الكاتب سايد فرنجية

نص الحلقة

<p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: مساء الخير.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">قبل قرن، وفي غضون أعوام قليلة، تتالت الأحداث وحصلت النكبات التي أدّت إلى تمزيق المشرق.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">راقبوا معي: اتفاق سايكس-بيكو (1916)، وعد بلفور (1917)، انهيار الإمبراطورية العثمانية، <br> إعلان لويد جورج-كليمونسو (1918)، مؤتمر الصلح واتفاق كليمنصو-فيصل (1919)، إعلان ولسون أي إعلان حقوق الإنسان، الحرّيّات، البطريرك الحويّك وأساقفته وداود عمّون في باريس (1919 و1920). <br> وفي الوقت نفسه انتداب على سوريا ولبنان وإعلان دولة لبنان الكبير. أربع سنوات في مطلع القرن الماضي تركت أخاديدها على جسد المشرق. وبعد مئة عام يتوجّب قراءتها بعناية.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">في الشأن اللبناني قام الأستاذ سايد فرنجية بجهد مشكور عبر كتابين: الأول: <br> <u>التيارات السياسية ضمن الطائفة المارونية في لبنان</u>، والثاني: <u>التاريخ لا ينتظر</u>. <o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">ولأن لبنان الكبير الذي كان للموارنة الدور البطريركي في تأسيسه، ولأنه غضّن في مئة عام أعطاباً كثيرة، سنحاور الأستاذ فرنجية بعد أن نعرّفكم به.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">&nbsp;</span></p><h3 align="center" dir="RTL" style="text-align:center"><span lang="AR-LB" style="font-family:&quot;Times New Roman&quot;,&quot;serif&quot;;mso-ascii-font-family:Cambria; mso-hansi-font-family:Cambria;mso-bidi-language:AR-LB">التقرير<o:p></o:p></span></h3><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">&nbsp;</span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">وُلد سايد فرنجية في زغرتا عام 1944. وتلقّى دروسه التكميلية والثانوية في مدرسة الفرير في طرابلس، ثم نال إجازة في التاريخ والإعلام من الجامعة اللبنانية والجامعة العربية. وحصل على دبلوم في الدراسات العليا في التاريخ الحديث من جامعة السوربون في باريس.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">تابع فرنجية دراساته العليا في الجامعة اللبنانية. وانخرط في الشأن العام والعمل السياسي. ومارس الصحافة والإعلام والكتابة السياسية، فكتب عشرات المقالات في صحف لبنانية وعربية وأجنبية. كما شغل مركز مدير الأخبار والبرامج السياسية في تلفزيون الجديد وتلفزيون </span><span dir="LTR">ICN</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-LB"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>. وهو عضو مؤسّس في حركات يسارية وتيارات سياسية وهيئات وطنية وقومية ومدنية عديدة. كما حاضر في عشرات الندوات والمؤتمرات في لبنان والخارج. وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات حول الشأنين اللبناني والعربي في لبنان والعالم العربي وأوروبا. <br> ومن ضمن نشاطه السياسي ترشّحه للانتخابات النيابية في بيروت عام 1996 على لائحة الشعب.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">له مؤلفان هما: <u>التيارات السياسية ضمن الطائفة المارونية في لبنان من عام 1918 إلى عام 1936</u>، <br> و<u>التاريخ لا ينتظر</u>.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">&nbsp;</span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: أهلاً بكم. أهلاً بك أستاذ سايد فرنجية أخاً وضيفاً عزيزاً في "أجراس المشرق".<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: أهلاّ بك.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: القارئ لهذا التاريخ يجد تياراً وازناً لدى الموارنة رجّح أو أعطى أفضلية للتعامل مع الغرب. لماذا؟ ما هي جذور هذا الانشداه نحو الغرب؟ جذور التعاطي مع الغرب؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: الله معك أولاّ. الله معك.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: أهلاّ بك.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: طبعاّ هذا له جذور تاريخية تبدأ مع الصليبيين وغزوهم المنطقة أي لبنان وسوريا وفلسطين، تُستكمَل بالتواصل مع الرسالة الشهيرة للملك الفرنسي لويس التاسع. فهذه من الأسس التي بنت هذه العلاقة. <br> ولكن في هذه الظروف وفي هذه العلاقة، في سياقها، لم يمنع، بالعكس تماماً، سُجّلت حالات في الأوساط المسيحية والمارونية انقضّت على الصليبيين في أماكن عديدة منها منطقة بشرّي، زغرتا، حدود طرابلس، ومنها في أماكن أخرى وفي أماكن لم تعد هذه المجموعات تحت عنوان المارونية، لم تعد بعد عشر سنوات من تقديم الدعم والتمويل، طبعاً قسم منه مدفوع ثمنه للصليبيين، تمنّعت عن ذلك. فمعنى ذلك أنه كانت ثمة بذور أيضاً مع كل العلاقة التي أستطيع أن أقول إنها كانت متينة بين الصليبيين والفرنسيين خصوصاً والموارنة في بداية .... ولكن ذاك التاريخ، وحتى القرن الثامن عشر، الإمارة المعنية، لم تكن هناك حالة شخصية مكوِّنة للموارنة. <br> كانت حالات، ناس، شعوب. لم تكن هناك مرجعية ولا قرار ولا مجموعات ولا أحزاب.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: ولا حتى مرجعية بطريركية واحدة؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: لم يكن لها تأثير. والمرجعية البطريركية كانت تنتقل من مكان إلى آخر. لم تكن ثابتة بعد، ولم يكن لها الدور نفسه الذي هو الآن أو منذ مئة سنة. فكانت هناك فعلاً علاقات، واستمرت هذه العلاقات، ثم تغذّت هذه العلاقات بعد --فلنُسَمِّه-- الاجتياح والاحتلال العثماني أيضاً مع الملك فرانسوا الأول الفرنسي. بدأ ضعف أو العلاقة التجاذبية بين دول الغرب والدولة العثمانية، أعطى للملك الفرنسي فرانسوا الأول بعض الحقوق بالامتيازات في الداخل للتدخّل في بعض الأقليات بما فيها تحت عنوان الأقلية المسيحية.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: من بين الغرب، لماذا فرنسا على وجه الخصوص؟ أنت ذكرت الملك لويس التاسع وفرانسوا الأول. لماذا فرنسا على وجه الخصوص؟ طبعاً الكلمة الشهيرة أن فرنسا هي الأمّ الحنون.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: الأمّ الحنون.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: من أين أتت هذه الأمومة المليئة بالحنان بين الموارنة والفرنسيين؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: يرجع أيضاً تاريخياً إلى الصراع الذي حصل بين مَن يسمّونهم آنذاك الكاثوليك والأورثوذكس في المنطقة التي هي أيضاً امتداد للصراع في مراحل الدولة الرومانية التي تبنّت المسيحية مع قسطنطين وبتأثير والدته هيلانة، وكان حينها هو مَن وضع فعل الإيمان. هذا من وضعه وليس من وضع رجال الدين المسيحيين. إلى البيزنطيين والصراعات.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: هذا في 325، أي في مجمع نيقية؟ أنت تحيل الأمر إلى مجمع نيقية الآن؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: لا، أقول بدايته. بدايته عندما استقرّت الكنيسة الكاثوليكية بدأ الربط بالكنيسة الكاثوليكية، على الرغم من أنه كان مركز القوة في روما، تأثّروا به، ولكن في ما بعد تأثّروا بفرنسا لأسباب عديدة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: هل لأن فرنسا كان يُطلَق عليها فاتيكانياً الابنة البكر للكنيسة؟ هل كان لبنان يريد أن يتماهى بأن يكون ابناً بكراً في المشرق للكنيسة الرومانية في روما مثلاً؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: في البداية كان الموارنة والمسيحيون الكاثوليك اللبنانيون والمشرقيون، ليس ثمة تسجيل لعلاقة بينهم وبين الكنيسة الكاثوليكية في إسبانيا مثلاً. توجد مع روما، مع روما خصوصاً أنه مركز البابوية. <br> ولكن روحياً وسياسياً أيضاً، خصوصاً سياسياً قبل روحياً ارتبطوا بفرنسا لأن بداية الغزوات الصليبية هي بداية الاستعمار، بداية مرحلة الاستعمار في مراحله الأولى. فمن هنا حصل الربط القوي، وتجمّع، أو بالأحرى أصبحت في فرنسا حالة من المركزية مع الملكية بعدما كانت مشتّتة بين الأمراء أي مراكز السلطة، تجمّعت في مركزية معيّنة، فصار الملك ... يؤدي دوراً، ومن ثم جيوشه كانت .... فرُبطت هذه العلاقة معهم. لاحقاً صارت ثمة علاقات تجارية في القرنين أو القرن ونصف القرن، تحديداً الحرير الذي قدّمت عنه حلقة جيدة جداً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: أي العلاقة بين فرنسا ولبنان عبر الحرير وليون والمصارف؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: هذه أحدث.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: هنا أريد أن أسأل: ما دور المهاجرين اللبنانيين الذين فرّوا من الاستعمار العثماني، من الحكم العثماني في تكوين التيارات المارونية في لبنان؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: بين 1900 و1920 حصلت هجرة من لبنان، خصوصاً مسيحية مارونية، إلى الخارج. الهجرة، أول سبب لها هو المجاعة، الفقر، ثم القمع العثماني. الهجرة ذهبت باتجاه أميركا الشمالية، أميركا الجنوبية، وفرنسا، وقسم منها إلى القاهرة -- مصر. الموارنة الذين هاجروا أجروا تواصلاً، وهذا كان منطقاً جيداً، أجروا تواصلاً مع المهاجرين السوريين والمصريين حيث وُجدوا. فحصل تفاعل. وظلّوا على حالة من الربط، ولو أن التواصل آنذاك لم يكن متوفراً كما يجب. عملوا حالة من استمرار حالة التواصل مع لبنان واستفادوا خصوصاً بين فرنسا وبين القاهرة من أجواء الحريات التي كانت سائدة. فدرسوا وكتبوا وناقشوا وشكّلوا جمعيات وأحزاباً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: هناك مجموعة من الجمعيات والتيارات تشكّلت؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: نعم.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: كانت لها جذور في لبنان؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: كانت لها علاقات مع الوضع السياسي في لبنان، طبعاً. ثم أحيانا ًيمكن أن يكون لها حزب أو جمعية رديفة في لبنان وتواصل. في باريس جمعيتان أو ثلاث، في أميركا الشمالية، وفي القاهرة. الجمعية اللبنانية كانت في باريس. حتى في القاهرة كانت الهيئة اللبنانية السورية. هذه كانت على تواصل، منها مَن هو مُشبَع بالعلاقة بالفرنسيين وضغط باتجاه هذا لفرض الانتداب وقبول الانتداب، ومنهم مَن كان رافضاً. نعود لهذه أن ثمة عدداً من التيارات. هذه بداية ظهور التيارات المارونية والخلافات حولها.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: إلى ماذا انقسمت هذه التيارات؟ هل هي تيارات لبنانية صرفة؟ تيارات لها علاقة بالمشرق بكامله؟ تيارات سوريّة لبنانية؟ هل انقسم الموارنة بين بعضهم البعض داخل هذه التيارات في رؤيتهم للعلاقة بالعثماني ومن ثم العلاقة بالفرنسي؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: طبعاً. كانت ثمة أربعة تيارات فعلية مقرِّرة: تيار ماروني لحدود التعصّب: فرنسا فقط، حماية فرنسي، حتى إنه لم ينادِ باستقلال لبنان، بل باستقلال لبنان وأن يكون حاكم لبنان فرنسياً وأن تكون اللغة الرسمية هي الفرنسية؛ أي من يوسف السودا إلى إميل إدّه إلى قشّوع إلى أيوب ثابت. وهناك تيارات نشأت، كانت تتمحور حول وضع لبنان وحول استقلالية لبنان، قسم منها متأثّر بالحركة الاستقلالية العربية التي انفصلت عن الدولة العثمانية وقاتلت مع الإنكليز والفرنسيين تحت عنوان أن نعطيكم الاستقلال العربي. هنا طبعًا، كالعادة، وعود فخيانات بريطانية، لكن العرب لا يتعلمون. هذه المجموعات اعتقدت أن التحرّر من الدولة العثمانية مع وهج انتصار الحلفاء نأخذ استقلالنا العربي؛ استقلال إمّا موحّد أو الدول العربية. أتى ما ذكرته أنت تماماً وهو أحد المقدّمات الأساسية هي سايكس-بيكو ووعد بلفور ومؤتمر سان ريمو عام 1920 الذي فرض، وافق على انتداب فرنسا على لبنان وسوريا، وبريطانيا على العراق وفلسطين، وأيضاً طلب تنفيذ الانتداب على هذه البلاد. <br> هذه ساهمت أكثر في تعميق وتجذير التيارات المارونية هذه. منهم مَن طالب بدولة لبنانية، باستقلال لبنان مع الانتداب الفرنسي. منهم مَن طالب باستقلال لبنان من دون الفرنسيين، من دون الحماية أو من دون الانتداب. ومنهم مَن طالب بالوحدة العربية السوريّة مع الاحتفاظ بكيان ذاتي، خصوصية للجبل اللبناني. وطلبوا بألّا يكون أي نوع من الانتدابات، لا فرنسي ولا بريطاني ولا أميركي، وطالبوا بحكم دستوري ديمقراطي. تيارات أخرى كانت جزءاً من التيار الذي يقول باستقلال لبنان مع الانتداب الفرنسي، فيها مجموعة من إميل إدّه وأيوب ثابت وداود عمّون، هؤلاء أرادوا أن يكون لبنان ملجأ المسيحيين، أي الجبل.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: القسم المعاكس مَن هو؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: البطريرك. البطريرك كان مع لبنان بضمّ الأقضية الأربعة إليه.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: البطريرك الحويّك.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: نعم، البطريرك الحويّك. لأن المجاعة حصلت منذ 1914 حتى 1920، البطريرك وبعض الشخصيات اعتبروا وطالبوا بضمّ البقاع وعكّار كسهول، القمح، المواد الغذائية، كي لا تتكرّر عملية المجاعة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: أن يكون هناك رديف غذائي لجبل لبنان.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: لجبل لبنان. فهنا كانوا مع الجغرافية. لكنْ قسم منهم، قلت لك، أربع أو خمس شخصيات...<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: هذا يدفعنا إلى السؤال عن دور الكنيسة المارونية، كما ذكرت، البطريرك الحويّك، والبورجوازية التجارية في تأسيس هذه التيارات وفي تأسيس لبنان الكبير.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: نعم. لا شك في أنه كان للكنيسة المارونية دور فاعل. أولا البطريركية كانت لها حالة رمزية فاعلة، والبطريركية بمعنى الدور السياسي. وكان معها بعض الشخصيات، ما ساعدها أكثر، الشخصيات كانت تحصل ... ... بينهم، الشخصيات المارونية. ما دعم البطريركية أكثر من الأشخاص هي البورجوازية المسيحية الوسيطة التي اعتقدت، معك حق، بأن دورها في الجبل ضيّق الأفق اقتصادياً وسياسياً. وهذه نمت وكبرت مع زراعة وتجارة الحرير، أي زراعة التوت والحرير ودودة الحرير، والتجارة مع ليون. توسّعت، نمت، كبرت، وصار لها مفعول، وأتت معها الوكالات والامتيازات الأجنبية في لبنان. فهذه بقراراتها وبإيعاز فرنسي، أيضاً الفرنسيون يريدون مصالحهم الاقتصادية، هذه اعتبرت أن الخروج من الجبل مهم نحو الأقضية الأربعة. ثانياً، من الأقضية الأربعة أي من الجبل يصبح لبنان الموحّد، لبنان الكبير عام 1920، هذا يفتح لها أفق العلاقة مع الداخل العربي.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: مع مَن وقفت فرنسا الانتداب؟ مع أي تيار وقفت؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: وقفت مع تيار البطريرك لأنهم كانوا متّفقين. هذا التيار بمعنى استقلال لبنان، دولة لبنان الكبير، تحت الانتداب الفرنسي. أيضاً لم يكن هذا ثابتاً جداً؛ حسب مصالحها. لأن الفرنسين كانوا أمام خيار بين ثلاثة أمور: الأمر الأول: مشروع وحدة سوريا كلها: لبنان، الجبل فيه بحكم ذاتي. أو دويلات طائفية، مشروع الدويلات الطائفية في سوريا ولبنان. أو الدولة الشاطئ من الناقورة إلى اسكندرون حلب.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: شرق المتوسط.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: شاطئ المتوسط. كانوا يفضّلون أن تكون هذه هي الدولة التي يرعونها أكثر. في النهاية، بعد معركة ميسلون وإعلان دولة لبنان الكبير وضمّ الأقضية، قسّموا أيضاً ثلاثة قرارات متتالية: القرار الأول، ضمّ الأقضية إلى جبل لبنان. الثاني، إعلان دولة لبنان الكبير. الثالث، ثلاث دويلات في سوريا. انظر التسميات ما (أجملها)، ما أسوأها.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: ذهبوا إلى الخيارات الطائفية.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: أقول كيف سمّوا الدويلات في سوريا: دولة دمشق، حلب لم يسمّوها دولة؛ حكومة حلب، ودويلة العلويين. حتى التسميات كان لها مدلول ومعنى سياسي.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: ودويلة في جبل الدروز؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: لم تكن. كانت ثلاث دويلات. عام 1920 أعلنوا سوريا ثلاث دويلات، ولبنان الدولة الرابعة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: سؤال: ما الصراعات التي حصلت بين الموارنة تحت راية الانتداب؟ هناك صراعات حصلت.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: طبعاً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: ما هي هذه الصراعات؟ مثلاً، هل صراع بشارة الخوري وإميل إدّه جزء من الصراع داخل مَن انتدب على لبنان، مَن ندب نفسه على لبنان؟ أي بين جنرال وجنرال من القائمقامين أو المتصرفين الذين حكموا لبنان؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: المرحلة هذه، مرحلة 1920 بإعلان دولة لبنان الكبير حتى 1925 التي فيها أحداث خارجية بما فيها الثورة في سوريا، سنتكلم عليها، الفرنسيون كالعادة كذبوا على اللبنانيين، لم يكن فيها رئيس جمهورية ولا حاكم لبناني ولا رئيس جمهورية لبناني.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: المفوّض كان.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: المفوّض السامي. لكن أقول على مستوى المؤسسات الداخلية، وحتى حاكم لم يضعوا ولم يعملوا رئاسة. لا توجد. هناك حكومات يشكّلونها كما يشاؤون، وكان هناك المجلس الإداري. المجلس الإداري عام 1920 كان سيأتي أعضاؤه التسعة منتخبين لبنانيين. التسعة أعضاء، اثنان منهم ضد، هما داود عمون وحبيب&nbsp;باشا&nbsp;السعد الذي كان مع وصار ضد لاحقاً، وعيّنوه ثم ترك. بقي سبعة. ذهبوا إلى المؤتمر مندوبين منتخبين، ذهبوا إلى مؤتمر دمشق، المؤتمر السوري في دمشق. حضر 85 مندوبا من لبنان وسوريا وفلسطين وأخذوا قرارات. وبينما كانوا عائدين اعتقلهم المفوض السامي، القوات الفرنسية اعتقلتهم وحاكمتهم من سبع سنوات إلى عشر سنوات ونفتهم إلى كورسيكا. واعتقلت معهم، وهذه هي المفارقة، شقيق البطريرك الياس الحويّك، يوسف الحويّك. واعتقلت ابن شقيق البطريرك، لاوون. واعتقلت صهر شقيق البطريرك. <br> واعتقلت سليمان كنعان، مندوب جزّين. واعتقلت ابن خليل عقل، مندوب البترون في المؤتمر وفي المجلس الإداري. أتى غورو وحلّه وشكّل بدلاً منه لجنة الإدارة بدل المجلس الإداري، وعيّن رئيساً لها داود عمون.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: اسمح لنا بأن نتوقّف مع فاصل.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">أعزائي، فاصل ونعود لمتابعة الحوار مع الأستاذ سايد فرنجية. انتظرونا إذا سمحتم.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">&nbsp;</span></p><h2 align="center" dir="RTL" style="text-align:center"><span lang="AR-LB" style="font-family: &quot;Times New Roman&quot;, serif;">المحور الثاني<o:p></o:p></span></h2><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">&nbsp;</span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي: تحية لكم. نبدأ بتقرير عن الأحزاب المسيحية في لبنان، ثم نعود لمتابعة الحوار مع الأستاذ سايد فرنجية.<o:p></o:p></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">&nbsp;</span></p><h3 align="center" dir="RTL" style="text-align:center"><span lang="AR-LB" style="font-family:&quot;Times New Roman&quot;,&quot;serif&quot;;mso-ascii-font-family:Cambria; mso-hansi-font-family:Cambria;mso-bidi-language:AR-LB">التقرير<o:p></o:p></span></h3><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">&nbsp;</span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">أسّس بيار الجميّل حزب الكتائب كحركة قومية لبنانية عام 1936، مستوحاة من حركة الفالانج الإسبانية. تصدّرت اليمين اللبناني في بدايات الحرب الأهلية. <o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">فيما أسّس إميل إدّه عام 1943 حزب الكتلة الوطنية الذي تسلّمه ريمون إدّه عام 1949. وكانت علاقاته متوتّرة بالكتائب. أفل نجمه بعد وفاة إدّه عام 2000.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">أسّس الرئيس الأسبق كميل شمعون حزب الوطنيين الأحرار عام 1958 بعد انتهاء ولايته. وينتمي أغلب محازبيه إلى الطائفة المارونية. شكّل عام 1968 الحلف الثلاثي مع حزب الكتائب والكتلة الوطنية. تراجع تأثيره بعد وفاة مؤسّسه عام 1987.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">فيما أسّس بشير الجميّل، ابن مؤسّس الكتائب، حزب وميليشيا القوّات اللبنانية عام 1976 والذي تحوّل إلى حزب سياسي.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">كما تشكّل تيار المردة كحزب سياسي لبناني وميليشيا سابقة عام 1968 في شمال لبنان. ويشكّل الموارنة أغلب أعضائه. اغتالت القوات اللبنانية مؤسّسه طوني فرنجية.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">أنشأ قائد القوّات اللبنانية السابق إيلي حبيقة الحزب الوطني العلماني الديمقراطي وعد عام 1986 كحركة سياسية وميليشيا. وقد تلقّى ضربة موجعة باغتيال مؤسّسه عام 2002.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">وفي عام 1990، وبعد نفي العماد ميشال عون إلى باريس، نشأ التيار الوطني الحر الذي تطوّر من حركة سرّيّة إلى تيار شعبي منظّم لديه أكبر كتلة نيابية مسيحية في البرلمان.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">وهناك حزب التضامن وحزب المشرق وحزب حرّاس الأرز الذي تعاون مع إسرائيل.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">كما أن للأرمن أحزاب الطاشناق والهانشاك والرانكافار.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">&nbsp;</span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: أهلاّ بكم في "أجراس المشرق".<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">استتباعاً أستاذ سايد، كما قلت، أمر لافت للنظر، لماذا لم تعيّن سلطات الانتداب رئيساً للجمهورية أو تنتخب طيلة الفترة الأولى من 1920 حتى 1938؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: أولاً، كانت مرتاحة كانتداب. لا أحد يطالبها بشيء. وهذا ما يجعلها تتحكّم بمفاصل السياسة اللبنانية. ولكن هذا استمر حتى 1925، آخر 1924. في عام 1925 حصلت ثورة في سوريا. ثورة في سوريا، تأثيراتها، حتى إن الحكومة الفرنسية لم تستطع أن تقمعها وخصوصاً بعدما قصفت دمشق، لم تستطع. امتدّت إلى لبنان: راشيّا، حاصبيّا، الجنوب، ومن ثم الشمال: أكروم والضنّيّة. حصل تمرّد في البلد. هذا التمرّد أزعج الحكومة الفرنسية وخصوصاً أنه في عام 1924 تغيّر المجلس النيابي بالانتخابات في فرنسا وأتى اشتراكيون وأتت حكومة اشتراكية. فأول عمل كتأثيرات هو استيعاب الثورة في سوريا لبنانياً، أقالت المفوض السامي العسكري ويغان وعيّنت بديلاً منه لأول مرة مفوّضاً سامياً مدنياً اسمه هنري دي جوفنيل. ثانياً، أخذوا قراراً بانتخابات نيابية، وحلّوا المجلس التمثيلي الثاني. المجلس النيابي وانتخابات، ومعه مجلس شيوخ، وأيضاً شكّلوا لجنة من المجلس النيابي لتضع دستوراً للبنان. ولكن شكّلوا هذه اللجنة التي كان مقرّرها ميشال شيحا، أن تنسّق مع لجنة أنشأتها وزارة الخارجية الفرنسية. بمعنى آخر، استلهموا الدستور الفرنسي، الجمهورية الثالثة الفرنسية. لم يكن يحتاج إلّا إلى ترجمة. على الرغم من ذلك، أُجبر الانتداب الفرنسي وفُرض عليه بحركات في الداخل اللبناني خصوصاً بتأثير الثورة السورية، التأثير الإيجابي على لبنان، فأربعة قرارات اتُّخذت: أولاً تغيير المفوض السامي، ثانياً مجلس نيابي جديد لم يكن موجوداً، ثالثاً دستور جديد ومجلس شيوخ، وتُوّج بجمع مجلس الشيوخ والمجلس النيابي في مجلس واحد وانتخب رئيساً للجمهورية هو شارل دبّاس. هنا أيضاً نقطة في الخلافات المسيحية المارونية. البطريرك يريد رئيساً مارونياً وحضّر نجيب تلحمية ليكون رئيساً. الفرنسيون لا يريدون، فأوعزوا إلى شارل دبّاس الأورثوذكسي المتزوّج فرنسية، والذي هو مع الانتداب الفرنسي في لبنان، ليكون رئيساً. وحضّرت الأجواء. فطبعاً وضعوا اعتبارات أن الطوائف الأخرى لا تقبل أن يستلم الموارنة السلطة في البلد وهم ليس لهم شيء. الأورثوذكس هم أقلية لا يشكّلون خطراً ولا يخيفون أحداً. فعلى الموارنة وعلى الآخرين أن يقبلوا بذلك.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: ما يلفت النظر، هل هناك غياب تامّ للشارع عن تكوين تيارات سياسية في هذه الفترة؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: كان هناك غياب، لأن الفرنسي والذي كان يمكن أن يكون اسمه السلطة الجوفاء للّبنانيين المسيحيين، فلم يكن هناك حراك لبناني حول هذا الأمر. صار ثمة حراك واحد أو حراكان قبل الحراكات الاجتماعية والاقتصادية: حراك في الشمال. دخل الشمال طرفاً، كان مُبعَداً، مع موارنة الجبل لتكون له كلمة في القرارات المارونية. كما ذكرت أنت في حلقتك حول الحرير، برز طرفان نتيجة دورهما في تجارة الحرير ووضع المال، عائلتان هما لحّود ولبكي. أيضاً دخلتا في حالة الصراع. في الشمال دخل لأول مرة آل فرنجية. دخلوا، لكن دخلوا بموقع مختلف؛ لا الانتداب يريدهم ولا البطريركية دعمتهم ولا أي شيء آخر. بالعكس، دخلوا ضد الانتداب الفرنسي، وقاموا بتظاهرة من زغرتا إلى القبّة في طرابلس على مواقع السينيغال في الجيش الفرنسي الذي كان قسم منه سينيغاليا. حصل إطلاق نار وقُتل اثنان في التظاهرة من زغرتا، فهذه كانت محاولات اعتراضية على الانتداب وعلى وجوده. فهذه أدخلت موارنة الشمال في اللعبة السياسية في الداخل. هذا حراك، لكن لم تحصل حراكات فعلية سياسية للضغط لبعض القضايا، أو توسّع أو تضيّق التيارات السياسية المعارضة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: ولكن ما يلفت النظر أيضاً أن هذه النُخَب التنويرية، الأشخاص الكثيرين، أغلبهم العلّامة فلان، كل الذين قاموا بالفعل التنويري في مقارعة الاستعمار العثماني منذ 1856 حتى 1916 أي حتى نهاية الفترة العثمانية، أين اختفوا؟ أين اختفوا في الفترة الفرنسية؟ هل هي نخب فقط كانت لمقارعة الاستعمار العثماني، وعندما جاء الاستعمار الفرنسي لم تستولد هذه البلاد نخباً تقف ضد استعمار من نوع آخر؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: صحيح. هذا حصل، لكن كيف؟ ولماذا؟ هناك نخب وشخصيات مارونية انكفأت عن المطالبة عندما انتصر الفرنسيون والبطريركية وبعض الرجالات معها بإنشاء الكيان اللبناني المحمي فرنسيا. هذا التيار الماروني الوحدوي كما كانوا آنذاك يسمّونه وله تطلّعات عربية انكفأ في الداخل. انكفأت معه بعض النخب. وهناك نخب، كالعادة، راحت باتجاه حيث السلطة لربما يكون لها شيء في الإدارة أو يكون لها شيء في السياسة. لكن هنا ثمة علامة فارقة واضحة تماماً ما تتكلم عليه: هذه، لا ننسَ أبداً، نجحت بأمور أساسية في المنطقة. فالنخب عربية، بطليعتها نخب مارونية. إذا أردت أسمّي لك أكثر من 14 شخصاً. هذه لم تدخل في لعبة الداخل اللبناني أو الداخل السوري. هذه أعطت، أنتجت تفاعلات فكرية وسياسية. من هذه التفاعلات الفكرية السياسية التي أطلقتها من مواقع عروبتها ومشرقيتها العربية، وهي طليعة مسيحية، دورها الأساسي الفاعل بإنتاج فكر عربي وبإنتاج حالات عربية في كل المنطقة. وهذا الفكر الذي أنتجوه في بداية القرن بعد الانتدابات الفرنسية والبريطانية على المشرق العربي، هذه فعلت فعلها أي أفكارهم. وهذه الأفكار كانت هي اللبنة الأساسية الفكرية السياسية التي قامت على أساسها أغلب دول المنطقة من المغرب إلى مصر إلى لبنان، أي فكر الدولة القومية. فهؤلاء هذا دورهم، وهذه هي الأفكار التي تُرجمت بدول قومية، فلنسمِّها دولة وطنية، بين هلالين، هذه حكمت المنطقة قرناً بكامله. قرن بكامله، من بداية القرن العشرين حتى نهاية القرن العشرين، حتى الأحداث الأخيرة.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: نحن على مبعدة مئة عام من هذا الأمر.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: نعم.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: ولكن تأثير الثورات والحراكات في سوريا: الثورة السورية الكبرى، كما قلت، في عام 1925، ثورة الشيخ صالح العلي، مجموعات الثورات في جبل الزاوية، كل هذه ألم تستدعِ غيرة من مجموعات لبنانية للانتفاض على الفرنسي؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: حصل، لكن مع كل أسف أقول إنه حصل تمرّد لبناني، سمّيته، من راشيّا وحاصبيّا والجنوب، إلى أكروم في الضنّيّة في الشمال، له طابع درزي إسلامي.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: أي هؤلاء الذين كانوا يريدون الوحدة مع سوريا.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: كانوا يرفضون الانتداب الفرنسي والوحدة مع سوريا مع كيانية لبنانية، مع كيان ذاتي.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: بعد الاستقلال، ما التيارات المارونية التي حكمت الواقع اللبناني؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: بعد الاستقلال، أو مع الاستقلال، هذا الكيان الذي وُلد من دون هويّة وطنية، في الاستقلال جرى إعطاؤه، صُنع له نظام سياسي طائفي، صنعوه له. هذا النظام السياسي الطائفي، الذي بمعادلته ما زال قائما، مسّكوه السلطة والبلد ونجح بإيعازات خارجية أن قام بعملية ربط التباسا بين الكيان والنظام والطائفة. ضد الطائفة أي ضد الكيان والنظام. ومراحل عديدة من الاستقلال إلى اليوم كاد الكيان أن يسقط والنظام بقي قوياً على قاعدة طائفيته.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: هامّ جداً هذا الكلام. ولكن هذه الأحزاب والتيارات ما دورها في الوصول إلى الحرب الأهلية عام 1975؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: ظهر عدد من الأحزاب بما فيها حزبان علمانيان هما الحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الشيوعي الذي بدأ عام 1920 مع يوسف يزبك والحشيمي والشمالي باسم حزب الشعب. في الفترة نفسها، في الثلاثينات مجموعة من الشباب الماروني أسّست منظمة الكتائب على نمط المنظمات التي كانت في إسبانيا وفي إيطاليا.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: الفيلانج في إسبانيا.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: الفيلانج. أخذوا التسمية نفسها. أي أخذوا إيحاءً مفهوم النازية الذي كان سائداً مع فرانكو ومع موسوليني، ونقلوه إلى هنا تحت هذا العنوان.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: هل هذه أسّست للحرب الأهلية في لبنان؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: ليس أنها أسّست؛ ما يؤسّس الحروب اللبنانية وما يولّدها هو النظام الطائفي. هؤلاء أولاده، هؤلاء يُستنسَخون منه. فهذه الأحزاب في مرحلة ما لم تكن ذات قوة فعلية. بقي الإقطاع والزعامات ذا قوة سياسية. <br> فمنذ 1943 حتى 1951 أو 1952، حتى الانقلاب الأبيض الذي قلب بشارة الخوري لأسباب، حتى 1958 أي الثورة على كميل شمعون. فلم تكن للأحزاب أدوار فعلية حقيقية فيها. بعدها، بعد هزيمة 1967، نمت هذه الأحزاب وكبرت في الأوساط كلها تقريباً وخصوصاً الأوساط المسيحية المارونية. والنكسة بمعنى أنه ضُرب المشروع العربي لمصلحة إسرائيل، فخرجت الأصوات.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: إسرائيل دخلت إلى لبنان، دخلت إلى أول عاصمة ...<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: سأصل إليها عام 1982، لكنني أتحدّث عن سنة 1967 وما بعدها. من نتائج نكسة حزيران 1967 في لبنان، بعد ستة أشهر يظهر حلف ثلاثي مؤلّف مركّب من الكتائب اللبنانية، والكتلة الوطنية أي ريمون إدّه، والوطنيين الأحرار أي كميل شمعون. يشكّلون حلفاً ثلاثياً. في البداية توجّه ضد الشهابية بصفتها عهداً نجح في أمرين.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: أنا أرجو الاختصار في ذلك لأن الوقت بدأ يضيق.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: كانت بداية الثمرة الفعلية للهزيمة العربية لمصلحة إسرائيل، كان هذا الوضع وتطوّر ونما وكبر وبدأ يتدرّب ويتسلّح. ساعده في ذلك الانتشار الفلسطيني من بعد أزمات 1970؛ فالهزيمة أدّت إلى حالة من الوضعية المنتشرة النامية للمقاومة الفلسطينية بما في ذلك ما أصابنا في لبنان. فأخذوا هذه الذريعة، فكانت إسرائيل صاحبة القرار باندلاع الحرب في لبنان عام 1975 تحت عنوان...<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: وصولاً إلى دخولها عام 1982؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: وصولاً إلى دخولها عام 1982.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: بمساعدة جزء من الموارنة؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: طبعاً. هم يعرفون تماماً ورتّبوا الأمر، وقيل الكلام الكثير حول أنّ حرباً شاملة ستكون وسيكون نتيجة هذه الحرب رئيس اسمه بشير الجميّل قبل ستة أشهر من الاجتياح والاحتلال، أي قبل حزيران 1982. حصل الاجتياح. الاجتياح الإسرائيلي مع الصمت العربي مع كل ما حصل، هذا الاجتياح دبّاباته أتت برئيسين: رئيس الجمهورية بشير الجميّل قُتل بعد عدة أيام، ثم أتى شقيقه أمين الجميّل رئيساً. أي الدبّابة نفسها أتت بهما كليهما رئيسين للجمهورية. فما تتحدّث عنه اعتبروه نتيجة لدور هذه الأحزاب التي راهنت مراهنة فعلية على إسرائيل وعلى الغرب. ظلّ مستمراً، والمراهنة تعمّقت أكثر. ويخرج أحد أرباب هذه الأحزاب التي كانت في السلطة وأطلقوا شعار: لبنان قويّ بضعفه.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: هو أغرب شعار يمرّ في علم الاجتماع السياسي.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: نعم.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي: نحن أمام مئوية إعلان لبنان الكبير.<o:p></o:p></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: عشيّتها.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: عشيّة. كيف تلخّص هذه المئة عام؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: ألخّصها بأن النظام الذي فرضوه من دون إرادة الشعب على اللبنانيين ما زال يولّد الأزمات والحروب ويعطي ويُنتج حالات من الجمود والاهتراء والفساد من دون أن تكون هناك مساءلة ومحاسبة. <br> غريب الأمر أن اللبنانيين وصلوا إلى حالة ما، كلهم تقريباً يعبّرون عن أن هذا الفساد لم يحصل سابقاً، هذا الاهتراء في السياسة لم يكن حاصلاً أبداً. ولكن لأن البلد نظامه طائفي والطبقة السياسية فيه تقسمه مذهبياً وطائفياً، لا أمل في هذه الحالة المستمرة أن يكون هناك أفق للتغيير معهم إطلاقاً إلّا بتغييرهم. وهنا طبعاً لا نتكلم على انقلابات عسكرية ولا على ثورات. هذه غير مجدية، إلّا بفتح آفاق التغيير الديمقراطي.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: هل تتوقّع أن يحصل هذا قبل أن تنتهي المئوية؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: لا أتوقّع ذلك أبداً.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي</span></b><span lang="AR-LB">: هل سنستولد مئوية جديدة بالثوب القديم نفسه؟<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">سايد فرنجية</span></b><span lang="AR-LB">: بدايتها. ولكن في ما بعد لا يمكن الاستمرار.<o:p></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">غسان الشامي: أشكرك سيّدي.<o:p></o:p></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><b><span lang="AR-LB">إذا كان التاريخ لا ينتظر، وهذا عنوان كتاب الأستاذ سايد فرنجية، فأعتقد أنه انتظرنا أكثر ممّا ينبغي. مئة عام على استيلاد وتوليد الأزمات، وهي ليست كلها كما رأينا خارجية، بل كثير منها صنع أيدينا، عسى ألا ننتظر وينتظر تاريخنا مئوية أخرى.<o:p></o:p></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">شكرا للأستاذ سايد فرنجية على إضاءاته.<br> شكرا لزملائي في البرنامج وقناة الميادين على جهدهم.<br> ولكم أعزائي الذين تتابعوننا، أيضا الشكر الجزيل.<o:p></o:p></span></p><p> </p><p class="MsoNormal" dir="RTL"><span lang="AR-LB">وسلام عليكم وسلام لكم.<o:p></o:p></span></p>