المؤرخ والباحث الدكتور كمال ديب

لبنان الثقافي من عصر النهضة إلى اليوم. النهضويين وإنتاجهم وعلاقتهم بالغرب، معوقات النهضة واستمراريتها.

نص الحلقة

<p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> مساء الخير.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">إن تناول عصر النهضة من منطلق تأريخي يحتاج إلى جهد كبير في الأرشفة والمراجع. فكيف إذا تنطّح أكاديمي مدقّق كالدكتور كمال ديب إلى كتابة تاريخ لبنان الثقافي من عصر النهضة حتى حاضرنا؟ أي مطبّات وعوائق وحُفر تنتظر التأريخ الثقافي والفكري؟ وهنا، هل يمكن للمؤرّخ الإحاطة بتبدّيات الثقافة عموما؟ أو يهتمّ بالألمعية منها ويبتعد عن الشعبوية الشعبية؟ <br> وكيف يمكن تناول ثقافة في بلد عانى منذ استقلاله الفئويات الطائفية والمذهبية؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">إن كتاب الدكتور كمال ديب، البروفسور في الاقتصاد التطبيقي والثقافي في جامعة أوتاوا، وصاحب الكتب الشهيرة واللافتة، الذي نرحّب به في "أجراس المشرق"، شائق وطليّ ويضعنا أمام حقائق نظنّ أننا نعرف بعضها. لكن مقارباته الأكاديمية الدقيقة تجعلنا ندرك أن جديداً كثيراً بات بين أيدينا.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">دكتور كمال ديب، أهلاً وسهلاً بك.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: أهلاً وسهلاً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> في الواقع، هذا الكتاب ثقيل الوزن وثقيل المادة. وما شاء الله، أنت غزير في الكتابة. لكن، إنه كتاب لافت. <br> ما يهمّنا فيه هو عصر النهضة أو هذا التأريخ لعصر النهضة. ما يلفت النظر أن لبنان لم يُجمع أهله ولا ساسته قطعاً على كتاب تأريخ واحد. لا يوجد كتاب مدرسي تاريخي للبنان. وتجيء أنت هكذا بكتاب عن تاريخ لبنان الثقافي منذ عصر النهضة حتى يومنا. كيف؟ لماذا؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: شكراً لك على الاستضافة وعلى السؤال. أعتقد أن الشعب في لبنان والمنطقة يقبلون أو يتوافقون على تاريخ ثقافي، من كتّاب، من أدباء، من مسرح، من فيروز، إلى آخره. هناك إجماع على هذا الأمر. كتاب التاريخ وإشكالية تاريخ لبنان والقرن العشرين وتركيبة الدولة اللبنانية والنظام السياسي وإلى آخره موضوع شائك يتعلق بمَن الأقوى والصراعات المحلية. بينما حين نأتي إلى الموضوع الثقافي، هو موضوع آخر تماماً. كل العالم العربي يعرف أن بيروت هي عاصمة الكتاب ودور النشر والإعلام والتربية والتعليم والموسيقى والطرب والمسرح والشعر والفكر أيضاً. لذلك، أردنا أن نقدّم شيئاً جميلاً. هناك تقاطر لمئات الكتب التي تحكي لك عن حروب لبنان والمشكلات السياسية والبيوغرافيا والزعامات السياسية وصراعات الشرق الأوسط. فلنعُد ونُبرِز الأمور الجميلة في هذا البلد.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> أنا سآتي إلى هذا، إلى بيروت عاصمة ثقافية. ولكن هذا الحاضر الذي نعيشه هو حاضر غرائبي ومتّسخ، للأسف على هذه الكلمة. هذا يدعونا إلى التساؤل مع هذه المدة الطويلة للنهضة: ما الأدلّة فعلا ًعلى وجود نهضة؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: طبعاً ننطلق في الكتاب من أطروحة بسيطة التي هي "النهضة موجودة ومستمرة". حين نقول عصر النهضة، كثيرون يعتقدون أنه القرن التاسع عشر والصوَر بالأسود والأبيض والطربوش وكذا. لا، نحن اليوم في العام 2017 في عصر النهضة، نحن ما زلنا في عصر النهضة. وكذلك النهضة الأوروبية ما زالت تعيش عصر النهضة. النهضة عمل مستمر. <br> هذه هي النقطة الأولى. النقطة الثانية، هناك كثيرون من أعداء النهضة، ومنهم كبار المثقفين في الثقافة الغربية أيضاً ينكرون على لبنان والعرب أنهم نهضوا وأزالوا النير العثماني الذي كان مدة 400 سنة من الظلام والتخلّف والحرمان وأنهم فعلاً انطلقوا. والأدلة كثيرة، والفصل الأول يعالج مسألة أدلة وجود عصر النهضة وانطلاقة عصر النهضة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> ما هي هذه الأدلة؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: بكل سهولة أنا أعدّد لك سبعة أدلّة مهمة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> نعم، إذا سمحت.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: 400 سنة من الاستعمار التركي قضت على اللغة العربية. فصارت عودة الروح إلى اللغة العربية. أين؟ في الأديرة والمعابد وفي حلب وفي حمص وفي بيروت وفي جبل لبنان.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> ثانياً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: ثانياً، ظهور الصحافة، الإعلام المكتوب. صارت أيضاً صحافة متنوعة: صحافة إعلامية، صحافة عن الطب، عن العلوم، عن المعارف. ثالثاً، بدأ الشعر الوطني المنظوم نظماً جيداً مثل إبراهيم اليازجي: "تَنَبَّهوا وَاسْتَفيقوا أَيُّها الْعَرَبُ". <br> ثم ظهرت جمعيات علمية. ثم بدأت تظهر جامعات حديثة مثل الجامعة الأميركية في بيروت وجامعة مار يوسف اليسوعية. وصارت العلوم الحديثة موجودة. وصار هناك وعي وطني. ما الوعي الوطني؟ الابتعاد عن ظلمات الرجعة الدينية والتخلّف والظلام، والتكلّم على المواطنة. بطرس البستاني أشار إلى 22 شرطاً للمواطنة: حب الوطن من الإيمان، عدم العنصرية والتمييز بين الناس، فقط على أساس الولاء للوطن، أن يحترم الإنسان القوانين، حرية المرأة، حرية الصحافة. هناك عدة أدلة أخرى.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> أنت ذكرت أدلّة على وجود نهضة. إذا سلّمنا أن هذه نهضة، هناك كثيرون يخالفونك الرأي. فعلياً ما الأسس التي اتّكأت عليها هذه النهضة؟ وكيف؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: أولاً، صار هناك وعي وطني أننا شعوب جديرة بالحياة. في سوريا، في مصر، في العراق، في لبنان، صار هناك شعور بأننا أمم تريد أن تنهض. صارت هناك عودة إلى إحياء اللغة العربية. صار هناك مزيد من التربية والتعليم. صار هناك أننا يجب أن ننضمّ إلى العصر الحديث. صارت هناك بنية تحتية. مثلاً، كيف تعمل نهضة والبلاد مفكّكة والطريق إلى الأرياف والمدن الأخرى بلا طرق؟ دخلت السيارة، دخل القطار، دخلت الكهرباء، دخل الهاتف، دخلت كل ظواهر العصر الحديث وصار هناك أدب، أدب محلي، صار هناك شعر حديث، صارت هناك لغة جديدة، تجدّد في اللغة. وصار هناك أيضاً أن الناس يتوقون إلى ظهور الدولة العصرية المدنية الحديثة. كل هذه مظاهر أن البلاد ليست أدغال أفريقيا أو صحارى تركستان.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> ولكن ما ذكرته من الأسس هو أسس غربية بامتياز، بما فيها محاكاة النهضة الشعرية في الغرب. ولكن كل تلك المنتجات العصرية هي منتجات صنعها الغرب، لم تُصنَع من عنديّات اللبناني ولا الإنسان في المشرق. هنا، ما هو أثر الغرب في تكوين هذه النهضة؟ هل يعيبها التغرّب؟ لأنها لدى جزء كبير من النقّاد أنها نهضة تغريبية وليس فقط متغرّبة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: لولا الصدمة الحضارية الغربية لكان كل القرن التاسع عشر المنطقة العربية والمشرق العربي في سبات مستمر. <br> أنت تعرف أن مئات السنين مرّت فصار الناس يؤمنون بالغيبيات. لم يعد هناك طب، لم يعد هناك علم، لم تعد هناك معرفة. الجهل وعمى القلوب والأمراض والجوع في كل البلاد العربية كان في تلك الفترة. التحدّي الحضاري أتى مع حملة نابوليون أي عام 1798. جاءت إليك دولة من الغرب، من أوروبا، بمدفعية، بسفن حديثة، بعلوم، بمهندسين، إلى مصر، دولة متخلفة، لا يزالون على الأحصنة وبالسيوف، وخلال أيام بسيطة أو ساعات هزموا واحتلوا مصر. استفاق المصريون في اليوم التالي، ماذا فعلنا وماذا حلّ بنا؟ نحن الفاطميين والأمويين ومجد بغداد، كيف وصلنا إلى هنا بعد مئات السنين؟ صرنا آخر أمّة في الأرض وآخر دول العالم. صار هناك احتكاك في أوروبا.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> احتكاك أو نوع من ردّ فعل؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: ردة الفعل صارت على نوعين، سنتكلّم عليها: نوع أننا يجب أن نكون مثل هذه الدول الأوروبية الحديثة. <br> طبعاً الإنسان يحب في البداية أن يقلّد الشيء الأحسن منه: لديهم سفن حديثة، لديهم أسلحة حديثة، لديهم أطباء يعالجون، لديهم مطابع، لديهم وسائل ترفيه حديثة، لديهم آلات، لديهم أشياء كثيرة. إذاً، مصر في عهد محمّد علي باشا تسعى لتكون بمصافي الدول الأوروبية. وهناك أن الطهطاوي ذهب ورأى باريس كيف وحزّ في قلبه أنه لماذا بلاده ليست من هذا النوع. وصار يذهب ببعثات عسكرية وطبية وغيرها. لكن أيضا مسألة الموقف من الغرب بهذه الطريقة لا يكون سلبياً. نحن نقول إنه حتى الحضارة البشرية كلها حضارة واحدة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> كلها أخذت من بعضها البعض.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: شعوب الأرض، مرة العرب ينهضون، مرة الصين تنهض، مرة اليونان تنهض، مرة إيطاليا في عهد الرومان تنهض، وفي النهاية كلها تصبّ في بعضها البعض. فالصينيون منذ آلاف السنين اخترعوا الورق الذي تستعمله كل الكرة الأرضية اليوم. والكنعانيون القدماء اخترعوا الأحرف الأبجدية، كل الكرة الأرض بما فيها أوروبا وأميركا وروسيا كلهم يستعملون الأحرف التي اخترعها الكنعانيون على هذا الساحل. ففي النهاية، هذا التلاقح بين الشعوب ولقاء الشعوب لا يجب أن يكون فيها حرج أننا نحب أن نكون مثل أوروبا أو كذا. لكن فعلاً، حين نقول إن عناصر النهضة مثل نهضة الغرب، لكن هناك ردة النهضة، هناك </span><span dir="LTR">anti</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>-نهضة، الرجعة أننا يجب أن نعيد الدين.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> هذا ما أريد أن أسألك عنه. هل موقف الذين يتّهمون النهضة بالتغريب هو موقف من أن هذا الغرب كان مسيحياً؟ هنا أريد أن أسأل: هل هذا يشي بأن أغلب روّاد النهضة كانوا من المسيحيين؟ أي كانت مثاقفتهم مع الغرب المشابه لهم في الدين؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: حتى لو كانت ثمة أغلبية مسيحية في سوريا ولبنان، لكن لم يكن منطلقهم أنهم مسيحيون، بل كانت مصادفة. <br> والدليل على هذا أن مَن شاركوا في النهضة من مصر معظمهم من المسلمين. لا أحب هذه التصنيفات ...<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> ولا نحن، هذا في مجال القراءة الواقعية للأمر.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: فهمت سؤالك.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> لأن أغلب الذين خرجوا من بلاد الشام...<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: الجواب على هذا أن الكتاب يطرح إشكالية: هناك النهضة التي هي كلها العناصر التي تحاول أن تكون أنه كيف حصلت نهضة في أوروبا أن تحصل نهضة للعرب. ما عناصرها؟ الأدب، الشعر، المسرح، السينما لاحقاً، الصحافة، حرية المرأة، الديمقراطية، التنوّع، الحياة السياسية. كل العناصر هذه نعرف أنها عناصر وُجدت في أوروبا. الـ</span><span dir="LTR">anti</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>-نهضة يريدون الردة الدينية أنه يوما ما كانت الأمّة الإسلامية، والآن تركيا خربت وصار فيها فساد وسلاطين آل عثمان كيف يتصرّفون وهم جعلوا الإسلام يتراجع إلى الوراء. هؤلاء لا يريدونهم. الـ</span><span dir="LTR">anti</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>-نهضة لا يريدون هذه العناصر التي نتحدث عنها من مسرح وأدب وموسيقى وشعر وحرية المرأة وديمقراطية. لا يريدونها.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> وصلت الفكرة. ولكن من منطلق ديني؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: من منطلق ديني. وهؤلاء عدة أنواع. في عصر النهضة صارت ثمة 17 فرقة، وهذه مطروحة في الكتاب، 17 فرقة في بلادنا، أربعة منها تريد الردة الدينية التي يسمونها إحياء الدين، أنه فقط العودة إلى الإسلام السليم والصحيح هو ما يحرّرنا من الاستعمار وهو الذي في النهاية يتصدى للهجوم العسكري الثقافي الحضاري الهاجم علينا من أوروبا. هذه أربعة. وإذا أردت نعدّدها.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> لا مشكلة. أنا أحيل الناس إلى الكتاب.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: وهناك عشرة غيرها كلها، حين نتكلّم على القومية وإلى آخره نتطرق إليها، كلهم يحبون أن يصير ثمة مجد لهذه البلاد من خلال العناصر التي هي النهضة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> وكان بينهم مسلمون: الأفغاني، الكواكبي.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: هنا أنا أقول مثلاً إن مَن يحاولون أن يعملوا إحياء لهذه البلاد من خلال الدين هم مَن كانوا </span><span dir="LTR">anti</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>-نهضة. حين تقول الأفغاني أو محمّد عبدو أو رشيد رضا، هؤلاء الناس الذين يتحدثون عن إحياء الدين. إذا أردت أن تصنّفهم ضمن النهضة، لا يمكننا أن نصنّفهم. في الكتاب عملت ...، عملت أن هناك أناساً ساروا في مسار مستقل عن طريق الدين، وهناك أناس هم النهضة، ربما فيهم الكثير من المسيحيين، لكن لم يكن هذا هو الأساس. مثلاً الشاعر خليل مطران أو أمين الريحاني، هم كانوا ينادون أنه أدب وثقافة وحضارة ونهضة بعيدة عن التمييز الديني، بعيدة عن الهوية الدينية. ولمّا كانوا ينادون بالمواطنة، المواطنة ينصهر فيها المواطنون كمواطنين لدولة، وإذا كانت لكل منهم ديانة فهذا شأن خاص به، لا يكون هو الأمر الطاغي في المجتمع. وهذه في أساسها فكرة أوروبية. فصل الدين عن الدولة من أيام إمانويل كانت منذ 300 أو 400 سنة. لمّا حصل عصر النهضة في أوروبا صار أننا يجب أن نسير كأمم، كدول ليست مرتكزة على الكنيسة أو على الدين.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> هنا كيف تفسّر استعلائية دعاة لبنانية النهضة أو لبنانوية النهضة والحمّى التي تصيبهم لعزل لبنان عن المشرق وبلاد العرب؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: هذا الموضوع تقريباً ليس له علاقة بموضوع النهضة الثقافية. له علاقة بتطورات الأحوال في بلاد الشام بعد الغزو الفرنسي والاحتلال المصري الذي صار، أي إبراهيم باشا وإلى آخره. فرنسا كما فعلت في أوروبا تريد أن تنشر الثورة الفرنسية ومبادئها في أنحاء أوروبا. ونوعاً ما صاروا يدخلون في ألمانيا وروسيا ويعطون حقوقاً لليهود والأقليات. ولمّا نابوليون خسر وتراجع وووترلو وكذا صارت ثمة ردة فعل. في ذلك الوقت، في أواسط القرن التاسع عشر، بدأت تظهر معاداة الساميّة كما يسمونها في أوروبا. لكن في حال بر الشام، دخل إبراهيم باشا وصار يعمل كما أن الفرنسيين يحبون نشر الثورة الفرنسية، إعطاء حقوق الأقليات، تقليص الإقطاع، منح مظاهر الدولة الحديثة، إنهاء مسألة الجزية والخراج، أي الضرائب الإسلامية على الأقليات، والذمية، وصار يعطي حقوقاً للمسيحيين. لمّا انسحب الجيش المصري وعاد العثمانيون بمساعدة بعض القوى الأوروبية، صارت ردة فعل، ولعشرين سنة يسمونها قلاقل، لكنها مجازر ومذابح وحروب وانتهت عام 1861 بمجازر جبل لبنان ودمشق. الناس يقولون الموارنة والدروز في جبل لبنان، لكن أيضاً مجازر كبرى بالآلاف بحق مسيحيي دمشق، وحدثت كارثة لكل سوريا بالنسبة للأقليات والمسيحيين. فهذه كانت جذر أن يكون لبنان نوعاً ما بلداً منفصلاً. عملوا له متصرفية. وعادت ودخلت فرنسا.. وليس فقط لبنان، انتبِه. كانوا يريدون أن يعملوا ست دول: دولة درزية، دولة علوية، دولة سنيّة، دولة للأرمن في كيليكيا، والجمهورية اللبنانية، ودولة لليهود يريد أن يعملها الإنكليز. لبنان نجح، والباقي حصلت ثورات فمنعوها.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> جمعت كل مَن عاش أو عمل في لبنان أو نشر في لبنان ضمن لبنان الثقافي تأريخياً. ألا تخشى من لبننة هؤلاء أو أن دعاة اللبننة ينكرون عليك ذلك؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: الكتاب أيضاً من دعاة اللبننة. فخر للبنان أن يكون هو البوتقة، أو بيروت العاصمة الجذّابة لكل ما فيه مواهب فنية وثقافية وموسيقية وأدبية من العراق ومن سوريا ومن مصر ومن الجزيرة، يأتون إلى لبنان وينشرون ويكتبون ويمثّلون ويغنّون ويعملون الأمور هذه. هذا فخر للبنان. فلبنان ليس لبنانياً حصراً. فميزة البلد لينهض ثقافياً، تستفيد الدولة ويستفيد الشعب، وبيروت هي إشعاع حضاري للمنطقة. مَن يقول إن باريس مثلاً استقبلت شوبان من بولندا؟ والمطربون الذين أتوا، داليدا وغيرها من كبار المطربين الفرنسيين في الستينات، "شونسونييه" وسواهم، كلهم ليسوا فرنسيين. لكن هل يستطيع أحد أن ينكر أنهم جزء من الثقافة التي نهضت في باريس؟ هل يستطيع أحد أن ينكر أن فريد الأطرش ووردة الجزائرية وأسمهان وفايزة أحمد والسوريين كلهم ونجاة الصغيرة وغيرهم، أنهم جزء من الثقافة التي كانت في القاهرة؟ طبعاً لا. ففخر لبيروت وللبنان أن يكون جذّاباً. ليس ضرورياً أن يحمل الجنسية اللبنانية ليبدع بالثقافة في بيروت.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> كتابك هذا موشوم بالتفاؤل. واضح التفاؤل، فيه جرعة عالية من التفاؤل، وأيضاً تفاؤل باستمرار النهضة على الرغم من القتامة بل السواد الثقافي الذي نعيشه في لبنان والمشرق. كل هذا التفاؤل من أين جاءك؟ هل لأنك تعيش في الغرب؟ أو لأن القراءات أوصلتك إلى هنا؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: في هذه الأيام ليس مهمّا الإنسان أين يسكن. هي القراءات والأبحاث التي أجريتها تحضيراً لهذا الكتاب هي التي أوصلتني. هناك جانب من الكتاب هو جانب فلسفي وهو ما النهضة، </span><span dir="LTR">Renaissance</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>. بدأ بها إمانويل كانت ...، أنه فجأة ينقشع السحاب وتظهر الشمس وتنهض الشعوب، وأنه في أوروبا حصلت أمور. مثلاً حصلت المرحلة النازية، كيف أن ألمانيا التي انطلقت منها معظم أوجه النهضة الفلسفية والأدبية والمسرحية وغيرها تحصل فيها الحركة النازية. و80 مليون ألماني من 1933 حتى 1945 يسير مثل الأعمى خلف هتلر ودمار للكرة الأرضية كلها. لكن "هبرماس" هو فيلسوف ألماني، وهو يعتبر نفسه تلميذاً لفلسفة النهضة من عهد إمانويل كانت، يقول إن النهضة مثل الإنسان، يُضرب صفعة، صحيح أنه ينحني لكنه يعود ويستقيم. فألمانيا مجرّد أن انتهت الحرب عادت واستمرت في النهضة وبالإنتاج وبالصناعة وبالازدهار. والحرب اللبنانية لم تكن أبداً أن يعود لبنان كما كان وتستمر النهضة. والدليل اليوم عدة أدلة: أحدها أن لبنان، فيما الحروب تشعل المنطقة، في بيروت اليوم 50 مسرحية.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> هذه سياسة عالمية.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: وإن يكن. ثمة مدنية في لبنان، ثمة ثقافة وثمة نهضة في بيروت تساعد على هذا أيضاً. الناس لا يتقاتلون في الشارع وكل واحد يضرب الآخر صفعة. هذا على صعيد فردي وعائلات ومدن ومناطق أيضاً تساعد. ليست كلها من الخارج مثل رجل آلي أن امشِ هكذا ولا تقتل رفيقك. لكن بالنسبة لبيروت، هناك 50 مسرحية تتفاوت بالنوعية، لكن توجد. ثمة سينما لبنانية حيّة وتقلّد دول عربية أخرى أفلام السينما اللبنانية. معرض الكتاب، على الرغم من أن الصحافة كلها تستقبله بشكل روتين، لكنه حركة ثقافية مهمة بالنسبة لبيروت. هناك 400 دار نشر. والجامعات نشطة، وكل الدول العربية وحتى إن هناك دولاً أوروبية تحب أن ترسل أبناءها ليتعلموا في جامعات لبنان. وأكبر إثبات أن كل جامعات العالم في أوروبا وأميركا، المتخرّج من الجامعات في لبنان يستقبلونه فوراً وينجح في تلك البلاد. فلا مجال لأعدّد أموراً كثيرة. لكن فعلاً، على الرغم من كل ظروف لبنان الصعبة، نعم طبعاً هناك تفاؤل أن النهضة مستمرة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> سنتوقّف مع فاصل. <o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">أعزائي، فاصل ونعود إلى الحوار مع الدكتور كمال ديب حول النهضة. انتظرونا إذا أحببتم.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB"><o:p>&nbsp;</o:p></span></p><h2 align="center" dir="RTL" style="text-align:center"><span lang="AR-LB" style="font-family: &quot;Times New Roman&quot;, serif;">المحور الثاني<o:p></o:p></span></h2><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB"><o:p>&nbsp;</o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt; mso-ascii-font-family:Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;; mso-hansi-font-family:Cambria;mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB"> تيحة لكم.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB">نبدأ القسم الثاني من الحوار مع البروفسور كمال ديب بتقرير عن لبنان المطبعة، لبنان الناشر، ثم نعود لمتابعة هذا الحوار.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB"><o:p>&nbsp;</o:p></span></p><h3 align="center" dir="RTL" style="text-align:center"><span lang="AR-LB" style="font-family:&quot;Times New Roman&quot;,&quot;serif&quot;;mso-ascii-font-family:Cambria; mso-hansi-font-family:Cambria;mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB">التقرير<o:p></o:p></span></h3><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB"><o:p>&nbsp;</o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB">شهد المشرق إنشاء أول مطبعة عام 1610 في دير مار أنطونيوس قزحيّا في وادي قنوبين، استخدمت الحرف السرياني والكرشوني. ثم أُسّست في دير مار يوحنا الصايغ الخنشارة، وهو حلبي، المطبعة العربية الأولى التي استخدمت الحرف العربي عام 1733.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB">قفزت الطباعة في لبنان بعد الحرب الكونية الأولى والانتداب ومجيء المطابع الأرمنية، فتم استيراد الآلات وتوسّعت الخدمات الطباعية، وبات عدد المطابع عام 1944 بحدود 32 مطبعة. وتوسّعت حركة النشر فتأسس اتحاد الناشرين عام 1947، وتحوّل إلى نقابة في إطارها القانوني عام 1972.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB">وتابع النشر والطباعة ازدهارهما وارتفع عدد المطابع إلى أكثر من 52 بعد عام 1950، إضافة إلى معامل التجليد ومسابك الحروف بالعربية والتركية والفارسية والسريانية والكلدانية. <br> ولم تتوقف عمليات النشر أو تتراجع الطباعة، وبات لبنان يستقطب المهتمين والمثقفين والكتّاب والشعراء في العالم العربي إذ يبلغ عدد دور النشر حالياً نحو 500 دار، وعدد مؤسسات الطباعة نحو 200 مؤسسة. وينتج لبنان نحو 30 بالمئة من مجموع العناوين الصادرة في الدول العربية كلها والبالغة نحو ثمانية آلاف و500 عنوان في السنة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB">أمّا معرض الكتاب السنوي فيه فقد بلغ عمره هذه السنة 60 عاماً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB"><o:p>&nbsp;</o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt; mso-ascii-font-family:Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;; mso-hansi-font-family:Cambria;mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB"> أهلاً بكم في "أجراس المشرق".<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB">دكتور كمال ديب، ما هو أثر الخلافات الفكرية في النهضة الثقافية؟ أي التنافس والتنابذ بين دعاة اللبننة والعروبة والسرينة. ألم يؤثّر هذا على مسيرة هذه النهضة؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: حين يكون هذا النوع من الدعوات دعوات تدخل في الفكر القومي الوطني، أكانت القومية اللبنانية أو القومية السورية أو القومية العربية، في النهاية تصبّ كلها في إطار الفكر القومي الذي يُفترض أن يكون بعيداً عن التديّن والأفكار... كلهم كما تلاحظ يقبلون بالعناصر النهضوية: كلهم يشجّعون الأدب والشعر والمسرح والسينما والحرية وإلى آخره. في المسائل هذه لا يوجد تناقض بينهم. والتصارع الفكري عادةً يكون أمراً إيجابياً للبلاد. فمثلاً حين كانت ثمة حوارات في الثلاثينات والأربعينات وتصارع فكري مثل البعث والقومية اللبنانية والحزب السوري القومي وإلى آخره، كان الناس يتابعونها وينضمّون إلى هذا أو إلى ذاك. تصارع فكري في النهاية لا يوصل إلى مشكلات أو إلى تعقيدات. التناقض الأكبر كان بين الرجعة الدينية والأفكار التي تريد إحياء الدين والأفكار القومية.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> تكلّمنا على هذا. ولكن هذه النهضة أيضاً تموضعت بين حدّين متناقضين بقراءات النهضة: إمّا العودة إلى التراث الديني تحديدا، أو الذهاب إلى الحداثة بكل متطلباتها وعلميتها. نحن الآن على بعد هذه المسافة من النهضة في القرن التاسع عشر وصولاً حتى اللحظة. مَن انتصر؟ وأين تقف النهضة الآن؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: الآن هناك انكسار ونجاح للطرف الثاني. حتى نكون أكثر تحديداً حتى يستوعب المشاهد عمّا نتكلم، هناك أربع حركات تريد إحياء الدين. هناك حركة قديمة منذ 1750 هي الحركة الوهّابية، ثم في العشرينات الإخوان المسلمون، ثم الأكثر اعتدالاً الإصلاحيون الذين يقولون إنه يمكن إصلاح الدين الإسلامي بمعنى كيف نستوعب التكنولوجيا، كيف نتعاطى بالدولة وتطوير الدولة وإلى آخره. وكُتب عن هذا الموضوع، من الأفغاني أو محمّد عبدو أو رشيد رضا وغيرهم، وكتبوا في المجلات وفي "الهلال". والنوع الرابع هو الصوفية المصرية وفي شمال أفريقيا، أن مسألة الدين حال خاصة وهناك دولة خارج هذا الأمر. فلذلك، في مصر طبيعة الشعب المصري أنه من الحركة الصوفية المسالمة بطبيعتها. وتقابلها عشر حركات قومية هي القومية العربية، القومية اللبنانية، القومية السورية، حتى القومية الفلسطينية، والليبرالية والشيوعية والاشتراكية. هذه كلها نجحت إلى حد بعيد في الوصول إلى رأس الحكم في أهم الدول العربية: في مصر وسوريا والعراق والجزائر ولبنان. لكن بعد هزيمة 1967 صارت مضاعفة أسعار البترول، وتلك الجهات التي تطلب إحياء الدين صار لديها المال.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> 50 عاماً من الانحدار.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: صارت تنفق على التسليح أولاً في أفغانستان، وصارت تظهر في كل الدول العربية حركات جهادية وإسلامية، ووصلنا إلى الحرب السورية، صارت في أوج انطلاقتها، الإنفاق الرهيب على التسلّح الديني. وتبيّن إلى حد ما أن تلك الجهة هي التي انتصرت وليس الحداثوية والنهضوية والتي تؤمن بعناصر النهضة التي تكلّمنا عليها. فلذلك، الحرب في سوريا نوعاً ما ستحدّد كيف يتّجه العالم العربي في مسألة النهضة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> البعض يحيل، على عكس ما تقول أنت، إجهاض النهضة إلى أن الفكر القومي، كما قلت، حكم في أكثر البلدان العربية ولكنه لم يكن طليعياً ولم يستطع أن يجعل الشعب طليعياً ولم يكن قائداً حقيقياً. أنت تقول عكس ذلك. على ماذا تعتمد؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: سئلت عن هذا الموضوع. أجمل المراحل التي هي ازدهار الأدب العربي وازدهار السينما العربية وتحرّك المرأة وازدياد التربية والتعليم هي فترات كانت في أيام عبد الناصر في مصر، في سوريا أيضاً في الستينات والسبعينات، توزيع الأراضي، منح المزيد من حقوق المرأة. سوريا ما زالت إلى اليوم على الرغم من الحرب أفضل من لبنان بموضوع التربية والتعليم والطبابة المجانية وإلى آخره، وأيضاً الأوتوسترادات والطرق والبنية التحتية للدولة، وهناك الكثير من المظاهر. <br> يهمل الناس الذين يطرحون هذا النوع من الطرح السلبي أنه مثل أي شأن آخر، يجب أن نضع لائحة بالأمور الإيجابية إذا كنت موضوعياً. إذا كنت فقط ضد لأجل الضد نفهم عليك. ما الأمور الإيجابية التي حصلت، ما الأمور الجميلة التي ظهرت، ما المشاريع العمرانية الكبرى، الفقر "ارفع رأسك يا أخي". وتضع الأمور السلبية: تكلّم بقدر ما تريد أنه كانت هناك دكتاتورية وكان هناك فساد وكذا. يمكن أن تذكرها. لكن يجب أن تعمل جردة حساب وتعمل حساباً في النهاية ماذا يظهر معك. لا يحكم المرء أنها أجهضت وأنها عملت وكذا. كنا نتمنى أن ينظروا إليها بهذه الطريقة الموضوعية حتى نفهم أين حصل الخراب. ثم ما دور الطرف الثاني الذي عمل جهده بمساعدة العدوان، بإضعاف مصر، بقطع المساعدات، بتحريض أميركا أنها يجب أن تدمّر مصر والآن الحرب على سوريا وإلى آخره. الجهة الأخرى، النهضة والـ</span><span dir="LTR">anti</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>-نهضة، الـ</span><span dir="LTR">anti</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>-نهضة تعمل جهداً كبيراً لتدمّر هذه الدول التي تؤمن بالنهضة وبالدولة العربية الحديثة. فلا ننسَ هذا الدور أيضاً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> ولكن أيضاً المتسائل من الطرف الآخر يقول: لماذا لم تتبنَّ ما سُمّي بالدول الوطنية، بين قوسين، النهضة الثقافية والاجتماعية وتسير عليها؟ ألم تكفِ مدة 50 عاماً لتتثبت الرؤى النهضوية ما دامت هي في الكتب تتغنى بها وترنّم لها وتعتبرها نقاطاً مضيئة اجتماعياً؟ لماذا لم تتبنَّها فعلياً؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: هي تبنّتها بالفعل. لكننا نقول إن العداء الخارجي والضغوط ومحاولة إذلال الدول هذه ومنعها من التقدّم والتطوّر وتحرير الأرض والتحدّي الإسرائيلي منعت. أعطيك أدلة مثلاً: منذ ألف سنة في بغداد كان الشخص المبدع يترجم كتاب رياضيات، يذهب إلى الخليفة فيعطيه ألف دينار. ألف دينار ذهباً أي مليون دولار. كانت الدولة ترعى. كان بيت الحكمة، فيه 70 عالماً، مثل الـ</span><span dir="LTR">MIT</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> إذا أردت أو أكاديمية موسكو. أكبر علماء كل المنطقة الإمبراطورية العربية كانوا يأتون إلى بغداد وكانت ثمة رعاية مباشرة من الدولة. الدولة الوطنية التي تسميها أكان في مصر أو في سوريا أو في العراق، لولاها لما كان هناك قطاع سينمائي. أجمل أفلام "الكتلوج" السينمائي العربي هي في الخمسينات والستينات في عهد هذه الدولة القومية التي ظرهت. وأجمل القصص من نجيب محفوظ، جائزة نوبل، أو أي أدباء آخرين هي في هذه الفترة التي هي فترة نهضوية. كذلك القطاع السينمائي العام في سوريا. ولا نبتعد كثيراً، فلسطين حُرمت من أرضها ومن وطنها، لكن منظمة التحرير كان لها قطاع سينمائي تغطّيه منظمة التحرير كدولة من أجمل قطاعات السينما. وكذلك في الجزائر. مصر هي أعظم دولة بالنسبة للسينما، والجزائر تأتي ثانية مباشرةً لأن الدولة ترعى هذا. في أي مكان في العالم، في أميركا، في روسيا، في ألمانيا، تحتاج إلى رعاية مباشرة من الدولة واحتضان من الدولة. وجود هذه الدول الوطنية هو ما رعى تنمية هذا الأمر في الوطن.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> في الواقع، أنت محامٍ بارع. ولكن لأعُد إلى الكتاب: أنت تحدثت عن خط نهضوي على جغرافيا المشرق من حلب إلى بيروت فالقاهرة. هذه الثلاث جعلتها خطّاً نهضوياً. كيف ربطت نقاط هذا الخط؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: كان هناك نوع من التواصل الديمغرافي بين وادي النيل وهذا الخط الذي امتدّ من سيناء إلى فلسطين إلى بيروت وحلب امتداداً من حمص وغيرها، وكانت هناك الإرساليات الأجنبية التي سمحت لها الإمبراطورية التركية. ما حصل، بصرف النظر عمّا يحصل في اليونان، أن هذا الخط كان الأكثر تطوّراً لناحية الثقافة والتربية والتعليم، من ناحية، بفضل الإرساليات الأجنبية وافتتاح المدارس ووجود المطابع. وأول مطبعة ظهرت في المشرق هي في حلب عام 16.. ثم في جبل لبنان في عينطورة وغيرها.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> يوحنا الخنشارة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: صدف أن الإرساليات الأجنبية ركّزت على المسيحيين. كانت مصادفة. مثل المطران فرحات في حلب، حتى لو كان رجل دين، كتب 40 كتاباً في قواعد اللغة العربية. هذا إبداع لا علاقة له بما هي ديانته. لكن في مصر التي كانت وقت الإنكليز أكثر تسامحاً بالنشاط الثقافي لأنهم لا يستفيدون منه شيئاً مثل القطن وقناة السويس فتركوا الإعلام، والملك موجود كما يريدون. لكن أيضاً من كل فئات الشعب المصري وخصوصاً بفضل هجرة الشوام أي اللبنانيين والسوريين إلى القاهرة، أيضا انتشرت. فهذا هو المثلّث الذي كان نواة النهضة. كما أن حبّة الفاكهة لها نواة وهي التي تغذّيها، نواة النهضة العربية لكل العالم العربي كانت مثلّث حلب-بيروت-القاهرة الذي ظهرت فيه أهم المطابع والجامعات والصحف. فأول جريدة توزَّع وتباع ظهرت في حلب قبل أن تظهر جرائد لبنان ولاحقاً في القاهرة كالمقطّم وغيرها. فلذلك، باقي الدول العربية لم تكن فيها مثل هذه الحركة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> ما ذكرت يحيلنا مباشرةً إلى غياب أقدم عاصمة في العالم وهي دمشق، وهي أقدم عواصم المشرق. عندك وعند الكثيرين تغيب عن مراكز النهضة. ألم يلفتك هذا الأمر؟ لماذا؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: حكى عنها الشاعر أدونيس مطوّلاً أن دمشق كمدينة بعد آلاف السنين صارت مكاناً وتجمّدت فيها الأمور. <br> وبتركيبتها، بعائلاتها، بمجتمعها، لم تسمح للتغلغل العلمي والثقافي والأدبي والتجاري الغربي مثلما حصل في حلب وبيروت والقاهرة مثلاً. هذا كان السبب الرئيسي.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> في هذا السياق، أيضاً يستدعينا سؤال أن أغلب مَن أرّخوا للنهضة العربية لم يتناولوا وجود أية نهضة في المغرب العربي.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: صحيح.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> اقتصروها على المشرق، على المدن الثلاث التي ذكرتها، على بلاد الشام ومصر. هذا لافت للنظر.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: شكراً أستاذ غسان. وأنا أراجع الكتب والمراجع اكتشفت هذا أنهم لا يذكرون، لماذا. والمغرب العربي؟ الحقيقة أن ثمة شرحاً. هناك أسباب أنه لماذا حصلت هذه المسألة، ليس تركيزاً أو انحيازاً. وحين نشرحها كما شرحتها في الكتاب تتبيّن الأمور، وأهل المغرب يفهمون هذا الأمر. أولاً، لا ننسَ أن فلسطين أيضاً أزيلت. كنت أتحدث عن القاهرة مروراً بفلسطين.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> انقطاع. صار هناك قطع.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: وأتت الصهيونية وقطعوها. لكن فلسطين كانت تشارك. حين نذكر مثلاً خليل بيدس، 40 رواية، وكان من كبار أدباء النهضة، وهو من القدس. وقطعوها، وأيضاً يمكن أن نقول إنه لماذا ليست فلسطين التي كانت فيها حركة وكانت فيها إرساليات كثيرة لو لم تأتِ الحركة الصهيونية. بالنسبة للمغرب العربي الموضوع مختلف تماماً. ففي الوقت الذي كان يظهر عصر النهضة في هذا المثلث: حلب، بيروت، القاهرة، كانت الجزائر تحت استعمار فرنسي بشع جداً، استعمار استيطاني وليس احتلالاً مثل الأتراك أو غيرهم. فكانوا يقولون إن هذه </span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>"partiment"</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>. والمدن الكبرى حكر على المستوطنين الفرنسيين.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> على المستعمر.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: وحين فُتحت سينما أو "الفرير لوميير" في الجزائر العاصمة، كانت كل الأفلام بالفرنسية، وممنوع على المواطن أن يتعلم العربية أو يدرس أو يتعلم تراثه. 150 سنة، يُفترض أنها فرنسة كاملة، هذه على طريقة نابوليون: نحن نفرنسهم.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> والمغرب الكبير، تونس؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: والمغرب وتونس، كلها كان الإسبان والفرنسيون ضاغطين وممسكين بالمسألة جيداً. ما حصل أنه انطلقت حرب بعد أن تحرّر المشرق وصارت في مصر وعبد الناصر، وصلت شعلة التحرّر وصار هناك التحرّر الوطني في الجزائر. تصوّر أن كل الكتب الأجنبية والعربية تتحدّث عن ثورة المليون شهيد. لكن كتب التاريخ في الجزائر تتكلّم على مليوني شهيد. <br> فالجيش الفرنسي حين ينتقم لمقتل ثلاثة جنود كان يحرق 500 قرية وبلدة في الجزائر. لمّا تحرّرت الجزائر عام 1962 انضمّت إلى النهضة العربية أقوى بكثير وأسرع بكثير. أنا دُهشت كثيراً وأُعجبت بالسينما الجزائرية كم هي مزدهرة ومتنوّعة بأفلامها وبقصصها وبرواياتها.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> والآن هناك حراك فكري. في الـ25 سنة أو الـ30 سنة الماضية هناك حراك فكري كبير. هناك أسماء كبيرة في تونس والجزائر والمغرب.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: صحيح. في الأدب...<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> هذه لم تنضمّ إلى سياق النهضة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: ثم إنهم مثل المشرق العربي صاروا يرسلون الموسيقيين والفنانين إلى القاهرة، من كبار الأسماء، وردة الجزائرية وغيرها. لكن صاروا يرسلون مثل غيرهم في الستينات وحتى في منتصف الخمسينات. لكن أريد أن أذكر مسألة مهمة أن المغرب والجزائر هما في قلب المشرق. كيف؟ الأندلس هي من أهل الشام. 27 ألف جندي ذهبوا من الشام في أيام الأمويين، وهم مَن استوطن الأندلس، والأندلس هي ابنة دمشق. وحين حصلت الردّة الصليبية في الأندلس أو حروب الفرنجة وطردوا السكّان العرب، عادوا إلى الجزائر والمغرب. إذاً، للشعب الجزائري والمغربي صلة دم وروابط وثيقة مع الشام.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> أوردت في الكتاب أن المثقف يجب ألّا يقلّ مبدئية عن السّيد المسيح وسقراط وآخرين. أين هو هذا المثقف في عالم النفط والخيانات والسلطات وتجار الحروب وسلالات القمع؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: هو أنها مثيرة وتجذب المثقفين حين تكون هناك أموال وأشياء والنفط وغيره. الحروب مثل داعش والهجمات المتطرفة، جزء منها تقوم لها بحرب دبلوماسية وحرب إعلامية. أنا رأيت على التلفزيون في لبنان أن زعماء سياسيين يتكلمون أن 150 من كبار المثقفين في بيروت والإعلاميين والصحافيين اشتروهم ويكتبون في هذا النوع من الصحافة ليهاجموا الفكر القومي أكان قومياً لبنانياً أو قومياً سوريّاً أو قومياً عربياً أو عبد الناصر ويعتبرون أنهم أُجهضوا وأنهم غير جيدين وسيئون، ويستعملون عبارات سلبية، ممانعة، ويسخرون بهذا النوع من الكلام. لكن أيضاً لا يمنع أن نعود إلى مقولة محمود درويش: <br> "هذه خيمتي وهنيئاً لي". مُفترَض للإنسان أن يظل محافظاً على موقف المثقف الحقيقي بقول الكلام الصحيح في وجه السلطان من دون مهابة ومن دون خوف.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> بوجه سلطان جائر.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: بوجه سلطان جائر إذا أردت، أو مبتسم. لكن المهم أن يظلّ الإنسان محافظاً على مبادئه ولا ينغرّ كثيراً بأن يحصل على مُتَع مادية زائلة. فمسؤوليته أكبر من السلطة. السلطان أو الملك أو الرئيس هو مَن يأتي إلى المثقف، وليس أن يذهب هو ويتودّد له أن أعطِني سيارة وأعطِني بيتاً وأعطِني مالاً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> هذه لن تحصل عندنا.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: لا، هناك شرفاء كثر، هناك أشخاص كثر في بيروت، مئات الأشخاص يعملون، منهم أصدقاء، منهم الدكتور جورج&nbsp;قرم.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> هناك أسماء كثيرة قطعاً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: جورج قرم هو من أصدقائي.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> حتى آخذ الوقت كما هو، بعد أشهر قليلة سيصدر لك كتاب موسوعي آخر، كبير كما علمت، هو عن سوريا في التاريخ.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: سوريا في التاريخ.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> هذا الكتاب ماذا يضيف إلى كتاب فيليب حتّي المرجعي <u>تاريخ سوريا</u>؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: كتاب فيليب حتّي </span><u><span dir="LTR">History of Syria including Lebanon and Palestine</span></u><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>، أي <br> <u>تاريخ سوريا بما فيها لبنان وفلسطين</u>. كتاب فيليب حتي حجمه نحو 1500 صفحة، وبعد ترجمته إلى العربية صار نحو ثلاثة آلاف ربما. جزّأه تاريخياً ابتداءً من عمق التاريخ. نحن حين نقول ما قبل التاريخ أي ما قبل ستة آلاف سنة، أي قبل أن يبدأ التدوين التاريخي، ومروراً ببلاد ما بين النهرين.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> أنت كيف جزّأته؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: كل المراحل التاريخية التي تكلّم عليها وضعتها في البداية حفاظاً على تراث فيليب حتي وغيره من الناس الذين كتبوا في التاريخ القديم لسوريا. ولاحقاً بدأت من بداية عصر النهضة، من دخول نابوليون إلى الشرق في آخر مئتي سنة، وصرت أتوسّع ثم أدخلت عناصر أبحاث جديدة منها أنهم يقولون إن الجمهورية السورية خلقها الفرنسيون في القرن العشرين جرّاء التجزئة. أنا أقول إنه عبر آلاف السنين، الشعب الموجود في سوريا ولبنان لم يتغيّر. الكنعانيون أو مَن يسمونهم الفينيقيين أو العموريون الذين هم أيضاً كنعانيون أو الآراميون في دمشق والبقاع وغيرها أو الأنباط في فلسطين أو غيرهم، كلهم ما زالوا موجودين. والأبحاث العلمية الغربية تثبت لك من الـ</span><span dir="LTR">DNA</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> أن الشعب هو نفسه، وليس خليط شعوب وتداخلاً تركيّاً وأرمنيّاً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> كم صفحة الكتاب؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: الآن نحاول أن نقلّصه قليلاً، نحو ألف صفحة. هذه فكرة. فكرة ثانية أن الصراع على سوريا لم يبدأ في الخمسينات في الحرب حسب باتريك سيل، بل هو منذ فجر التاريخ. تأتي شعوب في البداية من بلاد ما بين النهرين وشعوب من وادي النيل، الفراعنة والأشوريون، يتقاتلون على مَن يأخذ سوريا. ثم الفرس والإغريق، ثم الفرس والرومان، ثم البيزنطيون والفرس. <br> دائماً في سوريا هناك ساحة صراع. ثم المغول، ثم الأتراك، ثم حروب الفرنجة الصليبيين. فمنذ آلاف السنين هناك </span><span dir="LTR">theme</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> يتكرّر في سوريا هو الصراع على سوريا. والحرب هذه جزء من هذا الصراع والمخاض التاريخي الطويل مَن يضع يده على سوريا.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> كلمة واحدة: كيف يمكن أن تنتهي هذه الحرب؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">كمال ديب</span></b><span lang="AR-LB">: طبعاً أنت تذكر تفاؤلي. أنا مثلاً أعتقد أنه تضيع هذه البلاد ونهضتها وإلى آخره إذا لم تنتصر الدولة السورية. <br> وهي تنتهي بالطريقة هذه.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي:</span></b><span lang="AR-LB"> شكراً جزيلاً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">أعزائي، إذا كان المثقف يجب ألّا يقلّ مبدئية عن السيّد المسيح أو سقراط أو الحسين بن علي أو سبينوزا أو فولتير، فإن مبدئيات الثقافة في عالمنا المعاصر هي في الدرك الأسفل. لكن المهم أن نعرف تاريخنا الثقافي جيداً لنعمل على قيامة المثقف.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">شكراً للبروفسور كمال ديب على حضوره في "أجراس المشرق".<br> شكري العميم للزملاء في البرنامج وقناة الميادين الذين يقرعون معي هذه الأجراس.<br> شكراً على لطف متابعتكم.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">وكما العادة: <o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">سلام عليكم وسلام لكم.<o:p></o:p></span></p><p> </p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB" style="font-size:16.0pt;mso-ascii-font-family: Cambria;mso-fareast-font-family:&quot;Times New Roman&quot;;mso-hansi-font-family:Cambria; mso-font-kerning:16.0pt;mso-bidi-language:AR-LB"><o:p>&nbsp;</o:p></span></p>