النجمة الجزائرية كريمة نايت عبد العزيز
نص الحلقة
زاهي وهبي: مساء الخير. يُمكن
لنا تسميتها بالفنانة الشاملة، ترقصُ، تُمثلُ، تكتبُ، وتغنّي وتجول المدن
والمسارِح حاملةً صوتها وكلمتها مثل نجمةٍ تومضُ بأنّ بلادنا ليست عنواناً للظلام
والظلاميين، يل هي مهدُ حضاراتٍ وفنونٍ وإبداعاتٍ ومُبدعين يقاومون الظلام
والتكفير والإرهاب والقمع والقتل والتدمير والخراب. يُقاومون كلّ هذا بالانتصار
والانحياز لإرادة الحياة، ولحقّ الناس هنا، في هذه المنطقة المنكوبة من العالم،
بالفرح والحبّ والجمال. وهذا ليس غريباً على ابنةِ بلد المليون شهيد، ابنة
"الجزائِر" التي تهِبنا على الدوام مُبدعين رائعين في الفنّ والأدب والالتزام،
الالتزام بالإنسان والحرية والعدالة. من هنا، من هذا الفهم العميق لدور الفنّ
والفنان، غنّت ضيفتنا لوطنها "الجزائِر" مثلما غنّت "فلسطين"
و"العراق" وكثيراً من قصص العِشقِ والكفاح. "بيتُ القصيد"،
بيت المُبدعين العرب، يُضاء الليلة بنجمةٍ جزائريةٍ مُشِعّة اسمها "كريمة
نايت عبد العزيز". أهلاً وسهلاً بكِ، شرّفتِ
كريمة
نايت عبد العزيز: شكراً جزيلاً على هذا التقديم
الحار
زاهي وهبي: وصَل، المُهمّ أنه وصَل
كريمة
نايت عبد العزيز: "بالزاف" كما يقولون
بالجزائري
زاهي وهبي: "بالزاف" تعني كثيراً
كريمة
نايت عبد العزيز: وأشكركم على هذه الاستضافة، ولي
شرف أن أكون معكم وأن تُعطوني فرصة لكي أُعبِّر من خلال هذا البرنامج عما تحبه
"كريمة نايت" وما تقوله "كريمة نايت"
زاهي وهبي: أهلاً وسهلاً بك، ومن الجيّد أنّ لغتك
العربية جيّدة ولا تشكو من شيء
كريمة
نايت عبد العزيز: والله أُحاول
زاهي وهبي: كنتِ خائفة قبل بداية البرنامج! حضرتكِ
مُقيمة حالياً في "السويد"، أقمتِ في "سويسرا" أيضاً لبعض
الوقت. سنتحدّث عن تجربتك، ولكن تقولين سيّدتي، قبل أن نُشاهِد ربورتاجاً عن حضرتك،
أنك تربيّتِ في كنف عائِلة علّمتكِ الحرية أو ربّتكِ على الحرية. أيّة حرية؟
كريمة
نايت عبد العزيز: أكيد أولاً حرية التعبير، أخذتها
كثيراً من الأم ومن الأب في الوقت نفسه. والدي من عائلة مُجاهدين وحكايتهم طويلة،
حكايتهم لغاية اليوم لا زالت تشوِّقني، وكلما رجعت إلى "الجزائِر" أُحب
أن أسمع حكايات أمي عن أيام الاستعمار الفرنسي، حين كانت صغيرة في عمر 12 سنة
وكانت ترفع في العلم وتركض ويُحاكمونها، ووالدي كان في الموضوع نفسه
زاهي وهبي: وجدّكِ شهيد أعتقد
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم، جدي شهيد وأخ والدي شهيد
وابن عمي شهيد، ولا توجد عائِلة جزائرية، كما يتهيّأ لي، لا يوجد عندها شهيد
زاهي وهبي: هؤلاء شهداء سقطوا في مواجهة الاستعمار
الفرنسي
كريمة
نايت عبد العزيز: الاستعمار الفرنسي فعلاً، فكلمة
الحرية هذه تربّينا عليها من الأهل والعائِلة، تربّينا عليها وهي مهمة جداً
زاهي وهبي: دعينا نذهب برفقتكِ إلى فقرة
"علامة فارِقة" ثمّ نعود لطرح الأسئِلة
كريمة
نايت عبد العزيز: تفضل
كلام
يوصل
كريمة
نايت عبد العزيز:
سلام كبداية كلام، وتحياتي لكلّ من يُتابعني في
هذه الحلقة. أنا اسمي "كريمة نايِت"، مُطربة جزائرية، راقصة في الرقص
المُعاصِر وفي المسرح الحديث
في الوقت الحالي الذي نعيشه، الكلام لوحده لا
يوصِل أفكارنا. مشكلة الناس اليوم أنها لم تعُد تُحب أن تسمع، ترفض أن تسمع، تسمع
ماذا؟ تسمع الحقيقة
أيّ شخص عادي غير الفنان يُمكنه أن يُغيِّر
العالم، يمكنه أن يُغيِّر العالم الصغير حوله. المهم ألا تبقى الناس صامتة وألاّ
تبقى مغمضة العينين وتضع يديها على أذنيها وترفض رؤية وسماع الحقيقة
ليست الصدفة بالتأكيد التي أوصلتني للنجاح إنما
الجُهد وإيماني بالشيء الذي كنت أحب أن أقوم به منذ أن كنتُ صغيرة
أنا لستُ نجمة فعلاً. النجوم نحب أن نراها في
السماء في الليل وفي الصحراء ولا أعتبر نفسي نجمة. أنا بنت من "القبائِل
الكُبرى" من الصحراء وذهبت إلى "السويد" في شمال أوروبا إلى البرد،
فلا يُمكنني أن اُقارِن لأنّ عندنا ثقافة مُختلِفة ومررنا بظروف جدّ صعبة خاصةً في
التسعينات. تلك الصورة الغامضة ستبقى عندي ولا أستطيع أن أنساها. لا أعتقد أنّ أيّ
جزائري يُمكنه أن ينساها كما أن أي جزائري لا يستطيع أن ينسى سنوات الاستعمار.
فعندي كلّ يوم هذا الإحساس من أرضٍ عانت الحروب ومن أرض لا تعرِف الحروب
عندي طابع مُعيّن خاص بي وكنت مقتنعة به وهذا ما
كنت أرغب في القيام به، والحمد لله. كان من اللازم أن أقوم به في
"السويد" وأعود لأظهره في العالم العربي سواء هنا في "لبنان"
أو في "مصر" أو في "الجزائِر". أجد الناس فعلاً تتقبله، بمعنى
يجب على العالم العربي أن يضع ثقته بالجمهور وأنا فرِحة لأنني رجعت إلى
"الجزائِر" بهذا البُرهان. "كريمة" هي لـ"
الجزائر"، كريمة هي لـ "لبنان"، كريمة هي لـ "مصر"،
"كريمة" للعالم العربي
أعتقد أنني لو لم أكن من عائلة مُجاهِدة لكنتُ
أُضحي بحياتي في سبيل الحرية. مثلاً قضية "فلسطين"، أنا في الألبوم أوكي
أُغنّي عن "فلسطين" لكن لا يُمكنني أن أقول لك بصراحة وصدق أنني سأذهب
وأحمل السلاح وأتوجّه إلى "رام الله"، لا أعرف، لا يُمكنني أن أقول لك
هذا، ولكن أُدافع بجهد على قدر استطاعتي بالتأكيد
يُحزنني كثيراً أن أمشي في الطريق وأجد الكثير
من الناس يطلبون، أناس مغلوبة على أمرها، أناس جائعة، أناس مقهورة، والمرء أحياناً
يقول ما باليد حيلة
يُقال عني كثيراً أنّ شكلي يبدو كامرأة قوية،
أحتاج لأن أكون قوية. المرأة تُحافظ على مكانها في هذا العالم ويجب أن تكون قوية
لأنها فعلاً قوية. يتخايل لي كثيراً أنّكِ بربرية من برابرة الجبال، لا أعلم إن
كان هذا ما يؤثِّر بي ويخرج مني، ينبع مني. هذه القوة تأتي منّي تلقائياً
قيل لي كثيراً أن مظهري ووجهي في بعض الأحيان
يشبه السيّدة "فيروز"، وأنا أسمعها وهي بالنسبة إليّ مدرسة كبيرة،
بالنسبة إليّ أنا كـ "كريمة". تأثّرت بها منذ أن كان عُمري ستّ سنوات
وكنت أحفظ أغانيها
أنا شخصياً شخص متفائِل جداً، وكما قال ربنا
سبحانه وتعالى، "ولا تقنطوا من رحمة الله"، فأُشدِّد على هذه الجملة. أكيد
إن قالها الله سبحانه وتعالى فكيف نحن لا نشدِّد عليها؟
تكلّمتُ معكم كثيراً ودردشت "بالزاف"
كثيراً، إذاً واصلوا معي لأننا سندخل إلى الاستديو وأنقلكم معي
زاهي وهبي: جزيل الشُكر لزميلتنا "سحر
حامد" التي بذلت جهداً لإخراج هذا الربورتاج الجميل. كيف وجدتِ نفسك؟ تتأملين
وتسمعين وكأنك ترين أحداً آخر
كريمة
نايت عبد العزيز: أكيد، أولاً بصفة عامة لا أُحب
أن أرى نفسي في فيديو
زاهي وهبي: لماذا؟ هلّ أنتِ قاسية على نفسكِ في
المُلاحظات؟
كريمة
نايت عبد العزيز: أكيد، هذا من طبيعتي. لكن أنا
ضحكت في بعض الأوقات لو أنت لاحظت، لكن "سحر" قامت فعلاً بعمل جميل
زاهي وهبي: قبل أن نتحدّث عن بداياتك. ابنة القبائل
الأمازيغية، كيف اصطدمت الثقافة الجزائرية والأمازيغية مع ثقافة شمال أوروبا؟ هل
كان هناك نوع مما يُسمّى بالصدمة الثقافية؟ الـ Shock الثقافية أم لا؟
كريمة
نايت عبد العزيز: من عندي أنا أو من عندهم هم؟
زاهي وهبي: من كلاهما
كريمة
نايت عبد العزيز: لا، أقول أنّ السويديين، مما أنا
خبرته، أُناس منفتحون كثيراً على الثقافات الأُخرى بدليل أنّ، كمثال، الموسيقيين
معي في مشروع الألبوم الذي اسمه "وماذا بعد". كلّهم سويديون ولكنهم
عاشوا تجارُب كبيرة جداً في العالم العربي مع موسيقى عربية بحيث أنهم مستمعون جيدون
للموسيقى اللاتينية ولكلّ أنواع الموسيقى. فكان يهمني، عندما قابلتهم للمرة، قلت
لهم أنني لا أرغب في أن أضع إي من العلمين، لا علمكم ولا علمي في الموسيقى، ولا
أريد أن أُجري سباقاً بل أن نضع إحساسنا بالتفتّح له في القلب والتفتح له في الرأس
وفي التجربة، وهذا ما كان يهمني. كما أن السويديين بصفة عامة هم اُناس كما شاهدنا
وبرهنوا لنا، أُناس يُساهمون كثيراً في الدعم وفي مُساعدة الشعوب
زاهي وهبي: الفنانون والشعوب
كريمة
نايت عبد العزيز: الفنانون بصفة خاصة ولكن بصفة
عامة القضية الفلسطينية في مواضيع كثيرة مثلاً
زاهي وهبي: دعينا نعود إلى بداياتك. نشأتِ على صوت
"فيروز" و"أسمهان" و "إديث بياف" وهذه الأصوات
الكبيرة. مَن الذي كان في العائِلة مهتمّ في إسماعكِ هذه الأمور؟
كريمة
نايت عبد العزيز: والدتي كانت تسمع كثيراً
"إديث بياف" و"فيروز"، ووالدي "فيروز" و"وديع
الصافي"، هو من مُحبّي "وديع الصافي" و"فريد الأطرش"
والأساتذة الكبار. "إديث بياف" عندما كنت صغيرة لم أكن أُحبها كثيراً،
لم أكن أُحبّ ربما صوت الأسطوانات القديمة، لكن مع الكبر تغيّرت أُذني وأصبحت
أعشقها. "فيروز" طبعاً أنا أتذكّر أنني عندما كنت طفلة في عمر السبع
سنوات كنت قد حفظت أُغنية "القدس" وكنت أُغنيها على
"المرجوحة" وكنت أُحبّ أن أُغنيها بصوتٍ عالٍ وأتخايل أنني تلك السيّدة
الكبيرة وصرت أشعر بالكلام الذي كان يؤلمني
زاهي وهبي: منذ صِغَرِك كان عندكِ مشاعِر تجاه
"فلسطين" وتجاه القضية الفلسطينية؟
كريمة
نايت عبد العزيز: أنا لم أكن أفهم الموضوع ولكن
الأُغنية كانت تلامسني كما أن صوتها كان يُلامسني كثيراً. كنت أُحب صوتها وأحس فيه
الحزن. عندما كنت طفلة صغيرة كنتُ أميل لهذا
زاهي وهبي: ممكن أن نسمعكِ في البداية، نأخذ فكرة
ونُعطي مُشاهدينا فكرة عن صوتكِ وعن طريقتكِ في الغناء؟
كريمة
نايت عبد العزيز: تعني البرهان؟ (تضحك)
زاهي وهبي: تفضلي، إذا أردتِ
كريمة
نايت عبد العزيز: لـ "فيروز" أم
زاهي وهبي: ما تحبينه، إذا كان لـ
"فيروز" يكون عظيماً
كريمة
نايت عبد العزيز: أوكي، سأحاول غناء شيء صغير لـ
"فيروز"
زاهي وهبي: لو سمحتِ
كريمة
نايت عبد العزيز: (تغني "يا طير" للسيّدة
"فيروز")
زاهي وهبي: جميل، جميل. نسامحك في بعض الكلمات
كريمة
نايت عبد العزيز: تسامحني كثيراً أنا أعلم
زاهي وهبي: لكن سهلة عليكِ اللهجة اللبنانية،
الكلام واللحن أيضاً، إيقاعات الصحراء والقبائل مُختلِفة
كريمة
نايت عبد العزيز: ككلام صعبٌ عليّ ولكن كغناء
حفظتها
زاهي وهبي: والإيقاع واللحن
كريمة
نايت عبد العزيز: كنت أسمعها دائماً وأحفظ الكثير
من أغاني "فيروز". إن كنت غنّيت "الوُلوف" السنغالي فكيف لا
أُغني عربي؟
زاهي وهبي: سنستمع إلى مقطع تغنين فيه حضرتك في
"الوُلوف"، لكن حضرتكِ درستِ الهندسة أولاً ثم في ما بعد ذهبتِ إلى
الرقص المُعاصِر؟
كريمة
نايت عبد العزيز: أنا كنت في الرقص بدايةً، كنتُ
أُتابع الرقص والدراسة في الوقت نفسه، وأهلي كانوا مُصرّين، وخاصةً والدتي
زاهي وهبي: على الهندسة
كريمة
نايت عبد العزيز: قالت لي: "هندسة، عنك نُقاط
جيّدة، ادرسي هندسة وحتّى لو أكملتِ في موضوع الفنّ ليست مُشكلة". لكن
الهندسة صعبة جداً بصراحة، الهندسة مجالٌ صعب. درستها لثلاث سنوات وكانت تأخذ مني
وقتاً كثيراً
زاهي وهبي: لكن أهلكِ كانوا مشجعين لكِ في موضوع
الفنّ
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم، على أساس أو على شرط ألا
أترُك الدراسة في الوقت نفسه
زاهي وهبي: هلّ التزمتِ بالشرط؟
كريمة
نايت عبد العزيز: التزمت بنصف الشرط وبعدها، من
أجل ألاّ أُزعّلهم وأُخيِّب أملهم قلت لهم انني أرغب في أن أُغيِّر إلى مجالٍ آخر
في الدراسة وهي الفلاحة، قد تسألني، ما
جلب الهندسة إلى الفلاحة؟ وأردّ عليك، موضوع دراسة الفلاحة كان بالنسبة إلى دراستي
كراقصة في الكونسرفاتوار، الـ Planning يتماشى مع Planning الرقص. لهذا الغرض، اتجهت صوب دراسة الفلاحة وكانت تشدني أكثر
للرقص المُعاصِر لأن تعابيرها تتماشى أكثر مع حقيقتي أنا كـ "كريمة"،
لهذا مارست الرقص المُعاصِر وانحرفت، عفواً واحترفت
زاهي وهبي: كلمة انحرفت تعني شيء آخر كلياً
كريمة
نايت عبد العزيز: لا لا، احترفته وذهبت إلى دار
الأوبرا المصرية
زاهي وهبي: ما الذي جذبكِ إلى عالم "بينا
باوش"، إلى عالمها الإبداعي؟
كريمة
نايت عبد العزيز: عالمها الإبداعي يشمل المسرح
ويشمل الصوت كغناء، والرقص في أعلى تقنية، رقصها ليس استعراضياً مع احترامي للفنّ
الاستعراضي، لكنه استعراضي بتقنية عالية وليس أي استعراض. الألمانية "بينا
باوش" عندها إحساسٌ قويّ بالنسبة للرسائل التي كانت تُحِب أن توصِلها وفي طريقة
ممارسة الأنواع الثلاثة من الفن الاستعراضي، يمكننا القول، على المسرح بطريقة
عبقرية بالنسبة لي. يتهيأ لي أنّ الكثير من الناس وجيلنا هذا والذي سيليه سيتأثرون
جداً بـ "بينا باوش"
زاهي وهبي: عام 1992 انتقلتِ حضرتكِ من
"الجزائِر" إلى "القاهرة" وبقيتِ عشر سنوات في القاهرة،
وعملتِ في دار الأوبرا مع فرقة الرقص
كريمة
نايت عبد العزيز: فرقة المسرح الحديث لـ
"وليد عوني"
زاهي وهبي: نعم. هلّ هذه السنوات العشر كانت سنوات
سِمان؟ كانت سنوات غنية بالتجربة أم شيء آخر؟
كريمة
نايت عبد العزيز: هي فعلاً أضافت لي الكثير، أضاقت
لي الكثير هذه التجربة لأنّ مُشاركتي في البداية، كان المفروض أن أُشارِك في عرضٍ
واحد في "دار الأوبرا المصرية" مع المُصمم
زاهي وهبي: الأستاذ "وليد عوني"؟
كريمة
نايت عبد العزيز: الأستاذ "وليد عوني"
زاهي وهبي: سنسمع رأيه هذه الليلة في تجربتكِ
كريمة
نايت عبد العزيز: أعلم ذلك وأنتظر السؤال، وكان
أول عرض اسمه "أطفال الحجارة" عن قضية "فلسطين" وكان مُعجباً
بصوتي لأنه شاهدني في عرضٍ جزائريّ كنا قد شاركنا فيه في المهرجان الدولي للمسرح
التجريبي، وعرض عليّ ذاك العرض. فقلت أوكي وذهبت، وبعد أول عرض كان النجاح كبيراً
بالنسبة إلى الفرقة كلها والأوبرا حضنتني، وعوضاً عن سنة أمضينا عشر سنوات.
السنوات العشر أضافت لي الكثير لأنّ عملي في "دار الأوبرا" جعلني أتعامل
مع أناس كثيرين ومن ثقافاتٍ مُختلِفة
زاهي وهبي: نعم، تعاملتِ مع الموسيقي "فتحي
سلامة"
كريمة
نايت عبد العزيز: مع "فتحي سلامة" كانت
تجربة جدّ كبيرة
زاهي وهبي: سنتحدّث بعد الموجز الإخباري ونتوسّع
أكثر، لكن أريد قبل أن نتوقّف مع موجز أن أسمعك مرة أُخرى أيضاً تُغنين إذا أردتِ
كريمة
نايت عبد العزيز: أوكي
زاهي وهبي: الآن جزائِري إذا أمكن
كريمة
نايت عبد العزيز: آه، جزائري
زاهي وهبي: إذا أردتِ
كريمة
نايت عبد العزيز: جزائري، أوكي
زاهي وهبي: تحية لمُشاهدينا في "الجزائر"
كريمة
نايت عبد العزيز: سأغني أُغنية للأُستاذ
"أحمد وهبي" عندنا، هي من الغرب الجزائري وأحبّها كثيراً واسمها "وهران"
زاهي وهبي: حضرتكِ من "وهران"!
كريمة
نايت عبد العزيز: تربيت في "وهران"، عشر
سنوات في "وهران"
زاهي وهبي: وبعد ذلك انتقلتِ إلى
"الجزائر" العاصمة
كريمة
نايت عبد العزيز: تماماً. (تُغنّي)
زاهي وهبي: ألف ألف ألف شكر، وتحية من خلالك لـ
"الجزائر"، للمغرِب العربي الكبير، لمُشاهدينا في كلّ أنحاء الوطن
العربي. نتوقّف لحظات مع موجز إخباري سريع ثمّ نُتابِع "بيت القصيد"
المحور
الثاني:
زاهي وهبي: الجزائرية "كريمة نايت" في "بيت القصيد". قُلت أنك
لا تُحبين كلمة نجمة، أنا كلمة نجمة تُذكّرني بكاتِب جزائري كبير هو "كاتب
ياسين" صاحب
رواية بعنوان "نجمة". قلنا أنّ حضرتكِ بقيتِ في القاهرة لعشر سنوات
وتعاونتِ مع مُصمم الرقص الحديث المعروف الأُستاذ "وليد عوني"، وتعاونتِ
مع الموسيقار "فتحي سلامة" ثم قرّرتِ الانتقال من "القاهرة"
إلى "أوروبا". ذهبتِ إلى "سويسرا" في البداية ثم إلى
"السويد"
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم
زاهي وهبي: لماذا غادرتِ وتركتِ العالم العربي، هلّ
لأنّ النظرة إلى الرقص فيها شيء من الدونيّة أو قلّة الاحترام ربما؟ النظرة إلى
الفنّ عموماً وبأنّ الفنان لا يحظى بالرعاية اللازمة؟
كريمة
نايت عبد العزيز: النقطة التي تتحدّث عنها صحيحة.
فنّ الرقص بصفة خاصة في العالم العربي مفهومه غلط. لا يزال هناك نظرة لا أعرف كيف
أقولها بالعربية
زاهي وهبي: نظرة مُسبقة
كريمة
نايت عبد العزيز: نظرة مُسبقة وسلبية أوكي؟
زاهي وهبي: نعم
كريمة
نايت عبد العزيز: فنّ الرقص، رقص الباليه الـ Modern
Dance أو الرقص المُعاصِر ليس سهلاً كدراسة وثقافة
وتدريبات، هو رياضة وليس سهلاً، هذه هو الشيء الأول، وهو تعبير توصل فيه رسائِل
فنية، رسائِل عالمية
زاهي وهبي: هو عملٌ فنّي وثقافي في نفس الوقت
كريمة
نايت عبد العزيز: لكن ليس لهذا الغرض أنا خرجت من
"مصر". أنا كفنانة أو أي فنان يُسافر حسب المطلوب. لو طُلِبَ مني أن
أُشارِك في مشروعٍ ما، وهذا ما حصل معي في "سويسرا" مع المُصممة " Brigitt Merki "
من "سويسرا". طلبت مني أن أُشارِك في أوّل عرض معها هناك في
"سويسرا" فقبِلت. في "السويد" كان الموضوع نفسه بالنسبة لـ
" Lina
Josephson "، وأنا أتحدّث عن الرقص، ولكن أنا كـ
"كريمة" كما قلت في البداية عندي رقص وغناء في الوقت نفسه ومسرح وكان
عندي سينما
زاهي وهبي: قبل أن نسمع الأُستاذ "وليد
عوني"، حضرتكِ، في نفس الموضوع، مثّلتِ دور بطولة في فيلم بعنوان " لن تطير الفراشة "
وهو عن حياة الراقص في العالم العربي ونظرة المُجتمع إليه
كريمة
نايت عبد العزيز: بالضبط. Taboo للأستاذ " علي
تنخي " الله يرحمه ويُرثي عليه المُخرِج، وفعلاً كان يتحدّث ويتطرّق إلى
موضوع سلبية التفكير بالنسبة لفنّ الرقص وبأنه عليهم إعادة مكانة هذا الفن. نحن
كان عندنا في "الجزائِر" أكاديمية الرقص الكلاسيكي وكان فيه أساتذة من
"روسيا"، من "أوكرانيا" لغاية عام 1979. آخر Promotion كانت في عام 1979 ومن ثم أغلقوها وأعادوا الافتتاح بعد سنوات
والحمد لله، وهناك حتّى مهرجان للرقص المُعاصِر في "الجزائر"، كما أن
هنا في "لبنان" نفس الموضوع وفي مصر توجد أكاديمية. فالحمد لله، في بعض
البلدان العربية رجعنا
زاهي وهبي: اسمحي لي أن نسمع، ضمن فقرة "كلام
يوصل"، الفنان الأُستاذ "وليد عوني" وماذا يقول عن حضرة جنابِك
كلام
يوصل
وليد
عوني – مُخرِج ومُصمم رقص مسرحي: بالنسبة إلـى
"كريمة نايت"، بصراحة هي بالنسبة إليّ من أهم المُحترفات في مهنتها لأنها
بدأت معي كراقصة مُحترِفة في الرقص المُعاصِر Contemporary
Dance، لكن المُفاجأة أنها اشتغلت معي في
"القاهرة" في "دار الأوبرا" وأخذت بسرعة كبيرة، أسرع من
الباقين ربما، نوعية وStyle
" Dusty
Utter " الذي يحتوي على التمثيل ويحتوي على
الرقص ويحتوي على الغناء. في الغناء يُمكنك أن تقولِي إنني اكتشفتها لاحقاً. بالنسبة
إلـى "كريمة" أهم شيء عندها، أو بالنسبة إلى المُخرِج، أن يكون عندها الالتزام،
أن يكون عندها رؤية، أن يكون عندها احترام. احترامها كان زائِداً، احترامها كان
كبيراً لمهنتها، احترامها للمُخرِج، احترامها في معاملتها لبقية الفرقة.
"كريمة أيضاً مُلتزمة جداً بأفكارها. نحن حين نشتغِل في الرقص الحديث نأخُذ
ونُعطي في الأفكار وفي المعنى وفي الحياة وفي طبيعة الشغل، فكانت هي أيضاً عندها
أفكارها لأنها هي كانت من القليلات القادرات. يكون معها كتاب حين نكون مشغولين
عنها فتجلِس وتقرأ كُتُباً، وهذا مهم جداً لمشاركتي الأفكار وكذا. لكن ليست هكذا
"كريمة" أيضاً، عندما أُعطي حصص "الارتجالي"، كما تعلمين في
العرض توجد جُمَل ارتجالية أحياناً نحن نُعطيها في البروفات من أجل أن نحدّد شخصية
وفلسفة الشخص، فهي أيضاً كانت كثيراً ما تخترِع حركات وتخترِع تصميماتها. كنت أقول
لـ "كريمة" لمئة مرّة ودائِماً أقول لها، " يُمكنك أن تكوني مُصمّمة
Choreograph " وأيضاً قلت لها، " أيضاً على المسرح
هناك رقص وغناء"، وفي هذا أيضاً استفدت منها كثيراً واستفدت من صوتها.
استخدمت صوتها في "صحراء شادي عبد السلام". اشتغلت عندنا في الفرقة لسبع
سنوات أي تقريباً 12 عرضاّ من أهمها "شهرزاد"، كانت في دور
"شهرزاد" وأجرت عروضاً كثيرة معنا. "كريمة" في النهاية هي
عبارة عن احتراف، عن حبّ الحياة، عن حبّ الفنّ، عن التزام، وعن صوت حلو واحترام
نفسها واحترام الباقين، هذه هي "كريمة". "كريمة"، السؤال هو،
أنت تعيشين خارِج "الجزائر"، بين "أوروبا"
و"سويسرا" و"فرنسا" وكذا، وأنا أيضاً أعيش خارِج
"لبنان"، بين "لبنان" و"مصر" وغيرهما. بالنسبة إليك
الآن، ما هو الوطن؟ صرنا اليوم ليس في البحث عن الهوية بل البحث عن الأوطان في
أيامنا الحالية، فما هو الوطن؟ هل هو ذكريات؟ هو الحبّ والحنين والألم؟ العُشق
للعودة؟ أم للأرض أو الإرث؟
زاهي وهبي: شكراً للفنان الأُستاذ "وليد
عوني" على هذه الشهادة العميقة والمُفصّلة حول تجربتك. تفضلي، رداً على سؤاله
" ما هو الوطن؟"
كريمة
نايت عبد العزيز: الوطن تلقائياً منّي ومن قلبي هو
الأرض
زاهي وهبي: لماذا تأثرتِ؟
كريمة
نايت عبد العزيز: ذكريات كثيرة جميلة مع الأُستاذ
"وليد عوني". هو الأرض، الأرض نحن خرجنا منها وولدنا منها ومن اللازم أن
نتمسّك بها بمعنى الوطن. مهما يكون وجودنا في العالمية، مهما تكون معيشتنا في
الغُربة، مهما يكون ولا أكذب عليك، حبل الخلاص الذي نخرج به من الأم
زاهي وهبي: حبل الصرّة
كريمة
نايت عبد العزيز: لا
ينتزع منا مع الوطن، هذا بالنسبة إليّ
زاهي وهبي: هلّ تحنّين لسنواتك الجزائرية
والقاهرية؟
كريمة
نايت عبد العزيز: أحنّ كثيراً كما رأيتني الآن،
طالما هناك تجارُب إنسانية، لمسة القلب من المُستحيل أن تُنسى، من المُستحيل.
فالسنوات التي عشناها في "مصر" لا أنساها، الزملاء لا أنساهم، لا أنسى
"الجزائر"
زاهي وهبي: هلّ تُفكّرين في العودة إلى
"الجزائِر" أو إلى "القاهرة" أو إلى "بيروت"؟
كريمة
نايت عبد العزيز: أنا أعود إلى
"الجزائر" حين أستطيع ذلك
زاهي وهبي: من "بيروت" لأنكِ أطلقتِ
ألبومك الأول من "بيروت"
كريمة
نايت عبد العزيز: أجل طبعاً. أطلقته هنا وهذه
المرة الثالثة التي آتي فيها إلى "بيروت" صحيح أنها زيارات سريعة ولم
أُجرِ ولا حفلة بعد في "بيروت"، في "لبنان"، وإن شاء الله سأجري
حفلة إن شاء الله
زاهي وهبي: عملتِ في "أوروبا" مع عدة
فِرق سواء في "سويسرا" أو في "السويد" ومنهم فرقة بعنوان
"فلامينغو" التي تمزج ربما أشياء أندلسية وعربية في الأشياء الأوروبية.
ماذا أضافت لكِ التجربة الأوروبية؟
كريمة
نايت عبد العزيز: أضافت لي أنني، لا أدري كيف
أقولها كي لا تُفهَم غلط، أضافت لي أنني وضعت البصمة على التاريخ الذي يجمعنا
زاهي وهبي: على التاريخ المُشترك
كريمة
نايت عبد العزيز: هم وأنا كنا فعلاً لا يُمكننا أن
نساوم أو نتظاهر بعدم وجود تاريخ مُشترك بيننا، الأندلس" يعني، فاهم؟ وأضافت
لي أنني اكتشفت أن ثقافة "الفلامينغو" تختلف عن الثقافة التي نسمع فيها
عن "الفلامينغو" عن طريق التلفزيون وغيره. هو فنٌّ صعب جداً، راقٍ جداً،
وفيه دقّة لا يُمكن تخايلها. رقص "الفلامينغو" ليس سهلاً أبداً
زاهي وهبي: حتّى حكايته وجذوره وما يُقال عن كيفية
انطلاقه وكيف وُلِد هذا الفن
كريمة
نايت عبد العزيز: حتّى هم، لا أدري ماذا يقولون،
صعبين مع أنفسهم
زاهي وهبي: قاسين على أنفسهم
كريمة
نايت عبد العزيز: ومُغنّو "الفلامينغو"
قاسين جداً على أنفسهم، وصعوبته تأتي من حالهم هذه
زاهي وهبي: من حُسن حظي أنني أتيت من "برشلونة"
منذ أيام وذهبت خصيصاً إلى مسرح هناك لأسمع أو أُشاهِد رقص "الفلامينغو"،
واخترت المكان غير السياحي، مكان "الفلامينغو" التقليدي تماماً
كريمة
نايت عبد العزيز: مُشاركتي كعربية في هذا الموضوع
جعلهتم هم يستفيدون وأنا أستفيد منهم كثيراً
زاهي وهبي: ونحن نريد أن نستفيد من وجودك أيضاً ونسمعكِ
غناءً إذا أردتِ أيضاً. تفضّلي
كريمة
نايت عبد العزيز: مرة ثانية؟
زاهي وهبي: مرة ثانية وثالثة ورابعة
كريمة
نايت عبد العزيز: (تضحك). أوكي، ممكن أن أؤدّي
مقطوعة من الألبوم؟ أغنية "نضال" التي كتبتها أنا
زاهي وهبي: من تأليفك
كريمة
نايت عبد العزيز: من تأليفي نعم (تُغني)
زاهي وهبي: لكلّ صابرٍ نضال ولكلِّ مُكافحٍ ومظلومٍ
نضال، وانحيازك إلى المُناضلين جميل سيّدتي. سنُتابع مع حضرتكِ وسنسمع المزيد من
الآراء في تجربتك ولكن بعد استراحة سريعة نُتابع "بيت القصيد"
المحور
الثالث:
زاهي وهبي: "كريمة نايت" تُغنّي، تُلحِّن، تكتُب أيضاً. كتبتِ العديد من
أُغنيات ألبومك الأول
كريمة
نايت عبد العزيز: كلّها
زاهي وهبي: كل الأُغنيات. هذه القُدرة على فعل كلّ
هذه الأشياء أليس من المُمكن أن تُشتِّت جهدكِ؟
كريمة
نايت عبد العزيز: والله الإلهام آتٍ من عند الله
سبحانه وتعالى. فعلاً أتساءل أحياناً كيف أكتُب، ولكني اكتشفت الكتابة
زاهي وهبي: رقص وكتابة وغناء، ماذا أيضاً؟
كريمة
نايت عبد العزيز: ولكن لا أعرف كيف أطبخ. هي كما
يقولون، لو عندك بهارات تستعملها فهي موجودة بي ومع الوقت اكتشفت بعض الأمور عندي.
موضوع الكتابة اكتشفته حين كنت في "مصر" مع الأُستاذ "فتحي
سلامة" في كتابة الألبوم "وحداني"، كيف ذلك؟ وجدت أنني يُمكن أن
أكتب الأغاني
زاهي وهبي: تكتبين من وحي قصص عشتها أو عاشها الناس
قبلك
كريمة
نايت عبد العزيز: بالضبط
زاهي وهبي: هذا النمط من الغناء نفتقده في الكثير
من الغناء العربي. لا أُريد أن أقول بأنه مفقود كلياً ولكن مُعظم الغناء العربي
كما تعلمين غناء عاطفياً، حبّ وآهات ولوعة
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم، فهمت. من اللازم منه، من
اللازم أن نتحدّث عن الحبّ
زاهي وهبي: أنا لست ضدّ هذا الغناء، لكنني أقول بأننا
نفتقد الغناء الذي يتناول قضايا مُختلِفة في الحياة وفي المُجتمع. أنا أعرِف أنكِ
تُحبين "جوليا بطرس" إلى جانب "فيروز" أيضاً
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم، والسيدة "ماجدة
الرومي" كثيراً
زاهي وهبي: عندها طبعاً تجارب، وقُدّمن أُغنيات لها
طابع متنوّع جداً
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم مواضيع مُختلفة، مواضيع
أخرى، مواضيع تتحدّث عن قضايا أُخرى
زاهي وهبي: غنّيتِ لشعراء آخرين؟
كريمة
نايت عبد العزيز: التجربة التي كنت عليها، آخر
تجربة كنت عليها واشتغلت فيها منذ عام 2015 كانت مع فرقة "فلامينغو".
فكرّت أن آخذ تجربة الشعر القديم وأن أستعمله في مزج غنائي مع
"الفلامينغو" كتجربة، ووجدت أنها رائِجة جداً. أخذت مثلاً الشاعر الذي
أتحدّث عنه الصوفي "جلال الدين الرومي" وكنت أكتب كلاماً عن موضوع له
علاقة بالعرض. بعدها فكّرت، بعد أن وجدت تلك القصيدة لـ "جلال الدين
الرومي"، من كتابه أخذت جملتين. جملتلان لامستااني وكانتا تميلان للكلام الذي
كتبته، وقلتهما في موضوع استعمل ثلاث لغات في نفس الوقت وهي الإنكليزية والعربية
الفُصحى والفرنسية وأسميت العمل "مرسول" ومنها كتبت أُغنية غنيتها
بمناسبة المهرجان الدولي للسينما في "ميونيخ" للفيلم " تيمبوكتو"
لـ "عبد الرحمن سيسوكو" وعُرِض عليّ أن أكتب أُغنية للموضوع عندما
استلمت الجائِزة وكتبتها عن الموضوع "المالي" وأسميتها
"مرسول"
زاهي وهبي: غناؤك سيدتي لقضايا مُعيّنة مثل
"فلسطين" و"العراق" و"مالي". هذا الميل إلى هذا
النوع من الغناء هناك فنانون يهربون منه ويتجنّبونه لكي تُفتح أمامهم الأبواب بشكلٍ
أوسع. تعلمين عن الاعتبارات السياسية، والفنانين الملتزمين يُحَاربون اليوم في
العالم للأسف من لوبيات لها علاقة بالصهيونية، لها علاقة
كريمة
نايت عبد العزيز: أكيد، والانتشار. لو ستغنّي عن
موضوع "فلسطين" في بعض البلدان، وفي "أوروبا" لم يصدر ألبومي
بعد، ويُمكن أن نقولها. في "فرنسا"، غير موزّع بعد لأنه يُعتبر ألبوماً
فرنكو – عربياً، فاهِم؟ وأكيد بالنسبة إلي ليست مُشكلة فالباب يُفتح من ناحية
ثانية وليست مُشكلة، الناس التي تريد أن تسمع تذهب إلى الانترنت والحمد لله
زاهي وهبي: التزامِك بهذه القضايا أو غناؤكِ لهذه
القضايا ما سببه؟
كريمة
نايت عبد العزيز: سببه أنّ هناك شيئاً يؤدّي بي
إلى هذا الخيار عندما أودّ أن أكتب شيئاً. حاولت أن أكتُب أُغنية عن الحبّ ولم أستطع.
الموّال نفسه يُعاد، هناك شيء داخل أحشائي يريد أن يقول أشياء عن هذه المواضيع لكن
أنا لا أكتب عن "فلسطين" من أجل أن أبيع أو من أجل أن يقولوا أنها إتيكيت
ولا أكتب عن "العراق". الناس يأتوني من "ألمانيا" في
"أوروبا" ويطلبون مني أن أكتُب أُغنية جينيريك لفيلم وثائقي عن
"العراق"، فعن ماذا سأكتُب؟ عن الحبّ أو عن الذي حدث في
"العراق"؟ أين حقوق الإنسان ودخلوا علينا من كلّ مكان وهجموا قائلين
أنهم يقصدون السلام
زاهي وهبي: ما يحدث في الوطن العربي سيّدتي كيف
تتفاعلين معه وأنتِ في "ستوكهولم"؟ ما يجري في "سوريا"، في
"العراق" في "اليمن" في "ليبيا"؟
كريمة
نايت عبد العزيز: أولاً يؤسفني كثيراً وثانياً
يُبكيني لأنّ الضحايا والأبرياء وخاصّةً الأطفال، وثالثاً هذه الخلطة كيف نحن فيها،
ومن المفروض أنها كانت حضارة كبيرة الحضارة الإسلامية والحضارة العربية، كيف حلّت
بنا؟ أوكي في "ستوكهولم" و"ستوكهولم" في "السويد"
وهو بلد ليس مُغلق على هذه الأمور، تسمع عنا في الجرائد وتسمع عنا في التلفزيون
وتتأثر بهذه الأخبار مهماً كان
زاهي وهبي: العالم اليوم كله مفتوح على بعضه
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم، كالقرية الصغيرة العالم
فكيف لا يتأثّرون؟
زاهي وهبي: كم تشعرين بأنكِ تُقدّمين وجهاً آخر.
قُلت أنا في مُقدّمتي عن حضرتكِ أنّ هناك صورة أُخرى للشرق وللعرب وللثقافة والفن
في هذه البلاد تُقدّم من خلال حضرتك ومن خلال فنانين شرقيين مثل حضرتك من المشرق
والمغرب العربي يعيشون في "أوروبا" ويقدّمون أعمالهم. أتشعرين بأنه في
إمكانكِ إيصال رسالة ما، فكرة مُختلِفة عنّا؟
كريمة
نايت عبد العزيز: قياساً على تجربتي يُمكن أن أقول
نعم لأنّ الجواب من ناحية ثانية كان هذا، وأنا كان من واجبي، سامحني، من واجبي أن
أُظهر صورة مختلفة وليست صورة أُخرى بل الصورة الحقيقية الآتية من العالم العربي
سواء في "الجزائِر" أو من "تونس" أو من "أفريقيا لأنّ
الميديا في العالم هناك قد أوصلت صورة في معظم الأوقات سلبية
زاهي وهبي: وكأنها فقط وحوش
كريمة
نايت عبد العزيز: وكأنها فقط حروب ووحوش وأُناس لا
ثقافة عندها. نحن لا نقول أن كلهم هكذا لكن هذه هي الصورة. مجرّد شخص عادي تقول له
" هل ذهبت إلى "الجزائِر"؟ يقول لك، " الجزائِر فيها الكثير
من الإرهاب"
زاهي وهبي: على كلّ حال، للأسف. جزء كبير مما نحن عليه
تتحمّل القوى الاستعمارية فيه مسؤولية كُبرى
كريمة
نايت عبد العزيز: طبعاً، لا يُمكننا أن ننكُرها
أكيد، ولكن نحن كفنانين سواء كنا من المغرِب العربي أو من المشرق العربي ونعيش في
"أوروبا" يجب أن نوصِل هذه الصورة، الصورة الحقيقية، بأنّ هناك أشياء
ثانية إيجابية كثيرة تحصل في العالم العربي
زاهي وهبي: يوجد وجه آخر
كريمة
نايت عبد العزيز: وجه آخر، وأنا قدّامهم
زاهي وهبي: دعينا لو سمحتِ نذهب إلى
"الجزائِر" ونسمع رأياً جزائرياً بحضرتكِ من الإعلامية السيّدة "راضية
بو المعالي"
كلام
يوصل
راضية بو المعالي - إعلامية:
أوّل صورة تأتيني عن "كريمة نايت" هي أول لقاء كان مع الفنانة في إطار
تغطية في قاعة "المقار" هنا في "الجزائر" العاصمة. شاهدت
العرض وكان عرضاً مميزاً جداً وكانت تلك المرة الأولى التي نُشاهِد فيها هذا النوع
من العروض لأنها كانت تمزِج بين الرقص والغناء وإلقاء الشعر بشكلٍ مميز. في عُمري
لم أُشاهِد هذه الطريقة ولم يكن العرض مُجرّد عرض لأغانٍ تُسرد أو تُغنى الواحدة
تلو الأُخرى. كان في العمل روح، كانت روحها مميّزة على ركح "المُقار" لأنها
أعطتنا رسالة، أوصلت إلينا رسالة أكبر من جسمها المتواضِع. هي قصيرة القامة نوعاً
ما لكنها بكلّ رشاقة تميّزت في أداء أغانيها وأشعارها لأنها هي التي تكتُب بعض
الأغاني، وعندما نعرِف أنها هي التي وراء هذه الكلمات التي تقيس القلب مُباشرةً
نحترِم فنها ونحترم الفنانين أمثالها. هي لم تختر أسهل السُبل للنجاح، النجاح بين
قوسين، لأنني أعتقد أنها في عُمرها لم تكن تبحث عن الشُهرة. لذلك، هي تختار نصوصها
وذلك ما يُميّزها، وتكتُب نصوصها حينما لا تجد ما يُرضيها في ما هو موجود في
الساحة. هذه الصعوبة في أن تنال ما عندها من مواهب وتمزجها أو تصقلها في قالب خاص
بها، هذا ما يُميّزها ويجعلنا نحترمها كفنانة. رغم أنها متفتحة على العالم، عندها
تفتُّح كبير على اللغات الموجودة في عالم الفنّ، فنشعر أنها كذلك عندها جذور. هي
اختارت هذا الطريق الصعب، حاولت أن تُعبِّر عن وجدانها بالرّقص أولاً وبالتمثيل
أيضاً لأن موهبتها كانت كذلك في البداية ولو أنها حاولت أن تُقدِّم للجمهور
الجزائري عن طريق الغناء الذي هو موهبة أيضاً صقلتها في بلدان مُتعدّدة منها
"مصر" و"فرنسا" و"السويد" مؤخراً. هي إنسانة كان من
المُمكن أن تكون مشهورة منذ وقت ولكنها اختارت أن تتريّث، اختارت أن تُقدِّم شيئاً
Original كما يقولون. قدّمت لنا صرخات منها
"الصرخة" للبلد الشقيق "فلسطين"، وكان عمل من أجمل ما يكون
ومن كلامها وتعابيرها ورقصها وكلّ شيء. "كريمة"، بدايتك كانت مع الرقص
والسينما في نفس الوقت، ولكن تخلّيتِ عن السينما نوعاً ما. هلّ كان ذلك بسبب ظروف
مُعيّنة أم أنّ في مشوارِك مشاريع جديدة في هذا المجال؟
زاهي وهبي: شكراً لـ "راضية بو المعالي"،
تفضّلي. واضح أنّها متابعتكِ تماماً
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم، صحيح. أنا لم أتخلَّ عن
السينما ولكن
زاهي وهبي: لا توجد عروض
كريمة
نايت عبد العزيز: الأوبرا أخذت منّي الكثير من
الجهد والوقت ولم يكن عندي مجال كي أتّجه إلى السينما، هذا أولاً. ثانياً كي لا
أكذب، كنت في "مصر" بعدها شفت السينما في "الجزائر"، وذهبت
إلى "مصر" وقد أغلقت نفسي عن تجربة السينما، وكانت أول تجربة لي في
السينما مع "علي تنخي"، و"علي تنخي"، ألله يرحمه ويُرثي عليه،
قتله الإرهاب
زاهي وهبي: تمّ اغتياله، نعم
كريمة
نايت عبد العزيز: (تدمع)
زاهي وهبي: رحمه الله ورحم كلّ الشُهداء. اليوم
عندنا مئات آلاف الضحايا في عالمنا العربي، في بلادنا العربية. أحيّي تأثّرك وصدقك
سيّدتي ولكن الحياة تستمر
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم، الحياة تستمر وكنت أنا قد
أغلقت الصفحة
زاهي وهبي: تأثرتِ بمقتله
كريمة
نايت عبد العزيز: لأنّ هو كان يقول لي، دعكِ من
الرقص وابقي في السينما لأنّ عندكِ شيء في السينما، فغلقت الصفحة. لكن الصفحة
فُتِحت مُجدداً مع "إبراهيم بطوط" بعدما حصلت على جائِزة أحسن ممثلة في
المهرجان الدولي للمسرح التجريبي في "مصر" في عام 2004، وكانت تجربة
جميلة جداً وجعلتني أُراجع نفسي بالنسبة إلى هذا
زاهي وهبي: أصلاً حضرتك مثّلتِ في المسرح في
"الجزائِر"
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم، مثّلت مع الأُستاذة
"فوزية الحاج" في مسرحيتين وفي فيلم "الفراشة التي لم تعُد"
زاهي وهبي: أي من الممكن في المُستقبل أن تعودي
كريمة
نايت عبد العزيز: إن شاء الله، بدليل أنني مكثت
هذه المرة ستة أشهُر في "فرنسا" في دراسة المسرح والسينما في Acting
International لأنني أرغب في أن أضغط على هذا الأمر
زاهي وهبي: فنانة شاملة ومُتعدّدة
كريمة
نايت عبد العزيز: إن شاء الله يا رب
زاهي وهبي: وإن شاء الله تنجحين في كلّ هذه الفنون.
نسمع قبل أن نتوقّف مع استراحة إذا أردتِ، وإذا رغبتِ أن تُغني بالفرنسية هذه
المرة
كريمة
نايت عبد العزيز: لِمَ لا، لِمَ لا. كتبت أُغنية
بالفرنسية في الألبوم اسمها " بدون كرامة" تقول (تغنيها)
زاهي وهبي: الشاعرة "كريمة نايت" أهلاً
وسهلاً بك، نتوقّف
كريمة
نايت عبد العزيز: "بدون كرامة"
زاهي وهبي: نتوقّف مع استراحة أخيرة ثم نأتي إلى
مسك ختام "بيت القصيد"
المحور
الرابع:
زاهي وهبي: جميل جداً. "كريمة نايت" بكلّ اللغات، هذا بالوُلوف" أو
السنغالي
كريمة
نايت عبد العزيز: السنغالي نعم
زاهي وهبي: ما هي المُناسبة؟
كريمة
نايت عبد العزيز: كانت مُناسبة جائِزة Polar
Price التي نالها "يوسين دوز" ولكن أنا كنت
أخذت جائِزة أحسن ألبوم في "السويد" فعرضوا عليّ أن أُقدِّم أُغنية لـ "يوسين
دور" من الألبوم الأخير الذي هو أصدره مع "فتحي سلامة" وحصلا فيه
على الـ Grammie Award،
فكانت الفكرة حلوة بالنسبة إليّ
زاهي وهبي: لاحظي هذا المزيج الذي كنا نسمعه، حتّى
المزيج الموسيقي. اللغة لا نتمكّن من فهمها لكن المزيج الموسيقي مزيج جميل
كريمة
نايت عبد العزيز: جداً طبعاً. كانت تجربة جديدة
بالنسبة إليّ
زاهي وهبي: قلتِ لي أن فيها شيء صوفي هذه المقطوعة؟
كريمة
نايت عبد العزيز: أساساً الألبوم الذي أصدره
"يوسين دور" ونال فيه Grammie Award كلّه ينطبق على الصوفية من ناحية "السنغال"، عندهم هذا
الشيء
زاهي وهبي: قبل قليل ذكرتِ "جلال الدين
الرومي، عندكِ علاقة أو ميل
كريمة
نايت عبد العزيز: أُحبّ
زاهي وهبي: عندكِ حب
كريمة
نايت عبد العزيز: عندي حبّ. "جلال الدين
الرومي" طبعاً نسمع عنه من زمان ولكن هو جعلني أذهب مثلاً وأختار شِعراً لـ
"أبو فراس الحمداني"، وقلت لك أنني قمت بتجربة مع
"الفلامينغو"، فأنا أدخلت شعره تحت اسم "شكوى حمامة" وكان قد
كتب هذا الشعر عندما كان في السجن وكان يقول لها، كيف أنتِ حمامة لك حريتك ولي
تشكي وأنا في السجن، " أقول وقد ناحت بقربي حمامةٌ". فأنا حوّلتها إلى
غناء مع القليل من "الراب" باللغة العربية القديمة، وكانت تجربة فظيعة
زاهي وهبي: نعم. من الموسيقيين المُلحنين، من الذي
يُلحِّن لكِ كلماتك التي تكتبينها؟
كريمة
نايت عبد العزيز: في الألبوم، معظم الأغاني
اشتغلنا بها أنا والـ Composer
“فريدريك جير" بمعنى أنه كان Co- Composer أي عملنا عليه كلانا. هناك أُغنية من الممكن أن أُلحنّها أنا
تلحيناً تاماً
زاهي وهبي: ولكن بشكلٍ عام التعاون مُشتَرك
كريمة
نايت عبد العزيز: التعاون وأيضاً التوزيع مع "هنرياس
هونغر" وهو منتج الألبوم
زاهي وهبي: دعينا نستمع أيضاً، سمعنا رأياً لبنانياً
بحضرتك ورأياً جزائرياً، دعينا نسمع رأياً فرنسياً هذه المرة من الإعلامي والكاتب "إكزافيه
ماركيه". نسمعه سوياً
كلام
يوصل
إكزافيه
ماركيه – إعلامي وكاتب: اكتشفت "كريمة
نايت" خلال تصوير في "الجزائر" عام 2012، وقد سمعتها للمرة الأولى
بفضل المُمثلة الجزائرية "عديلة بن ديماريد"، وأذكر ذلك اليوم جيّداً.
كانت المناسبة اليوبيل الخمسين للاستقلال الجزائِري وكانت سهرة في العاصمة
الجزائرية، وهناك اكتشف المدعوون "كريمة نايت". "كريمة نايت"
هي من المغنيات الأكثر عالمية من بين اللواتي تعرفتُ إليهنّ. عاشت في
"مصر" وفي "السويد" وفي "الجزائِر"
و"فرنسا"، وهذا واضح في ألبومها "Quoi
Dáutre?". كلّ التأثيرات التي يُمكن الحصول
عليها من الشرق والغرب. لديها خامة صوت لا يُمكن تقليدها وهذا الأمر أثّر فينا
فعلاً لا سيما خلال البرنامج. لهذا السبب عدنا واستضفناها منذ بضعة أسابيع في حلقة
جديدة كي تُخبرنا عن ألبومها "سلام"، وأنا أؤكِّد أنني ومُقدِّم الحلقة
أخذنا بهذه الأُغنية. سمعناها بتعمّق في المكتب خلال عدة أيام من أجل الإعداد
للحلقة. رغم أنّ أُغنية "سلام" حزينة ولكن "كريمة نايت" تستطيع
دائِماً أن تتجاوز مشاعرها، وهي تُغني بطريقة جميلة بالفعل ولهذا الأمر نحن نعشق
استضافتها في البرنامج، اللقاء بها دوماً يكون قوياً. لديها صوت لا يُمكن تقليده
مع أنّ البعض حاول هذا ولم ينجح. "كريمة"، كيف تُفسّرين الإعجاب
المُتبادَل بين اللبنانيين والجزائريين خلال حلقات برنامجنا؟ التقينا بعددٍ لا بأس به من الضيوف الجزائريين
واللبنانيين الذين يُعجبهم الإعجاب المُتبادَل. كيف تفسّرين هذا الأمر وأنتِ اليوم
في "بيروت"؟
زاهي وهبي: الشُكر الجزيل لـ "إكزافيه
ماركيه". إذاً الإعجاب أو مشاعِر الحبّ بين الجزائريين واللبنانيين، حلو الذي
قاله عنكِ على كلّ حال أيضاً
كريمة
نايت عبد العزيز: أشكُره جزيلاً. فعلاً استضافوني
هناك عندهم في " تي في سانك موند" وشعرت جداً أنهم يساندونني كثيراً
زاهي وهبي: هلّ تشعرين أنه بين اللبنانيين
والجزائريين هناك مودّة
كريمة
نايت عبد العزيز: أنا تجربتي يمكن أن نقول فيها
نعم لأنّ الخط يمشي بسهولة. إن كان من جهة اللغة يُمكن أن يتفاهموا بسهولة
زاهي وهبي: يشتركون بالفرنكوفونية
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم، الفرنكوفونية. غير هذا
يتخايل لي الإحساس. أرض " لبنان" عاشت مآسٍ كثيرة
زاهي وهبي: طبعاً
كريمة
نايت عبد العزيز: و"الجزائر" أيضاً عاشت
نفس الموضوع. يتهيّأ لي أنه ربما في اللا وعي هناك ما يربطنا ونشعر بأنه بعيد لكنه
قريب كثيراً
زاهي وهبي: على كلّ حال، جيل ربما آباؤنا والجيل
الأكبر من جيلنا قليلاً كانوا يتظاهرون في تظاهرات من أجل "الجزائر"، من
أجل "جميلة بوحيرد"، من أجل المُناضلين الجزائريين الكِبار، أي حفِظنا
"الجزائِر" غيباً إذا أمكننا القول. أطلقتِ كما قلنا ألبومك الأول،
"ماذا بعد" في "بيروت". هلّ توجد مشاريع؟ ذكرنا قبل قليل أنّك
لم تحيي حفلات بعد في "لبنان"، هلّ هناك مشاريع؟ هلّ هناك نوايا؟ هل
هناك أحد يطرُق بابكِ
كريمة
نايت عبد العزيز: هنا في "بيروت"؟
زاهي وهبي: نعم
كريمة
نايت عبد العزيز: موعد المشروع الذي قمت به مع
"زيد حمدان" في موضوع "صابون"، الفرقة الإلكترونية كانت تجربة
لا أنساها، جدّ حلوة إنسانياً وموسيقياً وقمنا بها هنا في "بيروت"
وذهبنا بها إلى "الجزائر" والجزائريون لغاية اليوم يتذكّرونها. لكن
الناس هنا في "لبنان" لم تكتشف "كريمة نايت"، والفنان لو لا
تُظهره الميديا من اللازم أن يكون على الخشبة، ونحن لم نضع بعد أرجلنا على الخشبة اللبنانية
زاهي وهبي: نتمنّى أن تكون إطلالتك اليوم في
"بيت القصيد" فُرصة ليس فقط لـ "لبنان" إنما للوطن العربي ولـ
"مصر" وإلى آخره
كريمة
نايت عبد العزيز: إن شاء الله، أتمنّى، يكون لي
فعلاً الشرف لأنني واثقة أن الجمهور اللبناني سيتقبّل كثيراً الموسيقى أولاً
والكلام بصفة أولى لألبوم " وماذا بعد"
زاهي وهبي: أعتقد أنه عُرِض عليكِ أن تُغنّي غناء
"الراي" الجزائري
كريمة
نايت عبد العزيز: زمان أجل
زاهي وهبي: وأن يُطلق عليكِ لقب "الشابة
كريمة"
كريمة
نايت عبد العزيز: أجل! كيف عرفت!
زاهي وهبي: كيف عرفت؟
كريمة
نايت عبد العزيز: نعم
زاهي وهبي: ما هو عملي؟
كريمة
نايت عبد العزيز: (تضحك) صحيح. المُشكلة أن هذا
كان في "الجزائر" زمان والحمد لله الأمور تغيّرت وإلى الأحسن الحمد لله.
الآن "كريمة نايت" وضعت مشوارها الصغير في "الجزائر" وتتقبّل
الأمور كثيراً. من زمان كان "الراي" مُهيمناً على الساحة كلها
زاهي وهبي: مثلاً " الشب خالد"
و"الشب خضير"
كريمة
نايت عبد العزيز: فنانو "الراي"،
ويعرفون "الراي" في أوروبا وفي الغرب
زاهي وهبي: لكن الشابة "كريمة" لم تكن
تشكي من شيء
كريمة
نايت عبد العزيز: ولماذا الشابة "كريمة"
كان عليها أن تُغنّي "الراي"؟ "الجزائر" أرضٌ كبيرة وواسعة،
فيها " المالوف" وفيها الأندلسي وفيها الشعبي وفيها الصحراوي وفيها الكثير
من الأشكال الموسيقية، وغناء جميل جداً مع احترامي لبعض غناء "الراي".
لكن أنا "كريمة" كنت أحب أن اُدير شيئاً آخر، أدخل عليه لكنه ليس في
"الجزائر"، في "مصر" نفس الموضوع. كلّ ألبوم الأغاني التي حضّرناها
مع الأُستاذ "فتحي سلامة" لم تخرج إلى السوق لكن غنيّتها وعندي جمهور في
"مصر". وُضِعت في قالب الـ Underground التي هي الساحة المنفرِدة
والساحة الحرّة كما يقولون، كـ "فنانة حرّة"، ووضِعت من أربع أحسن Vocalists في "مصر" ولكن لم أكُن أُغنّي شرقياً الذي أنا أُحبّ
أُغنّيه وأُحبّ أن أُقدّمه. قالوا، هذا ليس للعالم العربي. كان من اللازم أن أذهب
إلى "السويد" وأن أُصدِر ألبوماً وأعود به ويتقبّلونه لشكل حلو جداً في
العالم العربي
زاهي وهبي: لفّة ودورة
كريمة
نايت عبد العزيز: فأنا قلت، دعوا الجمهور العربي
هو الذي يُقرّر وليس غيره
زاهي وهبي: إن
شاء الله إطلالاتك العربية تزداد شيئاً فشيئاً
كريمة
نايت عبد العزيز: إن شاء الله يا رب
زاهي وهبي: قبل أن أختُم ونطلب منك أن نختُم غناءً،
من خلال إقامتكِ في "أوروبا" وتحديداً في "السويد"، الإرهاب
الذي وصل إلى "أوروبا" ويضرُب المدنيين في "أوروبا" بعد أن
دمّر بلادنا للأسف، كيف هو انعكاسه عليكم كعرب تعيشون في "أوروبا"؟
كريمة
نايت عبد العزيز: أنا كتجربتي، لم يكن عندي
مشاكِل، في ""السويد" لا يخلطون. في "فرنسا" ممكن أن
تشعُر بأن هناك ضغطاً قليلاً وتحس بالاهتمام ولكن كان هناك، وأنا رأيت ذلك في الإنترنت،
عندما يرون إحداهن مُحجّبة كانوا يضربونها، خاصة في موضوع "تشارلي إبدو"
وذاك الموضوع. ولكن الناس بعد ذلك أخذت تعي، أخذوا يعون في أنهم يجب ألاّ يخلطوا
زاهي وهبي: لأنه من المُلاحظ من متابعتنا أنه ربما
التيّارات اليمينية شعبيتها تتصاعد
كريمة
نايت عبد العزيز: شعبيتها تتصاعد لأنها تستفيد من
هذا الموقف، تستفيد مئة في المئة من الموقف وفي أن يحصل عندهم إرهاب، لذلك يحاولون
بالنسبة إلى فوبيا الإسلام أن يعزّزوا
زاهي وهبي: الصورة النمطية عن الإسلام والخوف من
الإسلام، الرُهاب الإسلامي
كريمة
نايت عبد العزيز: وعن العرب وعن الأفارقة، كما قلت
عموماً التيّارات اليمينية هي علامة التعجّب
زاهي وهبي: للأسف. في مجال آخر وقبل أن أطلُب منكِ
أن تختمي غناءً، هل الميديا الحديثة اليوم مثل "اليوتيوب" و"
الفيسبوك" و "تويتر" وهذه القضايا تُساعدكِ في أن توصلي صوتكِ إلى
الجمهور العربي إذا كانت القنوات الرسمية غير مفتوحة بشكلٍ كبير مثل المهرجانات
ووسائل الإعلام التقليدية مثل التلفزيون وغيره؟
كريمة
نايت عبد العزيز: شوف أنا أقول لك، مُعظم
المهرجانات التي شاركت فيها في "أوروبا" كانت عن طريق الإنترنت، وجدوني
عن طريق الإنترنت. بالنسبة إلى العالم العربي معظمهم، في "مصر" أقمت
حفلات لأنهم كانوا يعلمون عن "كريمة نايت" قليلاً. في "لبنان"
لم يحصل هذا الموضوع بعد، وفي "الجزائر" هم كانوا يعرفون مسبقاً
"كريمة نايت"، وكان رجوع "كريمة نايت" إلى "الجزائر.
ولكن الإنترنت لم يُساعدني للنشر في العالم العربي بالنسبة إلى الناس كجمهور طبعاً
لكنها ليست مسألة كبيرة. العالم العربي كما يتهيّأ لي، لا يزال متعلِّقاً
بالتلفزيون التقليدي والقنوات الموسيقية التقليدية
زاهي وهبي: أريد أن أستعير عنوان ألبومك الأول
"وماذا بعد" وأسألك، ماذا بعد؟ ما هي مشاريعك المُقبلة؟
كريمة
نايت عبد العزيز: مشاريعي المُقبلة أنني سأُكمِل
جولة مع فرقة "فلامينغو" في العرض الأخير، وهناك جولة تتحضّر في
"القاهرة" في "مصر" مع الأُستاذ "فتحي سلامة" وهناك،
يا ربي ألا أنسى، هذه هو بالنسبة إلى هذه السنة وفي السنة القادمة سأُكمِل دراستي
بالنسبة إلى المسرح والسينما في "باريس" إن شاء الله لأنني تخطّيت
المرحلة الثانية. هذه هي المشاريع
زاهي وهبي: ألله يكون معكِ ويُعطيكِ القوة لتنجزي
كلّ الأعمال التي في بالِك ونختُم غناءً
كريمة
نايت عبد العزيز: وطبعاً بدأنا في كتابة الألبوم
الثاني في "السويد"
زاهي وهبي: تفضلي
كريمة
نايت عبد العزيز: أوكي، أنا أقترح أن أُغني مقطعاً
من "أبو فراس الحمداني" الذي أدّيته مع فرقة "فلامينغو"
زاهي وهبي: دعيني أشكركِ على تشريفك "بيت
القصيد" وأشكر فريق العمل ومُخرِج البرنامج "علي حيدر" ومُنتجة
البرنامج "غادة صالِح" ومُشاهدينا في كلّ أنحاء العالم، هكذا يكون صوتكِ
هو آخر ما يسمعونه هذه الليلة في البرنامج، كي لا أعود وأُشوِّه
كريمة
نايت عبد العزيز: شكراً جزيلاً لك أُستاذ
"زاهي" وشكراً للقناة ولاستضافتي
زاهي وهبي: "الميادين"
كريمة
نايت عبد العزيز: وأتمنّى، آخر رسالة هي رسالة
الحبّ والسلام عندنا وعند العالم كله معنا
زاهي وهبي: ونتمنّى كلّ الحبّ
كريمة
نايت عبد العزيز: إن شاء الله (تُغني) شكراً
زاهي وهبي: شكراً