11-05-2013
ضيوف الحلقة: محمد فايز فرحات - رئيس وحدة الدراسات الآسيوية في مركز الإهرام، عباس اسماعيل - مدير قسم الشؤون الإسرائيلية في الميادين، جمال عمرو - خبير في شؤون القدس
نص الحلقة
لانـا مدوّر: بدأت حرارة الإجراءات التقشفيّة ترتفِع والنقمة على الحكومة تزيد في وقتٍ يذهب فيه "بنيامين نتنياهو" إلى (الصين) ليقوّي تعاون (إسرائيل) الاقتصادي معها وساعياً إلى تغيير موقفها من (إيران) و(سوريا). ووسط هذا، المقدسيون في مواجهةٍ مع الذكرى والتاريخ. هذه عناوين حلقة هذه الليلة من "خلف الجدار" ندعوكم لمُتابعاتنا أمّا البداية فستكون مع بانوراما أخبار إسرائيلية سريعة
مقدمة المحور الداخلي
- في الوقت الذي كانت فيه الوزيرة "تسيبي ليفني" تبحثُ مع وزير الخارجية الأميركي "جون كيري" في كيفية التقدُّم في المُفاوضات مع الفلسطينيين وافقت الحكومة على بناء 296 وحدة سكنية جديدة في مُستوطنة (بيت إيل). الموافقة على الخطّة جرت بفضل وزير الأمن "موشيه يعالون" حيثُ من المتوقّع أن تكون هذه الموافقة بدايةً لموجةٍ جديدة من أُذونات البناء في مستوطنات الضفة الغربية
- صرّحَ وزير الأمن الإسرائيلي "موشيه يعالون" خلال جولةٍ له في قيادة المنطقة الجنوبية بأنّ (إسرائيل) لن تتدخّل في الحرب الأهلية في (سوريا) لكنّها حدّدت خطوطاً حمراء لن تسمح بموجبها بنقل الأسلِحة إلى المنظمات الإرهابية أو بخرق السيادة الإسرائيلية على طول الحدود
- على خلفية دعوة البرلمان الأُردني إلى طرد السفير الإسرائيلي من المملكة أعلَن الرئيس الإسرائيلي "شيمون بيريز" أنّ السلام مع (الأُردن) ثمينٌ بالنسبة إلى (إسرائيل) التي ستحترِم كلّ الأماكن المقدّسة لكلّ الأديان وسوف تقوم بكلّ شيءٍ من أجل المُحافظة على أمنها كما جرى الاتفاق على ذلك في اتفاق السلام بين البلدين
- نشر تقرير مُراقب الدولة سلسلة فجواتٍ في (إسرائيل) وتحدّث عن التلوّث في مُستشفياتها والعيوب في التعامل مع الأطفال الأجانب القاطنين فيها بالإضافة إلى إهمال المناطق البعيدة عن وسط (إسرائيل) بما فيها المناطق التي يقطن فيها السكّان العرب
- نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مُستشار الأمن القومي " يعقوب عميدرور" قوله أنه أحرز تقدماً خلال جولة المُباحثات الثانية التي جرت في (القدس) بين (إسرائيل) و(تركيا) حول إعادة تطبيع العلاقات بينهما. "عميدرور" أضاف أنه إذا جرى التوصّل إلى اتفاقٍ نهائي بين البلدين فسيعود سفيرا (إسرائيل) و(تركيا) على رأس عملهما
المحور الداخلي
لانـا مدوّر: إذاً أهلاً بكم مُشاهدينا إلى "خلف الجدار" لحلقة هذا الأُسبوع التي نتناول فيها ثلاثة مواضيع كالعادة ونبدأ بالمحور الداخلي حيثُ هناك غضب على "يائير لابيد" وزير المالية وغضب من سياسته الاقتصادية يدفع بالإسرائيليين مُجدداً إلى الشارِع للاعتراض على سياسته. إذاً هذا الرجل كان مناصراً للطبقات الوُسطى كما كان يقول إلّا أنّ هذه الطبقات هي أوّل من سيدفع ثمن السياسة التقشفية الجديدة التي ستُزيد الضرائِب على المواطنين. وفي المُقابل أيضاً في التطورات الداخلية يبدو أن قانون تغيير نهج الحُكم يسلك طريق التطبيق مع استمرار الجدل في انتخابات الحاخامين وأيضاً في موضوع تجنيد المتدينين. كلّ هذه المواضيع نتطرّق إليها الآن في هذا المحور مع ضيفنا الدائِم الدكتور "عباس إسماعيل"، أهلاً بك دكتور "عباس"، وطبعاً أنت مُدير قسم الشؤون الإسرائيلية في قناة "الميادين". وقبل أن نبدأ معك هذا الحوار نذهب إلى التقرير، نُشاهِد
تقرير "الميادين"
سحر حامد: نصفُ الجمهور الإسرائيلي عبَّرَ عن خيبة أمله من "يائير لابيد". "لابيد" الذي قدّم مسودّة مشروعِ الموازنة على طاولة الحكومة أعاد فتح السجال الاقتصادي إلى الواجهة. فبالرغم من مُحاولة تخفيف ثقل الإجراءات القاسية برفع نسبة العجز المتوقعة إلى 4.65 %، إلّا أنّ الموازنة التقشفية التي ستقع على كاهِل الطبقة الضعيفة والمتوسّطة على نحوٍ أساسي استُقبِلَت بموجةٍ من الانتقادات السياسية والشعبية وأعادت الزخمَ إلى الحراك الشعبي الذي هدّد بالعودة إلى الشارِع. عاصِفةٌ أُخرى قسّمت الائتلاف إلى نصفين، قانون تعزيز الحُكم الذي اجتازَ المحطة الثانية نحو الموافقة النهائية الذي يُتوقّع له التعرّض لمزيدٍ من العواقب قبل إقراره. لجنة "بيري" لمُساواة عبء الخِدمة العسكرية بين العلمانيين والمُتديّنين دخلت في سباقٍ مع الوقت. صعوبة إيجادِ حلٍّ يُرضي الجميع دفعت الجيش الإسرائيلي إلى اقتراح تقليص الخِدمة للجميع أربعة أشهُر. اختباراتٌ عديدةٌ إذاً تنتظر الائتلاف الحكومي، اختباراتٌ تحمِلُ معها أسئِلةً كثيرةً حول قُدرته على تجاوزها بنجاح
لانـا مدوّر: إذاً دكتور "عبّاس" شاهدنا في هذا التقرير مجموعة القضايا الداخلية التي شغلت (إسرائيل) هذا الأُسبوع وأهمها الموضوع الاقتصادي على الإطلاق. هناك تحرّكات تجاه هذه الخطّة الاقتصادية لـ "يائير لابيد" يبدو أنها ستسلُك طريقها إلى التطبيق. ماذا يُمكن أن نقول الآن عن هذه الخُطّة وعن وضع "يائير لابيد" بشكلٍ عام؟
د. عبّاس إسماعيل: يُمكن القول أنّ هذه الخطة بدأت تُثير ضدّ "لابيد" الكثير من ردود الفِعل السلبية. المُستوى الأول الذي قام بردة فِعل سلبية تجاه "لابيد" هم الطبقة الوُسطى في (إسرائيل) التي جاء "لابيد" باسمها إلى الحُكم وإلى وزارة المالية، وهي الطبقة التي أغدقَ عليها "لابيد" الكثير من الوعود عندما كان يقود الحملات الانتخابية. ويُمكن القول أنّ نقمة هذه الفِئة على "لابيد" ناجمة عن الفجوة الكبيرة التي بدأت تظهر ما بين الوعود التي كان قد تقدَّم بها "لابيد" وما بين المُعطيات والأرقام التي حملتها الخطة الاقتصادية التي ينوي تطبيقها. وعليه بدأنا نشهَد نوعاً من الحراك الاجتماعي، واليوم جرت تظاهرة كبيرة أيضاً وبدأت إرهاصات الاحتجاج الاجتماعي تعود إلى الشارِع وهذا من شأنه أن يؤثِّر سلباً لا بل أنه أثَّرَ سلباً على "لابيد" وعلى شعبيته، ذلك أنّ آخر استطلاعات للرأي أظهرت بأن أكثر من 58% من الإسرائيليين غير راضين عنه وأنّ تقريباً 28 % من الذين صوّتوا لـ "حزب يش عتيد" وهو حزب "لابيد"، في الانتخابات السابقة قالوا إنهم لن يُصوّتوا له، بمعنى أنّ أكثر من ربع ناخبيه سوف يتخلّون عنه، وبالتالي هذا يُشكِّل تراجعاً كبيراً، هذا على المُستوى الشعبي. هناك أيضاً نقمة سياسية من المُعارضة ولاسيما من زعيمة المُعارضة "تشيلي يحيموفيتش" التي أجملت كلّ هذا الصخب بالقول " إنما "لابيد" يُنفِّذ سياسة "نتنياهو" المالية" وبالتالي السياسة التي طالما انتقدها "لابيد" في الانتخابات، الآن هو يُنفِّذها، وأيضاً الاعتراضات على "لابيد" لم تأتِ فقط من الشارِع ومن المُعارضة إنّما أيضاً من داخل الأحزاب التي يتكوّن منها الائتلاف الحكومي، وهناك على الأقلّ ستة وزراء من عدّة أحزاب، من "الليكود" ومن حزب "الحركة" ومن "البيت اليهودي" ومن "حزب إسرائيل بيتنا"، ستة وزراء أعلنوا حتّى الآن أنّهم لن يُصوّتوا لصالِح هذه الخطّة، وبالمناسبة من المُفترَض أن تجتمع الحكومة الإسرائيلية يوم الإثنين في جلسة خاصة وهامّة لبتّ موضوع الموازنة وأخذ القرار المناسب بها
لانـا مدوّر: نستطيع أن نقول أنّ "يائير لابيد" وقع في فخّ "خيار" أن يكون وزيراً للمالية، بمعنى سيكون العبء الاقتصادي كلّه، النقمة كلّها سترتدّ عليه وليس على "بنيامين نتنياهو" دكتور "عباس"؟ يعني هنا "نتنياهو" هو الرابح الأكبر؟
د. عبّاس إسماعيل: في النُقطة الأولى، ثمّة من يعتقِد أنّ "لابيد" وقعَ في فخّ أعماله وبالتالي تبوّأ منصباً ليس أهلاً له وهو الآن قد بدأ يدفع ثمنه. ثمّة من يعتقِد خلاف ذلك، يعتقد أنّ "لابيد" كان الرجل المُناسِب في المكان المناسب وأنّ من شأن نجاحِه في هذا المكان أن يُمهِّد له الطريق نحو رئاسة الحكومة، و"لابيد" دافع عن نفسه وهو يقدِّم نفسه بأنه هو المُنقِذ، في السابق شبّه نفسه بالنبي "موسى" الذي أنقذ قومه والآن كانت ردّة فعلِه على التظاهرات أنّ الذين يتظاهرون إنما يتظاهرون ضدّ أنفسهم لأنّ "لابيد" إنما يُريد أن يُنقِذ اقتصادهم. أمّا بالنسبة لـ "بنيامين نتنياهو" فهناك من يعتقِد فعلاً بأنّ "بنيامين نتنياهو" هو الرابح الأكبر مما يحصل باعتبار أنّه يحرق "لابيد" في وزارة المالية، وهناك من يعتقد خلاف ذلك، أنّ "نتنياهو" إذا نجح "لابيد" ينجحان معاً وإذا سقط "لابيد" سقطا معاً. ولكن المُعضلة التي يبدو أنها لا تزال عند "نتنياهو" تحديداً في رأي الكثيرين في (إسرائيل)، بمعنى أنه ما هو النموذج الذي يريد "نتنياهو" أن يتعامل معه مع "يائير لابيد"؟ هلّ يُريد أن يتعامل مع نموذج "نتنياهو – شتاينتس" أم "نتنياهو – شارون"؟
لانـا مدوّر: "يوفال شتاينتس" وزير المالية السابق
د. عبّاس إسماعيل: بمعنى أنّ "نتنياهو – شتاينتس" في الولاية السابقة كان "شتاينتس" وزيراً للمالية لكن كان "نتنياهو" هو الوزير الأعلى للمالية، كان دائِماً يتدخل في آخِر لحظة ليغيِّر كلّ قرارات "شتاينتس" ويُظهِره كأُلعوبة بين يديه
لانـا مدوّر: كان هو وزير المالية الفِعلي
د. عبّاس إسماعيل: نعم. النموذج الآخر هو نموذج "شارون – نتنياهو". في العام 2003، عندما تولّى "نتنياهو" حقيبة المالية في عهد "شارون"، "شارون" أعطاه الدعم الكامل وتركَ بين يديه كلّ القرارات الحاسمة، وبالتالي
لانـا مدوّر: هذا أيضاً ربما دكتور "عباس" يتبع شخصية وزير المالية، أعتقد أنّ "يائير لابيد" لديه شخصية مُختلِفة فهو رئيس لتكتُّل نيابي كبير أيضاً ولا يُمكن لـ "نتنياهو" ربما أن يتدخل كثيراً في قراراته
د. عبّاس إسماعيل: هو يتبع لشخصية الزعيمين، رئيس الحكومة ووزير المالية ولكن النموذج الذي يُمكن أن يُتّبع يُمكن أن يؤشِّر إلى نوايا "نتنياهو" ونوايا "لابيد"، فتدخّل "نتنياهو" في قرارات "لابيد" يعني إحراج "لابيد"، إمّا أن يُظهِر "لابيد" كشخصية ضعيفة وإمّا أن يدفع "لابيد" إلى الاستقالة. أما نأي "نتنياهو" بنفسه عن "لابيد" فهذا يعني أحد أمرين، إمّا أنه يمتلِك كلّ الثقة بـ "لابيد" وبقراراته وإمّا أنه ينتظر وقوع "لابيد" لكي يستفيد من هذا السقوط في الواقع الانتخابي السياسي في (إسرائيل)
لانـا مدوّر: دكتور "عباس"، نحن نتحدّث عن خطّة اقتصادية، نتحدّث عن تقليصات، نتحدّث عن ضرائِب، تقليصات في موازنات لوزارات ربّما أهمها وأكثرها جدلاً في (إسرائيل) هي وزارة الأمن
د. عبّاس إسماعيل: صحيح
لانـا مدوّر: هناك تقليصات ستلحق هذه الوزارة، ماذا عنها وماذا عن الجدل حولها؟
د. عبّاس إسماعيل: الجدل حول التقليصات بين المالية ووزارة الأمن قديم جداً وفي كلّ فترة وكلّ موازنة يحصل هذا النقاش. وزارة المالية تتهِّم الجيش الإسرائيلي بأنه يبتزّ وزارة المالية في كلّ موازنة، بأنه يبتزّها أمام الجميع، "إذا قلّصتِ من موازنتكِ سوف تُعرّضين أمن (إسرائيل) للخطر" وإلى آخره. الجيش الإسرائيلي في المُقابل يتّهم دائماً موظفي المالية بالعداوة تجاهه. الآن المطروح هو تقليص بنسبة أو بمقدار أربعة مليارات شيكل ووزارة المالية تصرّ على تقليص بمقدار أربعة مليارات شيكل، وزارة الأمن والجيش الإسرائيلي يرفُضان هذا الموضوع. "نتنياهو" عندما كان في (الصين) أعلن بشكلٍ عام أنه لن يتدخّل في الموازنة لكنّه سيتدخل حصراً في موازنة الأمن. هذا الأحد، أي غداً، هناك اجتماع لـ "نتنياهو" مع وزير الأمن ومع وزير المالية من أجل حسم هذا الموضوع. المُشكلة بالنسبة إلى وزارة المالية والتهديد الذي تُقدّمه ومفاده، إذا لم يتمّ تقليص أربعة مليارات شيكل من وزارة الأمن سوف تضطرّ وزارة المالية إلى أن تُقلِّص هذه الأموال من مجالات أُخرى، من مجالات الرفاه الاجتماعي والتعليم والصحة، بمعنى أنّ الطبقات الوُسطى والفقيرة سوف تتضرّر أكثر فأكثر لأنه لا توجد هناك مداخيل لتُغطّي هذا العجز وبالتالي نحن أمام مُشكلة ربّما يتمّ التوصّل إلى تسوية إمّا من خلال تقليص هذا التقليص أو كما يطلُب وزير الأمن "يعالون" أو الجيش الإسرائيلي، أن تُحسَم هذه التقاليص ولكن أن تُستَردّ في الخطة السنوية لمدة خمس سنوات أُخرى ، مع الإشارة إلى أن "يعالون" عندما كان رئيساً للأركان في العام 2002 على عهده تمّ تقليص ميزانية الجيش، والإخفاق والفشل الذي حصل في حرب 2006 ردّه كثيرون، خاصةً الجيش الإسرائيلي، إلى هذا التقليص
لانـا مدوّر: وهو سيستغل هذه النقطة
د. عبّاس إسماعيل: وبالتالي يقولون، إذا قمنا بتقليص مرّة أُخرى ستتقلص التمرينات وستكون الاستعدادات أقلّ للتحديات، وكلنا نشهد على الحديث الكبير هناك في (إسرائيل) عن حجم التهديدات الأمنية والاستراتيجية
لانـا مدوّر: دكتور "عبّاس"، أساساً يأتي من يقول بأنّ ما تقوم به (إسرائيل) ربما أيضاً من هجمات أو ضربات أو حتّى موضوع طائِرة الاستطلاع يُربَط أيضاً بموضوع تقليصات وزارة الأمن وكأنّ الجيش يقول، "لا تقلّصوا من ميزانيتي" ويفتعِل هذه المواضيع ويتم توظيفها
د. عبّاس إسماعيل: هذا يوظَّف، الجيش الإسرائيلي يوظِّف هذه الأمور في معركته على الميزانية، وهناك في (إسرائيل) من استخدم تعبير أنّ المعركة الأكبر الآن للجيش الإسرائيلي بعد المعركة التي حصلت منذ أيام، المعركة الآن هي معركة الموازنة
لانـا مدوّر: نعم. دكتور "عباس"، إذا أردنا أن نمرّ على باقي النقاط بشكلٍ سريع، تبقّى لدينا أقلّ من ثلاث دقائِق. قانون تغيير نهج الحُكم يبدو أنه أصبح واقعاً؟ رفع نسبة الحسم وكلّ هذه المواضيع التي ستؤثِّر على الكثير من الأحزاب والفئات خصوصاً العربية منها
د. عبّاس إسماعيل: نعم، أصبح واقعاً بشرط لأنّ هناك طبعاً تمّت المُصادقة عليه في القراءة التمهيدية وبالتالي لا يزال هناك أمامه قراءتين في الكنيست لكي يُصبِح نافذاً، ولكن منذ الآن هناك مطالِب. حزب "هناك مُستقبل" يرفُض أن يكون هناك 61 عضو كنيست لحجب الثقة عن الحكومة مُسبقاً وبالتالي هو يُهدّد ويقول بأنّ هذا لم يكن بنداً من اتفاق الائتلاف وكذلك "حزب الحركة" لديه مُلاحظات، وبالتالي هذا القانون لا تزال أمامه عقبات وهو قانون واجهته انتقادات كثيرة لأنّه يمنح الحكومة صلاحيات دكتاتورية، خاصةً أنّ رئيس الحكومة يُمكنه أن يحلّ الكنيست من دون عودة إلى الرئيس، وكذلك إذا في حال حجب الثقة حتّى مع 61 عضو كنيست تبقى الحكومة هي القائِمة ما لم يتُمّ تشكيل تكليف شخصية جديدة وتشكيل حكومة وبالتالي هناك اتهامات بأن هذا القانون مُخالِف للديمقراطية ودكتاتوري، والأكثر من ذلك أنه يوجِّه ضربة كبيرة إلى الأحزاب العربية لأنه يرفع نسبة الحسم إلى أربعة في المئة ما يؤكِّد أنه لا يُمكن لأيّ حزب عربي أن يدخُل إلى الكنيست بشكلٍ مُستقلّ
لانـا مدوّر: حتّى "حزب الحركة" أيضاً
د. عبّاس إسماعيل: حتّى بعض الأحزاب، والإشكالية التي تُطرَح، ماذا لو لم يتّفق العرب على الدخول إلى انتخابات الكنيست في قائِمة واحدة؟ هلّ يُمكن لـ (إسرائيل) أن تُقدِّم نفسها أمام العالم في كنيست يهودي مئة في المئة من دون عرب؟ هذه أيضاً إشكالية تُبحث في (إسرائيل)
لانـا مدوّر: وهذا ربما أيضاً في هذا الوقت بالذات ما يطرَح علامات استفهام حول لماذا يُدفَع بهذا القانون في هذا الوقت مع ما يُحكى عن مُفاوضات وما يُحكى عن اعتراف بيهودية كاملة لدولة (إسرائيل)
د. عبّاس إسماعيل: نعم
لانـا مدوّر: ألا يُربَط هذا الأمر أيضاً دكتور "عباس"؟
د. عبّاس إسماعيل: يُربط ويُربط أيضاً في الحملة الشعواء التي يشنّها حزب "إسرائيل بيتنا" بقيادة "أفيغدور ليبرمان"، الحزب اليميني المُتطرِّف ضدّ العرب في (إسرائيل) بشكلٍ دائِم وسعيه لإقصائِهم عن الحياة السياسية ومواقع القرار. يُربط في هذا ولكن هناك في (إسرائيل) من يعتقدون بأنّ هذا الأمر يضُرّ بـ (إسرائيل) ويضرّ في صورة (إسرائيل) ويكشُف كلّ عيوبها في كلّ ما يتعلّق بادّعاءات الديمقراطية فيها
لانـا مدوّر: لا أدري كم تبقّى لدينا من الوقت، ربّما أقلّ من دقيقة، أو انتهى الوقت بشكلٍ كامل. دكتور "عبّاس" في كلّ الأحوال كان من المُفترَض أن نتحدّث عن موضوع المتديّنين وموضوع انتخابات الحاخامين ولكنها مواضيع أثرناها في وقت سابق والآن في كلمتين، انتخابات الحاخامين إلى أين تتجه؟ هلّ هناك توافُق أم ما زال هناك انقسام
د. عبّاس إسماعيل: لا تسوية حتّى الآن، المشاكل الآن دخلت إلى داخل حزب "البيت اليهودي" بين الحاخامات و"بينيت"، الآن هذه هي الخطورة، والتسوية التي يُحاول "بينيت" أن يعقُدها الآن ليس مع "شاس"، ليس مع الحريديم الشرقيين إنما مع الحريديم الغربيين
لانـا مدوّر: بعد قليل سنتحدّث في المحور الاقليمي عن زيارة "بنيامين نتنياهو" إلى (الصين) والعلاقة بين (الصين) و(إسرائيل) وما يعتبره "بنيامين نتنياهو" هدفاً استراتيجياً في تقوية هذه العلاقة مع العملاق الآسيوي. تابعونا، سنعود بعد قليل إلى "خلف الجدار"
مقدّمة المحور الاقليمي
لانـا مدوّر: من جديد أهلاً بكم إلى "خلف الجدار". في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2010 كان يُفتَرَض على "بنيامين نتنياهو" أن يذهب إلى (الصين) ولكنه فضّل أن يتواجد في مؤتمر المجموعات اليهودية في الولايات المتحدة. هذا الأمر أغضب الصينيين الذين أبدوا عدم رغبتهم في استقباله، إلّا أنّ تغيير القيادة الصينية وأيضاً الانتخابات الإسرائيلية التي أعادت "بنيامين نتنياهو" غيَّرَت المُعطيات، وها هو رئيس الوزراء الإسرائيلي يحطّ على أرض العملاق الآسيوي موقّعاً اتفاقية اقتصادية وداعياً وزراءه إلى تحويل وجهتهم من (أميركا) و(أوروبا) إلى (الصين)، من دون طبعاً أن ننسى مطالبه السياسية وتحديداً المُتعلِّقة بـ (إيران) وبـ (سوريا). عن العلاقات الإسرائيلية الصينية نتحدّث الآن في هذا المحور من "خلف الجدار" وينضمّ إلينا دكتور "محمّد فايز فرحات" وهو رئيس "وحدة الدراسات الآسيوية" في "مركز الأهرام للدراسات" وهو معنا مُباشرةً من (القاهرة)، أهلاً وسهلاً بك دكتور "محمّد" وطبعاً مع الدكتور "عباس إسماعيل" سنتشارك في هذه المناقشة ولكن بدايةً نذهب إلى هذه الزيارة لـ "بنيامين نتنياهو" إلى (الصين) بالصوت والصورة
تقرير "الميادين"
سحر حامد: خمسة عشر عاماً تفصِل بين زيارتي رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" إلى (الصين). "نتنياهو" الذي قصَدَ (الصين) متطلّعاً لتحقيق تعاونٍ كبير دعا إلى أن تكون (إسرائيل) شريكةً صغيرةً لـ (الصين) في سعيها إلى تحقيق الامتياز الاقتصادي حيثُ حضر مراسم توقيع عشرين اتفاقية تعاونٍ بين شركاتٍ إسرائيلية وصينية. المكاسب الاقتصادية على أهميتها لم تكن هدف "نتنياهو" الوحيد من الزيارة بل كانت دعوته تتوجّه إلى (الصين) أولاً بتخفيف مُعارضتها لفرض المزيد من العقوبات المُشدّدة على (إيران) إضافةً إلى مطلب ضمّ (الصين) إلى الجهود المبذولة لمنعِ تسرُّبِ أسلِحةٍ كيميائية سورية إلى "حزب الله" أو إلى قوى المُعارضة، مطلبٌ يرى مراقبون أنّ احتمالات التجاوب الصيني معه ضعيفة جداً وخصوصاً أنّ الحكومة الصينية استقبلت "نتنياهو" بانتقادِ قصفِ (إسرائيل) لمواقع عسكرية داخل (سوريا). شبحُ الولايات المتحدة لم يغِب عن رِحلة "نتنياهو" في فترةٍ تسودها العلاقات المتوترة بين (واشنطن) و(بكين)، وبناءً عليه قام مستشارو "نتنياهو" في الأسابيع الأخيرة بالتنسيق مع مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية وكان الأمر اللافت جداً خلال الزيارة الاتصال الهاتفي بين "أوباما" و"نتنياهو"
المحور الاقليمي
لانـا مدوّر: إذا دكتور "محمّد"، "نتنياهو" يعرِّف توثيق العلاقات مع (الصين) على أنها هدف استراتيجي بالنسبة لـ (إسرائيل)، لماذا هذا الهدف الاستراتيجي مع (الصين) وماذا تُريد (إسرائيل) من (الصين)؟
د. محمّد فايز فرحات: (إسرائيل) أولاً كما نعلم أحد الملامح المُهمة في سياستها الخارجية منذ نشأتها هي محاولة تطوير علاقات قوية واستراتيجية مع القوى الكُبرى. هذا واضح من خلال علاقتها مع الولايات المتحدة الأميركية ومن خلال علاقاتها مع القوى الأوروبية الرئيسة من خلال علاقاتها أيضاً وحرصها على بدء أو تطوير علاقاتها مع (الصين) منذ بدء العلاقات الدبلوماسية في عام 1992. قبل ذلك كانت هناك مُحاولات إسرائيلية حثيثة لتطوير علاقاتها مع (الصين) ولكن الموقف الصيني التقليدي المُنسجِم مع المواقف العربية في هذه الفترة جعل (الصين) تنحاز إلى عدم استئناف العلاقات الدبلوماسية وعلى الاقتصار فقط على بعض العلاقات التجارية وفتح قنصلية إسرائيلية في (الصين). ولكن بعد ذلك اختلاف الأجواء الاقليمية والدولية أدى إلى توفير مناخ دولي لتطوير العلاقات بين البلدين، فبالتالي هذا جزء من التوجّه الإسرائيلي العام وهو تطوير العلاقات مع القوى الكُبرى ومُحاولة الاستفادة من هذه الدول. هناك مصالِح استراتيجية لـ (إسرائيل) تسعى إلى تحقيقها من علاقاتها مع (الصين). الهدف الأول هو تطوير العلاقات الاقتصادية وهذه مسألة ثابتة منذ البداية. حدث مؤشِّر مُهمّ في هذا الإطار هو النقلة الكبيرة التي حصلت في العلاقات التجارية بين البلدين من حوالى مليار دولار فقط في عام 1992 إلى حوالى 7.6 مليار دولار الآن وهذه نقلة كبيرة في العلاقات بين البلدين. وبالتالي، (إسرائيل) هنا تُحاول الاستفادة من القُدرات الاقتصادية للسوق الصيني وهذه المسألة أصبحت أكثر حيوية الآن خاصةً بعد المُشكلات التي واجهتها الاقتصاديات الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، فبالتالي بدأت تُحاول التوجُّه إلى (الصين) للاستفادة من الإمكانات الاقتصادية الصينية في هذا الإطار. هناك هدف آخر مُهمّ وهو الاستفادة من تجارة السلاح مع (الصين). (إسرائيل) حاولت دائِماً الاستفادة من الأوضاع الدولية والاقليمية التي تمرّ بها (الصين) بعد العقوبات الدولية التي تعرّضت لها في مجال السلاح خاصةً بعد حادثة 1998، حادثة "الميدان السماوي"، فانتهزت هذه الفُرصة لتطوير علاقاتها العسكرية مع (الصين) وأُجري بالفِعل في هذا الإطار عدد من الصفقات العسكرية. الآن هناك مصالِح استراتيجية أكثر أهمية لـ (إسرائيل) تحاول زحزحة الموقف الصيني التقليدي في شأنها، الموقف الأول يتعلّق بالعلاقات الصينية الإيرانية، (إسرائيل) لديها قلق كبير في ما يتعلّق بالعلاقات بين (إيران) و(الصين) وتُحاول أن تُقنِع (الصين) بتخفيف علاقاتها أو دعمها السياسي والعسكري لـ (إيران). المُشكلة الثانية هي في ما يتعلّق بمشكلة العجز التجاري. رغم النقلة الكبيرة التي حصلت في العلاقات بين البلدين ولكن (إسرائيل) لديها مُشكلة مع (الصين) تتعلّق بالعجز التجاري وتُحاوِل إقناع (الصين) باتخاذ بعض الإجراءات لتخفيف هذا العجز. هناك المُشكلة الحالية الآن وهي مُشكلة (سوريا) وأعتقد أنّ هذه الزيارة بالتأكيد أولت اهتماماً كبيراً للمشكلة السورية، نعم
لانـا مدوّر: كيلا نمرّ على هذه النُقاط بعُجالة، فلنُفصِّل فيها لكي نتحدّث عن كلّ نُقطة على حدة. لكن اسمح لي أن أنتقل إلى دكتور "عبّاس". دكتور "عباس" هذه الزيارة كيف نُظِرَ إليها في (إسرائيل) بدايةً؟
د. عبّاس إسماعيل: في (إسرائيل) يولون أهمية كبيرة جداً إلى هذه الزيارة، ربما التعبير الذي استخدمه "نتنياهو" بأن هذه الزيارة تكتسي أهمية استراتيجية كبيرة هو تعبير ينطبق فعلاً على هذه الزيارة وعلى الرؤية الإسرائيلية لهذه الزيارة. معروف أنّ "نتنياهو" كان اجتمع مع كبار موظّفي وزارة الخارجية وطلب منهم الاهتمام الكبير بهذه الزيارة وحتّى زيادة عدد مراكز التمثيل الإسرائيلية في (الصين) من أربعة إلى خمسة بما يخدُم التوجّه الإسرائيلي في هذا المجال. ولكن ربما يكون التركيز الأكبر أو الاهتمام الإسرائيلي الأكبر من كلّ هذه الزيارة هو الشقّ الاقتصادي وإن كان للأمور الأُخرى أهميتها لأنّ النتيجة المُباشرة التي أمل "نتنياهو" أن يحصل عليها هي الشقّ الاقتصادي لاسيّما سعيه إلى زيادة التبادل التجاري بين (إسرائيل) و(الصين) من تقريباً ثمانية مليارات دولار إلى عشرة مليارات دولار خلال ثلاث سنوات ، على أن يكون ملياران من الدولارات هي من حصّة (إسرائيل) كما تفضّل الدكتور بما يُشكِّل نوعاً من التوازن في الميزان التجاري. بمعنى أنه إذا كان الآن تقريباً 2.5 أو 2.6 مليار دولار هو حجم التصدير الإسرائيلي لـ (الصين) فهناك سعي لزيادته بنحو ملياري دولار، وهذا يُشكل مكسباً كبيراً بالنسبة إلى "نتنياهو" خاصةً في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعصف في (إسرائيل)، وهذا من شأنِه أن يُشكِّل مكسباً لـ "نتنياهو" أيضاً وحتّى يُمكن توظيفه في المجال الداخلي الإسرائيلي
لانـا مدوّر: نعم تحدّثنا عنه
د. عبّاس إسماعيل: كما لاحظنا أنّ "نتنياهو" لم يصحب معه لا وزير المالية ولا وزير الاقتصاد والتجارة مع أنّه ركَّزَ كثيراً في هذه الزيارة على الشِقّ الاقتصادي لأنه يُريد أن يُحقّق كلّ المكاسِب الاقتصادية لمصلحته. هناك الجزء الاقتصادي المُهمّ جداً الذي يأمل "نتنياهو" أن يقوم بين مرفأ (إيلات) وبين (الصين)
لانـا مدوّر: نعم، ممتاز. هذا ما أُريد أن أسأل عنه دكتور "عبّاس"، لكن اسمح لي أن أعود إلى الدكتور "محمّد". هناك هدف في تحويل (إسرائيل) إلى جسر برّي للبضائِع الصينية عبر السكّة الحديدية التي من المُفترَض إقامتها حتّى مرفأ (إيلات) كبديل عن قناة (السويس) لنقل البضائِع من (الصين) إلى (أوروبا). هذا الأمر ما ستكون تداعياته على قناة (السويس) وكيف يُمكن أن تُحقّقه (إسرائيل)؟ هلّ هناك إمكانية لتحقيقه؟
د. محمّد فايز فرحات: أعتقد من ناحية الإمكانيات ربما يكون لدى (إسرائيل) بالفعل أن تسعى إلى الحصول على تمويل دولي لهذا المشروع ، ولكني أعتقد أنّ الاعتبارات السياسية ربما تغلُب في هذا المشروع. (الصين) بالتأكيد حتّى الآن ما زالت لديها حساسية كبيرة رغم التطوُّر الكبير الذي حدث في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، ولكن حتّى الآن الصين ما زالت تضع في اعتبارها مصالِحها السياسية والاقتصادية أيضاً مع العالم العربي. هذا المشروع ربما يُحقّق مكاسب اقتصادية لـ (الصين) ولـ (إسرائيل) ولكن في نفس الوقت (الصين) لديها مصالِح اقتصادية وتجارية مُهمة مع العالم العربي. الصادرات الصينية إلى العالم العربي تفوق صادراتها إلى (إسرائيل). السوق العربية ما زالت أكبر بكثير من السوق الإسرائيلية، فبالتالي هناك مكاسِب. أيضاً مسألة النفط والعلاقات النفطية مسألة شديدة الأهمية والحساسية بالنسبة إلـى (الصين) في هذه المرحلة وفي المرحلة التالية، فبالتالي الأوضاع السياسية أو الاعتبارات السياسية ربما تكون عاملاً مؤثراً في هذا الإطار، ويُمكن القياس على حال مماثلة. كما نعلم، (الصين) كان لديها علاقات مُهمة مع (أثيوبيا) ومع (أوغندا) وكانت قد بدأت بالفِعل بتمويل أو إنشاء عدد من السدود في (أثيوبيا) و(أوغندا)، ولكن بسبب الحساسية وبسبب حساسية مثل هذه السدود وتأثيراتها المتوقّعة على حصّة المياه التي تصل إلى (مصر) عبر (نهر النيل)، أعتقد أن (الصين) قامت بالفِعل بتجميد هذه المشروعات. فبالتالي يُمكن القياس على هذه المرحلة للتأكيد أنّ المسائِل السياسية ما زالت مُهمّة بالنسبة لـ (الصين) في علاقاتها مع العالم العربي
لانـا مدوّر: نفهم منك أنّ "بنيامين نتنياهو" لو مهما حاول في الموضوع الإيراني والسوري في تغيير وجهة النظر الصينية تجاه هذين الملفّين لن ينجح في تغيير بعض مما تعتقد به (الصين) وخصوصاً في ما يتعلّق باستعمال الفيتو في مجلِس الأمن وفي ما يتعلّق بـ (سوريا) وغيرها؟
د. محمّد فايز فرحات: نعم، هذا استنتاج دقيق. أعتقد أنّ الموقف الصيني من القضية السورية ومن (إيران) هي مواقف استراتيجية، والمُتابِع للسلوك الصيني من الأزمة السورية ومن الموقف مع (إيران) أيضاً يؤكِّد أنّ الصين أو يتأكّد أنّ (الصين) أصبح لديها موقف استراتيجي في ما يتعلّق بهذه القضايا، ومرونة الموقف الصيني أعتقد أنها مسألة مُستبعدة الآن خاصّةً أنّ الموقف الصيني لا يتحرّك بمفرده وأصبح يتحرّك بدرجة كبيرة من التنسيق مع (روسيا) في هذه المسألة. بالإضافة إلى ذلك، المصالِح الصينية والروسية المُشتركة في ما يتعلق بإدارة الأزمة السورية أعتقد أنها مسألة تتجاوز بكثير مسألة النظام السوري في حدّ ذاته، ولكن تتعلّق بمواقف وحسابات استراتيجية أكبر من المسألة السورية
لانـا مدوّر: دكتور "محمّد"، هذا يطرح السؤال على موضوع العلاقة مع الولايات المتحدة، هلّ كانت دكتور "عباس" أيه توصية أميركية؟ كيف تعاملت (أميركا) مع هذه الزيارة لـ "بنيامين نتنياهو" إلى (الصين)؟
د. عبّاس إسماعيل: ما من شكّ في أنّ هذه الزيارة جاءت في فترة حساسة في العلاقات بين (الصين) والولايات المتحدة نتيجة التوتّرات القائِمة بينهما. ولكن إذا أخذنا تجارُب الماضي، في العام 2000 ومن ثمّ في العام 2005 كانت هناك صفقة طائِرات التجسّس (فالكون) ما بين (إسرائيل) و(الصين) وتدخّلت الولايات المتحدة الأميركية ومنعتها تقريباً بالقوّة وبالضغط على (إسرائيل). هذا أثار غضب الصينيين. بعد خمس سنوات، في العام 2005 كانت هناك أيضاً صفقة طائِرات من دون طيّار ما بين (إسرائيل) و(الصين) وتدخّلت الولايات المتحدة الأميركية وأوقفتها. والآن الشرط الأهم الذي وضعته الولايات المتحدة الأميركية على (إسرائيل) في العلاقات التجارية مع (الصين) هو منع نقل أيّة تكنولوجيا مُتقدمة يُمكن أن تستخدمها (الصين) خاصةً إذا كانت هذه التكنولوجيا لها علاقة أيضاً ببُعد أميركي أو تكنولوجيا أميركية وبالتالي، هذا الشرط كان شرطاً أميركياً، والإسرائيليون حاولوا أن يتلافوا هذا الموضوع من خلال تنسيق مُسبق مع الولايات المتحدة الأميركية وإجراء نوع من التشاور بينهما كيلا يقعوا في أيّة مُشكلة مع الولايات المتحدة الأميركية في هذا الوقت بالذات، وفي نفس الوقت أيضاً كانوا حريصين ومعنيين بأن تكون علاقاتهم مع (الصين) على أفضل ما يُرام وألّا يكرّروا أخطاء الماضي التي وقعوا فيها
لانـا مدوّر: عدم تكرار أخطاء الماضي ماذا يعني دكتور "محمّد"؟ إلى أين تتجه هذه العلاقات الآن؟ ماذا يُمكن أن نرى من جديد بين (إسرائيل) و(الصين)؟
د. محمّد فايز فرحات: أعتقد التركيز في المرحلة القادمة سوف يكون على القضايا الاقتصادية بالذات، وأُعيد التأكيد على ما قاله الدكتور "عباس". بالفعل أعتقد أنّه أصبح هناك فيتو أميركي واضح في ما يتعلّق بالعلاقات العسكرية بين (الصين) و(إسرائيل). الولايات المتحدة الأميركية كان لديها موقف شديد النقد وشديد الاعتراض على صفقة طائرات "فالكون" في سنة 1999 ثمّ الصفقات التالية وبالتالي توقفت (إسرائيل) إلى حدٍ كبير عن الدعم أو العلاقات العسكرية مع (الصين)، هذه المسألة أعتقد سوف تؤخَذ في الاعتبار من جانب (الصين). (الصين) بالتالي أصبح لديها قناعة بأنّ هناك سقفاً لِما يُمكن الاستفادة منه أو حدود الاستفادة من القُدرات العسكرية الإسرائيلية وبالتالي التركيز سوف يكون على المسائِل الاقتصادية. في ما يتعلّق بهذه المسألة، أعتقد أنه ما زال العالم العربي أو السوق العربي بشكلٍ عام يمتلِك ميزات كبيرة بالمقارنة بالقدرات الاقتصادية الإسرائيلية وبالتالي أعتقد سوف يكون هناك تحييد إلى حدٍ كبير للقدرات العسكرية أو للإمكانات العسكرية الإسرائيلية في هذا المجال. ولكن (إسرائيل) ما زالت حتّى الآن تمتلِك بعض الخدع أو إمكانات التميُّز في المقارنة بما يقدّمه العالم العربي لـ (الصين)، هي لديها تقدُّم أكبر في ما يتعلّق بمجالات الزراعة، في ما يتعلّق بتكنولوجيا الاتصالات، في ما يتعلّق بالأبحاث المتقدمة ويُمكن الاستمرار في تطوير هذه العلاقات، العلاقات التجارية والاقتصادية، ولكن العلاقات العسكرية أعتقد سوف يكون هناك قيود عليها لأنّ هذه العلاقات والنفقات العسكرية، الولايات المتحدة تنظُر إليها من زاوية تأثيرها على التوازن الأمني في شرق (آسيا) وفي مضيق (تايوان) بشكلٍ أساسي
لانـا مدوّر: شكراً دكتور "محمّد فايز فرحات" رئيس "وحدة الدراسات الآسيوية" في "مركز الأهرام للدراسات" كنت معنا من (القاهرة)، شكراً على هذه المُشاركة. وقبل أن أشكرك دكتور "عبّاس" هناك فقط معلومة مهضومة ربما في ما يتعلّق بزيارة "نتنياهو" التي كانت مع زوجته وأبنائه حيثُ نزلَ "بنيامين نتنياهو" في مدينة (شانغهاي) في أغلى فندق وليس فقط في (الصين) إنما في (آسيا) بكاملها حيثُ تكلفة المبيت في هذا الفندق خلال ليلة واحدة 70 ألف شيكل، كم يعني في الدولار؟
د. عبّاس إسماعيل: تقريباً 20 ألف دولار
لانـا مدوّر: عشرون ألف دولار في الليلة الواحدة لـ "بنيامين نتنياهو"، ولكن المُلفِت أنّ الصينيين هم الذين سيدفعون ثمن هذه الليلة
د. عبّاس إسماعيل: هذا كان تبريره في (إسرائيل) في داخل (إسرائيل) ولا نعرِف إذا كان الصينيون فعلاً سيدفعون. هذا ما قيل في (إسرائيل) كي يُبرِّر الآن هذا الهدر في الإنفاق
لانـا مدوّر: الترف
د. عبّاس إسماعيل: في ظلّ الأزمة الاقتصادية. وهو أخذ سائِقه معه من دون أو يكون هناك حاجة له وهذا وجّه له انتقادات في (إسرائيل) أيضاً
لانـا مدوّر: السائِق أيضاً إضافة إلى الأبناء
د. عبّاس إسماعيل: نعم، يوجد هناك سائِق في (الصين)
لانـا مدوّر: دكتور "عباس إسماعيل" أشكرك، مدير قسم الشؤون الإسرائيلية في قناة "الميادين" على هذه المُشاركة دائماً، ضيفنا الدائِم. مُشاهدينا بعد قليل، في القسم الأخير من "خلف الجدار" نتحدث عن (القدس) والمجابهة في ذكرى توحيد (القدس) بالنسبة للإسرائيليين، تابعونا
مقدّمة المحور الفلسطيني
لانـا مدوّر: من جديد أهلاً بكم إلى "خلف الجدار". توحيد (القدس)، بهذا المفهوم يرى الإسرائيليون عاصمة الدولة التي يحلمون بها ويحلمون بأن يمحوا منها كلّ ما يمتّ لغير اليهودية بصلة. في ذكرى ما تُسميه (إسرائيل) "توحيد المدينة" حصلت اشتباكات ومواجهات بين الشُرطة الإسرائيلية الحامية للمستوطنين والإسرائيليين من جهة والفلسطينيين أصحاب الأرض من جهة أُخرى، فالعيد لدى الإسرائيليين هو يومٌ أسود في تاريخنا العربي. عن هذا الموضوع ينضمّ إلينا من "رام الله" دكتور "جمال عمر" وهو خبير في شؤون (القدس)، أهلاً بك دكتور "عمر"، واسمح لي قبل أن نبدأ معك هذا الحوار أن نذهب إلى زميلتنا "هناء محاميد" وتقريرها عن إحياء هذا اليوم في ظلّ قمعٍ طال أيضاً الصحافيين الذين كانوا يُغطّون الحدث، إلى (القدس) مع "هناء محاميد"
المحور الفلسطيني
تقرير- هناء محاميد
هناء محاميد: ستةٌ وأربعون عاماً مضت على احتلال شطرها الشرقي، (إسرائيل) تعتبر ذلك عيداً وطنياً وتحتفلُ سنوياً بما تُسميه يوم توحيد (القدس)، فيما تكشف الاحتفالات المخفي عن عُمق وخطورة التهويد الجاري في هذه المدينة عاصمة الفلسطينيين
صالِح أبو الضبعات – مقدسي: توحيد (القدس) بالنسبة لهم، لكن نحن بالنسبة لنا يوم أسود، يوم أسود وأتصوّر أن الجميع شاهدوا في الأخبار وعلى الإذاعات ماذا حدث من عنصرية، من همجية، وهذا ترسيخ للاستيطان
هناء محاميد: على مدار أُسبوع يتجوّل في أرجاء البلدة القديمة خصوصاً آلاف الإسرائيليين، مجموعات استيطانية تنتهِك حرمة المُقدسات وبلدية الاحتلال تفرِضُ على التُجّار إغلاق محالهم تمهيداً لهذا المشهد
عمران بكير – تاجر مقدسي: يلزموننا أن نُقفل حينما يريدون، هذا الشيء صار حديثاً ونحن نجد فترة الإقفال كبيرة من خلال الشُرطة وخلال هذه الإقفالات، سكِّر وافتح والبلدية والضرائِب وكلّ ما يحدث. يُعطوننا أوامر كسياسة ترحيل من المدينة
إم خضر الجعبري – مقدسية: نحن أهل (فلسطين)، نحن أهل (القدس) أبّاً عن جدّ، هذا المستوطِن لا شيء له، هذا اليهودي برّا برّا والمستوطِن برّا برّا، وهذه (القدس) أوّل عن آخِر هذه إسلامية عربية، هذه لو أردنا أن نُضحّي بأولادنا ودمنا وضحينا بأولادنا ودمنا وكلّ ما لنا، نحن فدا (الأقصى)
هناء محاميد: نحو ستّين ألف مستوطِن اخترقوا أفئِدة المقدسيين قبل أن يخترقوا شوارِع المدينة العربية. المقدسيون الذي وقفوا ببسالة مُدافعين عن حقّهم في بلدهم لم يكن في وسعهم وسط اعتداءات القوات الإسرائيلية عليهم أن يرُدّوا هذه العاصفة الاستيطانية اليمينية التي حملت رسالةً لا تقبل التأويل وهي تكريس الاستيطان والسيطرة السياسية والدينية الإسرائيلية في (القُدس)
لانـا مدوّر: إذاً مع هذه المشاهِد الأخيرة أبدأ معكَ دكتور "جمال ". (إسرائيل) تُحاول بكلّ الطرق وكلّ الوسائِل أن تُكرِّس (القدس) عاصمةً للدولة اليهودية عاصمةً موحّدة بالنسبة إليها. إذا أردنا أن نعود في التاريخ إلى موضوع أو إلى حدث توحيد (القدس) بالنسبة للإسرائيليين، كيف يُمكن أن نتحدّث عنه تاريخياً الآن وهذا المشروع بالتوحيد وأيضاً في تغيير معالِم هذه المدينة؟ أين أصبح؟
د. جمال عمر: نعم، الحقيقة أنّ هذه الذكرى الخامسة والستون لاحتلال (القدس) الغربية ونحن نُشاهِد أنّ الذكرى الخامسة والأربعين تأتي أيضاً بعد حرب عام 1967 على نحوٍ مُتميِّز ومُختلِف تماماً عدداً وكمّاً وإعداداً وأُسلوباً، إذ أنّ هذه الأعداد غير مسبوقة في الهجوم على المدينة وأنّ الإدارة لهذا المشروع، الموجة الهائِلة من المُستوطنين التي غزت المدينة كانت مُزوّدة بكلّ هذه التحضيرات الأمنية والشرطة وكانت مدعومة هذه المرّة وبمنتهى الوضوح من الحكومة الإسرائيلية التي مهَّدت بأحداث كبيرة، لهذا الحدث الكبير مهَّدت بـ "موشيه بِغلين" عضو الكنيست، مهّدت بـ "بينيت" وما يقوله عن (الأقصى) وأيضاً "فاينشتاين" مُستشار "نتنياهو" للشؤون القانونية الذي قال إن (الأقصى) ما هو إلّا جزء من (إسرائيل) ويخضع لدائِرة الآثار الإسرائيلية. إذاً مجموعة أحداث سبقت وأيضاً هناك مجموعة أبنية ومجموعة مشاريع، ستة عشر مشروعاً منها القطار في سماء المدينة الذي يُخططون لإنشائه وأيضاً هذا الكنيس المُلاصق لـ "حائِط البُراق" الذي يُسمّى "بيت شتراوس"، هذه المشاريع العملاقة التهويدية سبقت هذا الحدث الكبير وبالتالي فإنّ هذا الحدث هذا العام جاء مُختلفاً ومتميزاً عن سابقاته وجاء في مضمونه عنصرياً بامتياز. اللافتات التي حملوها والألفاظ العُنصرية والإشارات اللا أخلاقية التي قدّموها للناس وأيضاً الهجوم على الصحافيين والهجوم على الأطفال واعتقال الأطفال وعلى النساء في "باب الأسباط" وسقوط بعضهنّ في الغاز، كلّ هذه الجرائِم، نعم أسمعكم
لانـا مدوّر: هذا مُضاف دكتور "جمال" إلى تفقير الأحياء العربية إذا أردنا أن نتحدث عن مُعطيات اقتصادية في الأحياء العربية. هناك معلومة بارِزة جداً تقول بأنّ ميزانية الرفاه المُخصّصة لأحياء شرقي (القدس)، وهي الأحياء العربية، بلغت نحو 12.6 في المئة فقط من ميزانية الرفاه البلدية لكلّ بلدية (القُدس)، كيف تُمارِس (إسرائيل) سياسة التفقير للأحياء العربية في (القدس الشرقية)؟
د. جمال عمر: لقد استعملت (إسرائيل) عدداً من الوسائِل لتركيع مدينة (القدس) ومنها الوضع الاقتصادي. تحطيم البُنية الاقتصادية للمدينة التي طالما تغنّى بها الفلسطينيون والعرب جميعاً بأنّها سلّة الغذاء الفلسطيني وأنّها محطّ الأنظار للموظفين والعاملين والساعين لاكتساب الرزق. كانت هي المرجعية الاقتصادية الفلسطينية بامتياز، وها هي تحت الاحتلال تتحوّل إلى مدينة مُشتتة فقيرة راكعة حزينة وبالتالي فإنّ الإحصائية تقول بأنّ 80 في المئة من سكان (القدس الشرقية) هم تحت خطّ الفقر. وتقول بالسلاح الآخر الذي عمِلت به (إسرائيل) أنّ مُعظم سكّان (القدس) في الحقيقة أصبحوا يجهلون ما يحلّ في المدينة، وسبب التجهيل هو تفريغ المدارِس من مُحتواها وإخراج جامعة (القدس) من المدينة وإغلاق الكليّات والمؤسسات الوطنية والمؤسسات الشعبية الأهلية، إخراجها إلى خارِج المدينة وبالتالي حُرِم المقدسيون من الوسائِل التثقيفية والمؤسسات الثقافية، وبالتالي عمِلت (إسرائيل) على خطّين متوازيين، الفقر والجهل وكلاهما كما قال "عليّ بن أبي طالب"، "لو كان الفقرُ رجلاً لقتلته"، كرّم الله وجهه كأنه يعلم حقيقة ما يحلّ في (القدس) الآن. وبالتالي، نحن نُشاهِد هذه المأساة تحِلّ في المدينة بكلّ صنوف العذاب، زد على ذلك أنّ هذه الآفات قد ورّثت من بعدها مزيداً من الآفات الأُخرى، من المُخدّرات والبنات والمُخابرات، كلّ ذلك نخَرَ في المُجتمع المقدسي بهدف تفكيك هذا المُجتمع، تفكيك بُنيته الوطنية والنضالية وجعلِه لقمةً مُستساغة أمام الزحف الاستيطاني بالمال، وجمعوا لذلك 17.4 مليار دولار، وبالسلاح وبقوات الدولة وبقوة القانون الإسرائيلي المفروض عنوةً على سكّان المدينة بحيث أنّها وُحِّدت بقوة السلاح. هذه هي إذاً الأساليب الإسرائيلية التي لا تُخفى عليكم
لانـا مدوّر: دكتور "جمال"، أنت ذكرت نُقطة مهمة جداً وهي، عندما تتحدث عن هذه المشاريع التي تقوم بها (إسرائيل) وكأنك تقول أنّ المقدسيين لا يعلمون ماذا يحدُث. كلّ هذا تقوم به (إسرائيل) وكأنه في الخفاء مشاريع لا يُمكن أن تُفسَّر أو لا يُمكن أن تُرى إلّا بعد أن تنتهي، بعد أن يكتمِل شكلها النهائي؟ وكأنّ هذه المواضيع لا يُمكن أن تشعُر بها إلّا بعد أن ينتهي المشروع؟
د. جمال عمر: نعم بالتأكيد. ليس بعد أن ينقضي وينتهي المشروع إنما بعد أن يُعلَن عنه ويكون قد تمّ ترخيصه ويُصبِح قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ بل ويبدأ تنفيذه فيُفاجئ المواطن المقدسي، السبب في ذلك هو أنّ المؤسسات الوطنية المقدسية التي من المفروض منها أن تُثقِّف المُجتمع المقدسي قد غُيِّبت تماماً وبالتالي فإنّ الإسرائيليين يعملون ضمن ساتر قوي جداً من السريّة. بالتالي فإنهم يقومون بإعداد المشاريع والعمل على ترخيصها بأُسلوب معروف لدى الجميع بأنه تلقائي ويتم الترخيص للمستوطنات وللجمعيات الدينية اليهودية المتطرفة، ثمّ يُفاجأ المقدسيون في اللحظة الأخيرة بهذا المشروع يهبِط على الأرض وكأنّه زلزال، وبالتالي تكون ردّات الفِعل متأخّرة جداً. هذا الذي عنيته وقصدته من أنهم لا يُحاطون علماً ولا يُحترمون في وطنهم لأنه سيُقام على أرضِهم وفي جوار بيوتهم وعلى أعتاب منازِلهم مشاريع استيطانية كالكلّية العسكرية التي أعلن عنها الآن نائِب وزير ما يُسمّى دفاع الحرب الصهيوني، وبالتالي هو يقول تماماً ما ذكرته، بأنّه في غضون عام فإنّ هذه الكليّة سترى النور على سفوح جبل "المُكبِّر"، وعلى سفوح "جبل الزيتون" أيضاً كلية. إذاً نحن أمام هذه المُعطيات نُشاهِد كيف هي سرعة المُفاجأة التي تحلّ على المقدسيين ولا يوجد ترتيبات نضالية مُسبقة تضع الفلسطينيين في صورة المخاطِر التي تحلّ بهم كلّ يوم
لانـا مدوّر: وعليه أصبحت صورة (القدس) كيف؟ إذا أردنا أن نتحدث عن الأحياء العربية دكتور "جمال" كم نسبتها الآن؟ كم نسبة الفلسطينيين الذين ما زالوا في أرضهم إذا أردنا أن نتحدث أيضاً عن المدارِس والجمعيات التي تُعنى بالفلسطينيين إلى أيّ مدى انحدرت أو إلى أية نسبة انحدرت؟
د. جمال عمر: الخطر الداهم الذي حلّ بمدينة (القدس) لا يخفى على الباحثين، ولقد قمنا بأبحاث عديدة ميدانية أثبتت لنا أشياء شديدة القتامة. فالاحتلال منذ عام 1967، حتّى منذ احتلال (القدس) الشرقية حتّى اليوم استطاع أن يضُخّ من المُستوطنين ما يُعادل سكّان (القدس) الشرقية فقط في هذا الجانب المُحتلّ عام 1967، بمعنى ربع مليون مُستوطن استُجلبوا إلى المدينة بمليارات الدولارات وبدعم مُباشِر من الحكومة الإسرائيلية والجمعيات الاستيطانية وقاموا بمصادرة الأراضي الفلسطينية ولم يبقَ بين أيدي الفلسطينيين أرضاً يبنون عليها في (القدس) إلّا 14 % منها فقط، تخايلوا هذا الرقم المتواضِع جداً. وأصبح المقدسيون للحقيقة أقلية الآن بالنسبة للقُدس الغربية والشرقية ولا يتجاوزون 33 في المئة، أي ثلث السكان فقط من الفلسطينيين. إذاً هم أقليّة على الأرض، أقلية من السُكان فضلاً عن وضعهم الاقتصادي المُتردّي، فضلاً عن تقطيع أوصال الأحياء الفلسطينية، هي مُقطعة الأوصال بعضها عن بعض. دخلت المُستوطنات كالأصابِع، وهي خطّة شارونية معروفة، بين الأحياء الفلسطينية فمزّقتها وجعلتها متشرذِمة ومتهالِكة، وجعلت المُستوطنات التي دخلت بين الأحياء الفلسطينية متّصلة بعضها ببعض في شبكة طُرُق قوية للغاية يخترِقها أيضاً القطار الخفيف الذي مزّق الأحياء الفلسطينية وتخترقها أيضاً مجموعة من الأنفاق. هذه الطُرق التي تربِط المُستوطنات بعضها ببعض هي عُنصرية بامتياز، هي تُمرِّر على الإشارة الضوئية أربعين سيارة صهيونية مُقابل أربع سيارات فلسطينية فقط لأحياء نشأت قبل قيام دولة الكيان في (فلسطين) بألفي عام، أحياء تاريخية قبل المسيح عليه السلام لكنّها ممزقة فقيرة فيها 2,400 بيت وتضخّ المال لبلدية الاحتلال تحت طائِلة نهب بيوت مبنية بغير ترخيص، فبالتالي فإنّ المقدسيين يُشكّلون الدجاجة التي تبيض ذهباً لصالِج ميزانية بلدية الاحتلال في (القدس)
لانـا مدوّر: دكتور "جمال" للأسف، أمام هذه المُعطيات كان لا بدّ من الحديث عن الحلول وما تقترحونه أنتم، وربما نختصرها بكلمة واحدة لأنه لم يعُد لدينا من الوقت ولا أيّة ثانية. هي فقط الإرادة وأن يكون هناك مشاريع تنظيمية وربما هذه تحتاج ليس فقط إلى إرادة فلسطينية إنما إرادة عربية أيضاً. أشكرك دكتور "جمال عمر" الخبير في شؤون (القدس) كنت معنا من (رام الله)، شكراً على هذه المُشاركة في حلقة الليلة من "خلف الجدار". مُشاهدينا أنتم أيضاً لكم الشُكر الأكبر على مُتابعتنا في حلقتنا. لا تنسوا، نحتاج إلى آرائِكم وأيضاً إلى المواضيع التي تُحبون أن تُشاهدونها أو أن تعرِفوا عنها أكثر في برنامجنا. يُمكنكم أن تتواصلوا معنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي الـ "فيسبوك" و"تويتر". أشكر لكم المتابعة وأشكُر أيضاً كلّ فريق عمل "خلف الجدار" نلقاكم الأُسبوع المقبل بإذن الله. إلى اللقاء