المخرج السوري هشام شربتجي

22 نيسان 2017 20:30

نص الحلقة

زاهي وهبي: مساء الخير. شيخ المُخرجين السوريين وواحدٌ من أبرز صنّاع الدراما بأنماطها المُختلِفة لاسيّما على المستويين الكوميدي والاجتماعي. قدّمَ أعمالاً شكّلت علامات فارِقة في المشهد التلفزيوني وساهم في إطلاق العديد من الموهوبين الذين صاروا نجوماً لامعة ووجوهاً تحتلّ صدارة الإنتاج الدرامي في (سوريا) والوطن العربي. لامست أعماله الكثير من القضايا الجوهرية والساخنة، أحياناً ضمن قالبٍ انتقادي ساخِر وأحياناً أُخرى ضمن مُعالجةٍ دراميةٍ شفّافة ورؤيةٍ إخراجيةٍ لا تُبالِغُ في الشكل على حساب المضمون. شهِدت تجربته الكثير من المحطّات اللامِعة مثلما شهِدت لحظات خيبةٍ وانكسارٍ وإحباط. نجول معه الليلة على بعضِ ملامِح تجربته الثريّة وعلى راهِن الدراما السورية والعربيّة وانعكاس الخراب العربيّ العظيم على المشهد التلفزيوني والإنتاجي. "بيت القصيد"، بيت المبدعين العرب يُضاءُ بحضور المُخرِج الكبير الأُستاذ "هشام شربتجي"، أهلاً وسهلاً بك، شرّفت <o:p></o:p>هشام شربتجي: زمان أليس كذلك؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: منذ حوالى 20 سنة تقريباً كان حوارنا الأوّل <o:p></o:p>هشام شربتجي: ما الذي تغيّر فينا؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: ما الذي تغيّر! تغيّرت الدنيا كلّها من حولنا، إن شاء الله نحن <o:p></o:p>هشام شربتجي: دعنا في بؤرتنا الضيّقة، أنا شبتُ قليلاً وأنت سمِنت قليلاً أليس كذلك أُستاذ "زاهي"؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم سمِنت وبدأتُ أشيب، وأنا من مُحبّي الشيب ولستُ ضده<o:p></o:p>هشام شربتجي: بعد هذه المُقدِّمة أنا يُشرّفني شيئان، أن أُقابلك للمرة الثانية <o:p></o:p>زاهي وهبي: هذا شرف لي <o:p></o:p>هشام شربتجي: أن أُقابلك للمرة الثانية، وأن أكون ليس فقط في "بيت القصيد" بل في بيت العزّة، في بيت "الميادين" التي هي رفيقتي في فترة رأينا فيها القليل من الحزن، كانوا يقولون شيئاً على الشاشة وأنا أشعُر في داخلي من أبناء جيلي، أشعُر أنّ الدنيا لا زالت بخير والغدّ أحلى<o:p></o:p>زاهي وهبي: الله يسمع منك وعلى كلّ حال، ربما عند حضرتك امتزج الحزن العام بالحزن الخاصّ، مؤخراً فقدت شقيقتك <o:p></o:p>هشام شربتجي: الله يرحمها، الله يرحمها <o:p></o:p>زاهي وهبي: الله يرحمها ويُطيل في عُمرك ويخلّي لك عائِلتك <o:p></o:p>هشام شربتجي: يخلّي لي إياك يا رب، الغربة أحيانا تُبعِدنا عن وداع الأحِبّة <o:p></o:p>زاهي وهبي: صحيح<o:p></o:p>هشام شربتجي: حتّى الموت أحياناً له وقار، أفقدونا وقار الموت للأسف<o:p></o:p>زاهي وهبي: دعنا نُشاهدك، قبل أن نبدأ بطرح الأسئِلة في "علامة فارِقة". ماذا قال "هشام شربتجي" في هذه العلامة؟<o:p></o:p>علامة فارِقة <o:p></o:p>هشام شربتجي: <o:p></o:p><span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:115%; font-family:"Wingdings 2";mso-ascii-font-family:"Simplified Arabic";mso-hansi-font-family: "Simplified Arabic";mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic";mso-bidi-language: AR-LB;mso-char-type:symbol;mso-symbol-font-family:"Wingdings 2"">— أنا أُقدِّم محبّة، أنا أُقدِّم صناعة مِهنة، أشخاص يحترمون بعضهم البعض، يُكملون بعضهم البعض، حاولت، وشرف المُحاولة يكفي  <o:p></o:p> <span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:115%;font-family:"Wingdings 2"; mso-ascii-font-family:"Simplified Arabic";mso-hansi-font-family:"Simplified Arabic"; mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic";mso-bidi-language:AR-LB;mso-char-type: symbol;mso-symbol-font-family:"Wingdings 2"">— أُحِبّ هذه المهنة. أنا شخص اكتشف بعد رحلة طويلة أنّ الحياة أقصر من الحُلم <o:p></o:p><span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:115%; font-family:"Wingdings 2";mso-ascii-font-family:"Simplified Arabic";mso-hansi-font-family: "Simplified Arabic";mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic";mso-bidi-language: AR-LB;mso-char-type:symbol;mso-symbol-font-family:"Wingdings 2"">— أُحِبّ الحياة، أحبّ الموت لأنه شكلٌ آخر من الحياة التي هي نقطتين على دائِرة   <o:p></o:p><span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:115%; font-family:"Wingdings 2";mso-ascii-font-family:"Simplified Arabic";mso-hansi-font-family: "Simplified Arabic";mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic";mso-bidi-language: AR-LB;mso-char-type:symbol;mso-symbol-font-family:"Wingdings 2"">— "محمود مرسي" أحببني بكلّ شيء اسمه فنّ، والإنتاج التلفزيوني أكرهني بكلّ شيء اسمه فنّ <o:p></o:p><span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:115%; font-family:"Wingdings 2";mso-ascii-font-family:"Simplified Arabic";mso-hansi-font-family: "Simplified Arabic";mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic";mso-bidi-language: AR-LB;mso-char-type:symbol;mso-symbol-font-family:"Wingdings 2"">— مشواري الفنّي أعطاني أشياء كثيرة، أعطاني محبّة الناس وكراهية عائلتي لي وخسّرَني حياتي الاجتماعية   <o:p></o:p><span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:115%; font-family:"Wingdings 2";mso-ascii-font-family:"Simplified Arabic";mso-hansi-font-family: "Simplified Arabic";mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic";mso-bidi-language: AR-LB;mso-char-type:symbol;mso-symbol-font-family:"Wingdings 2"">— ابنتي "رشا"، دخولها في الوسط بالصدفة. هي ابنة عائِلة فنية، أمها مهندسة ديكور ووالدها مُخرِج لكنها لم تكُن تُفكِّر في هذا الاتجاه إطلاقاً إلى أن جاءت معي، وفي يوم من الأيّام حينما كثُرَت أسئِلتها وسألتني " لماذا تفعل هكذا؟ " قلت " علِقت". هذا "فيروس"، وأتمنّى ألاّ يؤثِر هذا الكلام على حياتها العادية وحياتها الاجتماعية، وأن تُحقِّق فرحها خارج الفرح الذي تحصل عليه أثناء شغلها   <o:p></o:p><span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:115%; font-family:"Wingdings 2";mso-ascii-font-family:"Simplified Arabic";mso-hansi-font-family: "Simplified Arabic";mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic";mso-bidi-language: AR-LB;mso-char-type:symbol;mso-symbol-font-family:"Wingdings 2"">— حينما بدأت المهنة كنت قد تعلّمت شيئاً وجئت إلى بيئة مختلفة تماماً يجب أن أشتغل لها وأن أتنازل عن شيء تعلّمته، ووجدت أنّ الأصدق في الفِعل هو أن أتبع إحساس والدتي ووالدي وجاري. أكيد عين المشاهِد هي عينٌ ترى أحسن من عين المُخرِج. المُخرِج يُحاول أن يُحقّق هذه المُعادلة بين تجريد الورق وواقعية الحياة     <o:p></o:p><span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:115%; font-family:"Wingdings 2";mso-ascii-font-family:"Simplified Arabic";mso-hansi-font-family: "Simplified Arabic";mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic";mso-bidi-language: AR-LB;mso-char-type:symbol;mso-symbol-font-family:"Wingdings 2"">— أنا حائِز على ماجيستير في المسرح وليس لي علاقة بالتلفزيون الذي شارك في تدمير بعض أحلامنا. هذا المكان حين أدخله أشعُر بغصّة، أشعُر بحرقة، أشعُر بحُبّ ولم أشتغِل فيه، والكثيرون سألوني قبلاً، " لماذا لم تشتغِل في المسرح"؟ فقلت لهم، " لأنني أحترمه وأُحبّه. أُحبّ أن أراه في الكمال الذي كان في ذهني". حاولنا أن نحقّق هذه الرؤية لأنّ فيها تكامُلاً بين الصالة وبين المسرح، وفي هذا التكامل ربما الميزان أحياناً يميل إلى أحد الطرفين. إمّا أن أُقيم شيئاً ليس له علاقة بالجمهور، أو أن يشعُر الجمهور بأنني في مكانٍ آخر وبأنني ابتعدت  <o:p></o:p><span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:115%; font-family:"Wingdings 2";mso-ascii-font-family:"Simplified Arabic";mso-hansi-font-family: "Simplified Arabic";mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic";mso-bidi-language: AR-LB;mso-char-type:symbol;mso-symbol-font-family:"Wingdings 2"">— لا أدري، ربما هذه آخِر مُقابلة حلوة أُجريها لأنها على المسرح. بالصدفة أنتِ أتيت، وأنا ابن المسرح، لتجري المقابلة معي على المسرح   <o:p></o:p><span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:115%; font-family:"Wingdings 2";mso-ascii-font-family:"Simplified Arabic";mso-hansi-font-family: "Simplified Arabic";mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic";mso-bidi-language: AR-LB;mso-char-type:symbol;mso-symbol-font-family:"Wingdings 2"">— قصّة حياتي. وُلدت، نجّمت، كبُرَ حلمي، ومتّ، هذه قصةّ حياتي. الحياة هي أقصر بكثير من أيّ حلم <o:p></o:p>زميل - مازن: بعيد الشرّ عنّك <o:p></o:p><o:p> </o:p>هشام شربتجي: لا، عادي. الموت فرح. هذا "مازن"، رفيقي منذ زمنٍ بعيد، لم يكن عنده ذقن وأنا لم أكن شائِباً. قال إنه يريد أن يصبح طيّاراً وأصبح مُخرجاً، لاحظ الفرق بين فوق وبين تحت <o:p></o:p><span dir="LTR" style="font-size:14.0pt;line-height:115%; font-family:"Wingdings 2";mso-ascii-font-family:"Simplified Arabic";mso-hansi-font-family: "Simplified Arabic";mso-bidi-font-family:"Simplified Arabic";mso-bidi-language: AR-LB;mso-char-type:symbol;mso-symbol-font-family:"Wingdings 2"">— أُخبري "زاهي" بيني وبينه، من غير أن يعرِف أحد أو أن يرى أحد، ألاّ يُحرِّضني. عندي ألم لا أُريده أن يخرُج. أسموني "شيخ الكار" كذباً، أسموني " ملك الكوميديا" كذباً، لا تُخرِج ما في داخلي واترك الناس متفائلين؛ أنا مُتشائِم <o:p></o:p>زاهي وهبي: نريد أن نُحاول أن نُخرِج الفرح المُختبئ خلف الحزن <o:p></o:p>هشام شربتجي: بيني وبينك إذاً، إن شاء الله يا رب <o:p></o:p>زاهي وهبي: والأمل المتمسّكين به جميعاً، لكن التلفزيون كرّهَك بالفنّ؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: الإنتاج التلفزيوني كرّهني بالفنّ <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم، الإنتاج التلفزيوني<o:p></o:p>هشام شربتجي: أو ما آل إليه الإنتاج التلفزيوني لاحقاً <o:p></o:p>زاهي وهبي: إلى ما آل؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: الفن مشروع له أدوات كثيرة تبتدئ من الورق، من الفِكرة، من الحلم وينتهي بالإخراج وأدواته من ممثلين وديكور. عندما تختلّ ناحية من النواحي لا تكتمل الصورة <o:p></o:p>زاهي وهبي: تحوّل في رأيك إلى تجارة أو إلى أداة بدل أن يكون غاية؟ أنا أفترِض أنّ الفنّ غاية نبيلة وليس وسيلة <o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط. ليته يتحوّل إلى تجارة، يا ليت<o:p></o:p>زاهي وهبي: أقلّ من تجارة في رأيك، أسوأ <o:p></o:p>هشام شربتجي: ليته. عندما يتحوّل إلى تجارة معنى ذلك أن لا أحد يقبل القيام بمشروعٍ فاشِل مادياً على كلّ المستويات وفي كلّ المعامل، ونحن أجزاء من معامل. لا، تحوّل إلى شيء آخر، تحوّل إلى زمن السرعة، زمن الاستهلاك، الزمن الذي يضحكون فيه عليك وتكون أنت خارِج السرب عندما تقول، "هذا جزء من مشروعي". عليك أن تُماشي هذا السرب<o:p></o:p>زاهي وهبي: المسرح، الذي من المُفترض أن يكون ملعبك قبل أن يأخذك التلفزيون، هلّ خنته أم خانك؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: لا والله، خنته <o:p></o:p>زاهي وهبي: خنته، لماذا؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: خنته لسبب. أحياناً حينما كنّا صغاراً "زاهي"، دعنا نُبسِّط الأمور على الناس الذين يُشاهدوننا، حين تشترى "عَقّابين" ولا أدري إن كنتم تعرفونها، " العُوجة" <o:p></o:p>زاهي وهبي: أي نعم، طبعاً <o:p></o:p>هشام شربتجي: كنّا نشتريها أثناء ذهابنا إلى المدرسة، تأكل الحبّات الصغيرة أولاً وتترك الحبّات الظريفة إلى الآخر، لأنك تُحِبّها لا تقترِب منها، ويأتي أحد ويأكلها منك <o:p></o:p>زاهي وهبي: إلى هذا الحدّ تُحبّ المسرح <o:p></o:p>هشام شربتجي: طبعاً. المسرح لا يُلعَب معه، المسرح هو جمهور، المسرح هو أداة لنلعب مع بعضنا البعض، وإذا اختلّت<o:p></o:p>زاهي وهبي: لا يعجبك لقب " شيخ المُخرجين" ولا "ملِك الكوميديا"، وحضرتك قدّمتُ أعمالاً محفورة، بصمة، من "عيلة خمس نجوم" و"مرايا" و"يوميات مُدير عام" و"جميل وهنا" و" أحلام أبو الهنا"، ولا يكفي المجال لأعِدّ، عددت الآن الجانب الكوميدي من أعمالك. ما الذي تتوقّعه حضرتك من التلفزيون أكثر من هذا؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: أقول لك الشهرة؟ ستين جهنّم بالشُهرة، الشُهرة كابوس تحمله معك إلى سريرك وأثناء تناولك قطعة جبنة على العشاء لوحدك يتصوّر الناس أنك سعيد. لا، أنا سعيد في حياتي، سعيد أثناء العمل. لا أُخفيك "زاهي" أثناء الشُغل كلّ العاملين معي، وأنا الآن على الهواء معك ولا أكذب والحمد لله، أحاول ألاّ أكذب، أو إذا أردت أن أكذب أضحك وأمسح طرف وجهي بيدي<o:p></o:p>زاهي وهبي: يظهر عليك فوراً، تنكشِف بسهولة<o:p></o:p>هشام شربتجي: أجل يظهر عليّ، فيقولون عنّي والله أنني كوميدي وظريف. أُحاول أن أكون ظريفاً في الأعمال الدرامية، Funny أثناء العمل، وَنِساً أثناء العمل مع هذا الكبت. في الأعمال الكوميدية أكون جداً مُتشنِّجاً، علينا ألا نضحك على الجمهور، لنضحكه ونجعله مسروراً، فيقولون لك أنني والله " ملك الكوميديا" لكن ملك الكوميديا بماذا؟ بماذا؟ بصناعتي. عندما تشتغِل كوميديا أو تشتغل دراما أو تشتغل ميلودراما أو تشتغل تهريج، المفروض أن يكون مقياس صناعتك بينك وبين نفسك الاحترام، احترامك لشغلك. عندما تهتزّ هذه الصورة في أحد العناصر، ممثل أو شخص ما أحسّ بأنه نجماً وبدأ يتكابر على الآخرين تكون أنت حزيناً، فهذه الألقاب أنا لا أُحبّها. لقب "النجم" لا أُحبّه، نحن نعمل لإسعاد هؤلاء الناس الذين يجلسون في بيوتهم والمليئين بالهموم <o:p></o:p>زاهي وهبي: لكن كما تعلم حضرتك، هناك مُخرجون سعوا إلى النجومية ونافسوا حتّى الممثلين الذين يظهرون على الشاشة، في (سوريا) وفي غير (سوريا) كي لا أكون أقصد أحداً مُحدداً <o:p></o:p>هشام شربتجي: ومن قال أنّ "هشام شربتجي" ليس نجماً؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: لا، أنا أقول <o:p></o:p>هشام شربتجي: أنا أقول لك رداً على هذا السؤال، لا يعني شيئاً هذا الكلام، ما يعني هو شغلك، إسعادك للناس، احترامك، سمعتك الطيبة، ذكراك الطيِّب أمام أُناس احتكّوا معك وعرِفوا أنك أنت لست كاذباً، لا في منزلك ولا في شغلك <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم. تصف نفسك أُستاذي بأنك مخرج دكتاتور على البلاتو أو في موقع التصوير، صحيح هذا الكلام؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: صحيح<o:p></o:p>زاهي وهبي: ألا يحقّ للممثل أن يقترِح، أن يضيف شيئاً ما إلى الشخصية؟ إلى الدور<o:p></o:p>هشام شربتجي: لما كنت أحضرته، لما كنت اخترته للحقيقة، في النهاية هناك عصا مايسترو واحد، قبطان واحد أو تذهب السفينة في اتجاهات مختلفة جداً. أنا أساساً وأنت تعرف ربما، درست طيران. من يحقّ له أن يدخل إلى غرفة القيادة ليقول لك، " غيِّر المسار"؟ أو ارتفع بالطائِرة أو انخفض بها؟ طالما أنا على قيادة هذه الطائِرة أنا الدكتاتور <o:p></o:p>زاهي وهبي: لكن قبل الإقلاع، ممكن أن تأخُذ وتعطي؟<o:p></o:p>هشام شربتجي: توجدRules، توجد قواعِد، توجد مهنة لها احترامها. طالما اسمك مُخرِج" أنا أُحضِر فلاناً من الناس لأستفيد من كلّ طاقاته التي ربما هو لا يلحظها. استشعارك عن بُعد، رؤيتك له عن بُعد، ربما طاقاته هو لا يلحظها وأنا ألحظها أكثر، لذلك إسمي مُخرِج. أو يكون شيئاً آخر <o:p></o:p>زاهي وهبي: هلّ هذا أحد أسباب أننا أحياناً كثيرة نسمع عن عملٍ مُعيّن وأنّ هذا العمل من توقيع "هشام شربتجي"، بعد ذلك نجد أنّ هذا العمل الذي قرأنا عنه أو سمِعنا عنه ذهب إلى مُخرِج آخر غير "هشام شربتجي" <o:p></o:p>هشام شربتجي: لسبب منطقي، أنا أنسحِب <o:p></o:p>زاهي وهبي: تنسحِب<o:p></o:p>هشام شربتجي: أنا أنسحِب، أحياناً أنسحِب <o:p></o:p>زاهي وهبي: أيمتى تنسحِب؟ مهما كان العمل <o:p></o:p>هشام شربتجي: عندما أشعُر بأنني         <o:p></o:p>زاهي وهبي: والنصّ يكون مغرياً والفريق قد يكون رائِعاً<o:p></o:p>هشام شربتجي: والمبلغ المادي يكون مغرياً أيضاً، دعنا نكون واقعيين <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم، نحكي الأشياء كما هي <o:p></o:p>هشام شربتجي: نعم، كلّ الأمور. أنسحِب ليس عندما لا يكون عندي خيارات أخرى بل عندما يكون عندي خشية من أنني حينما أُريد أن أعود من الشغل وأنام ألاّ أنام وأنا مُرتاح، وأظلّ محترِماً لنفسي وأظلّ أقول لأولادي أنني اشتغلت بمنطق أنّ الفنّ Fun. إذا كان العمل سيُزعجني لا أُريده <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم. اليوم بشكلٍ عام، حال الدراما السورية كيف تجده وكيف تجد أثر الجرح السوري والمأساة السورية على هذه الدراما؟ كماً، نوعاً، اتجاهات <o:p></o:p>هشام شربتجي: نحن كي لا نظلم الحرب، لأنّ الحروب أحياناً تُنتِج <o:p></o:p>زاهي وهبي: تدرّ طبعاً، ربّ ضارةٍ نافِعة <o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط. من أجل ألاّ نظلم الحرب، ما قبل الحرب، عندما دخل رأس المال الغريب <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم، غير السوري <o:p></o:p>هشام شربتجي: لا أتحدّث عن غير السوري، أنا لا يحقّ لي أن أقول هذا الكلام لأنّ منطقي منطق قوميّ <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم<o:p></o:p>هشام شربتجي: الغريب <o:p></o:p>زاهي وهبي: بأهدافه وتوجهاته<o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط، لا مُشكلة عندي أن يكون رأس المال من (موريتانيا) مثلاً، لا مُشكِل عندي، الغريب في اتجاهاته. عندما دخل هذا المال بدأت الدراما تنحدِر قليلاً. ثانياً، الدراما هي مشروع متكامل، عندما صارت الدراما دراما نجم، وهذا ما أوقع الدراما المصرية لسنوات طويلة ثمّ عادوا ووقفوا على أقدامهم <o:p></o:p>زاهي وهبي: صحيح. الدراما لا تقوم، وهي مختلفة عن السينما، لا تقوم على شبّاك التذاكر <o:p></o:p>هشام شربتجي: ولا على مُخرِج، لكن طالما سُميَ مخرجاً يجب أن يكون دكتاتوراً، صاحب المشروع، وتوقيعه موجود في آخر العمل <o:p></o:p>زاهي وهبي: أيّ رأسمال نريد لكي يكون هناك دراما كما تتمنّى؟ هلّ نبحث عن رأسمال متنوِّر؟ رأسمال وطني؟ أي رأسمال؟ في النهاية هذه صناعة تحتاج إلى مال. لا يُمكن أن نصنع دراما بالتمنيات والأحلام والنظريات، صحيح؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: طبعاً<o:p></o:p>زاهي وهبي: إذا ما هو المطلوب اليوم؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: المطلوب أن يكون عنوان المهنة هو الاحترام. بالتبادل، عندما يكون عندك رأسمال كبير جداً وإدارة هذه الأموال غير حكيمة، بمعنى لمصلحة جهة ضدّ جهة أُخرى، ولا يوجد Leader أو قائِد، ولا توجد نظرة ولا أتحدّث عن مُخرِج بل أتحدّث حتّى عن مدير إنتاج، أتحدّث حتّى عن D.O.P. أو مدير إضاءة. تصوّر أن يأتي كلّ واحد إلى مدير الإضاءة ويقول له، "هذا قم له بـ P.K. تحت وهذا قوّيه قليلاً لأنه يتعبني قليلاً" لأنّ القصة تضيع هكذا. إعادة المهنة إلى احترامها <o:p></o:p>زاهي وهبي: بمعزِل عمّا يجري في (سوريا) لأنني سأعود إليه، والأعمال الدرامية التي تناولت الأزمة وكيف تناولت هذا الحدث، من دون أن نُسمّي أعمالاً بالإسم، ولكن بشكلٍ عام. هلّ شعرت من خلال عملك في صلب صناعة الدراما السورية والعربية أنّه أحياناً يُراد لنا أن نُغيِّب قضايا جوهرية وأساسية؟ وهلّ وظيفة الدراما هي تسلية الناس أم طرح قضايا أيضاً مُهِمّة في المُجتمع ومحوريّة؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: هذا السؤال شائِك جداً أليس كذلك؟ بمعنى أنني إذا أجبتك وقلت لك لا، من مهامها أن الفن للفن والفن للمُتعة والفن fun وكذا ويتّهمني الناس، لا، حديثنا هذا فيه سياسة وفيه دراما وفيه توجّهات وفيه توجُّه في اتجاه شيء أنا أُريده وأنت تُريده بشكلٍ آخر. المنطق في الأمور أن تكون صادقاً، أن تكون مرآة. ليس صادقاً بما معناه هذه الواقعية السيّئة، لا. هذا فنّ يحتوي السياسة ويحتوي المُتعة. في حياتنا العادية ممكن أن تكون بين أصدقائك في سهرة معيّنة، أحدهم يتحدّث بالسياسة والثاني في الشعر والثالث في النكت ويقيمون جواً مرِحاً <o:p></o:p>زاهي وهبي: بمعنى أنه على الفن أن يكون<o:p></o:p>هشام شربتجي: على الفنّ أن يكون أولاً مرآة صادقة، ابن بيئته. لا يصحّ أن أشتغل فناً يفهمه <o:p></o:p>زاهي وهبي: على الطريقة المكسيكية يا أخي مثلاً <o:p></o:p>هشام شربتجي: لا يصحّ هذا <o:p></o:p>زاهي وهبي: كما تعلم، هذه الموجة ضربتنا لفترة طويلة <o:p></o:p>هشام شربتجي: ليس فقط المكسيكية <o:p></o:p>زاهي وهبي: قبل أن يأتينا التركي وغيره                         <o:p></o:p>هشام شربتجي: والتركي والهندي الآن اسم الله <o:p></o:p>زاهي وهبي: سأُتابع مع حضرتك أُستاذي ولكن اسمح لنا أن نتوقّف مع موجز إخباري سريع ثمّ نعود إلى المُخرِج الكبير "هشام شربتجي" <o:p></o:p>المحور الثاني: <o:p></o:p>زاهي وهبي: مُشاهدينا الكرام، نُتابع "بيت القصيد" مع المُخرِج الأُستاذ "هشام شربتجي". قبل أن نسمع رأياً من "رشا" ابنتك المُخرِجة المعروفة. مُقاربة الدراما قلنا ربّما أحياناً هناك جانب يكون مأساوياً جداً، وهو الحرب، لكن على مستوى الفنّ والإبداع يترُك أثراً ويُخرِج من رحم المُعاناة أشياء جيّدة. هلّ هذا أصاب الدراما السورية؟ بمعنى جعل هذه الدراما تقترِب أكثر من الوجع، وجع الناس، أن تطرح قضايا لها علاقة في هَمّ الناس ومُعاناتهم؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: شوف، الجواب يحمل شقين. أن تكون قريباً من المُشكلة ربما تكون قراراتك <o:p></o:p>زاهي وهبي: متسرّعة أحياناً<o:p></o:p>هشام شربتجي: متسرِّعة، وأن تكون بعيداً عنها، أيضاً تكون بائتة، هذه حِكمة في طريقة مُعالجة الأمور. أنا في آخر عمل اشتغلته الآن في المؤسسة يطرح قصة دراما <o:p></o:p>زاهي وهبي: وهو "أزمة عائِلية" <o:p></o:p>هشام شربتجي: "أزمة عائلية"، يطرح ما آلت إليه الأمور من خلال حياة عائِلة بسيطة، أبّ وأُمّ وأولاد. وهناك منطق آخر يقول لك لا، أنا أذهب وأشتغل Documentary. مهما اشتغلنا، الذي نُشاهده على التلفزيونات الآن والمُصوَّر بالموبيلات هو أفضل من المُصوَّر في أفضل كاميرات ديجيتال في الدنيا وأصدق، ما نُشاهده أصدق. لكن كيف هو موجّه ومن أين مصدره وإلى ماذا يهدُف هو شيء آخر، هذه مهنة مُختلِفة تماماً وأتحدّث عن صناعة الفنّ تحديداً. أنا أعتبر أنّ ما تمّت مُعالجته في الدراما السورية عن الأزمة التي نعيشها يقترِب قليلاً من الصدق وليس صادقاً أبداً. الألم الذي فينا أكبر، الأمل الذي فينا أكبر، فرحنا بغدٍ أحلى هو أكبر، والفنّ مهامه شيء مُختلِف <o:p></o:p>زاهي وهبي: نريد أن نُخرِج منك هذا الأمل<o:p></o:p>هشام شربتجي: إن شاء الله <o:p></o:p>زاهي وهبي: أجل، نبرة الحزن التي فيك نريد أن نرشّها بالقليل من ماء الزهر ومياه وماء الورد. سنُسمعك طبعاً من أُناس اشتغلوا على الأزمة بعديد من الأعمال مثل "رشا شربتجي" ابنتك، كريمتك، دعنا نسمع أولاً ما تقوله عن حضرة جنابك، ممكن؟<o:p></o:p>كلام يوصل<o:p></o:p>رشا شربتجي – مخرجة: الحقيقة، أن أقول شهادة بشيخ الكار هذا كبير جداً، ربما لا أتمكّن من إعطائه شهادة لأنّ أعماله تشهد له وتاريخه يشهد له. هو شخصٌ مُحِبّ. بابا شخص مُحِبّ جداً، مُخلِص، لا يكذِب، أمين، يحبّ من هم حوله ويحبّ أن يكبِّرهم. يُعطي فرصاً كبيرة جداً ويثق بمن هم حوله. كبّر أُناساً كُثُراً وساعد أُناساً كُثراً بمحبّة وبساطة ومن دون أن يُجري حسابات على أن هذا قد يكون مخاطرة أم لا. عندما يثق بأحدهم ويرى لمعة في عين أحدهم يمهِّد له فوراً كلّ الطُرق. له فضلٌ كبير جداً عليّ، لو لم يُعلِّمني ورماني لكي أكون في هذا المكان لما كنت الآن أُدلي بشهادة لأنه أكبر من أن تقول " رشا شربتجي" فيه شهادة. الله يخلّي لنا إياك، أُحبّك كثيراً، أنت من زمن الصدق والمحبّة والإخلاص والرعيل الأول الذي نحن للآن ما زلنا نجني تعبه وجُهده وإخلاصه. الله يخلّيك لنا ويخلّيك يا ربّ للدراما السورية لأنك فخر لها، ويا ربّ أكون تمكّنت من تبييض وجهك في القليل من الأعمال التي اشتغلتها والتي ليست نُقطة في تاريخك. مهما تحدّثت عنك قليل ومهما قلت لك أنني أفتخِر بأنني ابنتك قليل، ومهما قلت لك شكراً لأنّك قدّمت لي اسماً على طبق من فضّة وهو " هشام شربتجي" لأستغلّه وأتمسّك به وأظلّ لاصقة فيه إلى الآن، الله يُديمك. أريد أن أسألك ونحن في زمن الحرب، في زمن الوجع، كيف يُمكننا أن نمشي عكس التيّار؟ كيف يُمكننا أن نُحافِظ على أخلاقنا وعلى قِيمنا؟ كيف يُمكننا أن نُقاوم هذا الوجع وهذا التطرّف؟ كيف؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: على الرضى والصلح صارت "رشا" أحلى، يليق بها الـ <o:p></o:p>هشام شربتجي: كبرت البنّوت، صح؟  <o:p></o:p>زاهي وهبي: أجل<o:p></o:p>هشام شربتجي: منذ متى؟ كانت معنا أليس كذلك في المقابلة؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: كانت في "بيت القصيد" ربما منذ خمس سنوات <o:p></o:p>هشام شربتجي: ونزيد عليهم 15، لا ليس في "بيت القصيد" أنا و"زاهي" أليس كذلك؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم، منذ عشرين سنة <o:p></o:p>هشام شربتجي: نزيد عليهم قليلاً، كبرت البنّوت. "رشا" أنا أحب أن أقول لك كم أنا فخور بكِ، ليس لأنني أنا ربّيتكِ، لا، ليس لأنني أنا علّمتك فأنا لم أُعلِّمكِ، لا. صبرك ومحبّتكِ والموهبة التي كانت كامنة فيكِ، يحق لي أنا كشخص من أقرب الناس لي، ابنتي، أن أهوّي عليها من أجل أن يخرُج هذا الشرر ويقولون "مُعظم النارِ من مستصغر الشرر". شكراً كثيراً لكِ يا "رشا" لأنني فخور جداً حين تكتبين " رشا هشام شربتجي"، قلبي يفرح. قلبي يفرح حين أُشاهِد أعمالكِ الحلوة، وقلبي يفرح حينما أجد أناساً مثلك موهوبين ويحتاجون أن نمدّ يدنا لنساعدهم مثلما ساعدني الناس كثيراً وأشعروني بأن الغد أحلى لك، أقول لك الغدّ أحلى. وجواباً على سؤالكِ، أجمل شعور في العالم أن تقاتل والبسمة كالفيتنامين، تراه هادئاً وقلبه نار من الداخل. حلو أن نُعالِج بشاعة الحرب بابتسامة، ليس ابتسامة سُخرية منها لأنّه مرذول كلّ من حمل السلاح ضدّ بلد عيّشه وأعطاه وكبّره وجعله بني آدم، من أجل أهداف صغيرة جداً. حلو أن نقول الغدّ أحلى بشغلنا، بصدر أكبر، وفي داخلنا لا نُسامح وأنا شخص لا أُسامِح. في خارِجنا واجِب بلدنا علينا أن نُسامِح وأن نشتغِل أكثر ونُحبّ بعضنا أكثر ونبعِد الخلافات جانباً ونقول، والله غداً أحلى <o:p></o:p>زاهي وهبي: إن شاء الله غداً أحلى <o:p></o:p>هشام شربتجي: إن شاء الله <o:p></o:p>زاهي وهبي: ونقول أيضاً "عفا الله عمّا مضى"، كلّ هذا الحبّ بينك وبين <o:p></o:p>هشام شربتجي: عفواً<o:p></o:p>زاهي وهبي: أتحدّث في الشخصي، أي بينك وبين "رشا" كلّ هذا الحُب وزعلتما من بعضكما البعض في <o:p></o:p>هشام شربتجي: طبعاً، لأنني أنا صادق وهي <o:p></o:p>زاهي وهبي: صادقة <o:p></o:p>هشام شربتجي: وعنيدة (يضحك) <o:p></o:p>زاهي وهبي: (يضحك) <o:p></o:p>هشام شربتجي: عنيدة وأُحبّ هذا عندها، وما أوصلها هي أنّها رمّمت الكثير من المسافات حتّى أصبح اسمها "رشا شربتجي" <o:p></o:p>زاهي وهبي: مسرور من شغلِها؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: في نتائِجها طبعاً مسرور. قد أختلف معها على طريقة الطرح، على الطريقة التقنية لأنّها بصمة لا تتكرّر حتّى عند الأولاد. لكن أنا ابن المهنة وعندما أُشاهِد شغلها أُقدِّر تماماً الكم من الوجع الذي تحمّلته حتّى تمكّنت من النحت في الصخر وأخرجت أعمالاً عظيمة إخراجياً. فكرياً نختلِف <o:p></o:p>زاهي وهبي: طبيعي، أحسن. الاختلاف أحياناً أحسن. ربما لا بدّ من سؤال وقلنا أنّ حضرتك قدّمت أعمالاً انتقادية كوميدية محفورة في ذاكرة المُشاهدين وفي تاريخ هذا النوع من الدراما التلفزيونية. اليوم، كيف تجد واقع وحال الكوميديا التلفزيونية السورية، وإذا أمكن العربية؟ لأنّك تجد برامج كثيرة أكيد اليوم <o:p></o:p>هشام شربتجي: الكوميديا خاصتنا أم خاصّة الأخبار؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: خاصّتنا<o:p></o:p>هشام شربتجي: خاصتنا، سبقونا كثيراً، كوميديا الأخبار سبقونا كثيراً  <o:p></o:p>زاهي وهبي: بمعنى أنّ الواقع <o:p></o:p>هشام شربتجي: سبقنا كثيراً وصرنا مسخرة للأسف، صرنا مسخرة، أنا أخاف أن أُقدّم الكوميديا الآن. أنت حين تريد أن تُقدِم سلعة ما، دعنا نسمّها ببساطة سلعة ما، لمن؟ عليك أن تسأل لمن، ولماذا؟ هذان أهم سؤالين أليس كذلك؟ لمن؟ لأُناس يتألّمون وأُشعِرهم بفرح الغدّ، دعونا نراه. أخاف أن أُقدِّم نُكتة، والنكتة بيئتها الخصبة هي الأزمات، النكات تخرُج في الأزمات وهذا معروف عبر التاريخ، وأُنتَقَد. أخاف أن أقترب في اتجاه الميلودراما وأُنتقَد، يكفينا. أخاف أن أقترب نحو القسوة  لأنني أقول يكفينا قسوة. أصبح مستهلك مادتك، مُشاهدك الذي تُخاطبه وتعرِف ماذا يُريد، أخاف من المُشاهِد، أخاف أن أنسيه بدل أن اُضحِكه. حين أُخرِج دراما أخاف أن أوجعه أكثر مما هو موجوع. يجب أن تستتبّ الأمور الآن ونشتغِل على الحبّ، على قصص حبّ، على قصّة أب يعرِف كيف يُربّي أولاده  كي لا يُصبحوا مشرّدين، يعرف كيف يُربّي أولاده كي لاّ يُصبحوا ناكرين للنعمة. أنا أعتقد أنّ منطقنا الحالي أن نشتغِل على هذا الـ Mood، الـ Mood الاجتماعي البسيط السهل الممتنِع الذي يوصِلنا إلى نوعٍ من استقرار وسكينة كي نعود ونُحبّ بعضنا البعض<o:p></o:p>زاهي وهبي: ما من شكّ أنّ مُجتمعاتنا تحتاج إلى كثير من الحبّ. مُجتمعاتنا العربية بشكلٍ خاصّ <o:p></o:p>هشام شربتجي: للأسف. ماذا تقصد؟<o:p></o:p>زاهي وهبي: أقصد في بثّ قِيَم <o:p></o:p>هشام شربتجي: تقصد أنّه ليس هناك حبّ <o:p></o:p>زاهي وهبي: أقصد أنه لا يوجد حبّ، نعم. توجد ضغائِن وأحقاد وحروب ودماء وقتل، لا نريد الآن أن نرسم الصورة <o:p></o:p>هشام شربتجي: نصف الحرب أليس حبّاً؟ حينما أُحارِب من أجل بلدي أليس لأنني أُحبّها؟ عندما أفدي أولادي، بلدي ووطني الذي ربّاني هو شكلٌ من أشكال الحبّ. أنا أتحدّث عن الحبّ الإنساني، هذا الذي أقصده تماماً في لعبة الدراما بعيداً عن دغدغة العواطف المجّانية. أن نكون صادقين ونُخرج أعمالاً خفيفة ولا نذهب في اتجاه المُعقّد والمُتشنِّج. كفانا، رويداً رويداً <o:p></o:p>زاهي وهبي: دائِماً نحن نقول أنّ هناك "راء" في منتصف كلمة "حرب"، نتمنّى أن تسقُط هذه "الراء" لكي يعمّ الحبّ <o:p></o:p>هشام شربتجي: ويُصبح عندنا حرفان<o:p></o:p>زاهي وهبي: ويُصبِح عندنا حرفان، سواء في العلاقات الإنسانية الفردية أو الجماعية بين النسيج المُجتمعي<o:p></o:p>هشام شربتجي: يا ليت، يا ربّ، يا ربّ تعود السكينة إلى قلوبنا ونعود نُحِبّ بعضنا البعض <o:p></o:p>زاهي وهبي: يا ليت. أُستاذي أيضاً مرّة اسمح لنا أن نتوقف مع استراحة سريعة ثمّ نُتابِع "بيت القصيد" <o:p></o:p><o:p> </o:p><o:p> </o:p>المحور الثالث: <o:p></o:p> زاهي وهبي: مُشاهدنا، نُتابع حوارنا في "بيت القصيد" مع المُخرِج الكبير الأُستاذ "هشام شربتجي". أُستاذي، قبل أن نسمع شهادة من الممثلة القديرة "شُكران مُرتجى" والصديقة العزيزة، بعد أكثر من نصف قرن من العمل ومن العطاء لا تزال تصف نفسك بأنّك هاوٍ ولست محترفاً <o:p></o:p>هشام شربتجي: حتماً<o:p></o:p>زاهي وهبي: كيف؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: الهاوي دائِماً متخوِّف. الهاوي دائِماً يبحث عن رأي الآخرين فيه. المُحترِف يشطح قليلاً ويُصبح نجماً، لا يعود يرى الناس، يُصبح طاووساً حلواً كثيرا لكنه ليس في محلّه <o:p></o:p>زاهي وهبي: تُصبح ثقته بنفسه زائِدة عن حدّها <o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط، تُصبِح الثقة زائِدة <o:p></o:p>زاهي وهبي: حضرتك قلت للصديق العزيز " باسل مِحرز" في حوار إذاعي أنّك تتعلّم من "رشا"، ابنتك مثلاً <o:p></o:p>هشام شربتجي: حتماً<o:p></o:p>زاهي وهبي: تتعلّم من "يزن" الأشياء التي ربما تسمعها من ابنك، تتعلّم من الكومبارس الذي معك في عمل مُعيّن. هذا الشيء حقيقي؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: والله حقيقي، رغم أنني أنا الدكتاتور لكن أسمع، عيب كلمة حرامي، أسرق، أسرُق من الآخرين <o:p></o:p>زاهي وهبي: ماذا تسرُق؟<o:p></o:p>هشام شربتجي: نظرات صح أنا ربما لا أراها. أنا ضمن دائرة وعلى من يراني من الخارِج أن يراني بشكلٍ أفضل<o:p></o:p>زاهي وهبي: تعتقد حلال هذا النوع من السرقة؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: حتماً، وليس تقليد الآخرين وسرقة جهود الآخرين، لا<o:p></o:p>زاهي وهبي: التعلُّم ربما <o:p></o:p>هشام شربتجي: التعلُّم من الآخرين. شوف "زاهي"، لكلّ جيل جماله، لكلّ عُمر جماله. عندما كنت أنا وأنت منذ عشرين سنة كنّا نُفكِّر بطريقة مُعيّنة وكبِرنا وكبرت "رشا" وكبر معها حلمها. الذي تراه هي ربما أنا لا أراه. أنا عندما قلت قبل هذه المُقابلة بأن أولادي حين يخرجون من البيت أفتِّش في مكتبتهم عمّا يقرأون ليس للاطمئنان عليهم بل لأعرِف عالماً لا أعرِفه <o:p></o:p>زاهي وهبي: صحيح. ربما لا نقول شيئاً جديداً إذا قلنا أنّ الأصغر سنّاً يتعلّم من الأكبر والأكثر تجربةً، لكن أيضاً الأكبر سنّاً وتجربةً يتعلّم من <o:p></o:p>هشام شربتجي: يتعلّم أكثر. لو أُريك الآن موبايلي، ابن ابنة أخي عُمره أقلّ من ثلاث سنوات أو أربع سنوات، يمسِك الـ iPad ويشتغِل فيه بمهارة. ربما أنا وأنت إن أردنا أن نتعلّم على هذا الموبايل <o:p></o:p>زاهي وهبي: أنا تواجهني مع ابني هذه المسألة ومع ابنتي ولا يُمكنني اللحاق بهما <o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط، ويخرج موديلاً جديداً أنت لم تكتشف بعد ماذا فيه، بينما هم تلقائِياً، أبناء الجيل يعيشون حياتهم. في الوقت نفسه من حقّي أنا أن أقول لهم ما كنّا عليه بالأمس، كيف كان الفنّ بالأمس، ماذا كان المُطرب بالأمس، كيف كنّا نقوم بعشرين بروفة قبل أن نعتلي المسرح، ليس على المسرح بل أمام الكاميرا <o:p></o:p>زاهي وهبي: على موقع التصوير <o:p></o:p>هشام شربتجي: أمام الكاميرا. أنا أتعلّم من الآخرين الكثير، أتعلّم من شخص يشتغِل معي في المرتبة الثالثة والرابعة، إذا قال فكرة ذكية <o:p></o:p>زاهي وهبي: هذا الشيء والله دائِماً أقوله لأصدقائي على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يُتابعونني ويأخذون ويُعطون معي أقول لهم أنني أنا أتعلّم منكم أيضاً. أتعلّم من أسئِلتكم، من ملاحظاتكم، من تعليقاتكم. آخذ نفساً جديداً ومُختلفاً <o:p></o:p>هشام شربتجي: الحياة التي تريد أن تعيشها عشها الآن ولا تعيشها سابقاً لأنك تُقفل عليك مجموعة معارِفك. مثل أنك أخذت الماجيستير وأخذت الدكتوراه واشتغلت عملين وبعدهما "يا أرض اشتدّي لا أحد قدّي"، مثل ممثل يأتي لعندك ويقلب الزمن فيُصبِح نجماً فيدخل بأكتافه على الشغل مع أنه لا يزال باكراً<o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم، وهذه القصص تكثر للأسف. من الناس الذين ربما لم تُغيِّرهم الشهرة كثيراً والنجومية، ومن الوجوه المُحبّبة للكاميرا والناس، "شكران مُرتجى". دعنا نسمعها <o:p></o:p>هشام شربتجي: "شكّوره" <o:p></o:p>زاهي وهبي: "شكّوره"، دعنا نسمع ما تقوله عن حضرة جنابك <o:p></o:p>كلام يوصل<o:p></o:p>شُكران مُرتجى – ممثلة: من أوائِل الأعمال التي اشتغلتها كانت تحت إدارته. كانت بدايتي في خمسة مشاهِد في "عيلة خمس نجوم" والآن في دور بطولي في مسلسل "مُذكرات عشيقة سابقة". أنا أجد أُستاذ "هشام" من المُخرجين الذين يستفزّون طاقة المُمثِّل، يستفزّوه إلى درجة تُخرِج منه ما هو يريده. هذه هي مدرسة الأُستاذ "هشام "، هو من هذا النوع، الذي يفهمه يعرِف أنّ هذا الاستفزاز هو طريقة، هو أُسلوب كي يأخُذ الشيء الذي يريده منك. أنا مع الأُستاذ "هشام" دائِماً في علاقة "خذ وهات" أو "سلِّم لأستلِم"   وفي علاقة لها علاقة بالنسج، مثل الغَزْل، أبدأ بالقطبة الأولى وهو يُنهي أو العكس صحيح، نُكمِل بعضنا البعض. مراحل عديدة مرّت في حياتي ونجاحات كبيرة تُسجّل لي لها علاقة بالأُستاذ "هشام"، وآخِرها وإن شاء الله لا يكون آخِرها، هو "مذكرات عشيقة سابقة". لكن أُريد أن أقول له أنني بصراحة كنت مُشتاقة للعمل معه في عمل كوميدي لأنني منذ زمن لم أشتغِل في الكوميديا، فعلى بالي كثيراً أن أعمل في عمل كوميدي تحت إدارته. من هو الممثل الذي كنت تتمنّى، هناك العديد من الممثلين الذين يتمنّون العمل تحت إدارتك لكن أنت من هو الممثل الذي لم يشتغل معك أبداً وكنت تتمنّى أن يكون وراء كاميرتك كي تُخرج منه شيئاً لم يُشاهده أحد؟ من هي الممثلة أو من هو الممثل، وأُريد أن أسألك سؤالاً آخر، لا بأس اسمحوا لي بسؤالين. أستاذ "هشام" هلّ تتمنى أن تُخرِج "عيلة تسع نجوم"؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: نقول لـ "شكران"، إن شاء الله هذه الابتسامة على وجهها تظلّ دائماً، تفضّل <o:p></o:p>هشام شربتجي: من أجل ألاّ أكون " بيت فستق"، أتعلم "بيت فستق" في الشامي ما معناها؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: لا<o:p></o:p>هشام شربتجي: هؤلاء يمدحون بعضهم البعض <o:p></o:p>زاهي وهبي: أهلية بمحليّة يعني <o:p></o:p>هشام شربتجي: أهليّة بمحليّة<o:p></o:p>زاهي وهبي: "إخوان الصفا" <o:p></o:p>هشام شربتجي: قالت كلمتين من أهمّ الكلام الذي سمعته <o:p></o:p>زاهي وهبي: وهما؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: عادتها مرتين، "إدارة"، لم تقل "مخرجاً"، قالت "تحت إدارته". عندما المُخرِج يفقُد الإدارة، عادةً يا سلام في هذه المهنة. بالنسبة إلى "شُكران" أنا أعرِف تماماً أنها كانت تريد أن تقول هذا الكلام، بمعنى أتوقّع تماماً ما ممكن أن تقول لأنّها بنت عفوية، صادقة، حسّاسة، وأمام الكاميرا من السهل استفزازها، سهل جداً، وهذه من مهام المُخرِج. أحياناً استفزاز بالمعنى الإيجابي وأحياناً بالمعنى السلبي. في زمانه كُتِبَ عنّي مقال بعنوان "هشام شربتجي نشاز" من أحلى المقالات التي كُتِبَت عن "هشام" <o:p></o:p>زاهي وهبي: من كتبه؟ نسيت<o:p></o:p>هشام شربتجي: لا والله لست ناسياً، "كوليت خوري" بإسمها الكبير <o:p></o:p>زاهي وهبي: الله يوجه لها الخير                           <o:p></o:p>هشام شربتجي: قالت " هشام شربتجي" نشاز وأتمنّى أن أظلّ نشازاً كي أستفِزّ "شُكران" وآخُذ أجمل ما عندها، وفي المذكرات قامت بمجموعة من النشاطات وأنا فخور بك يا " شُكران" <o:p></o:p>زاهي وهبي: حلو الوفاء أيضاً، أنّه بعد كلّ هذه السنوات التي مرّت، لا تزال تتذكّر الخمسة مشاهِد <o:p></o:p>هشام شربتجي: لأنها متربّية. لا تعتقد "زاهي" أن سلوك البني آدم الشخصي لا ينعكِس في عمله. سلوكه وتربيته وهي بنت بيئة، بنت أُسرة كريمة وهي لحدّ الآن تحضن أُمّها وتشمّها<o:p></o:p>زاهي وهبي: حسناً، دعنا نخرج من "بيت فستق" ونرجع <o:p></o:p>هشام شربتجي: هي سألتني سؤالين <o:p></o:p>زاهي وهبي: هذا ما أقصده، نرجع إلى السؤالين <o:p></o:p>هشام شربتجي: ما هما؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: السؤال الأول كان أنّ هناك الكثير من الممثلين يتمنّون أن يعملوا معك، حضرتك هلّ عندك ممثل تتمنّى لو اشتغلت معه؟ أو اشتغل معك؟<o:p></o:p>هشام شربتجي: الجواب بكلمة واحدة، كثيرون ماتوا قبل أن يعملوا معي للأسف، لكن الله يعطيه <o:p></o:p>زاهي وهبي: كلّ الذين تتمنّى <o:p></o:p>هشام شربتجي: إيه والله. كنت أتمنّى أن أشتغِل مع أُستاذي " محمود مُرسي" الذي علّمني الحياة <o:p></o:p>زاهي وهبي: أنت دائِماً في حواراتك تذكره بالخير <o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط، أذكره بالخير لأنّ ما تعلّمته من "محمود مُرسي" لم أتعلّمه في حياة طويلة، منذ نصف قرن. الله يعطيه الصحة والعافية، أتمنّى أن أصطاد "بسّام كوسا" <o:p></o:p>زاهي وهبي: "بسّام كوسا". ألم تعملا بعد سوياً؟  شاهدناه مؤخراً في دور ممتِع في فيلم " محبس" لـ "صوفي بطرس" <o:p></o:p>هشام شربتجي: أنا أقول لك، أشتهي أن أصطاده، لاحظ ماذا تعني الكلمة. أي أصطاده، أصطاد هذه الموهبة الموجودة عنده كي أرى كيف يُمكن أن أجعله يعزِف على وتر آخر <o:p></o:p>زاهي وهبي: على كلّ حال أيضاً أنا أتمنّى أن أصطاده في "بيت القصيد" لأنني اصطدته في "خليك بالبيت" منذ زمن بعيد (يضحك) لكن في "بيت القصيد" لم أُحسن اصطياده بعد        <o:p></o:p>هشام شربتجي: الله يعطيه الصحة والعافية وأنا أحبه<o:p></o:p>زاهي وهبي: إن شاء الله. السؤال الثاني الذي سألته "شكران" هو، هلّ تتمنّى أن تُخرج مجدّداً " عيلة تسع نجوم"؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: حتماً لا<o:p></o:p>زاهي وهبي: حتماً لا؟<o:p></o:p>هشام شربتجي: حتماً لا<o:p></o:p>زاهي وهبي: رغم الإشادة الدائِمة <o:p></o:p>هشام شربتجي: الخمسة والستة والسبعة والثمانية سُببت عليهم بما يكفي، فأصبحوا مدعاة للتكرار وموجودين على الموبايلات وأسئِلة غريبة جداً مثل " ماذا كنت تعطيهم من حبوب ليهلوسوا بهذه الطريقة". لا، كلّ مرحلة لها عُمرها <o:p></o:p>زاهي وهبي: انتهى في رأيك <o:p></o:p>هشام شربتجي: حتماً. أنا لم أُكرِّر، على فكرة الخمسة غير الستة والستة غير السبعة والسبعة غير الثمانية والأسماء تجارية <o:p></o:p>زاهي وهبي: ما الذي يمنع أن يكون التسعة غير الثمانية في هذه الحال؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: شوف، أجمل الأغاني ممكن أن تُغنّى في لحظتها <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم. في رأيك هذه الأُغنية انتهت. أُريد أن أرجع إلى موضوع النجومية بما أننا نتحدّث عن عفوية "شكران" وعن طيبتها وبساطتها. اليوم هناك هذه الآفة، أنّ مثلاً المُمثل النجم يجب أن ينزل إلى موقع التصوير متأخّراً ثلاث ساعات ويكون فريق العمل ينتظره، ومن اللازم أن تكون له امتيازات غير الأجر الذي أصلاً يُمكن أن يكون بقدر فريق العمل كلّه أحياناً وعليك أن تتعامل معه كأنه إله. هذه الآفة، أنا حاورت كباراً في هذا المجال، من "فاتن حمامة" و"عادل إمام" و"صباح" و"نور الهُدى" وغيرهم   <o:p></o:p>هشام شربتجي: سمَتَهم التواضُع، وهذا الذي يُكبِّرهم                        <o:p></o:p>زاهي وهبي: و"مديحة يُسري" و"هدى سلطان" وكيف كانوا يأتون قبل ساعتين إلى موقع التصوير <o:p></o:p>هشام شربتجي: هذه تربية<o:p></o:p>زاهي وهبي: بمعنى هذه السلوكيات <o:p></o:p>هشام شربتجي: قليل التربية ممكن أن يسلك سلوكاً في الفنّ وفي الطبّ وفي كلّ المِهَن في هذه الطريقة، قليل التربية. هناك شيء يسمّونه الهيبة، هيبة الكبير، هيبة كبير الأُسرة. أنا أذكُر جدّي رحمه الله، عندما كان يجلِس إلى الطاولة كلّنا نسكُت إلى أن يقول "بسم الله"<o:p></o:p>زاهي وهبي: الهيبة لا يصنعها التشوّف، لا يصنعها الغرور، لا تصنعها الحركات القرعى ولا تؤاخذي على هذه الكلمة <o:p></o:p>هشام شربتجي: نحن نُعاني قليلاً من هذا الكلام، لا تفتح لي جرحي<o:p></o:p>زاهي وهبي: حسناً، دعني أرجع إلى مُشوارك. أكثر من نصف قرن، أكثر من 50 سنة من العمل المتواصل، إذا أردت أن تضع لهذه السنوات عنواناً أو خُلاصة، زُبدة هذه السنوات الخمسين وإن شاء الله خمسون آخرون <o:p></o:p>هشام شربتجي: "عاش، حلُم، مات" <o:p></o:p>زاهي وهبي: هذه لمن؟ مشهورة هذه <o:p></o:p>هشام شربتجي: لا أدري، طلعت معي الآن. الحلم دائِماً، الحياة أصغر من حلمك <o:p></o:p>زاهي وهبي: هذا الذي أردت أن أسأله <o:p></o:p>هشام شربتجي: حلمت أن أكون أحد الرسّامين الذين يُشاركون "بنيالي"، حلمت أن أكون طياراً ولم أنجح، حلمت أن أكون مُخرجاً صاحِب أدوات خاصة بي وأُعرَف بها، حلمت بأُسرة متواضعة جداً وبعيدة عن الأمور الماديّة. الأحلام تتكسّر أحياناً في زمن قصير<o:p></o:p>زاهي وهبي: وهناك أشياء تحقّقت، أشياء كثيرة تحقّقت <o:p></o:p>هشام شربتجي: كسبت محبّة الناس وكسبت أنني حين أتوقّف على حاجز يقولون " هشام شربتجي" ويضحكون ويبتسمون. حلمت بأن يكون أولادي ناجحين فنجحوا سواء "رشا" أو "يزن" أو "سومر" الله يوجِّه له الخير في مجال اختصاصه، كان يريد أن يكون فناناً وأنا لم أُساعده وأبعدته عن هذا الشرّ <o:p></o:p>زاهي وهبي: أُفّ، شرّ <o:p></o:p>هشام شربتجي: شرّ يُدمِّر العائلات، تحمل همّك في بيتك، إن فشلت مُصيبة وإن نجحت مُصيبة أكبر <o:p></o:p>زاهي وهبي: إلى هذه الدرجة كان انعكاس العمل في الفنّ وفي الأضواء قاسياً عليك؟ على أُسرتك؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: ليس عليّ أنا، على أبناء المِهنة، لا تعتقد أن الذي لم يبِعها سعيد، لكن مردودها جيّد. لكن أجمل ما يُقال أن المال يأتي من سعادة، من سعادة عمل وأتمنّى أن أصرفها بسعادة<o:p></o:p>زاهي وهبي: حلو، إن شاء الله دائِماً يكون الوضع هكذا. فقط قبل أن آخذ استراحة، مسألة أن تكون الحياة أقصر من حلم، مأساة في مكان من الأماكن <o:p></o:p>هشام شربتجي: هذا جمال الحياة. أتصوّر نفسي بأنني الآن "هشام شربتجي" وبعد 50 سنة من العمل عندي طموح أن أشتغل 20 سنة أُخرى لكنني متأكِد من أنني سأعيش 20 سنة أُخرى وسأقوم فيها بهذا، لا، الأمر ليس هكذا<o:p></o:p>زاهي وهبي: الاحتمال حلو، بمعنى ألاّ يكون المرء يعلم كلّ شيء <o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط. هذا أجمل ما في الحياة، أنّ نهايتها لا تعرِف <o:p></o:p>زاهي وهبي: احتمال <o:p></o:p>هشام شربتجي: احتمال، نهايتها لا تعرِف أيمتى.  حلوة الدنيا <o:p></o:p>زاهي وهبي: أتعلم لماذا أنا مسرور بين أوّل الحوار والآن؟ الابتسامة صارت أكثر حضوراً على وجهك <o:p></o:p>هشام شربتجي: (يضحك)  <o:p></o:p>زاهي وهبي: وهذا شيء حلو جداً. دعنا فقط نتوقّف مع استراحة سريعة ثمّ نُتابع ما تبقّى من "بيت القصيد" <o:p></o:p>المحور الرابع: <o:p></o:p>زاهي وهبي: مُشاهدينا الكرام، وصلنا إلى القسم الأخير من "بيت القصيد" هذه الليلة مع المُخرِج الأُستاذ "هشام شربتجي". أُستاذي، قبل أن نسمع شهادة من صديقك المُهندس الأُستاذ "مروان طيّان"، سؤال عن عملك الذي كان خارِج الدراما السورية، سواء المصرية أو الخليجية في "طاش ما طاش" أو اللبنانية أو اللبنانية السورية المُشترَكة، كيف تجِد هذه الظاهِرة التي تُسمّى اليوم بالأعمال المُشتركة؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: بان عرب؟             <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم، سياحة أم شيء مُفيد؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: أجمل باقات الورد هي الباقة البريّة التي فيها من كلّ الألوان، يأتون إليك بباقة ورد وأنا تأتيني بيضاء، هل هناك أحلى من اللون الأبيض؟ لكن لا أحبها لأن فيها Monotone. تفاءلنا نحن في هذا التمازُج في الخبرات سواء اسم الله عليكم في "لبنان" هناك تقنيون يأخذون العقل فلماذا لا نستفيد منهم؟ ولماذا لا نُعطيهم خبرات الدراما السورية بصدق النصّ وطريقة الأداء وطريقة احترام الوقت والشغل على الممثل، لماذا لا؟ هذا حلم، تحقّق أو لم يتحقّق هذا شيء آخر. دائماً أحلامنا يسرقونها تُجّار <o:p></o:p>زاهي وهبي: يحوّلون كلّ شيء إلى سلعة، مُجرّد سلعة. برنامج "طاش ما طاش" الذي كان لك تجربة فيه، هذا البرنامج الكوميدي السعودي الشهير، هل بقي شيء منه في ذاكرتك؟ أخرجت موسماً منه أم أكثر<o:p></o:p>هشام شربتجي: هناك <o:p></o:p>زاهي وهبي: لأنّه كان متميزاً في وقته، لـ "ناصر القصبي" و"عبد الله سرحان" <o:p></o:p>هشام شربتجي: هناك وجع وعدم رغبة في تكرار التجربة ولا أُريد أن أُجيب أكثر من هذا <o:p></o:p>زاهي وهبي: لكن عفواً، الوجع <o:p></o:p>هشام شربتجي: وجع شخصي <o:p></o:p>زاهي وهبي: له علاقة مثلاً<o:p></o:p>هشام شربتجي: تجربة غير جيّدة أبداً بالنسبة لي <o:p></o:p>زاهي وهبي: لم تكن تجربة جيّدة <o:p></o:p>هشام شربتجي: لا لا، لم تكن جيّدة. طريقة فهم الكوميديا. رأيتهم وقلت، لماذا لا أُضيف لسيرتي المهنية <o:p></o:p>زاهي وهبي: تجربة جديدة ومُختلفة <o:p></o:p>هشام شربتجي: مع اثنين مختلفين وجرّب وأرى.  في الاحتكاك مع هذه التجربة لم أُحبّها ولا أريد أن أُحبّها ولا أُريد أن أذكرها، نُقطة سوداء في حياتي <o:p></o:p>زاهي وهبي: أفّ! أفّ! مع أنّ البرنامج كان له <o:p></o:p>هشام شربتجي: كان له وأنا لم يكن لي <o:p></o:p>زاهي وهبي: وفي وقته يُعتَبر على المُستوى الخليجي والسعودي كسر <o:p></o:p>هشام شربتجي: هو تكرار لـ "مرايا" وتكرار لـ "بقعة ضوء"، وهذان الشخصان اللذان ذكرتهما حلوين جداً <o:p></o:p>زاهي وهبي: "ناصر القصبي" و"عبد الله سرحان" <o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط. كانت تجربة مؤلِمة في طريقة تنفيذها ولم تكن جيّدة أبداً <o:p></o:p>زاهي وهبي: دعنا نذهب إلى صديقك المُهندس الأُستاذ " مروان طيان"<o:p></o:p>هشام شربتجي: على فكرة، "مروان" صار لي ربما 15 سنة لم <o:p></o:p>زاهي وهبي: لم تره، لم تلتقِ به؟<o:p></o:p>هشام شربتجي: لم أسمع صوته. كان كلّ فترة وأُخرى، أقلَق فيأتيني تلفون ويقول لي " هشام كيفك". دعني أسمعه <o:p></o:p>كلام يوصل <o:p></o:p>مروان طيّان - صديق: تعرّفت على "هشام" في عام 1985. عرّفني على الموسيقى الصحيحة التي يُمكن للمرء أن يسمعها، يرى الأشياء الفنية بشكلٍ صحيح ورأساً يعرِفها. الموسيقى يقول لكِ هذه صحيحة، الصورة، صورة الكاميرا يعرِفها رأساً. حسّاس، جعلني أتعرّف على كيفية انتقاء المرء للموسيقى، كيف هي سُرعة الكاميرا وأفهمني كيف تشتغِل الكاميرات وكيف يحدُث المونتاج، واشتغلنا معاً "تيترات" مُسلسلات، يحمل في داخله الكثير. أثناء عمله في الإخراج لا يُعصِّب كثيراً على الموظفين أو على الممثلين، لا، يحملها هو. يحدث معه الكثير من المشاكل أحياناً من العصبي، ومرّة في عينه، وأخاف عليه من هذه الناحية. أعطى البلد كثيراً أكيد، إذا فتحتِ في يوم واحد كلّ التلفزيونات العربية ستجدين شيئاً لـ "هشام" يُعرَض. الكوميديا التي صوّرها كثيرون أحياناً يحتجّون ويقولون أنّ هذه فيها القليل من التهريج، هو الذي جمع وحوّل التهريج إلى كوميديا، إبداعه في رأيي أيضاً يصِل إلى جيناته. كان عند "هشام" سيارة "Volkswagen" لونها زرقاء سماوي، مثل لون السماء وكان يُحبها كثيراً، تصوّري أنّه ذهب بها إلى "ألمانيا" مشواراً، ذهب وعاد، وهناك الألمان طار عقلهم بالسيارة الآتية من (سوريا). أيّ رفيق ينقطِع ويحتاج إلى سيارة سيارته معه، أحياناً كثيرة ألحق السيارة وأكون أُريد أن أُسلِّم على "هشام" ويكون من يقودها غيره. هو شخص أكيد يُحبّ المُغامرة وجريء ويُحبّ الحياة كثيراً. "هشام" صديقي، إذا غداً صباحاً صعدت إلى الطائِرة وأخذوك، إلى أيّ بلد أنت ترغب أن تذهب؟ أيّ بلد تختار؟ وماذا تستكشف فيها؟ ماذا ترغب في رؤيته بعينك أو بكاميراتك أو أيّ شيء؟ قل لي <o:p></o:p>زاهي وهبي: شكراً. شهادة جميلة جداً من الأُستاذ "مروان طيان" <o:p></o:p>هشام شربتجي: وأنا أقول لك، يا "مروان" أنت قلت عنّي أنني أُحبّ الحياة وأنا أُحبها كثيراً. تعرّفت على "مروان" وتعرّفت على كيف يُمكن للمرء أن يكون ناجحاً بغضّ النظر عن انتمائه الأُسروي ومن يكون أبوه ومن تكون أُمه ومن تكون أُخته. عصامي، شخص ناجح جداً، موهوب جداً ذكي جداً، جمعنا حبّ الكومبيوتر معاً، علّمني أشياء كثيرة والكومبيوتر كان قد سبقني <o:p></o:p>زاهي وهبي: على كلّ حال السيارة أعتقد تحدّثنا معاً عنها <o:p></o:p>هشام شربتجي: على "الدنمارك" وصلتها، في وقتها، الفيزات التي أخذتها على الباسبورت<o:p></o:p>زاهي وهبي: أكثر من الأوراق، أكثر من أوراق الباسبورت وصفحاته <o:p></o:p>هشام شربتجي: إيه والله، ذكّرني بهذه <o:p></o:p>زاهي وهبي: نجيبه على سؤاله لو سمحت؟ إذا صعدت إلى طائِرة إلى أيّ بلد أو أي مكان ما هو الشيء الذي ترغب في رؤيته من الطائِرة قبل أن تحُطّ؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: من الطائِرة؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: من الطائِرة، ثمّ أي مكان تختار؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: أحب أن يكون لا يوجد فيه مطارات، فغيِّر السؤال "مروان" <o:p></o:p>زاهي وهبي: (يضحك)، هكذا لا سمح الله ستقع الطائِرة إذا لم يتواجد مطار <o:p></o:p>هشام شربتجي: أيّ منطقة فيها حبّ وأمان ومحبّة بين الإنسان والحيوان والشجر. أنا أعتقد أنّ كلّ الجماد الموجود حولنا فيه روح، مثل هذا البيت. قلت لي " كبُرَت بسمتك قليلاً" أليس كذلك؟  <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم، صحّ <o:p></o:p>هشام شربتجي: فيه طاقة إيجابية <o:p></o:p>زاهي وهبي: صحيح <o:p></o:p>هشام شربتجي: أشكال هذه البيوت، ضعني في بيت الآن <o:p></o:p>زاهي وهبي: هذا بيت لبناني قديم <o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط، وأطلبه دائِماً من مدراء الإنتاج فيأخذونني إلى منزل جدرانه بيضاء وأرضه، عندما أراه أكتئِب <o:p></o:p>زاهي وهبي: أنا مثلك، أنا تربّيت في بيت حجر وطين. ما زالت إلى الآن رائِحة الطين أحلى عطر عندي، أحلى عطر في الدنيا <o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط. أنا اُسمها رائحة هلي، وأحبّ الكلس على الحيطان  <o:p></o:p>زاهي وهبي: ماذا تُسمها؟<o:p></o:p>هشام شربتجي: رائحة هلي، رائِحة أهلي <o:p></o:p>زاهي وهبي: شو حلو<o:p></o:p>هشام شربتجي: نعم، أنت تعرِف أنني كنت أرسُم، فكنت أُتعِب أهلي. هناك شيء بدل الدهان بدل الماركات الكبيرة والمجحاف، يكلّسون الجدار بالكلس فأنا كنت أنتظر حتّى يغيب أهلي عن البيت وأرُشّ الماء وأرسم عليه بقلم " الكوبية" وأتلقّى العقوبات، ثم يُحضِر لي أبي باليات ألوان ويُحضر لي أوراقاً لأرسُم <o:p></o:p>زاهي وهبي: إلّا على الجدار <o:p></o:p>هشام شربتجي: أحبّ الرائِحة، أُحبّ رائِحته، أُحبّ البحرة، أُحبّ البيت العربي <o:p></o:p>زاهي وهبي: أنا أذكُر كيف كانوا يحدلون سقف البيت بالطين <o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط، بشيء كلسي يعكِس<o:p></o:p>زاهي وهبي: صحيح يعكس الحرارة أيضاً. حسناً، من الطين والكلس والمنازل العتيقة، مَن الممثل الأحبّ لنفسك أو الممثلين الأحبّ إلى نفسك؟ سواء شباب أو صبايا؟ بمعنى، إذا الآن فرضاً طلبت من حضرتك أن تؤلِّف مجموعة لعمل جديد من تختار؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: والذين لن أختارهم ماذا سيكون وضعهم؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: في النهاية هناك اختيار <o:p></o:p>هشام شربتجي: نريد أن نعرِف<o:p></o:p>زاهي وهبي: سنُدبِّرهم في مكان آخر <o:p></o:p>هشام شربتجي: نعم، هلّ أقول؟<o:p></o:p>زاهي وهبي: قلّ، أجل <o:p></o:p>هشام شربتجي: من الأكثر إزعاجاً أثناء الشُغل والأكثر محبةً منّي لها، وهي مُزعِجة في الشغل، وأحبها وأموت بها كممثلة<o:p></o:p>زاهي وهبي: أجل، من؟<o:p></o:p>هشام شربتجي: ذاك الحب شيء ثانٍ، التي أُحبّها لا أذكُر اسمها، ولا زلت أُحبِّ، لا تضحك <o:p></o:p>زاهي وهبي: لا شكّ عندي<o:p></o:p>هشام شربتجي: لأنّ أُمّي تقول لي دائِماً الله لا يُكبِّرك، فكلّ يوم أُحبّ <o:p></o:p>زاهي وهبي: نظلّ في نظر الأُمهات أولاداً <o:p></o:p>هشام شربتجي: بالضبط. " ديما قندلفت"<o:p></o:p>زاهي وهبي: "ديما قندلفت" <o:p></o:p>هشام شربتجي: مُزعِجة أمام الكاميرا، مزعجة، وتؤدّي Shot حلوة جداً وتأتي لتجلِس إلى جانبي فأقول لها، " خلص لن أُعيد"، تقول لي، "دعني أعيدها مرة أُخرى لربما طلعت أحلى" فقول لها، أحلى من هكذا لا يوجد، لن أُعيد". أُحبّ "ديما" <o:p></o:p>زاهي وهبي: نمسّيها بالخير لـ "ديما"، من أيضاً؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: والباقين كلّهم<o:p></o:p>زاهي وهبي: (يضحك) إلى هذه الدرجة " ديما" بالنسبة لك؟<o:p></o:p>هشام شربتجي: مثلاً، ورّطتني وذكرت لك اسماً <o:p></o:p>زاهي وهبي: أعطني مثالاً من الشباب، "ديما" نُقطة ضعفنا كلّنا، ليس أنت فقط <o:p></o:p>هشام شربتجي: والله لا أُحِبّ الشباب أنا، دعني في البنات، لا أُحبّ <o:p></o:p>زاهي وهبي: إذا أعطيتك مثلاً ثلاثة أسماء، هل تنتقي أحدهم؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: هل يمكنني أن أستشير صديقاً <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم؟ (يضحك) <o:p></o:p>هشام شربتجي: بأمرك<o:p></o:p>زاهي وهبي: مثلاً، "عابد فهد"، "قُصيّ خولي"، "باسم ياخور"؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: "قُصي خولي" <o:p></o:p>زاهي وهبي: لماذا؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: لا أعني أنّ الآخرين مرفوضون، أنا "قصيّ" أُحبّه  <o:p></o:p>زاهي وهبي: لا، أنا أسأل لأنه لا يُمكننا أن نعدّ أسماء كثيرة ونتوقف عن كلّ ممثل أو ممثلة، نأخُذ أمثلة كي نفهم مزاجك على أيّ نموذج من الممثلين، أيّ نموذج من الفنانين الذين يُريحونك. الكاتب الأحبّ لنفسك من؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: كان " ممدوح حماده" <o:p></o:p>زاهي وهبي: كان؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: كان <o:p></o:p>زاهي وهبي: ولماذا بطّل؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: لماذا ما عاد معي؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم <o:p></o:p>هشام شربتجي: هو بطّل <o:p></o:p>زاهي وهبي: كتب أعمالاً <o:p></o:p>هشام شربتجي: بعد " ضيعة ضائعة" ماذا فعل؟ يشتغل أعمالاً تفاجأت، عُرِض على عمل وكتبت اسم "ممدوح" فقال لي لا لأنّه في Workshop فقلت له " ابقى في الـ Workshop خاصتك<o:p></o:p>زاهي وهبي: وهلّ يؤثِّر هذا الشيء على العلاقات الإنسانية؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: لا طبعاً، أظلّ أُحبه ويظلّ يُحبّني، أظلّ أتصل به هاتفياً وأقول له، تعال لنأكل فتّة مكدوس فيأتي ركضاً <o:p></o:p>زاهي وهبي: لو كان الرفض من قِبَل الآخر؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: أحترمه  <o:p></o:p>زاهي وهبي: ألا يؤثِّر على علاقتك؟<o:p></o:p>هشام شربتجي: لا، أحترمه<o:p></o:p>زاهي وهبي: غير الأُستاذ "ممدوح حمادة"، هل هناك رواية أو كتاب مُعيّن <o:p></o:p>هشام شربتجي: المؤلّفين طبعاً، السَحرة الذين اشتغلت لهم أعمالاً حلوة كثيراً، وابنتي اشتغلت أعمالاً حلوة كثيراً معهم ونجّمت معهم "رشا" <o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم<o:p></o:p>هشام شربتجي: "حسن سامي يوسف" من الجيل الصغير بأسمائهم الكبيرة <o:p></o:p>زاهي وهبي: ممكن أن نراك تشتغل معهم عملاً؟ <o:p></o:p>هشام شربتجي: ممكن هم يقبلوا أن أشتغِل معهم؟ <o:p></o:p>زاهي وهبي: خرّبت السياسة خرّبت<o:p></o:p>هشام شربتجي: لا لا <o:p></o:p>زاهي وهبي: ليست سياسة<o:p></o:p>هشام شربتجي: لا لا، هؤلاء اثنان متكاملان وكانا يكتبان مع بعضهما البعض، أحدهما مٌهندس والثاني في الديكور <o:p></o:p>زاهي وهبي: أيوه<o:p></o:p>هشام شربتجي: بمعنى واحد ابن شارِع بالمعنى الإيجابي والثاني كاتب سيناريو يعرِف كيف يكتُب عملاً من دون جسر، والآن هناك من الكتّاب الذين من أربعين صفحة يُمكن أن تأخذ صفحتين فيهم منطق كاتب سيناريو <o:p></o:p>زاهي وهبي: لهذه الدرجة!<o:p></o:p>هشام شربتجي: نعم <o:p></o:p>زاهي وهبي: مسؤول عن كلامك <o:p></o:p>هشام شربتجي: أجل، مسؤول عن كلامي <o:p></o:p>زاهي وهبي: طبعاً مسؤول عن كلامك وأنا أمزح معك <o:p></o:p>هشام شربتجي: طبعاً مسؤول عن كلامي، نعم. لا لا، شوف هناك موهوبون كُثر، إذا تسمح لي أن أروي رواية صغيرة<o:p></o:p>زاهي وهبي: تفضّل <o:p></o:p>هشام شربتجي: كنت في صِغري، لا أعلم إن كان الوقت يساعد، كنت في صغري في "القاهرة" أسمع أخباراً بأنّ "نجيب محفوظ" يجلُس في مقهى " ريش"، فأنزل وأجلس بعيداً، واكتشفت حينها، وأظهرت ذلك في أعمالي، أنّ الأُذن تحمرّ حين تُركِّز السمع، تُصبِح أُذنك حمراء، وأنا أعرِف جماعة المُخابرات من اُذنهم الحمراء <o:p></o:p>زاهي وهبي: (يضحك)، يا ويلي كم توجد أُذنان حمراوتان (يضحك) <o:p></o:p>هشام شربتجي: (يضحك)، المهمّ فكان يُجالس الدكتور "كمال نشأت" وهؤلاء الكتّاب الذين كنت أنا أحلم في يوم من الأيام أن أقرأ رواية وأن أرى الشامية الموجودة عنده، فقال لي بعد أن تكرّر جلوسي من بعيد فأومأ إليّ بالمجيء وقال لي، " أنت إيه؟" فقلت له، " والله طالِب معهد"، سألني، " وماذا تدرس"؟ فقلت له " في أكاديمية الفنون في معهد، قال لي، " اقترب وجالسنا؟". طبعاً أخذت جائِزة الأُوسكار يومها من الفرح لأنني أسمع ما يقولونه خارج نطاق الندوات التي عندي. في يوم من الأيام أكثرت الغلبة وقلت له، "والله أنا حزين لأنّ هناك فُلاناً من المُخرجين رغم أن ذاك المخرج كنت أًحبه أيضاً، يُخرِّب لك رواياتك " فقال لي، " إيه؟" قلت له " يُخرِّب لك رواياتك"، فقال لي " رواياتي في المكتبة، يا ابني أنا بين الدرفتين كتاب، هو حرّ في أن يشتغِل ما يُريده "<o:p></o:p>زاهي وهبي: حلو <o:p></o:p>هشام شربتجي: هذا هو الكبير. هناك كُتّاب كُثر كبار الآن، عندما تحذف له جُملة يرجُف <o:p></o:p>زاهي وهبي: ويفتعل مشكلاً <o:p></o:p>هشام شربتجي: ويفتعل مشكلاً. الآن، المنطق، بعد أن خرج الورق، أصبح المؤلِّف هو المُخرِج وإلّا على هذه المهنة السلام. إذا مُخرِج لا يعرِف كيف يُعيد صوغ ما كُتِب على الورق ويكسيه لحماً ودماً وينفُخ فيه الروح ليصبح عملاً منجزاً فهو مَخرَجٌ وليس مُخرِجاً<o:p></o:p>زاهي وهبي: أُفّ. أُستاذي، في الختام، للأسف الحديث حلو جداً لكن الوقت انتهى. هلّ تمنّيت أن تُصاب بالـ "زهايمر"؟  صحيح؟<o:p></o:p>هشام شربتجي: لا، "زهايمر"؟ أنا دائِماً أمزح وأقول لأنّ أحد مزاحات نجومنا الحلوين والجالسين في العمل أنهم كانوا يسألون " أين هشام" بعدما غادرت الوطن في عمل<o:p></o:p>زاهي وهبي: نعم، ليس في هجرة <o:p></o:p>هشام شربتجي: فقال لهم " الله يُعينه" أُصيب بـ " زهايمر" ويحملونه من تحت إبطه، وسقت بها أنا، وبدل أن هو يقولها أنا أقولها. لا، أحياناً الذهن كافٍ جداً في حفظ الأرقام، لكن هنا في رأسي لا أنسى ولن أُسامِح. من خرّب بلدي لن أُسامحه <o:p></o:p>زاهي وهبي: ولا يُسامَح المُخرِّب<o:p></o:p>هشام شربتجي: أبداً. شكراُ لك <o:p></o:p>زاهي وهبي: أُستاذي، أنا سُعِدت جداً بحضورك وبتشريفك "بيت القصيد"، وسعيد أكثر لأنّ هذه الإطلالة تستعيدك من ابتعادك <o:p></o:p>هشام شربتجي: الله يخليك<o:p></o:p>زاهي وهبي: ومما يُشبه العُزلة التي حضرتك<o:p></o:p>هشام شربتجي: لا لا، أنا أشتغِل حالياً، Full Board والحمد لله <o:p></o:p>زاهي وهبي: أعلم أنك تشتغِل لكن نريد أن نراك أكثر<o:p></o:p>هشام شربتجي: إن شاء الله يا ربّ<o:p></o:p>زاهي وهبي: هذا الذي أرغب في قوله. أشكرك كثيراً <o:p></o:p>هشام شربتجي: شكراً لـ "الميادين" ، للمرة الثانية أقول لك، "شكراً لـ ـ"الميادين"، آخر المحطّات الشريفة <o:p></o:p> زاهي وهبي: أهلاً وسهلاً بحضرتك، شكراً لك ومن خلالك نتمنّى لـ (سوريا) كلّ الخير وكلّ الحُبّ وكلّ الدعاء بالخلاص من كلّ هذه المِحنة. شكراً لفريق العمل، لـ "يارا أبي حيدر" على لمساتها الجميلة، لمُخرِج البرنامج "علي حيدر" لمُنتِجة البرنامج "غادة صالِح"، والشُكر الأكبر دائِماً لمُشاهدينا في كلّ أنحاء العالم. نلتقيكم الأُسبوع المُقبل على خير بإذن الله <o:p></o:p>

المخرج السوري هشام شربتجي

نص الحلقة

برامج أخرى

بيت القصيد

سياسة ملفات الارتباط Cookies