أردوغان في موسكو.. هل يغير سياسته السورية؟
نص الحلقة
سامي كليب: أهلاً بكم أعزائي المشاهدين إلى هذه الحلقة الجديدة
من برنامج "لعبة الأمم"
عبر قناة "الميادين". الأجواء التي رَشَحت أمس عن لقاء الرئيس الروسي
"فلاديمير بوتين" مع ضيفه الرئيس التُركي "رجب طيب أردوغان"
كانت جيّدة بين الجانبين وتمّ الإعلان خلالها عن إعادة العلاقات شبه كاملة. انتهت
مرحلة الغضب الروسي على ما يبدو على "تركيا" التي أسقطت طائِرة مُقاتلة
روسية عند الحدود السورية التركية. سبق اللقاء اعتذار "أردوغان" من
"بوتين" ولكن
سبقه أيضاً وخصوصاً وقوف "بوتين" إلى جانب الرئيس التُركي بُعَيد
الانقلاب الفاشل، لا بل ثمة مَن يذهب إلى حدّ القول أنّ "موسكو" ساعدت
"أردوغان" على تفادي الانقلاب، هذا ما سنسأل ضيوفنا عن صحّته. أمّا وقد
عادت المياه إلى مجاريها فماذا عن النار التي تغلي فوق مجامِر "حلب"
وعند الجبهات السورية الشمالية؟ هلّ ننتظر
بعد هذه الزيارة الأردوغانية إلى "موسكو" أن يبدأ تحوُّل جدّي في
السياسة التركية حيال "سوريا؟ يتوقّف دعم المُقاتلين، فتح الحدود، تستكمل
"روسيا" والجيش السوري مع حلفائِهما حسم معركة "حلب"
وأريافها؟ أم أنّ العلاقات التُركية الروسية ستكون مُنفصِلة عن السياسة التُركية
في "سوريا"؟ ثمّ، ما هو الثمن الذي يُمكن لـ "أردوغان" أن
يقبضه مُقابل تغيير موقفه؟ هلّ وعده "بوتين" مثلاً بعدم السماح لإقامة
كيان كُردي مُستقلّ في الشمال السوري ووقف دعم "حزب العمال
الكُردستاني"؟ والسؤال الأهمّ، هلّ أن ذهاب "أردوغان" إلى
"موسكو" هو خيار واضِح، قرار مبدئي، أم أنّ الرئيس التُركي، الذي تعرّض
للانقلاب وتغرق بلاده في الاقتتال مع "حزب العمال الكردستاني" في الداخل
ويتعرّض لحملة انتقادات من الغرب، يريد تحقيق هدفين. أولاً إعادة الدول الأطلسية
لاحتضانه وتنفيذ شروطه وثانياً استكمال مسيرة الإطاحة بكلّ خصومه في المؤسسات
العسكرية والقضائية والإعلامية والحكومية وغيرها من دون عوائِق؟ بمعنى آخر، هلّ
التوجّه صوب "موسكو" جدّي، أم مؤقّت بانتظار عودة العلاقات إلى مجاريها
مع الغرب الأطلسي وسعياً لإنقاذ الاقتصاد والسياحة اللذين يتعرّضان في
"تركيا" لاهتزازاتٍ كبيرة بعد العقوبات الروسية؟ عن كلّ ذلك حلقة الليلة
من "لعبة الأُمم" ومعنا فيها مجموعة مُحترمة من الخُبراء في السياسة
التُركية، هم من "أنقرة" أو من "إسطنبول" بالأحرى،
"أوكتاي يلماز"، كاتب وباحِث سياسي، أهلاً وسهلاً بك. معنا من
"روسيا"، سيجهز بعد قليل على ما أعتقد ولكن معنا الآن على الشاشة
الدكتور "إيغور غيراسيموف" وهو أكاديمي وباحث سياسي، من "سانت
بطرسبرغ" في الأحرى. وفي الأُستديو نُرحِب بالخبير الأبرز عندنا في
"لبنان"، الدكتور "محمّد نور الدين"، الخبير في الشؤون
التركية وهو كاتِب سياسي، أهلاً وسهلاً بك. وتركتُ عمداً الترحيب الأخير لضيفة
تحلّ على البرنامج للمرّة الأولى، هي الدكتورة "جنى جبور" أهلاً وسهلاً
بكِ، أُستاذة العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية في "باريس" ومُتخصّصة
في الشأن التُركي. أهلاً بكم جميعاً إلى هذه الحلقة من "لعبة الأُمم"
أعزّائي المُشاهدين وأهلاً بضيوفي الكرام. نبدأ من
"روسيا"، السيّد "غيراسيموف"، ما هي المعلومات عملياً التي
توفّرت حول هذا اللقاء التُركي الروسي؟ هلّ طويت صفحة الغضب الروسي تماماً؟
إيغور
غيراسيموف: خلال المُباحثات التي جرت بين الرئيس "فلاديمير
بوتين" وبين الرئيس التُركي "أردوغان" تمّ النقاش في عدة قضايا
تخصّ تطوير الاقتصاد. كما تعلمون، حسب الخطّة "روسيا" سوف تبني على
مسافةٍ من "تركيا" محطّة للطاقة النووية وهذا الشيء الأول، ثمّ جرت
المُباحثات قبل هذه الزيارة وقبل إسقاط طائِرة السوخوي الروسية، جرت المُباحثات
حول بناء أنابيب الغاز لتزويد "تركيا" به من "روسيا"، وكلاهما
مشروعان مهمّان جداً لـ "روسيا" ولـ "تركيا"، هذا أولاً
سامي كليب: وكأنك سيّد "غيراسيموف" تتحدّث عن الاقتصاد
قبل السياسة. هلّ كان الاقتصاد أهمّ من السياسة بين الجانبين؟
إيغور
غيراسيموف: لأنّ في زيارة الرئيس التُركي هنالك موضوعان، الموضوع
الاقتصادي والموضوع السياسي. أمّا الموضوع السياسي فهو بالطبع إعادة العلاقات
الروسية التركية التي كانت بينهما قبل ضرب الطائِرة الروسية، والرئيس الروسي أعرب
عن إرادته إعادة علاقات الصداقة كما كانت.
سامي كليب: دكتور "محمّد نور الدين" سمِعنا جزءاً من
الجانب الاقتصادي، سنتحدّث أكثر عن الجانب الاقتصادي وعن التعاون بين البلدين،
ولكن خُلاصة هذه الزيارة حسبما تابعت حضرتك في "روسيا" ولكن أيضاً في
الإعلام التُركي
د.
محمّد نور الدين: أولاً، الزيارة كانت مطلوبة من كلا الطرفين
و"تركيا" كانت المتضرِّر الأكبر. بدأت هذه المُحاولات، وفق ما كشفت عنه
صحيفة "حريات" أمس، بدءاً من نهاية آذار/ مارس وتوصّلت إلى الصيغة التي
اعتُبِرَت مقبولة من قِبَل "بوتين"
سامي كليب: أي تتحدّث عن مُفاوضات أو مساهمة "كازاخستان"
وغيرها
د.
محمّد نور الدين: نعم، "كازاخستان" و"داغستان" ورجال
أعمال أتراك، وبالتالي كان للأتراك مصلحة في إعادة العلاقات الطبيعية مع
"روسيا" نظراً لما أصبح يعلمه الجميع من هذا الكّم من الخسائر
الاقتصادية وتراجُع القِطاع السياحي، وأيضاً الحدّ من حريّة الحركة الجويّة
التُركية في "سوريا". ولكن، المُلفِت أنّ الرغبة الروسية في إعادة تطبيع
العلاقات لا تقل من حيث الرغبة عن الرغبة التركية
سامي كليب: والسبب؟
=د.
محمّد نور الدين: لأنّ رسالة الاعتذار التي قيل أنها رسالة اعتذار من
"أردوغان" إلى "بوتين" لم تكن عملياً رسالة اعتذار، كانت
رسالة عدم المؤاخذة، حرفياً " لا تؤاخذنا".
سامي كليب: اليوم دكتور "محمّد" عفواً لمقاطعتك، اليوم
جريدة "السفير" نشرت رسالة الاعتذار باللغة الروسية، كما تقول، التي وجّهها
"بوتين" وفيها كلام كما تتفضّل، واضح أنه ليس فيها كلمة
"نعتذر"
د.
محمّد نور الدين: فليُصحّح لي الضيف الروسي، حين نقول باللغة الروسية،
وأنا أعرف القليل من اللغة الروسية، حين نقول " إيزيونيتي" تعني
بالعربية عفواً ولا تؤاخذني واعمل معروفاً وكذا. بالفعل كلمة "أنا أعتذر"
ليست واردة في الرسالة، هذه أولاً. أيضاً التعويض عن الطيّار الروسي أو عن الطيارين
اللذين قُتلا لم يكن مذكوراً وكان الكلام عن مُساعدة، ومع ذلك قبِل "بوتين"
بهذه الرسالة. فقط هذا مدخل كي أقول أنّ الطرفين كانا يتجّهان إلى القمة على قدمٍ
وساق. في رأس الطرفين، ولأن هذا الشيء حدث في 27 حزيران/ يونيو أي قبل الانقلاب،
كان من الواضح أنّ الهدف الأساسي، "بوتين" و "أردوغان" أوضحا
في المؤتمر الصحافي أنّ الهدف الأساسي هو العودة إلى ما كانت عليه العلاقات قبل 24
تشرين الثاني/ نوفمبر، تاريخ إسقاط الطائِرة الروسية. واضح أنّ هذا هو هدف هذه
القمّة الأساسي، لكن في الوقت نفسه كلا الرئيسين "بوتين" و
"أردوغان" يحملان مع هذا الهدف الأساسي أهدافاً موازية أيضاً، أهدافاً
إضافية يحاولان من خلال هذه القمّة توظيفها سواء في علاقة "تركيا" مع
الغرب وأميركا" بعد تأييد "أميركا" للانقلاب أو اتّهام
"تركيا" بأنّ "أميركا" تؤيِّد الانقلاب، أو من قِبَل
"روسيا" بعد العزلة التي فُرِضت عليها وتقدُّم الأطلسي ومُحاولة كلّ طرف
توظيف هذه القمّة لأهداف إضافية. لكن أنا أخرُج بخُلاصة أن التوقّعات من هذه القمّة
مبالغٌ فيها من قِبَل كلّ الوسائِل الإعلامية وحتّى السياسيين في العالم العربي
وحتّى في "تركيا" وفي "روسيا" وما إلى ذلك. الهدف في هذه
المرحلة على الأقلّ هو إعادة التطبيع الاقتصادي بين الطرفين
سامي كليب: دكتورة، هلّ توافقين على هذا الكلام؟ في أنّ هذه القمّة
فقط لإعادة تطبيع العلاقات؟ لأنه كان هناك، كما تفضّل الدكتور "محمّد"،
ربما مُغالاة أو أمل عند البعض في أنه سيكون هناك تحوُّل جدّي تُركي في المسألة
السورية مثلاً
د. جنى جبور: أنا أعتقد ذلك. حقيقةً يجب علينا أن نعود إلى الإطار
الذي تنضوي تحته هذه الزيارة. أعتقد أنّ هناك عوامل بنيوية وأُخرى ظرفية أدّت إلى
هذا التقارُب التُركي الروسي. العامل البنيوي له علاقة بهيكلية العلاقات الدولية
اليوم وهي أنّ كلا "تركيا" و"روسيا" اليوم هما قّوتان متوسّطتان
صاعدتان على الساحة الدولية، وكلاهما تسعيان إلى احتواء الهيمنة الغربية. لذلك،
أيّ تقارُب بينهما هو أكثر من طبيعي وأكثر من تلقائي، أمّا الأسباب الظرفية فهي
طبعاً ما حدث بعد الانقلاب. اليوم "أردوغان" يشعُر بأنه في عُزلة على
الساحة الدولية، يشعُر بأنّ الأوروبيين قد تخلّوا عنه لأنهم تبنّوا موقفاً جد مُلتبس
تجاه محاولة الانقلاب. يعتبر أيضاً أنّ الولايات المُتحدة تخلّت عنه لأنها تتباطأ
في تسليمه "فتح الله غولين" القابع في "بنسلفانيا" ولذلك هو
يستدير طبيعياً نحو "روسيا". و"بوتين" اليوم كذلك يسعى إلى
إضعاف الاتحاد الأوروبي، يسعى إلى إضعاف "الناتو"، وهو يريد أن يستفيد
من هذه الأزمة، من محاولة الانقلاب هذه لطرحِ نفسه كبديل استراتيجي لـ
"تركيا"
سامي كليب: هلّ الاستفادة ظرفية في رأيِك من الجانبين أو نحن نتوجّه
إلى علاقات جديّة ودائِمة وراسخة بينهما؟
د. جنى جبور: ما يحصل اليوم لن يؤدّي إلى نشوء حلف استراتيجي أو
تحالُف استراتيجي ما بين "تركيا" و"روسيا"، إنما سيؤدّي فقط
إلى نوعٍ من تعاوُن تكتيكي. لماذا أقول ذلك؟ أنا أعتقد أنّ اليوم، ما يفعله
"أردوغان" وكذلك "بوتين" هو المناورة السياسية.
"أردوغان" اليوم في هذا اللقاء يُرسِل رسالة واضحة إلى الغرب ويقول لهم،
" إمّا أن تعترفوا بي كشريك، إمّا أن تتعاملوا معي بنديّة أو سوف أستدير إلى
"روسيا" ولكن طبعاً اليوم، ليس من مصلحة "تُركيا" أن تُدير
ظهرها تماماً لـ "الناتو" ولـلاتحاد الأوروبي لأننا نعرِف مدى التصاق
الأمن التُركي والاقتصاد التُركي بـ "أوروبا" وبحلف شمال الأطلسي. إذاً
هي مُناورة سياسية
سامي كليب: على كلّ حال، ربما نُفصِّل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي
إذا تسنّى لنا الوقت. سيّد "أوكتاي يلماز"، كاتب وباحث سياسي من
"إسطنبول" أهلاً وسهلاً بك .
أوكتاي يلماز: أهلاً.
سامي كليب: لا شكّ أنك تُتابِع هذه الحلقة من البداية ولكن دعني
أسألك لأن هناك سؤالاً الكثيرون طرحوه منذ الانقلاب حتّى اليوم. هلّ
"روسيا" ساعدت السيّد "أردوغان" قبل الانقلاب؟ ثمة مَن يقول
أعطته معلومات تفادى فيها الانقلاب وآخرون يتحدّثون عن دعمه مُباشرةً بعد الانقلاب
حتّى أمنياً. هلّ هناك شيء من الصحّة في هذه الأقوال؟
أوكتاي يلماز: نعم. تحيّاتي، أُحييّك وأُحيّي ضيوفك الكِرام وأُحيّي
جميع المُشاهدين، مساء الخير
سامي كليب: أهلاً بك
أوكتاي يلماز: نعم، قد ورَد هذا الكلام في الصُحف ولكن هذا السؤال
سُئِلَ أيضاً لـ "أردوغان" و "أردوغان" نفى علمه بهذا الشأن.
يبدو أنه مُجرّد أقاويل ومجرّد حديث لا صحة له. قيل أنّ "روسيا" كانت
على علمٍ مُسبق وتمّ تحذير "أردوغان"، وحتى فعلاً المُقاتلات الروسية
ساعدت "أردوغان" وما إلى ذلك ولكن حتّى الآن تمّ نفي جميع هذه الأخبار،
وزيارة "أردوغان" إلى "روسيا" في الحقيقة كانت مُقرّرة قبل
مُحاولة الانقلاب، قبل الانقلاب الفاشل في إطار تطبيع العلاقات، ولذلك الكلام بأنّ
"روسيا" كانت تعلم وساعدت "أردوغان" غير صحيح، ولكن على عكس الزعماء
الغربيين، الرئيس الروسي إتصل بـ "أردوغان" في اليوم التالي وأعرب عن
وقوفه، أكّد وقوفه إلى جانبه وإلى جانب الحكومة المُنتخَبة الشرعية وأعلَن رفضه
لمُحاولة الإنقلاب الأمر الذي قوبِل بالترحيب وعلى أنه دعمٌ روسي للحكومة المُنتخَبة.
سامي كليب: سيّد "يلماز"، السؤال المطروح حالياً بعد هذه
الزيارة وطُرِحَ قبل الزيارة، هلّ فعلاً التمهيد لموقف جديد تُركي حيال
"سوريا" سيستمرّ؟ سنشهد ربما تحوُّلاً في الموقف التُركي حيال
"سوريا"؟ خصوصاً وأنّ رئيس الوزراء السيّد "يلدريم" كان تحدّث
عن علاقات جيّدة مع دول الجوار وبدأت تظهر بعض الإشارات في الإعلام التُركي. هلّ
هذه الزيارة فعلاً ستُمهِّد لسياسة تُركية جديدة في "سوريا"؟
أوكتاي يلماز: في الحقيقة كان هناك بحثّ عن أرضية مُشتركة بين
"تُركيا" و"روسيا" قبل الأزمة، أي قبل ثمانية أشهُر، قبل
انقطاع التواصل بين البلدين وبين الزعيمين. حتّى أنّ "أردوغان" اقترحَ
تشكيل مجموعة ثُلاثية تركية – روسية – إيرانية لإيجاد حلّ إقليمي للأزمة السورية
من دون إدخال الدول الغربية والولايات المُتحدة، ولكن بعد طبعاً أزمة إسقاط
المُقاتلة الروسية انقطعت هذه المُباحثات. هناك سعي تُركي، وأعتقد مُتبادَل، بين
البلدين لإيجاد أرضية مُشتركة أو على الأقلّ إيجاد نُقاط مُشتركة للعمل معاً لحلّ
هذه الأزمة التي تُهدّد المنطقة، تُهدّد "تركيا"، حتّى تُهدّد
"روسيا" وتُهدّد السِلم الإقليمي والعالمي. هناك مثلاً في مُباحثات
"بوتين" – "أردوغان" تمّ الاتّفاق على بعض النُقاط مثل مثلاً
ضرورة وقف إطلاق النار، مثل إيصال المُساعدات الإنسانية، مثل البحث وتكثيف الجهود حول
الحلّ الدبلوماسي أو السياسي لأنّ البلدين كذلك متّفقان تماماً على استحالة الحلّ
العسكري ورفض الحلّ العسكري. صحيح أن النظام يتقدّم في حين وكذلك تتقدّم المُعارضة
في حين آخر، ولكن لا حلّ عسكرياً، يجب أن يكون الحلّ سياسياً. اليوم ذهب وفد تركي
سامي كليب: عسكري
أوكتاي يلماز: لبحث هذه الموضوعات بشكلٍ مُفصّل، وقد يشمل عسكريين
واستخباريين وكذلك أمنيين وكذلك دبلوماسيين. أعتقد أنّ هناك مُحاولة جادّة لإيجاد نُقاط
مُشتركة لحلّ هذه الأزمة
سامي كليب: على كلّ حال نحن نأمل لأهل "حلب" ولكلّ منطقة
في "سوريا" أن يحصل تعاون وتنتهي هذه الحرب المجّانية الـ "من دون
طعمة" عملياً. أعود إلى "روسيا". السيّد "غيراسيموف"،
الكلام الذي صدر عن الرئيس "بوتين" وعن السيّد "أردوغان" كان
مُبهَماً تقريباً حول "سوريا". مثلاً يقول الرئيس "بوتين":
سنتبادل المعلومات، نبحث
عن الحلّ و"تركيا" تُشاطِر "روسيا" تفاهمها بشأن ضرورة
مُكافحة الإرهاب"
مُقاربة "روسيا"
للتسوية في "سوريا" لم تكُن تتطابق دائِماً مع المُقاربات التُركية
سابقاً لكن لـ "موسكو" و"أنقرة" هدف مُشترك وهو تسوية الأزمة
السورية، وانطلاقاً من ذلك سنبحث عن حلٍّ مُشترك
ننطلق من استحالة التوصّل
إلى تحوّلات ديمقراطية إلاّ بوسائِل ديمقراطية
سامي كليب: و "أردوغان" يقول: "إنّ بلدينا رغم
اختلاف وجهات نظريهما حيال الأزمة السورية إلاّ أنهما متّفقان على أنّ حلّ هذه
الأزمة لن يكون إلاّ بالطُرق الديمقراطية". كلام كأنه عام، لم نفهم، هلّ اتّفق
البلدان أو لم يتّفقا على حلّ في "سوريا"؟
إيغور
غيراسيموف: بالنسبة إلى الأزمة السورية، الطرفان
أعربا عن تقريباً الاقتراب المُشترك وأعربا عن ضرورة منع الإرهاب ومنع الحرب في
هذه الدولة. أمّا بالنسبة إلى التفاصيل، فلم تكُن مُعلنة عبر وسائِل الإعلام سواء الروسية
أو الأجنبية. ربما تكون التوقّعات أن الطرفين سيبذلان جهودهما بشكلٍ عام وكامل
لتحقيق الهدوء في "حلب" وفي المُدن والقُرى السورية الأُخرى، وطبعاً هذا
ما نتوقّعه
سامي كليب: دكتور
"محمّد"، هلّ فهِمت أنّ هناك شيئاً جديداً بالنسبة إلى الأزمة السورية؟
أنا حاولت أن أقرأ كلّ التفاصيل ولم أجد جديداً عملياً إلاّ الوفد العسكري التركي
الذي ذهب إلى "موسكو" اليوم
د.
محمّد نور الدين: أنا أُريد أن أنطلِق من هدف القمة عدا العلاقات
الاقتصادية التي ذكرناها. أنا أعتقد أنّ القمة أتت في لحظة ما بعد الانقلاب
العسكري، طبعاً كان مُخططاً لها أن تكون في نهاية الشهر في "بكين" في
إطار قمّة العشرين، ولكن الانقلاب العسكري كان حافزاً لتقريب موعد القمّة، وتقصُّد
"أردوغان" في أن يتجّه إلى "روسيا" تحديداً وليس أن يلتهي
" بوتين" في "الصين"، حتى يُظهِرها كأول زياراته الخارجية بعد
الانقلاب. من هنا، أعتقد أنّ كلّ دوافِع "أردوغان"، كي نتحدّث من جانب
"أردوغان" على الأقل، كانت تهدُف إلى جمع وحشد أوراق قوّة في يده ولكن
ليس لحلّ المسألة السورية أو العراقية أو في مكانٍ آخر بلّ لتوظيفها في علاقته مع
الغرب ومع الولايات المُتحدة التي كانت، من دون شكّ بعد الانقلاب والموقف الغربي
والأميركي والأوروبي، قد شكّلت عامل تعقيد إضافياً ولكن هذه المرّة خطير ونوعي في
العلاقات التركية – الأميركية. لهذا السبب، "تركيا" تجد نفسها في هذه
اللحظة في موقف صعب
سامي كليب: إذاً ما زلت عند موقفك في أنه لا جديد بالنسبة إلى المسألة
السورية .
د.
محمّد نور الدين: ما أُريد أن أقوله أنّ السلوك "الأردوغاني"
يصُب في خانة كيف سيمرّر المرحلة المُقبلة في علاقاته مع الغرب ومع
"أوروبا"، على الأقل إلى حين انتهاء ولاية الإدارة الأميركية الحالية،
في ظلّ الظروف الجديدة التي نشأت بعد الانقلاب العسكري. لهذا السبب، أنا أعتقد
أنّه بالنسبة إلى الموقف السوري، ملاحظات سريعة. أولاً، المشروع التُركي في
المنطقة بدأ في "سوريا"، وحتّى الآن هذا المشروع فشِل فشلاً ذريعاً ولم
يتبقَّ له إلاّ بعض الثغرات البرية بين "جسر الشغور" و"إدلب"
للوصول إلى "حلب". ثانياُ، المعركة في "حلب" التي جرت مؤخراً،
بعدما أجرت المُعارضة ما أسمته خرقاً، "أردوغان" صرّح لوسيلة إعلامية
أنّ المُعارضة أعادت التوازن إلى "حلب"
سامي كليب: صحيح
د.
محمّد نور الدين: هذا يعني أنه كان منخرطاً كلياً في معركة
"حلب" الأخيرة ولا يزال. لا يوجد منفذ برّي للمُعارضة العسكرية السورية
الآن إلاّ "جسر الشغور" – "إدلب"، هذه واضحة. إذاً في التطبيق
العملي
سامي كليب: كي لا أقطع أفكارك لأننا نعلم أنّ عندك كلام مُهمّ وعند
الدكتورة "جنى" أيضاً، ولكننا مضّطرون إلى التوقّف مع موجز للأنباء،
وأعيد لك الكلام مُباشرةً بعده. إبقوا معنا إن شئتُم أعزائي المُشاهدين لمتابعة
ماذا سيحصل بين "تركيا" و"روسيا" بالنسبة إلى
"سوريا" بعد الفاصل
المحور الثاني:
سامي كليب: أهلاً بكم مُجدّداً أعزائي المُشاهدين
لمواصلة هذه الحلقة من "لعبة الأُمم" عبر قناة "الميادين"
نتحدّث فيها عن "روسيا" و"تركيا" بعد زيارة الرئيس التركي إلى
"روسيا". السؤال الأهم، هلّ ثمة تحوُّل مُنتظر في السياسة التركية حيال
"سوريا"؟ كان بدأ الدكتور "محمّد نور الدين" وقاطعته، تفضّل
أكمِل فكرتك
د.
محمّد نور الدين: العفو. دائِماً كان يُشار إلى إمكانية تحوّل في الموقف
التُركي من "سوريا"، ليس الآن فقط بعد قمّة "بوتين" و
"أردوغان" بل منذ أكثر من ثلاث أو أربع سنوات. أنا أتذكّر دائماً أنه
كلّما ذهب "أردوغان" أو "عبد الله غول" إلى "طهران"
كانوا يتحدّثون ويُشاع مناخ بأن هناك تحوّلاً، ولكن، عندما تٌقلِع الطائِرة من
مطار "طهران" وتُصبِح على مسافة متر فوق الأرض كانا يُدليان بحديث أن
موقفهما لم يتغيّر. أنا أعتقد أنه اليوم، في الوقت نفسه، "إبراهيم
كالين" الناطق باسم رئيس الجمهورية، وهو مُرشّحٌ ليكون رئيس الاستخبارات في
مرحلة لاحقة وهو شخصية مُهمّة، قال: "موقفنا من "الأسد" لم
يتغيّر". كان في الواقع يضع نقاطاً على الحروف، لماذا؟ أولاً، المشروع
التُركي في المنطقة بدأ في "سوريا"، وبالتالي هذا المشروع الذي وُوجِه وانتقل
في ما بعد إلى "مصر" وواجه الفشل الذريع تجاه كلّ العرب ما عدا
"قطر". هذا المشروع، إذا "أردوغان" غيّر موقفه وقال، "
أنا أعترِف بـ "الأسد" ورئاسته ودوره وما إلى ذلك" فهذا يعني أنه
اعترف بفشل هذا المشروع. وأنا أعتقد أنه من غير الوارد أبداً أن يقرّ
"أردوغان" المُكابر بهذا الأمر
سامي كليب: لكن ليس المطلوب منه كلّ ذلك، المطلوب إقفال الحدود. يمكنه ألاّ يُعلِن
أيّ شيء
د.
محمّد نور الدين: ثانياً، الدور التُركي في "سوريا" له شقّان. شقّ خاص بـ
"تركيا"، وشقّ هو جزء من المنظومة الغربية والإقليمية المُعارِضة للنظام
في "سوريا" والمحور الذي تنتمي إليه "دمشق". من هذه الناحية،
في تقديري "تركيا" لا تريد هذا أولاً كما ذكرت لأن هذا يعني فشل
مشروعها، وثانياً هي غير قادرة على أن تُحدِث مثل هذه الاستدارة بمفردها، بمعنى
أنه عندما تُحاول أن تُغيِّر موقفها من "سوريا"، عليها أن تُفكِر
دائِماً كيف ستكون علاقاتها حينئِذٍ مع "السعودية" ومع "قطر"
ومع الولايات المُتحدة ومع الغرب، ومع "داعش" لأن "تركيا" على
علاقة بنيوية معه وفي كيف ستكون ردّة الفِعل. وبالتالي، أنا أعتقد أنّ تغيير موقف
"تركيا" أكبر من أن يكون قرار خاص بـ "رجب طيب أردوغان" خاصّةً
بعدما ذُكِرَ أنّ أميركا متورِّطة في الانقلاب، وبعدما ذُكِرَ أيضاً أن بعض الدول
الخليجية كانت متورّطة في الانقلاب، وبالتالي أية محاولة من هذا النوع في تقديري
ستجعل "أردوغان" يُغامِر في أن يواجه المزيد من الأعداء والمخاطر من
جانب المنظومة التي ينتمي إليها وهي الغرب و"حلف شمال الأطلسي"
سامي كليب: في حديثه لصحيفة "لوموند" قال الرئيس "أردوغان"
التالي، واضح أن الحديث كان قبل الزيارة إلى "روسيا" وكأنّه أراد أن
يُعطي سقفاً لهذه الزيارة. يقول: "الأسد مسؤول عن مقتل 600 ألف مواطن ويجب
ألاّ يتم دعمه، وللأسف ثمة من يقف ويدعمه. إذا كنّا فعلاً نؤمِن بالديمقراطية،
علينا ألاّ ندعم" بشّار الأسد" بل أن نجِد حلولاً أُخرى. البعض يقول أنّ
رحيل "الأسد" سيترك الساحة خالية لـ "داعش" وهذا غير صحيح".
واضح أنه لا يُريد التغيير ولكن السؤال الأهمّ دكتورة "جنى"، هلّ يستطيع
"بوتين" أن يُقيم علاقات ويُعيد العلاقات مع "أردوغان" بعد
كلّ ما حصل من دون أن يكون هناك تحوُّل تُركي في المسألة السورية؟
د. جنى جبور: أبداً. أودّ أن اُعقِّب أولاً على ما تفضلّ به الدكتور
"محمّد"، أنا لا أُوافقه تماماً في الرأي. أنا أعتقد أنّ هناك استدارة
في الموقف التُركي تجاه "سوريا" وهناك انكفاء أيضاً للدور العسكري
التُركي في "سوريا". ما سمعته
سامي كليب: كيف واضِح؟
د. جنى جبور: سأقول لك. اليوم ما سمعته من كِبار مُستشاري
"أردوغان" في "أنقرة" أنّ هناك نية في تصليح أو تحسين
العلاقات التُركية مع، ليس "بشّار الأسد" كشخص إنما النظام السوري،
بوساطة طبعاً من "إيران" و "روسيا". لماذا هذه الاستدارة
الآن؟ هناك عدّة عوامِل تُبرّر ذلك. أولاً
سامي كليب: ولكن هذا مُهم جداً دكتورة "جنى "
د. جنى جبور: طبعاً
سامي كليب: أنتِ التقيتِ مسؤولين مُقرّبين من "أردوغان"؟
د. جنى جبور: أنا أُحبّ أن أُسمي " إبراهيم كولين" الذي أسماه الدكتور
"محمّد" والذي التقيت به منذ شهر أو خمسة أسابيع. كان يقول: " نحن
لم نُغيّر موقفنا من "الأسد" وإنما غيّرنا موقفنا من النظام السوري،
واليوم لم يعد لدينا القُدرة على أن نأخُذ أو نتّبِع سياسة عدائية تجاه
سوريا". واليوم بعد الانقلاب، فعلاً الجيش التُركي مُستنزَف لأنه يقوم أو
يُحارِب على عدة جبهات، يُحارِب "حزب العمال الكُردستاني" ويُحارِب
"داعش" وأيضاً هو مُستنزف اليوم بسبب محاولة الانقلاب هذه وحرب الاجتثاث
والتطهير ضدّ "غول" بمعنى هناك اليوم فجوة في المؤسسة العسكرية التركية
سامي كليب: هذا يؤكّد بعض المعلومات التي تتحدّث عن تواصُل أـمني ربما بدأ قبل فترة
بين "تركيا" و"سوريا"؟
د. جنى جبور: أنا أُحدّده منذ شهرين تقريباً. بدأ تواصل استخباري
وسياسي ما بين "تركيا" و"روسيا" و"إيران" كي يجدوا
حلاً أو تسويةً سياسية. أنا أعتقد في رأيي، وهذا ليس ما سمعته ولكن
سامي كليب: أكملي لنا ما سمعتِه لأنّ ما سمِعتِه مُهم
د. جنى جبور: الذي سمعته أنهم يريدون تسوية. في رأيي، التسوية سوف تأخذ شكلاً تقبل فيه
"تركيا" ببقاء النظام والمُعادلة السياسية في "سوريا" على ما
هي عليه، إنما أن يرحل "الأسد"، وهذا أيضاً يتطابق أيضاً مع مصالِح
"روسيا" لأنّ "روسيا" ليست مُتمسّكة بشخص "الأسد"
وإنما بمصالِحها ومواقعها في "سوريا"
سامي كليب: أوكي
د.
محمّد نور الدين: ممكن تعليق صغير فقط؟
سامي كليب: تفضّل
د.
محمّد نور الدين: بعض المناخات التي تعكسها الصحافة التركية في الأيام الأخيرة هي في أنّ
هناك رهاناً على أنّ "أردوغان" سيُحاول أن يُقنِع "بوتين" لتغيير
موقفه من "الأسد"، أن يُغيّر "بوتين" موقفه بحيث لا يلحظ
"الأسد" في المرحلة الانتقالية
سامي كليب: لم ييأس بعد؟
د.
محمّد نور الدين: الكلام عند الأتراك بالعكس، ليس أن يُغيّروا هم موقفهم بل أن يحاولوا جعل
"روسيا" تُغيِّر موقفها لأنهم ينقلون عن بعض الأوساط الروسية أنّهم غير
متمسّكين بـ "الأسد"، وبالتالي الاستدارة قد تُحكى تركياً على أنها
ستكون في "روسيا" وليست في "تركيا" في هذا الإطار
د. جنى جبور: أنا أستبعِد هذا السيناريو
سامي كليب: حسناً، ربما دكتورة "جنى" على المُستوى الشخصي، أنا شخصياً
أعتقد أنّ الرئيس "الأسد" سيبقى حتّى آخر يوم وزيادة ساعة ربما، أعتقد.
من الصعب أن تفكري في حلٍّ يتنحّى فيه الرئيس السوري. سيّد "يلماز"
الكلام عن احتمال التغيير حيال "سوريا"، الآن كلّ التوقّعات تقول أنّ
هذا التقارُب الروسي التُركي ما كان ليحصل لو لم يكن هناك استعداد تُركي لتغيير
جزء من الموقف حيال "سوريا"، هذا بالنسبة إلى "روسيا".
وبالنسبة إلى الدول الغربية، صارت هناك مطالِب جديّة أوروبية وأميركية من السيّد
"أردوغان" بإقفال الحدود لأنّ الإرهاب تخطّى ربّما ما كان مرسوماً له.
لماذا نستبعِد نهائياً احتمال تحوُّل جدّي تُركي في الملفّ السوري؟
أوكتاي يلماز: في الحقيقة، كان هناك تقارُب روسي حول إيجاد حلّ في
"سوريا" قبل تسعة أشهُر وقبل أزمة إسقاط المُقاتلة الروسية. هلّ تتذكّرون،
لا أدري، كانوا يتحدّثون عن اتفاقية من تسع نقاط، اتفاقية تشمل تسع نقاط من بينها تحديد
المرحلة الانتقالية، وتبدأ هذه المرحلة الانتقالية بوجود "الأسد" ثم
تنتهي برحيله. ويُشارِك الجزء الكبير من نظامه أو ممن لا يُتّهمون بجرائم إنسانية
أو جرائِم الحرب في حكومة الوحدة الوطنية أو الحكومة الانتقالية. هناك مُحاولة جادّة
لإيجاد نُقاط مُشتركة لحلّ الأزمة السورية، والآن طبعاً، تمّ تجديد هذه المُحاولات
لإيجاد قواسم مُشتركة، نُقاط مُشتركة، أرضية مُشتركة
سامي كليب: سيّد "يلماز"، اسمح لي أن أستفيد من وجودك طبعاً في
"تركيا" معنا في هذه الحلقة. هلّ تشعُر حضرتك ككاتب وباحث سياسي أنّ
هناك تغيير مناخ في "تركيا"؟ بدأنا نشعُر مثلاً على المُستوى الأمني،
على المستوى الاستخباراتي، على المستوى الإعلامي أن هناك تغيير مناخ حيال الملف
السوري مثلاً!
أوكتاي يلماز: نعم، لا أعتقد أن يكون هناك تغيير جوهري في موقف
"تركيا" من الأزمة السورية. "تركيا" مُصرّة على رحيل
"الأسد" ولكن لا تُمانِع بأن يبقى النظام ومؤسّسات الدولة وأن تكون هناك
حكومة انتقالية شاملة تشمل النظام والمُعارضة. كما أن تصريحات " بن علي يلدريم"
رئيس الوزراء قبل الانقلاب الفاشل فُهِمَت خطأً، وبالأحرى هو أطلق هذه التصريحات
وتركها غامضة، ولكن بعد ذلك شرح ما كان يريد أن يقوله. أكّد بعد تصريحاته أنّ
"تركيا" سـتُحسِّن علاقتها مع "سوريا" ثم أوضح كلامه وقال أنه
لا يُمكِن قبول وجود "الأسد"
سامي كليب: بقاء الرئيس، نعم
أوكتاي يلماز: وقال أنه يقصُد رحيل "الأسد" وبعد رحيل
"الأسد" وما إلى ذلك. من خلال وجودي في "تركيا" ومُتابعة الأحداث
لا أتوقّع تغييراً جوهرياً حول الأزمة في "سوريا". زيارة
"أردوغان" إلى "روسيا" كانت تهدِف في الدرجة الأولى إلى تحسين
العلاقات وإلى إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، كذلك طبعاً إجراء
المُحادثات حول القضايا الإقليمية، ولكن الوصول أو الاتفاق مع "روسيا"
حول "سوريا" صعب جداً، لماذا؟ لأنّ "تركيا"
و"روسيا" تقفان في طرفي الأزمة
سامي كليب: حسناً، في النهاية سيّد "يلماز" الآن الرئيس التُركي عنده
مُشكلة مع الغرب، عنده مُشكلة مع "أوروبا"، عنده مُشكلة مع الولايات
المتحدة الأميركية. صار المخرج الفعلي والحقيقي هو تعزيز العلاقات مع
"روسيا"
أوكتاي يلماز: أريد أن أقول شيئاً إذا تسمح لي، جملة قصيرة
سامي كليب: تفضّل
أوكتاي يلماز: إذا تسمح لي، كان هناك مُبالغة حول زيارة
"أردوغان" إلى "روسيا"، وكأنّ "تُركيا" تُغيِّر
مسار علاقاتها الخارجية من "الناتو " والغرب والولايات المتحدة إلى
"روسيا"، وكأنه تمّ تشكيل تحالُف جديد وما إلى ذلك
سامي كليب: صحيح
أوكتاي يلماز: والأمر ليس كذلك. هذه بداية لتحسين العلاقات ولكن
علاقات "تركيا" مع "روسيا" ليست بديلة أبداً لعلاقات
"تركيا" مع "الناتو" ومع الغرب بشكلٍ عام ومع الولايات
المتحدة. نقاط الخلاف أعظم من خلافات "تركيا" مع الغرب، خلافاتها مع
"روسيا" أعمق ومُعقّدة جداً، ولكن الطرفان متّفقان على تغليب المصلحة
على الخلافات السياسية، هذا أولاً. كذلك اليوم أكّد "الناتو" أن عضوية
"تركيا" في "الناتو" غير قابلة للنقاش كردّ على مثل هذه
التصريحات من بعض المسؤولين
سامي كليب: صحيح، أكيد سيقولون هذا الكلام ولكن أيضاً كنّا استمعنا إلى تصريحات
عسكرية من القيادة الأميركية، من الـ "سي آي أي" تُحذِّر من احتمال
التشكيك في وجود "تركيا" في "حلف شمال الأطلسي" حتّى ولو كان
في الأمر مُغالاة. سيّد "غيراسيموف"
أوكتاي يلماز: لا بأس في أن تستغلّ "روسيا"
و"تركيا" علاقتهما كورقة ضغط على الغرب، كما أنّ الغرب يستخدِم مثل هذه
الأوراق كضغط على البلدين
سامي كليب: أوكي، سيّد "غيراسيموف"، ما تفضّل به "السيّد
"يلماز" مُهم ويقول بأنه ما من تغيير جدّي في جلد "تركيا"،
"تركيا" في النهاية دولة أطلسية. دعني قبل أن أُعطيك الكلام، فقط نُشير
أنّ "روبرت فيسك" في "الإندبندنت" يقول اليوم:
إذا كان "أردوغان"
يستطيع إسقاط طائِرة روسية ثمّ يُعانِق صديقه "بوتين" فما الذي سيحول من
دون أن يفعل الأمر نفسه مع "بشّار الأسد"؟
لا يُمكن لحلف لأطلسي والاتحاد
الأوروبي الاعتماد على "أردوغان" لمُتابعة تدمير "سوريا"
إنّ لائِحة الخاسرين من
القمة الروسية – التركية تطول، من "داعش" و"القاعدة"
و"جبهة النُصرة" و"فتح الشام" إلى كلّ المجموعات الإسلامية
التي تُقاتل النظام إضافةً إلى مليارديرات "السعودية" و"قطر"
سامي كليب: "وال ستريت جورنال" تنقل آراء الكثيرين من الخُبراء والمُحلّلين
مفادها أنّ اللقاء لا يُمثل تهديدات لمصالِح "أميركا" لكن الدفاع عن
"تركيا" سيتّخِذ منحىً مُختلفاً إذا ما أصبحت دولة استبدادية ومُتملِّقة
لـ "روسيا". تنقل الصحيفة أيضاً عن مسؤولين أوروبيين أيضاً أنّ الزيارة
استعراض للقوّة وليس أكثر، ومُحاولة من "أردوغان" ليقول أنّ
"روسيا" يُمكن أن تكون بديلاً عن الاتحاد الأوروبي. حسناً، إذا عُدنا
إلى السؤال المركزي، الآن يوجد رأيان في الاستديو وفي الخارج، البعض يقول بأننا
أمام تحوُّل جدّي تُركي أو بداية تحوُّل في الأزمة السورية والبعض الآخر يقول لا،
"أردوغان" سيبقى مستمراً على سياسته. كيف يُمكن أن تنظُر أنتَ من
"روسيا" إلى مُستقبل السياسة الأردوغانية في "سوريا"؟ هلّ
يُمكن أن نتوقّع مثلاً تحوّلاً على الجبهة؟ خصوصاً بعد زيارة الوفد العسكري اليوم
استعداداً لتغيير المناخ وإقفال الحدود ووقف دعم الجماعات المُسلّحة مثلاً؟
إيغور
غيراسيموف: أعتقد ذلك. أنا أوافق على رأي أنّ
سياسة "أردوغان" سوف تحمل الطابع التكتيكي بالنسبة إلى الأزمة في
"سوريا". أنا متأكّد أنه في المُستقبل سوف تُغلَق الحدود أو أنّ تكون
ممرّات تسرّب العناصر المُسلّحة من الناحية التُركية أضيق بكثير. ثمّ طبعاً
"تركيا" الآن أمام أزمة داخلية، فكلّ جهودها سوف تُبذَل لاتّخاذ
القرارات لحلّ الأزمة داخل "تركيا". من المعروف أنّ المُشكلة الكُردية
والمُشكلة الأرمنية وبعض المشاكل الاقتصادية صعبة جداً في هذه الدولة فأعتقد أنّ
المشاكِل الداخلية تُجبِر "أردوغان" على أن يُغير طبعاً السياسة المُعتمدة
بالنسبة للأزمة السورية، وكذلك حسب رأيي " أردوغان" سوف يُغيِّر
تدريجياً وربما بشكلٍ غير واضح موقفه بالنسبة إلى الحكومة السورية الشرعية لأنّ
"روسيا" تدعم وتُساعِد الرئيس السوري "حافظ الأسد"
سامي كليب: "بشّار الأسد"
إيغور
غيراسيموف: الذي تمّ انتخابه بطريقة شرعية، نعم.
فالتغييرات موجودة. وكذلك المُشكلة المهمّة بالنسبة إلى حلّ الأزمة السورية هي تهريب
النفط المسروق من المصافي السورية وحملها إلى "تركيا" ومن هناك إلى
الدول الغربية، كذلك هذا الممر يجب أن يكون مُغلقاً. هذه التغييرات يُمكن أن نتوقّعها
ويُمكن أن يكون النجاح تدريجاً ولكنه يجب أن يكون في هذا الاتّجاه وشكراً
سامي كليب: أهلاً بك وأنت باقٍ معنا. أنا أخاف أن
يقول الرئيس السوري يوماً أنه لن يقبل بالمُصالحة قبل رحيل "أردوغان"، ما
رأيك؟
د.
محمد نور الدين: في الواقع، أية
مُحاولة تغيير أعتقد أنها لا تأتي بإرادة طوعية من جانب "أردوغان"
إيغور
غيراسيموف: أنا أتوقّع
سامي كليب: تفضل سيّد "غيراسيموف"
إيغور
غيراسيموف: أنا أتوقّع بأنه يُمكن أن يحدث تغيير في موقف
"أردوغان" بالنسبة إلى حكومة "دمشق" وبالتالي سيكون مُجبراً
على أن يُنظِّم أو يقوم بالمباحثات المُباشرة مع الرئاسة السورية مهما كانت
النتائِج
سامي كليب: دعنا نستمع لو سمحت إلى تصريح لوزير الخارجية التُركي السيّد "
مولود جاويش أوغلو" بعد ساعات من اجتماع الرئيسين التُركي والروسي
مولود جاويش أوغلو: "تركيا" و"روسيا" لديهما وجهات
نظر مُتطابقة حول الحاجة لوقف إطلاق النار في "سوريا" وتوفير المُساعدات
الإنسانية وإيجاد حلٍ سياسي لإنهاء الأزمة. قد تكون هناك وجهات نظرٍ مُختلفة حول
كيفية تحقيق وقف إطلاق النار، ونحن على وجه التحديد لا نُريد أيّة هجماتٍ على
المدنيين. نحن أيضاً لا نوافق على الهجمات على المُعارضة المُعتدلة إلى جانب
الجماعات الإرهابية، ولا نوافق أيضاً على الحصار في "حلب"
سامي كليب: تفضّل دكتور "محمّد"، كان عندك تعليق؟
د.
محمّد نور الدين: أولاً فقط أُريد أن أُشير وأُريح
الجو قليلاً، "مولود جاويش أوغلو"
سامي كليب: الجو مُرتاح جداً
د.
محمّد نور الدين: الجوّ التركي، "مولود جاويش أوغلو" أنبت شارباً
عن جديد ووزير العدل أيضاً. يُقال أنه بعد أن عُزِل "أحمد داوود أوغلو"
أمر "أردوغان" كلّ المسؤولين بإنبات شواربهم
سامي كليب: صحيح هذا الكلام؟
د.
محمد نور الدين: أجل صحيح
سامي كليب: سنسأل السيّد "يلماز" عنها. صحيح سيّد "أوكتاي"؟
أوكتاي يلماز: والله، أنا لا أعرِف السبب حقيقةً، هذا مُلفِت كذلك
ولكن لا أعرِف السبب
سامي كليب: لكن الأكيد أن شارب السيّد "أوكتاي" قبل هذا القرار
د.
محمّد نور الدين: هذه نُشِرت في وسائِل الإعلام وأُستاذ
"أوكتاي" يُفتَرض أنه يؤكّد هذا الشيء
سامي كليب: ما السبب
د.
محمّد نور الدين: لا أعلم، قد يكون هذا رمز لمرحلة جديدة، " أنا
السُلطان"، والعُثماني كان معروفاً بشاربه في هذا الإطار
سامي كليب: على كلّ حال، في السنوات القليلة الماضية رأينا العديد من المؤشّرات
لإعادة بعض العادات العُثمانية القديمة
د.
محمّد نور الدين: والأطرف من هذا أنّ مُعظمهم التزم بهذا الشيء لأنّ عدم
الالتزام كان يُمكن أن يُكلّفهم الطرد من الحزب. أعود إلى الموضوع التركي وأقول، "تركيا"
منذ بدء الأزمة السورية وحتّى هذه اللحظة خسِرت الكثير من أوراق تأثيرها في الداخل
السوري. الحدود التُركية التي كانت 900 كيلومتر الآن "تركيا" ليس لها
وجود سوى القليل في "جسر الشغور" كما تحدّثت قبل قليل. باقي المناطق إما
موجود فيها الأكراد أو موجود فيها "داعش" بمعنى أنّ "تركيا"
لم تتخلَّ عن كلّ هذه المساحة من الحدود مع "سوريا" من تلقاء نفسها بل
فُرِض عليها ذلك فرضاً. وفي تقديري، إن كانت هناك أية استدارة تركية يُمكن أن تحصل
فستكون عن طريق الفرض. فرض موازين القوى على الأرض تُجبِر "تركيا" على
تغيير سياستها في "سوريا"
سامي كليب: أنا أتخيّل دكتور "محمّد" أنّه غداً مثلاً حلّق الطيران الروسي
مع الطيران السوري وبدأ بقصف مواقِع لحلفاء "تركيا"، ماذا سيكون عليه
الشأن التُركي حينها؟ بالتأكيد لن نرى إسقاط طائِرات كما حصل في السابق
د.
محمّد نور الدين: حتّى تصريحات "بوتين" و "أردوغان" الرسمية والمسؤولون كانوا
يقولون فيها بأنه لا يوجد اتفاق على الموضوع السوري. هذا ما يؤكِّد أن هذه القمّة
التي صارت كانت في مكانٍ آخر، لم تكن في "سوريا"، وبالتالي حتّى الوفود
الاستخباراتية والأمنية التي تتوجّه إلى "روسيا"، أنا أعتقد أنّ الموضوع
السوري لن يكون بنداً أساسياً بل أكثر من ذلك، يُمكن أن يكون الأمر في إطار ما
تُحاول "روسيا" أن تعمل عليه لمُكافحة الإرهاب بخصوص التنظيمات المُتشدّدة
التي يُمكن أن تتوجّه إلى "القوقاز" مثل "داعش" وما إلى ذلك،
وأيضاً بعد الانقلاب العسكري
سامي كليب: تحت هذا الشعار يُمكن أن يكون هناك حلّ للموضوع السوري الأمني، بمعنى تحت
شعار مُحاربة الإرهاب ومُكافحة الإرهاب، إغلاق الحدود، الاتفاق الأمني. أيضاً حصل
اجتماع مُوسّع وحضر فيه مسؤولون أمنيون
د.
محمّد نور الدين: أنا في تقديري، المسألة تعود أكثر من ذلك إلى ظروف
التموضُع الاستراتيجي لـ "تركيا" في المنطقة وفي العالم، وبالتالي هذا
التموضُع الاستراتيجي لـ "تركيا" كان بدأ من "أتاتورك"،
وخصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية، تموضع في المِحور الغربي في "حلف شمال
الأطلسي". حتّى العلاقات مع "إسرائيل" هي جزء من التموضُع
الاستراتيجي التُركي. دخلوا إلى "الحلف الأطلسي" ودخلوا إلى المجلِس
الأوروبي لكي يكونوا أعضاءً في "الاتحاد الأوروبي"، وبالتالي التموضُع
الاستراتيجي التُركي هو تموضُع غربي، وبالتالي "تركيا" لا تستطيع أن
تتحرّك في موضوعات أساسية. الأزمة السورية في النهاية ليست خلافاً تُركياً سورياً
وليست خلافاً روسياً أو أي شيء، هي معركة كونية تُشارِك فيها كلّ القوى الإقليمية
والدولية. "تركيا" جزء من هذه المعركة وبالتالي لا يُمكن أن تخرُج من
التموضُع الاستراتيجي الذي كانت فيه، وفي حال خرجت أنا أعتقد أنها قد تدفع أثماناً
غالية، ولهذا السبب لا يُمكن توقع تغيُّر جدّي وجذري في السياسة التُركية تجاه
"سوريا"
سامي كليب: أنا عُذراً أُحاول أن أستعجل قليلاً فقط لأننا نُحاول أن نسأل كلّ
الأسئِلة، ولكن أُحبّ أن أستمِع مُطوّلاً. في مسألة العلاقات الثنائية دكتورة
"جنى"، واضح وجود رغبة في إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه، وما كانت
عليه إذا استطعنا أن نُشاهد ذلك على الشاشة، هناك أرقام مُهمّة جداً في الواقع بين
البلدين. نحن نعرِف أنّ "تركيا" تستورِد نصف الغاز تقريباً من
"روسيا"، 12 % من النفط، يوجد كلام عن 4.5 ملايين سائِح روسي كل ّعام
تقريباً إلى "تركيا" إضافةً طبعاً إلى مشاريع اقتصادية مُهمّة جداً،
وجرى الحديث عن مشروعين مهمّين أحدهما نوويّ ومشروع آخر أيضاً، إضافةً إلى مشروع
خطوط النفط
د. جنى جبور: "السيل التُركي"
سامي كليب: "السيل التُركي". الرئيس "أردوغان" يتحدّث عن رفع
المُستوى قبل عام 2020 على ما أعتقد إلى مئة مليار دولار. الكلام الذي نستمع إليه
في أنه لا يُمكن أن يحصل تحول تُركي جدّي في اتجاه "روسيا" على حساب
الأطلسي. إذا كانت كلّ هذه المصالِح موجودة، ما الذي يمنع أن تقول
"تركيا" يوماً ما أنها ستتحوّل في اتّجاه آخر؟
د. جنى جبور: لا، لا تستطيع "تركيا" ذلك
سامي كليب: السبب؟
د. جنى جبور: السبب أنه أولاً، الأمن التُركي اليوم مرتبِط ارتباطاً
شديداً ووثيقاً بـ "حلف شمال الأطلسي". ثانياً، الاقتصاد التُركي اليوم
مُرتبِط باستثمارات "أوروبا". والعامل الثالث الذي ننساه هو أنّ عضوية
أو ترشُّح "تركيا" لعضوية الاتحاد الأوروبي يلعب دوراً مهماً جداً في
كسب "تركيا" مركزاً على الساحة الإقليمية وقوّة ناعمة على الساحة
الدولية
سامي كليب: لكن هذا صار ميؤوساً منه
د. جنى جبور: ليس ميؤوساً منه، هي لُعبة، مُناورة سياسية. هم اليوم
يستديرون لأُوروبا وفقدوا الأمل في أن يحصلوا على موقع في "أوروبا"
ولكنهم سوف يلعبون دائماً على هذا الوتر، في أنهم بلدٌ مُسلِم ولكنّهم في نفس
الوقت هم مرشّحون لعضوية الاتحاد الأوروبي، وهذا ما سيُكسبهم موقعاً على الساحة
الإقليمية الشرق أوسطية. إذاً، اليوم ما يحصل مع "تركيا" هو تقارُب
تكتيكي لا أكثر ولا أقلّ
سامي كليب: لكن دكتورة "جنى" حضرتكِ
درستِ في "فرنسا" وتُدرّسين في "فرنسا" وتعرفين الجوّ
الأوروبي. هناك استحالة تقريباً لإدخال "تركيا" في الاتحاد الأوروبي
د. جنى جبور: "تركيا" لن تدخل، لن تدخل
سامي كليب: إذاً ما الذي سيمنع؟
د. جنى جبور: "تركيا" ستستخدم هذا الترشّح إلى عضوية
الاتحاد الأوروبي. اليوم الاتحاد الأوروبي لن يُغلِق الباب تماماً أمام
"تركيا"، اليوم آخِر حديث سمِعناه أنه في العام 2020 سوف نتحدّث عن
إدخال "تركيا" في الاتحاد الأوروبي. أي لا يزال عند "أردوغان"
عشر سنوات إذا بقي في الحُكم كي يُناور سياسياً وأن يقول: " نحن مرشّحون
وأوروبا لا تريدنا لكن نحن مُرشّحون لعضوية الاتحاد الأوروبي وهذا يُكسبنا نوعاً
من القوّة الناعمة على الساحة الدولية"
سامي كليب: ممكن أن تشرحي لي أكثر لماذا لا يُمكن لـ "تركيا" أن تتفكّك أو
تتحلّل من الرابط العضوي مع "حلف شمال الأطلسي"؟ في المسألة الأمنية إذا
كان الحلف يحميها، عندها علاقات تقريباً مع "إسرائيل" جيّدة. في النهاية
يحميها ممن؟ مَن الذي سيعتدي على "تُركيا"؟
د. جنى جبور: لكن هناك أيضاً إرث " كمال أتاتورك" الذي ما زال موجوداً اليوم
في الذاكرة واللاوعي السياسي عند الأتراك. بالنسبة إلى الأتراك، أن تكون تركيا بلداً
حداثياً منفتِحاً ومتطوِّراً
سامي كليب: يجب أن تتّجه إلى الغرب
د. جنى جبور: طبعاً، يجب أن تكون على نفس المُستوى مع البُلدان
الغربية. ولكن في الحديث عن ذلك، أودّ التعقيب على ما تحدّثنا عنه منذ قليل. على
سبيل المُزاح تحدّثنا عن العادات العثمانية اليوم في "تركيا" وأنّ
الرئيس "أردوغان" طلب من وزير الخارجية أن يُنبِت شاربه. البعض يُفسِّر
ذلك وغير ذلك من تصرّفات "أردوغان" على أنها عُثمانية جديدة. طبعاً هناك
عُثمانية جديدة اليوم في خطاب وتصرّفات الرئيس "أردوغان" ولكن أيضاً
هناك عامِل آخر. اليوم، ما يقوم به "أردوغان" هو استحضار التاريخ، تاريخ
الإمبراطورية العثمانية، استحضار الماضي الكبير الجليل لكي يكسب مركزاً ومكانة على
الساحة الدولية. هو يقول " أنا وريث إمبراطورية كبيرة ولذلك يحُقّ لي أن أكون
شريكاً ولاعباً قوياً وحقيقياً على الساحة الدولية". هذه هي دبلوماسية القوى
الصاعدة وهو بذلك يُشبه دبلوماسية "بوتين" ودبلوماسية "لولا"
سابقاً في "البرازيل" وإلى آخره
سامي كليب: ولكن بعد 11 عملية انتخابية وبعد كلّ الوضع الداخلي في
"تركيا"، وسنتحدّث عنه في القسم الأخير، ربما هناك أسئِلة فعلية أيضا
مثل، هلّ يستطيع "أردوغان" أن يستمرّ في سياسته التي انتهجها منذ أن وصل
إلى السُلطة حتّى اليوم؟ أو هو مضطرّ لتغييرات مُهمّة وجوهرية في الخارِج؟ لحظات
ونعود إليكم إن شئتم البقاء معنا أعزّائي المُشاهدين
المحور الثالث:
سامي كليب: أهلاً بكم مُجدداً أعزّائي المُشاهدين لمواصلة هذه الحلقة من "لعبة
الأُمم" عبر قناة" الميادين" نتحدّث فيها عن العلاقات الروسية
التركية بعد زيارة الرئيس "أردوغان" إلى "موسكو". هلّ ثمّة
تغييرات مُنتظرة؟ في الواقع، الضيوف منقسمون بين مَن يقول ستكون تغييرات جوهرية بالنسبة
إلى الملف السوري والبعض يقول لا، هذه مُجرّد قمّة بين الجانبين لإعادة العلاقات،
وفي الحلقة ثلاثة رجال وسيّدة واحدة، ولكن اسم الله عليها تعرف جداً في الشأن
التُركي وكانت في "تركيا" مؤخراً، وبدأتِ تحكين لنا بعض المعلومات حول
ما سمعتِ في "تركيا". الآن حصل انقلاب و "أردوغان" يقول ما
يلي: "الأوربيون والأميركيون لم يتضامنوا مع "أنقرة" بالصورة
المطلوبة. الغرب يُناقض المبادئ التي يُدافِع عنها. لقد تخلّى الغرب عن الشعب
التُركي للأسف". "فايننشال تايمز" البريطانية تقول أنّ
"روسيا" تريد أن تتحكّم في عملية جذب "تركيا" مُجدّداً نحو
الشرق. هذا أيضاً يُعيدنا إلى السؤال، ودعيني أسأل السؤال وسأعود إليكِ، للسيّد
"يلماز". سيّد "يلماز" هلّ ثمة إمكانية بأن يذهب
"أردوغان" أكثر صوب "روسيا" ويتحلّل أكثر من "الاتحاد
الأوروبي" ومن "حلف شمال الأطلسي"، أم هذا مُستحيل،
"تركيا" ستبقى أطلسية وأوروبية في نهاية المطاف؟
أوكتاي يلماز: في البداية، العلاقات التركية الروسية بالدرجة الأولى
علاقات اقتصادية، والمصالِح الاقتصادية مُتبادَلة. كلّ ما تريد "تركيا"
من التوجّه إلى "روسيا" هو إعادة التوازن في علاقاتها الخارجية.
"تركيا" مُرتبطة بالغرب ارتباطاً عضوياً حقيقةً. 60 في المئة من
الاقتصاد التُركي يرتبط بالاقتصاد الغربي، كذلك "تركيا" عضو في الهيكل
الأمني الغربي "الناتو" وما إلى ذلك. كذلك الخلافات التركية الروسية
أعمق بكثير من الخلافات التُركية الغربية بشكلٍ عام، ولذلك هناك طبعاً مصلَحة
مُتبادَلة من تطوير العلاقات بين البلدين، بين" تركيا"
و"روسيا"، ولكن هذه العلاقات لا أعتقِد أنها تتّجه نحو علاقة حلف أو
شراكة استراتيجية أو أن تنسحِب "تركيا" من الحلف الغربي وتُشكِل حلفاً تركياً
إيرانياً صينياً كما يتحدّث البعض هنا في الإعلام التُركي، كلّ ما هناك هو توازن
العلاقات. حول الأزمة السورية أُريد أن أقول، أنا لا أتوقّع شخصياً تغييراً
جذرياً، لكن هذا لا يعني أنّ "تركيا" لا تُراجِع كلّ سياساتها الخارجية
وسياستها في "سوريا". هناك تغيير الأولويات. مثلاً، قبل سنة كانت
الأولوية ربما رحيل "الأسد" ولكن الآن، بالنسبة إلـى "تركيا"
الأولوية هي مُحاربة الإرهاب، مُحاربة إرهاب تنظيم "داعش" والميليشيات الكردية
وعدم السماح للميليشيات الكردية بإقامة كيان يُهدّد "تُركيا" أو
الاستيلاء على جميع الحدود التركية السورية التي تتقاطع بين "تركيا"
والعالم العربي، نعم
سامي كليب: سيّد "يلماز"، في مُحاربة الإرهاب المسألة بسيطة، فلتُغلِق
الحدود. بعيداً عن الشعارات تُغلِق الحدود
أوكتاي يلماز: نعم، نعم. يا سيّدي الكريم، كلّ محاولات ربط اسم تنظيم
"داعش" بـ "تركيا"، كلّها جاءت في إطار البروباغندا السوداء
أو الدعاية السوداء التي أثارها النظام وحلفاء النظام، ثمّ تمسّكت
"روسيا" بهذه الأقاويل بعد أزمتها مع "تركيا"، ولكن هلّ نسمع
الآن كلاماً من هذا القبيل؟ هذا الكلام غير صحيح. صحيح أن "تركيا"
تستضيف المُعارضة السورية، بعض الأطراف يعتبرون أنّ بعض هذه المُعارضة ربما
مُعارضة إرهابية. "تركيا" تستضيف الشعب السوري وفتحت حدودها للشعب
السوري ولكن هذا لا يعني أبداً تبنّي "تركيا" للتنظيم المتطرِّف
الإرهابي. "تركيا" منذ البداية أعلنت هذا التنظيم تنظيماً إرهابياً
وحاربته. ربما مُحاربة هذا التنظيم لم تكُن أولوية في تلك الفترة لأنه لم يكُن
يُهدد "تركيا" بشكلٍ مُباشر. لم يكن هناك عِلم أو إدراك حول الخطورة
التي تُشكِّل هذا التنظيم. أُنظر إلى الدول الغربية، متى أعلن هذا التنظيم
إرهابياً؟ متى أعلنت الحرب عليه إلاّ بعد أن قتل هذا التنظيم مواطنيها. قبل ذلك
كلّهم ربما تعاونوا معه، ولذلك رَبط اسم "تركيا" بهذا التنظيم الإرهابي
غير صحيح إطلاقاً
سامي كليب: سيّد "يلماز"، طبعاً أنا أحترِم دورك كمُثقف وباحِث وكاتِب،
ولكن توجد وجهة نظر أُخرى سورية وغير سورية تقول أن "تركيا" تدعم أطرافاً
أوكتاي يلماز: أعرف وجهة النظر هذه
سامي كليب: اسمح لي فقط، تدعم أطرافاً إرهابية وفتحت الحدود لخمس سنوات،
و"تركيا" هي التي شجّعت على نهب مصانِع "حلب"
و"تركيا" مُشترِكة في الحرب مُباشرةً و"تركيا" تُدرِّب
مُقاتلين، وكلّ الإرهاب الغربي مرّ عبر حدود "تركيا"، هذه وجهة نظر
أُخرى. لذلك لا أعتقد أننا سندخُل في
أوكتاي يلماز: سيّدي الكريم، فقط جُملة، اسمح لي بجملة
سامي كليب: تفضل
أوكتاي يلماز: عندما تدخّلت "روسيا" عسكرياً في
"سوريا" أعلنت جميع المُعارضين إرهابيين، جميع من يُعارِض النظام
و"الأسد" مُسلّح كان أم غير مُسلّح يُعتبر إرهابياً. "تركيا"
تعترِف بالمُعارضة المُعترَف بها دولياً، أمّا تنظيم "داعش" والمنظمات
المتطرّفة فهذا شأن آخر. صحيح أن حدود "تركيا" و"سوريا"
الطويلة قد شهِدت انتهاكات وتسريب وما إلى ذلك لكن
سامي كليب: سنترُك قليلاً من الوقت للضيوف يا سيّد "يلماز"
أوكتاي يلماز: هذا لا يعني أبداً أن "تركيا" تدعم تنظيم
"داعش"
سامي كليب: أوكي. على كلّ حال كما قلنا، توجد وجهة نظر أُخرى مُختلِفة تماماً. صحيفة
"حريّات" تنقُل عن الخبير الاقتصادي "غوفين ساك" قوله: لكي
نفهم كيف جرى هذا التقارُب الروسي التُركي يجب خصوصاً مراقبة سوق العمل في "أنطاليا"
حيث هبط بمُعدّل 52 بالمئة بين نيسان 2015 ونيسان 2016. لا يُمكن لشخص مثل
"أردوغان" أن يبعث برسالة اعتذار لو أنّ العقوبات الاقتصادية لم تُطاول قطاعات
واسعة من "تركيا" وخصوصاً شركات تصنيع الخُبز والزبدة. سيّد
"غيراسيموف"، بالمعنى الاقتصادي ماذا تُفيد إعادة العلاقات التركية
الروسية في هذه الفترة؟ هلّ فعلاً "روسيا" مُحتاجة اقتصادياً، أولاً
للعلاقات المُباشرة مع "تركيا" وثانياً لتخفيف العقوبات عنها من دول
أوروبية مثلاً؟ سيّد "غيراسيموف"؟ هلّ يستمع السيّد
"غيراسيموف" إلى السؤال؟ حسناً. يبدو أنه انقطع الاتصال. هل عندكِ تعليق
دكتورة "جنى"، تفضلي
د. جنى جبور: سأعود إلى أول سؤال طرحته عليّ ولم يتسنَ لي الوقت كي أُجيبك. سألتني، هل
هذا التقارب ما بين "تركيا" و"روسيا" هو حقيقي. أنا أعتبر أن
سياسة الكيل بمكيالين التي يتّبعها الغرب اليوم وسياساته الإقصائية، إذا أكملوا في
هذا السياق سيؤدّي ذلك إلى دفع "أردوغان" إلى أحضان "بوتين".
بالعودة إلى ما قاله الأُستاذ "يلماز"، قال أنّ هناك تحوّلاً في السياسة
التركية تجاه "سوريا". بالفعل أنا أعتبر أن أول مؤشّرات هذا التغيير هو
استقالة أو إقالة " أحمد داوود أوغلو". إقالة "أحمد داوود
أوغلو" كانت نوعاً من Exit Strategy أو إيجاد مخرج لطيّ صفحة الماضي وإلقاء اللّوم على شخص واحد، ولفتح
صفحة جديدة في العلاقات الخارجية. تعقيباً على ما تفضّلت به أنّ
"أردوغان" اليوم مُجبَر على فتح العلاقات مع "روسيا" ويُمكن
أيضاً مع "سوريا" بسبب تردّي سوق العمل في "أنطاليا"، طبعاً
هذا حقيقي. اليوم سوق العمل في "أنطاليا" مُرتبِط بالتجارة مع
"سوريا"، واليوم تردّى وضع التجارة مع "سوريا" ولذلك اليوم
"أردوغان" مُجبَر على تغيير مُقاربته للوضع السوري وللملف السوري. ونقطة
أخيرة أودّ إضافتها هي أنّ "أردوغان" اليوم يعي أيضاً أنّ هناك علاقة
جدلية ما بين سياسته الخارجية تجاه "سوريا" ووضعه الداخلي. بمعنى، في
السنوات الماضية استطاع "أردوغان" أن يُقوِّي من موقفه في الداخل
التُركي لأنّه أعاد لـ "تركيا" موقعها الإقليمي الشرق أوسطي كقوة
وكلاعِب حقيقي. مع "الربيع العربي" انحسر دور "تركيا" في
الشرق الأوسط، وبذلك تردّى موقف
سامي كليب: بعد إطاحة الإخوان المُسلمين في "مصر تحديداً
د. جنى جبور: طبعاً. لذلك أيضاً ضعُفَ موقف "حزب العدالة
والتنمية" في الداخل التركي. اليوم، مع إعادة النظر في العلاقات الخارجية لـ
"تركيا" ومع إعادة دور "تركيا" على الساحة الشرق أوسطية
يستطيع "أردوغان" أن يُقوّي من موقفه ومن موقف "حزب العدالة
والتنمية" في الداخل التُركي. وربما نُقطة أخيرة، أن اليوم إذا ما تحسّنت
العلاقات ما بين "تُركيا" و"سوريا" فهذا سوف يؤدّي إلى لُحمة
وطنية في الداخل التُركي لأنّ الحزب المُعارِض، "الحزب الجمهوري"، قال
علناً أنه يعتبر أنّ "سوريا" و"بشّار الأسد" هما الضمانة لأمن
المنطقة. بمعنى، أمن "تركيا" وأمن المنطقة مرتبطان بشكلٍ وثيق ببقاء
النظام السوري وإذا تحسّنت العلاقات مع النظام السوري فستكون نقطة بالنسبة لـ
"الحزب الجمهوري" المُعارِض، ستكون هذه النُقطة لصالِح
"أردوغان"
سامي كليب: حسناً، عاد معنا السيّد "غيراسيموف"؟ فقط نُشاهد خارطة
إيغور
غيراسيموف: نعم أنا أسمعُك
سامي كليب: أهلاً بك سيّد "غيراسيموف"،
خارطة سريعة للدول الناطقة بالتُركية. هذه كلها ناطقة بالتُركية؟ لكن أنا أعتقد كلّ
هذه الدول بالأخضر الغامق، "كازاخستان"، "قيرغيزستان"،
أوزباكستان"، "طاجكستان"، "تركمانستان"،
"أذربيجان"، كلّها دول مُحيطة تقريباً أو عند الحدود الروسية، ولا شكّ
أن التقارُب الروسي التُركي أحد أهدافه هو الحدّ من الدعم التُركي لتنظيمات
إسلامية أو القلق من تنظيمات إسلامية، ولا بدّ من التعاون بين الجانبين. هلّ الدور
التُركي في المناطق الحدودية لـ "روسيا" سيّد "غيراسيموف"
مُقلِق لـ "روسيا" فعلاً على المُستوى الإسلامي؟
إيغور
غيراسيموف: نعم، بالنسبة للدول المتحدّثة
بالتركية وهي ومن أسرة الدول الناطقة بالتركية، فهي واسعة جداً، ومن بين
الجمهوريات التي كانت ضمن الاتحاد السوفياتي في السابق كانت "أذربيجان"
و"كازاخستان" و" أوزباكستان"، و"تركمانستان"، وكذلك
داخل "روسيا" توجد الشعوب الناطقة باللغات التي تُعد من أُسرة اللغات
التُركية. فكانت عند "تركيا" وما زالت موجودة سياسة الانتشار الثقافي التُركي،
وكذلك مُساعدة ودعم كلّ الأفكار الخاصة بإعادة دولة " طوران العظمى".
فهذه الفكرة ممكن أن نقول إنها خطيرة. فـ "تركيا" لمرّة جديدة في
التاريخ قامت بعملية الاستفزاز وأرادت أن تكون الشؤون القومية قبل كلّ شيء بعد
الشؤون الوطنية. فهذا الموقف التُركي يُمكن أن يكون خطيراً بالنسبة إلى
"روسيا" وإلى دولٍ أُخرى بسبب التأثير التُركي الذي يُسبّب عدم
الاستقرار في بعض الدول
سامي كليب: شكراً لك سيّد
"غيراسيموف"" دكتور "محمّد"، في مقال في
"النشرة" اللبنانية بقلم المُحامية "سندريلا مِرهج" تقول:
" أنّ "أردوغان" قد يرحل لأن دور الإخوان المُسلمين كمطيّة للغرب انتهى
أميركياً وكلّ شيء يُشير فعلاً إلى ذلك"، وتختُم المقال بقولها: " ليس
مهماً كيف سينتهي "أردوغان" وما هي طريقة رحيله، لكن الأهم أنه لن
يُصلّي في "دمشق" ولن يفتتح مسجداً جديداً في "موسكو". طبعاً
السؤال، ولن نذهب إلى منطق أنه قد يرحل وقد لا يرحل، ولكن الآن بعد اعتراف السُلطة
التُركية بـ 26 ألف شخص قد اعتقلوا والإجراءات الأخيرة التي اتُّخِذت، هلّ يُمكن
أن نقول أنّ "أردوغان" سيستطيع أن يستمرّ في السياسة التي كانت حتّى
الآن قبل الانقلاب على المُستوى الخارجي؟
د.
محمّد نور الدين: على الخارجي أو الداخلي؟
سامي كليب: الخارجي. الداخلي أكيد سيؤثّر على الخارجي. لكن على المستوى الداخلي بعد
كلّ هذه الضغوط الداخلية هلّ يستطيع أن يتحرّك بحريّة في الخارِج بعد؟
د.
محمّد نور الدين: أكيد توجد علاقة جدلية بين الداخل والخارِج. "أردوغان" في هذه
المرحلة يمُرّ في مرحلة انعدام توازُن في الداخل التُركي، بمعنى أنه عندما دعا إلى
مهرجان " الديمقراطية والشهداء" يوم الأحد الماضي أصرّ على زعيمي
المُعارضة كي يأتيا لمُشاركته في هذا المهرجان. هذا كان دليل ضعف لـ
"أردوغان" لأنه كان يُريد أن يُجمِع أوراقه وأيضاً أن يقول أمام
"بوتين" والغرب بأنه ما زال قوياً في الداخل في حين أنه خسر في مُحاولة
الانقلاب آخر شريك له بشكلٍ كامل الذي كان " فتح الله غولين"
سامي كليب: إذاً هو في جميع الأحوال مُرغم على
التغيير في الخارِج
د.
محمّد نور الدين: مُجرّد أن يحدُث مثل
هذا الانقلاب بعد 14 سنة من حُكم "حزب العدالة والتنمية" والإصلاحات
التي تبناها والتي كانت إحدى أهم بنودها تقليم أظافر العسكر ومنع تدخّلهم في الشأن
السياسي. مُجرّد حدوث هذا الانقلاب نتيجته الوحيدة هي فشل كلّ هذه المرحلة وكلّ
هذه الإصلاحات. وبالتالي، "أردوغان" الآن أُصيب بهزّة قويّة رغم أنه
يُحاول أو يُظهِر أنه مُمسِك، مُجرّد هذا الكم الكبير من الاعتقالات، إذا كان كلّ
هؤلاء كما تفضّلت، 26 ألفاً، أنا أعتقد أن بين المُعتقلين والمطرودين هناك ما لا
يقل عن 150 ألف شخص، وكلّ فرد لا ينسجِم مع سياسته يذهب إلى اعتقاله.
"أردوغان" أعتقد انتهى بشكلٍ كامل مع حدوث الانقلاب
سامي كليب: وانتهى الوقت
د.
محمّد نور الدين: العسكري، وبالتالي أعتقد أنه مجرّد يعدّ الوقت إلى حين انتهاء مسيرته
السياسية
سامي كليب: دكتورة "جنى" هلّ توافقين أن "أردوغان" يعيش ربما
آخر مراحله في السُلطة؟
د. جنى جبور: اليوم طريق "أردوغان" ليست مُعبّدة بالزهور
في الداخل التُركي ولكنه خرج أقوى من جرّاء فشل مُحاولة الانقلاب. كان يكفي أن
يخرُج 12 ثانية على Face Time كي يخرج الشارع التُركي
بالملايين ويؤيّده، وهذا دليل على كريزمته
سامي كليب: شكراً لكِ دكتورة "جنى"،
شكراً للدكتور "محمّد"، شكراً للسيّد "يلماز" والسيّد
"غيراسيموف". نداء أخير في ختام هذه الحلقة أعزّائي المُشاهدين. فقط
هناك أُسبوع للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين، في "لبنان" بدأ اليوم.
نشكُر السيّد "سماح إدريس" الناشط دائِماً من أجل هؤلاء، متضامنون طبعاً
مع كلّ مَن هو في السجون الإسرائيلية، "بلال كايد" وكافة الأسرى، و
"السعدات" و"البرغوثي" وجميع المُناضلين ونقول لهم أن قلوبنا
دائِماً معكم حتّى ولو كنّا لا نستطيع أن نفعل شيئاً سوى الكلام في هذه المرحلة. شكراً
لكم أعزائي المُشاهدين وشُكراً للضيوف الكِرام وشكراً لكلّ من شاهد هذه الحلقة وربما
تفاعل معنا عبر "الفيسبوك"، وأعتذر لأننا لم نستطع أن نُقدِّم الكثير من
رسائِل "الفيسبوك" لسبب بسيط وهو أنه انتهى الوقت. شكراً لكم