لندن والاتحاد الأوروبي

نص الحلقة

 

جورج غالاواي: إسمي "جورج غالاواي" وأنا أُقدِّم برنامج "كلِمة حرّة" على قناة "الميادين" التلفزيونية من هنا في (لندن). أقول كلماتي بحرّية سواء في البرلمان أم على التلفاز أو هنا في شوارع (لندن). "كلِمة حرّة" تعني بالإنكليزية Free Word، وهذا ما أقوله. إذاً، "كلِمة حرّة" هي محادثة في اتجاهين، تابعونا على قناة "الميادين" التلفزيونية  

المحور الأول: 

جورج غالاواي: أهلاّ بكم في برنامج "كلِمة حرّة" معي "جورج غالاواي" على قناة "الميادين" حيث نوافيكم من (لندن) بنقاشٍ عن (لندن)، في طريقةٍ ما، وعلاقات (لندن) مع (الاتحاد الأوروبي) الذي انتسبنا إليه لأكثر من أربعين سنة لكننا ستغادره قريباً، وبالتأكيد سنتطرّق إلى انعكاسات ذلك على السياسة البريطانية الخارجية وعلى العلاقات الدولية في شكلٍ عام. الوقتُ مناسب جداً لمناقشة هذا الموضوع لأنّ الوقت قد حان و(بريطانيا) ستغادر أخيراً وفي كل معنى الكلمة (الاتحاد الأوروبي) في غضون أشهُر قليلة، ولولا فيروس (كورونا) الذي ضرب (بريطانيا) فجأة واتخذ منحىً أسوأ بكثير مما كان متوقّعاً إضافة إلى المُشكلات الاقتصادية المرافقة لذلك لكان موضوع المغادرة هذا سيكون في غاية الأهمية، وحين تُشاهدون هذه الحلقة سيكون هذا الموضوع حسبما أتوقّع قد بلغ ذروة أهميّته. ينضمّ إليّ كالعادة ضيوف من ثلاثة أشخاص بسبب قيود فيروس (كورونا) لكنّهم مجموعة من ضيوف مُميّزين. من النادر أن أجمع ضيوفاً أكثر تميّزاً من بين الأكاديميين والمُختّصين كالحاضرين معنا اليوم. دعوني أبدأ معك بروفيسور "آلان سكيد"، أكاديمي وسياسي بريطاني وأُستاذ فخري في التاريخ الدولي في كليّة (لندن) للاقتصاد. هو عرَّاب "بريكست" والرجل الذي أسَّس حزب "استقلال (المملكة المتحدة)" الذي حقّق نصره الأخير بعد أن توقّف عن كونه قوّة جدية، لكن لولا البروفيسور" آلان سكيد" أشك في أننا كنّا سنغادر الاتحاد الأوروبي أبداً. آمل ألا تكون هذه المُقدّمة مُستفزّة لك إطلاقاً وأظنّ أنّك تركت بصمة كبيرة في التاريخ بفضل ما فعلته، لكن أنت الآن ترى هذه الفوضى القائِمة حول موضوع المُغادرة الفعلية التي تسابقنا نحوها. هل تشعُر بأيّ ندم؟

آلان سكيد: لا، لا أشعر بالندم على الإطلاق بل أتوق إلى مرحلة المغادرة الفعلية مع أو من دون معاهدة التجارة الحرّة. هذا سيسمح لنا باستئناف ما أعتقد أنه دورنا الطبيعي في العالم كدولة مستقلّة ذات سيادة مع نظام ديمقراطي وحكومة يُمكن الاعتماد عليها، حكومة مسؤولة فقط أمام الشعب البريطاني الذي يُمكنه التخلّص منها إن كانت لا تروقه. هذه الحكومة ستتابع عملها وقد سبق أن وقّعت على معاهدة التجارة الحرّة مع (اليابان) وستؤسِّس لتجارة حرّة مع بلدان أُخرى حول العالم بما فيها (كندا) و(أُستراليا) و(نيوزيلندا) و(أميركا) وسنستمر في لعِب دورنا في الشؤون الخارجية كعضوِ في "حلف شمال الأطلسي" وفي مجلس الأمن في الأُمم المتّحدة وسيكون نفوذنا كبيراً جداً في اعتقادي، بينما (أوروبا) لن تتمتّع بأيّ نفوذ في الشؤون الدولية إذ ليس لديها جيش وهي مُنقسمة على الدوام في مسائِل رئيسية تتعلّق بالسياسة الخارجية التي سلكت ستة أو سبعة اتجاهات مُختلفة. لا أظن أنّ أحداً في الشرق الأوسط يُعير اهتماماً لرأي (الاتحاد الأوروبي)، (إسرائيل) بالتأكيد لا تُعيره أيّ اهتمام، ولا أرى مكامن نفوذ هذا الاتحاد فهو في سعيٍ دائِم وراء (روسيا) لتعطيه الطاقة. الدولة الأساسية فيه (ألمانيا) هي دولة مُسالِمة، لا تحبّ الإسهام في أيّ شكلٍ من أشكال الدفاع، وتُظهر استفتاءات الرأي العام أنّ الألمان لن يُقاتلوا

جورج غالاواي: حمداً لله على ذلك، ألم يُقاتلوا كفاية؟

آلان سكيد: لن يُقاتلوا لأجل دول (البلطيق) و(بولندا) و(أوكرانيا) إن غزتها (روسيا) وأظن أنّ "أنجيلا ميركل" لا تحفل إلا بالصادرات، حين تتكلّم عن (الصين) تتطرَّق إلى موضوع الصادرات، فهي لا تتطرَّق إلى موضوع حقوق الإنسان مثلاً ولا أرى أنّ (أوروبا) ستلعب دوراً فعّالاً في الشؤون العالمية ولكن أظن أنّ (بريطانيا) ستستأنف دوراً فيه بعض النفوذ

جورج غالاواي: في رأيك، لماذا لم يجمع (الاتحاد الأوروبي) أيّ ثقل في العلاقات الدولية يتصاحب مع ثقليه الاقتصادي والثقافي؟ 

آلان سكيد: لم يتمتّعوا إلا مؤخّراً بقاعدة مؤسّساتية للعلاقات الخارجية. حتى مطلع القرن الحالي لم يلعب (الاتحاد) أي دور فعلي من الناحية الاقتصادية لأنّ موازنته كانت صغيرة جداً وكانت كلّها مُخصّصة للبيروقراطية والسياسة الزراعية وسياسة صيد الأسماك، وفجأة ظهر الاهتمام بسياسة الاتحاد النقدي وكانت النتيجة كارثية وأدّت إلى شتّى أنواع الأزمات والانسحابات، كما أنّ مُعدّل النموّ منذ إطلاق اليورو لم يتعدَّ نصف مُعدّل النموّ البريطاني. إن نظرنا إلى الأرقام بين عامي 2000 و2017 نجد أنّ نسبة النمو الاقتصادي لـ (المملكة المتّحدة) بلغت قرابة الـ 46 في المئة بينما بلغت نسبة النمو الاقتصادي الأوروبي قرابة الـ 25 في المئة؛ معدّل النمو في (إيطاليا) راوح بين ثلاثة وستّة في المئة مع جمود تام ولم ينمو على الإطلاق. إذاً، كلما حاول الاتّحاد جاهداً أتى بنجاح أقلّ، وهو الآن في موقف حَرِج لأنّ (فرنسا) تُحاول إرغام (ألمانيا) على الدخول إلى اتحاد فدرالي وهو أمرٌ يرفضه الشعب الألماني ولا تريده "ميركل" في رأيي لكنّها تُحاول أن تُبقي "ماكرون" سعيداً إلى حدٍّ ما من خلال تقديم تمويل يهدف إلى إعادة البناء في مرحلة ما بعد كورونا، وفي هذه الأثناء يُحاول المصرف المركز الأوروبي حلّ المُشكلات الاقتصادية القائمة في (إيطاليا) و(إسبانيا) وفي بلدانٍ أُخرى من خلال برنامج التسهيلات الكميّة ما أدّى إلى مُشكلة مع المحكمة العليا الألمانية. بالتالي الموضوع كله في نوع من الفوضى، ولا أشعر أنّ (الاتحاد الأوروبي) رسَمَ طريقاً واضحاً لأيّ مُستقبل واضح 

جورج غالاواي: بروفيسور "رودني شكسبير" هو كاتب وخبير اقتصادي من (كمبريدج) وهو أيضاً محامٍ مُميّز في (المملكة المتّحدة) ما يدفعني أيها البروفيسور إلى أن أسألك عن الآثار القانونية لتصريح الحكومة البريطانية الأخير الذي يقول إنّها كانت مستعدّة رسمياً لخرق القانون الدولي في ما يتعلّق بالاتفاقية التي أبرمتها مع (الاتحاد الأوروبي)، هذا قد تسبّب في حدوث ارتباك هائِل في البنية في (أوروبا) وبين النُخبة المُتبقية في (بريطانيا) التي لم تتخلَّ عن الأمل في وقف خروج (بريطانيا) من (الاتّحاد الأوروبي). ما رأيك كخبيرٍ اقتصادي ومحامٍ مهم في هذا التطوُّر الجديد؟                    

رودني شكسبير: يتعلّق الأمر بالسمعة السياسية لـ (المملكة المتّحدة) أكثر من أيّ شيء آخر. تتطلّب العلاقات الجيّدة والجدارة والثقة لبلدٍ ما وقتاً طويلاً لتكوينها؟ ويُمكنك أن تخسرها بسهولة فائِقة تماماً كما يفعل "ترامب" في (الولايات المتحدة). أيمكنني التعليق بإيجاز على ما قاله "آلان" منذ قليل؟ 

جورج غالاواي: بالتأكيد 

رودني شكسبير: أعتقد أنّ وجهة نظره مُتفائِلة جداً في شأن ما سيكون عليه الوضع حين نُغادر رسمياً. أنظر إلى الخلفيّة قبل الفيروس، ما كان لديك حينها هو مستويات ديون أعلى في بلد يعتمد على مجتمعات المِلكية الفردية، أعلى مما كانت عليه في 2007 و2008. لديك ازدياد في الانقسام بين الأثرياء والفقراء في بلدٍ تلو الآخر، لديك تقلُّص في الطبقات الوسطى في بلدٍ تلو الآخر، ولديك هذا التحوّل التكنولوجي الذي يؤدّي إلى تحطيم المزيد من الوظائِف الآمنة التقليدية واستبدالها بوظائِف مؤقتة بدوامٍ جزئي غير مُحدَّدة ساعاته ومن دون إكراميات. لا تمتلك (أوروبا) الحلّ يا "آلان"، وأنت مُحق تماماً في الإشارة إلى الكارثة. لقد بلغت نسبة البطالة في (أوروبا) 25 في المئة بين الشباب وتطال في (إسبانيا) ما بين ستين وسبعين في المئة من شريحة الشباب. (أوروبا) فاشلة في هذا الصَدَد ووضعها يزداد سوءاً وكل الأمور التي قلتها أنت مُحق فيها. السؤال الذي يلي هذا هو: مع خروج (المملكة المتحدة)، هل لديها حلّ لهذه العوامل التي ستؤدّي في رأيي إلى انهيار كبير؟ ما لدينا في الحكومة حالياً هو حكومة تسعى في شكلٍ أساسي أو ستسعى لتقديم (سنغافورة) إلى ضفاف (التايمز)، ما يعني وظائف مؤقّتة

جورج غالاواي: إنها مزدهرة للغاية في (سنغافورة)، صحيح؟

رودني شكسبير: الأثرياء يعيشون حياة رخاء ولديهم ظروف معيشية آمِنة لكنني لستُ متأكّداً تماماً من أنّه النموذج المرجو، وإن كان هو النموذج المرجو فليقولوا ذلك وليروا حينها ما سيكون رأي الشعب البريطاني

جورج غالاواي: يتناقض هذا في طريقةٍ ما مع وجهة نظر "آلان"، فقد تطرَّق "آلان" إلى انشغال (ألمانيا) بالصادرات، وكأنّ رغبة بلادك في التصدير هي أمر سيّئ. أيّها ستكون عليه؟ هل ستكون (بريطانيا) دولة رأسماليّة أكثر قوّةً خارِج الاتحاد الأوروبي؟ أم أنها ستسير كما أشار "آلان" لتكون فاعلاً جديداً قوّياً في السياسة الخارجية؟ 

رودني شكسبير: سنكون خارج (الاتحاد الأوروبي) وسنُسحَق في شكلٍ أساسي في علاقتنا مع (أميركا)، والأوروبيون الذين نقوم بما يقارب بنصف تجارتهم سيحصلون على فرصة هناك، وفي الجزء الخلفي من الحلم، ويُمكنني أن أفهم أنها أسباب عاطفية، ستكون فكرة أننا كنّا الإمبراطورية البريطانية المسؤولة ويُمكننا إعادة أمجاد الإمبراطورية البريطانية مُجدّداً مع (اليابان) و(أُستراليا) و(نيوزلندا). أشكّ في وجهة نظر "آلان" الوردية المُتفائلة 

جورج غالاواي: لستُ من النوع المُتفائل. "شابير رازفي" هو خبير اقتصادي ومُحلّل سياسي وبالتالي بالطبع هو مثالي لهذا النقاش. أنت بريطاني بالطبع ولكنك في الأصل من مكانٍ آخر، كيف ترى هذا الانقسام الذي ظهر على ما أعتقد في مناقشة الأُستاذين الحاضرين؟

شابير رازفي: أنا بريطاني مع سُمرَة أفضل كما قد أقول. بالنسبة لي سواء أكانت (بريطانيا) في الاتحاد أم لا، هذا غير جوهري. أظن أن هناك أسباباً عاطفيّة أو غيرها دفعت الناس إلى التصويت. الذين صوّتوا للخروج والذين صوّتوا للبقاء كانوا يبحثون عن المزيد من الأرقام التي هي في أغلبها قضايا اقتصادية ولم يتمكّنوا من الترويج لهذا المفهوم، لذا لا أُريد أن أتطرّق إلى هذا الموضوع القديم كما قلت في افتتاحيّتك، الأمر تقرّر ولن يُناقِش أحد ذلك. ما يجب أن ننظر إليه هو النموذج الاقتصادي الليبرالي الجديد الذي يفشل تماماً سواء في (المملكة المتحدة) أو في (الاتحاد الأوروبي) أو في (الولايات المتّحدة)، أعتقد أنّه السؤال الأساسي الذي يجب أن نطرحه. في الآونة الأخيرة نُشِرَ مقال في صحيفة "الغارديان" بقلم "جورج مونبيو" الذي تعرِفونه جميعاً، هو خبير اقتصادي وكاتب وأشار بوضوح إلى أنّ (لندن) ربما هي العاصمة الأولى لتبييض الأموال ولدينا سُلطة تُشرِف على السلوك المالي وقوانين مُكافحة تبييض الأموال وغيرها، لكن إن كنت تحمل مبلغاً كبيراً من المال في حقيبتك تأتي إلى هنا ويُمكنك الحصول على تأشيرة رجل أعمال مع معاملة ذهبية في (المملكة المتّحدة) وكل أشكال التسهيلات الجاهزة لجَذْب الأثرياء. إن كان هذا هو الطريق الذي تسلكه (بريطانيا) من خلال اتّباع نهج (سنغافورة) كما ذكرت، تكمُن المُشكلة في أنّ هل التبايُنات التي أنشأناها بين الأغنياء والفقراء، وهذا ما ألمح إليه "رودني"، ستكون أكثر وضوحاً من خلال خروجنا أو بقائِنا في (الاتحاد الأوروبي)؟ كما قلت، النموذج النيو ليبرالي يفشل بالكامل سواء قام المصرف المركزي الأوروبي أو مصرف (إنكلترا) بالتيسير الكمّي على مدى السنوات العشر الماضية من دون جدوى، وبالتأكيد مبلغ المال الذي طُبِعَ في الأشهر الستّة الماضية، الأموال التي تمّ منحها للناس، ستؤدّي إلى مُشكلة بعد شهر أكتوبر/ تشرين الأول أو نوفمبر/ تشرين الثاني أو بعد الخروج. لذا هناك قضايا أكثر أهمية 

جورج غالاواي: ولكن لدينا الآن القوّة إن أردنا ذلك، ولا أعتقد أننا نُريد ذلك بسبب عدم وجود الأغلبية التي تريد ذلك، لكن إن أردنا التخلّي عن النموذج النيو ليبرالي لدينا الآن القوّة كدولةٍ مُستقلّة للقيام بذلك بينما في وجودنا داخل الاتحاد الأوروبي نفتقد تلك القُدرة. في الواقع، من المطلوب دستورياً داخل (الاتحاد الأوروبي) متابعة تطبيق الاقتصاد النيو ليبرالي 

شابير رازفي: ولكننا بدأنا ذلك قبل أربعين عاماً مع "مارغريت تاتشر" في (المملكة المتّحدة)، أي النموذج الليبرالي الكامل الجديد 

جورج غالاواي: ولكن إن جعلتني رئيساً للوزراء سنتخلّى عنه

شابير رازفي: قد أودّ القيام بذلك 

جورج غالاواي: وستكون لي القدرة على القيام بذلك

شابير رازفي: نعم، ولكن في الواقع مدينة (لندن) كما قلت، الأموال التي تصل إلى (لندن) هي أموال فاسدة. نتحدّث عن الفساد وأنت تعرِف القائِمة التي تُنشَر كلّ عام عن الأُمم الفاسدة. أجل، (أفريقيا) والبلدان الآسيوية و(الهند) تُعتبر فاسدة لكن الفساد في (المملكة المتّحدة) متجذِّر فعلاً، فقط سأًعطيك مثالاً عمّا كان يحدُث خلال أزمة "كورونا". عقود بمليارات الجنيهات

جورج غالاواي: بل مئات المليارات 

شابير رازفي: أُعطيت لأصدقاء حزب المُحافظين من دون تبرير ومن دون أيّ شفافية لذلك 

جورج غالاواي: مُناقصات مُنخفِضة 

شابير رازفي: نعم مُناقصات مُنخفِضة. إن كان هذا المسار الذي نسلكه من خلال وجود أغلبية من ثمانين عضواً في البرلمان، تخيّل فقط لو كانت هناك أغلبية من 120 

جورج غالاواي: وأسوأ من ذلك هو أنّ العقود لم تنجح حتى. نحن مُحاطون بخبراء اقتصاديين، لننتقل إلى (تايلاند) ونتحدّث إلى الخبير الاقتصادي البروفيسور "ستيف كين"، هو أُسترالي لكنّه أُستاذ فخري في جامعة (لندن). بروفسور "ستيف"، هلّ (بريطانيا) قادرة على التعامُل مع وقع "كوفيد 19" ومُغادرة (الاتحاد الأوروبي) في الوقت نفسه؟ 

ستيف كين: مُحال، (بريطانيا) غير قادرة على التعامل مع المسألتين في رأيي. أنا شخصياً صوّتت للخروج من (الاتحاد الأوروبي) لأُظهِر مُعارضتي لهذا الاتحاد. من الواضح مع مرور الزمن أنني استخففت ككثيرين غيري في القدرة الإيرلندية، ونظراً إلى الوضع الفريد، الخروج من الاتحاد الأوروبي هو فكرة سيّئة حتّى لو كان (الاتحاد الأوروبي) أيضاً فكرة سيّئة وطريقة تعامله مع "كوفيد 19" كانت سيّئة جداً، وهذا أوجد أسباب مغادرتي البلاد 

جورج غالاواي: هل يُمكن لـ (بريطانيا) الحفاظ على سلامة الاتفاقية الإيرلندية، "اتفاقية الجمعة العظيمة"، وإبرام صفقة بحلول نهاية العام؟ 

ستيف كين: سيتطلّب ذلك مُستوىً كبيراً من النيّات الحسنة من الطرفين وهو أمر يفتقران إليه، فالأوروبيون لا يريدون أن يُغادر أحد (الاتّحاد الأوروبي)، لذا فعلوا ما في وسعهم لعرقلة البريطانيين، وكان البريطانيون مُتغطرسون تماماً من جانب آخر ولم يتمتّعوا بأيّة كفاءة. إذاً، لو قام اتفاق مثلاً ينصّ على أن كلّ البضائِع التي تصل إلى (بريطانيا) من (الاتحاد الأوروبي) تتم التجارة بها في شكلٍ مماثل مع (الاتحاد). أعني لطالما كان ذلك صعباً ولا أعرِف عدد الأشخاص من الذين يستمعون زاروا (إيرلندا) الشمالية إلى درجة أنهم صاروا يعرفون مدى هشاشة الوضع في ذاك المكان، الوضع مُخيف جداً وأية مُشكلة قد تُعرِّض هذا المكان للخطر مع عودة مُحتملة للمتاعب. على هذا الأساس، يتطلّب الأمر حكمة كبيرة بتجنُّب المتاعب، وقد كان لدينا غباء المُحافظين في مُعالجة الأمور، لذا حال الفوضى ستظلّ قائِمة في رأيي وأظنّ أنّه يُستحسن أن ننسى أمر (بريكست) مع البقاء في الاتحاد الأوروبي بالترتيبات الحالية ثمّ نحاول التعامل مع "كوفيد 19" قدر الإمكان الذي هو أهمّ تحدٍّ تواجهه (بريطانيا) في الوقت الحاضر

جورج غالاواي: هل يتعيّن على (بريطانيا) غضّ النظر أو حتى مجرّد تجاهُل اتفاقية الانسحاب إن كنّا سننسحب بحلول نهاية هذا العام؟ 

ستيف كين: يحتاج الأمر إلى بعض الاتفاقيات الشاملة لكنّه أيضاً يحتاج إلى منشآت ماديّة وهذا هو الأمر الصعب، إن كنت ستُصبِح وِحدة تجارية منفصلة يجب أن تكون لديك قواعِد تجارية منفصلة. اعتقدت أنّ ما سيحدُث هو اعتماد (بريطانيا) المعايير الأوروبية في البداية ثمّ تعمل ببطء على وضع معاييرها الخاصّة. لذا، كل ما تتم المواقفة عليه على أنه سلعة للتصدير من (الاتحاد الأوروبي) هو سلعة جيّدة للاستيراد إلى (المملكة المتحدة)، أي لا تعرِفة جمركية بين (الاتحاد الأوروبي) و(بريطانيا)، والأمر لا يقتصر على أن التعرفة الجمركية غير مهمة الآن مقارنةٍ بالمُستويات التي كانت عليها قبل ثلاثين عاماً. لكن لم يحدث أي من ذلك، لم تحصل أيّة استعدادات لتمكين فحص البضائِع في الطريق إلى (المملكة المتّحدة) ولم يحدث شيء للقول إنّ التفتيش الأوروبي يُعادل التفتيش البريطاني. لذا هذا يُظهِر غياب أيّة كفاءة ما جعلَ الأمور تسوء جداً. بالطبع لغياب الكفاءات الكامل وَقْع كبير طوال الطريق لأنّ المُحافظين عندما اختاروا الخروج من الاتّحاد الأوروبي ظنّوا أنهم سيخسرون 

جورج غالاواي: تأتي كمية كبيرة من عدم اليقين من تغيير كبير الاتجاه كهذا، لكن هل تظن أنّ تأثير "كوفيد 19" سيجعل مُعالجة الأمور أكثر صعوبة؟ 

ستيف كين: أعتقد ذلك. في البداية إحدى نقاط الضعف التي أظهرها "كوفيد 19" هي تراجع قطاع الصناعة في بلدان كثيرة. في الوقت الحالي تراجعت التجارة الدولية بسبب نقص الطلب ولكن لدينا أيضاً سلاسل الإمداد الطويلة التي تأثّرت في شكلٍ كبير. ومع هذا الاضطراب في سلسلة الإمداد تريد التصنيع المحلّي في أقصى إمكاناته ما يحول من دون أن تنقطع لدينا مُنتجات كالأقنعة وأجهزة التهوِئة ومولّدات الأوكسيجين، وهي أمور كانت (المملكة المتحدة) عاجزة عن تصنيعها حين ضربتها الجائِحة كما كانت عاجزة عن استيرادها لأنّ أيّ بلد يُصنِّعها كان يحتفظ بها لمواطنيه. إذاً، منذ أن حاولت "مارغريت تاتشر" تحويل (المملكة المتحدة) إلى اقتصاد خدمات تجاهلت المصانع ما أدّى إلى تراجع الصناعة. فقد تراجعت القُدرة الصناعية إلى النصف قبل ثلاثين سنة والآن يريدون مُضاعفة هذه القُدرة مُجدّداً. من السهل تدمير القدرة الصناعية ومن الصعب جداً إعادة بناء هذه القدرة

جورج غالاواي: بروفيسور "آلان"، لدينا هنا رجلٌ طالب بـ "بريكست" وندِم. لقد قدّم لنا عدداً من القضايا بالطبع لكن ربما السبب وراء هذه التوبة هو رؤية "بوريس جونسون" عن قُرب. أشخاص كثيرون في (بريطانيا) لا يثقون بأنه قادر على إدارة (بريطانيا) عبر "بريكست" ومُكافحة "كوفيد" في الوقت نفسه

آلان سكيد: لستُ عضواً في حزب المُحافظين ولم أكن كذلك يوماً ولن أقول أيّ شيء للدفاع عنه. ليس لدي ّ الكثير في شكلٍ خاص لأقوله حول طريقة الحكومة في مُعالجة "كوفيد" لكن من ناحية أُخرى مهما قلت حضرتك عن الحكومة فالنتيجة النهائية هي أننا لسنا في حال أسوأ مما هي عليه بلدان أُخرى في (أوروبا الغربية). في واقع الأمر نحن في وضعٍ أفضل مما عليه (فرنسا) و(إسبانيا) وكلفة هذا كلّه حسبما قرأت، وأنا لست من قرّاء صحيفة (الغارديان) إذ لا أُصدِّق أيّا مما أقرأه فيها ومن المؤكّد أنني لستُ اشتراكياً مثلك يا "جورج"  وأنا أؤمن بنموذج النيو ليبرالية وأذكر "مارغريت تاتشر" التي أكنّ لها الإعجاب، لكن ربما صحيفة "التلغراف" تستخدم إحصاءات مُختلفة فقد ورد فيها أنّ (بريطانيا) ستخرُج من هذا كلّه وستحتلّ ضمن مجموعة السبعة المرتبة الثانية من حيث أقلّ نسبة دين من إجمالي الناتج المحلّي. إذاً لا أعتقد أنّي أتّفق مع فكرة كون الأمور كلّها كارثية. هل يمكنني العودة أيضاً إلى الكلام الفارغ القائل إنّ (بريطانيا) ستخسر سمعتها بخرقها القانون الدولي؟ منظّمة التجارة الدولية تعمل طوال الوقت على مواجهة انتهاكات القانون الدولي وهذا سبب وجودها. اعترف المُستشار الألماني "هيلموت شميدت" أنّه في عام 1973 حين أصبح المارك الألماني عملة عائِمة خرقت (ألمانيا) حينها كل أنواع القوانين الدولية، واستخدم عبارة لاتينية هي "العقد شريعة المُتعاقدين"، لكنّه يواجه الآن عبارة لاتينية أُخرى مفادها " إن لم تعُد المُعاهدات ملائمة ليس عليك الالتزام بها" 

جورج غالاواي: ها هو الشعار البريطاني الجديد إذاً. ابقوا معنا لمشاهدة المزيد بعد الفاصل      

المحور الثاني

جورج غالاواي: أهلاً بكم مُجدّداً إلى برنامج "كلِمة حرّة" معي "جورج غالاواي" على قناة "الميادين" حيث نوافيكم به من (لندن) ونستعرِض فيه المُعضلتين اللتين ستواجهما (بريطانيا) خلال الأشهر القليلة المقبلة، مواجهة عودة فيروس "كورونا" لأنّ الأرقام بدأت تتضاعف مجدّداً كلّ أُسبوع ونجهل إن كنّا سنواجه نسبة الوفيّات نفسها ونسبة استشفاء مماثلة، لكن إضافة إلى النضال لاحتواء فيروس "كورونا" ستخرُج (بريطانيا) أخيراً من (الاتحاد الأوروبي) في نهاية هذا العام. لنستمع إلى مُداخلة "ديفيد هانيغ" من (لندن) وهو مدير مشروع التبادل التجاري في (المملكة المتحدة) والمركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي. في رأيك يا "ديفيد"، ما هو الوضع الحالي في ما يتعلّق بالتجارة؟ أيمكنك أن ترسم صورة لنا؟     

ديفيد هانيغ: في الواقع، كانت (المملكة المتحدة) و(الاتحاد الأوروبي) يحاولان التوصّل إلى اتفاقية تجارة في وقتٍ قياسي، عادةً لا نرى اتفاقيات تجارية تتم في غضون أشهُر بل تستغرق سنوات. في واقع الأمر لا نبدو قريبين من إبرام اتفاقية بين الطرفين، ومع نهاية العام ستغادر (المملكة المتّحدة) جمارك (الاتحاد الأوروبي) والمناطق التنظيمية، وإذا لم يتمّ التوصّل إلى اتفاق فستواجه التجارة عقبات كثيرة لاسيّما لمَن يعملون بين (المملكة المتحدة) و(الاتحاد الأوروبي)، تحديداً في مجال نقل البضائِع بينهما. الوضع سيكون مُختلفاً عن الوضع الحالي

جورج غالاواي: كخبير في التجارة الدوليّة ما هي وجهة نظرك بشأن تأثير "بريكست" على الاقتصاد البريطاني وربما على الصناعة في الأخصّ؟ 

ديفيد هانيغ: هذا الأمر سيُصيب التجارة من دون شكّ. سنجد عقبات إضافية على طريقنا لاسيّما في التجارة بين البلدان التي ستتأثر، وسأُقدِّم مثلاً عن صناعة السيارات. هناك شركات كبيرة لتصنيع السيارات قي (المملكة المتحدة) لاسيما "نيسان" و"تويوتا" و"جاغوار" و"لاند روفر" وبعض هذه الشركات يقول: "هذا لن يكون اقتصادياً بالنسبة لنا حتى نُصنِّع السيارات في (المملكة المتحدة) بسبب وجود تباينات بين المملكة وبين (الاتحاد الأوروبي)". لديك الآن اندماج مُتكامل بين (المملكة المتّحدة) و(الاتحاد الأوروبي) ولا توجد على الأرجح عقبات بينهما في التجارة، فالبضائِع تصِل وتُرسَل طوال الوقت من دون أيّ تفتيش، وفجأة تفرِض القيود والتعرِفة والوثائِق وهذا يُعيق أعمال بعض الأشخاص مُقارنة بما هي عليه الآن. لا شكّ في أنّ ذلك سيترُك تأثيراً اقتصادياً 

جورج غالاواي: كيف يُمكننا التوصُّل إلى اتفاقٍ اقتصادي مع (الاتحاد الأوروبي) في طريقة تتناسب والتزاماتنا الدولية لاسيّما مع (إيرلندا) ومسائِل أُخرى؟ 

ديفيد هانيغ: تقوم المُعاهدات الدولية دوماً على بعض الغموض وهي لا تضع أمامك كل ما يحصل. إن نظرنا إلى اتفاقيّة "الجمعة العظيمة" بيننا وبين (إيرلندا) قد نتفاجأ لأنّ المعلومات قليلة جداً. الاتفاقيّة تنصّ على بعض المبادئ من دون الدخول في التفاصيل، هناك حتى اتفاقيات تجارية تتكوّن من ألف صفحة لكن هذه الصفحات ليست كُتيّبَ إرشادات في شأن كيفية ممارسة التجارة بين البلدين بل هي مُجرّد قواعِد عامّة عن التجارة. في النهاية، بين تلك القواعِد العامة لمُختلف الاتفاقيات ستجد قواعد ثابتة يمكن الوثوق بها لذا ما من مشكلة فعلاً فيها فهي مفهومة جيداً بين البلدين. جزء مما يحدث هنا هو أنّ (المملكة المتّحدة) ليست مُعتادة على ذلك. لديك في (المملكة المتحدة) مَن يقول إنّ هذه القواعد لا تفعل هذا وتفعل ذاك لكن أقول كلا، يتم إبرام المُعاهدات ومن ثمّ نعمل لنجد لها مكاناً للتطبيق ونتأكّد من قيامنا بتطبيقها بذكاء، وأعتقد أنّ (المملكة المتحدة) ليست مُعتادة على هذا الأمر. ما زلنا حديثي العهد في لعبة الاتفاقات التجارية، وهي لعبة دولية، وقد تغيّرت هذه اللعبة كثيراً منذ عام 1973 عندما انضممنا إلى (الاتحاد الأوروبي) وعلينا أن نعتاد عليها مُجدّداً

جورج غالاواي: توصّلَ رئيس الوزراء إلى صياغة مفادها أنّ أيّ خرق للقانون الدولي في ما يخصّ خروجنا من (الاتحاد الأوروبي) سيكون معيناً ومقيداً بحدود الوقت. إنها صياغة عبقرية في مواجهة الأمر 

ديفيد هانيغ: بسبب الإحباط على الأرجح في رأيي. أعتقد في الغالب أنّ (الاتحاد الأوروبي) هو كتلة مُزعِجة للغاية من حيث التفاوض. كنت أُفاوض إلى جانب (الاتحاد الأوروبي) خلال المفاوضات مع (الولايات المتحدة) وكنت أتلقّى مكالمات هاتفية أُسبوعياً تقريباً من مُفاوضين أميركيين رفيعي المُستوى لأطلب من (الاتّحاد الأوروبي) الكفّ عن إزعاجهم وهو أمر كنت أعجز عن القيام به، وهذا ما أعتقد أنّه يحدُث. أي أنّ نهج قواعد (الاتحاد الأوروبي) وعدم مرونتها قد أزعجا "بوريس جونسون" كثيراً وهو المعروف بعدم رغبته في اتّباع القواعِد، وهذا ما جعله مُحْبطاً جداً 

جورج غالاواي: هل يُمكننا مغادرة (أوروبا) والامتثال لالتزاماتنا الدولية؟ 

ديفيد هانيغ: يُمكننا أن نكون دولة مُستقلّة ويُمكننا توقيع المُعاهدات وبعضها سيكون له ربما بعض التأثيرات على الطريقة التي نعمل بها. لكن بالطبع يُمكن لـ (المملكة المتحدة) أن تكون مُستقلّة بنجاح فهي لا تزال دولة ذات أهمية كافية حتى ولومن دون المكانة التي تمتّعنا بها في القرن التاسع عشر. نعم، يُمكن لـ (المملكة المتحدة) أن تكون ناجحة خارِج (الاتحاد الأوروبي) ولكنها لن تكون ناجحة إذا سمحنا لـ (الاتحاد الأوروبي) بإزعاجنا وإن لم نتجاوز مغادرتنا لـ (الاتحاد الأوروبي) وإنْ قمنا بأمور سخيفة مثل تهديد سيادة القانون الدولي. يُمكننا مغادرة (الاتحاد الأوروبي) في طريقة جيّدة لكننا في الوقت الحالي لا نفعل ذلك في طريقة جيّدة 

جورج غالاواي: بروفيسور "شكسبير"، أوَليس هذا كلّه صراع شكلي خاصةً بعد فيروس "كورونا"؟ ليس من مصلحة اقتصادات (الاتحاد الأوروبي) أن يكون هناك انفصال كامل مع البريطانيين، بالتأكيد يجري الضغط من أجل إبرام صفقة تجارة حرّة قبل نهاية العام. ما مدى صعوبة ذلك في الوقت المُتبقّي قبل الانفصال؟

رودني شكسبير: أنت مُحقّ تماماً. هناك نسبة تتراوح بين 45 و50 في المئة من الصادرات والواردات بيننا، وهم جيراننا الأقرب وبيننا شركات فردية وعلاقات بين الشعوب. كنت أظنّ أنّ الأمر سيولِّد بعض الضغط للحصول على الصفقة لكن المُشكلة هي: هل هذه الحكومة تريد هذا الأمر فعلاً؟ يبدو لي إننا في طريق أن نخرج بمفردنا إلى العالم حيث يُمكننا أن نبدأ علاقاتنا مع بقيّة الدول في العالم ويُمكننا أن نخرق المُعاهدات والعيش في نوعٍ من عالم خيال. لذا نعم، قد يتمّ التوصّل إلى صفقة لكن هذه الحكومة حاولت في شكلٍ فعّال نسفها لأنها تعيش في عالم خيال   

جورج غالاواي: "شابير"، حُكم (بريطانيا) و(الاتحاد الأوروبي) معاً في الشؤون الدولية، كيف تتصوّر ذلك؟ بالنسبة لي، وأنا أختلف في الرأي مع "آلان" في هذا، أرى أنّ هناك إمكانية لدى (بريطانيا) في أن تلعب دوراً مستقلاً فعلياً، كصانعة سلام، كمركز للدبلوماسية، كمركز لمهنة الحُكم، ما يؤدّي إلى انعدام أيّة عداوة مع أحد ونزعة إلى الصداقة مع الجميع. أوَليس هذا هو النوع من البلدان الذي يرغب معظم الناس، وخصوصاً الشباب منهم، في رؤيته يتحقّق نتيجةً لمغادرتنا الاتّحاد؟ 

شابير رازفي: أريد أن أقول بدايةً إنّ " دزرائيلي" أوضح ما يجب أن تكون عليه السياسة الخارجية البريطانية حين قال: ليس لدينا أصدقاء دائِمون" 

آلان سكيد: هذا كان "بارميستون" 

شابير رازفي: بالفعل، أعتذر

جورج غالاواي: لكنّه اقتباس عظيم، تابع

شابير رازفي: إذ قال: "ليس لدينا أصدقاء دائِمون بل لدينا مصالِح دائِمة". لذا، إن انطلقنا من هذا النهج غير الأخلاقي أو حتى عديم الأخلاق في شأن العلاقات الدولية، وهو اهتمامنا فقط بمصالِحنا، حينها نعم ستبلي (بريطانيا) بلاءً حسناً. لكن إن كنّا نتمتّع بذرّة أخلاق، ربما يتعيّن علينا تقييم الجهات التي نتعامل معها تاريخياً. لتوضيح الارتباط الذي أقامته (بريطانيا) أو حتى القوّة التي ربما استمدّتها نفعاً من (الاتحاد الأوروبي) نجد أنها كانت المعاهدة مع (إيران) أو المعاهدة النووية التي تضمّنت (بريطانيا) و(ألمانيا) و(فرنسا) إضافةً إلى (روسيا) و(الصين) و(الولايات المتحدة). (الولايات المتحدة) انسحبت من المعاهدة ولا تزال (بريطانيا) مُستمرّة في دعم هذه المُعاهدة الخاصّة. إنْ خرجت (بريطانيا) وصارت مُستقلّة بالكامل هل ستتبع (واشنطن) أيضاً قائِلة أنها لا تريد أن تكون جزءاً من هذه المعاهدة؟ إذاً هذا جانب من جوانب العلاقات الدوليّة، فيما إذا سيستمر تأثير (بريطانيا) قائِماً 

جورج غالاواي: هل تقول إنّ (بريطانيا) ستتحوّل إلى تابعٍ لـ (الولايات المتحدة)؟ لأنك إن كنت تقول ذلك سأقول لك كلمة واحدة فقط هي (العراق)، سأقول "توني بلير" و "جورج بوش". لماذا قد يعني خروج (بريطانيا) من الاتحاد الأوروبي تلقائياً إنّها ستكون أكثر خضوعاً لـ (الولايات المتحدة)؟ 

شابير رازفي: كلا، أوافقك الرأي ولهذا بدأت مُداخلتي الأولى بهذه الطريقة. داخل أو خارِج (الاتحاد الأوروبي) وسواء على المُستوى الاقتصادي أم على مُستوى العلاقات السياسية والدولية، يُمكن لـ (بريطانيا) أن تكون مُراوِغة كما كانت في السابق. وتعليقاً على ما ذكره البروفيسور عن المقال في صحيفة "التلغراف"، أنا متأكِّد من أنّك تذكُر "دايف آلِن" الممثل الإيرلندي العظيم الذي قال: أولئِك الذين يقرأون الـ "ديلي تلغراف" ربما يريدون أن تُحكَم (بريطانيا) كما كانت تُحكَم في القرن التاسع عشر ونحن لا نعيش في القرن التاسع عشر 

آلان سكيد: لا أحد يريد العودة إلى القرن التاسع عشر

شابير رازفي: نحن في القرن الحادي والعشرين وهناك قوى مُختلفة. (الصين) اليوم هي قوّة عُظمى لاسيّما اقتصادياً ويُمكن أن تكون قوّة عسكرية، (روسيا) ترسُم طريقها الخاص، (إيران) قوّة مُهمّة لاسيّما في داخل الشرق الأوسط، وإن أرادت (بريطانيا) أن تكون في موقع قوّة، أجل لديها بلدان داعِمة في الشرق الأوسط 

آلان سكيد: هناك دعم (المملكة العربية السعودية) أليس كذلك؟ 

شابير رازفي: ممالِك تدعم (بريطانيا)، ولكن في غرب (آسيا)، إن كانت (بريطانيا) تريد حقّاً أيّ نفوذٍ لها يجب أن تكون لها علاقة جيّدة مع (إيران). لكن هل لديهم الرغبة في فعل ذلك من دون إملاءات (واشنطن)؟ 

جورج غالاواي: لنستمع إلى مُداخلة فيلسوف، لأننا ننجرف إلى المجال الفلسفي. "جون ماكون"، هو مؤلِّف "المنهج الفلسفي" ويدير حالياً مشروع "الفلسفة لأجل المُستقبل". أشكرك يا "جون" لانضمامك إلينا، انه سؤال فلسفي وهو ضمن نطاقك. هل تعتزم (بريطانيا) المُضيّ قُدماً في هذا الانفصال بحلول نهاية العام؟

جون ماكون: أشُكّ في أن يجدوا الوقت للتفاوض مع (بريطانيا)، وأبسط أمر يُمكن القيام به هو تمديد الوضع الراهن. هذا على الأرجح أمرٌ يُمكن القيام به من دون الكثير من المُفاوضات فيما أيّ حلٍّ بديل سيستغرِق وقتاً طويلاً في المُفاوضات وسيستهلك الوقت ولا أعتقد أنّ (الاتّحاد الأوروبي) يريد إضاعة الوقت في ذلك ولا أعتقد أن (بريطانيا) تريد إضاعة الوقت في ذلك. في الوقت الحالي نحن ننخرِط في مجال الموازنة ما بين الاقتصاد مع إبقاء الفيروس تحت السيطرة، وأبسط حلّ هو في تمديد الوضع الراهن، أيّ حلٍ آخر هو أكثر تعقيداً بكثير ولا يتعيّن على أحد أن يتعامل مع هذا الوضع، لا يتمتّع أحد بالوقت أو الطاقة لمُعالجة ذلك لأنّ جميع السياسيين في العالم مُنشغلون في مواجهة "كوفيد" 

جورج غالاواي: ما سيكون التأثير النفسي على (بريطانيا) عند ترك (الاتّحاد الأوروبي) من دون اتّفاقية؟ 

جون ماكون: عانت (بريطانيا) مؤخراً من أسوأ انهيار لـ "الناتج الإجمالي المحلّي" منذ أكثر من قرن نتيجةً لـ "كوفيد"، وإن غادرنا (الاتّحاد الأوروبي) أتصوّر أنّ "الناتج الإجمالي المحلّي" سيتراجع أكثر مما هو عليه الآن، إذاً الوضع كأننا نضع الملح على الجرح. الأمر الآخر هو أنّ على (بريطانيا) التفاوض كي تصل إلى اتفاقيات أُخرى مع بلدان أُخرى كثيرة، وهذه البلدان الآن لا تمتلك الوقت لأنّ السياسيين كلّهم يواجهون "كوفيد" أيضاً مثل (الولايات المتحدة) التي هي على حافة حربٍ أهلية. أعتقد إننا صنعنا عداوة مع (الصين) وهناك جدل كبير حول "هواوي" وفيروس "كورونا" وغيرهما، لذلك لا وجود لقوى عُظمى أُخرى نتعامل معها على الساحة الدولية. إذاً، كلّ بلد في العالم يواجه الآن جائِحة "كورونا" والوقت ليس مناسباً الآن للتفاوض في شأن اتفاقيات تجارية مع أحد في الحقيقة. يُستحسن الحفاظ على الوضع الراهن ومُعالجة الجائِحة 

جورج غالاواي: استغرِق الأمر وقتاً طويلاً جداً، أربع سنوات من عدم اليقين والاضطرابات السياسية وحتى الاصطياد في الماء العكِر، لكننا كدنا نصل الآن. أين ترى مُستقبل (بريطانيا) بعد خروجها من (الاتّحاد الأوروبي)؟ 

جون ماكون: تتكوّن الأنظمة السياسية من الناس، ولا يمتلك الناس الكثير من الوقت والطاقة، لذا لا أعتقد أنّ النظام السياسي لديه الوقت أو الطاقة للتعامل مع خروج (بريطانيا) حالياً. لكن الخبر السار هو أنني لا أعتقد أنّ (الاتحاد الأوروبي) لديه الوقت للتعامل مع (بريكست) أيضاً 

جورج غالاواي: "آلان"، هذه هي القناة الأخيرة الداعِمة لحجج عدم الخروج من (الاتحاد الأوروبي) أليس كذلك؟ الأمل الأخير للفئة المتبقية في (بريطانيا (هو تأجيل العقبة الأخيرة وإبعادها قَدْر المُستطاع إلى أن يطرأ أمر ما لإنقاذ الوضع. في غضّ النظر عن ذلك، ما رأيك في شأن الموضوع الذي أثاره الفيلسوف؟ وهو أنّ اقتصادنا قد تراجع بالفعل بنسبة عشرين في المئة وهذا التراجع في الواقع لا يقتصر على القرن الذي ذكره بل هو أدنى تراجع على الإطلاق بحيث فقدنا فيه أكبر حصّة على الإطلاق من "الناتج الإجمالي المحلّي"، إن أضفت الإخفاق في الاتفاق على معالجة تجارية مع (الاتّحاد الأوروبي)، أليس في ذلك مُجازفة؟

آلان سكيد: لا، لأنّ الأمر يتطلّب طرفين. ووفقاً لما أراه (الاتّحاد الأوروبي) عازِم على إبرام اتفاق فقط إن كنّا سنتصرّف كدولة عضو في الاتّحاد وهذا أمر لن يحدُث. إنّه يتحدّث عن أمورٍ عفا عليها الزمن، أعني لقد سبق أن قرّرنا أننا سنُغادر في نهاية هذا العام ولا يُمكن تغيير ذلك ولن يتمّ تغييره و(الاتحاد) لا يفهم إننا أبرمنا بالفعل صفقة تجارية مع (اليابان). في ما يتعلّق بالتراجع الكبير في "الناتج الإجمالي المحلّي" GDP، أجل، الجميع في (أوروبا) الغربية عانوا من تراجع في "الناتج الإجمالي المحلّي" مع بعض التفاوت. عانت (فرنسا) وعانت (إسبانيا) مثلنا تقريباً لكننا نهضنا مُجدّداً. تراجَع الناتج الإجمالي في الربع الثاني ثمّ تحسّن في الربع الثالث ونتوقّع أن يتحسّن في الربع الرابع. إذاً هذا التراجع بنسبة عشرين في المئة أو 13 في المئة وفقاً للبعض في "الناتج الإجمالي المحلّي" سنتجاوزه على الأرجح في نهاية العام 

جورج غالاواي: تفاؤل هنا، ماذا عنك أيها البروفيسور؟

رودني شكسبير: أجل، ينبغي الحفاظ على التفاؤل. لكن وجهة نظري الخاصة هي أنّ النموذج النيو ليبرالي سيجري تنفيذه. أعتقد أنّ الأمر يعتمد على رؤية المرء على المدى الطويل لطبيعة المسؤول السياسي. نعم، أستطيع أن أرى أنّ "جونسون" يُحاول إحداث تغيير لكن أُنظُر إلى الأعضاء في حزبه الذين في غالبيّتهم مُتشدّدون ويتّجهون نحو النمط السنغافوري كما أشرت سابقاُ 

جورج غالاواي: أخبرنا كيف سيكون الأمر حينها؟ 

رودني شكسبير: هذا ليس نموذجاً للمُستقبل، وكلمة واحدة سريعة: عندما تكلّمت عن مُستقبل مُحتَمل نقود فيه السلام، أرجوك تذكّر بأننا ندعم تورُّط (المملكة العربية السعودية) في إبادة جماعية في (اليمن) حالياً 

جورج غالاواي: بالتأكيد، أعرِف ذلك 

رودني شكسبير: إذاً لا أُريد أن أعلم في شأن كون هذه البلاد قائدة للسلام

جورج غالاواي: لكن إن انتخبنا حكومة مُلتزمة بذلك يُمكننا أن ننجح 

رودني شكسبير: حسناً، هذه هي النُقطة الأُخرى التي أتّفق فيها معك، بمُجرّد خروجنا من الاتحاد هناك فرصة للعمل في طريقة مُختلفة 

جورج غالاواي: أُريدك أن تصف نهج (سنغافورة) على الـ "تايمز"، وهو النهر العظيم الجاري في قلب (لندن). كيف سيكون الأمر وما السوء فيه؟ 

رودني شكسبير: إليك الأمر. إن نظرنا إلى هوية "السترات الصفر" في (فرنسا) نجد أنهم يُشكلون حوالى 25 في المئة من العمّال غير المُثبّتين. هؤلاء هم الأشخاص غير الآمنين الذين لديهم وظائِف مؤقتة في اقتصاد مزعزع، وظاهرة "السترات الصفر" آخذة في الارتفاع في جميع الاقتصادات بسبب التحوّل التكنولوجي في شكلٍ أساسي المُتمثّل في أجهِزة الكومبيوتر والتكنولوجيا والآلات والمزيد من الإنتاج الآلي، وهذا التحوّل يغيِّر طبيعة السياسات. تلك المخاوف من فقدان الثروة الحقيقة والمكانة الاجتماعية كان وراءها نجاح "ترامب" في (الولايات المتحدة) وكان وراءها خروج (بريطانيا) من (الاتحاد الأوروبي) وكان وراءها "السترات الصفر"، هذه الأمور جارية الآن، ولا أعتقد أنّ الحكومة الحاليّة لديها أية دراية أو فَهْم لهذا الأمر، وهذه وجهة نظري، هم يفترضون فقط إننا سنخرُج وسيكون لدينا نموذج مثالي وفي الوقت نفسه سنُعالِج كل تلك التغييرات، لكن هذه التغييرات مستمرة وتحت هذه التغييرات هناك الدَين العام. نحن على وشك الانهيار الاقتصادي الكبير، وعندما يحدُث ذلك لن نكون في حالٍ أفضل

جورج غالاواي: "شابير"، دعنا نقوم بجولة أخيرة من التوقّعات. اسمح لي أن أفترض أنّ (بريطانيا) ستخرج من (الاتحاد الأوروبي) من دون صفقة في نهاية العام، وأنّ جائِحة "كوفيد" ستستمرّ وستُثير القلق لكنّها لن تُدمِّر الشعوب كما فعلت الموجة الأولى منها. حاول أن تتنبّأ بما سيحدُث بدءاً من الأول من يناير/ كانون الثاني

شابير رازفي: هذا سؤال صعب وأتمنّى لو كانت لديّ كرة بلّورية، إن صحّ ذلك يمكنني جني الكثير من المال للتنبّؤ بما قد يحدث! لذا سأفترِض بدل أن أتنبّأ. أعتقد أنّ الوضع أكثر دراماتيكية مما كان يتحدّث عنه "رودني"، وهناك واقع لم نتطرّق إليه حالياً وهو الشيخوخة السكّانية في (أوروبا) الغربية، في (المملكة المتحدة)، وفي (الاتحاد الأوروبي) على السواء. في (المملكة المتحدة)، الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً يبلغ عددهم 10.4 ملايين في هذه اللحظة، ومن المتوقعّ أنّه كي يعمل الاقتصاد بكفاءة ويكون قادراً على توفير عدد كافٍ من الأشخاص الأصحّاء للعمل ودفع الضرائب نحتاج إلى أربعة ملايين مُهاجِر على الأقل لدخول (المملكة المتحدة) بينما يحتاج (الاتحاد الأوروبي) إلى أربعين مليون مُهاجِر جديد؛ من أين سيأتي هؤلاء المهاجرون؟ 

جورج غالاواي: لا يبدو أننا نُعاني من نقص منهم

شابير رازفي: بالفعل، لكن بسبب المُقاربات القومية المُتّبعة والقائِمة كما تعلم، كل هؤلاء الأشخاص من ذوي البشرة السمراء القادمين من الشرق الأوسط أو البولنديون الذين كانوا يعملون قبل "بريكست" في (الاتحاد الأوروبي). لذا، الحقيقة هي، بغضّ النظر عن اقتصاد الوظائِف المؤقتة والعوامل الأُخرى والتكنولوجيا التي ستولِّد عبئاً كبيراً، ما فعلته جائِحة "كوفيد" هو تسريع حركة الاعتماد على التكنولوجيا. كما تعلم، يعمل الآن كثيرون من المنزل سواء في قطاعات الخدمات المالية أو في مهنة المُحاماة أو مهنة المُحاسبة وغيرها. كان هذا ليحدُث في السنوات الخمس المقبلة لكنه بدأ في وتيرة أسرع، الجائِحة بدأته في وتيرة أسرع. إذاً، كيف سيؤثر ذلك على الاقتصاد ورفاهيّة الأُمّة؟ أعتقد أنّ العامل الرئيس هو نسبة الشيخوخة لدى السكّان. ربما جائِحة "كورونا" قد تتخلّص من بعض المُسنّين لأنها تميل للتأثير على أشخاص أمثالي الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً أكثر من غيرهم من الأشخاص، إذا هذا قد يُساعِد خزانة الدولة إن كان هناك عدد أقلّ من المُسنّين. لكن الحقيقة هي أننا لم نُفكِّر في مخرجٍ فعليّ لكيفية توفير طريقة لتأمين المزيد من الضرائب حتى نتمكّن من الحصول على مزايا الرعاية الصحية والبنية التحتية والتعليم. هذا هو اللغز الذي أتوقّعه، وفي يناير/ كانون الثاني من العام 2022 سيكون علينا مواجهة هذه الأمور في طريقة كبيرة 

جورج غالاواي: بالطبع، هذه مُجرّد افتراضات وجميعنا تجاوز الـ 65 عاماً وأظن أنك أنت يا "آلان" الشخص الوحيد الذي قد لا يكون كذلك. تلك هي الحال سواء كنّا في (الاتحاد الأوروبي) أم لا بالطبع، ولن يحلّ السمكريون البولنديون مُشكلة المُهاجرين الذين يبلغ عددهم 40 مليوناً في (أوروبا). نحن لسنا ضدّ المُهاجرين ولكننا نريد فقط هجرة مناسبة، نريد أن نختار مَن يأتي إلى بلدنا بدلاً من الذين يصلون عبر القناة في زورق مطّاطي. إطرح فرضيتك إن كنّا سنغادر من دون اتفاق وأن فيروس "كورونا" سيّئ لكنه ليس مُدمّراً كما كان يُخشى في موجته الأولى

آلان سكيد: لا أظن إننا سنرى موجة مدمّرة لـ "كوفيد" كما في الموجة الأولى. في ما يتعلّق بالمُغادرة من دون اتفاق، فلا فرق في رأيي لأنّه بعد تنفيذ معظم التجارة العالمية كما سبق وأشرت من دون أيّة صفقات تجارية حرة سنجري التعامل تجارياً وفقاً لشروط منظمة التجارة العالمية. (أميركا) و(الصين) تتعاملان مع (الاتحاد الأوروبي) وفقاً لشروط منظمة التجارة العالمية وثمانون في المئة من الحركة التجارية العالمية تتم وفقاً لشروط منظمة التجارة العالمية. كما أن أهم شركاتنا اليوم في (بريطانيا) التي تتعامل تجارياً مع بقية العالم وليس فقط مع الاتحاد الأوروبي تتبع شروط منظمة التجارة العالمية، لذا لا أهمية للتعرفة فهي غير مهمة حالياً من حيث الحجم. من المُحتمل أن تنخفض قيمة الجنيه الإسترليني ما سيعوِّض عن أيّة زيادة في الرسوم الجمركية. الأمر الذي قد يكون مهماً قد يكون القوانين الخاصة بالحواجز غير الجمركية التي تمّ إعدادها عَمْداً من قِبَل (الاتحاد الأوروبي) 

جورج غالاواي: في شأن المعايير كمعايير المواد الغذائية والأمان 

آلان سكيد: أجل، لكن ربما سنجلس معهم للتفاوض حتى بعد العام المقبل. لا يزال هناك احتمال نصفي للتوصّل إلى اتفاق لكن على أية حال هذه ليست نهاية العالم، وهذا ما يفعله مُعظم الناس من حول العالم عندما يتعاملون تجارياً لأنهم يستندون إلى شروط منظمة التجارة الدولية كما ذكرت حضرتك من دون اتفاق في شأن التجارة الحرّة وهذا أمر طبيعي. الجمارِك ليست مرتفعة إذ تتراوح ما بين 2 و3 في المئة، والتراجُع في قيمة الجنيه ربما سيعوِّض ذلك، لذا لا أرى إنّ الأمر سيؤدّي إلى أيّة مُشكلة كبيرة 

جورج غالاواي: بروفيسور "شكسبير"، المُداخلة الأخيرة لك. عدم الشعور بأيّ خوف لهو أمر، لكن عدم المُبالاة لهو أمر مُختلِف، هل زميلك الأكاديمي كان مُقنعاً؟ هل تعتقد إننا سنواجه تأثيراً مروّعاً في نهاية العام؟ 

رودني شكسبير: ليس في نهاية العام بالتحديد. أنا لا أرى المشهد الاقتصادي العالمي الأكبر ولا أعتقد أنّ هناك حلاً. لكن سريعاً، معايير المُستهلِك والمعايير البيئية ومعايير التوظيف هي واحدة من القضايا وأعتقد أنّ هناك قوى داخل حزب المُحافظين يجب خفض عددها لنتمكّن من المنافسة وهذا جوابي على سؤالك السابق. هذا أحد جوانب نهج "(سنغافورة) على ضفاف الـ (تايمز)". أعتقد أنّ (الاتحاد الأوروبي) يُحاول إخضاعنا للمعايير الحالية وأعتقد أنني على صواب في قولي إنّنا نحاول الانفصال عنه 

جورج غالاواي: لكن لـ (بريطانيا) معايير أعلى من معايير (الاتحاد الأوروبي)، معايير الأمومة مثلاً. كانت هذه المعايير قائِمة قبل انضمامنا إلى (الاتحاد الأوروبي). لا يُمكنني التفكير في أيّ شيء إلا ربما في موضوع البيئة، لا يُمكنني التفكير في أيّ شيء قدّمه لنا (الاتحاد الأوروبي) ولم نكن نمتلكه أو ما كنّا لنحصل عليه لو بقينا خارِج (الاتحاد الأوروبي)

رودني شكسبير: لن أناقشك في هذا الموضوع وقد أقول إنّك مُحقّ في ذلك لكنّي أعلم أنّ هذه إحدى المُشكلات 

جورج غالاواي: إذاً سنعرِف قريباً لكن ليس بالضرورة في نهاية العام، قد يستغرق الأمر وقتاً أطول كما تقول ولن يكون هناك تغيير كبير في نهاية العام 

رودني شكسبير: كلا 

جورج غالاواي: لكن على المدى المتوسّط سيحصل الانهيار الاقتصادي 

رودني شكسبير: ليس في نهاية العام، لا 

آلان سكيد: اقتصاد (أوكسفورد) يقول إنّنا إن خرجنا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاقية سينهار الناتج الإجمالي المحلّي على مدى عشر سنوات بنسبة 3.9 في المئة وهذا ليس 0.3 في المئة سنوياً، والأشخاص الداعمين للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي يتكلّمون عن أنه خلال عقدٍ من الزمن قد لا يكون تأثير الانفصال 0.3 في المئة وهذه نظرة تشاؤمية 

جورج غالاواي: هذا هو الثمن الذي أنا مستعد لدفعه لأجل السيطرة الديمقراطية على بلادنا، لكن لن نتوافق جميعنا على هذا الموضوع الذي سيستمر من دون توقّف. شكراً على انضمامكم إلينا، كنت معكم أنا "جورج غالاواي" في برنامج "كلمة حرة" عبر قناة "الميادين"             

 

 

 

 

برامج أخرى

12 حزيران 2012

تصفح المزيد