرسوم ويحدُث، أي لا إرادة لنا؟

ماغي فرح: ما قرأته هو كيف ستبدأ الحرب في (العراق) وكيف (مصر) ستُصبِح عدّة دول، هذا ما قرأته وقد لا يحدث ما قرأته 

زاهي وهبي: طبعاً نتمنّى ألا يحدث هذا 

ماغي فرح: نتمنّى ألا يحدث. كيف ستُحلّ القضيّة الفلسطينية سنّياً وليس وطنياً، وليس قومياً

زاهي وهبي: دينياً وليس قومياً

ماغي فرح: ما سيحدث في (لبنان)، ما سيحدث في (طرابلس) وكيف (طرابلس) و(عكّار) ستحدث فيهما حوادث وقد يصير فيهما تعصُّب ديني، أقول لك إنّ هذا ما قرأته. الآن هل هذا الشيء يحدُث؟ لحدّ الآن أنا أجده يتطبَّق في طريقة أو في أُخرى. (سوريا) اليوم، كيف دخلوا إلى (سوريا)؟ لم يكن هناك شيء في (سوريا)! حينها قالوا لي السياسيون الكبار 

زاهي وهبي: للأسف، يُرسم لنا ما يُرسَم ونقرأ ونعرِف ونُحلّل ونقع دائِماً في الفخّ الذي 

ماغي فرح: مثلاً "داعش"، ما هو "داعش"؟ أليس تنظيماً مخابراتياً؟

زاهي وهبي: طبعاً من دون شكّ 

ماغي فرح: الآن تريد أن تقول لي إنّ المسلمين هم مَن يقتلون ويفعلون كلّ هذا؟ كلّا، الأمر ليس هكذا. هناك أحد وراءهم خلق هذا الـ "داعش" والله يستُر من أن يكون تمّ تدريبهم في (إسرائيل) أعني "الموساد" 

زاهي وهبي: هلّ عندكِ طموح سياسي؟ يعني لو عرِض عليكِ منصب سياسي مثلاً، حقيبة وزارية، ترشّح إلى انتخابات 

ماغي فرح: كلّا، أبداً 

زاهي وهبي: لماذا؟ 

ماغي فرح: في هذا النظام السياسي الذي نعيش فيه، إما السياسي يكون قد دخل في لعبة مُعيّنة وعنده هدف أو يكون ضحيّة، وأنا لا أُريد أن أكون ضحيّة. الله يُساعِد السياسيين في هذه الحال، ليس في إمكانهم أن يفعلوا شيئاً. هم تحت، انتبه إلى ما أقوله لك، هم تحت إرادة الميليشيات المذهبيّة والطائِفيّة. لا يزال عندنا ميليشيات، عندنا حرب لكن الميليشيا تستخدم سلاحاً مختلفاً 

زاهي وهبي: أتعلمين ماذا أُسمِّها؟ الحرب الأهليّة السلمية

ماغي فرح: الحرب الأهليّة السلمية!

زاهي وهبي: أجل في هذا التناقُض بين الكلمتين 

ماغي فرح: برافو عليك، حلوة كثيراً وأنت على كلّ حال شاعر 

زاهي وهبي: تسلمين لي. هل فكّرتِ في لحظة من اللحظات بمُغادرة (لبنان)؟

ماغي فرح: لا

زاهي وهبي: أعني حضرتكِ عشتِ، سافرتِ سفراً عادياً 

ماغي فرح: أسافر كثيراً 

زاهي وهبي: تُسافرين وتعودين، تمضين فترة ثم تعودين

ماغي فرح: الغريب أنّني لا أُفكر في مغادرة (لبنان). أنا أُحب كثيراً هذا البلد 

زاهي وهبي: وأكيد جاءكِ عروض لخارِج (لبنان) 

ماغي فرح: أجل، لكن كنت دائِماً بعيدة عن أن أترك هذا البلد. أنا أحب تراب هذا البلد وأُحب رائِحته، أُحب روحه وأُحب ناسه، أُحبّ هذا التنوُّع الذي فيه. لا يُمكنك أن تعرِف كم أُحبّه. توجد حرقة في قلبي أن أحداً يأتي ويقتل وطني أو يغتصب وطني 

زاهي وهبي: نعم، رغم كلّ ما مرّ علينا يظلّ لهذا البلد نكهة وروح 

ماغي فرح: أجمل بلد "زاهي"، أجمل بلد. شوف اللبنانيين عندما يكونون 

زاهي وهبي: وحضرتكِ سافرتِ كثيراً وشاهدت بلداناً كثيرة

ماغي فرح: أكيد 

زاهي وهبي: ولا يزال أجمل بلد في نظركِ؟ 

ماغي فرح: أجمل بلد 

زاهي وهبي: رغم الدواليب المحروقة والطرقات المقطوعة؟

ماغي فرح: بكلّ ما فيه، بكلّ خرابه، بكلّ عذابه، طبعاً نحن مقهورون ولا نريده أن يكون هكذا 

زاهي وهبي: طبعاً، لا نُمجِّد الخراب

ماغي فرح: ولكن أقول هذا إما لأنّ في ذاكرتنا بقيَ والذاكرة كانت أقوى أو لأننا دفعنا ثمناً في هذا البلد. كما تعلم الإنسان يُحب أكثر المكان الذي يعطيه من تلقاء نفسه ويعطيه من وقته ويعطيه من حياته، أو فعلاً، هل هناك بلد في العالم تمشي فيه على الطريق وإذا انثقب دولابك يركض الناس ليسايرونك؟ هل هناك بلد في العالم إذا أردت شيئاً تتّصل بجارك وجارك يأتي إليك؟ أين موجودة هذه الأمور؟ ليست موجودة! 

زاهي وهبي: صحيح 

ماغي فرح: هل هناك مكان في العالم يجتمع الناس على الأعياد ويُعايدون بعضهم البعض      من كلّ الطوائِف؟ 

زاهي وهبي: إن شاء الله تعود كلّ الأيام أعياد بإذن الله 

ماغي فرح: هلّ هناك بلد عنده هذا التنوُّع الثقافي؟ التنوُّع العلمي؟ كلّ جامعات العالم عنده؟ ماذا يفعلون الآن؟ يحرموننا من هذه الأشياء كلّها 

زاهي وهبي: لربما على سيرة التنوّع الثقافي نسألك سؤالاً عن تجربتكِ في "استديو الفن". لكن قبلاً ولنغيِّر عن السياسة وعن الاحتمالات السيّئة لا سمح الله. نشاهد جزءاً ثانياً من "قطع وصل" مع الإعلامي الصديق الأُستاذ "أمين أبو يحيى"، ومن خلال ما يتفضّل به أطرح على حضرتكِ بعض الأسئِلة 

ماغي فرح: أوكي

قطع وصل - أمين أبو يحيى- خبير في الإعلام الرقمي: 

- أُريد أن أقول أولاً مساء الخير للسيّدة "ماغي فرح" ولصديقنا وزميلنا الغالي والعزيز "زاهي وهبي". السؤال الذي يُطرح شائِك جداً هو، هل سينتهي قريباً عصر التلفاز والراديو كمصدَر مُتابعة للمواطنين خاصةً أننا الآن نعيش في عصر وسائِل التواصُل الاجتماعي وكلّ الناس صاروا موجودين على هذه الوسائِل؟ التلفزيون لن ينتهي عصره وسيظلّ موجوداً لأنّ مصداقيّته أكثر من وسائِل التواصُل الاجتماعي ولكن أنا أتوقّع أن يتغيّر شكل التلفزيون ولا يعود في صندوق مُجرّد في بيت، سيصير موجوداً معنا على التلفون في أشكال متعدّدة. تبقى هذه الوسيلة الإعلاميّة هي الأفضل والأكثر مصداقيّة بسبب ما نشاهده على وسائِل التواصُل الاجتماعي من نشر للشائِعات والأخبار المُختلقة، يعني في أزمة (لبنان) الحالية وأزمة "كورونا" توجّهنا كلّنا صوب التلفاز لنأخُذ المعلومة الحقيقيّة التي تحتوي على مهنيّة أكثر لاسيّما أنّ الذين يشتغلون في التلفزيون هم أصحاب خبرات ويختلفون عن الموجودين على وسائِل التواصُل الاجتماعي من المواطنين العاديين الذين لا قُدرة عندهم للتحقّق من المعلومة، فيرمون المعلومة ويتركونها تنتشر وتنتج منها مشاكل أكثر فنلجأ إلى هذا الجهاز السحري الذي إسمه التلفزيون لنأخذ المعلومة الحقيقيّة ونتأكّد من أنّ هذه هي المعلومة الصحيحة. طبعاً دور وسائِل التواصُل الاجتماعي لن يغيب وسيتطوّر أكثر ولكن تبقى الأفضليّة للمحطّات التلفزيونية وللتلفاز 

- الراديو أيضاً لن يتأثّر وسيظلّ له جمهوره ويتغيّر أيضاً شكله ويتّجه أكثر صوب الـ On Line، يعني لم نعد نشتري جهاز راديو ونضعه في البيت ونستمع، صرنا نسمع الإذاعات التي نُحبّها عبر التلفون المحمول لأنّ كلّ المحطّات صارت موجودة على مواقع إلكترونية وصارت على "تويتر" وعلى "الفيس بوك" فصار سهلاً الوصول إلى الإذاعات. نحن متّجهون صوب الـ On Line في كافة أشكاله، وأهم شيء أن يظلّ المضمون حقيقي ويحتوي على مصداقية وتظلّ الأخبار الحقيقية منتشرة وليس الشائِعات 

زاهي وهبي: جزيل الشُكر للأُستاذ الصديق والإعلامي "أمين أبو يحيى" 

ماغي فرح: للحقيقة تحدّث عن قصص صحيحة جداً وفي وقت قصير، السهل المُمتنع الحلو 

زاهي وهبي: نعم. هل تعتقدين أنّه ممكن أن ينتهي عصر التلفاز أو على الأقل هلّ انتهى عصر التلفاز في الشكل الذي نشأنا نحن عليه ونعرِفه؟ 

ماغي فرح: من غير اللازم أن يحدث هذا

زاهي وهبي: لماذا من غير اللازم؟

ماغي فرح: مرّت فترة كان يخافون فيها أن ينتهي عصر التلفاز ثم وجدوا أنّ التلفاز في النهاية يظلّ المرجع الأفضل والمسؤول أكثر من هذه الـ Social Media

زاهي وهبي: هذه الـ Social Media التي ليست عليها أية قيود 

ماغي فرح: التي لا مسؤولية عندها ولا قيود ولا أحد يقول لك شيئاً وأحياناً وعلى الأكثر التعاطي فيها يكون بلا أخلاق، بمعنى الشتيمة سلكت طريقها والكلام 

زاهي وهبي: قد يكون "التويتر" هو المنصّة الأكثر 

ماغي فرح: أكثر منصّة فيها هذا الكلام

زاهي وهبي: التي فيها عدوانية وفيها هذا التشاحُن والتطاحُن الموجود أكثر على "تويتر"، ربما لأنّ المُتلقّي الذي يتلقّى الشتيمة أو الموقف السلبي لا يستطيع أن يحذف ما ورده بينما في مواقع أُخرى تجدين أنّه حتّى الناس العدوانيين أقل لأنهم يعلمون أنّ الذي سيكتبونه قد يُحذَف ويُلغى بسهولة 

ماغي فرح: ربما، ربما على "تويتر" يكون أكثر 

زاهي وهبي: "تويتر" أكثر وما كنتِ تريدين قوله إنّ على "تويتر" النُخبة السياسية والإعلاميّة موجودة

ماغي فرح: هكذا من اللازم أن يكون، لكن صار كائن من كان يدخل إلى "تويتر". كان من اللازم أن يكون هكذا، في بدايته بدأ مع القليل من النُخب وكان الناس يتحدّثون ضمن حدود. المُشكلة والمأساة أين؟ 

زاهي وهبي: أقصد، لماذا اليوم التلفزيون ضروري؟ أنا أرى من خلال أولادي مثلاً أنهم لا يُشاهدون تلفزيون في الطريقة التي كنّا نحن نشاهده فيها، لا يوجد وقت مُحدّد ليشاهدوا برنامجاً معيناً 

ماغي فرح: يشاهد حينما يُريد 

زاهي وهبي: حينما يريد يدخل إلى موقع Net Flix

ماغي فرح: أوكي، يمكنه أن يشاهد البرنامج على التلفزيون أو On Line أو على "يوتيوب". لكن على الأقل هذا المرجع الذي إسمه تلفزيون وراءه مسؤولية، هناك شخص مسؤول يمكنك أن تُحاسبه، وراءه أشخاص أو شخص لا يزال عنده أخلاق وعنده المهنية مثلما قلنا في التصرُّف. نحن نتّحد أنا وأنت هنا ونقدّم برنامجاً، ربما إذا أحدهم يُقدّم "إيش يا خال" لا أدري أين ويتحدّث مع شخص آخر ويعرض فيديو لا أدري على ماذا يحتوي ويخرج من الأدبيات، وأنت ترى ما يحدث في 

زاهي وهبي: تظلّ ضوابط العمل التلفزيوني

ماغي فرح: هذه هي الكلمة  

زاهي وهبي: مثلما أشار الأُستاذ "أمين"

ماغي فرح: إذا كانت الوسيلة على الهاتف المحمول، إذا كان أسهل على الهاتف المحمول أوكي 

زاهي وهبي: يتغيّر الشكل لكن المضمون 

ماغي فرح: لكن المضمون يظلّ كمرجعية أفضل من غيره، لكن إلى أيمتى سيظل وكيف سيظل؟ كيف سيستحدثون قانوناً؟ من اللازم أن يستحدثوا قانوناً لوسائِل التواصُل

زاهي وهبي: أيّة منصة من الإعلام الجديد ترتاحين حضرتكِ فيها أكثر؟ "تويتر" "إنستاغرام" "يوتيوب"؟  

ماغي فرح: أنا أجد أنّ "اليوتيوب" أكثر لأنّ الذي يريد أن يشترك في "يوتيوب" عليه أن يُحاول أن تكون عنده مهنيّة أخلاقية أكثر. أجد "اليوتيوب" أكثر من غيره، و"واتس أب" صار كلّه إعلانات ضد بعضها، حرب كما قلنا، وهي حرب أحياناً بلا أخلاق، بلا احترام، حتّى اللغة التي تُستَخدَم فيها أنا أخجل منها وفي العادة لا أستطيع سماعها. يرسلون لي فيديو فحواه أنّ هذا يشتم هذا وذاك يشتم الآخر ولا أُكمِله، لا أستطيع إكماله 

زاهي وهبي: أنا مثلكِ، هناك فيديوهات لا أبدأ في مشاهدتها وأقول لهم Please لا أريد مشاهدتها ولا أريد أن أعرضها ولا أريد أن أسمع كلّ هذه الأشياء 

ماغي فرح: أحذفها فوراً، "يا عيني عليك"، أُلوِّث عيناي وأُلوِّث نظري، أحياناً يتلوّث سمعي عندما أسمع هذه الأشياء 

زاهي وهبي: على سيرة التلفزيون تحدّثنا عن الإعلام السياسي وتحدّثنا عن الأخبار وقلنا إن شاء الله لا يعود زمن "مكتب التحرير في خبر جديد" مع إنكِ في صوتكِ تقولين هذه الجملة وكأنها أُغنية، لكن للأسف مُعظم الوقت كانت الأخبار الجديدة أخبار انفجارات ومعارِك وقتل وضرب. تجربة "استديو الفن"، كنتِ في لجنة التحكيم إلى جانب عمالقة آنذاك في الفن. كيف تُقيّمين هذه التجربة؟ 

ماغي فرح: سأقول لك شيئاً، حينها المرحوم "سيمون أسمر" اتصل بي وطلب منّي أن أُقدِّم البرنامج، طبعاً في الإذاعة التي كنت أعمل فيها لم يقبلوا ولم أكن مُديرة أخبار بعد. حينها رفّعوني إلى منصب مديرة أخبار كيلا أذهب. لكن أندم على مسألة واحدة وهذه أقولها للمرّة الأولى

زاهي وهبي: صارت مسألتان تقولانهما للمرة الأولى

ماغي فرح: هذه المسألة ندمت قليلاً لأنني لم أقم بها، "أنطوان شويري" الله يرحمه قال لي، وكان البرنامج إسمه أيضاً "الحكي بيناتنا" على الإذاعة وأنا أخذت الإسم معي إلى الـ MTV. قال لي: إذا قدمتِ ما تُقدّمينه على الإذاعة في محطة LBC في برنامج عندي هناك يصير عندكِ مردود أكثر. كما تعلم في عُمرٍ مُعيّن لا تكون تُفكِّر في المال ولا تُفكِّر في الأهمية، وكنت أنا أُفكّر وأقول: كيف لا أُريد؟ حينها فوراً عيّنوني مُديرة أخبار كيلا أذهب إلى الـ LBC، هذا ما صار لكنّي ندمت 

زاهي وهبي: أجل لأن كلا العملين لا يتضاربان مع بعضهما البعض بل يكملان بعضهما 

ماغي فرح: حينها كانت هناك منافسات بين وسائِل الإعلام ولم تكن الأمور مثل اليوم. الآن صار الإعلام مفتوحاً أكثر. لم أذهب وندمت لأنني كما أتذكّر قال لي: "أوبرا" في (أميركا) فعلت هذا وفي إمكانكِ أن تفعلي مثلها وأحسن، تعالي وقدّمي البرنامج عندنا"، لكنّي لم أستطع، رفضوا أن أقدّمه ولا أدري من أجل ماذا! يعني لا مردود مادياً ولا مردود معنوياً وفي النهاية أنهوا خدمتي "الكتائب" في إذاعة "صوت لبنان" وقالوا إنني لست في حزب "الكتائب" إذاً من اللازم أن أترُك الإذاعة، ماشي الحال 

زاهي وهبي: وما حصل معي في جريدة "النهار" شيئاً مُشابها

ماغي فرح: أيضاً؟

زاهي وهبي: قال لي الأُستاذ "غسان تويني": اختار، إمّا تظلّ في تلفزيون "المُستقبل" أو في جريدة "النهار" 

ماغي فرح: ولو؟ مع أنهم الآن صاروا واحداً 

زاهي وهبي: الآن كلّ الذين كانوا في الجريدة صاروا على التلفزيون 

ماغي فرح: "زاهي"، كم من أشياء تكون هكذا وتُصبح في مكان آخر وتقول: ماذا يحدُث؟

زاهي وهبي: لو المرء يكتب تجربته وسيرته المهنية 

ماغي فرح: تعال نقوم بهذا لمرّة 

زاهي وهبي: لماذا لا 

ماغي فرح: أنا أسألك وأنت تسألني ونقدّم شيئاً معاً 

زاهي وهبي: أنا حاضر، أتشرّف

ماغي فرح: على "اليوتيوب" 

زاهي وهبي: نتشرّف. إذاً لم تُقدّمي برنامج "استديو الفن" بل شاركتِ في لجنة التحكيم  

ماغي فرح: حينها قال لي: "تعالي لتشاركي في لجنة التحكيم، يهمّني رأيك والناس يأخذون برأيكِ". حينها كانت التجربة حلوة جداً 

زاهي وهبي: لكن تحوّلتِ إلى نجمة البرنامج في فترة من الفترات، وليست مُجاملة ما أقوله 

ماغي فرح: قلت لـ "سيمون": لربما الناس الذين يُحبّونني على الإذاعة لم يعجبهم شكلي على التلفزيون، فقال لي: "أنا سأتوكّل هذا الموضوع". هو حافظ في الحقيقة على الصورة، كانت هناك مهنية لا يأخذون الصورة كيفما كانت، المونتاج الذي كانوا يقومون به يكفي. كان يقول لي: أنا أعرِف كيف سآخذ الصورة. الناس الذين اعتادوا عليّ على الإذاعة صاروا يرغبون في سماع ما أقوله على التلفزيون، كانت تجربة حلوة أكيد 

زاهي وهبي: ما رأيكِ في تزايُد برامج الهواة؟ أعني "استديو الفن" كان برنامجاً مميّزاً في زمانه ولم يكن يُقدَّم كلّ سنة بل كلّ سنتين 

ماغي فرح: كلّ أربع سنوات 

زاهي وهبي: كلّ أربع سنوات، يعني يُعطي فُرصة للذين يتخرّجون في أخذ وقتهم "وينجّمون" كما نقول في لغة أهل الفن. اليوم نشاهد عشرات برامج الفن

ماغي فرح: مثل كلّ شيء، صار "سوبر ماركت" الآن

زاهي وهبي: مختصر مُفيد 

ماغي فرح: أتذكّر برنامج "استديو الفن" بين هلالين، كان الأُستاذ "زكي ناصيف" جالساً إلى جانبي الله يرحمه، كم من مرّة ذكرت كلمة الله يرحمه لكذا شخص، كان يجلس إلى جانبي وكانوا يغنّون "راجع راجع يتعمّر لبنان" وكما تعلم الأُغنية له، فنظرت إليه وقلت له: أُستاذ "زكي" إلى أين "راجع" (لبنان)؟ قال لي: إلى الوراء 

زاهي وهبي: للأسف، شرّ البلية ما يُضحِك

ماغي فرح: للأسف وكان معه حق 

زاهي وهبي: عندكِ حنين لزمن الإذاعة؟ كما تعلمين في الاستديو الإذاعي الصوت يحلّ محلّ الشخص بالكامل

ماغي فرح: طبعاً 

زاهي وهبي: أي تريدين أن توصلي الانطباعات بهذا الصوت 

ماغي فرح: روحيّتك تكون كلّها في الصوت. حلوة الإذاعة لكن اليوم، هل أنا في الإذاعة أستطيع أن أصل إلى العدد الذي كنت أستطيع أن أصلِ إليه من زمان عندما كنّا إذاعة لوحدنا، أو كان عدد الإذاعات محصوراً؟ هل تستطيع أن تُحدِث نفس الـ Impact الذي كنت تُحدثه حينها؟ مثلما قلت لك، الإذاعة جيّدة عندما يكون عندك مشروع تريد التحدّث عنه أو شيء مثل هذا واليوم أنا لا أرى أنّ هناك مشروعاً سياسياً موجوداً في البلد 

زاهي وهبي: للأسف الوقت داهمنا. قبل أن أطرح السؤال الأخير علينا أن نتّفق بناءً على طلب المُعِدّة والمُنتِجة "غادة" والمُخرِج الأُستاذ "علي حيدر" على أن نُقدِّم في ما بعد، بعد عدة أشهر، حواراً جديداً 

ماغي فرح: أنا أتشرّف وأتمنّى 

زاهي وهبي: لربما يكون توقيته على أواخر العام، فترة الميلاد ورأس السنة؟ 

ماغي فرح: حينما تريدون 

زاهي وهبي: وربما نتحدّث في الفَلك قليلاً 

ماغي فرح: إذا أردت. الحوار معك حلو 

زاهي وهبي: تسلمين

ماغي فرح: وأنت شخص مُحتَرم ومُثقّف 

زاهي وهبي: العفو

ماغي فرح: ومُميّز 

زاهي وهبي: أعتزّ برأيكِ 

ماغي فرح: هذه الحقيقة وأنت تعرف رأيي. مُميّز وعندك حضور حلو والمرء يرتاح معك. أنا دائِماً أقول إنّ الذي يريد أن يُحاور عليه أن يُريح مَن في مقابله وأنا مُرتاحة كثيراً معك

زاهي وهبي: أولاً مثل حضوركِ، هذا الشيء ينطبق عليكِ والكلام، حينما كنّا صغاراً كنّا نقول " الكلام صفة المُتكلِّم"   

ماغي فرح: أجل، صحيح عندما أحد ما يشتمنا أو يقول كلمة بشعة 

زاهي وهبي: أنا أقوله في المعني الإيجابي. سؤالي الأخير هو زمن "كورونا"، من اللازم أن نسأل السؤال، كيف عشتِ مع هذه الجائِحة التي شغَلت بال البشريّة كلّها؟ 

ماغي فرح: لم تكن الجائِحة تمتلك أفكاري كثيراً ولا أدري لماذا

زاهي وهبي: لم تُصدّقي في البداية 

ماغي فرح: كنت أقول: لو إلى هذا الحد الجائِحة قوية لكانت حدثت عند كلّ الناس، لو صحيح أن الفيروس موجود في الأغراض التي نحضرها إلى البيت، أوكي كنّا كلّنا ننتبه إلى أنفسنا لكن هناك أُناس لم يكونوا يحرصون إلى هذا الحد ولم تكن الجائِحة 

زاهي وهبي: لكن عدد الضحايا في العالم صار أكثر من نصف مليون 

ماغي فرح: في لبنان لم يكن الضحايا في هذا العدد

زاهي وهبي: لحُسن الحظّ 

ماغي فرح: ثم لا أعلم لماذا كنت أحسّ أنّ كلّ الذين كانوا يموتون كانوا يقولون عنهم أنهم ضحايا "كورونا"، "كورونا" موجودة ولكن كأنّ هذا الحجم من التشديد عليها وانتشارها وراءه مُشجِّع 

زاهي وهبي: غايات 

ماغي فرح: " كأنّ" أقول وربما احساسي خاطئ، لكنّي شاهدت فيديو أحداهنّ تقول فيه: "لماذا قلتم إنّه مات جرّاء الكورونا وهو لم يمت بسبب "كورونا"؟ في مكان في (أميركا) 

زاهي وهبي: سمعت أنا وقرأت شيئاً من هذا النوع، أن عدد الوفيات تُسجّل، حتّى لو لم يكن سببها "كورونا" تُسجّل تحت إسم "كورونا" 

ماغي فرح: لم أجد أنّه مُعدٍ إلى هذا الحدّ، يجلسون إلى جانب بعضهم البعض ويضعون القناع على أوجههم. ربما الوقاية مهمة جداً لكنه ليس بهذه الخطورة التي توصِل إلى الموت

زاهي وهبي: على كلّ حال الله يبعده ويبعِد كلّ أذى وكلّ شرّ وكلّ مرض عن جميع البشر أينما كانوا

ماغي فرح: عن كلّ الناس طبعاً

زاهي وهبي: استمتعت جداً بالحوار مع حضرتكِ سيّدتنا وأُستاذتنا "ماغي فرح" 

ماغي فرح: وأنا أيضاً Merci، الله يخلّيك

زاهي وهبي: ونلتقي بعد أشهُر بإذن الله 

ماغي فرح: إن شاء الله 

زاهي وهبي: في "بيت القصيد". أهلاً وسهلاً

ماغي فرح: إن شاء الله خير

زاهي وهبي: شكراً لفريق العمل ولمُشاهدينا دائِماً الشُكر الأكبر حيثما كنتم. نلتقيكم الأُسبوع المقبل على خير بإذن الله 

 

     

                                                                                                  

 

    

 

برامج أخرى

10 حزيران 2012

تصفح المزيد