استخدام الاسلام في معارك السياسة

22 حزيران 2017 21:00

عندما تسلم الأمة الإسلامية قرار الدنيا والآخرة لفقهاء يعبدون هواههم ولا يطيعون مولاهم بل سلاطينهم ويضحكون ‏على العوام ويجيرون الفتاوى لصالح الإرادات والسياسات تكون النتيجة خراب الدول والمجتمعات ومع تسارع المستجدات في العالم العربي والإسلامي وتوالي الإنقلابات والولاءات يستحضر الإسلام مجدد في معارك السياسة العربية أما آن الأوان أن نحرر الإسلام من إستعمار وإحتلال المشايخ الموالين للسلاطين مفجري البراكين الإجتماعية والأمنية.

نص الحلقة

يحيى أبو زكريا: حيّاكم الله وبيّاكم وجعل الجنّة مثواكُمُ. <o:p></o:p>عندما تسلّم الأمّة الإسلاميّة قرار الدنيا والآخرة لفقهاء يعبدون هواهم ولا يطيعون مولاهم بل سلاطينهم ويضحكون على العوام ويجيّرون الفتاوى لصالح الإرادات والسياسات، تكون النتيجة خراب الدول والمجتمعات، والمصيبة أنّ الله ما فتئ يحذّر من الشيطان، ولو استخدم المسلمون عقولهم، لأدركوا أن التحذير أيضاً من البشر الذين يقومون بمهام الشيطان، وهم هنا فقهاء الضلال والفتنة والنار.<o:p></o:p>ومع تسارع المستجدّات في العالم العربي والإسلامي، وتوالي الانقلابات والولاءات، يُستحضَر الإسلام مجدّداً في معارك السياسة العربية، وقد بدأ الفقهاء يتحرّكون، فقهاء يعتبرون قطر مُشرِكةً وضالةً وكافرةً ويجوز محاصرتها، وفقهاء يرون أنّ محاصرة قطر تشبه محاصرة قريشٍ لرسول الله وأتباعه في شِعاب مكّة.<o:p></o:p>لقد تلاعب هؤلاء الفقهاء بالإسلام، وبالأمس نفسُ هؤلاء الفقهاء فجّروا الأمن القوميّ السوريّ والليبيّ والجزائريّ والعراقيّ واليمنيّ والمصريّ وغير ذلك من البلدان. وحتى الهيئات العلمائية سخّرت كلّ فقهاء الإنس والجن لإراقة الدم السوري. أما آن الآوان أن نحرّر الإسلام من استعمار واحتلال المشايخ الموالين للسلاطين، مفجّري البراكين الاجتماعية والأمنية؟ <o:p></o:p>وعندما لاذت دولٌ بوضع بعض الشيوخ والدُعاة على قائمة الإرهاب، استثنت من حرّض ودعا إلى القتل المُباح. ألم يطالب دعاةٌ بذبح الشعب السوري والمصري والليبي؟ ألم يطالب البعض بالنفير العام والجهاد المقدّس في سوريا؟ لماذا لم تشملهم قوائم الإرهاب؟<o:p></o:p>لقد كان الإسلام حصان طروادة، أو هكذا أُريد له أن يكون، حصان طروادة في أفغانستان، والجزائر، وليبيا، وتونس والصومال والعراق واليمن ومصر وفي كل الأمصار الإسلامية. إراداتٌ إقليمية لا تركع إلا للإرادات الدولية جيّرت الإسلام لصالحها ولصالح الإرادات الدولية وقوى الاستكبار العالمي.<o:p></o:p>واتحاد علماء المسلمين من خلال مفتيه، والذي أصدر فتاوى ضد سوريا ورئيسها وجيشها، وفتاوى ضد ليبيا وعقيدها، طالب العرب بعزل هذه الدول أيضاً، هو عينه اليوم يُصدِر بياناً يندّد فيه بعزل وحصار قطر، قائلاً أنّ تغليب لغة العقل والحكمة والمصلحة العليا للمنطقة والمسارعة بالجلوس على طاولة حوارٍ أخويٍ صريحٍ وبنّاء من أجل الخروج من الأزمة الحالية التي تعصف بمنطقة الخليج.<o:p></o:p>حلالٌ على الخليج أن يتحاور، ولغيره الحريق والنار والدمار والتدمير والتفخيخ والتفجير. لقد أصبح الإسلام في الأسر، أسر الدول والمؤسسات الدينية والعلمائية، وبدل أن يكون الإسلام المحمّدي الأصيل مرجعاً حقيقياً لتجاوز المحن، بات عاملاً، أو هكذا أريد له أن يكون، عامل توتير وتفجير في يد المشيخات، هذه المشيخات أو تلك، في يد هذه الدول أو تلك، والعجيب أنّ اتحاد المسلمين الذي نحر الدول الإسلامية ورؤساءها وانتهك سترها وحرمتها، قال عن الأزمة الأخيرة في قطر، أنّ الأزمة صاحبتها حملات إعلامية انتهكت حقوق الأخوّة الإسلامية وانتهت إلى قطع العلاقات بين الدول الإسلامية الجارة والشقيقة في الخليج، ما تسبّب في قطع الأرحام بين المسلمين.<o:p></o:p>اللّهم إنّي صائم، اللّهم إني صائم. استخدام الإسلام في معارك السياسة عنوان برنامج أ ل م، ويشاركنا في النقاش من مصر المفكّر الإسلامي الدكتور محمود سعيد ممدوح، ومن الجزائر الدكتور عروس الزبير أستاذ علم الاجتماع الديني في جامعة الجزائر.<o:p></o:p>مرحباً بكم جميعاً.<o:p></o:p><o:p> </o:p>(فاصل مصوّر)<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور محمود، مبدئياً هذا الإسلام الذي كان عملاقاً ذات يوم، وكان سبباً في نهضتنا، عندما كان صافياً في عُهدة العلماء الربّانيين، يُستحضَر اليوم في كلّ معركةٍ سياسية. أما آن لنا أن نحرّره من الأسر؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>محمود ممدوح: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا ومولانا محمّد وعلى آله الأكرمين ورضي الله عن أصحابه وعن التابعين، وبعد.<o:p></o:p>فإنّ الأمّة الإسلامية تنحدر عاماً بعد عام، فبعد أن كانت الأمّة الإسلامية هي الدولة الأولى في العالم، وهي المنفّذة والمسيطرة على الأراضي من مشارق الأرض إلى مغاربها، من البحر المتوسّط إلى أواسط إفريقيا، من طنجة إلى الصين، فها هي اليوم تعيش أياماً حالكة، وهذه الأيام لا تقف، ولكنّ السواد ينزل ويزداد يوماً بعد يوم، والمواقف تتغيّر وتتبدّل. وأرى أنّ كلّ ذلك راجعٌ إلى أنّ من بيدهم الأمر لا ينظرون إلى الإسلام كنظام حياةٍ يكونون وراءه ويعيشون في كنفه، ولكنّهم يستفيدون من الإسلام وقتما يريدون ويبتعدون عنه وقتما يريدون.<o:p></o:p>وسأضرب مثلاً صغيراً حاضراً في ما بيننا الآن، وحضرتك يا دكتور يحيى ذكرته، ولكن أحبّ أن أذكر المقابل له. إخواننا في الاتحاد العالمي لعُلماء المسلمين زكّوا الهجوم الشديد الذي على اليمن، وأهل اليمن كأنّهم لا إسلام عندهم ولا عهد ولا ذمّة ولا أيّ شيء، وزكّوا الهجوم عليهم، وفي نفس الوقت عندما حدث الاختلاف بين قطر وبين الدول الخليجية الأخرى، ها هم الآن يهبّون ويقفون، رغم أنه لا إراقة دماء ولا أيّ شيء، إنما هو خلافٌ بين أسرةٍ واحدة، وسرعان ما يُحَلّ قريباً إن شاء الله تعالى. وهذا راجعٌ إلى أننا نتّخذ مواقف وفق المصلحة وليس وفق نظام الإسلام العالمي الصحيح. <o:p></o:p>يقول الحق تبارك وتعالى " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً". فالحقيقة أن هذه المؤسسات الإسلامية هي مؤسسات غير مستقلة لأن تمويلها يأتي من أناس وتعضيدها يأتي من أناس وإقامتها تأتي من أنظمة، فالذين يحرّكون هذه المنظمات ليسوا في حال استقلال تام، وعلى ذلك فقرارهم ليس بأيديهم غالباً، إنما يكون بأيدي من ينفق عليهم ومن يأخذهم في كفالته وفي رحابه وفي أحضانه، فيسيرون بسير سياسته ويبتعدون بابتعاده عن هذا الموقف. <o:p></o:p>الحقيقة يا أستاذي، نحن الدول الإسلاميّة، كان عندنا مشروع عظيم إسلاميّ، ولكن أراد الله سبحانه وتعالى أن تتغيّر الأحوال وتتبدّل الأمور وتسقط خلافتنا، والمسلمون يكونون شذر مدر ووعد بلفور وسايكس بيكو إلى آخر هذه الأشياء، ثمّ بعد ذلك انتقلنا إلى مرحلة جامعة الدول العربية، وهو مشروع قومي عنصري، لكن كنت أتمنّى أن تكون لنا المرجعية الإسلامية الحقيقية في هذه الأشياء، لأن الله سبحانه وتعالى يقول  "وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ"، فالشيء هنا نكرة في سياق الشرط، فهي تفيد العموم، فينبغي أن تكون مرجعيتنا إسلامية. <o:p></o:p>كيف تكون مرجعيتنا إسلامية في خلافات، هذا يحكم بطريقة معينة وذاك يحكم بطريقة معينة، هذا يعلوه نظام أسري وذاك يعلوه نظام، قبلي هذا له مصلحة معيّنة وهذا قومي وهذا اشتراكي وهكذا؟ نحن نريد أن نجمع، وكلّ هؤلاء من المسلمين، وإذا كلّمناهم باسم الإسلام غالباً ما يرجعون.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور محمود، أتصوّر أنّ الفكرة العامة قد اتّضحت. هنالك مال يحرّك هذا الإسلام المسيّس في الاتجاهات التي ترغب فيه السياسات والمسارات. سأستكمل معك لكن بُعيد الذهاب إلى الجزائر من فضلك.<o:p></o:p>دكتور عروس، ابتليتم أنتم في الجزائر أيضاً بمن دعم الجهاد المزيّف والقتل المُبرمج للجزائريين وللجيش الشعبي الوطني الجزائري، وأيضاً الجزائر بشكل عام كانت تُذبَح من الوريد إلى الوريد. أودّ أن تحدّثني عن إشكاليّة إقحام الإسلام في كلّ أزمةٍ سياسية، وكيف أنّ كلّ دولة تتّخذ منه حصان طروادة للذهاب إلى أهدافها الكبرى، أو على الأقل لتقدّم نفسها شرعية مقبولة باسم هذا الإسلام المزوّر للأسف الشديد.<o:p></o:p> <o:p></o:p>عروس الزبير: مرحباً بك دكتور يحيى. السؤال مهم وجد عميق. دائماً في تاريخنا، وظّفنا الدين في خدمة أغراض، وفي غير وجهته الصحيحة. الدين وخاصةً الإسلام كان دائماً حاضراً غائباً في تاريخنا السياسي والاجتماعي، والآن نحن نعيش لحظةً تاريخيّة خطيرة جداً تذكّرنا بلحظة الفتنة الكبرى، عندما ألبِست السياسة لباس الدين، وألبِس الدين لباس السياسة. فنحن الآن في ذات اللحظة وهي لحظة خطيرة وخطيرة جداً.<o:p></o:p>وكما ذكرت عزيزي دكتور يحيى، الجزائر عاشت هذا الويل من تبرير القتل والتذبيح باسم الدين وباسم شرع الله، وشُرعِن لهذا الذبح والتقتيل والتدمير من طرف البعض الذين يدافعون عن هذا النظام أو ذاك، وانقسمت الأمّة إلى فروع، فبعد أن كنّا نتحدّث عن الأمّة الواحدة، أصبحنا الآن نتحدّث عن أمم إسلاميّة، وكلّ أمّة لها من يدعو لها بالرحمة والفوز على حساب الأمّة الأخرى، وعلماء الأمّة انقسموا إلى أقسام وانشطروا إلى شطائر، فهناك من يؤيّد هذا النظام ويلعن الآخر، من يقول هذه المواقف السياسية الحالية هي خدمة للأمّة وفي مصلحة وحدة الشعوب الإسلاميّة والعربيّة، والبعض الآخر يقول العكس.<o:p></o:p>إذاً، نحن نعيش لحظةً تاريخيّة فارقة وفارقة جداً، ولنذهب، هناك من هو مع من دعا إلى مقاطعة قطر، واعتبر أنه في مصلحة الأمّة، وانقسموا كذلك إلى أقسام إن كان على المستوى الفردي أو على المستوى المؤسساتي. فلنأخذ مثلاً موقف الأزهر، فيقول موقف الأزهر بأنّه نصرة للأمّة ودعوة لوحدتها وتمتينٌ لهذه الوحدة، هناك بعض المؤسسات في العربيّة السعوديّة مَن يعتبر أنّ الإجراءات التي اتّخِذت في قطر هي نصرة للأمّة وردعٌ للمُعتدي الذي يؤيّد الإرهاب الذي أصبح صفة تُطلَق في كلّ حين ولحظة من دون حيطة أو حذر.<o:p></o:p>ولنعُد إلى واقع الأزمة، أزمة قطر مع دول الخليج الأخرى وبعض الدول العربية في شمال إفريقيا، هي أزمة جيو سياسية، وليست أزمة دينيّة، لكن أُلبِست لباس الدين، وأصبح الدين يبرّر ويُشرعن لهذا الموقف السياسي أو ذاك. فهناك من يقول بصواب موقف هذا وذاك، ونحن نكرّر نفس المآسي والأخطار، ونفس الخطاب الذي برّر النّحر والتقتيل في سوريا، وقسّم الشعب السوري إلى أقسام، هذا كافرٌ وهذا مسلم، هذا مع الحق والآخر منافٍ له، وكأنّها إرادة مبيّتة ومرسومة بدقّة لإخراج هذه الأمّة من التاريخ ونفي مساهمتها الحضارية، بجعلها أمّة تناحر وأمّة تقاتل، فيما نعيش لحظة فارقة وخطيرة جداً.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور عروس، لا شكّ هي لحظةٌ عربيّةٌ حرجةٌ، لعلّها الفتنة الكبرى التي أشارت إليها أحاديث الملاحم والفتن. لكن عندما أشرت إلى سوريا، أنت تعرف ربما أكثر من غيرك أنّ فقهاء ودُعاة ومشايخ هم الذين دعوا إلى النفير العام في سوريا، هم الذين دعوا إلى مقاتلة الرئيس السوري والجيش العربي السوري والشعب السوري ومقاتلة النصيريين والعلويين والذين يعملون في سلك الدولة السورية وقتل كلّ من هبّ ودبّ، واستدعي فقهاء الإنس والجن لمقاتلة سوريا.<o:p></o:p>هؤلاء الفقهاء، هؤلاء المشايخ لم يُدرَجوا في قوائم الإرهاب، فلماذا إدراج البعض، ونحن هنا مع اعتبار بعض الفقهاء إرهابيين، لا يوجد مشكلة، يوجد فقهاء أسسوا للإرهاب الإسلامي اليوم، لكن لماذا هذه الاستثناءات، شيوخ فجّروا الأمن القومي السوري والليبي غير موجودين في قائمة الإرهاب فيما يوجد فقهاء آخرون أيضاً استدعوا الناتو للتدخّل في بلادنا؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>عروس الزبير: صحيح، قد أقول إنّه نفاق سياسي لكن هو النفاق الديني بعينه. بالأمس جميع هؤلاء كانوا متّحدين في إصدار الفتاوى للقتل والنحر في سوريا، وقسّموا الشعب السوري إلى طوائف ومِلَل ونِحَل. بالأمس، كان السوري، المواطن السوري لا يعرف جاره، لا مذهبه ولا دينه ولا اتجاهه لناحية الإيمان والعقائد. الآن، الذين كانوا بالأمس على وحدة من التناحر أو الدعوة إلى التناحر في سوريا، الآن هم على اختلاف بيّن، وأهضموا بعضهم بعضاً. بعض الفقهاء دعوا وأفتوا صراحة بنحر هذا الزعيم العربي أو ذاك، والآن هم على قائمة الإرهاب التي صيغت بعقليّة مزاجية من دون أيّ تروٍ، وأصبحوا من دُعاة الإرهاب، من طرف الذين كانوا في وحدة معهم في التبرير وشرعنة القتل والتخريب المجتمع السوري، قبل محاربة النظام السوري.<o:p></o:p>جريمتهم في سوريا تتعدّى جريمة ضدّ النظام، لكن هي جريمة ضدّ شعب وضدّ إنسجامية الشعب السوري ووحدته الشعورية بانتمائه إلى وطن، وجعلوه بفتاويهم شعباً يذهب إلى هذه الطائفة أو تلك، بعدما كان شعوره الوطنيّ هو الغالب.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: نعم، دكتور عروس، من فضلك سنكمل لكن بُعيد الفاصل، دكتور عروس.<o:p></o:p>مشاهدينا، فاصل قصير ثم نعود إليكم، فابقوا معنا.<o:p></o:p><o:p> </o:p><o:p> </o:p>المحور الثاني<o:p></o:p><o:p> </o:p>(فاصل مصوّر)<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: مشاهدينا أهلاً بكم من جديد. من أدرك حلقتنا الآن، نحن نعالج موضوع استحضار استخدام الإسلام في معارك السياسة العربية.<o:p></o:p>فضيلة الدكتور محمود، أودّ أن تعلّق على مسألة إدراج علماء في قائمة الإرهاب، وقد بلغ عددهم أزيد من 50 تقريباً، بين علماء ودُعاة، بالمقابل هنالك علماء، هنالك دُعاة كانوا جنرالات دم، في ما يتعلق بالموضوع الليبي والسوري والعراقي واليمني، وكلّهم دعا إلى قتل اليمنيين، إلى قتل السوريين، إلى قتل الليبيين. متى نتّقي الله تعالى ونخرج من سياسة المكيالين، ونخرج من سياسة النفاق والاعتناق، ونتّهم كلّ من ساهم في تدمير العالم العربي والإسلاميّ، ونشير إليه بالبنان ولا نستحي ولا نخاف في الله لومة لائم؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>محمود ممدوح: بسم الله الرحمن الرحيم. يا سيّدي، النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول في حديث جابر الصحيح "إذا رأيتَ أمّتي تهاب أن تقول للظالم أنتَ ظالِم، فقد تودع منهم". هؤلاء العلماء أو المشايخ يا سيّدي لا تحمّلهم ما لا يطيقون، هؤلاء كالأسرى يجلسون ويطبّقون ما تقوله الأنظمة التي يجلسون عندها. <o:p></o:p>عندما أستمع إلى إمامٍ يقف على المنبر لشهورٍ عديدة، المولد النبوي بدعة، المولد النبوي بدعة، المولد النبوي بدعة، ثمّ أسمعه بالأمس أو أول أمس وهو يقول إنّ هذه الدولة ينبغي أن نحاصرها لأنّها دولة كذا وكذا، وهذا في القنوت، هؤلاء تودّع منهم لأنهم يأخذون راتبهم من عند وليّ أمرهم، هؤلاء لا تبكي عليهم، انتهى أمرهم يا سيّدي، ينبغي أن نبحث لنا عن مرجعية إسلامية صحيحة. <o:p></o:p>الأمّة تنهار، لا تقف عند هؤلاء. والله لن يفعلوا شيئاً. ما هو جرم أهل اليمن؟ ما هو جرم أهل كذا وكذا؟ يا أستاذي، لا تبكِ على هؤلاء. هؤلاء قوم يعيشون مع أنظمة يعيشون على أرضها، فإنهم لو تحوّلوا إلى مكان آخر لتغيّرت آراؤهم وفتاواهم إلى مكان آخر.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور محمود، سؤال إذا سمحت، مثلي لا يبكي على مثلهم والحمد لله وأنا ساهمت في تعريتهم بالكامل، لكن الآن، دكتور محمود، هؤلاء ألحقوا الضرر بالإسلام.<o:p></o:p><o:p> </o:p>محمود ممدوح: لا، الإسلام لا يُضَرّ، هم ألحقوا الضرر بالمسلمين، الإسلام دين الله الخالص، لا يُضَر الإسلام أبداً، إنما ألحقوا الضرر بالمسلمين، بمليار ونصف مليار مسلم، لم يتحدّثوا عن الفوائد بمئات المليارات التي يأتي إليها فلان ليأخذها. الآن يا أخي، أنظر، التوجّه الآن في هذه الأزمة الخانقة الجديدة، ماذا يقولون؟ ماذا قال ترامب اليوم؟ ماذا قال وزير خارجية أميركا اليوم؟ صفقة بـ12 مليار دولار، صفقة كذا، إذاً ليس الحل، هؤلاء لا ينظرون إلى الإسلام، ينظرون ماذا سيقول فلان وماذا سيقول الوزير ونرفع إليهم أسماء وهل سيوافقون على الأسماء أو لن يوافقوا عليها. نحن في مأساة كبيرة تجاوزت هؤلاء المشايخ أو العلماء. هؤلاء العلماء يتحدّثون في مساحة ضيّقةٍ جداً، الأمر أكبر من هؤلاء وتعدّاهم. <o:p></o:p>نحن أمّة إسلامية عظيمة، ينبغي أن يكون لنا مشروع، ما هو مشروعنا، لأنه نحن نعيش في فراغ، وعندنا حالات كبيرة جداً من الفقر، وعندنا فوائض نفطية هائلة، ونستورد أقل الاطعمة وأقل المصنوعات. إذا فكّرنا في حالنا، وحاولنا أن نرتفع قليلاً بالعلم الإسلامي الصحيح، فإنّا في ذلك الوقت نكون واقفين على بداية مشروع إسلامي صحيح. طالما أنه لا يوجد لدينا مشروع ستتحكّم فينا الأسرة الفلانية ويتحكّم فينا رأي فلان وتتحكّم فينا المصالح. أما العلماء، إن كانوا من العلماء، فلا تلقِ لهم بالاً، لأن الذين يطعمونهم ويعطونهم الأموال لا ينظرون إليهم ولكنهم ينظرون ماذا يقول ترامب اليوم، هل ختلف مع وزير خارجية أميركا، ماذا عندنا قاعدة أو هذه القاعدة يأخذونها أو يدعمونها. هذا تفكير غير إسلامي وهؤلاء القائمون على هذه الأمور فيهم خير، فينبغي لنا أن نوجد مشروعاً يضمّ هؤلاء. <o:p></o:p>الآن المسلمون يعادون أنفسهم ويقتلون أنفسهم ويقاتلون أنفسهم. الآن الله سبحانه وتعالى يقول " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ"، كلّ المؤمنين، "كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ". كل أهل السنّة يؤمنون بذلك، الشيعة يؤمنون بذلك، لماذا نجعل الشيعة هم أشدّ أعدائنا، هم ألدّ خصومنا، ونسكت عن خصومنا الآخرين الذين أذاقونا الويلات لسنواتٍ وقرونٍ طويلة؟ فينبغي أن تفيق الأمّة على مشروعٍ عظيم تنهض الأمّة من خلاله، أما أن ننظر إلى هؤلاء، هؤلاء ليس فيهم فائدة، ضعفاء لن يفعلوا شيئاً، إنما هم تابعون لمن جلسوا على أرضه.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور، إذا سمحت أنتقل إلى الجزائر، أنقل له نفس الإشكال. <o:p></o:p>دكتور عروس، هل بالفعل هم ضعفاء؟ بالأمس القريب كان الإعلام التابع لقطر أو للسعودية يتحدّث عن سوريا بطريقة تعرفها وأيضاً عن ليبيا وأيضاً عن مصر في فترة من الفترات، وبالتالي هؤلاء ساهموا في تفجير الأمن القومي العربي. هل صحيح أنه لا تأثير لهم في المشهد العربي؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>عروس الزبير: لا، بالعكس، دكتور يحيى، في هذا الموضوع، كانت هناك بعض القنوات الفضائية العربية على وحدة من المسألة السورية في كلّ أبعادها، عندما تسمع خطاب هذه القناة الفضائية أو تلك التي تنتمي إلى النظام في العربية السعودية أو إلى قطر تتكلّم بصوتٍ واحد في وصف ما يجري في سوريا، أي تقييمها للمأساة الإنسانية في سوريا هو تقييمٌ واحد، وهو خطاب تقريباً متطابق بالدفع بالوضع إلى أبعد مدى في التناحر. لكن الآن، هي على خلاف بيّن، وكل من اتجاه انزوى إلى من هو على انتمائه. لنأخذ الجزيرة، الآن لها موقف مغاير تماماً على العربية الحدث أو العربية بصفة خاصة، فخطاب انتماء وانحياز لموقف هذه السلطة أو تلك ومن دون ورع أو خجل في هذه المسألة بالضبط، وكأننا نتحدّث عن أمم متناحرة، وليست أمّة واحدة تنتمي إلى حضارةٍ واحدة وإلى عمقٍ تاريخيّ واحد. كلٌ يبرّر موقف هذا النظام أو ذاك. <o:p></o:p>لكن أنا أريد إلى ما تفضّل به ضيفك من القاهرة، عندما تحدّث عن أميركا وترامب وعن غير ذلك، هؤلاء العلماء أصبحوا هم الآن يبرّرون لما خُطّط ودُبّر من الأسماء التي ذُكِرت. الرئيس العام للحرم أين دعا على قطر؟ دعا لها في المسجد الحرام بصفته، وكان على صلاة فيها الكلّ من بقاع العالم الإسلامي، لمن يدعون؟ هل يدعو القطري إلى قطر والآخر يدعو إلى الإمارات على حساب قطر والآخر يدعو؟ في نفس اللحظة كانت الدعوة خطيرة وفي مكانٍ من المفروض أنّه جامع لجميع المسلمين. <o:p></o:p>عندما ذكر الضيف الكريم من القاهرة ذكر الشيعة، ألم تُلَم قطر على أساس أنها تتعامل مع عدو الأمّة، إيران؟ إيران عدو الأمّة، وانطلاقاً من هذا ندعو قطر إلى التنصّل أو عدم التعامل أو تصنيف حركة حماس كحركة إرهابية، ندعو إلى عدم التعامل مع حركة الإخوان المسلمين بالرغم ممّا لها وما عليها في تاريخنا المعاصر. هناك اتجاهات في حركة الإخوان كلها صنّفناها أنها حركة إرهابية، هذا التصنيف هو خارج الإطار القانوني للقانون الدولي، اتّخذنا مواقف من دون مراعاة للقانون الدولي، عندما أغلقنا الحدود وأغلقنا الأجواء ودعونا إلى عدم التعامل مع دولة قطر، فكلّ من يدعو لها أو على الأقل يريد أن يوضح يدخل في خانة الظالم، بل وُظّفت المناسك الدينية لحث بعض الدول لقطع العلاقة مع قطر، وهنا يُقال، بعض الأخبار الصحافية تتحدّث على الضغط على بعض الدول الإفريقية أن تأخذ موقفاً من قطر، وإلا مُنِعت من تأشيرة العمرة أو الحجّ على رعاياها.<o:p></o:p>أيّ منطق وأيّ أخلاق عندما نتحدّث ونقول كل من يقول كلمة حق أو حامل حتى تأشيرة دخول إلى قطر يُمنَع من دخول هذه الدولة أو تلك؟ هنا المأساة الكبرى، وهنا ننتقل صديقي إلى حال أخرى أو إلى درجة أخرى من السفه، بعض الدول التي انضمّت، لا أعرف إن كان إيماناً أو شيئاً آخر، وقطعت العلاقات مع قطر. أنا لا أدعو إلى قطر أو أدعو ضدّ السعودية أو ضدّ الإمارات، بل هناك موقف خطير ولحظة تاريخية تمر بها الأمّة العربية والإسلامية قاطبة، بصرف النظر من هذا الموقف ومن هذا النظام أو ذاك، فنحن نعيش لحظة خطيرة قد تخرجنا جميعاً من التاريخ. وبالتالي، نحن نُفرح أعداء هذه الأمّة كما قالت جمعية العلماء المسلمين في الجزائر في بيانها الأخير عندما قالت "لقد أطربتم أعداء الأمّة بمواقفكم وإجراءاتكم هذه".<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور عروس، أنت تعلم أننا خارجون عن التاريخ والجغرافيا، وخارجون حتى عن المجرّات والفضاء، وأننا أمّة يتيمة بائسة ساقطة للأسف الشديد.<o:p></o:p>الشيخ الدكتور الفاضل محمود، في.<o:p></o:p><o:p> </o:p>عروس الزبير: لكن لسنا أمّة يتيمة بالمُطلق يا دكتور، نحن لنا من الآباء والأحفاد من الطغاة وخونة الأمّة، نحن أيتام السابقين والصادقين والمُخلصين لهذه الأمّة فقط.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: يا الله، نسأل الله أن يكثر الصادقين والأحرار والشرفاء.<o:p></o:p>دكتور محمود، في نظرية اللطف الإلهي، والله نحن أمام معجزة يا دكتور محمود، تتراءى أمامنا آيات الرحمن تباعاً، زرافات ووحداناً، في قوله تعالى "سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ"، هؤلاء الذين اجتمعوا على نشر الدم والفرقة والفتنة والذبح والتفجير والتكفير، ووضعوا تريليونات الدولارات، ليس مليارات فقط، من أجل نشر التكفير، وتحطيم الدول، والتفرّج على الدم العربي والرقاب العربية تُذبَح من الوريد إلى الوريد، والقلوب تؤكل بعد أن تشقّ الصدور، ها هم سبحان الله يتقاتلون في ما بينهم.<o:p></o:p>أليس الله هو صانع حركة التاريخ دكتور محمود؟ أليس الله يقول في تعبير رسول الله "إن الله يُمهل ولا يُهمل"؟ ها قد حان وقت الحساب، أليس كذلك؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>محمود ممدوح: الحقيقة يا سيّدي، أنا أتصوّر أنّ هذا الخلاف الخليجي هو عبارة عن خلاف في داخل الأسرة الواحدة، وسرعان ما سينتهي، وهو خلاف دبلوماسيّ، إغلاق حدود، وما إغلاق حدود، وحدود قطر مفتوحة مع البحر، وإيران تأتي لها بما تشاء، وتركيا تأتي لها بماء تشاء. أنا لا أقف مع هذا ولا هذا، أنا أقف مع المسلمين بفكري وعقيدتي الإسلامية وأنظر إلى الأمور بمقياس شرعي إن شاء الله تعالى. <o:p></o:p>يا سيّدي، قلت لك إنّ هذه الأنظمة هي التي تسيطر على العلماء، وهي التي تشيطن العلماء أو المشايخ الذين نقول عليهم علماء، فالمشكلة الآن يا سيّدي أننا ينبغي أن نقف عند الحدود الشرعية. كيف نقف عند الحدود الشرعية؟ إمامٌ في الحَرَم يقول كلاماً هو لا يرضى لاحقاً، إذا تحدّثت معه سيقول لك كان عليّ كذا وكان كذا.<o:p></o:p>نحن نريد أن نوجد مؤسّسةً شرعيّةً إسلاميّةً تضمّ جميع المسلمين بجميع مذاهبهم، تكون كجامعة الدول العربية إلى أن يفرّج الله عن المسلمين بدولتهم الكبيرة، تكون كجامعة الدول العربية، ولكن لها مرجعية إسلامية، تسيطر على هذا وعلى هذا.<o:p></o:p>أنا أظنّ أنّ ما يحدث في قطر الآن، هذا كأنه، الذي يحدث في الموصل هو أعظم ممّا يحدث في قطر، الذي يحدث في الشام هو أعظم مما يحدث في قطر، الذي يحدث في ليبيا، الذي يحدث في اليمن هو أعظم، فلماذا قطر باعتبار أن عندها فوائض كبيرة من الأموال نقف هذا الموقف من ورائها؟<o:p></o:p>لها حسنات ولها سيّئات، ولكنّ القتل هو أمرٌ سيّىءٌ لا خلاف فيه ومخالف لشريعة الله سبحانه وتعالى. لماذا لم تجيَّش هذه الجيوش الإعلامية الهائلة والكلمات من المشايخ من هذا وهذا لعمليات القتل والتشريد التي في الموصل والتي في الشام والتي في اليمن والتي في ليبيا وفي غير ذلك؟<o:p></o:p>فأقول، الذي يحدث الآن عملية تغييب للإسلام وإبعاد للشريعة الإسلامية يوماً بعد يوم، حتى أنّ المجاهدين في سبيل الله سبحانه وتعالى قلنا عنهم أنّهم من الإرهابيين، هذا أمرٌ لا يليق. من الذي يقول أنّهم من الإرهابيين أو غير الإرهابيين؟ هل الأنظمة التي تقول، أم أناسٌ مُتخصّصون؟ فبناءً على ذلك، أنا أحتاج أن يتكاتف، وقلت هذا عدّة مرات، أن يتكاتف العلماء المخلصون من الأمّة والمؤسسات الإسلامية الكبيرة من الشيعة ومن السنّة على أن يوجدوا مرجعيّةً لهم، وهذه المرجعية تكون لازمةً لهذه الأنظمة، والأنظمة ترجع إليها. عند ذلك، سينصلح حالنا إلى شيءٍ ما، فإنّ الإسلام يُصلِح كلّ أمرٍ عسير، والله سبحانه وتعالى أنزل هذا الكتاب وأنزل هذا القرآن العظيم لينصلح أمور الناس. لماذا نحن نبتعد عنه؟ لماذا نبتعد عن المرجعية الصحيحة التي يمكن أن نحلّ بها الأمور؟ <o:p></o:p>أما أن نضع المشكلة على رأس هذا الضعيف وعلى عين هذا المبتور، هذا ليس له أيّ شيء، هذا يتحدّث بما يريده سيّده وبما يريده الذي يدفع له الراتب وبما يريده الذي يقيم على أرضه. إذا كان كذلك، فإنّه يجب علينا أن نكوّن المرجعية الإسلامية الكبيرة، وقلت لك يا دكتور يحيى هذا الكلام، وينبغي أن تسعى أنت من على منبرك لتكوين المرجعيّة الإسلاميّة الكبيرة التي تستطيع أن تسيطر على هؤلاء. فوائض نفطية هائلة، أين تذهب هذه الفوائض، والمسلمون يعيشون في فقرٍ في إفريقيا وفي غير إفريقيا وفي آسيا؟ لماذا يتقاتل المسلمون هنا وهناك؟ <o:p></o:p>فأقول نحن نحتاج لهذه المرجعية. لا ينبغي بأية حال من الأحوال أن نسكت على أعدائنا الذين وصفهم الله بأنهم أعداؤنا في كتاب الله وفي سُنّة النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، ونقرأ ذلك في صلاتنا وفي كلّ ركعةٍ من ركعاتنا، وفي نفس الوقت نضع هذا جانباً، ونقف ضدّ المسلمين الذين آمنوا بالله ورسوله وبما أنزل الله على رسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، هو مربط الفرس. هذه هي المشكلة. أما غير ذلك، فإننا نتبع الأهواء. <o:p></o:p>إذا تم الصلح بين قطر وبين غيرها، أهل قطر هم أصلاً من نجد، آل مكتوم الذين هم في البحرين هم أصلاً من نجد، وبني حنيفة الذين هم حكّامٌ في السعودية هم من نجد، هم أقارب، هم أبناء عمّ جميعاً. إذاً لماذا يختلفون؟ لأنهم ابتعدوا عن الإسلام. لماذا لا نحاول أن نردّهم إلى الإسلام ردّاً صحيحاً؟ أتمنّى أن تكون لنا مرجعية وأن يكون لنا المشروع الإسلامي، وأنا أدعوك يا دكتور يحيى أن تفعّل هذا الأمر بين المسلمين جميعاً.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: إن شاء الله. هو من أجنداتنا إن شاء الله دكتور محمود، وسوف نعمل سويّة على إحقاق هذا الأمر.<o:p></o:p><o:p> </o:p>محمود ممدوح: يا دكتور، إنسان يعتلي سدّة الحُكم ولا يعرف شيئاً عن السياسة الشرعية، كيف هذا؟ فينبغي له أن يرجع إلى السياسة الشرعية. السياسة الشرعية تقول بالمرجعية، نعلّمه ونفهّمه ونأخذ بيده ونتعاون على البرّ والتقوى.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور عروس، لا شكّ أن المرجعية الإسلامية الصحيحة تنصّ على الصلح بدل الحرب، تنصّ على الحوار بدل النار، تنصّ على التلاقي بدل الإفتراق، "إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ"، لكن اليوم المرجعية لأميركا للأسف الشديد وليس للإسلام. نعم، يؤخذ من الإسلام فتاتاً، فتوى، نصف فتوى، نصف آية، جزء آية، لتفجير قنبلة هناك، لوضع مفخّخة هنالك. سيّرنا الإسلام دين سيف وليس دين حوار وحب.<o:p></o:p>أميركا، يلاحظ بعد زيارة الرئيس الأميركي مباشرة إلى السعودية، إنفجر الخلاف، وكأّن أميركا تعتاش وتقتات من الخلافات العربية العربية، وكلما ازدادات الخلافات ازداد الابتزاز.<o:p></o:p>اليوم، بنظرك، إلى أين ستذهب هذه الأزمة؟ اليوم بالتحديد أخرجت الأرض ملفّاتها، ملفّات الإرهاب، قطر تنشرها ضدّ السعودية والسعودية ضدّ قطر. هل نحن أمام موجة معلومات خطيرة سوف تزيد في تفجير الأمن القومي العربي؟<o:p></o:p><o:p> </o:p>عروس الزبير: بالفعل هذا هو الاتجاه السائد، لكن المفاتيح يا دكتور يحيى هي موجودة في يد من ذكرت. بعد زيارة ترامب، انفجرت الأمور، وانفجرت في لحظة تاريخية في شهر الصيام في رمضان، هو شهر المحرّمات، انفجرت في هذه اللحظة بأمرٍ وإيعاز، لكن أميركا متحكّمة في الوضع، ولا بدّ من أن تعود إلى بيان الجيش الأميركي، أعتقد اليوم أو أمس، عندما ثمّن دور قطر، وقدّر مساهمتها العالية في المساعدات التي قدّمتها للجيش الأميركي في محاربته للإرهاب، وكأنّها دعوة أو تنبيه أنّ الأمور لا يجب أن تتعدّى محنة حصار أو مقاطعة قطر لكي ترجع إلى البيت، وتكتفي بدورها كدولةٍ صغيرة لا أكثر ولا أقلّ.<o:p></o:p>فالمسألة هي قضيّة تتعلّق بالدور الذي يُرسَم ويُملى من طرف الأسياد على دول المنطقة. من يقوم بهذه المهمّة؟ أرادت قطر أن يكون لها جزء في هذا الدور، لكن البعض لا يريد منها أن يكون لها جزء أصلاً، بل تنفّذ الأوامر، ويجعلها دولة مساعدات. الآن لا بدّ من أن نقرأ تصريحات وزير الخارجية السعودية عندما يقول إذا أرادت قطر مساعدة سنقدّم لها مساعدات، يريد أن يجعلوا منها قطراً أو دولة مساعدات، تتلقى المساعدات وفق الأوامر والخدمات التي تقدّمها، وفق حجم هذه الخدمات لا أكثر ولا أقل.<o:p></o:p>أما عندما نتحدّث عن علماء الأمّة، دعوة الدكتور محمود هي دعوة خيّرة إلى الوحدة والتلاقي بين السّنّة والشيعة، لكن مع الأسف، الانقسام الآن على مستوى المدرسة الواحدة بين أهل السّنّة، ما يُسمّى بعلماء السنّة، هناك من يدعو إلى النظام في السعودية والآخر يدعو إلى مَن في قطر، هناك مَن يدعو.<o:p></o:p><o:p> </o:p>يحيى أبو زكريا: دكتور عروس، وأنا أدعو الله تعالى أن يلمّ شعث هذه الأمّة، وأن يوحّد بين أطرافها، وأن يعيدها إلى جادة العقل والصواب.<o:p></o:p>دكتور عروس الزبير، داهمني الوقت، شكراً جزيلاً لك، كنت معنا من الجزائر، في حلقات مقبلة سنكمل.<o:p></o:p>الدكتور محمود سعيد ممدوح المفكّر الإسلامي من مصر شكراً جزيلاً لك.<o:p></o:p> <span lang="AR-LB" dir="RTL" style="font-size:16.0pt;line-height:115%;font-family: "Arial","sans-serif";mso-ascii-font-family:Calibri;mso-fareast-font-family: Calibri;mso-hansi-font-family:Calibri;mso-ansi-language:EN-US;mso-fareast-language: EN-US;mso-bidi-language:AR-LB">مشاهدينا وصلت حلقتنا إلى تمامها. إلى أن ألقاكم، هذا يحيى أبو زكريا يستودعكم الله الذي لا تضيع أبداً ودائعه.