عيسى عليه السلام في القرآن والإنجيل

19 كانون الثاني 2017 20:00

قال الله في محكم التنزيل: إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ... آل عمران عيسى عليه السلام رمزا وعنوانا للحب والسلام, وهو سيعود إلى هذه الأرض ليخلص البشر من خطاياهم كما ورد في الصحاح: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم. وتشير الروايات أن المسيح عليه السلام عاش قرابة 33 سنة على هذه البسيطة, لكنه إستطاع أن يغير مسار التاريخ, وأشار إلى أن القادم بعده سيكون أحمد ومحمد والمحمود عليه وعلى الأنبياء أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

نص الحلقة

يحيى أبو زكريا: حيّاكم الله وبيّاكُمُ وجعل الجنّة مثواكُمُ. <o:p></o:p>قال الله في محكم التنزيل "إذ قالت الملائكة يا مريمُ إنّ الله يبشّرك بكلمةٍ منه اسمُهُ المسيح عيسى ابنُ مريمَ وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين". وقال أيضاً "ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون".<o:p></o:p>كانت مريم ابنة عمران إمرأةً صالحةً طاهرةً نقيّةً تقيّةً عابدةً عارفةً بالله، ولم يكن لها نظيرٌ في النسك والعبادة والتبتّل، فبّشرتها الملائكة باصطفاء الله لها، "إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله اصطفاكِ وطهّرك واصطفاكِ على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين".<o:p></o:p>ومن رحم الطاهرة مريم جاء أعظمُ نبيٍ في تاريخ حركة النبوّة، هو عيسى عليه السلام، وقد ظهرت في أثناء حمله وولادته وطفولته إرهاصاتٌ ومعجزاتٌ كثيرةٌ تُنبئ بعظمته وقدسيّته وتبشّر بظهور دينه.<o:p></o:p>ولمّا انحرف بنو إسرائيل عن الصراط المستقيم وتعاليم الأنبياء السابقين، وتجاوزوا حدود الله وقتلوا الأنبياء بغير حقٍ، وظلموا وأفسدوا في الأرض، وأنكر فريقٌ منهم البعث والحساب والعقاب، وانغمسوا في الشهوات والملذّات، حينئذٍ بعث الله إليهم عيسى ابن مريم رسولاً وعلّمه التوراة والإنجيل، كما قال سبحانه عنه، "ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولاً إلى بني إسرائيل". <o:p></o:p>لم ييأس عيسى عليه السلام من بني إسرائيل وأخذ يدعوهم إلى عبادة الله، وقال لهم "يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدّقاً لما بين يديّ من التوراة ومبشّراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد".<o:p></o:p>هذا عيسى في القرآن الكريم. أما في الإنجيل، وكلمة إنجيل ترجع في أصلها إلى الكلمة اليونانية، وهي عبارة عن بشارة أو بشرى أو الخبر المُفرح، فقد ورد في إنجيل متى "وهنا بشّره عن المسيح وقال له فستلد العذراء ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلّص شعبه من خطاياهم، ولأنه من السماء فهو فوق الجميع"، كما يقول يوحنا، "الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع والذي من الأرض هو أرضي، ومن الأرض يتكلّم، الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع وما رآه وسمعه به يشهد". هكذا قال يوحنا.<o:p></o:p>كان نبيّ الله عيسى عليه السلام رمزاً وعنواناً للحب والسلام، وهو سيعود إلى هذه الأرض ليخلّص البشر من خطاياهم كما ورد في الصحاح، "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم"، وتشير الروايات إلى أن المسيح عليه السلام عاش قرابة 33 سنة على هذه البسيطة، لكنّه استطاع أن يغيّر مسار التاريخ، وأشار إلى أنّ القادم بعده سيكون أحمد محمّد المحمود عليه وعلى الأنبياء أفضل الصلاة وأزكى التسليم.<o:p></o:p>عيسى عليه السلام في القرآن والإنجيل عنوان برنامج أ ل م، ويشاركنا في النقاش الكاتب والمفكّر الدكتور ميشال كعدي، ومن مصر الحبيبة الدكتور الفاضل الباحث والأكاديمي والمفكّر علي أبو الخير. مرحباً بكم جميعاً.<o:p></o:p>دكتور ميشال، حقاً إننا في حضرة نبي قلّ نظيره في تاريخ الأنبياء، نبيّ غيّر وجه التاريخ، نبيّ جمع بين النبوة والأنسنة وكل مبادئ الخير. ماهية عيسى ابتداءً؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: في مطلع الكلام، عليّ أن أنوّه إلى أنّ كلامي اليوم لم يكن بحثاً علمياً، هو بحث إيمان وبحث إنسان مسيحي جاء يشهد للحقّ وجاء يقول كلمته كما يجب أن تكون. المسيح في بادئ الأمر هو شخصيّة تجسّدت، شخصيّة إنسانيّة كما ذكرت وتفضّلت وقلت دكتور يحيى، المسيح شخصيته تجسّدت إنساناً في وقت هو من لدن الله، بدليل ما قال وهو في المهد صبيّاً، أي المسيح في القرآن تحديداً له مساحة واسعة جداً، أنا كإنسان لاهوتي وكإنسان إكليريكي يعرف تمام المعرفة بين الفاصلة والفاصلة في قراءاتي للقرآن الكريم وفي كتاباتي عن آل البيت، ما هي قيمة المسيح في القرآن. أما أن يقال، ما قلت طبعاً صحيح جدً، لقد بُشّر من المسيح بالتحديد في مراجع كثيرة بأنّ هناك أحمد سيأتي ليكمّل رسالة المسيح على الأرض. في طبيعة الحال، جئت ببعض البيّنات حتى لا أقع في أخطاء لأن القرآن إذا وقع فيه هفوة أنا أذَلّ، أنا أذَلّ وليس القرآن لأن النسيان آفة، فلذلك شخصية المسيح الإنسانية، الشخصية التي تأنسنت والشخصية التي وُجِدت من لدن الله، والدليل قاطع في القرآن الكريم، القرآن لم ينكر أبداً على عيسى ولم ينكر على المسيح أنه ما أتى إلا ليكون مخلّصاً للبشر، كما أنّ الرسول ما جاء إلا ليخلّص الإنسان من بشاعات البشر، جاء ليخلّص الإنسان من البشاعة التي كان الإنسان يلبسها بتحطيمه الأصنام، وعبادة الإله الواحد. <o:p></o:p>في الحقيقة أول نقطة يجب أن أقولها بتمام المعرفة التي أنا أعرفها تماماً عن عظمة المسيح في القرآن، يوم قيل "سلامٌ عليّ يوم وُلِدت ويوم أموت ويوم أبعَث حيّاً"، تكلّم وهو في المهد صبيّاً. فلذلك أنا أتعجّب ويأخذني العجب والدهشة عندما أرى خلافاً بين المسلم والمسيحيّ. من يقوم بهذه الخلافات؟ القرآن الكريم تحدّث عن الشيطان وحذّر الإنسان من الشيطان، لا لأنّه مجرّد كلام، إنّ القرآن الكريم بشخص المصطفى العظيم، بشخص هذا الذي أتى عليه الدين منزلاً لم يكن مجرّد كلام عابر، يجب أن نأخذ بكلام المصطفى عندما نبّهَنا عن الشيطان الذي نراه اليوم.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: ومن قولك هذا، ضرورة التلاقي بين المسلمين والمسيحيين، اسمح لي أن أنتقل إلى القاهرة، إلى الدكتور علي أبي الخير لنستكمل النقاش.<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: نقطة أساسية ورئيسة.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: يقيناً. دكتور علي، لا شكّ ونحن نتطرّق إلى نبيّ الله عيسى، قد يكون في الذاكرة عيسى حاضراً، في التذكار اليومي عيسى حاضراً، لكن نريد أن نزيل هذا اللبس بين المسلمين والمسيحيين. المسيحيون اليوم صاروا عرضة للذبح باسم الله، باسم رسوله، ذُبِح الأقباط في كنيسة في مصر، ذُبِح المسيحيون في سوريا، في العراق، فكأننا في حاجة إلى أن نعيد تذكير المسلمين من يكون عيسى وكيف يجب أن نحترم أتباعه ويجب أن نحترمه نحن أيضاً، لأنه من دون إيماننا بعيسى يكون إيماننا ناقصاً بالكامل. أليس ذلك صحيح دكتور علي؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>علي أبو الخير: السلام عليكم أولاً.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: وعليكم السلام.<o:p></o:p><o:p> </o:p>علي أبو الخير: كل عام وأنتم بخير.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: وأنتم.<o:p></o:p><o:p> </o:p>علي أبو الخير: لا بدّ من أن نفرّق ما بين الذين يقتلون الأشقاء المسيحيين، وبين كافة المسلمين، طائفة خارجة عن الدين لهم فهمٌ لا يمتّ لدين الله بأيّة صلة، ولكن عندما نتطرّق إلى موضوع عيسى عليه السلام كما جاء في هذا البرنامج الكريم، في القرآن والإنجيل، هو حسب نظرتنا، المسيح الكلمة، كما تفضّلتم في المقدّمة، وكلمة منه، وفي إنجيل يوحنا في البدء كان الكلمة والكلمة مذكر حتى أي أنه كلمة، وبالتالي يتفق القرآن الكريم والإنجيل على أن المسيح كلمة وليست كلمة مجرّدة ولكنها كلمة دعوة إلى المحبة التي بشّر بها السيّد المسيح عليه السلام، وهي الدعوة التي استكملها محمّد ابن عبد الله عليه السلام أيضاً، وبالتالي عندما نتحدّث عن الأشقاء المسيحيين في كل العالم لا يوجد منهم شخص واحد كما يدّعي بعض الطوائف الإسلامية الإجرامية الإرهابية، المسيح عليه السلام أو المسيحيون جميعاً لا يقولون بإلهين، إنهم يقولون إله واحد أمين، وبالتالي عندما يقولون نبدأ بالتعدّد وننتهي بالتوحيد، هناك التوحيد الإلهي، الله سبحانه وتعالى يُنظَر إليه من عدّة زوايا من مكعب زجاجي هو إله واحدٌ فقط، ولكن ينظر له من زوايا متعدّدة. <o:p></o:p>بالتالي، دعوة المحبة التي بشّر بها السيّد المسيح والتي جاءت في الإنجيل كثيراً وموعظة الجبل التي تهتزّ لها المشاعر عندما قال طوبى للحزانى طوبى للولعاء، وعنندما قال جئت لأطبّب منكسر القلب، كلّ هذه الأمور تجعل للمسيح عليه السلام منزلة خاصة عند المسلمين، ليس عيسى فقط، ولكن كل الذين ينتمون للمسيح وللديانة المسيحية لهم تقديرهم، سواء في القرآن أو في السنّة النبوية. على سبيل المثال في سورة المائدة "ولتجدن أقربهم مودة الذين قالوا إنا نصارى"، والنصارى هنا هم الذين اتبعوا المسيح، وهم الذين يمتدّ وجودهم حتى هذا اليوم بجميع طوائفهم وبجميع انتماءاتهم. <o:p></o:p>وبالتالي، عندما نحتفل بعيد ميلاد السيّد المسيح، فإننا نحتفل بعيد المحبة، وهذا ربما كان الأستاذ عباس العقاد بعبقرية المسيح وبحياة المسيح، قال لا نتكلّم عن الخلافات ولكن نتكلّم عن الدعوة، الدعوة الجوهرية، الدعوة التي بشّر بها كلّ الأنبياء على مدار التاريخ، وظهر لنا عيسى عليه السلام، "تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض منهم من كلّم الله". إذاً كان له أفضلية هذا أسلوب فيه تخصيص، وندعو كل المسلمين أن ينظروا إلى الإخوة المسيحيين على هذا الأمر، لأن هناك بعض الفتاوى التكفيرية التي تقول هم مشركون، هم يعبدون المسيح، هم، هم، لكن النظرة الحقيقية واعتقد أن الأزهر الشريف جاء بهذا الأمر، النظرة هي أن المسيح وأمه مريم العذراء كان لها أفضلية سابقة على أمومتها للمسيح، وربما كانت هذه الأفضلية هي التي مهّدت لها الطريق لكي تصبح أماً للسيّد المسيح عليه السلام، وتكون مصطفاة من الله، "إن الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين"، وحتى عندما نظر إليها زكريا وجد عندها رزقاً، وبناءً على ذلك كانت هي فاتحة الخير على بني إسرائيل ثم على المسيحيين.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور علي من فضلك، في هذا السياق، ما دمت أنت قد كرّست مفردة أساسية في القرآن الكريم وفي السنّة النبوية، هي أنّ المسيحية دين سماوي ونبي الله عيسى رسولٌ مقدّس.<o:p></o:p>كيف يجب أن نتعاطى مع وسائل الإعلام التكفيرية التي دأبت على تكفير المسيحيين وأنّهم مشركون وأنهم مثلثون، وبالتالي الدعوة إلى قتلهم جهاراً نهاراً، والاعتداء على كنائسهم ومقدّساتهم؟ أما آن للعالم الإسلامي أن يضع حداً لهذه المذابح، لهذه المجازر، باسم الله يُقتَل أهل الله؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>علي أبو الخير: بالنسبة للمؤسسة الدينية الرسمية تقوم بعملها ولكن الفكر، هذا الفكر، كنا رصدنا أنه تم انفاق 75 مليار دولار خلال 30 عاماً، يكفّرون ليس المسيحيين فقط ولكن يكفّرون الصوفية ويكفّرون الشيعة ويكفّرون كل من عداهم، ولكن هناك دور محوري سواء على المؤسسات الدينية الرسمية أو على أهل التصوّف أو على مذهب أهل البيت، كلّ هؤلاء يجب أن يتصدّوا  لهذا الفكر، كيف؟ ليس بالتعامل الأمني وحده ولكن لا بدّ من إجراء سلسلة من الحوارات والفتاوى، ودار الإفتاء في مصر أنشأت مرصد الفتوى لتردّ على الفتاوى الشاذّة، ولكن هذا لا يكفي أيضاً، يجب أن يتكاتف الأكاديميون ويتكاتف المفكّرون ورجال الدين حتى يُظهِروا الحقيقة في وسائل الإعلام وغير وسائل الإعلام، سواء علاقتهم بالمنابر أو في الدروس في الزوايا والمساجد، ومحاربة هذا الفكر على المستوى المالي الاقتصادي لأنهم يموَّلون تمويلاً سخياً، وهذا الأمر ربما يحتاج إلى جيل أو جيلين حتى يتم القضاء على هذا الفكر ليس في المنطقة العربية والإسلامية وحدها ولكن على مستوى العالم بأسره.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: نعم، دكتور علي، والعجيب أن هؤلاء يفجرّون الكنائس ويفجرّون المساجد ويفجرّون الحسينيات، لا نعرف أين يريدون أن يُعبَد الله، في أي مكان.<o:p></o:p>دكتور ميشال، البداية كانت مثيرة، عيسى عليه السلام كان مثيراً للعقل، بدايته لم تكُ طبيعية، هو خلاف البشر، هو كآدم، آدم صحيح خُلق من دون أب ومن دون أم، لكن عيسى جاء من دون أب، مريم البتول حملت به واصطفاها الله تعالى، فكانت البداية.<o:p></o:p>ألا تدلّ هذه البداية على أنه سوف يأتي بأمرٍ عظيمٍ؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: في القرآن الكريم ورد الكثير، الكثير الكثير أيضاً بحسب معرفتي وقراءتي مرات عدّة للقرآن الكريم، أنّ آدم خلق من دون أب، وكذلك المسيح يختلف نوعاً ما عن آدم بأنه وُلِد من دون مساس رجل لأمرأة ولدت إنساناً، نزل إنساناً على الأرض وتجسّد جسد الإنسان ولكن روح الله فيه. هذا لم أقل ذلك من عندي، إنما كل ما أقوله الآن هو وارد في القرآن الكريم، وورد عندك دكتور يحيى كلام حول المشرك والكفر أيضاً، لم يعرفوا على الإطلاق ما معنى كلمة الشرك وما معنى كلمة الكفر، جميع الناس، القرآن الكريم لم يدّعِ مرّةً أنه وصف الإنسان غير المسلم بالمشرك أو الكافر، فالكفر والإشراك يكون للإنسان الذي لا يعترف بالله، وهنا يجب أن ننوّه هذا الكلام، ويجب أن نعطيه بدليلٍ قاطع إلى جميع الناس، مسلمين ومسيحيين، بأن يقلعوا عن هذه الظاهرة، لأنّ الشرك والكفر ما كان على الإطلاق إلا للإنسان الذي لا يعرف معنى الله، والذي لا يعرف أن هناك الله، ولا إلى آخره.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: ثم الطرائق إلى الله بعدد أنفاس البشر، كلٌ له وجهة في التعر¬ف إلى المعبود، إلى الحبيب، إلى المعشوق، فإذا كان هذا تعرّف إلى الله من خلال عيسى أكرم بها، إذا تعرّف إلى الله من خلال محمّد أكرم بها، إذا عرف الله من خلال العقل مرحباً، إذا عرف الله من خلال كونفوشيوس مرحباً. لا داعي أن نكون وكلاء لله نقتل باسمه على الأرض.<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: هذه ظاهرة غريبة، ظاهرة غريبة. بهذه الساعة عندما نتحدّث عن المسيح في القرآن أو المسيح الذي قال بنبيٍ بعده أو أو إلى آخره، ففي الحقيقة إننا نتحدّث عن كثير من الأمور التي يجب أن ننوّه بها، وأن يعرفها البشر، فالمسلم أولاً وأخيراً يجب أن يعرف أنه هو مسلمٌ لله، وأنا كمسيحي يجب أن أعرف أنني مسلمٌ لله، وجميعنا لله، جميعنا نعمل في سبيل خدمة البشر وسلام البشر على الأرض بقاطع دليل من الله تعالى وسبحانه.<o:p></o:p>فلذلك البداية للمسيح يجب أن يعرفها المسلم، بكلّ بساطة وصراحة. ألم يعرف المسلم، ألم يقرأ القرآن الكريم، ألم يعرف أن عيسى المسيح الذي قال سلامٌ عليّ يوم أولد ويوم أموت ويوم أبعث حياً، وولد ولادة غير طبيعية؟ ألم يكن نبياً قاطعاً المسافات من فوق إلى تحت ليأخذ مكانه في الناس، وكذلك الرسول؟ <o:p></o:p>بداية المسيح هي بداية يجب أن يعرفها الناس بطبيعة واضحة وبوضوح كامل، لأنّ المسيح أن يُكفَر به يعني الإنسان المسلم قد كفر بالله، والمسلم عندما لا يقرّ بالمسيح وبسلام المسيح معناها لا قيمة له، وهنا يجب أن أنوّه صراحةً، في المسيحيين أيضاً هناك أشخاص لا يعرفون ذلك على الإطلاق، وفي الإسلام هناك أشخاص لا يعرفون ذلك على الإطلاق. المسيحيّ الذي لا يعرف من هو المسلم هو مخطئ، والمسلم الذي لا يعرف من هو المسيحي فهو أيضاً مخطئ.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: ويقيناً لو ارتقينا إلى مستوى الأنبياء لما تقاتلنا وتذابحنا، لأنّ النبيّ كائناً من كان النبيّ لا يمكن أن يكون داعية قتلٍ وكراهيةٍ واستئصال.<o:p></o:p>دكتور ميشال لدي فاصل سأمضي إليه، ثم أعود إليك.<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: سبقتني إلى هذا الكلام.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: مشاهدينا فاصل قصير ثم أعود إليكم، فابقوا معنا.<o:p></o:p><o:p> </o:p><o:p> </o:p>المحور الثاني<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: مشاهدينا أهلاً بكم من جديد. عدنا والعود أحمدُ. ومن أدرك حلقتنا الآن، نحن نعالج موضوع نبي الله عيسى عليه السلام في القرآن والإنجيل.<o:p></o:p>دكتور علي أبو الخير، كنا نتحدّث عن بدايات عيسى عليه السلام الملفتة، وأنت تعلم أنّ المعجزة الهدف الرباني منها إثارة العقل البشري، لا شكّ أنّ الأمة آنذاك، بنو إسرائيل سيتوقّفون عند هذه الظاهرة، أيعقل مريم التي عرفناها طاهرةً ناسكةً تأتينا بغلام من دون أب؟ لماذا كانت البداية كذلك؟ ما هي دلالتها، رمزيتها العرفانية الربانية اللاهوتية؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>علي أبو الخير: أولاً المسيح عليه السلام جاء من دون أب في هذه المعجزة التي تحدّثتم عنها، والقرآن الكريم قالها صراحة "إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون". الأناجيل جميعها تؤكّد وتقول دائماً، الرسول الوحيد الذي تحدّث عن نفسه باسم الإنسان، ابن الإنسان، دائماً يقول ابن الإنسان قادماً في ملكوت، ابن الإنسان أرسل إلى الضعفاء، ابن الإنسان، فهذه الإنسانية التي جاءت بمعجزة ليست في الولادة فقط ولكن في المعجزات التي صاحبته طوال حياته القصيرة على وجه الأرض.<o:p></o:p>مثلاً أحيا الموتى، أبرأ الأكم والأبرص، فهذه الأمور لم تحدث على يد بشر ولا على يد نبيٍ آخر، كانت هذه الدلالة أن الله قادر، الدلالة الأولى أن الله قادر على أن يخلق من دون أب، أو من دون أم أو أب، هذه الناحية تكرّرت مرة في التاريخ البشري، والدلالة الأخرى أن هذا الذي خلق من أم واحدة فقط أو جاء من أم من دون أب، هذه الأم الطاهرة المقدّسة تكون نموذجاً للنساء ويكون المسيح نموذجاً للرجال وللإنسانية كلها.<o:p></o:p>نحن نرى أن السيّد المسيح عندما جاء بدعوة المحبة وجاء يمسح على رؤوس اليتامى ويمسح على رؤوس المساكين ويطبّب منكسر القلب، هذه هي الدعوة الحقيقية إلى جانب طبعاً دعوة التوحيد، ولذلك نلاحظ حتى في السلوك المسيحي والسلوك الإسلامي هذا الأمر، النجاشي ملك الحبشة استقبل المستضعَفين المسلمين المهاجرين وبشّرهم وحماهم حتى عادوا، والرسول صلّى الله عليه وآله استقبل وفد نصارى نجران وسمح لهم بإقامة قداس في داخل المسجد النبوي، هذا التآخي يجب أن يكون هو النبراس الذي تسير عليه الأمّة، يجب توضيح هذه الأمور، وأنّ المسيحيين بأسرهم، صحيح هناك فرق شاذّة، ولكن أنا أتحدّث بإجمالهم والمسلمين بإجمالهم من دون التكفيريين هم شركاء في العقيدة وشركاء في الوطن وشركاء في الإنسانية.<o:p></o:p>نذكر هنا عندما حدثت محاججة سريعة قصيرة أذكرها، عندما احتج الحجّاج الثقفي على أن الحسن والحسين لم يذكرا في القرآن، فيحيى ابن يعمر أكد على أنّ المسيح ابن لإبراهيم عن طريق العذراء مريم، وكلّنا من نسل هذا النبي إبراهيم. وبالتالي نحن نتحدّث عن دعوة المحبة ودعوة العدل التي جاء بها الإسلام، ونؤكّد على هذا الأمر سواء كما جاء في الإنجيل وما تحدّث به الدكتور ميشال على رأسنا جميعاً، ونستطيع أن نقول إنّها دعوة واحدة، إن الدين عند الله الإسلام. من هو المسلم؟ المسلم الذي لا يؤذي أحداّ سلم الناس من لسانه ويده.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور علي، ورحم الله النجاشي حاكم الحبشة عندما أعطى الأمان للمسلمين وقال لجعفر الطيّار إذهبوا وعيشوا في أرضي في أمان ولا يوجد بين ديننا ودينكم أي فرقٍ، كان ذلك النجاشي.<o:p></o:p>دكتور ميشال، دعني أتطرّق إلى موضوع آخر موازٍ للإعلام التكفيري التضليلي في الدائرة الإسلامية. نعم، هناك إعلام تكفيري تضليلي في الدائرة الإسلامية يدعو إلى قتل المسيحيين لأنهم مشركون. بالمقابل هنالك إعلام مسيحي يدعو إلى القضاء على المسلمين ويشكّك في قرآنهم وفي نبيّهم، وهذه القنوات وأتابعها باستمرار تبثّ من قبرص، من الولايات المتحدة الأمريكية. ألا يجب أن نضع حداً لها للقضاء على الفتنة في الدائرة الإسلامية والدائرة المسيحية معاً؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: الضرورة تقضي القضاء على مثل هذا الإعلام، الضرورة تقضي، الضرورة الأخلاقية والضرورة الإنسانية، وأعني ما أقول، الضرورة الدينية.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: صحيح.<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: أعني ما أقول، كل هذه الأمور التي تحدّثنا عنها، تحدّثنا عن الشرك وتحدّثنا عن الكفر وتحدّثنا عن كثير من المعطيات في الديانتين الإسلامية والمسيحية، يقضي علينا أن نكفّ عن هذه العطاءات وعن هذه الأفكار الهدّامة، لأنّها لا يمكن أن تصل بالإنسان إلا إلى الهلاك، وعندما نقرأ بدقّة القرآن الكريم، وعندما أعود إلى الرسائل الإيمانية، رسالة بولس ورسالة بطرس ورسالة يوحنا ورسالة لوقا وكل هذه الرسائل التي قرأتها أيضاً في الإنجيل لأنها كانت من مهماتي الأساسية، وعندما كتبت أطروحة الدكتوراه عن الإمام علي كان يجب عليّ أن أقرأ القرآن أكثر من خمس مرات حتى أعرف إلى أين سأصل. من الضروري جداً ومن هذا المنبر أتحدّث وأقول.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: ودعني قبل أن تسترسل، أشيد بكتبك كافة، وصلني القديم ووصلني الجديد الآن، "الزهراء أولى الأديبات"، وهو كتاب يتحدّث عن فاطمة الزهراء أديبة وشاعرة، أليس كذلك؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: أولى الأديبات.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: أولى الأديبات، أحسنت، "في رحاب الوجدان"، وهذا ديوان شعري.<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: هناك خمس قصائد عن آل البيت ومواقفي الشعرية.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: وأيضا كتاب "الإمام زين العابدين والفكر المسيحي".<o:p></o:p>هل تريد أن تقول أن فاطمة الزهراء بنت محمّد ابن عبد الله كانت أديبة وشاعرة في المدينة المنوّرة؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: وصفتها أكثر من أديبة، ووصفتها أكثر من بليغة، وصفتها بالقدّيسة.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: بالقدّيسة.<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: وعندما تقرأ جيّداً الزهراء وبلاغة الزهراء ومواقف الزهراء كمعلّمة للرجال والنساء، وكقادرة في وضع الدين في رحابه ونصابه الأصيل، تجد أنّ هذه المرأة التي عاشت فقط 18 سنة و75 يوماً لا أكثر ولا أقلّ، وصلت إلى هذا المستوى، هذه لم تكن هيّنة ولم تكن ظاهرة إنسانية على الأرض، بل هي ظاهرة نبوية أيضاً، لذلك وصفتها بالقدّيسة، كما وصفت آل البيت بالقدّيسين، وأتيت بأكثر من 350 مرجعاً من مكتبة الفاتيكان كلها تشهد للإمام الحسين، حتى هناك أنطوان بارا، لنأخذ مثلاً على ذلك، أنطوان بارا يقول على لسان أحد الأباطرة الكبار والبطاركة الكبار والبابوات الكبار، منهم قال لو كنت حسينياً لأمرت بعبادته ومحبته.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: أنطوان بارا صاحب كتاب"الحسين في الفكر المسيحي". <o:p></o:p>نعود إلى موضوعنا. إذاً بين عيسى ومحمّد خط رقيق ومسافة قصيرة، وكلاهما يفضي إلى الله، وأيضاً عندما نعمل النظر في مصاديق دعوتهما، كان عيسى داعية سلام، وكان محمّد داعية سلام، كان عيسى داعية رحمة ومحمّد قال فيه تعالى "وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين"، كان عيسى محباً للفقراء والرسول يقول "من تكبّر على الفقراء ليس منّا"، وكان يعتبر الفقراء ويقبّل أيدي الفلاحين والعمال ويقول هذه يدٌ يحبّها الله ورسوله.<o:p></o:p>إذاً من ذا الذي يسعى للتفريق بينهما وتحديداً في شرقنا العربي؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: ورد في القرآن الكريم وفي الإنجيل المقدّس، محذّرين الأنبياء والرسل، المصطفى الرسول والمسيح نبّها إلى عمل الشيطان في البشر، وبالفعل عندما نبّه الرسول محمّد عن الشيطان في البشر، وعندما نبّه المسيح عن الشيطان في البشر، لم يكن ذلك مجرّد فكرة أو مجرّد فكرة عابرة، لا، وإنما هناك حقيقة وصلنا إليها اليوم، من يقوم بذبح الطفل، ومن يقوم بهدم الكنيسة، ومن يقوم بهدم المساجد، ومن يقوم بكلّ هذه الأعمال التي لا يقرّها بشر ولا يقرّها إنسان؟ من يقوم بها؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: وأضف إلى ذلك من يقوم بتفخيخ ابنته وإرسالها إلى مقر للشرطة ويفجّرها عن بُعد.<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: ألم يكن هناك شر وشيطان؟ إذاً أنا أثبّت بعد هذه السنين والأعوام والقرون الطويلة، أعود لأنبّه إلى ما قاله الرسول وإلى ما قاله المسيح عيسى وإلى ما قاله الأنبياء عن الشيطان الذي يستفحل. الشيطان اليوم مهستر يا دكتور يحيى، مهستر، الشيطان مهستر بدليل ما نرى وبدليل ما نشاهد، وعلى المؤمنين من مسيحيين ومن مسلمين أن يتفقوا على نقطة، بالنتيجة واصلة إلى بعضها البعض، إن قلت أتى أو قلت قدم الكلمة واحدة والخيار واحد والنتيجة واحدة، يجب علينا أن نقف وقفةً لا يمكن أن نحيد عنها على الإطلاق، عندما نقرأ الإنجيل والقرآن يجب علينا أن نقوم بمثل هذه الحلقات التي نقوم بها اليوم. أنت مشكور، لأنّ مثل هذه الحلقة هي تنبيه مطلق، هي تنبيه للعالم الإسلامي وللعالم الذي يدّعي الإسلام، يجب أن نقول له أنت الإسلام ما قال إلا بالرحمة وما قال إلا بالسلام، أين أنت من الرحمة وأين أنت من السلام؟ ونقول للمسيحي الذي يأخذ التزمّت طرفاً، يجب أن يبعد عن التزمّت، وللمسلم أن يبعد عن التزمّت، لأننا بالنتيجة دين واحد. أما قال سيأتي المهدي؟ من هو المهدي؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: سنتطرّق إلى هذا في آخر حلقتنا إذا سمحت، لكن دعني أقول لك أنني والله أحبّ المسلم والمسيحيّ واليهوديّ أيضاً والبوذي والكونفوشيوسي، طبعاً الصهيوني بيننا وبينه حساب أرضٍ وحساب جيلٍ قُتِل وذُبِح من الوريد إلى الوريد في فلسطين.<o:p></o:p>دكتور علي أبو الخير، في فترة من فترات الراهن العربي كان هنالك حوار إسلامي مسيحي، كانت هنالك لقاءات، كنا نجتمع صوناً لحضارتنا العربية. اليوم مع زيادة المدلهمات وكثرة التحديات غاب هذا اللقاء، هذا الحوار، علماً أنّ المدرسة المسيحية قدّمت لنا رجالات في النضال. بالأمس القريب ودّعنا المناضل الكبير هيلاريون كبوجي رحمة الله تعالى عليه الذي قدّم حياته للمسيح وللعروبة في نفس الوقت. فإلى متى نبقى صامتين والأمركة الزاحفة والتكفير الزاحف يفرّق بيننا ويفرغ شرقنا من المسيحيين ومن المسلمين المعتدلين أيضاً؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>علي أبو الخير: كان المفكّر الإسلامي الراحل مالك ابن نبي يقول عن المنطقة العربية أو المنطقة الإسلامية بصفة عامة إنّها قابلة للاستعمار وقابلة للتوتّر، عندها قابلية للاستعمار، هذه المشكلة أنّ هناك ضعفاً وفقدان مناعة سياسية جاءت بهذه النوعيات الإرهابية لتقتل، وبالتالي يتوقف الحوار الإسلامي المسيحي، على سبيل المثال كان هناك الشاعر والكاتب الكبير جورج جرداق، "علي صوت العدالة"، وقداسة البابا شنودة الراحل له كتاب مهم جداً اسمه "المسيح عليه السلام في القرآن الكريم"، كان هناك حوار إسلامي مسيحي في لبنان وفي مصر برعاية المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وهناك نوعيات، ولكن المشكلة الأساسية أنّ هناك فكراً أنفِق عليه المال ودُعِم بالمخابرات الصهيونية والأمريكية، والذي يريد تفتيت هذه المنطقة، ليس فقط بين المسلمين والمسيحيين، ولكن بين السنّة والشيعة، بين السنة والإباضية في المنطقة، بين العروبيين وبين الليبراليين وبين القوميين، فهذه مؤامرة كونية مفروضة يستخدمون فيها هؤلاء القتلة الذين يقتلون باسم الدين. <o:p></o:p>خلال فترة التنوير التي صاحبت النهضة العربية لم نجد هذه الأشكال، ولكنّها ظهرت بالفعل مع تزايد أسعار النفط، مع الإنفاق البالغ عليهم، مع التعاون مع الصهيونية والأمريكية، وبالتالي لا بدّ من أن يكون هناك ليس حواراً فقط ولكن يكون هناك إسهام وجهد سياسي وعسكري واقتصادي مشترك بين الدول لتحمي المواطنين على اختلاف دياناتهم، مسلم أو مسيحي أو يهودي، ليس صهيونياً، وعُقِد على سبيل المثال منذ أيام قلائل مؤتمر للمسلمين والبوذيين من بورما في القاهرة برعاية الأزهر الشريف، هذا أمر محمود وهناك، ولكن هنا يجب أن نجلس الكبار وأن تتحمل الدولة الوطنية، أن تحارب هذا الفكر عسكرياً وأمنياً بضراوة وتمهّد الطريق لتجديد وتغيير الفكر الديني الحقيقي، حتى يمكن أن يبدأ جيل جديد، هذا الجيل يعرف جيّداً أنّ كلّ البشر متساوون في الحقوق والواجبات، وأنّ كل البشر على اختلاف أديانهم هم إخوة، نموذج الإمام علي وهو يقول الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، نموذج، ونماذج كثيرة جداً سواء من رسالة السيّد المسيح أو من رسالة سيّدنا محمّد، ويجب أن يكون هناك دعوة مشتركة في هذا الأمر تتبناها الحكومات قبل الشعوب.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور علي، البابا يوحنا بولس الثاني الذي التحق بالرفيق الأعلى طلب المغفرة من المسلمين لما تصوّر أنّ المسيحيين قد فعلوا بعض الفعال في حق المسلمين. أتمنّى من علماء الإسلام أن يطلبوا أيضاً المغفرة من المسيحيين الذين قتلوا في أرمينيا وذُبِحوا في العالم العربي والإسلامي، وهكذا يبدأ الوفاق بأن نتنازل ونتأدّب ونتواضع مع الله ونقدّس الروح ونقدّس الإنسان، بل نقدّس الحيوان، بل نقدّس الجماد، ونقدّس النبات أيضاً.<o:p></o:p>دكتور ميشال، واحدة من تضاريس الكون في نهايته أن عيسى والإمام المهدي سيلتقيان، ورد هذا في صحيح البخاري، في صحيح مسلم، في سنن النسائي، في الترمذي، في كتب مدرسة أهل البيت. هذا التلاقي لكأنّه يشير إلى تحالفٍ استراتيجي بين أكبر ديانتين في القارات الخمس، عدد أتباع المسيحية اكثر من مليارين ونصف المليار، عدد أتباع الديانة الإسلامية مليار وسبعمئة مليون إلى حدِ ما، فسوف يلتقي هذان الدينان من خلال عيسى والمهدي.<o:p></o:p>هل ورد في الإنجيل شيء من هذا القبيل؟ هل ورد في الإسلام شيءٌ من هذا القبيل؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: بالعودة إلى المطران هيلاريون كبوجي تحدّثت.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: رحمة الله عليه، رحمة الله عليه.<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: رحمة الله عليه، لأنه إنسان فعلاً يمتاز بكثير من العطاءات الأخلاقية والانفتاح الكبير.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: ولأن بعض التكفيريين يقولون هذا مسيحي كيف تترحّم عليه، أيعقل، هذا لا يقول لا إله إلا الله محمّد رسول الله؟ ولذلك أنا أكرّس مقولة الرحمة على المسيحي وعلى المسلم وعلى البوذي وعلى الكونفوشيوسي، رحمة الله تسع الناس جميعا. تفضّل.<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: أنا سأقول أكثر من هذا. كلمة بسم الله الرحمن الرحيم وكلمة لا إله إلا الله، هذه الآيات أو هذه الكلمات وردت عند الرسُل الذين عملوا بإدارة ومحبّة وتحت رحمة المسيح، بولس قال بسم الله الرحمن الرحيم، وأول زيارة قام بها مار مارون إلى الشمال، افتتح خطبته بسم الله الرحمن الرحيم، عندما نقرّ ونعترف بأنّ المنفتح على الديانتين، من قرأ الإسلام بشيءٍ من الدقّة والوضوح، ومن قرأ المسيحية بشيء من الوضوح كما أنا فعلت يرى أنّ المهدي المنتظر هو المسيح كما يقول هيلاريون كبوجي، والمسيح المسيحيون ينتظرونه بفارغ الصبر، لكي يخلصوا، القسم منهم، لكي يخلصوا من هذه التفاهات التي نسمعها والتي يقومون بها، لا، المهدي نحن ننتظره وهو سيأتي ليخلّص العالم كما جاء في بعض الدراسات الإسلامية، وطبعاً في القرآن الكريم، من يدرس فواصل القرآن الكريم يجد ذلك بدقة، وعندما يجد ذلك بدقة ينهي من عقله قصّة التزمّت وقصة التعصّب، وكذلك المسيحي، وأنا على علم وعلى ثقة بأنّ لا المسلم يعرف ما هي الديانة المسيحية ولا المسيحي يعرف ما هي الديانة الإسلامية.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: للأسف.<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: لذلك أحيانًا كثيرة عندما أقرأ، أرى أنّ كلّ الأشياء التي جاءت في القرآن وفي الإنجيل بالنتيجة ستتلاقى لتمثّل جزءاً واحداً ولتمثّل عملاً واحداً ولتمثّل قضيةً واحدةً هي الإيمان بالله.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: إذاً دكتور علي، "تعالوا إلى كلمةٍ سواء"، عندما قام الكيان الصهيوني بحظر الأذان في القدس الشريف أعاده الله إلى ديارنا محرّراً عزيزاً مكرّماً، أذِّن الأذان في كنائس النصارى حفظهم الله وانطلقت كنائس القدس ترفع الأذان، الله أكبر الله أكبر أشهد ان لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله.<o:p></o:p>إذاً المسيحيون هم جزءٌ أساس من النضال لاسترجاع فلسطين، أليس كذلك؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>علي أبو الخير: أكيد، لأنّ الكيان الصهيوني عندما احتل القدس الشريف احتل كنيسة المهد مع المسجد الأقصى، لم يفرّق، حتى هناك بعض، هناك كنيسة قبطية خاضعة للكنيسة المصرية أيضاً احتلّها، وأمور كثيرة جداً، لكن الكيان الصهيوني هو عدو لليهودية قبل الديانة المسيحية والإسلام.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: صحيح.<o:p></o:p><o:p> </o:p>علي أبو الخير: وعندما نحارب الصهيونية نحارب من أجل التقاء الأديان جميعها على كلمةٍ سواء، وهي الكلمة الجامعة للناس جميعاً، وبالتالي لا بدّ من فضح هذه الصهيونية واقتراب المسيحيين من المسلمين داخل كلّ قطر، لأنّ هناك مقولة في الغرب يروَّج لها أنّ المسيحيين في المنطقة يقلّون ويطارَدون ويُقتَلون وهناك حال من حالات التفريغ الديني لهم، لكن لا بدّ من أن يعود هؤلاء الذين شُرّدوا ويعود كل فرد إلى دينه ويلتقوا على كلمة واحدة هي الكلمة السواء والحوار بالتي هي أحسن.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور علي أبو الخير شكراً جزيلاً لك كنت معنا من أرض مصر التي نحبّ أمّنها الله تعالى.<o:p></o:p>دكتور ميشال، كلمة أخيرة للمسلمين والمسيحيين، بإيجازٍ شديد.<o:p></o:p><o:p> </o:p>ميشال كعدي: أرجو من المسيحيين أولاً ومن المسلمين ثانياً أن يلتقوا على المحبة لا على السياسة، كلّ ما حصل معنا حتى اليوم كانت السياسة هي سبب من أسباب التخريب بين المسيحية وبين الإسلام، أطلب من المسيحيين المؤمنين ومن المسلمين المؤمنين أن يأخذوا بهذه النهاية، "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم"، المسيح وُصِف في القرآن بروح القدس، هل عرف ذلك المسيحيّ عندما قال القرآن الكريم المسيح والقدوس؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: تعالوا إلى كلمةٍ سواء، ذلك هو العنوان، تلكم هي الطريق، ذلكم هو النهج الذي يجب ان نكرّسه في عالمنا العربي والإسلامي.<o:p></o:p>شكراً جزيلاً دكتور ميشال كعدي. وصلت حلقتنا إلى تمامها. <o:p></o:p> مشاهدينا وصلت حلقتنا إلى تمامها. إلى أن ألقاكم هذا يحيى أبو زكريا يستودعكم الله الذي لا تضيع أبداً ودائعه.<o:p></o:p>