السيد هاشم صفي الدين - رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله

وقائع حرب تموز 2006 والمفاصل الأساسية فيها.الحالة الاغاثية ،النازحين والتعاطي مع الناس خلال الحرب وبعدها. الجانب التنفيذي والعسكري ،قدرات حزب الله في 2016 والحرب في سوريا والتكفيريين والحملة على حزب الله .الشهيد عماد مغنية دوره وعلاقته بالسيد هاشم صفي الدين.

نص الحلقة

كمال خلف: سلام الله عليكم مشاهدينا.

حزب الله الآن ليس كما قبل عشر سنوات،  يقول الأصدقاء والخصوم والأعداء. القدرة والخبرة والأعداد والجبهات وطبيعة الاستهداف والخيارات والموقع والدور ليست كما كانت قبل السنوات العشر. ماذا في أولويّات الحزب؟ وماذا في جعبته لمواجهة التحدّيات المُقبلة؟

في حرب تموز، دخل حزب الله القلوب، قبل أن يدخل المعركة ليس في بيئته الحاضنة فحسب، إنما على إمتداد الجغرافيا العربية والإسلامية. هل يخوض حزب الله اليوم معاركه العسكرية بالتوازي مع حرب التشويه والإساءة؟

في حرب تموز ثمّة رجالٌ وقادةٌ لعبوا أدواراً عسكرية في التخطيط وإدارة القتال. ماذا عن دور القائد عماد مغنية؟ وماذا عن آخرين ومنهم ضيفنا الذين لعبوا دوراً في إدارة الصمود؟

بعد عشر سنوات، الحزب على جبهة قتال التكفيريين في سورية، إستنزافٌ أم مُراكمة خبرات؟ تغيّرت الأولويات أو المواجهة واحدة؟

حرب تموز وقائع المُنازلة وخيارات الراهن ورؤى المستقبل في "تذكّروا"، في هذا الحوار الخاص مع رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيّد هاشم صفي الدين.

أسعد الله مساءك سيّد هاشم صفي الدين، وأرحّب بك في استوديوهات الميادين.

 

السيّد هاشم صفي الدين: أسعد الله أيّامكم.

 

كمال خلف: حيّاك الله.

 

(مشاهد فيديو)

(السيّد حسن نصر الله: كما كنت أعدكم بالنصر دائماً أعدكم بالنصر مُجدّداً).

 

كمال خلف: إذًا مشاهدينا ضيفنا السيّد هاشم صفي الدين. سنعرض الآن أبرز محطّات حياة ونضال السيّد صفي الدين.

 

تقرير غرافيكس:

السيّد هاشم صفي الدين:

- رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله.

- انضمّ إلى حزب الله منذ بدايات تأسيسه.

* عام 1995:

- انتخب عضواً في شورى القرار وهي أعلى هيئة قيادية في حزب الله.

* عام 1996:

- تولّى مسؤولية المجلس التنفيذي في حزب الله.

* عام 2000 (التحرير) – 2005:

- أشرف على إنشاء مؤسّسات حزب الله (إعلامياً، ثقافياً، طبياً، اجتماعياً).

- أشرف على الورشة التنظيمية في جنوب لبنان.

- طوّر العمل المؤسّساتي والتنظيمي في حزب الله من خلال التخصّص.

- اعتمد المعايير الإدارية المالية واهتم بالكفاءات.

- اهتمّ بالعمل الجامعي وطوّر التعبئة التربوية.

- اهتمّ بدور المرأة في تفعيل عمل المؤسّسات.

* عام 2006 – حرب تموز: تولّى الإشراف على متابعة:

- أمور النازحين في لبنان وسوريا من خلال تأمين كلّ احتياجاتهم.

- ما لحق بلبنان (بيروت والضاحية والجنوب والبقاع) من دمار.

- أحوال الجرحى خلال الحرب.

- أوضاع المستشفيات والمراكز الطبية واحتياجاتها.

* بعد وقف النار عام 2006:

- تابع إعادة الإعمار ورفع الأضرار والتعويضات وأحوال الشهداء وعوائلهم.

* ما بعد حرب تموز – دوره ومتابعته:

- مرحلة الانقسام والصراع السياسي في لبنان.

- اعتصام رياض الصلح.

* عام 2009:

- وثيقة حزب الله الثانية.

* عام 2010:

- تابع ملف الانتخابات البلدية في الجنوب اللبناني.

* عام 2011 – مرحلة الأزمة السورية:

- دخول الحزب والمشاركة في سوريا.

- متابعة (جرحى، شهداء، أضرار، قضايا، ثقافياً، إعلامياً، اجتماعياً).

* أعيد انتخابه عضواً في شورى القرار ورئيساً للمجلس التنفيذي عام 1998 و2001 و2004 وما زال إلى يومنا هذا.

 

كمال خلف: سيّد هاشم صفي الدين، ربما هذا عرض مُختصر للمهام وللحياة، ولكن نحن في ذكرى حرب كبيرة، حرب نتائجها استراتيجية كانت ولو نجحت إسرائيل لا قدّر الله كانت ستكون النتائج كبيرة على كل المنطقة، ومن هنا أنطلق بسؤال في هذه المُقابلة حول حرب تموز، إن كانت هي حرباً إسرائيلية، إن كانت حرب تموز شُنّت بقرار إسرائيلي وهي حرب لإسرائيل ونقطة فقط؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: بسم الله الرحمن الرحيم. أولاً أشكركم على هذه الدعوة، وثانياً كلّ ما ذكرتموه في الحقيقة هو مهام يقوم بها فريق كامل من الإخوة الأعزّاء والكِرام في حزب الله، من المجاهدين الأعزّاء، وليس شخصاً بحدّ ذاته.

جواباً على سؤالكم، حرب تموز 2006 التي شنّها الإسرائيلي تمتاز بمميّزات، طبعاً سلبية بالنسبة للإسرائيلي، ومن أهمّ مميّزاتها هي أنها حرب خيضت لمصلحة إرتأتها الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا لا يعني أنّ الحروب الأخرى ليست لمصالح أمريكية، دائماً في حروب إسرائيل هناك مصالح خارجية، ولكن الأصل في الحروب الإسرائيلية بحسب عقيدتهم وتجربتهم وتاريخهم، تكون الحرب لمصلحة إسرائيليّة أولاً، أما حرب 2006 فقد خيضت لمصلحة أمريكية ونظرة أمريكا للمنطقة وهي ما اصطلحت عليه بالشرق الأوسط الجديد، وقد نصّت كوندوليزا رايس على هذا الهدف بشكل واضح.

إذاً أمريكا هي التي شنّت الحرب وأمريكا هي التي أرادت إعادة خارطة المنطقة على وفق وهوى مصالحها ومحاولة التخلّص من قوى المقاومة التي نشأت في العقود الأخيرة، وتحديداً مقاومة حزب الله، ووجدت أمريكا أنّ حزب الله كمقاومة هو رأس حربة في المنطقة يُفترض أن يُكسر رأس الحربة هذا، وأن تقضي على هذه القوة النامية والمُتصاعدة والمُنتصرة، والتي شكّلت نموذجاً كبيراً في لبنان وفي كل منطقتنا العربية والإسلامية.

إذاً المحرّك الأساسي والراغب الأساسي بهذه المعركة الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها فريقٌ كامل من دول عربية وأنظمة غربية أوروبية، الجميع اجتمعوا في هذه الحرب لإنهاء هذه الحال التي اعتبروها خارجة عن سياق مصالحهم وأولوياتهم وما رسموه منذ بداية ما يُسمّى بإطلاق المفاوضات السياسية، التي أريد لها أن تُعيد رسم المنطقة على وقع هزائم مُني بها العرب قبل ذلك، بينما المقاومة جاءت لتُحدِث انتصارات ولتقلب الواقع العربي إلى واقعٍ جديد.

 

كمال خلف: سيّد، نحن سوف نتحدّث في كل هذا خلال المُقابلة، وأيضاً البُعد الاستراتيجي لهذه الحرب، ولكن بما أننا نتذكّر اليوم بعد عشر سنوات هذه الحرب، فنحن نتذكّر أيضاً التفاصيل التي جرت.

 

السيّد هاشم صفي الدين: صحيح.

 

كمال خلف: أثناء الحرب، في الأيام الأولى مع أول إطلالة، أو من أوائل إطلالات السيّد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، تحدّث عن أرقام دقيقة للمباني والوحدات السكنية التي هُدّمت، وكان هذا مفاجئاً ربما لكثير من المراقبين، الحرب مشتعلة وفي أوجّها وهي حرب مصير، ومع ذلك الأمين العام لديه مُعطيات وأرقام للبيوت التي دُمّرت. هل يمكن بعد كل هذه السنوات أن نعرف كيف تمت هذه العملية؟ مّن كان يعمل بها؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: في الحقيقة، موضوع المعلومات والإحصاءات، كان هناك فرق عمل منتشرة في كل المناطق، وباعتبار أنّ التواصل بقي قائماً بين القيادة المركزية لإدارة الشؤون، غير الشأن العسكري المُباشر لشؤون الناس، النازحين، البيوت، الإسعاف، الموضوع الطبي، الاستشفائي، كل هذه العناوين، بالنتيجة حزب الله عنده أجهزة وعنده مؤسّسات تتابع كل هذه الأمور، خلال الحرب حاولنا أن نبقى على تواصل مع كلّ هذه الجهات في مختلف المناطق، وأن نتزوّد بالمعلومات الممكنة، وكانت تأتينا المعلومات يوماً بعد يوم. طبعاً هنا لا يمكنني أن أقول أنّ المعلومات التي كانت متوافرة بين أيدينا في تلك اللحظة كانت معلومات دقيقة مئة بالمئة، أو حتى نسبة 90 بالمئة، لكن كان هناك تصوّر لحجم الدمار، لحجم الخسائر، وفي كلّ يوم كنّا نأخذ هذه المعلومات ونضمّها إلى ما سبق ونصنّفها أيضاً خلال الحرب. الحرب كانت قائمة وكنا نقوم بمختلف المهام المطلوبة على مستوى النازحين والمهجّرين والإعلام وكل هذه العناوين، في نفس الوقت كنّا حريصين أن نعرف حجم الدمار وحجم الخسائر، وأذكر قبل انتهاء الحرب بليلة أو ليلتين، تحدّث معي سماحة الأمين العام وسأل سؤالاً تقديرياً، قال طبعاً أنا أعرف أنه من الصعب أن نحدّد حجم الخسائر الهائل والدمار كان بالعشرات وبالمئات وبالآلاف، هل يمكن أن نقارب ولو مقاربة بسيطة، على ما أذكر وقتها قلت له، يمكن أن نتحدّث عن حوالى 16000 بيت مهدَّم، وحدة سكنية مهدَّمة، غير المحلات والمصانع، وسبحان الله بعد الإحصاء الدقيق وصل عدد البيوت المّهدّمة في لبنان، الوحدات السكنية المُهدّمة في لبنان في كل المناطق، وصل إلى حدود 18000 بيت مُهدّم، أي أنّ الرقم كان قريباً.

طبعاً نحن باعتبار أننا متواجدون في كل القرى، في كل البلدات وفي كل المناطق، حينما كانت تُقصَف منطقة، كان يتم الإشارة بشكل واضح أن هذه البناية مثلاً في الضاحية قد قُصِفت، هذه البناية عادة فيها 20 وحدة سكنية، وهكذا، كانت هناك متابعة تفصيلية لكثير من الأمور أعطت لحزب الله وفرة معلوماتية خوّلته أن ينتج بعدئذٍ حلولاً سريعة ومناسبة.

 

كمال خلف: كان لافتاً سيّد أثناء الحرب، هناك جملة تردّدت، وأنا كنت خارج المنطقة، كنت أعمل في إحدى القنوات العربية ونتابع الحرب، جملة تردّدت كثيراً، وهي "فدا السيّد"، فداءً للسيّد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله.

هذه الجملة نريد أن نعرف الثقافة التي تقف خلفها اعتماداً على أو رغبة في معرفة كيف تفكّر بيئة المقاومة في تلك اللحظة.

 

السيّد هاشم صفي الدين: أولاً هذه العبارات التي صدرت على ألسِنة الناس كانت عفوية جداً وكانت تعبيراً عن هذا المخزون الهائل من الثقافة والمعنويات، وأنت تعرف أنّ في بيئتنا المقاوِمة ثقافة الفداء والإيثار هي ثقافة متأصّلة على المستوى الديني، على المستوى الوطني، على المستوى الحياتي عموماً، ولله الحمد في بيئتنا المقاوِمة، بغضّ النظر عن العمل المقاوِم والعسكري والتضحية والشهداء، لا، الثقافة الاجتماعية السائدة هي ثقافة الإيثار، ثقافة العطاء، ثقافة التضحية في الأمور البسيطة والصغيرة فضلاً عن الأمور الكبيرة والعظيمة. ثقافة الناس في فهمهم للمقاومة، في قناعتهم بالمقاومة، أنا أتحدّث عن تراكم عقود ولا أتحدّث عن تجربة حديثة، إذا تحدّثنا عن الـ2006، هناك في الحد الأدنى، هناك 24 عاماً، 24 عاماً من الجهد والتعب والمعاناة والعذاب والتضحية، والناس أوجدت لكلّ هذه التضحيات، وجدت نتائج مهمة وهي أوجدتها بفعلها وتضحياتها، فحينما يخرج حاج أو أمرأة مُسنّة أو إنسان هُدّم بيته أو فقد عزيزاً ويقول "فداء السيّد"، أي أنه هو يقصد فداء هذه الرؤية التي يحملها سماحة السيّد، فداء هذه المقاومة التي أعزّتنا، والمقاومة التي أعزّتنا هي أهم منا وأهم من أبنائنا وأهم من بيوتنا وأهم من كل ما يمكن أن نخسره. في الحقيقة هذه الثقافة هي المقاومة الحقيقية.

 

كمال خلف: كان لافتاً سيّد عودة النازحين والمهجَّرين مباشرةً بعد إعلان وقف إطلاق النار. أريد أن أعرف هذا صدفة، عفوياً كان، أم كان بقرار من الحزب لأسباب سياسية، لأسباب أمنية، لأسباب لها علاقة بالحرب والصراع، أم فعلًا الناس عادت هكذا إلى بيوتها بعد وقف إطلاق النار مباشرة؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: لا، الموضوع لم يكن صدفةً تماماً ولم يكن مخططًا بشكلٍ كامل فنصادر عفوية الناس ورغبة الناس بالعودة إلى بلداتها. كان هناك مزيج. في الحقيقة، نحن قدّرنا أنّ الأمور أصبحت في نهايتها، وكان هناك احتمال، لنكون واقعيين ودقيقين، كان هناك احتمال أن يطيل الإسرائيلي فترة الوصول إلى عودة الأمن بشكل كامل، كما نعلم تماماً، في المفاوضات السياسية التي جرت وفي الضغوطات التي مورِست عسكرياً وبالقصف والقتل في الأسبوع الأخير من المعركة، لأنّ المعركة قبل الأسبوع الأخير قد انتهت وأصبحت محسومة، وامتدت أسبوعاً أو عشرة أيام إضافية لمزيد من الضغط على حزب الله ليقدّم تنازلات ما كان ليقدّمها أبداً.

 

كمال خلف: كان هناك مفاوضات سياسية؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: كانت المفاوضات كبيرة وحامية، وكانت هناك ضغوطات، حتى التلاعب بعبارات وصياغة قرارات الأمم المتحدة التي يريدون أن يصدروها. في مثل هذه الأجواء، نحن كان عندنا نظرة سيّئة لنوايا الإسرائيلي، وكان هناك قلق من أن يوقف الإسرائيلي الحرب فيخرج من مأزقه لأنه أصبح في مأزق كما أصبح واضحاً وكما تحدّث الأمريكيون والإسرائيليون لاحقاً، أن يخرج من مأزقه ثمّ لا تعود الناس إلى كلّ بلداتها ويبقي هناك أمراً معلّقاً. نتيجة هذا القلق، قلنا لا بدّ من أن نعود إلى كل القرى، ونحن، نعم، خططنا ودرسنا الأمر، وأنا شخصياً تولّيت جزءاً من هذه المهمة مع الحاج القائد، الحاج عماد مغنية رضوان الله تعالى عليه، وتحدّثنا هاتفياً أكثر من مرة ثم وضعنا ما يشبه التصوّر والخطّة، وكان هناك تنسيق مع إخواننا في حركة أمل ومع بعض القيادات السياسية أن هذه الخطوة يجب أن نخطوها لتعود الناس بسرعة. لكن مع ترتيباتنا ومع كلّ ما سعينا إليه بهذه العودة السريعة، الناس كانوا أسرع منّا، وهنا أقول لا أريد أن أصادر عفوية الناس، نعم، نحن خطّطنا وأردنا ذلك لأهداف سياسية، لأهداف تتعلّق بالمقاومة وانتصارها ولأهداف أيضاً شعبية واجتماعية، إلا أنّ الناس فاجأتنا كثيراً بسرعتها وبحشودها وبمعنوياتها التي دفعتها دفعاً كبيراً فاق كل تصوّر.

 

كمال خلف: كان المشهد لافتاً سيّد هاشم صفي الدين في ذلك الوقت، العودة السريعة، ولذلك أنا سألت حول هذا الموضوع، ولكن في ما يتعلّق ببيئة المقاومة، التي تبدو خلال السنوات الماضية بأن هناك علاقة بين المقاومة، بين حزب الله وبين بيئته الاجتماعية، علاقة قوية ومتينة.

اليوم، ونحن نتذكّر تموز 2006، اليوم هناك موضوع المصارف الذي يستهدف بشكل أساسي بيئة المقاومة في لبنان، إغلاق حسابات، القرار الأمريكي حول المصارف اللبنانية، أيضاً هناك قرار في بعض الدول بطرد اللبنانيين المتعاطفين مع حزب الله أو المؤيّدين، حتى لو لم يكونوا ينتمون مباشرةً إلى حزب الله أو على اتصال معه، مجرّد أن تكون مؤيّداً لهذا الفكر فأنت تفقد رزقك وتُطرَد من البلد الذي تعمل فيه. هذا ألا يشكّل خطورة على هذه العلاقة بين بيئة المقاومة والمقاومة نفسها؟ وألا تعتقد أنّ هناك نوعاً من الخطورة بعزل هذه البيئة عن الحزب نتيجة هذه الإجراءات الآنيّة الحالية؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: لكي أكون أيضاً واضحاً ودقيقاً، خطورة بمعنى أن تتخلّى الناس عن المقاومة، برأينا هذا مستحيل أن يتحقّق، أن تُضغَط الناس وأن تُؤذى، نعم هذا يحصل. في حرب تموز نحن تأذيّنا كمجتمع مدني، كشعب، الناس تأذّت في بيوتها، في ممتلكاتها، في ضحاياها التي فقدتها، في جرحاها. هذه أذيّة حصلت لكن هذه الأذيّة ثمن يدفعها الناس نتيجة اعتقادهم بقضيتهم.

كل الضغوطات التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية من بداية المقاومة، وأنا هنا أحب أن أشير، إذا كان البعض يعتقد أنّ هذه الضغوطات الأمريكية هي جديدة، أو هذه الإجراءات حتى السعودية وبعض الإجراءات العربية هي جديدة، هو مخطئ. هذه إجراءات رافقت المقاومة منذ بدايتها، لكنّها اليوم بدأت تأخذ شكلاً جديداً وتأخذ نمطاً جديداً، وهذه الأشكال الجديدة هي بحدّ ذاتها تعبّر عن ضعف، عن ضعف مشروع الولايات المتحدة الأمريكية ومن معها في مواجهة المقاومة وحزب الله. هم لو كانوا يملكون خيارات أخرى، العسكرية جربوها وفشلوا، الضغوطات الثقافية والإعلامية والحرب الناعمة ما زالت قائمة وجارية لكنها لم تجعل هذه المقاومة تتخلّى عن دورها لا في مواجهة إسرائيل ولا في سورية ولا في أيّ مكان، وفي نهاية المطاف الضغوطات المالية المدّعاة هي ظلم، ونحن يجب أن يعرف كل العالم، نحن كمقاومة وكبيئة مقاومة وكمجتمع مقاوِم، نحن يُعتدى علينا ونحن مظلومون، لأننا نقاوم يُعتدى علينا، يُعتدى على حرية تحريك أموالنا ومصالحنا وإلى ما هنالك.

الناس أعتقد أنهم كبيئة مقاوِمة وصلوا إلى مستوى من التحدّي، الكبرياء والعنفوان، التجربة والخبرة، ما يجعلهم واثقين تماماً أنّ المقاومة التي وعدتهم بتجاوز كل هذه الضغوطات، هم واثقون بهذا الوعد، صبروا ويصبرون، تحمّلوا ويتحمّلون. طبعاً هناك عقل، هناك معالجة، هناك حكمة، هناك متابعة كما شاهد كل العالم، فنحن لا نترك قضيتنا من دون متابعة سواء كان ضغطاً مالياً أو ضغطاً إعلامياً أو ضغطاً ثقافياً، وهذه أيضاً من نِعَم الله تعالى علينا، نعرف أنّ الجبهات التي تُفتَح علينا من كل حدب وصوب من أجل إنهاكنا، لكن نعرف أيضاً أنّ واجبنا أن نحضر في كل هذه الساحات.

 

كمال خلف: لديكم استراتيجية لمواجهة كل ذلك؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: طبيعي، طبيعي، هذا أقلّ ما يُقال بعد كل هذا العمر وبعد كل هذه التجربة. نحن لا نأخذ الناس إلى المجهول ولا نقاتل بأدوات غير معلومة. لا، نحن نمتلك تخطيطاً وفكراً وعقلاً واستراتيجيات واضحة لمواجهة كل هذه الأمور، لكن، حينما أقول استراتيجيات، لا يعني ذلك إننا نمتلك الإمكانات الكبيرة والهائلة التي توازي كل هذه الضغوطات، بالنتيجة أمريكا تسيطر على النظام المالي العالمي، وتسيطر على مُقدّرات كثيرة في العالم وتحرّك أدوات لها في كل المنطقة وفي كل العالم، لكن نحن نمتلك أدوات الصبر والصمود والبقاء على العمل وعلى أصل الوظيفة والمهمّة. فليكن الجميع مُطمئناً، لا ضغط مالي، لا ضغط أمني، لا ضغط عسكري سيبدّل من استراتيجية العمل المقاوِم للوصول إلى كامل أهدافه بإذن الله تعالى.

 

كمال خلف: في حديث لك أشرت إلى أنّ حرب تموز وضعت إسرائيل على طريق الزوال. هل ما زال حزب الله فعلاً يؤمن في هذا الوضع العربي الذي تعرفه، بأن إسرائيل ستزول؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: نحن الآن نزداد قناعة وإيماناً بأنّ إسرائيل أصبحت أكثر من أيّ وقت مضى أقرب إلى الزوال، هذه إسرائيل، القوّة التي وُجِدت في منطقتنا، الثكنة العسكرية، الإرهابية التي ارتكبت كل هذه المجازر، إسرائيل هي الآن أكثر من أيّ وقت مضى أقرب إلى الزوال. كيف؟ سأقول لك كيف.

 

كمال خلف: تفضّل.

 

السيّد هاشم صفي الدين: إسرائيل حينما وُجِدت في منطقتنا اعتمدت على مجموعة عناصر، أو الذي أوجدها أعطاها مجموعة مقدّرات اعتمدت عليها. أولاً هي ثكنة عسكرية، قوتها العسكرية، هذه القوة العسكرية الموجودة فعلاً، لكنها نمت على تحقيق عدد من الانتصارات طوال كلّ العقود والسنوات الماضية، هذه القدرة العسكرية هُزِمت في سنة 2006، إضطرت للانسحاب من لبنان في سنة 2000، هُزِمت في غزّة، هُزِمت في لبنان. اليوم إذا راجعت كل الخطابات الإسرائيلية السياسية، العسكرية، الإعلامية، بعد عشر سنوات، لا تسمع إلا الولولة، يولولون ويتحدّثون عن انعدام الأفق. الإسرائيلي اليوم لم يعد يثق بجيشه، أنّه قادر على حمايته كما كان يحدّثه قبل أن يأتي به من بلاد المهجر بين هلالين أو بلاد النزوح حيث ما أتى به من أي بلد في العالم. الإسرائيلي اليوم بات غير واثق بقدرة جيشه. ثقة الإسرائيليين بجيشهم وتفوّق جيشهم هي التي تجعل إسرائيل واقفة على أرجلها ومستقرّة. هذا أولاً.

ثانياً حزام الأمان الذي أوجدته الدول الغربية لإسرائيل بأنظمة وحكّام عرب، ويجب أن نقول الآن الحقيقة كما هي.

 

كمال خلف: صحيح.

 

السيّد هاشم صفي الدين: كثير من هذه الأنظمة العربية التي تآمرت على المقاومة الفلسطينية، منذ بداية المقاومة الفلسطينية، كانت هذه الأنظمة تتآمر وتطوّق هذه المقاومة الفلسطينية، تدعمها بالظاهر حتى إذا ما وجدتها منتصرةً وقويةً وفاعلةً طوّقتها بخلافات داخلية، أغرقتها بمفاسد سياسية ومحاور بين هذه الدولة وتلك الدولة، وطالما أطيحت الانتصارات التي حققتها المقاومات تاريخياً بوجه الإسرائيلي، وبعض الدول أطيح بها بإغراق هذه الدول وهذه المقاومات بأمور سياسية وإلى ما هنالك.

هذه الأنظمة، الآن إذا أردنا أن نراجع السنوات التي مضت، أصبحت هذه الأنظمة، هذه الأنظمة أكثرها في خبر كان، لم يبقَ منها إلا القليل ممن يمتلك المال الوفير وممن يعمل لإبقاء دوره ووظيفته، أنا أقول بكل واقعية، هذه الأنظمة التي وُجِدت في عالمنا العربي كان أحد أهمّ أدوارها أن تحفظ هذا الإمتياز للكيان الصهيوني، هذه الأنظمة معظمها انهار، وما يحصل الآن في سورية، وما يحصل في العراق، وما يحصل في اليمن، وما يحصل في كل المنطقة، سيأخذنا إلى واقع جديد، أنا واثق من هذا الواقع الجديد.

 

كمال خلف: سيّد، تسمح لي، نتحدّث عن واقع الأنظمة العربية وأيضاً ما يجري في سورية، ولكن نتوقّف مع فاصل قصير.

مشاهدينا نتوقّف مع فاصل، بعده نكمل هذا الحوار مباشرة.

 

 

المحور الثاني

 

كمال خلف: تحية لكم مشاهدينا من جديد في هذا الحوار الخاص مع رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيّد هاشم صفي الدين.

أعود وأحيّيك سيّد صفي الدين.

 

السيّد هاشم صفي الدين: أهلاً وسهلاً بك.

 

كمال خلف: كنّا قطعنا الفكرة قبل قليل. سيّد، ونحن نتحدّث عن حرب تموز اليوم، إسرائيل قالت بأن هناك أنظمة عربية وقفت معنا، وكانت تريدنا أن نقضي على حزب الله، الأمريكيون أيضاً، أنا لدي تصريح لمستشار الأمن القومي الأمريكي اليوت ابرامز تحدّث أن في الغرف المُغلقة كان معظم الأنظمة العربية يطالبنا بأن نقضي على حزب الله. بعد 10 سنوات، أما آن الآوان سيّد لنتحدّث للجمهور العربي عن تلك الحقائق؟ ما الذي كان يجري؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: ما كان يجري تحدّثنا عنه مراراً. حينما نعود إلى بيان المغامرة، بيان مجلس الوزراء السعودي، بيان المغامرة، حينما نعود إلى تصريحات رئيس حكومة بلدنا آنذاك، نحن لا دخل لنا ولا نتحمّل مسؤولية، ما هو هذا؟ هذه محاولة تحميل المسؤولية الكاملة على حزب الله، وبالتالي فليتحمّل مسؤوليته، ولا نعتني بمصيره وبما ستؤول إليه الأمور، هذا هو نوع من أنواع التآمر على المقاومة، وحينما تدخل إسرائيل في المعركة على مدى أول أيام الحرب، إن كنت تذكر تماماً، لم يكن هناك أي تصريح، أي موقف، أية كلمة صدرت من كل هذه الأنظمة ومن كل هذه الجهات، داخلياً في لبنان وخارج لبنان، لم تستنكر القتل، الدمار.

 

كمال خلف: هذا سيّد كان مُعلَناً، لكن غير المُعلَن، كان هناك تعاون مع إسرائيل سواء كان لجهات محلية لبنانية أو عربية، تعاون بمعنى أنهم ساعدوا إسرائيل، ليس فقط أن لديهم مواقف كانت تؤيّد؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: نعم، هناك معلومات أنهم طلبوا، طلبوا من الأمريكيين أن ينهوا أمر هذه المقاومة التي أعجزتهم والتي أصبحوا عاجزين عن تطويقها وإيقافها وإيقاف مدّها وتأثيرها في المنطقة.

 

كمال خلف: لبنانيون أم عرب؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: في الحدّ الأدنى هناك عرب، هم طلبوا ويطلبون بشكل دائم، والآن هم يطلبون ذلك، كي نكون دقيقين، هؤلاء العرب الذين طبعاً يعجزون في المعركة أو في الميدان السياسي أو أي ميدان آخر، دائماً يلجأون إلى سادتهم، ويدفعون لهم الأموال، تمويل هذه المعركة، حينما يطلبها الأمريكي، هل تعتقد أن الأمريكي هو جاهز ليدفع مليارات الدولارات للإسرائيلي ليحقّق هذا الإنجاز الذي يتخيّله؟ أبداً، نحن كلنا نعرف الأمريكي بخيل، التجربة تقول لا يدفع أموالاً.

 

كمال خلف: اليوم هناك أنظمة تطلب من الولايات المتحدة أن يكون هناك تموز جديدة على لبنان؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: وربما ما يطلبون وما يحبّون وما يرغبون به، لكن هل أنّ أمريكا جاهزة وحاضرة؟ هل أنّ أدواتهم في المنطقة هي قادرة؟ هذا شيء آخر. هم دائماً يطلبون ذلك. ما معنى كل هذا التآمر وكل هذا الحقد على المقاومة في لبنان؟ ما معناه؟ قبل قليل تحدّثنا عن عناوينه، على أي شيء يدلّ؟ يدل على أنهم ضاقوا ذرعاً، نحن نعرف تماماً ويجب أن يعرف كل الناس، حينما نرى كل هذا الحقد يصب على المقاومة في وسائل الإعلام، الكذب، تحميل حزب الله مسؤولية كل خطأ يحصل في لبنان وفي المنطقة، الموضوع المالي، الموضوع الاجتماعي، الموضوع الثقافي، وكل هذه الماكينة الإعلامية والسياسية والمالية والضغط، من أجل أي شيء؟ لأنهم يعرفون تماماً أنهم أصبحوا في مرحلة حاسمة جداً، وأنا أقول لك أنها أصبحت إن شاء الله قريبة. نحن في مرحلة حاسمة جداً. كل هذه الأفكار المُدعاة زوراً وبطلاناً وبهتاناً منذ 30 عاماً بل منذ 40 عاماً أو 50 عاماً، هذه المنظومة الفاسدة في منطقتنا أصبحت على وشك الانهيار، ومشروع المقاومة هو حتماً سيتقدّم إلى الأمام.

 

كمال خلف: عوفاً سيّد، أكيد لديك مُعطيات، عندما تقول أن المرحلة حاسمة، القريبة حاسمة. على ماذا يمكن الاستناد؟ أريد أن تشرح لنا المرحلة الحاسمة ما شكلها؟ حاسمة بين من ومن؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: الواقائع موجودة. أولاً ما يحصل الآن في سورية وفي المنطقة، قراءتنا لذلك منذ اليوم الأول أنّ هناك مشروعاً أمريكياً مع دول خليجية ومع دول أوروبية، هناك مشروع أمريكي أريد أن يأخذ المنطقة إلى التفتيت. نعم، الأدوات التي حُرّكت تحت أسماء إرهابي، تكفيري، سلفي، جهادي، بأيّ معنى من المعاني، أو تحت عنوان ما يسمّونه اليوم معارضة مُعتدلة، كل هذه العناوين أقحِمت في هذه المعركة من أجل القضاء على المقاومة ومن أجل إشغال محور المقاومة بحروب داخلية وفتن ترتاح فيها أمريكا وإسرائيل، وهناك من تحدّث في الولايات المتحدة عن فتنة ستشغل العالم الإسلامي والعربي لعقود طويلة وبعضهم تحدّث عن مئة عام. هذا هو المشروع الأمريكي.

نحن قراءتنا لما حصل في سورية منذ اليوم الأول هو هذا. إذا تمكّنا أن نجهض هذا المشروع وأن نحبط أهدافه وغاياته، أين سنصل؟ سنصل إلى منطقة خالية من هذه المشاريع، والمشيئة الأمريكية ومن معها سوف تكون مشاريعهم منتهية أو شبه منتهية. حينئذٍ من الطبيعي جداً أن تتقدّم قوى المقاومة في مشروعها وأن تكون حاسمة في حسم وفي تحديد ساعة الصفر لإنهاء المعركة الأساسية في المنطقة.

 

كمال خلف: ترى سيّد بأن مرحلة الحسم القريبة في كل الملفّات، سورية، اليمن، العراق؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: طبعاً، حينما أقول قريبة لا ينبغي لأحد أن يتخيّل شهراً أو شهرين.

 

كمال خلف: ليست غداً أكيد.

 

السيّد هاشم صفي الدين: أنا أتحدّث عن هذه المعركة، قريبة نسبة لانتهاء هذه المعركة الدائرة اليوم رحاها في سورية والعراق واليمن وفي كل منطقتنا.

 

كمال خلف: سيّد هاشم صفي الدين، الآن هناك معركة طاحنة في حلب، حزب الله يشارك فيها بطبيعة الأحوال ويعتبر أن المعركة ضدّ التكفيريين هي معركته أيضاً للدفاع عن لبنان وعن نفسه وعن، لكن الآن، إذا حصل اعتداء من الجنوب، حزب الله جاهز ليردّ على الاعتداء؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: هذا تحدّثنا عنه كثيراً في السابق. جهوزية المعركة بوجه الإسرائيلي، جهوزية المواجهة مع الإسرائيلي ليست مرتبطة بجهوزية أو بمهام فعلية تقوم بها المقاومة في سورية. الأمان على مستوى التحضير، جهوزية بشرياً، تسليحياً، تخطيطياً، هذه جهوزية دائمة، هذا واجبنا، مسؤوليتنا. نحن لا يمكن أن نتخلّى عن هذه المسؤولية في حال من الأحوال، ولم ندخل في معركة في سورية أو في أي مكان للدفاع عن مقاومة وخيارها وشعبها ونترك المشروع المقاوم بلا قدرة ولا قوة، أبداً، هذا مستحيل.

 

كمال خلف: سيكون الحزب قادراً على القتال على جبهتين في آن معاً؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: إن شاء الله يكون قادراً وجاهزاً للانتصار أيضاً.

 

كمال خلف: نحن نتحدّث عن قدرات كبيرة إذاً؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: طبعاً، المقاومة اليوم ليست قدراتها قليلة، بمختلف الأبعاد، بفلسفتنا ومفهومنا للانتصار وللمقاومة، نحن نعتمد على الجانب المعنوي، نعتمد على إرادة القتال ونعتمد أيضاً على خبرة وعلى قدرات تسليحية، وكل هذه الأمور إن شاء الله متوفرة. لماذا علينا أن نخشى من أنفسنا حينما نكون قادرين؟ يجب أن نعتمد على أنفسنا حينما نكون قادرين.

 

كمال خلف: سيّد، سمعة الحزب ألم تتأثر بالانخراط في الحرب السورية؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: تتأثّر بمعنى تشويه، طبعاً حصل تشويه، لكن هل تأثّرت بمعنى إضعاف، الاعتماد على المقاومة؟ أعتقد هذا لم يحصل في ما ذكرته قبل قليل من ثقة الناس بهذه المقاومة. بلا شك هناك مساحات في عالمنا العربي، هناك أجواء أصابها التشويش، أصابها التشكيك، ونحن نعمل على إزالة هذا التشويش والتشكيك، وإن شاء الله الأيام القادمة سوف تُثبت لكثيرٍ من الناس الذين ربما أصيبت رؤيتهم ببعض التغطية أو الاغتشاش كما يُقال، مع الأيام سوف تتّضح الأمور، ونحن نراهن على الزمن وهو كفيل بأن يوضّح، وأنا أعتقد خلال السنوات الخمس منذ بداية الحرب في سورية إلى اليوم، كثير من الشخصيات والمواقف التي كانت تصدر من بعض الجهات تعدّلت وتبدّلت، وهذا دليل خير، أنه يوم بعد يوم.

 

كمال خلف: جهات عربية؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: طبعاً جهات عربية.

 

كمال خلف: أحزاب وشخصيات؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: أحزاب وجهات وشخصيات، وحتى إذا تابعنا في الإعلام من دون أن أذكر الآن مَن وكيف، سنجد أن هناك تبدّلات تحصل، تحصل. الآن أنا أسأل على المستوى المذهبي، كم بذلوا جهوداً لكي يعطوا لهذه المعركة بعداً مذهبياً؟ وكم بذلوا من فعل شنيع وسيّىء وقذر عبر وسائل الإعلام واستخدموا علماء السلاطين، علماء السوء ليعطوا للحرب هذا البُعد المذهبي؟ الآن هل الحرب هي ذات بعد مذهبي كبير؟ أبداً، أنا أتحدّث اليوم عن تغيّرات تحصل في كل هذه البلدان.

 

كمال خلف: لا تعتبرون سيّد هاشم أن البعد المذهبي في الحملة التي تُشَنّ على حزب الله، لأننا عندما نتحدّث عن حزب الله والمقاومة اللبنانية، ونحن في ذكرى حرب تموز، في حرب تموز وقبلها بالتحرير وبعدها، كنّا نشاهد حزب الله في كل مكان، ليس كحزب، كحال شعبية، كحال مؤيّدة في المغرب، في تونس، في السودان. ألا تعتقد أن البُعد المذهبي في الحملة قد أفقد الحزب نسبياً شيئاً من شعبيته أو حاضنته العربية والإسلامية؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: أنا أقول أنه هناك تأثير حصل على بعض الجهات، لكن هذا التأثير بدأ بحسب فهمي وتشخيصي، بدأ يتراجع، نتيجة الوقائع التي تحصل، نتيجة الوعي. خذ مثلاً الموضوع التكفيري، فَهم طبيعة هؤلاء التكفيريين، الآن كما هو الحال قبل خمس سنوات؟ فَهم مشروع هؤلاء التكفيريين، خطر هؤلاء التكفيريين، الآن كما هو الحال قبل خمس سنوات؟ أبداً، الناس بدأت تعرف الأمور، تعرف الحقائق، هؤلاء التكفيريون من أين جاءت ثقافتهم، من هو الذي دعمهم، من هي الجهة التي سلّحتهم، من هي الجهة التي غطتهم سياسياً، على وقع الأحداث التي تحصل في الغرب والتي تحصل في كثير من الدول العربية، القتل، قطع الرؤوس، المجازر التي تحصل. الناس تراقب وتعرف أنّ كل هذه العناوين التي وضعت بوجه محور المقاومة الآن كل العالم يعاني منها. إذاً من كان يواجهها هو على حق. هذه الحقائق تظهر يوماً بعد يوم ونحن لا ينبغي أن نستعجل بيان أو ظهور الحق في فتنة صعبة كالفتنة التي أراد الأمريكيون ومَن معهم إيجادها في منطقتنا. هذا يحتاج إلى زمن، يحتاج إلى وعي ويحتاج إلى لغة وإلى بيان وهذا ما يجب أن نقوم به.

 

كمال خلف: تشعرون بأنّ وضع الحزب اليوم، إذا ما وضعنا جدولاً زمنياً الحرب السورية على سبيل المثال، الحرب في سورية، وضع الحزب اليوم هو أفضل من الـ2011 و2012 و2013 و2014؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: أكيد أفضل، لا نقاش أنه أفضل، حزب الله يتقدّم وأعود وأكرّر المعايير والمقاييس التي نقيس فيها موضوع التقدّم أو التأخّر، التقدّم بمعنى أنه شُنّت على حزب الله وعلى محور المقاومة حملات متعدّدة الجوانب فيها الحقد، فيها الحملة الأمنية والاستهداف العسكري والتطويق والاقتصادي، ومع كل هذا حزب الله صمد، وحزب الله ما زال قوياً وما زال موجوداً، بل ما زال يشكّل التهديد الأكبر للإسرائيلي بحسب اعتراف الإسرائيلي. دُلّني في كل السنوات الماضية متى تحدّث الإسرائيلي عن أن التهديد الأكبر لوجوده هو من المقاومة ومن حزب الله؟ حينما يقول هذا الإسرائيلي، معنى ذلك أن حزب الله تقدّم.

 

كمال خلف: أسباب التصعيد الأخير سيّد تجاه السعودية، آخر خطاب كان للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، كان وُصِف بأنه مرتفع اللهجة. ما هو سبب التصعيد وأفق هذا الخلاف بين حزب الله وبين المملكة السعودية، بل ربما دول مجلس التعاون؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: اسمح لي أن أتحدّث عن المصطلحات قليلاً، هذا ليس تصعيداً من قِبَل حزب الله، هذا ردّ منطقي على التصعيد الذي تقوم به السعودية تجاه حزب الله. قبل أن نسأل، لماذا نتحدّث بهذه الطريقة أو نرفع السقف في الكلام السياسي والإعلامي والخطابي، فلنتحدّث عمّا تفعله السعودية، ليس عمّا تتحدّث به، عمّا تفعله فعلاً. هل الذي يحصل في اليمن يمكن لإنسان عاقل ولإنسان يمتلك حساً إنسانياً أن يسكت وأن يقف متفرّجاً على ما يحصل؟ هذه الآلة العسكرية المُدمّرة التي استهدفت كلّ المقامات الدينية وكل المساجد، استهدفت المستشفيات والمدارس والمعامل، ثمّ تقول لي، اسكت واصمت ولا تتحدّث عن كل هذا، بأيّ منطق؟ منطق ديني، منطق إنساني، بمنطق عقلائي؟ ما يحصل في البحرين من ظلم وتعسف واستهداف لفئة ولمجموعة لم تقم بأية حركة إلى اليوم، هي حركة سلمية ومسالمة، كل هذا الظلم الذي يلحق بالشعب البحريني، العالم كله يعرف أنّ مصدره وأساسه هو السعودية. ما تقوم به السعودية اليوم في سورية، أنا أسأل كلّ الناس وكل المطّلعين على مستوى الحل السياسي، هم دائماً يقولون أنّ إيران وحزب الله لا يريدان حلاً سياسياً في سورية وهذا خطأ، نحن منذ اليوم الأول دعونا إلى الحل السياسي ونادينا بالحل السياسي، من الذي يريد أن يحسم عسكرياً كما يدّعي وكما يتخيّل طبعاً؟ أليس وزير الخارجية السعودي من غير شر، الجبير، وكان يتحدّث عن الحسم العسكري؟ أين تحدّثنا نحن عن الحسم العسكري؟ مَن الذي أتى بالمال وبالسلاح إلى شمال حلب؟ مَن الذي أتى بالمال وبالسلاح إلى درعا، إلى جنوب سورية؟ مَن الذي يدعم النصرة وأخيراً أعطوها تسمية جديدة فتح الشام، وصارت فتح الشام والنصرة غير القاعدة؟ يا سبحان الله. مَن الذي يقوم بكل هذه الأفعال؟ هي السعودية.

فإذاً مَن الذي يستهدف حزب الله في الليل والنهار؟ مَن الذي يتآمر على حزب الله في الليل والنهار؟ نحن في موقع ردّ الفعل، نحن في موقع الدفاع.

 

كمال خلف: سيّد ردّة الفعل هذه، التصعيد على التصعيد دعني أسمّيه، ما يقوله السيّد حسن نصر الله وحزب الله عموماً، هو يتحدّث عن نفسه كحزب خلال هذا التصعيد، أم يتحدّث باسم أو بلسان محور كامل في المنطقة؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: هو يتحدّث عن رؤية حزب الله لما يحصل، وعن موقف حزب الله تجاه ما يحصل. هناك بعض المواقف لا يُلزم حزب الله حلفاءه وأصدقاءه ومن معه في هذه المواقف، لا يُلزمها، لا يُلزم هذه الجهات بهذه المواقف. نعم، هو يتحدّث عن رؤية حزب الله بالدرجة الأولى، عن رؤيته، عن فهمه وعن ضرورة مواجهة هذه الحال بمختلف الأبعاد التي تحدّثت عنها دينياً وإنسانياً وبكلّ هذه الأبعاد.

 

كمال خلف: كان هناك موقف لافت للجمهورية الإسلامية الإيرانية بأنّها رفضت الانقلاب الذي حصل في تركيا منذ اللحظات الأولى، وتركيا شكرتهم على ذلك، وجّهت دعوة لرئيس مجلس الشورى السيّد علي لاريجاني وغيره. حزب الله هل يتطابق مع إيران في هذه الرؤية؟ وهل مستعدّ الحزب لإلتقاط إشارات يتمّ الحديث عنها بأنّ تركيا تريد أن تعدّل في سياستها الخارجية تجاه ملفات المنطقة وتحديداّ الملف السوري؟ هل حزب الله مستعد لالتقاط مثل هذه الإشارات؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: أولاً، التعليق على أيّة ساحة وأيّ حدث يحصل في أيّة ساحة يحتاج إلى مُعطيات. واضح أنه في الساعات والأيام الأولى لم تكن هناك مُعطيات كاملة ليبني الإنسان موقفاً عليها. وثانياً المؤشّرات التي يمكن أن يُعوَّل عليها هي مؤشرات يجب أن تكون حقيقية، واقعية، مجرّد التخمين، إلى الآن ما زلنا نبحث أو نتحدّث عن تحليلات سياسية، نتحدّث عن إمكانية تغيّر في الموقف التركي. سننتظر، ونحن ما زلنا ننتظر، حينئذٍ نبني على الشيء مقتضاه كما يقال، لا نستعجل ذلك، لكن نعتقد جازمين أن الأحداث التي تحصل داخل سورية أولاً في الميدان وفي المنطقة ثانياً

، ومن جملة هذه الأحداث في المنطقة ما حصل في تركيا وما يحصل في أوروبا وما يحصل في كل هذه المنطقة والعالم، لا بدّ أنّه سيحمل متغيّرات حتماً، قد يكون التركي، قد، أبقى محتاطاً، قد يكون التركي مُبادراً إلى بعض هذه الانعطافات لكن الأمر يجب أن يكون مرهوناً بوقته ولا نستعجل أي أمر.

 

كمال خلف: سنتوقّف مع فاصل سيّد هاشم صفي الدين، لكن أريد أن أطرح سؤالاً قبل هذا الفاصل ونستمع للإجابة بعده مباشرة. هناك تقارير خلال الأعوام الخمسة الماضية تحدّثت أنّ حزب الله لديه خلاف مع قطر، لديه خلاف مع السعودية، لديه خلاف مع تركيا، في الموضوع السوري بطبيعة الأحوال، لكن الخطوط مع حزب الله لم تنقطع من قِبَل هذه الجهات وتحديداً القطرية والتركية.

سأستمع لإجابتك إذا سمحت ومشاهدينا أيضاً بعد فاصل قصير، أرجو أن تبقوا معنا.

 

المحور الثالث:

 

تقرير: أشرف عماد مغنية شخصياً على دراسة أداء المقاومة في حرب تموز 2006 بناءً على طلب الأمين العام السيّد حسن نصر الله. أنهت المقاومة تقويمها للحرب قبل أشهر من إعلان إسرائيل توصيات لجنة فينوغراد في تقريرها النهائي في كانون الثاني من العام 2008.

منذ الرابع عشر من آب 2006 ينكبّ الطرفان على معالجة ثغرات الحرب. يراكم حزب الله حالياً في سورية خبراتٍ غير مسبوقة. للمرّة الأولى في تاريخه يخوض مقاتلو الحزب حرباً هجومية الطابع لا دفاعيةً فقط، مع ما يعني هذا الأمر من اكتساب خبراتٍ على صعيد القتال بدءاً من انتقاء الأسلحة المناسبة للعملية، إلى تحديد الإطار الزمني الملائم بدقة لتحقيق أهدافها وتنسيق مصادر الاستخبارات المتوافرة دائماً.

على صعيدٍ موازٍ، لطالما اكتسبت عقيدة حزب الله القتالية بإطالة أمد المعركة بغية استنزاف العدو، لكنّ التمرّس على العمليات الهجومية يتطلّب تحقيق العكس تماماً، أي الحسم بفترات زمنية قصيرة، هذه الميّزة اختبرها الحزب على جبهاتٍ عديدةٍ في سورية.

(السيّد حسن نصر الله: أقول لمجاهدي المقاومة الإسلامية، كونوا مستعدّين ليومٍ إذا فُرِضت فيه الحرب على لبنان، قد تطلب منكم قيادة المقاومة السيطرة على الجليل).

كلام أمين عام حزب الله الذي صار معروفاً باحتمال الدخول إلى الجليل يؤشّر بوضوح إلى نقلةٍ نوعيّةٍ في العقيدة القتالية للمقاومة، ومناوراتُ إسرائيل الأخيرة تحديداً تحاكي هذا السيناريو.

تعزيز خبرات القيادة والتحكّمُ والتنسيقُ بين القوات الهجومية على اختلاف اختصاصاتها إحدى أهمّ الخبرات المُكتسَبة، فظروف الميدان السوري شديدة التعقيد تتيح للمقاومة خبرات وتجارب نوعية بدءاً من الأخذ بالحسبان أنواع الأسلحة المطلوبة للمعركة تبعاً للظروف المتغيّرة والطارئة، إلى تحديد أهداف تكتيكية خلال القتال، وحتى الحفاظ على طرق الإمداد اللوجستية وخطوط الانسحاب عند الحاجة.

كذلك بات من المؤكّد أن الحزب يطّلع على منظومات تسلّحٍ حديثة وجديدة في سورية بحوزة القوات المقاتلة إلى جانبه، وهو بالتأكيد قد اختبر الضروريَّ منها.

هذه الخبرات تحوّلت إلى معطى نوعي بات محلّ شكوى وتذمّر لدى ضبّاط الرتب الوسطى في الجيش الإسرائيلي، وبلغت حدّ الإعلان أنّ مقاتلي حزب الله يكتسبون يومياً خبرةً قتاليةً في الميدان السوري لا يكتسبها جنودُنا هنا.

 

كمال خلف: تحيّة من جديد مشاهدينا في القسم الأخير من هذا الحوار الخاص مع رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيّد هاشم صفي الدين.

سيّد صفي الدين، كنّا نتحدّث حول خطوط، إن كانت لا تزال لم تُقطَع، لا أقول لا تزال مفتوحة، ولكن لم تُقطَع مع تركيا، حزب العدالة والتنمية ربما، ومع قطر أيضاً، بين حزب الله وقطر، هذا صحيح؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: هناك خلاف واضح على مستوى الموقف في ما يحصل في سورية مع هذه الجهات، وعادةً في المسائل التي ترتبط بالأمور الإنسانية، وهذه الأمور عادة يتم تجاوزها لمصالح عامة ومصالح مشتركة بين الحين والآخر حينما يكون هناك أي أمر مرتبط بإطلاق سراح بعض الناس أو مساعدة في ملف إنساني معين، هذا له مجاله ومساحته الخاصة، ويحصل بشكل طبيعي.

 

كمال خلف: وليست اتصالات سياسية أو مقترحات أو أفكار تُطرَح على حزب الله للتقارب؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: لا، لا يوجد شيء، لو كان هناك شيء لكان ظهر، لا يوجد شيء.

 

كمال خلف: سيّد، بالنسبة للعلاقة مع حركات المقاومة الفلسطينية، جيّدة مع حركة حماس والجهاد الإسلامي؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: دعني أقول علاقات بين مقبول وجيّد.

 

كمال خلف: ولكنّها مستمرّة؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: مستمرّة طبعاً.

 

كمال خلف: حزب الله سيّد مُلاحَظ بأنه يتجنّب انتقاد حركات المقاومة الفلسطينية إذا إختلف معها، حزب الله يتجنّب انتقاد حركة حماس على سبيل المِثال.

 

السيّد هاشم صفي الدين: نحن معنيّون أن ندعو دائماً إلى توحيد الموقف في مواجهة العدو الإسرائيلي، وكلّ عمل مقاوم يجب أن يكون محمياً، ويجب أن يكون مدعوماً ليبقى قادراً على القيام بواجبه ودوره. هذا خط نتبنّاه مع أية حركة مقاومة، مع أية حركة تقاتل في فلسطين أو خارج فلسطين، تقاتل العدو الإسرائيلي، ولذا نحن ما ندعو إليه دائماً هو أن تكون حركات المقاومة قادرة على الفعل وعلى العمل، بعيداً عن أيّ خلاف سياسي يحصل هنا أو هناك.

 

كمال خلف: مستوى التنسيق عالٍ وقائم بينكم وبين حركات المقاومة الفلسطينية؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: بالعموم وبالجمال قائم، درجته، مستواه، يختلف بين ظرف وآخر.

 

كمال خلف: هناك مَن قال سيّد بأنه في أيّ حرب مقبلة سوف تُفتَح كلّ الجبهات، لن تكون الحرب فقط على جبهة واحدة.

 

السيّد هاشم صفي الدين: هذا رأي موجود، مبني على التطوّر الطبيعي لمراحل القتال مع العدو الإسرائيلي وعلى الأهداف التي دائمًاً تتحدّث عنها إسرائيل في جبهة لبنان وسورية، وحتى إيران، تقول أنها أصبحت جبهة واحدة، لكن هذا ليس بالضروري أن يحصل، رؤية قائمة على مجموعة عناصر ليست بسيطة، وهي مهمة، تؤخذ بعين الاعتبار، أما أن هذا الذي سيحصل حتماً، لا نعرف.

 

كمال خلف: ونحن نتذكّر حرب تموز لا بدّ أن نذكر القائد الشهيد عماد مغنية، كان لك علاقة به منذ البداية، أليس كذلك؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: صحيح.

 

كمال خلفك نريد أن نستمع لهذه، كيف التقيتم على هذا الفكر وهذا العمل المقاوم؟ كيف بدأتم؟ وهناك انطباع لدى الكثيرين، سأحاول استفساره من خلالك سيّد، وهو أنّ شخصية القائد عماد مغنية كانت شخصية يكتنفها الغموض. هل فعلاً هو كذلك؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: هو على مستوى معرفتنا نحن لا، لا يوجد غموض.

 

كمال خلف: على مستوى معرفتنا ربما؟

 

السيّد هاشم صفي الدين:هو رجل لطيف، حبّاب، واضح، قريب إلى القلب، سهل العشرة والتعاطي. طبعاً معرفتي به قديمة منذ أيام الصبا، نحن أصلاً كنّا متواجدين في منطقة واحدة، منطقة الشياح، وبيوتنا قريبة من بعضها، وما بيننا وبينهم هو المسجد تقريباً. كنّا نلتقي دائماً بالمسجد منذ الأيام الأولى، مضافة إلى علاقات عائلية بين عائلتنا وعائلته، هناك تزاور دائماً بين العائلتين، فمنذ أن كنا صبياناً ونتردّد إلى المسجد، نلتقي ونعرف بعضنا بشكل جيّد، وطوال كل تلك المراحل جمعنا المعرفة، الجيرة، العلاقة الرحمية ولو من خلال الجدود البعيدة، هناك علاقة رحمية معينة، كان يجمعنا المسجد وكان يجمعنا الإيمان، كان يجمعنا الفهم الواحد والمشترك والقضية التي انتمينا إليها باكراً، وكنّا في سن مبكرة جداً، حينما انتمينا إلى حمل قضية الأمة وفلسطين وهذا الهمّ، ثم استمرت هذه العلاقة طوال كل تلك المراحل ولم تنقطع وإلى الآن ما زالت قائمة حتى بعد استشهاده ولو بالمعنى الروحي والمعنوي، نحن ندعو دائماً له بالرحمة، وأفضاله حاضرة بيننا بشكل دائم.

 

كمال خلف: سيّد، من أين اكتسب الشهيد عماد مغنية هذه الأهمية، ليس داخل حزب الله، هذا يتعلّق بالتأسيس وإلى آخره، ولكن في ما يتعلّق بالشق الأمني والعسكري والتنفيذي والتخطيطي، من أين هذه الأهمية للشهيد عماد مغنية في هذا المجال؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: هو رجل مميّز بعقله، هو مُبدع، حينما يقول سماحة الأمين العام العبقري، فعلاً هو عبقري، وثانياً هو مُجدّ ومثابر ويحمل هماً، صاحب مسؤولية وصاحب همّ، هو لا يترك الهموم جانباً من أجل أن يرتاح على المستوى الشخصي أو على مستوى عائلته، هذا آخر ما كان يفكّر به، حينما يكون الإنسان إنساناً أعطاه الله تعالى موهبة العقل والذكاء، وأعطاه الله تعالى العشرة الطيّبة، وأعطاه الله سبحانه وتعالى الشجاعة والإقدام والمبادرة وحمل المسؤولية، وكان همّه دائماً أكبر منه، هذه قاعدة في حياة الحاج عماد مغنية رضوان الله تعالى عليه، دائماً كان همّه أكبر منه في كل ما كان يقوم به، لا يحلم بالأمور، طبعاً يحلم بالمعنى الإيجابي، يطمح لتحقيق الأمور الكبيرة، وحينما نتحدّث قبل قليل عن زوال إسرائيل، هو ممّن كانوا يعتقدون أن زوال إسرائيل ممكن فضلاً عن كونه واجباً، هو ممكن ويتحقّق وسيتحقّق، فهذه الشخصية الكبيرة بعقلها وبقلبها وبتاريخها وجهادها، هو منذ الصِغَر حمل هذا الهمّ وكان مِقداماً ومُضحّياً وفي مواقع الخطر، كل هذه الأمور تجعله إنساناً مميّزاً وقوياً في حضوره وفي شخصيته، وهذا طبعاً قبل أيّ شيء هو توفيق من الله سبحانه وتعالى.

 

كمال خلف: قيل أن الحاج عماد مغنية قد وضع تصوّراً لحرب تموز قبل بدئها بفترة طويلة، وقد تخيّل السيناريو الذي يمكن أن تقوم به إسرائيل، أو التصرّف الذي يمكن أن تقوم به إسرائيل، حرب جوية وتأخير الحرب البرية، إلى أين سوف تتقدّم، وأن هذا التصوّر قدّمه إلى مجلس شورى حزب الله في ذلك الوقت.

هل فعلاً هذا جرى بأنه كان يتوقّع الحرب، وأيضاً يتوقّع كيف سوف تتصرّف إسرائيل، وفعلاً تصرّفت إسرائيل كما وضع في تلك الخطة؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: هناك أمر لا بدّ أن أذكره، حزب الله دائماً على المستوى القيادي والعسكري تحديداً، هناك سيناريوهات دائماً متصوَّرة لمواجهة الإسرائيلي، بعد كل معركة، تعرف نحن في تاريخنا هناك معارك، معارك كبيرة ثم تستمر المقاومة، بعد كل معركة كبيرة يتم استفادة الدروس والعِبَر منها ثمّ يوضع تصور للمرحلة اللاحقة، لأننا نعرف أن المواجهة قائمة مع هذا العدو الإسرائيلي. في تلك المرحلة بين الـ2000 والـ2006 الحاج عماد رضوان الله تعالى عليه كان يتولّى هو مسؤولية هذه القيادة العسكرية، فهو مع إخوانه وضعوا تصوّرات عديدة وعدة سيناريوهات، هذه السيناريوهات كانت تشترك بشيءٍ واحد هو أن الحرب القادمة سوف تكون حرباً كبيرة وحرباً بين هلالين طاحنة، هذا التصوّر كان موجوداً عنده وعند إخوانه وعموم الشأن القيادي في حزب الله كان يعرف هذه الأمور لاعتبارات كثيرة، الآن لسنا في وارد ذكرها.

أذكر قبل وقوع الحرب بحدود شهر أو شهرين، كنت أنا والحاج في بعض المناطق نتجوّل في المناطق التي تتمّ فيها عملية الجهوزية العسكرية، أذكر في تلك الأيام، كنّا نتحدّث عمّا يمكن أن يحصل، من جملة ما كان يؤكّد عليه، ونحن نتحدّث بكلام طويل في عناوين متعدّدة ترتبط بالمقاومة ومستقبل المواجهة، كان يقول أنّ القوة الصاروخية هي عمدة المعركة القادمة، ولذا أنا أركّز كلّ جهدي أو معظم جهدي على تنمية هذه القدرة الصاروخية، وهذا ما حصل، هذا أحد العناوين الواضحة، وهو فعلاً، أنا كنت أسأله أحياناً أنّ هناك بعض الملفات قد تحتاج إلى متابعة، من خلال التشاور والتحدّث، كان يقول صحيح لكن بالنسبة إليّ أنا أعتقد أنّ هذه القدرة الصاروخية يجب أن تكون كبيرة وقوية وقادرة على ردع الإسرائيلي، وهذا ما سيحصل في المعركة الآتية، وهذا سمعته بأذنيّ.

 

كمال خلف: التقيتم في حرب تموز، أثناء الحرب؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: أنا والحاج لم نلتقِ طوال حرب تموز، فقط كنا نتحدّث على الهاتف، تقريباً بشكل يومي، لكن اللقاء لم يحصل.

 

كمال خلف: دوره في حرب تموز كيف كان؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: دور محوري وأساسي، بالنتيجة هو قائد المعركة التي تحصل على المستوى الميداني، وهناك جبهات، ليس فقط جبهة واحدة، كان الأساسي في إدارة هذه المعركة على المستوى العسكري والميداني هو الحاج عماد رضوان الله تعالى عليه، وهو دوره محوري في تحديد الأهداف، في متابعة الأهداف، متابعة الآثار، متابعة النتائج، إدارة غُرف العمليات المتعدّدة. كلّ هذا كان تحت نظره.

 

كمال خلف: هناك اليوم سيّد هاشم في حزب الله، في القيادة العسكرية، من عوّض مكان الحاج عماد مغنية على المستوى العملياتي في حزب الله؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: الحمد لله نحن عندنا عدد كبير من الكوادر والموثوقين والمجرّبين وأهل الخبرة ويتواجدون في مختلف الساحات والجبهات.

 

كمال خلف: هناك القائد مصطفى بدر الدين الشهيد أيضاً، ودوره كان له دور في حرب تموز أيضاً؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: طبعاً السيّد مصطفى بدرالدين، القائد الشهيد السيّد مصطفى بدرالدين كان له دور، نعم، لم تكن له مسؤولية مباشرة بالمعنى التنظيمي والإداري. في تلك الفترة كان الحاج عماد هو القائد الميداني والفعلي، لكن السيّد مصطفى رضوان الله تعالى عليه كان له دور مهمّ في عدّة نقاط وفي عدّة مواضع، طبعاً الآن لا مجال لذكرها لخصوصيّتها، كان له تواجد مهم ومؤثّر في تلك الآونة.

 

كمال خلف: الحرب المُقبلة سيّد، قبل أن أسأل عن الحرب المُقبلة، لديّ أيضاً سؤال يتعلّق باغتيال الحاج الشهيد عماد مغنية في العام 2008. هل كافة التحقيقات وملابسات الحادثة التي جرت أصبحت بحوزة حزب الله والصورة واضحة له، كيف ومَن نفّذ ومَن دبّر عملية الاغتيال تلك؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: طبيعي الإسرائيلي، نحن قلنا منذ اليوم الأول، والأدوات التي استخدمها أصبحت معروفة، وإن كان بعض ربما التفاصيل، لكن ما هو مطلوب لرسم المشهد الكامل، من يتحمّل المسؤولية أصبح واضحاً بالنسبة إلينا.

 

كمال خلف: إسرائيل تتحمّل المسؤولية، ولكن كيف تمّت العملية؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: استخدمت أدوات ومن خلال هذه الأدوات تمّت المراقبة والمتابعة وثمّ وضع العبوة ثمّ تفجير العبوة، استخدمت منازل واستخدمت سيارات واستخدمت أماكن تخبئة، كلّ هذا المشهد وهذه الصورة أصبحت واضحة للمقاومة منذ الأشهر الأولى.

 

كمال خلف: الحرب المُقبلة بين حزب الله، بين المقاومة وإسرائيل، إذا ما اعتدت إسرائيل كما يقول الحزب بشكل دائم ومتكرّر، سيدخل الحزب إلى الجليل في المعركة المُقبلة، هذا أمر عمليات جاء من السيّد حسن نصر الله، وأنا هنا أسأل طبعاً، أم هناك احتمال حسم المعركة؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: أمر العمليات يأتي وقتها، الآن يتمّ التحدّث عن القدرة، وهذه القدرة موجودة، لكن هل سنستخدمها أو لا نستخدمها؟ عادة لا يتحدّث الإنسان عن معركة قبل حدوثها، عن أمر عمليات المعركة قبل حدوثها، أمر عمليات المعركة حين حدوث المعركة، نحن نتحدّث عن قدرة. هل يمتلك حزب الله هذه القدرة؟ نعم، يمتلك هذه القدرة.

 

كمال خلف: الدخول إلى الجليل براً؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: وأكثر من ذلك، كقدرة، يمتلك هذه القدرة.

 

كمال خلف: أبعد من الجليل؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: يمتلك القدرة، طبعاً.

 

كمال خلف: والنيّة إذا ما كانت هناك ظروف؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: هذا مرتبط بعدئذٍ بالهدف وبالغاية والهدف العسكري المُحدّد، وهذا أمر لا يُحدَّد الآن.

 

كمال خلف: ما أعلنه السيّد أن هناك قدرة لحزب الله يدخل الجليل في الحقيقة.

 

السيّد هاشم صفي الدين: لماذا أنت متفاجئ؟ الإسرائيلي هو يتحدّث عن ذلك.

 

كمال خلف: قُدرات حزب الله هي أبعد من ذلك؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: الإسرائيلي يتحدّث عن ذلك، لا داعي للتفاجؤ، إذا عدت اليوم إلى الكلام الإسرائيلي.

 

كمال خلف: كل إنسان عربي يتفاجأ فعلاً، بعد هذه التجربة منذ عام 48 حتى هذه اللحظة بالهزائم العربية، نتفاجأ أن تدخل قوة عربية إسلامية إلى فلسطين المُحتلة وتحرّرها. هذا يوم سيكون مشهوداً.

 

السيّد هاشم صفي الدين: أنا سأقول لك أمراً ينبغي أن يدخل في عقل كلّ عربي ومسلم وحرّ في هذه المنطقة، هناك قاموس أو تاريخ من الويلات والهزائم وإلى ما هنالك والمفردات والمُصطلحات والمُعادلات على مدى 60 أو 70 عاماً، هذا يجب أن نمزّقه، نحن انتهينا من هذا التاريخ. حينما يقول سماحة السيّد ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات، لا ينبغي لأحد أن يشكّ أو يتخيّل أننا نتحدّث شِعرًاً. لا، نحن نتحدّث عن واقع. هذا التاريخ الذي تحدّد فيه إسرائيل مستقبل المنطقة، وتحدّد فيه إسرائيل توقيت المعركة ومستقبل أية معركة، وتحدّد فيه إسرائيل الهدف وتحقّق هذا الهدف، هذا الزمن انتهى. ما معنى حرب تموز؟ معنى حرب تموز 2006 أنها حقّقت هدفاً، فشلت في ذلك، أنها اعتمدت استراتيجية أظهرت التجربة أنها ضعيفة، أن القيادة العسكرية ضعيفة والقيادة السياسية ضعيفة، نعم، الوقائع تبدّلت. يجب أن نثق بالمقاومة وأن نثق بانتصاراتنا وانجازاتنا وأن نثق بأننا نمتلك قُدرات كبيرة.

 

كمال خلف: عفوًا سيّد هاشم، عندما تحدّثني عن زوال إسرائيل كإيمان وقدرة وواقعية، وتحدّثني الآن عن قدرة المقاومة للدخول إلى الجليل وتقول لي الآن ربما أكثر من ذلك.

وكأنك تريد أن تقول الآن في هذه المُقابلة أنّ هناك قوة عربية إسلامية موجودة في لبنان تستطيع تحرير فلسطين؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: أنا أريد أن أقول أنّ هذه القوة والقدرة العربية الموجودة الآن في لبنان وفي منطقتنا، إذا توفّرت لها الظروف المناسبة، ولم توضَع أمامها العراقيل من قِبَل أنظمة عميلة أو أنظمة فاشلة، نعم، هذه القدرة مع قدرات تتجمّع في منطقتنا بإمكانها أن تفعل هذا الأمر، حين نتحدّث عن زوال إسرائيل نحن لا نتحدّث عن أمر يأتي من السماء، عن أمر ينطلق من الأرض، قدراتنا البشرية وقدراتنا التسليحية والعملية وخبراتنا، مع تضامن الشعوب، أنا لا أريد أن أقول أن حزب الله هو لوحده سيزيل إسرائيل من الوجود، لا، ولا أحمّل حزب الله هذه المسؤولية لوحده، أنا اقول أننا كأمّة، كشعوب مقاومِة، كمحور مقاومة، نعم، بإمكاننا أن نقوم بذلك في يوم من الأيام وهذا إن شاء الله سيحصل.

 

كمال خلف: أنا أتحدّث سيّد عن القدرة العسكرية، ليست الظروف السياسية، طبعاً أكيد يجب أن يكون هناك ظروف سياسية، ولكن القدرة العسكرية لدى حزب الله قادرة على التحرير فعلاً؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: ينبغي أن نحدّد المفاهيم بشكل جيّد. ما هي القدرة العسكرية المطلوبة؟ ما هي المعركة العسكرية التي تُزال فيها إسرائيل من الوجود؟ بعضنا قد يتخيّل أن إزالة إسرائيل من الوجود يحتاج إلى بوارج وإلى طائرات وإلى تدمير كلّ القدرات العسكرية الإسرائيلية، ليس الأمر كذلك. حينما خرجت إسرائيل من لبنان، هل أن كل دبابة تم استهدافها وكل موقع تم استهدافه وكل نقطة عسكرية تم استهدافها؟ لا، حينما انهزمت في 2006، الحرب هي مجموعة عناصر، هي معنويات، هي إرادة قتال، هي إرادة صمود، هي تفوّق فعلي وعملي وميداني في الأرض. حينما تفقد إسرائيل هذه العناصر تكون قد هُزِمت، لا أحد يعرف، وأنا لا اتحدّث عمّا يمكن أن يكون في الأشهر أو السنوات القادمة، لكن أنا أتحدّث عن شيء واضح، أن القدرة حينما نثق بها، قدرة شعوب أمتنا ومحور مقاومتنا ومحور المقاومة عندنا، حينما نثق بهذه القدرة، نعم، الله سبحانه وتعالى سيفتح لنا الأبواب، سيفتح لنا الأبواب، أبواب التخطيط وأبواب المعرفة وأبواب تحصيل القدرة اللازمة، وإسرائيل كيف تجمّعت وكيف أنشئت، لنعود للأصل، أنت فقط خذ الصورة كما حصلت في الأصل، كيف أنشئت؟ بنفس الطريقة يمكن أن تتفكّك إسرائيل. من جاء إليها معتدياً ومحتلاً يمكن أن يخرج منها هارباً ومذعوراً.

 

كمال خلف: أنتم في حزب الله سيّد هاشم صفي الدين نجحتم في بناء قوة قتالية، نجحتم في بناء قُدرات عسكرية متماسكة وحقيقية حقّقتم بها انتصارات عسكرية، لديكم أيضاً حاضنة شعبية تؤمن بما تقولون، الرؤية كما نراها، كما نستمع دائماً، رؤية واضحة، لكن ماذا عن بناء القدرات الثقافية، القدرات الفكرية، القدرات العلمية، القدرات الأكاديمية لدى حزب الله أو لدى المقاومة بشكل عام؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: من المعلوم أنّ سياسة العمل الداخلي في حزب الله تقوم على تمتين البنية الثقافية والمعرفية والإيمانية لمجاهدينا ومقاتلينا، وهذا هو أساس وأصل. كما نعتني بالجانب العسكري وصولاً إلى الاحتراف على المستوى العسكري، أيضاً نحن نعتني بشكل كبير وربما أهمّ في بعض المراحل على المستوى الديني، الإيماني، الثقافي والمعرفي، وتحصيل القدرات بمختلف الجوانب الثقافية، والاجتماعية، والمعرفية العامة، ولذا نحن نعتبر أنّ العلم هو شرط أساسي في نموّ هذه المقاومة، وفي نموّ مجتمع المقاومة، وبين هلالين الحاج عماد رضوان الله تعلى عليه كان من المنظّرين لهذه الفكرة والمؤكّدين عليها، أنّ العلم أساس، إذا أردت أن تتطوّر عسكرياً ينبغي أن تمتلك العلم وإذا أردت أن تتطوّر على المستوى الاجتماعي وعلى المستوى الاقتصادي وعلى مستوى الحضور في المنطقة، في بلدنا، في أي مكان، لا بدّ أن تتطوّر علمياً ومعرفياً، نعم، حزب الله يأخذ بهذه الأسباب ولذا أوجد كل هذه المؤسّسات، إنتاج العلم، نحن نؤمن بإنتاج العلم، نؤمن أنّ الكادر العلمي الموجود في مجتمعنا اليوم، في بلدنا اليوم، في لبنان عموماً هو كادر مهم جداً، لكن للأسف الأنظمة أو النظام التربوي والتعليمي الضعيف والهشّ سوف يكون سبباً في خروج هذه الكادرات وهذه الطاقات العلميّة من بلدنا ومن منطقتنا عموماً، فيستفيد منها الغرب والآخرون.

نحن نؤمن بوجود طاقات كامنة ومهمة جداً على المستوى العلمي وعلى المستوى المعرفي، وفي الثقافة لا ينقصنا شيء. الثقافة بمختلف جوانبها نمت في هذه المنطقة، نمت في هذه البلدان، منطقة الوحي ونزول الرسالات السماوية. المهم أن نعرف هذا التاريخ، أن ننتمي إلى هذا التاريخ، أن نثق بهذا التاريخ أنّه قادر على صناعة الهويّة والشخصية والحضارة ودولنا وعلى كل شيء.

حزب الله يهتم بهذه الجوانب اهتماماً حثيثًا، وأوجد مؤسّسات لهذا الغرض ولهذا الهدف من أجل أن تكون مجتمعاتنا مجتمعات قوية وأن تكون أوطاننا اوطاناً قوية قادرة على الاعتماد على أنفسها في هذه المواجهة وفي أية مواجهة لاحقة.

 

كمال خلف: عفواً سيّد، أنا، نلتقي لأول مرة وجهاً لوجه هكذا، هناك شبه تقريباً لا أريد أن أبالغ لكن كبير بينك وبين السيّد حسن نصر الله بالشكل وحتى بطريقة الحديث.

هناك تفسير لهذا الشبه؟

 

السيّد هاشم صفي الدين: يُقال في بلادنا الله يُخلق من الشبه 40، أليس  كذلك؟ فلا يزال هناك 38 شخصاً، ابحث عنهم، طبيعية، هناك قرابة بيننا وبين سماحة الأمين العام.

 

كمال خلف: عفواً أنا سألت، ولكن لفتني فعلاً الموضوع. أشكرك جزيل الشكر رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيّد هاشم صفي الدين على حضورك هنا في استوديو الميادين المتواضع كما يحب أن يسميه الأستاذ غسان بن جدّو، استوديو متواضع وقناة متواضعة.

 

السيّد هاشم صفي الدين: الله يبارك فيكم، لا، ما شاء الله عليكم.

 

كمال خلف: أشكرك جزيل الشكر. ومشاهدينا شكراً جزيلاً للمتابعة، وإلى اللقاء.

نتابع معك إذا سمحت هذه التحضيرات للقائنا لهذا اليوم.

 

برامج أخرى

تصفح المزيد