لعبة الأمم من موسكو: ماذا يريد فلاديمير بوتين من المنطقة وسوريا؟
ينقسم العالم العربي حول سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الشرق الاوسط. البعض يؤيد ما فعل في سوريا وتحدّيه للأطلسي والبعض الآخر ينتقد. للرئيس بوتين علاقات قوية مع الدول العربية ولكن أيضاً علاقات قوية مع إسرائيل.. ماذا يريد؟
نص الحلقة
سامي كليب: أهلاً بكم أعزائي المشاهدين إلى هذه الحلقة
من "لعبة الأمم"
عبر قناة "الميادين" نُقد¬مها هذه المرّة من "موسكو" في جناحٍ كان فيه على ما يبدو تاريخياً،
"ستالين" على هذه الكراسي وفي هذه الغُرَف. لا تزال في الواقع الدول
العربية منقسمة حول السياسة الحالية للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين".
بعض هذه الدول يعتبر أنه ناهض الأطلسي، أنه يُعيد العدالة إلى العالم، أنه يُقيم
التوازن في المؤسّسات العالمية والدولية ويمنع التدخّلات الخارجية. والبعض الآخر
يُعيب عليه دعمه للرئيس السوري "بشّار الأسد"، يعتبر أنه دعم الرئيس
وأنه في دوره في "سوريا" ربّما عطّلَ علاقات اُخرى روسية عربية. والبعض
الثالث ربّما الآن حذِر ويقول أنّ "بوتين" له علاقات جيّدة مع الدول
العربية ولكن أيضاً علاقات جيّدة مع "إسرائيل" وربما يخذل العرب كما
خذلهم الكثير من الرؤساء العالميين تاريخياً. لمعرِفة كلّ هذا والإجابة على كلّ
هذه الأسئِلة، ننطلق من هنا، من "موسكو"، مع نُخبة من الضيوف
الدبلوماسيين الذين عرفوا هذا البلد ويعرفونه ويُقيمون فيه، وأيضاً مع ربما بعض
الروس الذين سيقولون لنا، وهم مهتمون جداً بالوطن العربي، سيقولون لنا أيضاً، هلّ
الرئيس الروسي فعلاً سيُنصِف العرب ويُنصِف "فلسطين" والقضايا المركزية
أم لا؟ أُرحِب بسعادة السفير "شوقي بو نصّار" وهو سفير
"لبنان" وكان هنا قنصلاً وسافر ثم عاد سفيراً لدى الاتحاد الروسي بشكلٍ
عام. وأُرحِّب أيضاً بالشيخ الدكتور "عبد الله الحوسني"، سفير سلطنة
"عُمان" السابق في "موسكو"، عندك أيضاً معلومات كثيرة عن
"موسكو" وعن "روسيا" حضارية وثقافية وليس فقط سياسية. أيضاً
اُرحِّب من الجانب الروسي بالدكتور "أولغ إيفانوفيتش" وهو نائِب رئيس
"المركز الروسي للمُحافظة على التُراث الروحي والثقافي في القُدس" وسوف
نبدأ معك بعد الفاصل، لماذا "القُدس" ولماذا "فلسطين"؟ أهلاً
بكم أعزائي المُشاهدين إلى هذه الحلقة من "لعبة الأُمم"
المحور الأول: 03:05
سامي كليب: أهلاً بكم أعزائي المُشاهدين وأهلاً
بضيوفي الكرام. أبدأ معك دكتور "أولِغ"، لماذا "فلسطين"
ولماذا القُدس؟ لماذا تهتم شخصياً بـ "فلسطين"؟
د. أولغ إيفانوفيتش: طبعاً بالنسبة لي
شخصياً كما بالنسبة إلى كلّ روسي، "فلسطين" هي الأرض المُقدّسة ومكان المُقدّسات
الروحية والثقافية، مكان مُقدّسات الكنيسة المسيحية وأنا مسيحي، و"فلسطين"
كانت دائِماً الأرض المُقدّسة ومكان زيارات الحجّاج الروس منذ حوالى ألف سنة
سامي كليب: الحجّاج الروس كانوا يذهبون إلى
"فلسطين"؟
د. أولغ إيفانوفيتش: نعم، بعض الحُجّاج
الأوائِل زاروا "فلسطين" و"القدس" في القرن العاشر. حتّى في
"روسيا" كلمة "مسقط الرأس" مثلاً تُسمى "فلسطيني"
بمعنى مثلاً، أنا روسي وولدتُ في "روسيا" ولكن مسقط رأسي " غوركي نشني"
وأنا أحياناً أكون مشتاقاً وأريد أن أزور "فلسطيني" بمعنى مسقط رأسي
سامي كليب: جميل جداً، حين يقول الإنسان أين وُلِد
يقول "فلسطيني" أي مسقط رأسه حتّى لو كان في "روسيا". الجانب
الديني فقط هو الذي دفعَك في اتجاه "فلسطين"؟
د. أولغ إيفانوفيتش: وجانب آخر هو جانب
العدالة. منذ طفولتي وكان لي من العمر سبع سنوات، احتلّت "إسرائيل"
"فلسطين" وأنا شاهِد على كلّ مُلاحقات الشعب العربي الفلسطيني من
مسيحيين ومسلمين على السواء، وأنا شاهِد على مذابح الفلسطينيين في "دير
ياسين" كما أنني شاهد على السياسة الاستيطانية، سياسة الإهانة في
"فلسطين". أنا شاهِد على وضع المسلِم الفلسطيني فيه وكذلك المسلم السوري
والمسلِم اللبناني لا يستطيع أن يدخل "القدس" من أجل تأدية الصلاة في
"المسجد الأقصى"
سامي كليب: إلى الحرم القُدسي
د. أولغ إيفانوفيتش: حتى الفلسطيني
المسيحي لا يستطيع أن يتوجّه من "بيت لحم" إلى "القدس" لكي
يُصلّي في كنيسة القيامة. أنا، مع أصدقائي وزملائي، قرّرنا منذ فترة مُعّينة أن
نُنشئ "المركز الروسي" للمحافظة لاسيما على القِيَم الروحية والثقافية
لـ "القُدس" ضدّ تشويه المشهد المعماري والمشهد الثقافي لهذا البلد
المُقدّس من جانِب اليهود. ونحن نناضل ضدّ تهويد "القدس" الشرقية
سامي كليب: سيّد "أولِغ" اسمح لي، بعد
قليل سأعود إليك لكي تقول لنا بالضبط ماذا تفعلون من أجل منع تهويد
"القدس" لأنّ هذا موضوع مُهِم، لكن دعني أمُرّ أيضاً على ضيفيّ
الكريمين. سعادة السفير، تعلم أنّ في الوطن العربي الكثير من الأوهام التي قتلت
جزءاً من هذا الوطن العربي. من هذه الأوهام مثلاً، " هذه الدولة تدعمنا وتلك
تدعمنا وما إلى ذلك". اليوم، جزء من العرب يُعلِّق أهمية قصوى على الرئيس
"فلاديمير بوتين" ويعتبر أنّه فعلاً يُنصِف العرب. في المُقابِل هناك
طرف آخر يقول لك لا، هو لا يُنصف العرب بل يُنصِف جزءاً من العرب وعلاقاته أيضاً
مع "إسرائيل" مُمتازة. إذا وصّفنا الرئيس "بوتين" اليوم في دورِه
العربي، ماذا يُمكن أن تقول عنه؟
شوقي بو نصّار: لا شكّ أنّ "روسيا" انتقلت، منذ استلام
الرئيس "بوتين" دفة الحُكم منذ العام 2000 حتّى اليوم تقريباً، انتقلت
من مرحلة ضُعف وتراجُع إلى مرحلة لها دور أساسي على مسرح السياسة الدولية
سامي كليب: صحيح
شوقي بو نصّار: وقد تمكّن الرئيس "بوتين" من إحداث هذه
النقلة النوعية وإعادة الدور التاريخي لـ "روسيا" على مسرح السياسة
الدولية خاصةً في منطقة الشرق الأوسط. كما هو معلوم، منذ اندلاع الأزمة السورية
المؤسفة وأزمات العالم العربي منذ عدّة سنوات، ما يُميِّز الموقف الروسي كان ولا
يزال ثبات الموقف. أنا أُتابع الأحداث منذ
بداية الأزمة السورية تقريباً وألتقي المسؤولين الروس في الخارجية الروسية خاصةً
السيّد "بوغدانوف" نائِب وزير الخارجية المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط
وشمال "أفريقيا". ما يُميِّز الموقف الروسي هو ثبات الموقف وإصرارٌ على
الحلّ السياسي منذ بدء الأزمة وفي أنّه لا بديل عن هذا الحلّ. طبعاً كما تفضّلت
وذكرت، هذا الموقف قد لا يُعجِب البعض في البُلدان العربية وحتّى في
"لبنان"، صحيح، لكن "روسيا" جادّة في إيجاد حلّ سلمي يوقف نزف
الدماء والدمار في "سوريا" تحديداً وفي أكثر من منطقة، ولكن تحديداً في
"سوريا"
سامي كليب: لكن لا نختلِف سعادة السفير على مسألة أن القضية الروسية المركزية ليست
هي الحلّ السياسي في "سوريا" وليست من أجل "سوريا" فقط.
"سوريا" هي جزء من معركة كبيرة بين "روسيا" وبين الأطلسي أيضاً،
ساحة صراع، لذلك نحن نسأل. هذا الثبات الروسي هلّ في رأيك، وأنت العارِف بالرئيس
"بوتين"، أن السياسة الروسية الحالية ستمضي حتى النهاية؟ بمعنى أنّ
الرئيس "فلاديمير بوتين" لن يقبل أن تخرُج "سوريا" اليوم من
إطار أولاً علاقتها به وثانياً من الحسم أولاً العسكري والسياسي؟
شوقي بو نصّار: لا شكّ أن "روسيا" كدولة عُظمى لها مصالِح
في "سوريا" والشرق الأوسط وفي مُختلَف مناطق العالم، مثلها مثل أية دولة
عُظمى، وأنا أوافِق أنّ السياسة الروسية مثل أية سياسات دولة أُخرى تنطلِق من
مصالِح مُعيّنة وفي مناطق مُعيّنة. الوضع في "سوريا" والموقف الروسي من
الأوضاع في "سوريا" لا يُمكن فصله عن الأحداث في "أوكرانيا"
مثلاً
سامي كليب: صحيح
شوقي بو نصّار: عندما أصبحت "روسيا" تحت ضغوط كبيرة من
الغرب ومن الولايات المتحدة الأميركية، ومع زحف حلف "الناتو" واقترابه
من الحدود الروسية عكس ما كان قد وعد به الأميركيون عند انهيار الاتحاد السوفياتي
من عدم نيّتهم الاقتراب من الحدود الروسية، طبعاً لم يلتزموا بهذا الوعد.
و"روسيا" حالياً تُراقب "حلف الناتو" في مُحاولاته الحثيثة
للاقتراب من حدودها وبالتالي تهديد الأمن القومي الروسي، وما يجري في
"أوكرانيا" وما سبق وجرى في "جورجيا" خير مثالٍ على ذلك
سامي كليب: صحيح
شوقي بو نصّار: فـ "روسيا" والرئيس "بوتين"، لا
شك
سامي كليب: وفي "يوغوسلافيا" السابقة و"ليبيا"
شوقي بو نصّار: طبعاً، ولكنني أذكُر "جورجيا"
و"أوكرانيا" لأنهما "على باب الدار" كما يُقال
سامي كليب: صحيح
شوقي بو نصّار: فـلا شكّ أن الرئيس "بوتين" والحكومة
الروسية يأخذان خطوات، سواء في "سوريا" أو في عدة مناطِق في العالم تُعتبر،
كما أعلن أكثر من مرة الرئيس "بوتين"، خطوات لحماية الأمن القومي الروسي
من التحديات
سامي كليب: هو قالها بصراحة سعادة السفير، قال: " نحن أيضاً نُدافِع في
"سوريا" عن مصالِحنا في الدرجة الأولى"
شوقي بو نصّار: تماماً
سامي كليب: والرئيس السوري في آخر مُقابلة له قال أيضاً أنّ "روسيا"
و"إيران" تُدافعان عن مصالِحهما في "سوريا"
شوقي بو نصّار: طبعاً
سامي كليب: سعادة السفير، حضرتك طبعاً قادِم من دولة توصف بالحِكمة والاعتدال، ومن
غير المُمكن أن أسألك لتُعبِّر عن وجهة نظر دول الخليج جميعها لأنّ لكم أيضاً وجهة
نظر ربما تختلِف كثيراً في الكثير من الملفات، لكن لكي نفهم أكثر. يأتي الرئيس
"فلاديمير بوتين" ويقول للعالم، "الأطلسي كذب في
"يوغوسلافيا" السابقة وقسّمها، الأطلسي كذب في "العراق"، الأطلسي
اجتاحَ "ليبيا" بناءً على كذبة الشعور الإنساني والتدخّل الإنساني،
والآن سنمنعه من أن يتدخّل عملياً في الشأن السوري ويقلب النظام الموجود. ما الذي
يدفع دول الخليج للحذر من الرئيس الروسي؟ هل بسبب هذا الموقف من "سوريا"
فقط؟
د. عبد الله الحوسني: أخ
"سامي"، شكراً جزيلاً أولاً على هذه الفُرصة
سامي كليب: أهلاً بك
د. عبد الله الحوسني: البروز الحضاري
للسياسة الروسية هو أبعد مما نتصوّر، ليس فقط لهذه المرحلة وهي مرحلة عهد
"بوتين"، بل هناك إرث حضاري يعود للماضي. على هذه القاعدة تنطلق السياسة
الروسية من ثلاثة عوامل. العامل الأول هو الوضع الداخلي والسياسة الداخلية. العامل
الثاني علاقاتها الدولية خاصّةً كما أشرتم مع الأطلسي. وثالثاً منطقة الشرق
الأوسط. هنا، على "روسيا" أن تأخذ موقفاً يتميّز عن غيرها لكي تتعامل
بأريحية أكثر مع الأطراف المُختلفة
سامي كليب: بمعنى؟
د. عبد الله الحوسني: بمعنى أنّ
"روسيا" قد تتعامل مع الأطلسي وعلى حد سواء مع الوضع في المنطقة على
قاعدة الوضع في "روسيا". الوضع الداخلي أساس بالنسبة لهم في القائِمة
الاقتصادية ويأتي في المرتبة الأولى
سامي كليب: هلّ تُشير سعادة السفير فقط، دعني أوضِح
ما تُضمره ربما في كلامك، هلّ تُشير إلى ضرورة أن تُقيم "روسيا" علاقات
مُمتازة مع الدول الاقتصادية العربية الكبيرة وتأخُذ في عين الاعتبار مصالِحها
الداخلية؟
د. عبد الله الحوسني: أحسنت.
بالطبع هذه هي السياسة الروسية، وهذه السياسة الروسية كما تُلاحظون قائمة على،
دعنا نقول، سياسة "معاوية"، "إذا شدّوا رخيت وإذا رخوا شددت"
إلى آخر الفهم في هذه السياسة. نلاحظ أيضاً في علاقتها مع دول الخليج، العلاقات
متكافِئة إلى حدٍ ما
سامي كليب: الآن العلاقات متكافئة؟
د. عبد الله الحوسني: أنا أُسمها علاقات
متكافئة
سامي كليب: ليست كثيراً
د. عبد الله الحوسني: بصراحة، توجد مصالِح
أخ سامي، توجد مصالِح موجودة للروس
سامي كليب: أي توجد رغبة ولكنها ليست علاقات
متكافِئة
د. عبد الله الحوسني: أنا أتصوّر أطال الله
في عمرك أنّ العلاقات الروسية مع دول الخليج في الجانب الاقتصادي تنمو، وأنت
مُتابِع
سامي كليب: بدأت تنمو، بدأت منذ العام الماضي
د. عبد الله الحوسني: أحسنت، على العكس أنت
أتيت من آخر الإجابة. بدأت تنمو على هذه القاعدة، على أساس أنه لا بدّ من أن يكون
لـ "روسيا" بُعد استراتيجي ليس فقط في العُمق الشرق أوسطي بل في الأجنحة
العربية، الجانب الغربي والجانب الشرقي. وعلى هذه القاعدة كما يبدو لي، "روسيا"
أخذت تدير اللعبة باقتدار
سامي كليب: علاقتكم بها جيّدة في "سلطنة عُمان"؟
د. عبد الله الحوسني: نعم
سامي كليب: وتتحسّن بشكلٍ كبير خصوصاً في الأعوام
الثلاثة أو الأربعة الماضية؟
د. عبد الله الحوسني: نعم. حقيقةً علاقتنا
مع "روسيا الاتحادية" جيّدة وتنمو أيضاً، وهي هكذا مع دول الخليج
الأُخرى في تصوّري. أنا في تقديري هكذا
سامي كليب: حسناً. دكتور "اولِغ"،
المطروح الآن في الدول العربية، المعروف أنّ الرئيس "فلاديمير بوتين"
دعم "سوريا" في السنوات الماضية ولكنه أيضاً رشّح الرئيس "عبد
الفتاح السيسي" من قلب "موسكو" للرئاسة وعلاقته جيّدة أيضاً مع
"الجزائِر"، علاقته جيّدة مع "العراق"، هناك مجموعة من الدول
العربية علاقة "روسيا" المُباشرة معها ممتازة ولكن توجد مُشكلة مع دول
الخليج واضحة. هلّ يُمكن لك أنت كروسي وكخبير في الشأن العربي أيضاً أن تقول لنا،
ما هي النظرة الفعلية الروسية للخليج؟ هلّ الرئيس "بوتين" ينظُر إلى دول
الخليج على أنها تدعم بشكلٍ غير مُباشر بعض أعدائِه، ليس فقط في "سوريا"
ولكن أيضاً في المُحيط الروسي، من الإسلاميين المتطرّفين مثلاً؟ هلّ هذا الذي
يُقلقك؟
د. أولغ إيفانوفيتش: طبعاً. كما قال سعادة السفير اللبناني، عندما تُدافع
"روسيا" عن "سوريا" يكون ذلك بدافع مصالح "روسيا"
الشخصية، هذا صحيح من جهة مُعيّنة ونحن نعترِف بذلك، ونحن أيضاً نسترشد من خلال
الدفاع عن "سوريا" بعلاقاتنا الأخوية منذ مئات السنين، وخصوصاً نحن نريد
تنفيذ قوانين الدولة، تنفيذ قوانين حول السلام والاستقرار في كلّ مناطق العالم
وخصوصاً في الشرق الأوسط. طبعاً. نحن في ما يتعلّق ببلدان الخليج عندنا علاقات
دبلوماسية وثقافية وعلاقات أُخرى مع كلّ البلدان
سامي كليب: حسبما فهمت، هنا في "روسيا" مثلاً تاريخياً، حين يُقال عن شخص
إرهابي ربّما يُقال عنه "وهّابي" أيضاً. يوجد قلق روسي من الجانب
الإسلامي، ثمّ هناك أيضاً توجد مُشكلة روسية تتعلّق بأنابيب النفط في منطقة الشرق
الأوسط. وثمّة كلام صدر عن الروس مراراً أنهم لن يقبلوا بتغيير مجرى أُنبوب النفط.
الأمر الثالث أنّ وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير "سعود الفيصل"
حذّر "روسيا" مرّات عديدة في أنها ستندم إن استمرّت في سياستها هذه في
الشرق الأوسط، تحديداً حيال "سوريا". أي توجد مُشكلة!
د. أولغ إيفانوفيتش: نحن يهمّنا أن تكون علاقاتنا الاقتصادية والسياسية مع
بُلدان الخليج على نفس المُستوى كما هو الحال مع بلدان عربية أُخرى، ونحن لا نخاف
من التأثير الإسلامي المُعتدل أو الإسلام التقليدي بل على العكس،
"روسيا" بلدٌ مسيحي وبلدٌ إسلامي. حتّى الآن عندنا أكثر من 20 مليون
مُسلِم في بلادنا
سامي كليب: هناك كلام عن 28، دكتور "أولِغ"، هناك كلام عن 28 مليون مسلم،
ممكن؟
د. أولغ إيفانوفيتش: 28 مليون، يجوز، ربما
سامي كليب: لأنهم تقريباً 20 % من عدد السكان
د. أولغ إيفانوفيتش: ونحن
نعترِف وأنا أعترف شخصياً أنه في بعض البُلدان الخليجية، وأنا أُفضِّل أن يكون
الخليج عربياُ وليس خليجاً فارسياً، توجد تيّارات وأوساط تُشجِّع الإرهابيين
المُسلمين وهم في الواقع ليسوا مسلمين، مثل "داعش" و"جبهة
النُصرة" وغيرهم من غير المسلمين وغير العرب
سامي كليب: صحيح
د. أولغ إيفانوفيتش: نحن في "روسيا" لسنا ضدّ المملكة العربية
السعودية ولسنا ضدّ الشعب العربي السعودي، ونحن خصوصاً نُقدِّر موقف "سلطنة
عُمان" تجاه "سوريا". أنا اُقدِّر شخصياً لأنني أيضاً رئيس
"الجمعية الخيرية السورية"
سامي كليب: دكتور "أولِغ" لو سمحت لي، سأُعطي الكلام لك سعادة السفير،
ولكن نتوقّف سريعاً مع موجز للأخبار وأعود إليك. إبقوا معنا إن شئتم أعزّائي
المُشاهدين
المحور الثاني:
سامي كليب: أهلاً بكم مُجدداً أعزائي المُشاهدين لمواصلة هذه الحلقة من "لعبة
الأُمم" عبر قناة "الميادين" نُقدّمها مُباشرةً من
"موسكو". نتحدّث في هذه الحلقة عن السياسة الروسية مع دبلوماسيين عرب
وروس، هلّ الرئيس "فلاديمير بوتين" سيمضي في سياسته حتّى النهاية؟ سيدعم
"سوريا" مثلاً حتّى النهاية؟ هلّ هناك مُشكلة مع دول الخليج فعلية؟ هلّ
يوازِن بين العرب و"إسرائيل"، هلّ ثمة مُشكلة داخلية مثلاً؟ ما هو وضع
الإسلام داخل "روسيا" وخارِج "روسيا"؟ نُكمِل هذا النقاش مع
ضيوفنا الكرام الدكتور "أولِغ إيفانوفيتش" وهو نائِب رئيس "المركز
الروسي للمُحافظة على التُراث الثقافي للقدس"، وسعادة سفير "لبنان"
الدكتور "شوقي بو نصار"، ومعنا سعادة السفير السابق لـ "سلطنة
عُمان" الدكتور "عبد الله الحوسني"، أهلاً وسهلاً بكم مُجدداً.
كنّا ختمنا مع الدكتور "أولِغ" في الحديث عن مسألة الإسلام. معروف في
"روسيا" أنه يُقال حسب الإحصاءات الحديثة أنه وصل عدد المُسلمين ربما
إلى 28 مليوناً وأنهم يُشكلون ما نسبته 20 في المئة. يُقال أيضاً أنّ الإسلام صوفي،
سمِح، مُعتدل في "روسيا"، لا يخلُق مُشكلة. هلّ ذهاب الرئيس "فلاديمير
بوتين" في اتجاه الشرق الأوسط وإقامة قاعدة عسكرية أيضاً في
"سوريا" وقاعدتين الآن في
"طرطوس" و"حميميم"، له بُعد إسلامي وهو قلق من ذلك فعلاً
ويريد القتال في منطقة الشرق الأوسط كي لا يأتي الإرهاب إليه مُجدّداً؟ يُعادي أو
تُعاديه "تركيا" لهذا السبب مثلاً؟ هناك نوع من الغُبن أو الشعور
بالغُبن الخليجي تجاهه أيضاً لهذا السبب؟
شوقي بو نصّار: وجود "روسيا" في "سوريا" كما سبق
وذكرت، والرئيس "بوتين" بنفسه
أعلنها أكثر من مرّة، هو لحماية المصالِح الروسية قبل كلّ شيء. وأكثر من مرة كانت
هناك ردود من الوزير "لافروف" والمسؤولين في الخارجية على أسئِلة
الصحافيين حولَ ما إذا كان التدخّل الروسي لحماية الرئيس "بشّار الأسد"،
وكان يأتي الردّ دائِماً أنّ "روسيا" تحمي مصالِحها في
"سوريا"
سامي كليب: عندنا لا يوجد رئيس لتحميه بكل بساطة
شوقي بو نصّار: بكلّ أسف، نأمل أن يصبح عندنا قريباً رئيس.
"روسيا" بالمناسبة تلعب دوراً إيجابياً في مُحاولة تذليل العقبات
لانتخاب رئيسٍ في "لبنان"، صحيح إلى الآن لم تنجح ولكن بين هلالين
سامي كليب: تلعب دوراً؟ تتدخّل في الموضوع؟
شوقي بو نصّار: تتدخّل وتتكلّم في الموضوع مع كافة الفئات الفاعِلة في
المنطقة سواءً إقليمياً أو حتّى دولياً
سامي كليب: ولكن حسب معلومات سابقة لك سرّبتها الأخبار، لم تكن مُشجِعة للجنرال
"ميشال عون"
شوقي بو نصّار: صحيح، صحيح، "روسيا" تدعو دائِماً لرئيس
توافقي. منذ بدء الأزمة الرئاسية في "لبنان" "روسيا" تدعو
لرئيس توافقي، وما زال حتّى اليوم هذا هو الموقف الروسي
سامي كليب: سعادة السفير، عُذراً على تغيير السؤال ولكن سنعود إليه. آنذاك نشرت
صحيفة "الأخبار" معلومات دقيقة عن لقائك بـ "بوغدانوف"
شوقي بو نصّار: صحيح
سامي كليب: تقول في الدرجة الأولى بما معناه أنّه يجب أن يحيد الجنرال "ميشال عون" عن المعركة الرئاسية
لأنّه مُشكلة، يجب البحث عن رئيس توافقي جديد كما تتفضل، وهناك كلام كان أيضاً عن
عدم تحوُّل "حزب الله" إلى ما يُشبه الحوثيين في "اليمن".
أولاً هذا الكلام الذي سُرِّب هو من حضرتك فعلاً؟
شوقي بو نصّار: هذا الكلام من السيّد "بوغدانوف" تحديداً
سامي كليب: هو قال هذا الكلام؟
شوقي بو نصّار: طبعاً، وتمّ نقله بكلّ أمانه وبدقة متناهية، ومعالي
الوزير "باسيل" يعلم ذلك جيّداً عندما تحدّثت معه في الموضوع، يعلَم ذلك
جيّداً
سامي كليب: ماذا قال "بوغدانوف" آنذاك بالضبط؟
شوقي بو نصّار: كان يدعو إلى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت
مُمكن وذلك على خلفية حُرص الجانب الروسي على انتخاب رئيسٍ مسيحيّ في
"لبنان" كونه الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة العربية وفي منطقة الشرق
الأوسط. و"روسيا" لا تُخفي اهتمامها بالمسيحيين في المنطقة خاصّةً في
ظلّ الظروف الصعبة التي يتعرّضون فيها للاضطهاد وللمُعاناة سواءً في
"العراق"، كما نعلم ما تعرّضوا له، أو في "سوريا". فـ
"روسيا" تدعم وبشكلٍ دائِم ضرورة انتخاب رئيس في "لبنان" في
أسرع وقت مُمكن
سامي كليب: ذكر لك "بوغدانوف" ثلاثة أسماء هي "جان قهوجي"
العماد قائِد الجيش، "جان عبيد" أيضاً
شوقي بو نصّار: و"سليمان فرنجية"
سامي كليب: و"سليمان فرنجية"
شوقي بو نصّار: نعم طبعاً. "روسيا"، أُريد أن أوضِح وأكون
دقيقاً في هذا المجال، "روسيا" لا تتبنّى مُرشحاً مُعيناً ولا تتدخّل في
مسألة الأسماء، وليس لها "فيتو" ضدّ أيّ مُرشّح
سامي كليب: والدليل أنها تدخّلت وعندها فيتو
شوقي بو نصّار: لا، لا يوجد عندها فيتو بمعنى فيتو، ولكن
"روسيا" على العكس، "روسيا" تدعو إلى الإجماع في أسرع وقتٍ
ممكن إلى انتخاب رئيس يحوز على الإجماع الوطني. وكان المنطق الروسي عندما سُرِّبَ
هذا التقرير الشهير أنّ العماد "عون" لفترة زمنية مُعيّنة، تُقارِب
السنة أو أكثر، لم يستطع الحصول على الإجماع الوطني، فلماذا لا يُفسح في المجال
أمام غيره من الشخصيات المارونية ومنها على سبيل المثال الأسماء التي ذكرت؟ هذا
كان الموقف الروسي
سامي كليب: والله برفو لجريدة "الأخبار". شيء حصل بينك وبين
"بوغدانوف"، وصل إلى وزارة الخارجية ويُنشَر في جريدة
"الأخبار"
شوقي بو نصّار: بحرفيّته
سامي كليب: من سرّبه، أنت أم "بوغدانوف"؟
شوقي بو نصّار: طبعاً نحن لا نُسرِّب ولا السفارة تُسرِب ولا الجانب
الروسي يُسرِب. أكيد، المُشكلة في مكانٍ آخر
سامي كليب: حسناً، نعود إلى قصّة المسلمين
شوقي بو نصّار: الوجود الروسي في "سوريا" كما قلت، أحد أهمّ
أهدافه هو حماية المصالِح الروسية وحماية الأمن القومي الروسي كما ذكرت. و"
روسيا" ما زالت تتوجّس من تجربة "الشيشان" كما هو معروف، فقد عانت
طويلاً من مُشكلة "الشيشان" والتطرّف الإسلامي والعمليات ضدّ الداخل
الروسي
سامي كليب: صحيح
شوقي بو نصّار: وعندما أعلن الرئيس "بوتين" عن العملية
العسكرية، نشر العديد من الصُحف الروسية والسياسيين الروس عدة آراء بضرورة مُحاربة
المتطرّفين الذين ذهبوا من داخل الأراضي الروسية والذين يُقدَّر عددهم بين ثلاثة
آلاف أو ثلاثة آلاف وخمسمائة مواطن من أصول روسية ذهبوا إلى "سوريا"
وأصبحوا يُحاربون كمتطرّفين. فكان أحد أهداف التدخّل العسكري الروسي في
"سوريا" هو مُحاربة هؤلاء قبل عودتهم والاضطرار إلى مواجهتهم داخل
"روسيا" مع ما يُمكن لذلك أن يكون له من عواقب وخيمة على الداخل الروسي،
فهذا كان أهم الأهداف. "روسيا" لا شكّ تُحاول أن تكون لها علاقات جيدة
مع العالم الإسلامي، وهذا شيء معروف
سامي كليب: يُقال أنّ الرئيس "فلاديمير بوتين" عنده علاقة مُمتازة مع
الجالية المُسلِمة هنا، وقدّم للجالية المُسلِمة وقال كلاماً لم يقله أيّ رئيس
قبله
شوقي بو نصّار: بالتأكيد، الرئيس "بوتين" والقيادة الروسية
حريصان على العلاقات مع الجالية الإسلامية
سامي كليب: كيف؟ ما هي الشواهِد على ذلك؟
شوقي بو نصّار: لا ننسى أنّ الرئيس "بوتين" نفسه افتتح منذ
سنة ونصف السنة أكبر جامِع في "روسيا" بحضور الرئيس "أردوغان"
حينها وكانت العلاقات ما زالت جيّدة، وبحضور الرئيس الفلسطيني "محمود
عباس" وبحضور السفراء العرب والأجانِب
سامي كليب: وهو جامعٌ جميل، أنا زرته أمس
شوقي بو نصّار: جميل جداً ومميّز، مميّز جداً
سامي كليب: مُذهّب، والشكل الهندسي رائِع فيه
د. أولغ إيفانوفيتش: وبحضور "أردوغان" أيضاً
شوقي بو نصّار: ذكرت، بحضور "أردوغان" عندما كانت العلاقات
ما زالت جيّدة مع "تركيا"
سامي كليب: وكأنها بدأت تعود
شوقي بو نصّار: صحيح، كأنها بدأت تعود نظراً لوجود مصالِح مُشتركة
للطرفين في الواقع، خصوصاً مصالِح اقتصادية. إن عرفنا أن حجم التبادل التجاري بين
"روسيا" و"تركيا" كان عند بدء الأزمة كان ما يُقارب 40 مليار
دولار وكان مُرشّحاً للوصول خلال عام 2020 إلى مئة مليار بالإضافة طبعاً إلى خطّ
الغاز التُركي الذي كانت "روسيا" وما زالت لم تُلغِه على فكرة. بالرغم
من كلّ التوتّر، شركة "غاز بروم" ما زالت تُتابع هذا الموضوع
سامي كليب: بل أنّ الرئيس الروسي أعلن قبل الاشتباك الذي حصل وإسقاط الطائرة الروسية
عن خفض 10 % من سِعر الغاز المورّد إلى "تركيا"
شوقي بو نصّار: صحيح. مصالِح مُشتركة كبيرة بين البلدين
سامي كليب: كأنه الآن جذب الرئيس "أردوغان" في اتجاهه قبل معركة
"حلب"؟
شوقي بو نصّار: من الصعب التكهّن حول معركة "حلب" لأنّه ما
زالت طبعاً السياسات الأميركية والغربية والسياسات الروسية لا تتلاقى دائِماً. لا
شكّ، وكلنا نعرِف، أنّ هناك تنسيقاً متواصلاً بين الجانب الأميركي والجانب الروسي
في شأن الأوضاع في "سوريا"
سامي كليب: صحيح
شوقي بو نصّار: وهذا يُعلنه المسؤولون الروس ولا يخفونه، لكن لا
يمكننا أن نقول أنّ هناك تطابُقاً في الآراء. طبعاً هناك مصالِح مُختلِفة بين
الفريقين، وهناك رؤية للحل السياسي في "سوريا" تختلِف إلى حدٍّ ما بين
الجانب الأميركي والجانب الغربي، تحديداً الجانب الأميركي لأنهم هم القوة الفاعلة،
وبين الجانب الروسي
سامي كليب: ولكن لا يمنع أنه قد يستغلّ الرئيس الروسي فترة الغياب الأميركي في
الشهرين المقبلين ويذهب أكثر في اتجاه "حلب"، لا ندري. على كلّ حال، بما
أنك تحدّثت عن الجانب الأميركي أيضاً، سعادة السفير، اسمح لي قبل أن اُعطيك الكلام
أن اُذكِّر بالمواقف الأساسية للرئيس "فلاديمير بوتين" منذ مؤتمر
"ميونخ" للأمن عام 2007. آنذاك وضع الخطوط العريضة للعلاقة مع الغرب
الأطلسي وقال التالي:
إنّ ما يواجه العالم من
أزمات يعود إلى تمسُّك الغرب بالمواجهة لا المُشاركة، ومُمارسة سياسة الهيمنة والسيطرة
إنّ الإجراءات الأحادية
الجانب، وفي الغالب غير القانونية، لم تحلّ مشاكل المُجتمع الدولي بل تحوّلت إلى
مصدر لمآسٍ إنسانية وبؤر توتُّر جديدة
ظهرت أخطار جديدة مثل
الإرهاب، وأنا على قناعة بأنّنا اقتربنا من النقطة الحَرِجة، هذا عام 2007
لا بدّ من القضاء على
الفقر وتطوير الأمن الاقتصادي والحوار بين الحضارات
لا بدّ من توازن معقول بين
مصالِح كافة أعضاء المُجتمع الدولي
إنّ الطاقات الاقتصادية
لمراكِز النموّ العالمي الجديدة ستتحوّل بلا ريب إلى نفوذ سياسي وستُعزِّز نزعة
تعدّد الأقطاب
إنّ الآلية الوحيدة لاتّخاذ
القرارات بشأن استخدام القوّة العسكرية كإجراء أخير تتمثّل في ميثاق الأُمم
المتحدة، ولا يجوز استبدال الأُمم المتحدة بـ "الناتو" ولا بـ
"الاتحاد الأوروبي
سامي كليب: واضح أنّ الرئيس "بوتين" أيضاً، كما تفضّل سعادة السفير
والدكتور "أولِغ"، عنده مُشكلة مع الأطلسي، وأنّ الذهاب إلى منطقة الشرق
الأوسط هو في سياق هذه المُشكلة عملياً. الآن يوجد كلام جدّي في أنه إلى أين يُمكن
أن يصِل؟ حضرتك ومعرفتك بـ "روسيا" تتصوّر أنّ الرئيس "بوتين"
يستطيع بإمكانياته أن يتحدّث عن الأطلسي؟ أن يوازن السياسة العالمية؟
د. عبد الله الحوسني: شكراً. أولاً تعلمون
أنّ هذا الموقف هو موقف روسي. طبعاً لا يحقّ لي أن أتحدّث باسم "روسيا"،
لكن في تقديري، هذه المواقف السياسية الاستباقية التي اتّخذها الرئيس
"بوتين" في مؤتمر "ميونيخ" كما أتصوّر في عام 2007 كما أتذّكر
سامي كليب: "ميونيخ" صحيح
د. عبد الله الحوسني: هذه المواقف فعلاً
كانت محورية، وهكذا كما أشار الجميع، "روسيا" الدولة العُظمى في العالم
والتي حافظت على ذلك خلال 50 عاماً أو 60 عاماً لا بدّ وأن تقول هذا الكلام. لا
بدّ وأن تقف هذا الموقف، يجب عليها أن تُدافع عن مواقفها سواء تلك المُتعلّقة
بأمورها السياسية أو بعلاقاتها مع الجيران أو بعلاقاتها الدولية. من على هذه
القاعدة أتصوّر أنّ قضية أن تصل "روسيا" إلى التصادُم مع الأطراف
الدولية التي أشرتُم إليها هو أمرٌ لا يُمكن أن يحصل في القريب العاجل
سامي كليب: ولكن هم تحدّثوا عن الوصول إلى حافّة
الحرب الباردة كما تفضّل سعادة السفير. الآن عندك قواعِد عسكرية أطلسية في مُحيط
"روسيا"، عندك نشر بطاريّات جديدة عملياً، عندك الوصول إلى
"بولندا" وإلى دول "البلطيق" عملياً. مُحاولة إدخال دول اُخرى
مُحيطة بـ "روسيا" في حلف شمالي الأطلسي، "أوكرانيا" أساساً.
جزء من المُشكلة الأساسية هو مُحاولة جذب "أوكرانيا" أيضاً، وكان على ما
يبدو "لينين" يقول، "مَن يخسر أوكرانيا كمَن يخسر رأس الاتحاد
السوفياتي"
د. عبد الله الحوسني: بالضبط، الحقيقة كما
أشرت. هذه المناطق الساخنة حول "روسيا" تعدّدت الآن وليس فقط في الجانب
الغربي، فلننظر إلى الجانب الشرقي أيضاً
سامي كليب: أنا أسأل سعادة السفير أنه من ناحية
العدالة الدولية، إن كان "بوتين" ينشُد العدالة الدولية، ونحن كعرب
عانينا تاريخياً من انعدام هذه العدالة، كم فيتو أميركي كان لصالِح
"إسرائيل" ضدّ العرب؟ نتحدّث عن ثمانين فيتو تقريباً في مجلس الأمن أليس
كذلك؟
د. عبد الله الحوسني: صحيح
سامي كليب: لماذا العرب أو جزء من العرب لا يزالون
حذرين تجاه السياسة الروسية؟
د. عبد الله الحوسني: ليس
حذراً بالحرف الواحِد. في تقديري، الآن وكما أشرتم، أن الدول تنظُر من زاوية
مصالِح. قد تكون هذه المصالِح أمنية وقد تكون هذه المصالِح اقتصادية
سامي كليب: هل عقدة "سوريا" هي المصالِح؟ أي
لو انتهى الموضوع السوري في رأيك تنفرِج كلّ العلاقات أم لا؟ هناك دول لا تزال حتى
اليوم خاضعة لعلاقتها ومصالِحها مع الغرب الأطلسي؟
د. عبد الله الحوسني: هناك قضايا وهي أكثر
من قضية واحدة في تصوّري. هناك قضايا كثيرة في موضوع العلاقات دعنا نُسمها الروسية
العربية. لكن دعني أقول لكم عن "سلطنة عُمان" كما أشرتُم في البداية.
مواقف حضرة صاحب الجلالة دائِماً قائِمة، وهذه سياسة عُمانية انتهجتها
"عُمان" منذ 45 أو 46 عاماً، قائمة على عدم التدخّل في الشؤون الداخلية
للآخرين، وبالتالي، هذه العلاقات
سامي كليب: قائِمة على التوفيق بين الأطراف
د. عبد الله الحوسني: نعم، هذه العلاقة
وفّقت وستوفِّق بين الأطراف سواءً كانت إقليمية أو دولية. هذا ما يجعل
"عُمان" تلعب دوراً محورياً في المنطقة، وأعتقد أنّ "روسيا"
تُقدِّر هذا الموقف، وبالتالي فإنّ "روسيا" تسعى جاهدة في أن تبقى مظلّة
علاقاتها مع الأطراف المُختلفة، بالرغم مما أشرتُم، وعلى أن تتطوّر حتّى وإن كان
ذلك قد يُعيق الرغبة الصادقة لدى الجانب الروسي في تحقيق المزيد من التقدّم في
المنطقة. ولكن تعلمون أنّ هذه السياسة في أيّ مكان في العالم تتحرّك هكذا ببطء
وكما فهمتم ويفهم الجميع، ليست هناك عداوات ثابتة وليست هناك صداقات ثابتة، العالم
يتغيّر
سامي كليب: ليس هناك أصعب من أن تُحدِّث عُمانياً
في السياسة (يضحك)
د. عبد الله الحوسني: (يضحك) أخ
"سامي" على العكس، أنا أتحدّث معك والله من واقع الصادق، وبأمانة أقول
لك أنّه فعلاً ما نُشاهده ليس بهذه السهولة وليس بهذا الانفعال. "روسيا"
تربطها علاقات مع الأطراف الأُخرى في قِيَمٍ اقتصادية عالية، فلننظر إلى المصالِح
سامي كليب: لنتحدّث قليلاً عن
د. عبد الله الحوسني: دعني أُكمِل الفكرة
سامي كليب: تفضل
د. عبد الله الحوسني: فلننظر إلى المصالِح.
هلّ "روسيا"، كما أشار سعادة السفير، ستُقدِّم تضحيات هنا وهناك في سبيل
هذه المصالِح العملاقة؟ بمعنى مئات المليارات
سامي كليب: قدّمَت!
د. عبد الله الحوسني: جيِّد
سامي كليب: عُرِضَ على "روسيا" حسبما
نعرِف وتعرِف ويعرِف سعادة السفير، عُرِض على "روسيا" مليارات الدولارات
لكي تُغيِّر سياستها مثلاً تجاه "سوريا" لكنها لم تُغيِّر، وكان هناك إغراء
مالي
د. عبد الله الحوسني: ليس كلّ ما يُقال في
الصُحف ويُنشَر في
سامي كليب: هم الذين تحدّثوا، الروس
د. عبد الله الحوسني: قد يكونوا تحدّثوا
ولكن أنا أقول
سامي كليب: أعتقد "بوغدانوف" قال هذا
الكلام، عُرِضت مبالغ هائلة
د. عبد الله الحوسني: أخ "سامي"،
كم هي الأرقام التي تتوقّعها بين "روسيا" و"الاتحاد
الأوروبي"؟
سامي كليب: بين "روسيا" و"الاتحاد
الأوروبي"؟
د. عبد الله الحوسني: نعم
سامي كليب: 70 ملياراً، 72 ملياراً عفواً
د. عبد الله الحوسني: ومع الولايات المتحدة
الأميركية؟
سامي كليب: تقريباً مئة مليار
د. عبد الله الحوسني: مئة وشيء
سامي كليب: 120 أو 130 ملياراً
د. عبد الله الحوسني: بالضبط. هذه أرقام بالنسبة لي هي المصالِح
الاستراتيجية الاقتصادية، أليس كذلك سعادة السفير؟ مصالِح كبيرة جداً قد لا تنظُر
"روسيا" فيها نظرة سريعة، وهذه قاعدة السياسة
سامي كليب: شوف سعادة السفير، هذه مسألة مُهمّة جداً. نتوقّف مع فاصل سريع أعزائي
المُشاهدين ونعود إليكم مع ضيوفي الكرام في هذا النقاش، وسوف نتحدّث في مسألة ربما
كبيرة الحساسية، هلّ علاقة الرئيس "فلاديمير بوتين" مع
"إسرائيل" ومع الجالية اليهودية تحصل على حساب العرب، نعم أم لا؟ وستُحدّثنا
دكتور "أولِغ" عن علاقة جمعيّتكم بحماية "فلسطين" من التهويد
مُباشرةً بعد الفاصل. إبقوا معنا إن شئتم أن تبقوا معنا
المحور الثالث:
سامي كليب: أهلاً بكم مُجدداً أعزّائي المُشاهدين لمواصلة هذه الحلقة من برنامج
"لعبة الأُمم" في جزئِها الثالث والأخير، نتحدّث فيها من
"موسكو" عن السياسة الروسية في منطقة الشرق الأوسط والانقسام الحاصل
بشأنها، وإلى أين يُمكن أن يصل الرئيس "فلاديمير بوتين"؟ طبعاً تحدّثنا
عن علاقات مع دول الخليج، عن مسألة الإسلام السياسي والخطر من هذا الإسلام، عن
السبب للقتال والانخراط المُباشر في "سوريا"، والآن سنتحدّث عن العلاقة
الروسية الإسرائيلية، ربما الدور لك سعادة السفير. أعود وأُرحِّب بضيوفي، الدكتور
"أولِغ إيفانوفيتش "، سعادة السفير "شوقي بو نصّار"
وسعادة السفير الشيخ الدكتور "عبد الله الحوسني". سعادة السفير، منذ
سنوات، المُفاجئ بالنسبة للكثيرين هو هذه العلاقة القوية الحميمة على المستوى
الشخصي، ولكنها السياسية القوية التي تتفاقم وتتصاعد بين "روسيا" وبين
"إسرائيل". أولاً ما هي الأسباب، وثانياً هلّ تؤثِّر على العلاقة
الروسية العربية أم ستكون لصالِحها في النهاية إذا كانت العلاقة مع الطرفين؟
شوقي بو نصّار: العلاقات الروسية الإسرائيلية تشهد عصراً ذهبياً هذه
الأيام. كما هو معروف، بعد أن قطع الاتحاد السوفياتي علاقاته مع
"إسرائيل" سنة 1967، تمّ إعادة العلاقات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي
سنة 1991، وفي هذه السنة تحتفل "إسرائيل" و"روسيا" بذكرى مرور
25 عاماً على إعادة العلاقات الدبلوماسية، ولهذا زار رئيس الوزراء الإسرائيلي،
"نتنياهو"، "روسيا" أربع مرات خلال العام والنصف عام
المنصرمين. خلال عام ونصف العام زار "روسيا" أربع مرات، وهذا دليل طبعاً
على الاهتمام الإسرائيلي في العلاقة مع "روسيا"
سامي كليب: الاهتمام الروسي أليس كذلك؟
شوقي بو نصّار: ويقابله ما كنت أريد قوله، ويُقابله اهتمام روسي في
العلاقة مع "إسرائيل" لعدّة أسباب. من ضمن الأسباب، أولاً وجود أكثر من
مليون مواطِن إسرائيلي من أصول روسية ومن دول الاتحاد السوفياتي السابق
سامي كليب: يُحكى الآن عن أن عددهم صار مليون ونصف المليون تقريباً
شوقي بو نصّار: أكثر من مليون، حسب الإحصاءات. طبعاً الأرقام تختلِف
وهناك عدد كبير منهم لا يزال يتكلّم اللغة الروسية، ونعلم أنّ وزير الخارجية
الإسرائيلي الحالي "ليبرمان" طبعاً كان من رعايا الاتحاد السوفياتي
السابق
سامي كليب: ليتهم هذّبوه قليلاً قبل أن يذهب إلى هناك
شوقي بو نصّار: طبعاً. هناك مجموعة من المواطنين في
"إسرائيل" يُشكلون ثقلاً سياسياً وهم من أصول روسية، لهذا
"روسيا" لها مصالِح. حتّى أنه كان مُلفتاً خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي
الأخيرة إلى "موسكو" أنه تمّ الاتفاق ووافق الرئيس "بوتين"
على إعطاء تعويضات لليهود
سامي كليب: صحيح
شوقي بو نصّار: الذين يُقدّر عددهم بأكثر من 30 ألفاً من ضحايا الحرب
العالمية الثانية، وهذا يُكلِّف الخزينة الروسية مبالِغ كبيرة، حتّى الرئيس
"بوتين" اعترف بصعوبتها ولكنه قال بأنه أمرٌ لا بدّ منه وتمّ الاتّفاق
على التعويض
سامي كليب: فقط للإشارة إلى أنّ التعويضات، ربما هذه مسألة مُهمّة أثرتها سعادة
السفير، هي لـ 30 ألفاً من أصل مئة ألف من الذين اعتُبروا أنهم هاجروا إلى
"إسرائيل" من دون أخذ تعويضات عن عملِهم، كانوا يعملون وذهبوا من دون
تعويضات
شوقي بو نصّار: صحيح. فالجانب الروسي أيضاً حريص على أفضل العلاقات مع
"إسرائيل" وحريص على تطوير هذه العلاقات على كافّة الأصعدة، السياسية
والعسكرية والاقتصادية. على الصعيد العسكري كما نعلم هناك تنسيق حتّى في
"سوريا"
سامي كليب: صحيح
شوقي بو نصّار: عندما بدأت العملية العسكرية الروسية لم يتردّد الرئيس
"بوتين والمسؤولون الروس في
الإعلان صراحةً عن تنسيق مع الجيش الإسرائيلي منعاً لحدوث أيّ احتكاك أو تصادُم في
الأجواء السورية
سامي كليب: سعادة السفير، هذه مسألة مُهمّة لسببين. السبب الأول هو تسليم السلاح
الكيميائي السوري تفادياً لضربة أميركية
شوقي بو نصّار: صحيح
سامي كليب: وفي النهاية ارتاحت منه "إسرائيل"، هذا أولاً. ثانياً، هناك
عمليات إسرائيلية تحصل على الأراضي السورية، اغتيال رجال من "حزب الله" والمُقاومة،
وأيضاً ضرب مواقِع سورية، والروسي لا يتدخّل لأنه قد فصل الملفّين. يُحكى هنا أنّ
هذا قد يكون أيضاً له جانب إيجابي، في النهاية الرئيس الروسي لكي يدعم
"سوريا" أو الرئيس "بشّار الأسد" عليه أن يأمن أيضاً ظهره الإسرائيلي،
يقيم علاقات جيّدة مع "إسرائيل" ويتصرّف بحريّة أكبر. لو كان مُعادياً
لـ "إسرائيل" وهو في "سوريا" لكان الاشتباك أخطر
شوقي بو نصّار: كما ذكرت في السابق، "روسيا" دولة لها
مصالِحها مع العالم العربي ومع "إسرائيل"، وفي رأيي هي تفصُل، لا تقيم
علاقاتها مع "إسرائيل" على حساب العالم العربي ولا العكس.
"روسيا" توازن
سامي كليب: لكن هذا أمرٌ إيجابي
شوقي بو نصّار: تماماً، لها مصالِحها. البعض في العالم العربي وربما
كلّنا نتمنّى أن تكون علاقاتها جيّدة مع "إسرائيل" لأنها تخدُم في
النتيجة، بشكلٍ أو بآخر، المصالِح العربية، هذا إذا صح الأمر. لكن لا شكّ أنّ
"روسيا" حريصة على إبقاء علاقات مُميّزة مع "إسرائيل" وخاصّةً
أنه في هذه الأيام يُعلَن عن ذلك بشكلٍ دائِم لتطوير العلاقات الاقتصادية
والسياحية والسياسية والعسكرية بشكلٍ دائِم
د. أولغ إيفانوفيتش: هلّ يُمكن أن أضيف؟
سامي كليب: تفضّل
د. أولغ إيفانوفيتش: في ما يتعلّق بالعلاقات الروسية الإسرائيلية، أولاً أنا
أريد أن أقول أنّ اليهود الذين تركوا "روسيا"، مليون ومئتي ألف كما
يقولون، في أكثريّتهم متطرّفين أكثر من الإسرائيليين الذين كانوا يعيشون قبلاً،
وهم يسكنون في معسكرات غير قانونية
شوقي بو نصّار: مستوطنات
د. أولغ إيفانوفيتش: مستوطنات في الضفة
الغربية، و"ليبرمان" هو عدوّ لدود لـ "روسيا"، هذا ما أردت أن
أُشير إليه. ومن جهة أُخرى، أريد أن أقول أنّه حتى إن الفلسطينيين يعون والقادة
الفلسطينيون يقولون إن العلاقات العادية بين "روسيا"
و"إسرائيل" هي من مصلحة "فلسطين" لأنه من خلال هذه العلاقات
تستطيع "روسيا" أن تؤثِّر على موقف "إسرائيل" تجاه حلّ القضية
الفلسطينية. كما أنّ تحسين العلاقات الاقتصادية والسياحية بين "إسرائيل"
و"روسيا" لا يعني التنازُل عن موقفنا، موقف تأسيس دولة فلسطينية عاصمتها
"القدس الشرقية"، وهذا لا يعني أيضاً أن نتنازل عن مُساندة "سوريا"
بناءً لطلبها في عودة "الجولان" إلى الوطن السوري
سامي كليب: لكن دكتور "أولِغ"، ما تتفضّل
به في الواقع مُهمّ وأريد أن توضحه لنا أكثر لأنّ سعادة سفير "فلسطين"
كان تحدَّث في مؤتمر في "موسكو" وقال أنّ الرئيس "بوتين" لا
يزال يدعم القضية الفلسطينية بشكلٍ كبير، ويدعم العلاقات ومِنَح الطلاّب وما إلى
ذلك
د. أولغ إيفانوفيتش: طبعاً، طبعاً. الموقف
الذي اتّخذه الاتحاد السوفياتي لم يتغيّر
سامي كليب: لم يتغيّر منذ أيام الاتحاد السوفياتي؟
لا يزال على حاله حيال "فلسطين"؟
د. أولغ إيفانوفيتش: لم يتغيّر أبداً
سامي كليب: صحيفة " لا تربوين جويف"، وهي
صحيفة فرنسية للجالية اليهودية في "فرنسا" تقول: {بالنسبة للجالية
اليهودية المُتدينة في "روسيا"، "بوتين" هو خصوصاً من يُحارِب
مُعاداة السامية، وهو المُعجب إلى حدّ الهيام باليهودية، وهو الذي يسمح لليهود
الروس بممارسة كلّ شعائِرهم الدينية من دون خوف، يُضاف إلى كلّ ذلك الزيادة
المتواصلة للهجرة اليهودية إلى "إسرائيل". يبدو أنّ عصراً جديداً قد بدأ
مع صعود "بوتين" إلى السُلطة وهو الذي استأنف عام 2012 ولايته الرئاسية
الثالثة}. تقول الصحيفة أن {"بوتين" شنّ حربا منً دون هوادة ضدّ اللا سامية
وتمّ إقرار قوانين وحصلت اعتقالات للنازيين الجُدد. "بوتين" لا يتسامح
مُطلقاً حيال أيّ اعتداء يستهدف هذه الجالية}. قال "بوتين" أمام مؤتمر
حاخامي "أوروبا" في تموز 2014، {أعزائي الحاخامين، ألتزم أمامكم
بمُحاربة حازمة لأيّ تعبير لا سامي على أرض "روسيا" وألتزِم أيضاً
بتدعيم أمن الجالية اليهودية ومنحِها كامل حريّة التصرّف}. طبعاً يوجد كلام كثير
أيضاً عن "السيناغوغ" الذي افتُتِحَ هنا وفي العديد من أماكن العبادة.
بعض القيادات اليهودية في المؤتمر العالمي اليهودي يرحّبون جداً بـ
"بوتين"، ولكن أغرب ما قرأته قصة في الواقع أيضاً وجدتها في إحدى الصُحف
تقول أن "بوتين" كان يسكُن تاريخياً وهو فقير من عائلة فقيرة، كان يسكُن
إلى جانب عائِلة يهودية، وكان يذهب لعندهم ويتعلّم، وصاحب البيت اليهودي أو ربّ
البيت كان يُدرّسه أيضاً، وحفِظ هذا الجميل وتقرّب من اليهودية لهذا السبب. هل
عندك عِلم بهذه القصة؟
د. عبد الله الحوسني: على كلّ حال، دعني
أعود أولاً إلى موضوع العلاقات الإسرائيلية الروسية
سامي كليب: لكن عندك عِلم بهذا الخبر؟
د. عبد الله الحوسني: في تقديري أولاً أخ
"سامي"، أنّ هذه العلاقات
سامي كليب: لم تُجبني، عندك عِلم؟
د. عبد الله الحوسني: هذه العلاقات، سأقول
لك لم أسمعه في "روسيا" الاتحادية
سامي كليب: أوكي
د. عبد الله الحوسني: هذه
العلاقات الروسية الإسرائيلية كما ذكر أخي سعادة السفير، تستهدف أن يكون لـ
"روسيا" حضور متميز في منطقة الشرق الأوسط. فطبعاً كما ذكرتُم وذكر
الجميع، قطع العلاقات لا يؤدّي إلى نتيجة، وربما التواصل هو الذي سيدفع إلى الانتقال
من موقفٍ إلى موقفٍ أفضل
سامي كليب: تقصد الموقف الإسرائيلي؟
د. عبد الله الحوسني: نعم، ومن على هذه
القاعدة أتصوّر أنّ "روسيا" أحسنت التصرّف في مدّ هذه الجسور
سامي كليب: لا شك سعادة السفير أنّ الدور التوفيقي
للرئيس "بوتين" قد يخدُم العرب ويؤدّي في النهاية إلى عملية سلمية جيّدة
د. عبد الله الحوسني: أحسنت
سامي كليب: ولكن كما يتفضّل دكتور
"أولِغ" في أننا نحن نتحدّث عن مليون روسي يهودي من المتطرّفين عملياً
د. عبد الله الحوسني: أنا لا أستطيع أن
أشملهم كلهم لكن قد يكون الدكتور "أولِغ" محِقاً في تقديره. هذا الوجود
الروسي أو لليهود الروس، وجودٌ فعلاً فاعِل كما ذكر أيضاً دكتور
"أولِغ". قال فعلاً أنّ هذا الوجود له تأثيره. بالطبع، هذا شيء لا
مُنازع فيه إذا قال لك مليون ونصف مليون إنسان في منطقةٍ من العالم، فسيكون لهم
بالطبع تأثير. China Town
في أية دولة في العالم سيكون لها تأثير على علاقات "الصين" مع تلك
الدولة. أتصوّر أنّ هذا الموقف الروسي قد يكون، كما ذكر دكتور "اولِغ"،
بسبب الجالية أو يكون أيضاً رغبته في أن تبقى هذه العلاقات مُستمرة وأن تؤثِّر في
صالِح الطرف الآخر. في ما يتعلّق بالنقطة الأولى، أنا سمِعت هذه القصة، نعم أنا
سمعت هذه القصة، لكن هذه القصة ليس فيها
ما يُعيب حقيقةً. لأنه يُقال أنّ الرئيس "بوتين" كانت تربطه علاقة، هذا
ما سمعته حتّى من أقرب المقرّبين في "روسيا" باعتبار أنه كان يسكُن في
حيّ، ولكن طبعاً أنا لا أستطيع أن اُشخِّص هذه العلاقة
سامي كليب: على كلّ حال، أعتقد أن سعادة السفير
يوافقنا على الأمر في النهاية، الرئيس "بوتين" قد يكون أفضل رئيس
للجالية المُسلِمة وأفضل رئيس للكنيسة الأُرثوذكسية وأفضل رئيس للجالية اليهودية
شوقي بو نصّار: صحيح، أفضل رئيس لـ "روسيا" الاتحادية
د. عبد الله الحوسني: وهذا ما أشرنا إليه
حقيقةً
د. أولغ إيفانوفيتش: مُلاحظة صغيرة. يجب أن نسمّي الأشياء بأسمائِها، يجب أن
نتحدّث عن النفوذ وليس عن النفوذ اليهودي بل عن النفوذ الصهيوني لأنّ النفوذ الصهيوني
غير مكشوف وموجود. لكن هذا النفوذ يتكلّل خصوصاً بعدما قال الرئيس
"بوتين" أنّ أيديولوجيتنا هي الإيديولوجية الوطنية أو Patriotism وهذا يعني حبّ الوطن. ومن يُحبّ الوطن
بصراحة يُحبّ حقوق الشعوب الأُخرى أيضاً
سامي كليب: حسناً فعلت بالتمييز بين الصهيونية وبين
اليهودية. في النهاية اليهودية هي ديانة من الديانات السماوية والجالية هي جالية
وهم عملياً أبناء "روسيا"، لكن هنا السؤال. هلّ لهم تأثير، الجانب
الصهيوني له تأثير في الإعلام؟ لأنه حُكيَ مثلاً حين حصلت مُشكلة
"أوكرانيا" أن الإعلام كان ضدّ "بوتين" بسبب تأثير الجالية
اليهودية
د. أولغ إيفانوفيتش: في
"أوكرانيا" كان هذا التأثير تأثيراً صهيونياً، والكثير مما حدث في
"أوكرانيا" كان تحت التأثير الصهيوني
شوقي بو نصّار: في نفس سياق العلاقات الروسية الإسرائيلية لا بدّ من
الإشارة والتركيز على ما يُميِّز هذه العلاقات البراغماتية بين الدولتين. نُلاحِظ
أنّ "إسرائيل" و"روسيا" تُراعيان مصالِح كلٍّ منهما. بمعنى،
الجانب الروسي كما هو واضح لا يقوم بضغوط كبيرة على الجانب الإسرائيلي خاصةً في ما
يتعلّق بالتسوية الفلسطينية الإسرائيلية كما هو معروف
سامي كليب: صحيح
شوقي بو نصّار: ودور "روسيا" في اللجنة الرباعية بصراحة هو
دورٌ محدود؟ طبعاً، الجانب الروسي يقول انّ الجانب الفلسطيني يتحملّ مسؤولية
بموافقته على تسليم الملفّ حصراً للجانب الأميركي وللوزير "كيري" في
محاولاته المُستمرة التي طبعاً باءت بالفشل، وبالتالي تراجُع دور الروسي ودور الرباعية
سببه عدم موافقة "أميركا" على هذا الدور. في المقابل، يجب ألاّ ننسى أنّ
"إسرائيل" كانت من الدول، إذا أردنا تسميها، الموالية للغرب وكانت
الوحيدة التي رفضت الالتزام بالعقوبات الغربية على "روسيا" على خلفية
ضمّ "القرم"
سامي كليب: قبلاً موقفها في "جورجيا" أيضاً
شوقي بو نصّار: قبلها في "جورجيا"، عندما بدأت الحرب كانت
"إسرائيل" مُتّهمة بتزويد "جورجيا" بالسلاح، وجاء تهديد كما يُقال
من الرئيس "بوتين"، تهديد غير مُباشر، بالردّ بتسليم أسلِحة متطوّرة لـ
"سوريا" وغيرها، ففوراً "إسرائيل" انسحبت من هذا الموضوع وتوقّفت
عن تزويد السلاح ل"جورجيا"
سامي كليب: يُحكى أنّ وزير الدفاع في "جورجيا" إسرائيلي
شوقي بو نصّار: صحيح، ولكن يبدو أنّ "إسرائيل"، يُقال أو
نُشرت معلومات عن أنّ الرئيس "بوتين" وجّهَ نوعاً من التحذير عن استعداد
"روسيا" لتزويد "سوريا" والفئات المُقاوِمة لـ "إسرائيل"
بأسلِحة متطوّرة. ولكن في "أوكرانيا" مؤخراً "إسرائيل" كانت
من الدول القلائِل ذات الاتجاه الغربي، التي رفضت تطبيق العقوبات الاقتصادية على
"روسيا" خلافاً للرأي الأميركي وللرأي الغربي
سامي كليب: صحيح. سعادة السفير، فقط قبل أن تُجيب اسمح لي. أيضاً الرئيس
"بوتين، أخذ موقفاً جيّداً بالنسبة للعملية السعودية أو العربية في
"اليمن"، التي قادتها "السعودية". الرئيس "بوتين"
أخذ موقفاً جيّداً ولم يعترِض على التدخّل السعودي في "اليمن"
د. عبد الله الحوسني: نعم. هذه النقطة التي
تحدثتُ عنها سابقاً، وهي أنّ العلاقات الروسية الخليجية قد تكون أكبر في بعض
الأحيان مما يتصوّره مُحلِّل سياسي هنا أو هناك. وهذا السؤال يقودني إلى نُقطة
مُهمّة جداً وهي أننا لم نتحدّث عن حجم العلاقات الاقتصادية العربية التي لا تزال،
في تقديري
سامي كليب: ثلاثة عشر مليار، أرقام بسيطة جداً
د. عبد الله الحوسني: لا تزال أرقاماً بسيطة. هناك أيضاً مسألة يجب أن
يفهمها الجميع. من خلال تجربتي في هذا البلد العظيم، القاعدة الثقافية في هذا
البلد قاعدة خصبة جداً، ومراكز البحوث الثقافية كبيرة جداً، والدكاترة والعُلماء
والباحثون كُثُر
سامي كليب: صحيح
د. عبد الله الحوسني: العالم العربي لم
يصِل إليهم حتّى الآن للأسف الشديد
سامي كليب: هذه نُقطة مُهمّة سعادة السفير
د. عبد الله الحوسني: فقط لأُكمِل الفكرة
فقط
سامي كليب: تفضّل
د. عبد الله الحوسني: أطال الله في عُمرك،
هذه النقطة يجب أن تكون متوازية مع العلاقات الاقتصادية والسياسية. نحن لدينا
تجربة متواضعة هنا في "روسيا"، قمنا بعدّة أنشطة خلال فترة وجودي في
"روسيا" بتشريفٍ من الحكومة العُمانية، وأصدرنا كتاب تسامُح اعتُمِد بين
معالي "يوسف بن علي بن عبد الله" ومعالي الدكتور "لافروف"،
وكان يتحدّث عن فلسفة التسامُح، هذه الفلسفة التي تؤمن بها "روسيا".
انطلقنا في الحديث قبل قليل حول مفاهيم الرئيس "بوتين"، والرئيس
"فلاديمير بوتين" يتعامل مع الوضع من على قاعِدة التسامُح الروسي. لهذا
السبب تجد الآن حتّى الألقاب في بعض الأحيان، مثل أن يُطلَق عليك لقب دكتور وأنت
لم تصِل إلى هذا اللقب، كما تطلقون عليّ أنا. هذه حقيقة وقاعدة في
"روسيا" منتشرة. أنا أُلاحِظ أنّ أكبر المثقفين الروس عندما يرتاحون لك
وعندما يستأنسون في الحديث معك يستمتعون في أطلاق الألقاب عليك حتى وإن لم تصل
إليها
سامي كليب: على كلّ حال دكتور، سعادة السفير.
أعزائي المُشاهدين، طبعاً ما تفضّل به الضيوف الكرام عن علاقات اقتصادية من ثلاثة
عشر مليار بين الدول العربية، كلّ الدول العربية و"روسيا"، أربعة
مليارات تقريباً، أربعة مليارات بين "إسرائيل" و"روسيا"
شوقي بو نصّار: ثلاثة مليارات
سامي كليب: ثلاثة مليارات وإلى مزيد. في النهاية يطرح الإنسان السؤال. الأمر الآخر ما
تفضّل به سعادة سفير "سلطنة عُمان"، على مستوى الحضور الروسي على
شاشاتنا العربية. نُلاحِظ مثلاً من "واشنطن إنستيتيوت" وهو في معظمه من
الخبراء غير المؤيّدين للعرب دائِماً على كلّ شاشاتنا، قلما نُشاهِد روساً أو
صينيين أو من "الهِند" أو من "البرازيل" أو من أميركا
اللاتينية. ربما هذا أيضاً يجب أن يُعزَّز في الإعلام. للأسف انتهى الوقت، شكراً
لك دكتور "أولِغ" شكراً لك سعادة السفير، شكراً لك أيضاً سعادة السفير،
شرّفتمونا في هذه الحلقة من "موسكو". إلى اللقاء أعزائي المُشاهدين في
حلقةٍ مُقبلة إن شاء الله، عبر "لعبة الأُمم" وقناة
"الميادين"، وربما أيضاً من "روسيا"