05-10-2013
هل تؤثر الهجرة المعاكسة من اسرائيل على هويّتها وأمنها؟ وكيف تستعيد اسرائيل ذكرى هزيمتها في حرب أكتوبر 1973؟ وكيف يعيد فلسطينيو ال48 ذكرى الانتفاضة الثانية بعد 13 عاما عليها؟ضيوف الحلقة: د. عباس اسماعيل – رئيس قسم الشؤون الاسرائيلية في الميادين، محمد جمال الدين مظلوم - خبير في الشؤون الإستراتيجية، هشام نفاع - كاتب صحفي.
نص الحلقة
<p> </p>
<p><strong><u>مقدمة المحور </u></strong><strong><u>الداخلي</u></strong></p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: أهلاً بكم إلى "خلف الجدار"، البرنامج الذي نُطلّ فيه على المشهد الإسرائيلي</p>
<p>- إذا تغيّر التوازن الديموغرافي لصالِح الفلسطينيين ماذا ستفعل (إسرائيل)؟ سؤالٌ يزداد مع ازدياد نسبة الهجرة المُعاكسة إلى الدول الأوروبية والأميركية، هذا من جهة</p>
<p>- من جهةٍ أُخرى هناك أحداثٌ تؤلِم الإسرائيليين وتُذكّرهم بأنهم يعيشون في منطقة لا تقبل وجودهم. حربُ أُكتوبر مثلاً هي واحِدةٌ من هذه الذكريات والانتصار العسكري فيها ما زالت دروسه تُستخلَص إلى اليوم</p>
<p>- إضافةً إلى هبّة أُكتوبر والانتفاضة الثانية التي وحّدت الفلسطينيين</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: هذه هي إذاً مواضيع حلقة هذه الليلة من "خلف الجدار" أمّا البداية فتكون مُباشرةً مع المحور الداخلي وبعض الأخبار التي اخترناها في البانوراما </p>
<p><strong><u>البانوراما الداخلية</u></strong></p>
<p>- بداية اشترى سلاح البحرية الإسرائيلية ثلاث سفنٍ بحرية هجومية من طراز "سوبر" تتمتّع بقُدرةٍ على المناورة الحادّة بسُرعةٍ فائِقة ومُزوّدة بأجهِزةٍ قتاليّةٍ مُتطوِّرة</p>
<p>- وفي خبرٍ آخر قامت الشُرطة الإسرائيلية باعتقال أربعةٍ من طلّاب إحدى المدارِس الدينية اليهودية بعدما ضبطتهُم مُتلبّسين وهم يعبثون بمحتويات مقبرة الروم الأرثوذكس على جبل (صهيون)</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: هذه هي إذاً كانت الأخبار والآن نذهب لنناقش المحور الأول، المحور الداخلي وموضوع الهِجرة المُعاكسة </p>
<p> </p>
<p> </p>
<p><strong><u>المحور الداخلي</u></strong></p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: تصوّروا أنّ أكثر من خمسين في المئة من الإسرائيليين يُفكّرون بالهِجرة. ربّما هذا المُعطى يكون طبيعياً لو لم تكُن الدولة هي (إسرائيل). فالدولة اليهودية التي اعتمدت على هجرة اليهود إليها لتكون وطناً بديلاً تواجه اليوم خطر الهجرة المُعاكِسة منها إلى دولٍ أوروبية وأميركية. سنتحدّث عن خطورة هذا الأمر على (إسرائيل) وعن أسباب هذه الهِجرة مع الدكتور "عباس إسماعيل" ضيفنا الدائِم ومدير قسم الشؤون الإسرائيلية في قناة "الميادين". أهلاً بك دكتور "عبّاس"</p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: أهلاً بكِ</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: قبل ذلك، قبل أن نتحدّث بشكلٍ مُفصّل عن هذا الموضوع نذهب إلى تقرير يستعرِض لنا تفاصيل هذه الأزمة</p>
<p><strong>تقرير "الميادين"</strong></p>
<p><strong>المعلِّقة</strong>: في الوقت الذي تعمل فيه (إسرائيل) جاهِدةً لجلب المزيد من اليهود لاستيطان (فلسطين) المُحتلّة تسعى يائِسةً لتفكيك قنبلة الهِجرة المُعاكِسة. المُعطيات والأرقام التي كُشِف عنها في الأيام الماضية، عن حجم الهجرة المُعاكِسة وأسبابها جاءت صادِمةً للإسرائيليين. أكثر من واحدٍ وخمسين في المئة منهم يُفكِّرون في ترك (إسرائيل) والهجرة إلى خارِجها خاصةً نحو (أميركا الشمالية) وفق مُعطياتٍ أظهرها استطلاعٌ للرأي نشرته القناة العاشرة</p>
<p><strong>إحدى الإسرائيليات 1</strong>: لقد فكّرت في ترك (إسرائيل). أرغبُ في الذهاب إلى (نيويورك) (لندن) أو (باريس). الحياة هنا باهِظةٌ جداً</p>
<p><strong>المعلِّقة</strong>: أسباب الهجرة المُعاكِسة تعود بحسب القناة العاشرة إلى غلاء المعيشة وارتفاع تكاليفها في (إسرائيل) إضافةً إلى ارتفاع أسعار الشقق وغيرها من الأسباب الاقتصادية. المُعطيات تؤكِّد أنّ موجة الهِجرة في (إسرائيل) قد ارتفعت في السنوات الثلاث الأخيرة. فإلى (نيو جيرسي) وحدها وصل في السنوات الماضية نحو ألفيّ عائِلة إسرائيلية. البعض بكلّ بساطة هاجر وترك (إسرائيل) بلا نيّةٍ للعودة واختار أن يسكُن ما وراء البحار. ناقوس الخطر دُقَّ في (إسرائيل) بعدما أظهرت استطلاعات الرأي أنّ 78 % من العائِلات تدعم سفر أبنائِها إلى الخارِج مُحمّلةً الحكومة مسؤوليّة ذلك</p>
<p><strong>إحدى الإسرائيليات 2</strong>: على الدولة أن تستيقظ، الهِجرة ليست أمراً جيداً، فالدولة هي التي دفعتهُم للهِجرة</p>
<p><strong>إحدى الإسرائيليات 3</strong>: رئيس الحكومة الوزراء السياسيون والأشخاص الذين لديهم القُدرة على التغيير هم من عليهم أن يروا أنّ الإسرائيليين يتركون الدولة. هذا تهديدٌ أخطر بكثير من "أحمدي نجاد" أو من أيّ هجومٍ أو تهديدٍ آخر قد تواجهه (إسرائيل)</p>
<p><strong>المعلِّقة</strong>: ما كشفته المُعطيات خلَق أصداءً واسِعةً جداً في (إسرائيل)، أصداءٌ دفعت وزير المالية "يائير لابيد" إلى الدخول على خطّ السجال الحاد واصفاً المُهاجرين في (إسرائيل) بالبعوض الذي يتساقط، وصفٌ جرّ عليه غضب الآلاف من الإسرائيليين الذين أمطروا صفحته على موقع الـ "فيس بوك" بالردود والتعليقات الغاضبة ما يعكِس حجم المُشكلة التي يواجهها المُجتمع الإسرائيلي</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: إذاً هناك مُشكلة دكتور "عباس" تواجه المُجتَمع الإسرائيلي في ما يتعلّق بهذه الهجرة المُعاكسة في مُجتمع يعتمِد أساساً على الهجرة إليه. لماذا هذه الضجّة؟ وهلّ هناك فعلاً خطورة بدأت تدُقّ ناقوس الخطر؟</p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: في البداية لا بدّ من الإشارة إلى أنّ حجم الضجّة أو حجم القلق الإسرائيلي نابع في الدرجة الأولى من حجم القيمة المعنوية والقيمة القومية والقيمة الدينية التي تُمنَح لمبدأ الهِجرة، هجرة اليهود من الخارِج إلى (إسرائيل) وبالتالي هذا أيضاً ينطبِق على هجرة اليهود من (إسرائيل) إلى خارِج (إسرائيل). للإشارة فقط، نحن نتحدّث عن الوافدين والمُغادرين في (إسرائيل). كدلالة على هذه القيمة في (إسرائيل)، المًصطلح المُعتَمد في اللغة العبرية أنهم يُطلقون على القادمين إلى (إسرائيل) مُصطلَح "عوليم" وعلى المغُادرين مُصطلح اسمه "يورديم". هذا معناه باللغة العربية "عوليم" هم الصاعدون و"يورديم" هم النازلون أو الهابطون. بالتالي، هذا التعبير يعكُس حقيقةً النظرة الإسرائيلية إلى الهجرة في (إسرائيل). بمعنى أنّ اليهودي الذي يأتي إلى (إسرائيل) يرتقي ويصعد واليهودي الذي يُغادر (إسرائيل) يكون في مسارٍ انحداري. هذا يعكُس القيمة التي يوليها الإسرائيليون لمبدأ الهِجرة، هذا من جهة. من جهة ثانية الهجرة لطالما اعتُبِرت، منذ بدء المشروع الصهيوني، إحدى الركائِز الأساسية جداً في المشروع الصهيوني إضافةً إلى الاستيطان لدرجة أن " بن غوريون" ذات مرّة عندما سئل وطُلِب منه أن يُجمِل الصهيونية كلّها بكلِمةٍ واحدة قال أنه يُجمِلها بكلمة "الهِجرة"، وبالتالي (إسرائيل) قيامها وبقاؤها يعتمدان بدرجة أولى على الهِجرة الإيجابية وفناؤها قد يكون من أحد أسبابه أو ضعفها قد يكون من أحد أسبابه الهِجرة السلبية. لذلك، عندما أُثيرَت هذه المُعطيات في الأُسبوع الماضي عبر سلسلة من التقارير التلفزيونية والتحقيقات والمُعطيات بدا القلق جلياً في (إسرائيل) لأنّ الإسرائيليين بدوا وكأنهم يعيشون على مُشكلة هم لا يعونها وبدت كأنها انفجرت في وجههم بشكلٍ مُفاجئ بينما هي موجودة منذ زمنٍ طويل. لذلك أحدثت هذه الضجة وأيضاً أدّت إلى انفجار داخل (إسرائيل)</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: دكتور "عبّاس"، واضح، شاهدنا في التقرير بأنّ السبب الرئيس الذي يدفع الإسرائيليين إلى المُغادرة هو اقتصادي. هم يشتكون من الوضع الاقتصادي في (إسرائيل)، صحيح؟</p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: هذا ما أظهرته المُعطيات، أنّ مُعظم الإسرائيليين الذين قرّروا الهجرة وأكثر من 51 في المئة يُفكّرون في الهجرة، لكن مُعظم الإسرائيليين الذين قرّروا الهجرة وعددهم تقريباً 78% من الإسرائيليين قالوا أنّ سبب الهِجرة هو الدافع الاقتصادي. لذلك، التقارير التي نُشِرت في (إسرائيل) في الأيام الماضية تضمّنت مجموعة من المُعطيات التي تُظهِر نوعاً من المُقارنة بين المُستوى الاقتصادي والمعيشي داخل (إسرائيل) والمُستوى الاقتصادي والمعيشي في الدول التي هاجر إليها الإسرائيليون، وهذا تضمّنَ على سبيل المثال لا الحصر، تضمّن المُعطيات ذات الصلة بكلفة السكن. مثلاً، في (إسرائيل) إذا أرادت العائِلة أو إذا أراد أي شخص أن يحصل على شقة بمساحة 70 متراً تقريباً يحتاج إلى 170 راتباً شهرياً، بينما هذا الرقم في (ألمانيا) في (برلين) وأيضاً في (نيو جيرسي) وفي (لندن) هو أقلّ بكثير، أقلّ من النصف تقريباً. الأمر نفسه انعكَس أو تجلّى في ما له علاقة بكلفة المعيشة. إذا أردتِ، مصروف ما يدفعه الإسرائيلي حول الكهرباء والغاز وضرائِب عقارات في (إسرائيل) هو تقريباً 2,900 شيكل شهرياً بينما في (برلين) على سبيل المثال لا الحصر يبلُغ 1,900 شيكل أيّ تقريباً 76 % إضافة. هذا الغلاء في المعيشة يقابله أنّ متوسِّط الأُجور في (إسرائيل) للطبقة الوسطى بحدود تقريباً 7,600 شيكل بينما في (برلين) و(نيو جيرسي) و(لندن) وهي دول التي جرت فيها المُقارنة تبدأ بـ 8,000 شيكل وترتفع لتصل إلى أكثر من 12 ألف شيكل، وبالتالي هذا يُشجِّع كثيراً الإسرائيليين بأن يذهبوا إلى مكان يُقدِم لهم خدمات أفضل، وهذا في حدّ ذاته يُشكِّلُ خللاً كبيراً في (إسرائيل) باعتبار أنه إذا كانت (إسرائيل) هي مشروع الدولة اليهودية التي يجب أن تجلب كلّ اليهود إليها فبالتالي هي معنيّة أيضاً بأن تُقدِّم لهم الخدمات الأفضل، ولأن أصل تقديم الخدمات كان جزءاً أساسياً من جزء جلب المُهاجرين من الخارِج فهي الآن أمام أمر واقع هو أن كثير من الإسرائيليين يجدون أنّه إذا كان الوضع الاقتصادي في دولة غير (إسرائيل) أفضل فهُم لا مانع لديهم من أن يذهبوا إليها عوضاً عن (إسرائيل). ونسبة 78 % من الإسرائيليين كما أظهرت الإحصاءات لا مانع لديهم أن يرسلوا أبناءهم إلى الخارج وبالتالي هذا يعكُس فشلاً إسرائيلياً كبيراً ليس على المُستوى الاقتصادي فقط إنما أيضاً على مستوى الوعي وعلى مُستوى التربية وهذا قد يؤثِّر كثيراً على كلّ فكرة الدولة اليهودية مستقبلاً</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: دكتور "عبّاس"، وأنت تتحدّث لو نشاهِد أيضاً بعض الأرقام التي أظهرها استطلاع للرأي يُظهِر أن الإسرائيليين يشجّعون أبناءهم على المُغادرة، على مُغادرة (إسرائيل) بسبب هذا الوضع الاقتصادي الضاغِط عليهم. نُشاهِد بعض الأرقام ربما، "هلّ تُشجِّع هجرة أولادك؟" والنتيجة نسبة " نعم أُشجِع "45"% من الأهل يُشجعون ، وقليلون هم من يُعارِضون. هناك أيضاً الكثير من الأرقام سنُشاهِدها تباعاً. أتحدّث معك أيضاً في هذا القلق، سبق وذكرت لنا لماذا (إسرائيل) قلقة وتخاف من أن يتغيّر التوازن الديموغرافي مع العرب أيضاً فيها. ولكن هناك ردّ الفعل الرسمي، هذا أيضاً يجب أن يُبحَث. "يائير لابيد" كان ردّه مثيراً للكثير أيضاً من السخط داخل المُجتمع الإسرائيلي. على المُستوى الرسمي، هلّ هناك استيعاب؟ انطلاقاً مما قاله "يائير لابيد"، هلّ الحكومة أو القادة في (إسرائيل) لديهم نيّة في أن يستوعبوا هذه المُشكلة التي تُحدِق بهم؟</p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: النيّة موجودة لأنه سبق وتمّ الإعراب عنها أصلاً في خطوات سابقة. نذكُر منذ سنوات هناك تمّ البحث في الحكومة الإسرائيلية خطوات من أجل تقديم حوافز ماديّة من أجل إعادة الإسرائيليين الذين هاجروا لأنّه في هذه النُقطة بالذات أيضاً، المُشكلة بالنسبة لـ (إسرائيل) أنّ الذين يُهاجروا هم من الطبقة النوعيّة في (إسرائيل) وليسوا من الناس الفقراء أو البُسطاء، بينما الذين يُهاجرون إلى (إسرائيل) الآن في غالبيّتهم العُظمى ليسوا من الطبقة النوعيّة وبالتالي (إسرائيل) أيضاً هنا أمام معضلة أن تخسر شريحة متعلِّمة لديها الخُبرات، لديها القُدرات، وتستقبل شريحة تعمَل على إعادة تعليمها وتدريبها وتأهيلها وهذه مُشكلة ثانية. لكن هنا أيضاً بما أنكِ تفضّلتِ وتحدثت عن موضوع التوازن الديموغرافي لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ أكثر من نصف الإسرائيليين، منذ عام 1948 حتّى الآن، تقريباً 3.2 ملايين من الإسرائيليين اليهود الذين يبلُغ عددهم الآن تقريباً ستة ملايين هم من المُهاجرين. هذا يعني أنّ أكثر من نصف الإسرائيليين هم من المُهاجرين بينما الآن المُشكلة الموجودة أنّ نسبة المُهاجرين إلى (إسرائيل) تراجعت منذ العام 2000 حتّى الآن وهي في تراجع مستمر. نسبة الذين يُغادرون (إسرائيل) هُي في تصاعُد مُستمرّ وهذا ويوجد خللاً ديموغرافياً</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: لماذا تراجعت نسبة المُهاجرين إلى (إسرائيل) دكتور "عباس"؟ لنفس الأسباب الاقتصادية؟</p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: نفس الأسباب التي تؤدّي إلى زيادة نسبة المُهاجرين من (إسرائيل) هي التي تلعب دوراً أيضاً في انخفاض نسبة المُهاجرين إلى (إسرائيل). وحتّى الآن ولذلك نحن نبحث في الآونة الأخيرة وبدأنا نقرأ أنّ (إسرائيل) تبحث عن قبائِل في (الصين) لها جذور يهوديّة وفي (الهند) قبيلة "ميناشيلاها" لها جذور يهودية وفي (أثيوبيا)</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: لكي تستقطبهم كلهم</p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: بالإضافة إلى بعض اليهود الذين لا يزالون موجودين في دول الاتحاد السوفياتي السابق، وبالتالي نحن في الآونة الأخيرة نشهد بأنّ مُعظم الذين يُهاجرون إلى (إسرائيل) سيأتون لأسباب اقتصادية وبالتالي مُعظم الذين يُغادرون إلى (إسرائيل) يغادرون للأسباب والأهداف ذاتها. هذا الاختلال في الميزان بين الوافدين وبين المُغادرين في (إسرائيل) مُقابل ارتفاع نسبة العرب في (إسرائيل)، وللمقارنة فقط منذ عام 1948 حتّى الآن زاد عدد سُكّان (إسرائيل) عشرة أضعاف. العرب زادوا عشرة أضعاف واليهود زادوا عشرة أضعاف، اليهود زادوا عشرة أضعاف رغم أنّ نصفهم من المُهاجرين والعرب زادوا عشرة أضعاف ولم يُهاجِر أحد من العرب إلى (إسرائيل). هذا مع الوقت وفي ظلّ أيضاً نسبة نموّ</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: سيُغيِّر الديموغرافيا</p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: مختلّة لصالِح العرب في (إسرائيل)، هذا يؤثِّر على الميزان الديموغرافي، وفي (إسرائيل) الديموغرافيا عامِل جد مُهِمّ في (إسرائيل) لأنّ الهوية اليهودية للدولة، الدولة اليهودية القومية</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: الأكثرية اليهودية</p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: من دون يهود ومن دون أكثرية يهودية لا توجد دولة </p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: دكتور "عبّاس" سنذهب الآن إلى تقرير. بعدما تحدّث "يائير لابيد" على الـ "فيس بوك" وقال ما قاله ذهب التلفزيون الإسرائيلي إلى الحيّ الذي يسكُن فيه، وهو بالمناسبة طبعاً حيّ راقٍ جداً في (تل أبيب)، وأجرى مُقابلات مع جيران "لابيد" لكي يعرِف كيف يُفكّرون أيضاً أبناء الطبقة الراقية والذين يستطيعون أن يدفعوا كثيراً من المال ثمناً لشقق، كيف أيضاً يُفكّرون في ما يتعلّق بهذه الهِجرة، وهو بالمناسبة تقرير مُلفِت سنُشاهده سوياً</p>
<p><strong>تقرير التلفزيون الإسرائيلي </strong></p>
<p><strong>المراسل الإسرائيلي</strong>: نحن موجودون في الملعب المنزلي للوزير "يائير لابيد" الذي هاجم الشبّان المُهاجرين من (إسرائيل) على خلفيّة الوضع الاقتصادي. لنسأل سكّان الحيّ الراقي الذي يعيش فيه الوزير عن رأيهم حول سلسلة التقارير التي بثّيناها بشأن هجرة الشباب من (إسرائيل). سلام سيّدتي، ما تعليقك على التقارير؟</p>
<p><strong>رأي سيدة إسرائيلية 1</strong>: نعم، إنهم مُحقّون</p>
<p><strong>المراسل الإسرائيلي</strong>: هلّ تتفهمين الشباب الذين قرّروا الهِجرة؟</p>
<p><strong>رأي سيدة إسرائيلية 1</strong>: لو كنت شابّة ولديّ المكان الذي يُمكن أن أذهب إليه لفعلت</p>
<p><strong>المراسل الإسرائيلي</strong>: إذا طلب أولادكِ منكِ الهجرة كيف ستُجيبينهم؟ </p>
<p><strong>رأي سيدة إسرائيلية 1</strong>: حتماً سأذهب معهم</p>
<p><strong>المراسل الإسرائيلي</strong>: حقاً؟ </p>
<p><strong>رأي سيدة إسرائيلية 2</strong>: يجب على الدولة أن تستيقظ، ليس من الجيّد أن يُغادروا وتتحمّل الدولة مسؤوليتها الكاملة تجاه هجرة الشبّان عن أراضيها</p>
<p><strong>المراسل الإسرائيلي</strong>: إلى أيّ مكان تُفضّلين الهِجرة؟</p>
<p><strong>رأي سيدة إسرائيلية 3</strong>: أُفضِّل الذهاب إلى (نيويورك) أو (لندن) أو (برلين)، المُهمّ ألّا أشعُر بالغُربة عن وطني</p>
<p><strong>المراسل الإسرائيلي</strong>: لماذا تُفكّرين بالهِجرة، هل بسبب غلاء المعيشة؟</p>
<p><strong>رأي سيدة إسرائيلية 3</strong>: نعم، غلاء المعيشة هو السبب، لا أعتقد أنني سأستطيع الوصول إلى مُستوى معيشة والديّ</p>
<p><strong>المراسل الإسرائيلي</strong>: إذا قرّرنا جميعنا الهجرة من البلاد فمن سيبقى فيها؟</p>
<p><strong>رأي سيدة إسرائيلية 3</strong>: والداي خدما في الجيش 25 عاماً وهُم جداً صهاينة وقاموا بتشجيعي على الهِجرة من البلاد</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: ما تعليقك دكتور "عبّاس" على ما وَرَد في هذا التقرير؟ خصوصاً أنّ الشُبّان يأتي تشجيعهم من الأهل وليس فقط هذا الفكر عند الشباب </p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: هذا يُظهِر حقيقة الأزمة أو الظاهرة الموجودة في (إسرائيل)، وهؤلاء جيران "يائِير لابيد" وهو أحدث ضجة كبيرة. بالمُناسبة، "لابيد" قبل الانتخابات كان قد أدلى بمواقف أبدى فيها تفاهُمه لعوامِل تؤدّي بالإسرائيليين إلى الهِجرة، ثمّ منذ فترة ومنذ أيام أطلق موقفاً من (هنغاريا) اعتبر فيه أنّ هؤلاء الإسرائيليين يُلقون بـ (إسرائيل) إلى سلّة القمامة، هذا ما استدعى ردود فِعل قوية. البعض ذكّرَ "لابيد" بأنّ "لابيد" شخصياً في العام 1997 هاجر إلى (أميركا) وترَك (إسرائيل) وغادرها رغم أنّ أحواله الماديّة كانت جيدة جداً، والبعض ذكَّره بما كتبه في مُذكرات والده "توني لابيد" الذي كان وزيراً وتوفي ونقل عن والده أنه كان يقول بأنه شعر بألمٍ شديد لأنّ ابنه غادر (إسرائيل) وبالتالي هذا الوزير الذي يُعطي دروساً الآن في الوطنية إذا صحّ التعبير ذكّره بعض الإسرائيليين</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: بأنه فعل نفس الشيء</p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: بأنه هو نفسه كان قد هاجر وغادر (إسرائيل) البعض قال له " ربما يكون استخدامك للمُخدرات قد مسحَ ذاكرتك"</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: إلى هذه الدرجة</p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: إلى هذه الدرجة نعم لأنّ هذه أيضاً قصة أُخرى وهي استخدامه المخدرات ونفيه الموضوع. لذلك كان رد الفِعل الكبير في (إسرائيل) حول "يائير لابيد" وما قاله</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: كانت ردود فعل شخصية عليه</p>
<p><strong>د. عبّاس إسماعيل</strong>: آلاف ردود الفِعل على صفحته على الـ "فيس بوك" وُجِّهت إليه وبالتالي جيرانه في المكان الذي يسكن فيه مُعظمهم أعرَب خلال هذا التقرير عن أنّهم لا مانع لديهم من الهجرة بل يُفضلون الهِجرة وأحد أهم أسباب ذلك هو الوضع الاقتصادي</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: شكراً دكتور "عباس إسماعيل" مدير قسم الشؤون الإسرائيلية في قناة "الميادين" على كلّ هذه المعلومات فعلاً المُهمّة التي قدّمتها لنا في هذا المحور، شكراً لك. مُشاهدينا بعد قليل سنُتابع "خلف الجدار" وسنتحدّث عن ذكرى حرب أُكتوبر وكيف مرّت على (إسرائيل) والمعلومات الخطيرة التي كُشِفت هذا العام والتي تتعلّق بأنه كان حينها لدى القادة الإسرائيليين نيّة في استخدام السلاح النووي. سنتحدّث أكثر بعد هذا الفاصل، ابقوا معنا </p>
<p><strong><u>مقدّمة المحور الإقليمي</u></strong> </p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: من جديد نُرحِّب بكم في "خلف الجدار" ونبدأ الآن بالمحور الإقليمي وطبعاً ببعض الأخبار. هناك خبر واحد اخترناه لكم في هذه الحلقة. "الشاباك" كشف أنّه اعتقل قبل حوالى أُسبوعين مواطناً إيرانياً يُشتَبَه كما يقولون بضلوعه في مُخططٍ تجسّسي في (إسرائيل) ويحمِلُ جوازاً بلجيكياً، ومن المثير للجدل تاريخ إعلان اعتقال هذا الرجل الذي تصادَفَ مع ليلة توجُّه "بنيامين نتنياهو" إلى الولايات المتحدة الأميركية لإلقاء خطابه في الأُمم المتّحدة. الآن نذهب مُباشرةً لنُناقش حرب "يوم الغفران" في ذكراها الأربعين وكيف كان صداها في (إسرائيل) </p>
<p><strong><u>المحور الإقليمي</u></strong></p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: حربُ "يومِ الغفران" كما تُسمّيها (إسرائيل) التي أوصلت العرب إلى النصر ما زالت (إسرائيل) تستخلِص دروسها حتّى اليوم. المُلفِتُ في الذكرى الأربعين لهذه الحرب ما نُشِرَ من وثائِق تُثبِت أنّ قادة (إسرائيل) فكّروا في استخدام السلاح النووي عندما شعروا بأنّهم سيُهزمون عدا عن الدروس المُرّة الأُخرى التي عبَّرَ عنها قادة (إسرائيل). نستعيدُ في هذا المحور الذكرى من وجهة النظر الإسرائيلية ونستقبلُ معنا اللواء المُتقاعِد "محمّد جمال الدين مظلوم"، وهو طبعاً خبير استراتيجي وأحد أبطال حرب أُكتوبر، أهلاً بك سيادة اللواء، وطبعاً أنت تنضمّ إلينا وتُحدّثنا من (الرياض) في هذه الحلقة. وقبل أن نبدأ معك هذا الحوار اسمح لي أن نذهب معكَ ومع المُشاهدين إلى تقريرٍ يعرِض لنا بعض ما قاله الإسرائيليون في الذكرى الأربعين لحرب "يوم الغُفران" </p>
<p><strong>تقرير منال إسماعيل</strong></p>
<p><strong>منال إسماعيل</strong>: (إسرائيل) فوجئت وصُدِمت. ألفان وخمسمائة قتيلٍ وآلاف المُصابين ومئاتُ الأسرى وتعرُّض عشرات الآلاف من الجنود لصدمة القتال. هكذا تنظُر (إسرائيل) إلى نتائِج حربِ يوم الغُفران التي وقعت في مثلِ هذه الأيام قبلَ أربعين سنة. تفاصيلُ وأسرارُ هذه الحرب لا تزالُ تُكشف تِباعاً عبر الشهادات التي تسمح الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشرها وآخرها شهادة رئيسة الوزراء حينها "غولدا مائير" أمام لجنة "أغرانات" التي شُكِّلت للتحقيق في إخفاقات الحرب</p>
<p><strong>غولدا مائير – رئيسة الوزراء الإسرائيلية 1973</strong>: لقد اعتدنا طوال الوقت أن ننظُر إلى الرئيس المصري على أنه ليس رجلاً جدياً، وقد امتنعتُ عن ضربةٍ وقائِية بسبب خوفي من أن يؤدّي ذلك إلى وقف المُساعدات العسكرية الأميركية لـ (إسرائيل)</p>
<p><strong>منال إسماعيل</strong>: مقاطع إضافية من الشهادة تُبرِزُ أيضاً الفشل الاستخباري الإسرائيلي وشعور "مائير" بالدونيّة مقابل العسكريين</p>
<p><strong>غولدا مائير: </strong>أعتقد أنّ عنوان الكارثة التي حدثت لنا مساء "يوم الغفران" هو "أخطاء"، فكلّ واحِدٍ أخطأ في ميدانه قليلاً. لم أستطع أن أواجه رئيس الاستخبارات أو رئيس هيئة الأركان</p>
<p><strong>منال إسماعيل</strong>: إضافةً إلى شهادة "غولدا مائير" تمّ الكشفُ عن جزءٍ من مذكرات قائِد الجبهة الجنوبية خلال الحرب "حاييم بارليف" التي تُبيِّن أن الصدمة والذهول اللذان أصابا (إسرائيل) دفعا بها إلى حافة استخدام أسلِحةٍ غير تقليدية لتجنُّبِ مزيدٍ من الهزائِم والخسائِر حيثُ أخبرت "غولدا مائير" "بارليف" بأنّ "موشيه دايان" يقترِحُ استخدام وسائِلَ غير تقليدية بمثابة "عليّ وعلى أعدائي يا رب". هذه الحرب التي وُصِفت بالفشل والكارثة لا تزالُ تُشكِّلُ جرحاً مفتوحاً بالنسبة للمُجتمع الإسرائيلي الذي اعتبرها نتيجةً لانغلاق الإحساس لدى الطبقة السياسية والغرور لدى القيادة العسكرية حينها، فهلّ تعلّمت (إسرائيل) العِبرة منها أم أنّها مُستمِرّةٌ في النهجِ نفسه؟</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: قبل أن نُجيب عن هذا السؤال الذي طرَحه التقرير لزميلتنا "منال إسماعيل"، سيادة اللواء أنت شاركتَ في هذه الحرب، كنت أحد أبطالها، وربما أبدأ معك بالسؤال الأهمّ. بعد أربعين عاماً على مرور هذه الحرب، عندما ينظُر المرء إلى الوراء وبعد كلّ الأحداث التي مرّت في العالم العربي وفي الصراع مع (إسرائيل) تحديداً ربما تتغيّر الدروس من عام إلى آخر. اليوم، إذا أردتَ أن تنظُر إلى الماضي وأيضاً أن تُعطينا درساً ربّما أو خُلاصتك على المُستوى الشخصي استخلصتها، ماذا يُمكن أن تقول؟</p>
<p><strong>محمّد جمال الدين مظلوم – خبير استراتيجي</strong>: في الحقيقة عندما دخلنا حرب 1973 نحن كمصريين والإخوة السوريين، عندما دخلنا كعنصرين رئيسيين في هذه الحرب كان معنا حوالى تسع دول عربية أُخرى وبالإجمال إحدى عشر دولة. في حقيقة الأمر نحن كمصريين ننظُر لها من ناحية أنّ هذه الحرب بالضبط هي حرب الساعات الست. (إسرائيل) كانت تُطلِق على عدوانها عام 1967 حرب الأيام الستة ونحن نُطلِق على هذه الحرب تسمية حرب الساعات الستّ لأنه اعتباراً من الساعة الثانية عشر ظهراً إلى الساعة الثامنة ليلاً، أي بعد ستّ ساعات فقط لا غير، لنا أن نتخايل أنه كان يوجد ثمانون ألف جندي مصري في شرقيّ قناة (السويس)، ثمانون ألف بالضبط. ربما أوّل ساعة كان هناك حوالى 15 إلى 20 ألف وتوالى وصول الناس إلى شرقيّ القناة حتى وصل تعدادهم في الليل إلى ثمانين ألفاً. وفي نفس الوقت كانت القوات المُسلّحة تُعِد الفتحات في ساتر خطّ "بارليف" وكانت تُعِدّ العدّة، وفي الساعة الثانية عشر تقريباً أو الساعة الأولى أو الثانية فجراً كانت الكباري تقريباً مُركّبة على قناة (السويس) واستطاعت الدبابات أن تتحرّك عليها وتصل إلى شرقيّ القناة. عندما نأتي إلى السؤال، نحن نتحدّث اليوم بعد أربعين سنة عن شيء استراتيجي وما تحقّق جرّاؤه للعرب أو في الجانب الآخر هي خسارة للجانب الإسرائيلي، فأنا أول شيء أقوله خفض الروح المعنوية لدى الجيش الإسرائيلي وذلك حصل كما جاء في التقديم بعد الحرب مباشرةً في لجنة تحقيق "أغرانات" وتمّ عزل عدد كبير من القادة في (إسرائيل)، نعم </p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: سيادة اللواء، قبل أن تُحدّثني في هذه التفاصيل لأنه أيضاً لدينا كلام لـ "موشيه يعالون" الذي كان ضابطاً أو جندي احتياط حينها. قبل أن تُحدّثني في هذه التفاصيل، كان سؤالي عن المعنى الاستراتيجي، هلّ حرب عام 1973 أسّست لمزيد من الهزائِم لـ (إسرائيل) أم لا؟ أنت ماذا تعتقد؟ هذه الحرب لما أسّست؟</p>
<p><strong>محمّد جمال الدين مظلوم</strong>: أنا أُريد أن أقول لحضرتكِ، الناس الذين دخلوا حرب عام 1973 يكفي أنّ أبسط شيء أنها كسَرت حاجِز الخوف الذي كان لدى المُقاتِل العربي أمام الجانب الإسرائيلي. نحن في عدوان عام 1948، حرب 48، نعلم الظروف التي كانت فيها الدول العربية. عدوان عام 1956، انسحب الجيش المصري من الجبهة لأنه كان عدواناً فرنسياً إنكليزياً إسرائيلياً. في نفس عام 1967 أنا أُريد أن أقول أنه كان هناك تقاعُس دولي سواء كان الاتفاق ما بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي الذي كان يُعتَبَر في ذلك الوقت صديقاً لـ (مصر) و(سوريا) إنما كان عاملاً من عوامِل نكسة عام 1967 لأنه على ما يبدو أنه تحالف مع الغرب في أنّ القوات المُسلّحة المصرية والجيوش العربية توزَن في هذا الوزن. فأنا أُريد أن أقول أنّه كسر حاجز الصوت لأنّ حرب الاستنزاف التي حصلت تقريباً من 1968-1969 إلى 1970-1971 جعلت الجندي المصري يُقاتِل مُباشرةً. عندما تُطلَق عليه النار يرُدّ مُباشرةً، وهذه كانت نتيجة حرب الاستنزاف التي وصلنا فيها إلى حرب عام 1973. طبعاً فكرة الجندي الإسرائيلي الذي لا يُقهَر انتهِت ولم يعُد لها وجود. الذراع الطويلة التي كانت تقول أن (إسرائيل) تمتلِك قوّات جويّة تصل إلى أي مكان لم تفعل لها شيئاً في حرب عام 1973</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: سيادة اللواء، ما كشفته (إسرائيل) هذ العام بعد مرور الذكرى الأربعين، وهم في المناسبة لا يكشفون معلومات، أن كلّ جلسات الحكومة في وقتها وكلّ هذه المعلومات السرّية وماذا دار بين المسؤولين العسكريين والأمنيين والسياسيين، كلّه قيد الكتمان. ما كُشِفَ هذا العام عن أنّ (إسرائيل) في حينها كانت تنوي استخدام السلاح النووي عندما شعرت بأنّ الأُمور ستضغط عليها كثيراً ومن المُمكن أن تخسر الحرب. نُشاهِد معك هذا المقطع الصوتي لمسؤول إسرائيلي هو "أرنون عزرياهو" وهو المساعِد الأقرب للوزير الأقوى حينها في حكومة "غولدا مائير" "إسرائيل غاليلي". هذا المُساعد لـ "إسرائيل غاليلي" يقول أو يعترِف بأنّه كان من المُمكن استخدام السلاح النووي. نُشاهِد ماذا قال هذا الرجل</p>
<p><strong>أرنون عزرياهو – المُساعد الأقرب للوزير إسرائيل غليلي</strong>: "دايان" قال، أُفكِّرُ في أنّه بسبب أنّ الوضعَ بالغ السوء ولأنّه أيضاً لن يتوافر لنا الكثير من الوقت والكثير من الخيارات يجدُر بنا أن نُعِدّ الخيار النووي للتظاهُر أيضاً. كلامُ "دايان" أثار عاصفة. اشتعَل الوزير " إيغال ألون " وكذلك "غليلي"، وقفا وعرضا الأمر وقالا أنه بوسعنا الصمود ووقف الهجوم وأنّ قواتنا الاحتياطية في الطريق إلى (الجولان) وأنّ موازين القوى ستتغيّر بسُرعةٍ كبيرة ولا حاجة إلى إثارة الذعر، المُهم أننا إذا فعلنا ذلك فهذه نهاية المسألة. "غولدا مائير" بعدما سمِعت الكلام اتّخذت قرارها وقالت لـ "دايان"، "إنسَ الأمر"، استخدمت تعبير "إنسَ الأمر"</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: هذا الموضوع يُظهِر إلى أيّ مدى كان هناك حرج أو كان هناك بالفِعل خوف إسرائيلي من فقدان زمام الأُمور في هذه المعرَكة. هذا يدلّ على أنّ (إسرائيل) لا تتوانى عن أن تستخدِم أيّة وسيلة ربما تكون مُحرّمة دولياً لكي تصل إلى ما تُريده في حال حصلت أو شعرَت بأنّ وجودها مُهدّد سيادة اللواء</p>
<p><strong>محمّد جمال الدين مظلوم</strong>: نعم أنا أتفق مع حضرتكِ في هذا ونحن كمُحلّلين عسكريين وسياسيين نقول أنّ (إسرائيل) أعدّت السلاح النووي لديها في حالتين، حالة منهما كانت بعد الصدمة التي تلقّتها في حرب أُكتوبر المجيدة بحيث رفعت استعداد الوحدات النووية لديها، ولولا ضغط من الولايات المتحدة على (إسرائيل) في أنها دعتها إلى الانتظار نسبياً ووعدتها بمُساعدات عاجلة، نريد أن نقول أنّ (أميركا) أعطت (إسرائيل) أكبر شُحنة مُساعدات في التاريخ وصلت إلى حوالى 55 ألف طنّ وتمّ نقلها جواً إلى (إسرائيل) ووصلت إليها من مخازِن قريبة سواء أكانت في (ألمانيا) أو في دول أُوروبية أُخرى. فنحن نقول أنّ (إسرائيل) لا تتورّع عن استخدام هذا السلاح النووي، ولولا خوف الولايات المتحدة الأميركية من أن تصل هذه الحرب إلى حربٍ نووية بينها وبين الاتحاد السوفياتي لأنه لم يكن الاتحاد السوفياتي سيقف مكتوفاً أزاء هذه النية أو هذا الاستخدام للسلاح النووي من (إسرائيل) تجاه الدول العربية</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: سيادة اللواء، "ناحوم برنياع" وهو كاتب ومُحلِّل في صحيفة "يديعوت " يقول شيئاً، أريد منك أن تُعلِّق على ما يقوله هذا الكاتب الصحافي، نُشاهد</p>
<p><strong>ناحوم برنياع – أحرنوت تحت عنوان "الموت في سبيل أرضِنا</strong>: علّمت حرب "يوم الغُفران" حكومات سبعينات القرن الماضي حدود القوة، فقد أدركت ثلاث حكومات، حكومة "غولدا مائير" و"إسحاق رابين" و"مناحيم بيغن" أنّ (إسرائيل) لا تستطيع السيطرة على جميع الأراضي التي احتلّتها وكان الانسحاب من (سيناء) وجزءٍ من (الجولان) تدريجياً وضمن أربعين سنة هدوءٍ مطلقٍ تقريباً مع (مصر) و(سوريا) وهما أكثر الجبهات تهديداً، ومهّد الطريق لاتفاقي سلامٍ مع (مصر) و(الأُردن)، فلو لم تحدُث الحرب ولم تنتهِ بوهمِ انتصارٍ للعرب لما كانت لنا أربعون سنة هدوء</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: ما رأيُك بهذه الجُملة الأخيرة، "وهم الانتصار للعرب وأنّ هذه الحرب مهّدت لهدوء على الجبهات مع (إسرائيل)"</p>
<p><strong>محمّد جمال الدين مظلوم</strong>: طبعاً، نحن يجب أن نعرِف أن (إسرائيل) في حرب 1973 كانت هزيمتها قاسية وربما هي ما زال يمتلكها الغرور في أن تُحاول السيطرة على هذه الأراضي، وكما جاء في التقديم للحقيقة، بعض القادة الحقيقيين الذين ما زالوا يريدون (إسرائيل) أن تنجح أو أن تتجّه إلى السلم بقدر الإمكان ينتقدون النظام في (إسرائيل) وفي أنها لم تأخُذ من هذه الحرب عبرة وتصل إلى سلام مع كافة الأطراف في الدول العربية وفي أنها ما زالت تُحاول العنجهية والسيطرة واستخدام القوة العسكرية. ما أُريد أن أقوله في الحقيقة أنه ربما كانت وجهة نظر (إسرائيل) في توقيع اتفاقية السلام مع (مصر) كأكبر دولة عربية أنها كانت تُدرِك أنها إن لم تصل إلى حلّ مع (مصر) وتُسلِّم الأراضي التي احتلّتها بقدر الإمكان كان لا شك في أنه سيكون هناك تفكير في حروب تالية لهذه الحرب. فما نريد أن نقوله أنّ شدّة القسوة والنجاح والتفوّق الذي حصل وكسر حاجز الصوت والأوهام التي كانت تعيشها (إسرائيل) بالذراع الطويلة والعسكري الذي لا يُقهَر وجندي السوبرمان وهذا الكلام كله، أجبرتها على أن توقِّع اتفاقية سلام مع (إسرائيل) وكادت أن تكون تريد أن توقِّع اتفاقاً مع (سوريا) وتخوّفها من ذلك في ذاك الوقت، إنما طبعاً الظروف التي مرّت فيها (سوريا) وأن (سوريا) أصبحت وحيدة الآن في عملية دخول في حرب لتحرير (الجولان) الذي تحتله (إسرائيل) وجزء من هضبة (الجولان) التي تحتلها (إسرائيل)</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: كان يُمكن أن نتحدّث أكثر في هذا الموضوع سيادة اللواء بما أنك تتحدّث عن (الجولان) وما خلّفته هذه الحرب بالنسبة لمواجهة (سوريا) في (الجولان) مع (إسرائيل) ولكن انتهى الوقت. أشكرك سيادة اللواء المتقاعِد "محمّد جمال الدين مظلوم" الخبير الاستراتيجي وأحد أبطال حرب أكتوبر كنت معنا من (الرياض)، شكراً لك. بعد قليل مُشاهدينا سنعود إلى "خلف الجدار" وسنتحدّث في القسم الأخير عن ذكرى أيضاً مؤلِمة بالنسبة للإسرائيليين وهي ذكرى "هبّة أكتوبر" أو الانتفاضة الثانية، تابعونا</p>
<p><strong><u>مقدّمة المحور الفلسطيني</u></strong> </p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: من جديد نرحّب بكم في "خلف الجدار" ونبدأ المحور الفلسطيني بخبر يتعلّق بمؤتمرٍ دولي تحت عنوان " من الحقيقة إلى الإصلاح: عودة اللاجئين الفلسطينيين ". هذا المؤتمر هدفه البحث في العودة الفعليّة للاجئين بمُشاركة أكاديميين إسرائيليين وناشطين فلسطينيين. والآن نذهب لنستذكر معكم "هبة أُكتوبر" والانتفاضة الثانية</p>
<p><strong><u>المحور الفلسطيني</u></strong></p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: كان كافياً أن يرى الفلسطينيون "أريئيل شارون"، الرجل الذي قتل واغتصب العرب متجولاً في حَرم (المسجِد الأقصى) المُبارك ليُشعِلُ انتفاضةً ثانية. بطولات هذه الانتفاضة التي واجهتها (إسرائيل) بوحشية ما زالت تحفِر إلى اليوم في ذكراها الثالثة عشرة في الذاكرة العربية مشاهِدُ لا يُمكن أن تُنسى. "محمّد الدرّة" ابن الثانية عشرة المُلقى جُثّةً على رُكبتي والده هو أسطعُ دليلٍ على وحشيّة (إسرائيل). نتحدّث الآن في هذا المحور عن الذكرى ونسأل، هلّ هناك بذور لانتفاضةٍ ثالثة؟ ونستقبل في هذا المحور الكاتب الصحافيّ والمُحرِّر الرئيسي في صحيفة "الاتّحاد"، أُستاذ "هشام نفّاع"، أهلاً بك، وطبعاً أنت تُحدِّثنا من (الناصرة). وقبل أن نبدأ معك هذا الحوار سنذهب إلى الذكرى كما صوّرتها لنا "هناء محاميد"</p>
<p><strong>تقرير- هناء محاميد </strong></p>
<p><strong>هناء محاميد</strong>: ثلاثة عشر عاماً مضت ولم ينطفئ لهيبُ الغضبِ لدى الفلسطينيين. في مسيرة شهداء الانتفاضة الثانية يمشون سنوياً، شيوخاً وصغاراً، مُجدّدين عهد الوفاء لهم. قريةُ (كُفر مندف) في (الجليل) احتضنت سعيهم هذا العام</p>
<p><strong>مُشارِك في المسيرة</strong>: كلّ شخص عنده حسّ وطني فلسطيني مُجبَر لأن يأتي إلى هكذا تظاهرة وهكذا مسيرة. الحس الوطني يدفعنا إلى المشاركة في هكذا مسيرة التي هي في ذكرى شُهدائنا الأبرار</p>
<p><strong>هناء محاميد</strong>: آلاف الفلسطينيين من أراضي عام 1948 خرجوا إلى الشوارِع في الأوّل من تشرين الأول/ أُكتوبر عام 2000 في ما أسموه "هبّة القدس والأقصى" أو "هبّة أُكتوبر" تعبيراً عن رفضهم للسياسات والانتهاكات الإسرائيلية. الآلة العسكرية كانت لهم بالمرصاد فقتلت 13 شاباً من بينهم</p>
<p><strong>حلمي بشناق – شقيق الشهيد رامز بشناق</strong>: "رامز" استشهد في رصاصة واحدة ولكن في تلك اللحظة انطلقت ألف رصاصة في اتجاه المتظاهرين بشكلٍ مُتعمّد، وكان من الظاهر والواضح جداً أنّهم أتوا ليقتلوا ولو شخصاً واحداً بعد صمود القرية مدّة ثلاثة أيام متواصلة ليلاً نهاراً بحيث لم يتمكنوا من فتح حتّى الشارِع الرئيسي المؤدّي إلى مستعمرة (ميسكاف)، فكان منذ بداية الأحداث في ذلك اليوم 70 مُصاباً بإصابات صعبة في البطن والرأس والفم</p>
<p><strong>هناء محاميد</strong>: السنوات تمُرّ مُشرِّعةً الجرح على وجعه. كافّة المتورّطين في قتل الشبان الثلاثة عشر، المواطنين في (إسرائيل)، ظلّوا طلقاء ولم يُقدّموا للمُحاكمة حتّى اليوم</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: إذا أردنا أن نبحث أُستاذ "هشام" في نتائِج هذه الانتفاضة، هناك من يقول أنّ الانتفاضة الأُولى جلبت (أوسلو)، من يُعارِض طبعاً (أوسلو)، وهناك من يقول أيضاً وهذه وقائِع، أنّ الانتفاضة الثانية جلَبت طبعاً تحرير (غزّة) وهذا امرٌ جميل جداً، ولكن جلبت في المُقابِل الجدار العُنصري وأيضاً جلبت الكثير من الويلات على الضفة الغربية تحديداً. أنت في رأيِك، هذه الانتفاضة ما هي النتيجة التي وصلتُم إليها خصوصاً إذا أردنا أن نبحث على مُستوى فلسطينيي عام 1948</p>
<p><strong>هشام نفّاع – كاتب صحفي</strong>: نعم، قبل أن أتحدّث عنها كفلسطينيي عام 1948 داخل نطاق دولة (إسرائيل)، في رأيي من أبرز نتائِج الانتفاضة الثانية، وهنا أتحدّث عن النتيجة السلبية، هي انقسام الفلسطينيين. أنا أعتقد أنّ أكبر مكمن ضعف وأكبر نُقطة ضعف في النضال الفلسطيني اليوم هو هذا الانقسام، وفي رأيي الأمر مترتِّب على الانتفاضة الثانية. هناك عدّة أسباب قد تبدأ بشكل الانتفاضة، بتسليح الانتفاضة، بأشكال التسليح وليس بجوهر التسليح، الشعوب تُقاوِم بكلّ الأساليب، ولكن هذه أمور طبعاً يطول الحديث حولها. بالنسبة لنا هنا، الحقيقة أنّ ما حدث في "هبّة أُكتوبر" عام 2000 كان حلقة جديدة من مسيرة طويلة تخوضها جماهيرنا العربية الفلسطينية في الداخل، في داخل أراضي عام 1948، إذا عدنا في السنين إلى الوراء سنعود بالطبع إلى "يوم الأرض" عام 1976 وسنعود إلى هبّات أُخرى سابقة في سنوات الستينات والخمسينات. ولكن ما ميّز "هبّة أُكتوبر" عام 2000 كان أنها كانت مُتلاحمة مع نضال فلسطيني يتمّ في نفس اللحظة</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: نعم</p>
<p><strong>هشام نفّاع</strong>: لم يكن تعبيراً عن قضايا خاصة وإن كانت وطنية لنا كفلسطينيين هنا، وإنما كانت التحاماً. لم تكن تضامناً بالمناسبة فالشعب لا يتضامن مع نفسه، كان التحاماً طبعاً بأساليب محدودة بما هو متاح لنا وممكن أمامنا في وضعنا الخاص</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: اُستاذ "هشام" ما حرّك هذه الانتفاضة في العام 2000 هو رؤية "أريئيل شارون" يتجوّل في المسجد (الأقصى) وهذا معروف. الآن آلاف المستوطنين آلاف أيضاً السياسيين المتطرّفين في (إسرائيل) يتجوّلون ويعبثون بمُقدّسات المسجِد (الأقصى) المُبارك ولا نُشاهِد انتفاضة أو هبّة ويقتصر الأمر ربما على بعض التحرّكات. ما الذي تغيّر منذ عام 2000 إلى عام 2013 في رأيك؟ لماذا هذا التخاذُل؟ </p>
<p><strong>هشام نفّاع</strong>: لديّ أولاً مُلاحظة، (الأقصى) هو معلم ديني ومعلم روحي ومعلم تاريخي وحضاري ولكنه أيضاً في نظري معلم وطني فلسطيني. الانفجار الذي حدث وقاد إلى الانتفاضة الثانية، (الأقصى) وقدسية ومكانة (الأقصى) هو جزء ولكن لا يُشكِّل الصورة كاملة. نحن نتحدّث عن انتفاضة جاءت بعد عدوان إسرائيلي حربي عسكري سبقه عدوان دعني أُسميه دبلوماسياً وسياسياً. نذكُر في تلك الفترة، في صيف عام 2000 فرض مُحادثات (كامب ديفيد) الثانية التي مثلاً رفَضَ فيها "إيهود باراك" رئيس الحكومة الإسرائيلية حتّى التقاء، أن يوافق على لقاء الراحل القائِد "ياسر عرفات" وجهاً لوجه لمدة أُسبوعين</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: نعم</p>
<p><strong>هشام نفّاع</strong>: فطبعاً القيادة الفلسطينية، وهناك الكثير من الانتقادات على القادة الفلسطينيين، رفضت الإملاءات الإسرائيلية وبعدها فتحت (إسرائيل) عدواناً شاملاً. مثلاً سأُعطي فقط نقاطاً صغيرة. لم تُطلَق أيّة رصاصة فلسطينية خلال أربعين يوماً منذ أن بدأت (إسرائيل) عدوانها المفتوح. هي نعم انتفاضة ثانية ولكنها ليست انتفاضة بمفهوم أنها جاءت بقرار فلسطيني كامل. كانت حال دفاع عن النفس، والمؤسِف أنّ (إسرائيل)، طبعاً لعدة عوامل أوّلها الانسجام في ما يُسمّى حرب الإرهاب التي قادها "بوش" وانسجم فيها. الشعب الفلسطيني كان في حال الدفاع عن النفس، و(إسرائيل) صوّرت ما يحدُث وكأنه هجوم إرهابي</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: أفهم منك أُستاذ "هشام" أنّ اليوم الظروف المُحيطة لا تُساعِد على أن تكون هناك انتفاضة ثالثة، هذا طبعاً يقودنا إلى السؤال الأهم، هلّ ستكون هناك انتفاضة ثالثة أم لا؟ هلّ الظروف اليوم من تعثّر المُفاوضات وإعادة إحيائِها وضّحت النيّة الإسرائيلية بأنهم لا يريدون التقدُّم في ملفّ المُفاوضات ولا يُريدون تقديم تنازُلات، وأيضاً الوضع الاقتصادي الضاغط على الضفة. هلّ كلّ هذه الظروف تؤسس أيضاً لظروف مُشابِهة للعام 2000 لإشعال انتفاضة أم لا؟ </p>
<p><strong>هشام نفّاع</strong>: نعم، في اعتقادي أنّ هناك أسباباً تاريخية ولنسمها أسباباً عُضال مُناقِضة ومُعادية للنضال الفلسطيني وتحقيق الحقوق الفلسطينية، أولها طبعاً هو الاحتلال الإسرائيلي، وهو مدعوم بعاملين. العامل الأول هو الانحياز الأميركي الكامل، لذلك أنا أعتقد أنّ أيّة مُفاوضات تحت سقف الرعاية الأميركية هي مُفاوضات فاشلة ويجب إعلان فشلها مُسبقاً. (أميركا) ليست جزءاً من الحلّ، (أميركا) جزء من المشكلة. (أميركا) هي الظاهر والمُنحاز لـ (إسرائيل) وكلّ سياسات (إسرائيل) زائِد الطرف الثاني الداعِم للعدالة ضدّ الحقوق الفلسطينية، هي كلّ تلك الأنظِمة العربية التي تلعب وترعى بالمعنيين داخِل حظيرة الراعي الأميركي. وهنا يُمكن القول أنّ كلّ النظام العربي السائِد اليوم هو نظام مُساهِم في تكريس هذا الوضع السيّئ جداً والكارثي لنا كشعب فلسطيني مُشتت في عدّة بقاع وعدّة ظروف</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: أُستاذ "هشام"، هلّ هذا الظرف سيؤسّس إلى انتفاضة ثالثة؟</p>
<p><strong>هشام نفّاع</strong>: أنا في رأيي، أمام الشعب الفلسطيني إمكانية لاتخاذ قرار والبحث عن خيار وإقرار خيار، ولكن اليوم العقبة الأولى تُسمّى الانقسام، يُسمّونها انقسام بين "فتح" و"حماس". أنا لا أعتقد أنّ هذا دقيق، إنه انقسامٌ بين سُلطتين. كلّ سُلطة بنت لنفسها ارتباطات أحياناً اقليمية وداخلية وحتّى دوليّة، هذا هو الحاجز وهذا هو الجدار الحقيقي أمام تجدّد نضال فلسطيني مؤثِّر وفاعِل. أنا في رأيي اليوم، وهذا ما تطرحه الفصائِل الفلسطينية اليسارية وغير المُتورِّطة في انقسام السُلطتين. هناك ثلاثة مُركِّبات لاستراتيجية فلسطينية ممكنة اليوم أولها إنهاء الانقسام، ثانيها مُقاومة شعبية تترُك مكاناً للرجل والمرأة والطفل والشاب والمُسِن والمُسنّة والطالب الجامعي والعامل للمُساهمة في النضال، وليس نضالاً مُسلّحاً بشكلٍ مُطلَق</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: نعم</p>
<p><strong>هشام نفّاع</strong>: نحن نعرِف أنّ مواجهة (إسرائيل) بالسلاح، الكلاشينكوف أمام الدبابة، رأينا ما هي النتائِج. نحن نتحدّث عن نضال شعب</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: والمسألة الأخيرة؟</p>
<p><strong>هشام نفّاع</strong>: المسألة الأخيرة هي الخروج بمبادرة دوليّة تُخرِج القضية الفلسطينية من تحت السقف الأميركي، نعم تفضّلي</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: أُستاذ "هشام"، واضح أنك ربما لم تعُد تؤيِّد الكفاح المُسلّح، لا أدري إذا كان استنتاجي في محلّه، ولكن هذه الذكرى صادفت أيضاً مع رحيل الرئيس "عبد الناصر" وهو يقول بأن ما أُخِذ في القوة لا يُستَرَد إلّا بالقوة. هناك الكثيرون في العالم العربي يؤمنون بأنّ لا شيء يُمكن أن يُعيد (فلسطين) إلّا السلاح، أنت بماذا ترُدّ؟ ماذا تقول؟</p>
<p><strong>هشام نفّاع</strong>: هي ليست مسائِل من باب الإيمان ومن باب الاعتقادات المُطلقة. حقّ الشعوب وهذا تُقرّه كلّ المواثيق الدولية، الشعوب الواقعة تحت الاحتلال من حقّها النضال بكافة الوسائِل لتحقيق حقوقها، ولكن إلى جانب الحق يجب أن نبحث عن الحِكمة، يجب أن نبحث عن الحِكمة. هي ليست مسألة رفض المقاومة المُسلحة والاكتفاء بمقاومة من نوعٍ واحد. يجب النظر إلى الظرف الواقعي والظرف التاريخي القائِم</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: نعم</p>
<p><strong>هشام نفّاع</strong>: قلت في بداية الحديث أنّ إحدى نتائِج هذه الانتفاضة كان الانقسام لأنها كانت مُسلّحة أكثر من اللازم، وهذا مثلاً ما كانوا يشكون منه مناضلون ومناضلات في الانتفاضة الأولى، هذه الانتفاضة وضعت شرطاً، " لا تملك سلاحاً فلا مكان لك في النضال" وهذه أعتقد كانت مأساوية وربما أكثر من ذلك</p>
<p><strong>لانـا مدوّر</strong>: شكراً أُستاذ "هشام نفّاع" الكاتب الصحفي والمُحّرر الرئيسي في صحيفة "الاتحاد" على مُشاركتك معنا، كنت معنا من (الناصرة) شكراً لك، وأنتم أيضاً مُشاهدينا نشكركم على مُتابعة هذه الحلقة من "خلف الجدار". لا تنسوا أن تنضمّوا إلى صفحتنا على الـ "فيس بوك" وأيضاً على "تويتر" وأيضاً أن تُراسلونا عبر هذا العنوان أو الـ E- mail الذي يمرّ الآن على الشاشة. إلى اللقاء </p>
<p><strong>الحلقة انتهت</strong></p>
<p> </p>