الروهينغا
نص الحلقة
<p> </p>
<p><strong><u>مقدّمة</u></strong>:</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> أنا "جورج غالاواي" مُقدِّم برنامج "كلِمة حرّة" على قناة "الميادين" من هنا في (لندن). أقول كلماتي بحرّية سواء في البرلمان أم على التلفاز أو هنا في شوارع "لندن". "كلِمة حرّة" تعني حرية التعبير، وهذا ما أعبِّر عنه. إذاً، "كلِمة حرّة" هي حوار بين طرفين، تابعونا على قناة "الميادين" </p>
<p><strong><u>المحور الأول</u></strong>:</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> أهلاً بكم في برنامج "كلِمة حرّة" معي "جورج غالاواي" على قناة "الميادين" في حلقة نوافيكم بها من (لندن) مع جمهور من الخبراء المميزين وبعض الهواة المتحمّسين أمثالي. سنتحدّث مساء اليوم عن شعب "الروهينغا" في (بورما)، الشعب الذي تُرتَكَب المجازِر في حقّه ويُمارس التطهير العرقي ضدّه وتُسرَق أراضيه وممتلكاته أو تُحرَق حيث تُمارِس قوات (بورما) العسكرية الدكتاتورية سياسة الأرض المحروقة بتأييد من التجميل الفاشل على وجه ممثلة الفاشية البورمية وهي الحائِزة على جائزة "نوبل" للسلام "أونغ سان شو تشي". بالأمس فقط وقَعَت محبوبة الليبراليين في العالم نفسها ضحيةً للعُنف والاضطهاد السياسيين، أمّا اليوم فهي تُبشِّر باسم القوى نفسها التي أبقتها في إقامة جبرية لأكثر من عشرين عاماً. دُفِعَ مئات الآلاف من أبناء شعب "الروهينغا" المُسلمين في (بورما) اليوم إلى عبور الحدود برّاً وبحراً نحو (بنغلاديش) مُتكبّدين خسائِر عُظمى رغم أنّ (بنغلاديش) نفسها هي إحدى أفقر بلدان العالم. مع أن البعض يتغاضى عن الأمر، يعي الجميع مُعاناة شعب "الروهينغا" المروِّعة ويُدرِك الجميع أنّ إبادةً جماعية من نوع مُعين تحدُث هناك. أنا لا أستخدم هذا الوصف في العادة بل عادةً ما أُحاول تجنُّبه، لكن الإبادة الجماعية هي مُحاولة القضاء على نوعٍ معيّن أو فئة من الناس على نحوٍ كامِل وأبدي وهذا تماماً ما يحدُث في (بورما) الآن. يوافق مُعظم الناس على ما سبق وذكرته ولكن ما يعنيني أكثر حقيقةً أنّ كلّ هذا يحدُث من دون أن يُحرِّك أحد ساكناً حيال الأمر، أو على الأقل من دون أن يؤخَذ إجراء ذي مغزى حيال الأمر. أتحدّث عن هذا الموضوع منذ سنوات كثيرة ونظّمتُ أوّل تظاهرة لي دفاعاً عن شعب "الروهينغا" منذ نحو ستّ سنوات. صحيح أنّ وسائِل الإعلام بدأت تتناول القضيّة الآن وبات السياسيون يدلون بتصريحاتٍ شكلية ويُندّدون بهذا التطهير العِرقي الذي يحدُث لكن لا أحد يفعل شيئاً حيال هذا الأمر لا في الغرب ولا في الشرق، وسأوجه نقداً لاذعاً جداً للطرفين. سأنتقد البريطانيين الذين أعلَن وزير خارجيّتهم للتو عن إعطاء مُساعدات بقيمة 25 مليون جنيه إسترليني إلى لاجئي "الروهينغا" في (بنغلاديش)، لكن ذلك لم يمنعه من إرسال ضُبّاط ومُدرِّبين من الجيش البريطاني إلى (بورما) ليدرِّبوا القوات المُسلّحة نفسها التي ترتكِب المجازِر، يا له من منطِق دائِري عجيب. أنتم تنفقون أموال الضرائِب التي يُسدّدها المواطنون لتمكين جيش (بورما) وبعدها تنفقون المزيد من أموال الضرائِب التي يُسدّدها البريطانيون للتخفيف من عناء أولئِك الذين يقتلهم جيش (بورما) ويُهجّرهم! كالعادة، ما يحدث في (بورما) اليوم هو تجارة للشركات البريطانية ومُختَلَف أنواع الشركات الغربية أيضاً لأنّ الذين يُديرون الحكومة البريطانية وسائِر الحكومات الغربية مُنافقون، ويُدرِك كلّ من يُشاهِد هذه الحلقة مساء اليوم ذلك جيّداً. والمُزعِج أكثر حقيقيةً أنّ الشرق الأوسط لا يُحرِّك ساكناً أيضاً باستثناء (تركيا) وحكومة "أردوغان"، وهي ليست من أنواع الدول ولا الحكومات التي أدعوها إلى المُساعدة ولا أُغدِق الثناء عليها عادةً، لكنها الحكومة المُسلِمة الوحيدة تقريباً التي قدّمت مالاً للتخفيف من مُعاناة اللاجئين. ليس المال واللاجئون إلّا جزء من المُشكلة لكن الأهم هو وضع حدّ للمجازر والتطهير العرقي ليتسنّى للاجئين العودة إلى بلدهم وهذه مسألة مألوفة لمُشاهدي هذا البرنامج. لكن أين كلّ الجيوش العربية؟ وأين الجيوش المُسلِمة؟ ملايين الرجال المُسلحين وقوّات جويّة وبحرية هائِلة وكلّ أنواع الأسلِحة التي أنفقوا عليها التريليونات، لكن لا يقوى أي منهم على تحريك ساكِن ليُهدِّد حتّى نظام (بورما) الذي يرتكب هذا التطهير العِرقي ويُحاول إحداث إبادة جماعية! هذه تُهمة في غاية الخطورة وكانت ستُعتَبَر أكثر خطورة لو لم يُرتكَب الأمر نفسه قبلاً في حقّ الشعب الفلسطيني، وشخصياً أرى الكثير من التشابُه بين ما حدث للفلسطينيين وما يحدث الآن لمسلمي "الروهينغا". أولاً، ينتقل التركيز بعيداً عن حقيقة أنّ تطهيراً عرقياً يُرتَكَب في حقّهم وأنّه يجري الاستيلاء على مُمتلكاتهم وسرقة أراضيهم وأنّهم دُفِعوا إلى الفرار لدولة أُخرى وتمحور التركيز على الكم من المال الذي نستطيع أن نجمع في الحصّالات لإطعام اللاجئين، ومع مرور السنوات تضعف المُطالبة أكثر فأكثر في حقّ عودة هؤلاء اللاجئين إلى أراضيهم التي عاشوا فيها لقرون. عندما طرحت، هذا التشابُه على مُنظّمة Human Rights Watch عبر برنامجي الإذاعي منذ أيام لم ترغب المنظمة في الاطّلاع عليه وصرّحت بأنّ القضية الفلسطينية قضيّة تاريخية مُعقّدة جداً، لكن يُثبِت التشابه نفسه أنّ على الغرب والشرق أن يتعاملا مع هذه المسألة على نحوٍ أفضل من المُعتاد. شعب "الروهينغا" أعزل، وخلافاً لما تقترحه البروباغندا العدائِية المُلقَّنة ما من إرهابيين في (بورما) وما من إسلاميين مُتطرّفين فيها ولا عناصر مُسلِمة مُسلّحة، لا يملِك الناس سوى الملابس التي تكسوهم. كما أن مشهد إضرام النار في أكواخٍ من الطين والعُشب، وهي مساكن متواضعة في جنوب شرق (آسيا)، ليس مشهداً غير مألوف بالنسبة إلى شخصٍ من عُمري، شخصٌ من عمري كَبُرَ في الفترة التي تلت الحرب الكورية وكبُرَ في فترة حرب (فيتنام) واجتياح مُجتمعات (كمبوديا) و(لاوس) وأجزاء كثيرة أُخرى من (آسيا)، في فترةٍ من هذا النوع من العُنف والفوضى والقتل لم يُحرِّك أحد ساكناً إزاء الأمر. نظام (بورما) بقرة حلوب جداً ولا داعي لأن يقلق النظام بشأن كلفة العمالة أو الاتحادات التجارية أو الحقوق الديمقراطية أو حقوق الإنسان، لا داعي لأن يقلق في شأنِ أيٍّ من هذه الأمور لأنّ في إمكانه جعل الشعب قوة عاملة قسراً لتقطيع الخشب واستخراج المياه والسماح بوصول دول مُختلِفة إلى الثروات المُذهِلة في (بورما). هذه المسألة مُعقّدة في طرقٍ أُخرى أيضاً تبعث على الانزعاج لي وللآخرين، (إسرائيل) ليست وحدها صديقة (بورما) الحميمة بل (الصين) أيضاً من أصدقائِها المُقرّبين، وتحول الحكومة الصينية حالياً من دون اتّخاذ الأُمم المتّحدة إجراءات تمثِّلُ رداً دولياً من نوعٍ مُعيّن دفاعاً عن "الروهينغا". لذا لن أسأل الليلة عن سبب ما يحدُث فحسب بل أيضاً لماذا لا يُظهِر أيّ أحد في الشرق ولا في الغرب استعداده لفِعلِ شيء حيال الأمر؟ فلنستمِع إلى أوّل خبير مُميّز معنا، تفضل سيّدي عرِّف بنفسك</p>
<p><strong>رجا زيشان</strong>: مساء الخير والسلام عليكم. اسمي "رجا زيشان" وأنا رئيس حركة التعبير وحريّة الإرادة. فلنبدأ في الجانب التاريخي، بدأ الأمر منذ العام 1823 إلى العام 1885 حين اندلعت ثلاث حروب بين (بورما) و(بريطانيا) حيث فَرَض البريطانيون سيطرة إجماليّة هناك. بعد ذلك، في العام 1941 وخلال الحرب العالمية الثانية، وهذه المسألة الأساسية، كان البورميّون يدعمون اليابانيين بينما دعَم المسلمون البريطانيين، فاعتبر البورميون أنّ موقف المسلمين مُعادٍ لهم ولا بدّ من القضاء عليهم، وهذا كان سبب عدائهم الشخصي للمسلمين حينها. بعد ذلك وفي العام 1948، حصلت (بورما) على استقلالها وساد فيها حكم عسكري منذ عام 1962 إلى عام 2011، والسؤال هو التالي: أعتقد أنّ "أون سو تشي" مسؤولةٌ عمّا يحدُث أيضاً، فمع أنها كانت على صلة بما يحدُث وقَعَت ضحيةً حينها، فقد سجنها الجيش لمدة عشرين سنة ما يعني أنّها لم تتعلّم شيئاً من التاريخ. فقد قدّم المُسلمون مُساهماتٍ كثيرة دعماً لها، وفي الوقت نفسه أعتقد أنّ بعض المسؤولية تقع على عاتق الأُمم المتّحدة. فلقد أقرّت الأُمم المتحدة في العام 2005 مبدأ المسؤولية عن الحماية وطبّقت هذا المبدأ في (كينيا) في العام 2007 بعد انتشار الدمار عقب الانتخابات، وبشكلٍ أساسي تدخّلت الولايات المتّحدة بموجب ذلك فلماذا لا تتدخّل الآن؟ فمن مسؤوليتها أن تفعل. كذلك أودّ التطرُّق إلى قضية سوء فهم الدين. أعتقد أنّ جميع الأديان تعِدُ بتحقيق السلام في العالم، لكنني أعتقد أنّ البورميين لا يفهمون فكرة الدين الحقيقية، عليهم أن يفهموا أنّ الدين يُعطي الناس حقوقهم الأساسية. نرى اليوم فيديوهات لبعض الواعظين الذين يُحرّضون الناس حولهم</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> نعم، لديهم "بن لادن" بوذي خاص بهم</p>
<p><strong>رجا زيشان</strong>: إنهم ينشرون خطابات الكراهية</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> بعض الرهبان البوذيين متورّطين في هذا القتل الجماعي</p>
<p><strong>رجا زيشان</strong>: هذا صحيح</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> ويعتقد مُعظم الناس أنّ البوذيين مُسالمون، يرنّمون ويأكلون أوراق الشجر</p>
<p><strong>رجا زيشان</strong>: ويعطونهم كذلك طُرقاً كثيرة لقتل المُسلمين ما يُظهِر عقليّتهم وأنّهم لا يفهمون دينهم. لذا أعتقد أنّ الأُمم المتحدة مسؤولة عمّا يحدُث</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> كلّ ما قلته صحيح يا أخي، لكن ماذا تفعله (باكستان) حيال الأمر؟</p>
<p><strong>رجا زيشان</strong>: شارك رئيس وزراء بلدنا البارحة في الدورة السنوية للجمعية العامة، وصرّح بوضوح أنّ ما يحدُث لا بدّ من أن يتوقّف. للأسف سيّد "غالاواي" لا أرى أيّاً من مظاهِر الوِحدة في مُنظّمة التعاون الإسلامي ويقول البعض أنّ منظّمة التعاون الإسلامي بمثابة نادي عشاء، وبالتالي لا بدّ لنا من الاتحاد ولا بدّ من أن تتّحد جميع الدول المُسلِمة كما ذكرت في مقدّمتك عمّا قدّمه رئيس الوزراء التُركي. كذلك سأُثني على (جُزر المالديف) التي قطعَت علاقاتها التجارية مع (ميانمار) بشكلٍ كامل. لذا أعتقد أنّ هذه مسؤولية لأنّ ما يحدُث ليس ضدّ المُسلمين بل ضدّ الإنسانية فلا يُمكن لأيّ إنسان تقبُّل هذه الأحداث، وأودّ الإشارة إلى فكرة أُخرى سيّد "غالاواي"، من الذي يُصوِّر كلّ ما يحدُث وينشره؟ لا يُسمَح للمسلمين أن يفعلوا ذلك ولا يُسمَح لوسائِل الإعلام الدولية أن تذهب إلى هناك، ما يعني أنّ جيش (بورما) والسُكّان المحليين هم من يقوم بذلك ولا يخافون مما يفعلونه ولا يخافون نشره</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> هذا صحيح</p>
<p><strong>رجا زيشان</strong>: لأنهم على ثقة أنه ما من خطوات ستؤخَذ حيال الأمر</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> أنت على حقّ</p>
<p><strong>رجا زيشان</strong>: لذا أرى أنّه لا بدّ لهذه المُمارسة من أن تتوقّف من أجل المُستقبل</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> يُنقَل ما يحدُث مُباشرةً عبر التلفاز ويُمكننا مُشاهدته، ما يعني كما أشرت إلى أنّ من يصوّرونه لا يخجلون مما يفعلون ولا يخشون أيّة عواقب لأفعالِهم. تفضل سيّدي</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: أنا من شعب "الروهينغا". إسمي "نور الإسلام" وأنا رئيس منظّمة "أراكان روهينغا الوطنية". في الحقيقة، مُشكلتنا أننا أشخاصٌ مُسالمون للغاية في (بورما) ولدينا تاريخ طويل. لكن يُعاني البورميّون مُشكِلة عدم تقبُّل الآخر مع أننا نعيش في الدولة منذ آلاف السنين، نعيش هناك منذ آلاف السنين ومع ذلك لا يتقبّلوننا. نتعرَّض، وليس الآن فحسب بل منذ زمنٍ طويل يفوق الستين سنة، للاضطهاد العِرقي والديني والسياسي بهدف إخراج المُسلمين من إقليم (أراكان). تحقق أسوأ الاحتمالات عندما تولّى الجيش الحُكم في العام 1962، عندها قرّر الجيش وحده أننا مُهاجرون غير شرعيين من (بنغلاديش). في الواقع، هذه ليست مسألة هِجرة غير شرعية بل كما أشرت مسألة عدم تقبُّل الآخر. لقد مارسوا عدة عمليات ضدّ شعبنا والآن بعد أن بدأت هذه المُمارسات في العام 1978 تحديداً، نواجه جرائِم في حقّ الإنسانية. شهدت الفترة ما بين العامين 1978 و1991 هجرة جماعية إلى (بنغلاديش) لا سابقة لها بسبب الاضطهاد والقمع الذي مارسه الجيش على نطاقٍ واسع. كذلك منذ العام 2012، ما يُمارَس ضدّ شعبنا هو إبادة جماعيّة بكلّ ما للكلمة من معنى. هي بالفعل إبادة جماعية وفقاً لجميع المعايير القانونية، لكن بسبب الاضطهاد المُطوّل وارتكاب الجرائِم ضدّ الإنسانية والوحشية في حقّ شعبنا فرّ أكثر من ثلاثة ملايين شخص خارِج الدولة. في الآونة الأخيرة وفي غضون ثلاثة أسابيع ابتداءً من 25 أُغسطس/ آب اتّخَذ 450 ألف شخص على الأقلّ ملجأً بعد خروجهم من منازلهم وانتشرت جرائِم الاغتصاب والقتل والسرقة وما إلى ذلك. حتّى أنه دُمِّرت 250 قرية بالكامل وخرج سكانها منها وقُتِلَ سبعة آلاف شخص على الأقلّ أو هاجروا، ويتعرّض الذين يفرّون من الاضطهاد للهجوم ويُلاحقون من الجيش والقتلة فيه والبوذيون والأشخاص المتطرّفين. الفارّون هم ليسوا آمنين بأيّ شكلٍ من الأشكال لا في منازلهم ولا على الطريق خلال فرارهم ولا في الغابة ولا في مخابِئهم ولا خلال عبورهم الحدود إلى (بنغلاديش)، حتّى أنّ أعداءنا يستخدمون المروحيات الهجومية والرشاشات ضدّ شعبنا</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> إسمح لي أن أسألك عن مسألتين لو سمحت، أولاً ما سبب ما يحدُث؟ هلّ السبب كما أظنّ هو العقلية البورميّة واعتقادهم بتفوّق البورميين على غيرهم عرقياً ودينياً؟ وهلّ يريدون أن تُصبَغ (بورما) بلونٍ واحد ولا يريدون أن يكونوا "الروهينغا" فيها ولا أيّ من الأقليات القومية بل يريدون (بورما) نقيّة إن صحّ لي استخدام هذا الوصف؟ يريدون دولة بورميّة بوذيّة بحتة؟ وفي هذه الحال، المقارنة مع المُتطرّفين الذين أنشأوا (إسرائيل) مُناسِبة للغابة، فهُم أيضاً يؤمنون بتفوّقهم عِرقياً ودينياً ويسعون إلى تطهير الأرض من الأقليّات بغضّ النظر عن كمّ من الوقت مرّ على سكَنه فيها وحتّى حين تكون الأرض ملكهُم في الأساس، أم هلّ السبب سرقة اقتصادية؟ هلّ يسعون إلى سرقة الأرض والموارِد تحتها؟ أم هلّ السبب الغايتين معاً؟</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: في الواقع السبب الغايتين معاً فأنت على حقّ في ما قلته أولاً. (بورما) بلدٌ مُتعدّد القوميات والثقافات</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> لكن 67 % من السكان بورميين بوذيين</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: نعم، غير أنه على طول الحدود البورميّة تسكُن شعوب من أعراقٍ مُختلِفة</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> بالفعل، مثل شعوب "الكارين" و"المون" و "الروهينغا"</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: لكن الحكومة البورميّة والسياسيين البورميين يتّبعون سياسة منذ البداية وهي سياسة تُمثِّل ثقافة بورميّة شاملة مفروضة على الجميع، لذلك يسعون في إقليم (أراكان) إلى محو المُسلمين وتحويل الإقليم إلى منطقة تتبع الدين البوذي بنسخته البورميّة، هذه هي سياستهم. الغاية الثانية هي المصالح الاقتصادية، فلا تزال الموارِد الطبيعية الكثيرة غير مُستَغلّة مثل النفط والغاز، وهذا ما يهمّ (الصين) و(الهند)</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> يمرّ خطّ أنابيب صيني عبر(بورما)</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: سبق وأن بُني خطّا أنابيب أحدهما لنقل الغاز والآخر لنقل النفط وبالفعل بدأ هذان الخطّان يصلان بين (تشاو بيو) في أقليم (أراكان) البورمي و(كونغ منغ) في مُقاطعة (يونان) الصينية، هذه هي المكيدة التي تُحاك هناك. كذلك يسعى الصينيون إلى بناء مُنشآت في خليج (البنغال)، ففي جزيرة (تشاو بيو) ميناء وطني مياهه عميقة ويُريد الصينيون بناء قواعِد لهم هناك</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> حسناً، أُريد منك توضيحَ مسألة أُخرى لنا. يُشارُ ضمناً في بعض الأماكن، مِن قِبَل "أونغ سان سو تشي" أحياناً، إلى أنه في الواقع ليست الدولة البورميّة التي تفعل ذلك بل قوات شبه عسكرية والمتطرّفون وسواهُم، بينما تُحاول الشُرطة والجيش البورمي السيطرة على النزاع من دون التدخّل فيه. في تقديرك، أليس صحيحاً أنّ قوّات الدولة البورميّة نفسها مسؤولة عن مُعظم الأعمال الوحشية الحاليّة؟</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: الجيش البورمي تحديداً هو المسؤول، و" أونغ سان سو تشي" مُذنبة كلّ الذنب لأننا بتنا عُزّلاً أمام ما يحدُث، لكن هذه الإبادة الجماعيّة مُستمرّة وبدلاً من أن تحمي الحكومة البورميّة مواطنيها تقتل الناس وتدفعنا إلى الفرار. لقد جعلت الحال خطرة جداً لدرجة أنّ العيش بات مُستحيلاً بالنسبة إلى شعبنا، وذلك نتيجة سوء الإدارة وتصرّفات الجيش، الحكومة والجيش هما المسؤولان عن ذلك</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> إنها قصّة تعيسة لكن لا يكفي أن نذرِف الدمع. سنُناقش في الفقرة الثانية من الحلقة ما هو ردّ الفعل الواقعي لهذه الغاية من قِبَل الغرب والشرق. معكم "جورج غالاواي" في برنامج "كلمة حرّة" على قناة "الميادين" يأتيكم من (لندن)</p>
<p><strong><u>المحور الثاني</u></strong>: </p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> أنتُم تُشاهدون "كلمة حرّة" على قناة "الميادين"، معكم "جورج غالاواي" ونوافيكم من (لندن) بنقاشٍ عن الأحداث في (بورما) أو في (ميانمار) كما أعاد النظام تسميتها، وعن جُبن الحكومات الغربية والشرقية إلى أبعد الحدود في مواقفها تجاه ما يُعتَبر تحدياً كبيراً حسب كلّ المعايير، ويرقى هذا التحدّي قانونياً وأخلاقياً إلى مُحاولة إبادة جماعية بهدف القضاء على شعب "الروهينغا" في (بورما). خرجنا بكاميرا "الميادين" إلى تظاهُرة عن هذه المسألة وتحدّثنا إلى أشخاصٍ مشاهير وأشخاص أقلّ شُهرةً، فلنلقِ نظرة على ما قالوه</p>
<p><strong>اللورد أحمد - عضو في مجلِس اللوردات البريطاني</strong>: ينتاب الناس الذعر والغضب لأنّ في (بنغلاديش) ثلاثة آلاف لاجئ، لكن لقي الآلاف حتفهم واغتُصِبت آلاف النساء بينما ذُبِح الأطفال لذا أتى الآلاف للتظاهُر ليس أمام السفارة البورمية فحسب بل أمام الحكومة البريطانية أيضاً مُطالبين الحكومة بالكفّ عن دعم (بورما) وعن تدريب جيشها. في الوقت نفسه على حكومتنا أن تطلُب من المحكمة الجنائية الدولية أن تتخذ إجراءات في حقّ قيادة الجيش البورمي والمُتحكّمين فيه، ولا بد من سحب جائِزة "نوبل" للسلام من "أونغ سان سو تشي". والأهم من ذلك، وهو الأمر الذي استمرّوا في تكراره، لا بدّ من إعادة حقوق المواطنة إلى مُجتمع "الروهينغا". لا بدّ من تقديم تعويضات لأبنائِه وإعادتهم إلى منازِلهم ويجب التوصّل إلى حلٍّ دائِم يجعلهم مواطنين في الدولة. بالعودة إلى زمن السلطان "أرونك زيب" منذ مئات السنوات، حينها كان ملِك (بورما) يذبح المُسلمين فأرسل "أرونك زيب" جيشه إليهم. ارتكب البورميّون ذلك منذ مئات السنوات وفعلوا الأمر نفسه منذ أربع سنوات، وسيستمرّ ذلك حتّى يستعيد "الروهينغا" حقوقهم. جرّدتهم هذه العِصبة العسكرية في العام 1982 من مواطنيّتهم وهذا مُنافٍ للقانون الدولي ولا بدّ من أن يستعيدوا هذا الحقّ</p>
<p><strong>منادي التظاهرة</strong>: " إذا رأيت منكراً فغيِّره بيدِك فإن لم تستطع فبلسانِك"</p>
<p><strong>المُحاورة</strong>: في رأيك، ما الذي يستطيع المُجتمع الدولي، لا الدول الإسلامية فحسب، فعله لمُساعدة شعب "الروهينغا"؟</p>
<p><strong>إمام في مدينة أوكسفورد</strong>: لا بدّ من أن نتّحِد جميعاً. يُمكن لهذه الدولة أن تقوم بالكثير وفي وسع حكومتنا القيام بالكثير، يُمكنها وضعَ حدٍّ لما يحدُث بدلاً من مُجرّد التفكير في الأمر. عليها التصرّف الآن، فإن فعلَت تستطيع وضع حدٍّ للإبادة الجماعية والهِجرة الجماعية. على المُجتمع الدولي بأسره أن يتّحِد. لقد تحدّثت مع الأمين العام للأُمم المتّحدة منذ شهرين عن هذه المسألة وقلت له أنها إبادة جماعية، لكنّه خالفني الرأي. ما نُحاول فعله الآن هو التالي، طلبنا من مُحامينا طرح المسألة أمام الأُمم المتّحدة لكي تعترِف أنّها إبادة جماعية. هذه إبادة جماعية و "أونغ سان سو تشي" مُجرِمة ولا بدّ من سحب جائِزة "نوبل" منها</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> كما قلت، استمعنا إلى آراء قويّة في التظاهرة، وكان أول مُتحدِّث اللورد "أحمد" وهو عضوٌ في مجلِس اللوردات البريطاني، كذلك رأينا شخصيّات دينية أُخرى مثل الإمام من مدينة (أوكسفورد). تشغَل هذه المسألة أشخاصاً كثيرين في المُجتَمع الإسلامي هنا في (بريطانيا)، لكن عندما تكون الدولة البريطانية متواطِئة في الواقع مع نظامٍ يقتُل المُسلمين، إلى أيّ حدّ في رأيِكم سيدفع هذا العامل على التطرُّف؟ كمّ سيتّجه المُسلمون البريطانيون اليافعون إلى التطرّف عندما يرون إخوانهم في الدين يُذبحون بتواطؤٍ من حكومتهم؟ هذه مسألة مُهمّة. أؤيِّد فكرة الدفاع عن أنفُسنا إلى أبعد الحدود ضدّ التطرّف الإسلامي الذي ينفجر بيننا ويُحاول قتلنا، لكنّكم لن تتمكّنوا أبداً من تجفيف نبع ذاك التطرّف طالما تستمرّ حكومتكم بالتواطؤ في جرائِم ضدّ المُسلمين في الخارِج، هذه هي الحقيقة المُحزنة والمؤسفة. اسمحوا لي بالانتقال إلى السيّد في الصفّ الأوسط. تفضل سيّدي، عرِّف عن نفسك وادلِ برأيِك</p>
<p><strong>آدم بونوز – ناشط سياسي</strong>: مرحباً، اسمي "آدم" وتسرّني المُشاركة في البرنامج مرّة أُخرى. أنا مُجرّد هاوٍ في مجال السياسة وبالنظر إلى أنني مُسلِم، ما يحدُث في العالم يؤثِّر بي شخصياً وبأشخاصٍ آخرين. بالنسبة إلى سؤالِك عن سبب ما يحدُث في (بورما)، هناك أسباب عدّة. من وجهة النظر الغربية، للغرب مصلحة في ما يحدُث لأنها فُرصة لبيع الأسلِحة إلى (بورما)، وإن طرحت سؤالاً عمّن يُسلِّح (بورما) يُجيب أشخاصٌ كثيرون أنّ (إسرائيل) تفعل ذلك</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> (إسرائيل) جهة مُسلِّحة أساسية، لكن الأمر سيّان بالنسبة إلى جهاتٍ كثيرة أُخرى</p>
<p><strong>آدم بونوز</strong>: حين وقوع مُشكلة في دولة معينة تسعى دولٌ أُخرى للاستفادة من ذلك، وهذا طبيعي. من وجهة نظر الشرق بالنسبة إلى المُسلمين، هُم في سباتٍ منذ أجيال ولا أعلم ما الذي سيدفعهم لكي يستيقظوا ويروا المُشكلة. المُشكلة أنه ثمّة حربٍ ضدّ المُسلمين وهي ليست مُجرّد حرب ضدّ الإرهاب بل هي حربٌ ضدّ المُسلمين وأسبابها كثيرة وسأُعطي مثالاً. لو كانت (الصومال) مثلاً تضطهِد المسيحيين لكان اشخاص كثيرون ليتحدثوا عن الأمر ولكانت الدولة المسيحية لتتحدث عن الأمر ولتحدّثت (بريطانيا) والولايات المتّحدة عن الأمر، ولو كانت (فرنسا) مثلاً تقتُل اليهود لتحدّثت (إسرائيل) عن الأمر واتخذت خطوات فعلية</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> لو كان "الروهينغا" يهوداً لكانت (إسرائيل) قد بدأت الهجوم على (بورما) وقصفتها، لكن الأمر ليس مماثلاً بالنسبة إلى الدول المُسلِمة</p>
<p><strong>آدم بونوز</strong>: لا يُقدِم المُسلمون على ذلك وهذه مُشكلة لأننا نهتمّ أكثر بنوع السيارة التي نقودها ولا نهتمّ بشعوبنا. إنّه دينٌ واحد يضُمّ مليارات المُسلمين لكنّهم مُقسّمون ودائِماً ما يستغلّ الغرب هذه الانقسامات، فيتوجه الغربيون إلى هذا الطرف ليُقنعوه أنّ مجموعة أُخرى معادية له تسعى إلى قتله والمُسلمون في صراعٍ دائِم</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> هلّ للمسألة جانبٌ عرقيّ؟ بالطبع العنصرية تُنافي تعاليم الإسلام لكن قد يكون المُسلمون عنصريين بالفِعل</p>
<p><strong>آدم بونوز</strong>: يقول أشخاصٌ كثيرون أنّ العُنصرية تُنافي تعاليم الإسلام لكنهم عنصريون</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> تنتشر العُنصرية كثيراً في الأُمّة</p>
<p><strong>آدم بونوز</strong>: وهي أسوأ من عنصريّة الغربيين تجاهنا. أنا أتحدّث بصفتي أفريقياً وأذهب إلى مساجِد في دول أُخرى مثل (باكستان) و(الهِند) وأتفق مع أشخاصٍ كثيرين، لكن في مسائِل مثل الزواج أو الصداقة أو الأعمال تظهَر هذه النزعة، " لا يُمكنني الارتباط بهذا الشخص فهو أفريقي"، وتحدث هذه الأمور. لكن أشخاصاً كثيرين يقولون إنهم مسلمون، بالتالي لا يُمكنهم أن يكونوا عنصريين، وتتجلّى هذه المسائِل عند حدوث إبادات جماعية كهذه. المُشكلة في (بورما) ليست كبيرة ويمكن حلّها في غضون أيام؛ يُمكن أن تأخذ الدول موقفاً وتفرِض وضعَ حدٍّ لما يحدُث، الحلّ بهذه البساطة وليس معقّداً لكن السبب الآخر أننا نعيش في زمنٍ تنتشر فيه ظاهرة الفاشية اليمينية ولا بد من أنّ نلحظ الكلمات والنصوص التي يستخدمها الرُهبان البوذيون الذين ظهروا الآن. في حال ذهبت إلى (سيريلانكا) واستمعت إلى الرهبان هناك تلحظ أنهم يستخدمون الكلمات نفسها التي تسمعها في الولايات المتحدة و(ألمانيا) وفي أيّ مكانٍ يشهدُ ارتفاعاً في القومية. شخصياً لا مُشكلة لديّ مع القومية وفي حال كانت بهدف الدفاع عن بلد المرء فلا أُمانع ذلك، لكنّها تغدو مُشكلة عند تحويلها إلى عُنصرية</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> القومية مثل الكهرباء، يُمكن استخدامها لإبقاء رضيع على قيد الحياة في حاضنة أو استخدامها لإعدام رجلٍ بالكُرسي الكهربائي، لكن السؤال من يستخدمها ولأيّة غاية؟</p>
<p><strong>آدم بونوز</strong>: تُستخدم لتحقيق مكاسب شخصية على الصعيد الروحي أو أيّ صعيد آخر نؤمن به</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> إنها مسألة استعلاء على الغير أليس كذلك؟</p>
<p><strong>آدم بونوز</strong>: نعم بالفِعل، يشوب الاستعلاء كلّ المُجتمعات</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> مثل استعلاء البيض</p>
<p><strong>آدم بونوز</strong>: نعم</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> استعلاء البوذيين أو البورميين</p>
<p><strong>آدم بونوز</strong>: هذا ما يحدُث، وهو مُستمرّ منذ قرون. لكن تكمُن المُشكلة في التذرُّع بالاستعلاء لقتل أشخاصٍ آخرين، وبصفتنا مُسلمين هذا واجب يترتّب علينا جميعاً. إن قرأت القرآن ترى أنّه يتطرّق إلى العدالة ونظرة المظلومين وبأنه لا بد من النهوض، لكن لماذا لا ينبس المسلمون ببنت شفّة؟ تحدُث هذه المسألة منذ سنوات والآن فقط بدأت أرى التطرّق إليها على وسائِل التواصل الاجتماعي والتلفاز مع أنّ هذه الأحداث تدور منذ سنوات فلماذا لا يتحدّث الناس عن الأمر؟ لن يُظهِر الغرب أن مُسلمين يُقتلون ولو أنهم غير مسلمين لبثَّت الأنباء كلّ ما يحدُث كلّ يوم، لكن هذا ليس ما يحدُث لذا علينا أن نتحرّك، لكن كيف يسعنا ذلك إن لم نكن موحّدين؟ نتبع كتاباً واحداً ونتحدّث بلغةٍ واحدة، ربما نكون أعراقاً مُختلِفة لكن لماذا لا نتّحِد؟</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> شكراً، فلنستمع إلى إحدى السيّدات في الصفّ الأوسط </p>
<p><strong>راني بيغيم – معلمة</strong>: مرحباً جميعاً</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> أهلاً</p>
<p><strong>راني بيغيم</strong>: اسمي "راني بيغيم" وأنا مُعلِّمة مدرسة ابتدائية وأعيش في (لندن). أثَّرَ ما ينتشِر على وسائِل التواصل الاجتماعي بي وبزوجي وتحدّثنا كثيراً كيف يُمكننا المُساعدة والتأثير في الوضع، إذ نرى أنّ الحكومة لا تُقدِّم يد العون وأنا دائِماً كنتُ مواطنة بريطانية فخورة فقد وُلِدت هنا، لكنني أشعُر بالعجز ولا أفهم لماذا لا يُمكننا مواجهة ما يحدُث والتأثير به ومُساعدة هؤلاء الأشخاص. ففي الوقت الذي نعيش فيه يجدُر ألّا تحدُث هذه الإبادة الجماعية، لذا اجتمعت أنا وزوجي وبعض الأصدقاء، ونحن مُجرّد مجموعة من الأفراد، وسنُسافِر بعد أُسبوعين بصفة عاملين في القطاع الإنساني إلى مُخيّمات اللاجئين في مدينة (دكا) التي وصل إليها البعض هرباً من الاضطهاد</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> حالهم يُرثى لها</p>
<p><strong>راني بيغيم</strong>: بالفِعل</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> (بنغلاديش) نفسُها بلدٌ فقير للغاية وعدد سكانها ضخم وتواجه مصاعِب لتأمين حاجات سكّانها، والآن يُطلَب منها استقبال مئات الآلاف من لاجئي "الروهينغا" الإضافيين من دون أن يُقدِّم أحد المال ليُغطّي كلفة ذلك</p>
<p><strong>راني بيغيم</strong>: هذا صحيح</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> ونرى كيف تُعاني حتّى الدول الأوروبية في الاتحاد الأوروبي مثل (اليونان) بفعل التدفّق الكبير للاجئين وآخرين فارين بحثاً عن ملاذٍ آمن في دُوَلِكم، ويُمكن رؤية كم من الصعب أن تواجه دولة أوروبية ذلك فكم بالأحرى سيكون ذلك أصعب على (بنغلاديش)؟</p>
<p><strong>راني بيغيم</strong>: لا يُمكنها التعامل مع عدد الناس، ولأن والديّ يسكنان في بلدنا هنا نتلقّى معلومات عن كيفية تعامُل الدولة مع ما يحدُث فهي تفعل ما تقوى عليه. لقد جرفت الفيضانات الأخيرة ملاجئ كثيرة وسواها، بالتالي المجموعة التي شكّلناها والتي أطلقنا عليها إسم "إنسانيون" ستتوجه إلى هناك وستفعل قدر المُستطاع لكن لسنا سوى مجموعة أفراد ولا ننتمي إلى مجموعة خيرية أو غير ذلك ونريد أن نرى إن كنّا سنُحدِثُ فرقاً. أنا شغوفة بهذه القضيّة لأنني أُعلِّم أطفالاً صغاراً في صفّي في المرحلتين الأساسيتين الأولى والثانية ولا أستطيع مُشاركة الأطفال مشاعري الآن، لكن لا يُدرِك الأهالي الذين أتعامل معهم ماذا يحدُث لأنّ حكومتنا أو وسائِل الإعلام لا تتعامل مع الوضع كما ينبغي</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> ما شعورك أزاء أنّ الحكومة متورّطة مرّة أُخرى؟ بغضّ النظر عن دور القوّة الاستعمارية التي اضطلعت به (بريطانيا) في (بورما) وتطبيقها سياسة "فرِّق تسُد" التي اشتهَرت بها الإمبراطورية البريطانية، وحتّى إذا قلنا فلنترُك ذلك في كُتب التاريخ، جيش بلادك اليوم الذي تموّله الضرائِب التي دفعتِها يُدرِّب الجيش البورمي، ما شعورِكِ أزاء ذلك؟</p>
<p><strong>راني بيغيم</strong>: ينتابني قرفٌ واشمئزاز فلطالما كنت مواطنة بريطانية فخورةـ أمّا الآن فأتساءل كيف يُعقَل أننا متورّطون في هذه الإبادة الجماعية في عصرِنا هذا؟ من المُرعِب أنّ الجيل الصاعِد سيرى ما يحدُث، ومن المُخزي أنّ لنا يداً في الأمر ولم نُحرِّكُ ساكناً</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> أحسنتِ. تفضّل سيّدي، أرجوك امسك الميكروفون</p>
<p><strong>عبد الله الأندلُسي – داعية وناشط ومفكِّر</strong>: شكراً</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> تفضل سيّدي</p>
<p><strong>عبد الله الأندلُسي</strong>: في الواقع لديّ تحذير حول القومية فأعتقد أنها بشكلٍ ما سبّبت الكثير من المشاكِل في العالم والكثير من الصراعات السياسية. بشكلٍ أساسي، بعد الاستعمار قرّر الغرب تقسيم العالم كمّا يُقسَّم في لعبة "المونوبولي"، وكانت طريقة التقسيم الأكثر فعالية هي تقسيم الدول أُمماً متعدّدة حسب اللغة الأساسية أو المجموعة العِرقية الأبرز لكن لا يُمكن تصنيف الناس بهذه السهولة، إضافةً إلى أنّ بعض المجموعات كانت مُتعدّدة الأعراق والأديان واللغات. وفي الدول عينها التي تحتوي على هذه المجموعات المتعدّدة الأعراق في زمن الدولة القومية، يُصادِف أنّ فيها مشاكِلَ عرقية أو حروباً ضروساً، أو أنّ صراعات على صُعدٍ مُختلِفة كالصراعات السياسية أو الاجتماعية التي تغدو صراعات عنيفة. السبب أنه في الدول القومية، إذا أرادت الدولة أن تُمثِّلُ إرادة الشعب، أيُّ شعبٍ تُمثِّل؟ أيّة مجموعة عرقية تُقرِّر ماذا يحدُث؟ وإن كان الحُكم بالأكثرية يُعتَبر وجود الأقلّية غيرُ مُلائِم أو تُعتَبَر طابوراً خامساً أو غيره. لذا ترى في الغرب، مع بدء الهِجرة، ومع بدء التشكيك في ما يعنيه أن يكون المرء بريطانياً أو فرنسياً أو إسبانياً أو سواه، انتشرت الحيرة وبدأ التشكيك بالأشخاص الذين لا ينتمون إلى المجموعة العرقية الأساسية في تلك البلاد وانتشر فكر اليمين المتطرِّف وأصبح من مظاهر هذا القلق. بالتالي، أعتقد أنّ القومية تضطلِع بالدور نفسه في عددٍ من الدول بالنظر إلى أنّ "الروهينغا" أقليّة تُستهدف على هذه الخلفيّة. والمسألة الثانية التي أودّ طرحها بشأن القومية أنّها هي ما يمنع العالم الإسلامي من التدخّل فعلياً والتعامُل مع الثوران الوحشي للميليشيات البورميّة والجيش البورمي، فلا تعتبر الدول الإسلامية ذلك في مصلحتها الوطنيّة لأن علاقات تربطها بالولايات المتحدة و(الصين) ودول أُخرى والتدخّل ليس من مصلحة الأُمّة. فتهدُف كلّ أُمّة إلى الحرص على مصالِح مجموعاتها القومية لا العمل بما هو أفضل للإنسانية ولا العمل بما هو أفضل للمُسلمين أو لأيّة مجموعة أُخرى، بالتالي لن تُحرِّك هذه الدول في الشرق الأوسط أو غيرها ساكناً بشكلٍ عام. بالطبع، في ضوء تزايُد المشاعِر الإسلامية في (تركيا) تذهب حكومتها في ذاك الاتجاه وهذا مُثير للاهتمام. فقط معلومة تاريخية، منذ نحو 150 سنة كان العثمانيون مدينين بمبالِغ كبيرة بسبب حروب (البلقان) ضدّ (روسيا) ودول أُخرى فقدَّم مسلمو "الروهينغا" هبة كبيرة إلى العُثمانيين لأنهم اعتبروهم إخوانهم في الدين، ويقول البعض أنّ العثمانيين أو الأتراك دائِماً ما يُسدّدون ديونهم وهذا ما يفعلونه الآن، يُساعدون "الروهينغا" كما ساعدهم هؤلاء من قَبل. مقصدي أنّ القومية هي سبب المُشكلة وهي ما يحول من دون حلّها</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> لكن لا يعني ذلك أنّ (تُركيا) ليست دولة قومية جداً </p>
<p><strong>عبد الله الأندلُسي</strong>: بالطبع، لكن</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> اسأل الأكراد عن القومية التركية، هم مسلمون أيضاً فقط في حال ظنّ أحدهم أنّك تُبيِّض صفحة (تركيا). سنعود للاستماع إليك بعد الفاصل</p>
<p><strong><u>المحور الثالث</u></strong>:</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> أنتم تُشاهدون "كلمة حرّة" على قناة "الميادين"، معكم "جورج غالاواي" في حلقة نتحدث فيها عن "الروهينغا" والمذابِح التي لا يُقابلها الجميع تقريباً بأيّ إجراء. خرجنا بكاميرا "كلمة حرّة" إلى شوارِع (لندن) وهذا ما اكتشفناه</p>
<p><strong>المُحاورة</strong>: هلّ تعلمين أنّ (إسرائيل) تُزوِّد حكومة (ميانمار) بالأسلِحة؟ </p>
<p><strong>رأي سيدة 1</strong>: أثق كلّ الثقة أنّ (إسرائيل) تقف وراء كلّ ما يحدُث، فدائِماً ما تقف الولايات المتحدة و(إسرائيل) وراء تعذيب المُسلمين وقتلِهم</p>
<p><strong>رأي رجل 1</strong>: من الطبيعي أنّ (إسرائيل) ستُزوِّد هذه الدول بالأسلِحة لاغتصاب المُسلمات جماعياً وتقطيعهنّ، وهذا مُتوقّع من (إسرائيل) والنظام الصهيوني. لكن ما يُغضبني أنّ النظام السعودي يقصف أطفال (اليمن) يومياً ويمنع وصول المُساعدات الإنسانية، ولو استخدَمَ النظام السعودي واحد في المئة من هذه الأسلِحة لحرَّر (بورما)</p>
<p><strong>رأي شابة 1</strong>: لا، لم أعلَم ذلك</p>
<p><strong>المُحاورة</strong>: في رأيك، ما الذي يستطيع المُجتمع الدولي لا الدول الإسلامية فحسب فعله لمُساعدة شعب "الروهينغا"؟</p>
<p><strong>رأي سيدة 1</strong>: لا أعتقد أنّ المسألة تتعلّق بالمُسلمين فحسب بلّ بالإنسانية، وكبشر لا يهُمّ إن كان المرءُ مُسلِماً أو مسيحياً أو يهودياً، يسعُنا فعل الكثير كبشَر</p>
<p><strong>رأي شابة 1</strong>: يُمكننا التظاهُر أمام السفارات وتشكيل مجموعات ضغط وكتابة رسائِل إلى قادة العالم و"الناتو" ويُمكننا إشراك الأُمم المتحدة في المسألة</p>
<p><strong>رأي رجل 1</strong>: يجدُر بجميع قادة العرب أن يعملوا بجدّ الآن لإنقاذ المُسلِمات والانتقام لما ارتُكِبَ من اغتصاب جماعي وتعذيب ومجازر في حقّ المُسلِمات البورميات</p>
<p><strong>المُحاورة</strong>: هلّ تعلم أنّ "أونغ سان سو" قالت أنّ كلّ هذه المعلومات كاذِبة؟</p>
<p><strong>رأي رجل 1</strong>: هذا محزِنٌ جداً، فقد سُجِنَت 12 عاماً ووقفنا إلى جانبها للتظاهُر ضدّ احتجازِها غير الشرعي، لذا نسألها، ما سبب صمتها؟ من الذي يقف في وجهها؟ وقفنا إلى جانبها لذا عليها الدفاع عن كلّ هؤلاء الأشخاص الأبرياء</p>
<p><strong>رأي سيّدة 1</strong>: من المُرجَّح أنها تتلقّى المال لقاء صمتِها</p>
<p><strong>المُحاورة</strong>: كيف في مقدورها أن تضعُ حداً لما يحدُث؟ </p>
<p><strong>رأي سيدة 1</strong>: تتمتّع بكلّ السُلطة لفعلِ ذلك، عذراً لكنني كنت سأشتُم، تتمتّع بكلّ السُلطة فهذه دولتها ويعمل الجيش والشُرطة لمصلحتها</p>
<p><strong>منادي في التظاهرة</strong>: "من يرفع السماء من دون أعمِدة"</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> يغلب الطابع الإسلامي على التظاهرة وهذا جزء من المُشكلة أليس كذلك؟ فنقول جميعاً أنّ المُشكلة لا تتمحور حول المُسلمين بل الإنسانية، لكن كلّ الذين في التظاهرة مسلمون ويُردد المتحدّثون" ألله أكبر" وما إلى ذلك وهذه ليست الطريقة المُناسبة لبناء حركة جماهيرية واسِعة أليس كذلك؟ لاسيما أنّه من الواضح كما أشار آخر متحدِّث أنّ المُسلمين غير قادرين على تغيير ما يحدُث، ولا مصلحة لمن يملِكون القُدرة على تغيير الحال لأن يفعلوا ذلك. أُريد أن أُناقشك في فكرة أو اثنتين ف يما أدليت به، بالمناسبة أكره القومية سواء أكانت القومية الإسكتلندية أم كانت القومية البريطانية فكلّ هذه النزاعات القومية غريبة بالنسبة لي، فعلم بلادي أحمر وبلادي هي المُستقبل ولا أهتمّ لأمر الدول والأُمم والولايات وسواها. لكن يُمكن الاستنتاج من قولك أنّ الحلّ خلافة سواء أيُريد المرء ذلك أم لا، فلم تطلُب أيّة دولة الانضمام إلى الخلافة العُثمانية بل الخلافة العُثمانية هي التي غزت الدول ولم تُصوِّت أية دولة للانضمام إليها ولم تستطِع أيّة دولة التصويت للخروج منها. بالتالي، القومية مجموعة من المُتفرقات لكن الأمر سيّان بالنسبة إلى الإسلامويّة. على سبيل المثال، في الكثير من البلدان الإسلامية تُعامَل الأقليات على نحوٍ سيّئ جداً و(السعودية) مثالٌ واضحٌ على ذلك. إن كنت مؤيّداً للتيار السائِد في (السعودية) فأنت في مُستوى مواطَنَة مُعينة، وإن كنتَ مُسلِماً مُختلفاً عن التيار السائِد أنت مواطن من الدرجة الثانية، وإن كنت مسيحياً لا تُتعِب نفسك بالمجيء لأنك إن احتفلت بعيد الميلاد أو ارتديت قُلّادة الصليب تُلقى في الزنزانة في مكانٍ ما. بالتالي، من الخطأ التفريق بين الدول الإسلامية والدول القومية وكأنّ إحداها تتصرّف على نحوٍ أفضل من الأُخرى، ما رأيك في ذلك؟ </p>
<p><strong>عبد الله الأندلُسي</strong>: أرى أنه من الخطأ نعت الأنظِمة الحالية في العالم الإسلامي بالإسلامية. أعتقد أنها أنظِمة قومية علمانية وبعضها مُرتبِط بالعوامل الرمزية من الدين لكن لا أكثر من ذلك بشكلٍ عام. بالعودة إلى التاريخ الإسلامي، مرّ المُسلمون بفترة عزٍّ ناهزت 1,300 سنة من التعدّدية العرقية والدينية وبالطبع لم تكن حضارة "المدينة الفاضلة" وكان فيها مسلمون سيّئون. لكن القانون الذي أسسه النبي "محمّد" (ص) نصّ أنّ من يؤذي شخصاً غير مُسلِم يعيش بين المُسلمين وكأنه يؤذي النبي شخصياً، وبصفتنا مُسلمين لا نريد أن نمسّ شعرة من رأس النبي "محمّد" (ص) لأنه قال أنّ أذية غير المُسلمين شبيه بأذيته، بالتالي حظِيَ غير المُسلمين بحماية وهذا واضح في روايات الكثير من الحاخامين. فمثلاً دعا رئيس الحاخامين في (تركيا) اليهود في (إسبانيا) إلى التوجّه إلى (تركيا) والإفلات من التحقيق الإسباني إذ لا ينقُص اليهود أيّ شيء في (تركيا) ويعيشون حياةً مُريحةً هناك والضرائِب قليلة ويتفهّمهم الناس، لا يتفهمهم الناس فحسب بل يتقبّلونهم في الواقع، فأنا لا أُحِبّ كلِمة تفهُّم وأُفضِّل استخدام كلمة تقبُّل. كذلك زار الحاخام "التطيلي" الخليفة العبّاسي في (بغداد) ورأى أنّ اليهود يُعاملون مُعاملة جيّدة أيضاً وكتب ذلك في مُذكّراته، لذا نعرِف أنّ اليهود كانوا يلقون تقبّلاً وتفهّماً ويُعامَلون بعدلٍ وما إلى ذلك وعلى غرار الجميع. بالتالي، هذه بعض الأمثلة التاريخية التي يُقدّمها الإسلام لكن ما نراه في عالَمِنا حالياً وما نراه في ظلّ حُكم الحكومات المُسلِمة مثل (مصر) وبصفة أنّ النظام علمانياً أُطيح بـ " الإخوان المُسلمين" أليس كذلك؟ ومن المُفتَرَض أن يحظى الجميع بحقوقٍ علمانية، لكن نرى الكثير من التعصُّب ضدّ منطِق الأقليّات المسيحية في (مصر) في ظلّ هذا النظام العلماني، كما أننا شهِدنا صراعاتٍ عرقية في عددٍ من الدول العلمانية الأُخرى في الشرق الأوسط. ففي (العراق) مثلاً، بعد إطاحة "صدّام حسين" نرى أن المسيحيين العراقيين يُهاجرون جماعياً بعد أن عاشوا هناك وبنوا الكنائِس فيه منذ المئات والمئات من السنوات، ومن المُفاجئ أنّهم عاشوا في ظلّ خلافةٍ إسلامية. لكن في هذه الحقبة العلمانية التي تلت الاستعمار بعد "صدّام حسين" رأوا أنّه لا بدّ من ترك (العراق). بالتالي، ليس الإسلام ما يُسبّب التعصُّب بل من الواضح أنّ ما يُسبّبه أمرٌ أكثر عصريّةً</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> ليس الإسلام ما يُسبّبه بل المُسلمون، فالنظام العراقي ليس علمانياً، والدكتاتورية في (مصر) ليست حكومة علمانية</p>
<p><strong>عبد الله الأندلُسي</strong>: لا يتعارض ذلك مع العلمانية. تقضي العلمانية بفصل الدين عن السياسة، أمّا الدين فيحُثّ على عدم ارتكاب أفعال سيّئة حتّى حين تعود بالفائِدة، أمّا في السياسة العلمانية فيرتكبُ الأشخاص أفعالاً سيّئة لأنّها مُفيدة. فمن دون قوّة الدين الرادعة التي تمنع الناس من ارتكاب المظالِم وهو الدين الذي يأمُر بالمُسامحة وفعل الخير حتّى إن كان ذلك من دون مُقابِل فيُحاولون التخلّص منه، وهذا مُجرّد تخطيط انتهازي للعودة بالفائِدة على النظام والحفاظ على استقراره، ومن يجب أن يُقنَع لتحقيق تلك الغاية؟ في حال وجّه أحدهم النقد لي لا بدّ من سجنه لأنه يُزعزِع استقرار سُلطتي وهذه هي السياسة في العالم الإسلام، لذا أوافقك أنه يُعاني مشاكل عُنصرية وصراعات عرقيّة ومشاكل تعصُّب</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> ومشاكل طائِفية</p>
<p><strong>عبد الله الأندلُسي</strong>: بالفِعل، وتخلُّف طبعاً. لكننا شهِدنا نموّ كلّ هذه الظواهِر في العالم بعد الاستعمار الذي صنعه الغرب في الشرق الأوسط. قبل ذلك في الزمن العُثماني، حافَظ النظام العُثماني، وهو نظام سنّي في الأغلب، على جميع مقامات الشيعة في (العراق) لكن لا يُمكن تخيُّل ذلك في الشرق الأوسط الآن، بالتالي ما الذي أصاب الشرق الأوسط؟ للأسف، يدعو هؤلاء أنفسهم بالمُسلمين لكنّهم لا يفهمون الإسلام ويتّبعون أفكاراً مُستورَدة فُرِضت عليهم بعد أن تعلّمها آباؤهم وأجدادهم، وهي أفكار علمانية تقضي بالابتعاد عن النظر إلى العالم من منظور الإنسانية والأُمّة. بالطبع، الناس محدودو التفكير ولا يُركّزون إلّا على مصالِحهم الخاصّة ولا يتقبّلون الآخر</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> هذه أفكار مُثيرة للاهتمام، فلننتقل إلى السيّد في الصفّ الأوسط، وسأُعيد صوغ ما قاله "أوسكار وايلد"، "كلما تحدّثوا عن دينهم أكثر ازدادت شكوكي"، تفضل سيّدي</p>
<p><strong>مصطفى تروري – بروفيسور جامعي</strong>: أرغب في تسليط الضوء على معيارين. بالنسبة إلى ما يحدُث في (بورما)، نسمع أنّ الجرائِم تُرتَكَب وأنّها محاولة إبادة جماعية. بالنظر إلى ما كان يحدُث في (ليبيا) قيل أنّ "القذّافي" أوشك أن يقتُل شعبه</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> هذا ما تذرّعوا به لبدء الغزو، نعم</p>
<p><strong>مصطفى تروري</strong>: هذا ما يُظهِر أنّ المُنظّمات الدولية والأُمم المتحدة غير فاعِلة في الواقع</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> هذه فكرة جيّدة جداً</p>
<p><strong>مصطفى تروري</strong>: فدُمِّرت (ليبيا)</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> دُمِّرَت (ليبيا) لأنها شكّكت في احتمال وقوع إبادة جماعية في مدينة واحدة وهي (بنغازي)، لكن تحدث فعلياً إبادة جماعية في (بورما) ولا تريد المُنظّمات الدولية والأُمم المتحدة التدخّل فيها</p>
<p><strong>مصطفى تروري</strong>: هذه هي الفِكرة الأولى التي أردتُ تأكيدها، أمّا الفكرة الثانية التي أودّ تأكيدها هنا فهي حول دور ما نُسميه بالمُنظّمات الدولية المُسلِمة، فلا بدّ من تحديد ما هي. وأذكُر أنّه في السبعينات أو الثمانيات أُخرِجَ رئيس (غينيا) "سيكو نوري" من العصبة الإسلامية فاستُبعِدَ عندما طرح أفكاره لأنهم لم يعتبرونه مسلماً حقيقياً أو لم يعتبرونه مخولاً للتحدّث في شأن العالم الإسلامي. في الحقيقة، ما أودّ قوله في هذا الصدد هو التالي، حين ننظر إلى القارة الأفريقية نرى أنّ فيها الكثير من الدول الإسلامية التي يبدو ألا صوت لها ولا قوّة إضافةً إلى أنّ هذه الدول تُعاني مشاكِلَ خاصة بها. بالتالي، لهذا السبب لا بدّ من أن نُفكِّر ممّن يتألّف العالم الإسلامي ومن الذي يتمتّع بالقُدرة بين كلّ هذه الدول المُسلِمة المُختلِفة على أخذ إجراءات إزاء ما يحدُث في تلك الدولة والتنديد به. كانت هذه فكرتي الثانية. ثالثاً، القول أنّ بعض الدول المُسلِمة لا سُلطة لديها ولا يُمكنها فعل شيء لأنّ لديها مشاكلها الخاصة ولأنّ الدول الأُخرى لا تعتبرها دولاً مُسلِمة، لا بدّ من أن أطرح سؤالاً. إذا نظرت إلى بعض الدول في الشرق الأوسط، لا أذكُر متى عادت هذه الدول بأيّة فائِدة</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> عادت بماذا؟</p>
<p><strong>مصطفى تروري</strong>: بفائِدة معينة</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> لا شكّ في صحّة ذلك، لكن فلننظُر إلى الجهات غير الحكومية، لماذا توجّهَ مئة ألف شخص أو أكثر بكثير، ممن يدعون أنفسهم جهاديين، إلى (سوريا) ليُريقوا مُحيطاً من الدماء لكن ولا واحد منهم توجّه إلى (بورما) للدفاع عن شعب "الروهينغا"؟ ولا أقول أنّ "الروهينغا" يرغبون في مساعدةٍ منهم، لكن ماذا حدث؟ جهاديون كثيرون من الذين توجّهوا إلى (سوريا) أصولهم من (بنغلاديش) و(باكستان) لكنهم عاشوا أو كبِروا في (بريطانيا) أو (فرنسا) أو (بلجيكا)، توجّهوا إلى (سوريا) مع أنهم لا يجيدون أيّة كلِمة عربية بهدف تدميرها، لكن لم يذهب أحد إلى (بورما)، هلّ تعرِف السبب؟</p>
<p><strong>مصطفى تروري</strong>: ربما لأنّ العُنصريّة هي السبب</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> لا، بل لأنّ البورميين يشبهونهم</p>
<p><strong>أرنست ريد - طالب جامعي</strong>: لأنهم لا يتلقوّن الأجر نفسه</p>
<p><strong>جورج غالاواي:</strong> فلنستمع إلى السيّد، هذه نظرية مُثيرة للاهتمام، أعِد ما ذكرته</p>
<p><strong>أرنست ريد</strong>: أعتقد أنّ الأجر المادي للذهاب إلى هناك ليس جيّداً مثل أجر الذهاب إلى (سوريا)، وربما ما من مموِّل كما في حال النزاع في (سوريا). أُريد النظر إلى هذا الصراع من منظورٍ جيو سياسي. أعتقد أنّ نطاقه أوسع بكثير، فيُسيطر على المناخ الجيو سياسي الحالي الصراع على القوّة بين الإمبراطورية الرومانية العصرية المُتهاوية، وهو نظام الولايات المتحدة، في وجه (الصين) و(روسيا) الصاعِدتين. عند اندلاع صراع، دائِماً ما أسأل نفسي، من سيستفيد منه؟ وأنا أنظُر إلى هذا الصراع وبالطبع آخُذ (بورما) في عين الاعتبار، وهي حليفة لـ (الصين) ومن المُرجَّح أنّ (الصين) أكبر حلفائِها، كذلك (روسيا) في الصورة وهي من حُلفاء (الصين) الأقوياء. من مصلحة الولايات المتحدة أن تجعل (روسيا) و(الصين) تواجها إحداهما الأُخرى ولا بدّ أن يُدرِك المرء أنّ في (روسيا) الكثير من المُسلمين يعيشون في مُعظم الجمهوريات الجنوبية من (روسيا) مثل (الشيشان) و(داغستان) وغيرهما، كما أنّ كلمة المُسلمين في (روسيا) مسموعة أكثر من المُسلمين في (بريطانيا) و(فرنسا) مثلاً ولا يُعتبروا مُهاجرين بل من سُكّان (روسيا) الأصليين. في حال أخذت الحكومة الروسية إجراءً إزاء هذا الصراع وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع (بورما) أو اتّخذت إجراءً آخر ستحُلّ بها كارِثة لأنه في تلك الحال ستكون تواجه (الصين)، وفي حال لم تُقدِم على أيّ فِعل سيستاء مُسلمو (روسيا). أعتقد أنّ ما يجري خطوة ذكية جداً، ويبدو لي أنّ الأمر يهدِف إلى الاستفزاز، وإن كانت الولايات المتحدة قد نسّقت هذا الاستفزاز وهذه هي الحال عادةً، أرى أنها خطوة ذكية جداً على لوح الشطرنج الجيو سياسي. هذا ما أعتقده وأريد أن أعرِف رأيك في الأمر</p>
<p><strong>==جورج غالاواي:</strong> هذا مُثير للاهتمام وهذا مُمكن، ولا أعزو عادةً هذا المُستوى من الرُقيّ إلى قادة الغرب. فكما أقول دائِماً، ليسوا عملاء سريين خارقين بل خُرقاء. سنكون مع الفقرة الأخيرة في النقاش عن مُعاناة "الروهينغا"، ليس لشيء إلّا البقاء على قيد الحياة. سنعود في الحال</p>
<p><strong><u>المحور الرابع</u></strong>: </p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: أنتم تُشاهدون "كلمة حرّة" على قناة "الميادين"، معكم "جورج غالاواي" في حلقة نناقش فيها المأزق الي يواجهه شعب "الروهينغا" المُستهدف اليوم بمحاولة إبادة جماعيّة بكلّ ما للكلمة من معنى وسواء سينجح النظام في محو شعب "الروهينغا" من (بورما) إلى الأبد أم لا، تقريباً كما فعلت دولة أُخرى تُنادي بتفوّقها عرقياً ودينياً تُدعى (إسرائيل) في حقّ الفلسطينيين لأكثر من نصف قرن على الأقلّ، وسنرى إن كان سينجح النظام البورمي في ذلك أم لا. فلنستمِع إلى السيّد في الصفّ الأوسط، تفضّل سيّدي</p>
<p><strong>بيام رودا – محلِّل سياسي</strong>: تحدّث البعض عن مسؤولية الدول الإسلامية، وأُريد التطرّق إلى بعضٍ منها مثل (ليبيا) التي تعرّضت إلى قصف الولايات المُتّحدة بشكلٍ أساسي. لكن هلّ ستتلقّى (ليبيا) مُساعدة من (أفغانستان) أو من (سوريا) أو من (العراق)؟ لم تترك الولايات المتحدة أيّة دولة إسلامية في حالِها وعليها جميعاً دفع الثمن بطريقة أو بأُخرى، وهلّ ستُفدِّم (إيران) يد العون؟ الولايات المتحدة في حربٍ بارِدة مُحتدِمة مع (إيران) وتتعرّض (إيران) للنقد في كلّ المسائِل وفي كلّ الطُرُق الممكِنة بينما يُمكن لـ (السعودية) المُجاورة لها أن تفعل ما يحلو لها وما تُريده في حقّ (قطر)، أو يُمكنها بدء حرب (اليمن) وتدعمها الولايات المُتّحدة كثيراً بسبب البترودولارات. بالتالي، من الذي سيُقدِّم يد العون؟ تعمّ الدول الإسلامية الفوضى اليوم بسبب الولايات المتحدة وبسبب تدخّلات الولايات المتحدة بحيث وصل الأميركيون إلى مرحلة أصبحت دمى تابعة لهم مثل (إسرائيل) قادرة على نشر أسلِحة. الإسرائيليون منافقون إذ يمتلكون 200 صاروخ نووي ويوجِّهون النقد لدول أُخرى في المنطقة</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: ندّد الإسرائيليون بامتلاك (كوريا) الشمالية أسلِحة نووية</p>
<p><strong>بيام رودا</strong>: تماماً</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: وهذا أمرٌ لا يُصدّق</p>
<p><strong>بيام رودا</strong>: هذه مهزلة، وبالنسبة إلى (بورما) أعتقد أنها مُشكلة إنسانية لا تقع على عاتق المُسلمين وحدهم، وعندما نرقى بالمسألة إلى هذا المُستوى وننظُر إليها على أنها مُشكلة إنسانية ونتوقّع دولاً مثل الولايات المتحدة التي تتدخّل في كلّ شارِدة ووارِدة أن تتدخّل في هذه المسألة أيضاً، يتدخّل الأميركيون في أماكن لا علاقة لهم فيها مثل (كوريا) أو كما فعَلَت في الخمسينات، الحقبة التي قلت أنك ترعرعت فيها، حين تدخّل الأميركيون حينها وطردتهم (الصين) فتمركزوا في (كوريا)، ووصل بهم الحال إلى درجة أنّ قائِدهم طلب إطلاق قنبلة نووية أُخرى للفوز بتلك الحرب، إطلاق قنبلة نوويّة ثالثة غير قنبلتيّ (هيروشيما) و(ناغازاكي). بالتالي هذه مُشكلة إنسانية ولا بدّ من طرحها أمام الأُمم المتّحدة، وإذا حالت (الصين) أو غيرها من دون ذلك يُمكن فرض عقوبات من نوعٍ مُعيّن وإرسال مُحاربين إلى هناك لأن الفوز بتلك الحرب شبه مُستحيل، فكما أشار السيّد الجالِس هناك، العائِد المادّي غير كافٍ، فلا أحد سيتوجه إلى هناك</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: هذا مُلخّص جيِّد جداً وأنت شاب ذكي جداً وآمل أن تُشارِك في البرنامج مرّة أُخرى. فلننتقل إلى السيّد في الصفّ الأمامي</p>
<p><strong>شينول – ناشِط</strong>: شكراً. إسمي "شينول" وأنا من (مانشستر). بالنسبة لي يا "جورج"، أُشكّك قليلاً في الدوافِع وراء جهود (تركيا) والرئيس "أردوغان". فتاريخياً أعتقد أنه دفعَ بالفلسطينيين إلى شفير الهاوية، وعند استهداف سفينة " مافي مرمرة" لم يوجِّه أيّ كلام للإسرائيليين، وعندما هاجم الصينيون المسلمين غربي (تركستان) لم يُحرِّك ساكناً إزاء ذلك، وأرى أنه يُكرّر ما فعله وسؤالي هو التالي، هلّ سيدفع بمُسلمي (بورما) أو "الروهينغا" إلى شفير الهاوية ليخذلهم بعد ذلك؟ لأن التاريخ يُشير إلى أنه يُكثِر من الكلام من دون أن يُقدِم على ما يكفي من الأفعال وأنا أُشكِّك في نواياه</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: نقدك لـ "أردوغان" ليس أكثر من نقدي له، لكن على الأقل يُمكن القول أنه الوحيد الذي قدّمَ مُساعدات لـ "الروهينغا"، وإذا كان من غطاءٍ بلاستيكي يُضلِّل رؤوسهم فهو من اشتراه، وإذا كان في أفواههم قطعة خُبز فهو من أمّنها. يُمكنني أن أتحدّث حتّى نهاية الليلة عن مآخذي على "أردوغان" والحكومة التركيّة، لكن على الأقلّ يُمكن القول أنّه القائِد المُسلِم الوحيد، إضافةً إلى (جزر المالديف) الصغيرة وأنا أعتبِرها مُنتجعاً صغيراً لقضاء العُطلة مع أنني لم أزِرها قط وقد أكون أُقلّل من احترامها الآن لكن كلّ التقدير لها لأنّها أعلَنت حظراً على كلّ السِلَع التي تورِّدها الدولة البورمية. لكن (جُزُر المالديف) و(تركيا) هما الدولتان الوحيدتان اللتان أخذتا خطوة ما. لذا، وفي هذه المناسبة، لا أريد توجيه النقد إليهما. السيّدة في الخلف، تفضّلي سيّدتي</p>
<p><strong>شانا بيغيم</strong>: مرحباً جميعاً، إسمي "شانا" وأنا من (لندن). تنتابني خيبة أمل من أنّ كلّ ما يجري هي أحداث مُهمة جداً لكنّها لا تلقى تغطية، فلا يعلم الناس ما يحدُث. أعمل في مدرسة، وفي الآونة الأخيرة ومع انتشار مقاطع الفيديو وسواها عبر الرسائِل النصيّة وموقع الـ "يوتيوب" وضعت أُختي الجالسة هنا وزوجها خطّة، فبدلاً من أن نجلِس مكتوفي الأيدي من دون أن نفعل شيئاً فلنذهب إلى هناك ولنُحاول جمع المال ونسعى إلى مُساعدة الناس، وسنتوجّه إلى هناك. هذه مُبادرة إنسانية، فلسنا بورميين. صحيح أنّ والدينا من (بنغلاديش) لكننا لسنا ذاهبين إلى مسقط رأس والدينا فلم أذهب إلى هناك منذ عشرين عاماً، بل سأتوجّه إلى الحدود حيثُ يحتاج اللاجئون إلى مُساعدة ونُحاول جمع المال لنذهب إلى هناك ونُساعِد الناس على الأرض. سؤالي الآخر هو التالي، الهِبات المُقدّمة كما أشرت في السابق في أن (بريطانيا) قدّمت 25 مليون جنيه إسترليني، أين هذا المبلغ؟ أين ذهب؟</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: هذا سؤال جيِّد لكن مبلغ 25 مليون جنيه إسترليني لن يُحقّق الكثير</p>
<p><strong>شانا بيغيم</strong>: بالفعل</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: عليهم شراء، بكلّ ما للكلمة من معنى، غطاء بلاستيكي ليناموا تحته. لا يُقدِّم أحداً لهم غطاءً بلاستيكياً، وإن كانوا لا يستطيعون شراء غطاء يبقون من دون غطاء، ولا أحد يُعطيهم الطعام بل عليهم شراءه. لا يُصدَّق أنّ (بنغلاديش) وُرِّطت في هذا المأزق الكبير ولا تتلقّى إلّا فتاتاً. لقد قدّمت (بريطانيا) 25 مليون جنيه إسترليني بينما يبلغ عدد اللاجئين نصف مليون شخص. احتسبي التكاليف، فلا يحلّ هذا المبلغ المُشكلة ولا حتّى لأُسبوع، هذا من دون التفكير في استمرار الحال لشهر أو لسنة. أريد العودة إذا أمكن إلى ضيفنا المُميّز الذي يُمثِل مُجتمع "الروهينغا" في هذا النقاش. لا بدّ من أنّك تشعُر بالكثير من القلق، ويؤسفني إخبارُك أنّه إذا كنت لا تشعُر بالقلق فعليك أن تقلق من أن تتحوّلوا، على غرار الفلسطينيين، إلى مشكلة لاجئين وسيسقُط حقكم في العودة من على جدول الأعمال السياسي، وبعد 5 أو 10 سنوات من الآن سنجتمِع هنا لنناقش كيف يُمكننا جمع المزيد من الأموال الخيرية لكم. هلّ هذه الفِكرة في بالكم؟ كم أنتم جادّون في الإصرار على عودة شعبِكم إلى أرضه؟</p>
<p><strong>نور الإسلام- رئيس منظمة أراكان روهينغا الوطنية</strong>: في الواقع، لا نُحِبّ أن نحيا حياة ذلّ كلاجئين ومتسوّلين في (بنغلاديش) أو غيرها، نريد العودة إلى مسقط رأسنا ولا بدّ من أن تمنحنا الحكومة البورمية حقّ العودة. بشكلٍ أساسي، مما رأيناه وعشناه، عند الخروج من الدولة من الصعب جداً العودة إليها من جديد</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: في الواقع، زرعوا ألغاماً على طول الحدود فإذا حاول المرء العودة يُقتَل</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: واستوطن المُجتمع البوذي الأراضي التي رحلنا عنها وباتت كلّ الأمور خارِج سيطرتنا الآن. لا بدّ من أن نتمكّن من العودة إلى وطننا ومن إعادة تأهيله، أن نعود إلى وطننا بكرامة لنعيد تأهيله إضافةً إلى حصولنا على تعويضات بموجب برنامج حكومي وهذا غاية في الأهمية. أمّا المسألة الأُخرى فهي حلّ هذه المُشكلة وهي إحدى أقدم مشاكل العالم. يُناهِز عمر مُشكلة "الروهينغا" عمر الصراع الفلسطيني، وفي الطريقة التي اتجهت فيه الأمور بتنا عاجزين تماماً. الحكومة نفسها هي من يُمارِس الاضطهاد وتوقّعنا منذ زمن أن تُقدِم "أونغ سان سو تشي" على هذا، ويبدو أنها تُصِرّ على إبادتنا لدرجة أنه في التاسع عشر من هذا الشهر عقدَت جلسة إحاطة دبلوماسية ولم تُندِّد خلالها بأفعال الجيش بل سعَت إلى الدفاع عن الإبادة التي يُمارسها الجيش في حقّ "الروهينغا". فضلاً عن ذلك، إنها تكذب على العالم في القول أنّه ما من سوء يحلّ يشعب "الروهينغا"</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: هرب نصف مليون من "الروهينغا" من دون سبب</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: نعم</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: هذا أُسلوب نموذجي أليس كذلك؟</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: نعم</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: رحل الفلسطينيون ولم يُسمَح لهم بالعودة؟</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: كيف يُمكنها أن تقول أنّ كثيراً من القُرى لا تزال سليمة؟ كيف أمكنها قول ذلك؟ يا له من تصريح منافِق! إنها تفتقر إلى الأخلاق والشهامة</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: لا أعلم كم على الشخص أن يكون سيّئاً ليحصل على جائِزة "نوبل" للسلام!</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: لا بدّ من سحب الجائِزة منها في الواقع، على العالم أن يسحب الجائِزة منها</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: نعم، حاز على هذه الجائِزة "أوباما" و"كسينجر" و"رابين" وتطول اللائِحة، كم على الشخص أن يكون سيّئاً ليحصل على جائِزة "نوبل" للسلام؟</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: أعتقد أنّ "أونغ سان سو تشي" حصلت عليها عن طريق الخطأ، حصولها على الجائِزة مُجرّد خطأ فهي لا تستحقها. لقد باتت محبوبة الغرب وهذا أحد أسباب ما يحدُث</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: يقول بعض الأغبياء أنّها ليست من يُسيطر على الدولة بل أنّ الجيش يتحكّم بمقاليد الأمور، أما هي فلا تتمتع بأية سُلطة، بل تتمتع بالكثير من القوة الأخلاقية الناعمة. لو أنها أخذت موقفاً وقالت أنّ ما يحدُث لـ "الروهينغا" غير مقبول بتاتاً وأدعو المُجتمع الدولي وما إلى ذلك لانتشَرت أصداء ذلك حول العالم، لكنها فعلَت العكس</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: تكمن المُشكلة في أنها تكذُب وتُدافع عمّا يحدُث ولا تقول الحقيقة، هذه هي المُشكلة. يُمكن حلّ مُشكلة "الروهينغا" من خلال السماح لنا بالعودة إلى موطننا، ولا بدّ من أن نتمكّن من العيش بسلام وشرف وأن نتمتّع بجميع حقوق الكرامة الإنسانية. لا بدّ من أن نتعايش متساوين في موطننا، وهذا غاية في الأهمية. يجب أن نتمتّع بحقوق جماعية، فلا يُمكننا الاستمرار بهذه الطريقة</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: سبق وجرّدوكم من حقوق المواطنة منذ سنوات</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: لم يتبقَّ لدينا شيء لنخسره، خسِرنا مُعظم حقوقنا خلال فترة التحوّل الديمقراطي، وفي العام 2014 جرى استثناؤنا من التعداد المُموَّل من الأُمم المتحدة، وبعدها في العام 2015 جرّدونا من حقّ التصويت بينما كان شعبنا يُمارِس حقوق الاقتراع والترشُّح منذ العام 1936 حين مُنِحنا حق التصويت للمرة الأولى في فترة الاستعمار البريطاني، ومارسنا هذه الحقوق وفقاً للدستور الجديد في العام 2010 لكننا لم نفعل في الانتخابات الأخيرة في العام 2015، أيّ أنهم جرّدونا من حقّ الاقتراع بعد ثمانين سنة. وللمرة الأولى، لم تقتصر المُمارسات على "الروهينغا" بل لم يجرِ اختيار أي مرشحين مُسلمين ولا حتّى من قِبل الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية خلال الانتخابات الأخيرة، ما يعني أننا لم نستفِد من التحوّل الديمقراطي في (بورما)</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: بالتالي، ما من مُسلمين في برلمان الدمى في (بورما)</p>
<p><strong>نور الإسلام</strong>: ولا أيّ مُسلِم، ولا أتحدّث فقط عن "الروهينغا"، للمرة الأُولى ما من مُرشّحين مُسلمين</p>
<p><strong>جورج غالاواي</strong>: عليّ القول أنّ هذا لافتٌ للنظر ويفوق المُعتاد. كان نقاشاً جيّداً وليتني أستطيع أن أُخبرك سيّدي أنني أثق بأنكم ستنتصرون وستعودون إلى منازلكم ولن أتأخّر عن مُساعدتكم على ذلك، لكنني أثق أنك تُدرِك أنّ أمامكم الآن صراعاً عصيباً كما اكتشف الفلسطينيون منذ عقود كثيرة جداً. كنت معكم، أنا "جورج غالاواي" في برنامج "كلمة حرّة" على قناة "الميادين"، أشكُر مشاهدتكم</p>
<p><strong>الحلقة انتهت</strong></p>
<p> </p>
<p> </p>
<p> </p>