عجاج الزهر ونبيل كحلا
نص الحلقة
<h1> </h1>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: مساء الخير.</p>
<p>أن تكون في صيدنايا فأنت مُنعَم بالثلاثة: تاريخ عريق، أرض مقاومة، وبهاء مريم. <br /> أن تكون في صيدنايا بعد سبع سنوات على الحرب الجائرة على سوريا وترى أهلها كيف يحيون بكرامة وعنفوان فأنت تنظر إلى مستقبل سوريا، سوريا الواحدة المنتصرة بكل أطيافها وأهلها. <br /> أن تكون في صيدنايا حيث يمتزج العلم بالعمل والصلابة بروح الألفة والماضي بالآتي حيث منذ ألفي عام تمطر السماء قديسين ومقاومين. فأنت في ديار عامرة. <br /> صيدنايا البلدة التي شكّل صمودها محور انتصار القلمون كاملاً ودرع دمشق.</p>
<p>أجراس المشرق تُقرع فيها، تُقرع منها. وضيفانا: الباحث والكاتب، ولديه كتاب بهيّ هو <u>صيدنايا أيقونة الشرق</u>، الأستاذ عجاج الزهر، وقائد الدفاع الوطني في صيدنايا الدكتور نبيل كحلا. أرحّب بكما أو ترحّبان بي، ما هَمّ؟</p>
<p>تقرير عن صيدنايا ونبدأ الحوار.</p>
<p> </p>
<h3>التقرير</h3>
<p> </p>
<p>على بعد 30 كيلومتراً شمال غرب دمشق في جبال القلمون، وعلى ارتفاع 1450 متراً، تقع بلدة صيدنايا الشهيرة بحضورها المسيحي منذ القرون الميلادية الأولى.</p>
<p>اختلف الباحثون حيال تفسير إسم صيدنايا الآرامي الأصل. فمنهم مَن ردّه إلى إله الصيد الفينيقي صيدون، ومنهم مَن قال إنه مكان الصيد، ومنهم مَن قال إنّ معناه كلمة سيّدتنا. لكنّ الأرجح هو الجذر الآرامي الذي يعني صيد الغزالة.</p>
<p>تضمّ صيدنايا 21 ديراً و40 كنيسة. وفيها أحد أهم الأديرة المسيحية في العالم وهو دير سيدة صيدنايا الذي بناه الإمبراطور البيزنطي يوستنيانوس في القرن السادس، وشكّل عبر التاريخ المكان الثاني في الأهمية بعد كنيسة القيامة إذ كان يؤمّه الحجّاج من أسقاع العالم القديم.</p>
<p>ومن أديرتها أيضاً: دير الشيروبيم الذي يرتفع ألفي متر عن سطح البحر. ورُفع فيه على الرغم من الحرب عام 2013 أكبر تمثال للسيّد المسيح في الشرق بعلوّ 12 متراً وثلاثة أعشار المتر.</p>
<p>وفيها كنيسة آيا سوفيا ودير توما الرسول والقديس جاورجيوس ودير التجلّي وغيرها.</p>
<p>عانت صيدنايا من ويلات الحرب الحالية، وصمد أبناؤها الذين يُقدَّر عددهم بنحو 15 ألف نسمة. وقد عُرف عنهم العلم والعمل والصلابة؛ ففيها عدد كبير من الأطباء والمهندسين والمحامين.</p>
<p>يقصد الناس صيدنايا للحج والسياحة. ولذلك فإنها تعجّ بالفنادق والمطاعم والمنتزهات التي كانت تمتلئ شتاءً جرّاء تساقط الثلوج وصيفاً بسبب مناخها الجبلي اللطيف.</p>
<p> </p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: تحية لكم من "أجراس المشرق" من صيدنايا.</p>
<p>أستاذ عجاج الزهر، سأبدأ بحضرتك.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: تفضّل.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: صيدنايا الإسم والمعنى والحضور في التاريخ، ما هي؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: بدايةً، الشكر الجزيل لقناة الميادين ولبرنامج أجراس المشرق خصوصاً.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: واجبنا سيّدي، واجبنا.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: والرحمة والخلود لشهداء الوطن وشهداء صيدنايا. صيدنايا كانت قرية، ثم أمست بلدة، والآن مدينة. صيدنايا التاريخ، صيدنايا أيقونة الشرق، لها تسميات عديدة عبر تاريخها الطويل الذي يعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد. الإسم الأول صيدنايا: كلمة آرامية تتألف من مقطعين: المقطع الأول صيد، والمقطع الثاني نايا. صيد يعني الصيد، ونايا تعني الغزالة. ومجمل الإسم يعني صيد الغزالة. هذا الإسم صار قبل نحو 1500 سنة مع تاريخ بناء دير سيّدة صيدنايا الشهير. لكن لها أسماء متعددة. صيدنايا المدينة والبلدة والقرية لها أسماء متعددة: منها الصيداوي وتعني المستشفى بالآرامية أيضاً والهواء العليل لطيب مناخها المعتدل. وتعني أيضا دانافا ودانابا، وهذه أسماء عديدة لصيدنايا. ومنها يوستنيانو بوليس أي مدينة يوستنيانو، وسيّدة الصخرة وسيّدة صارديني. <br /> وفي القرون الوسطى أُطلق عليها "لورن المشرق". أنا جمعت هذه الأسماء كلها وأطلقت عليها إسماً جامعاً، أطلقت عليها: صيدنايا أيقونة الشرق لغير سبب.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: هذا هو الكتاب: <u>صيدنايا أيقونة الشرق</u>، وهو كتاب مرجعي. هذا في الإسم والمعنى. أمّا الحضور في التاريخ فما هو؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: صيدنايا قديمة جدا كما ذكرت، ويعود تاريخها إلى العصر الحجري الوسيط، إلى عشرات آلاف السنين قبل الميلاد. وثمة روايات، وكل رواية لها سند تاريخي، ويقال إنّ نوحاً هو أول مَن زرع الكرمة في صيدنايا.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: هذا ما يقال، ولكن ليست هناك وثائق.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: وثائق رسمية لا توجد.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: لا توجد، ولا أثرية.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: ولا أثرية. أيضاً يقال إنّ إبراهيم ذبح ابنه إسحاق في صيدنايا، وإنّ نوحاً صنع الفلك في وادي صيدنايا. هذه تدلّ على عراقة صيدنايا وتاريخها.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: ولكن كمعلومات أركيولوجية، كمعلومات أثرية، إلى متى؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: كمعلومات أثرية، تعود إلى عصر الكهوف. وفي صيدنايا نحن زرنا معا دير الشيروبيم ودير مار توما، وأيضاً في داخل صيدنايا وفي محيطها الكثير من الكهوف. فإنسان الكهوف كان يعيش في صيدنايا؛ إنسان الكهوف أو إنسان الجبال. الإنسان بدايةً سكن في المناطق المرتفعة طلباً للحماية وللهواء الطلق أيضاً في هذه المناطق. فصيدنايا كما ذكرت قديمة جداً. والدليل على هذا أنّ فيها معابد وأوابد تعود إلى العصر الآرامي، إلى الآراميين، إلى 1500 سنة قبل الميلاد. وأشهر هذه المعابد دير الشيروبيم ودير مار توما.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: لنبدأ بدير الشيروبيم؛ هذا الدير، الموقع الذي يرتفع أكثر من 1900 متر عن سطح البحر، وهو مطلّ على هذه المدينة، وله حضور شعبي وروحي لدى الناس فيها. إلى متى يعود؟ ما قيمته الأثرية والتاريخية؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: سنتكلم بدايةً على الشيروبيم كموقع قبل أن يتحوّل إلى دير. الشيروبيم يتربّع في قمة جبل عرعورة في منطقة، كما ذكرت، زهاء 1900 متر. الشيروبيم يتفرّد بهذا الإسم في كل المنطقة المحيطة بنا. لا يوجد دير آخر إسمه الشيروبيم.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: وماذا تعني كلمة الشيروبيم؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: الشيروبيم: الشيروب يعني الملائكة أو الملاك، وهو كائن مجنّح يشبه الإنسان. واليم: شيروب"يم": للجمع.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: الملائكة.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: الشيروبيم تعني الملائكة ككل، وهي كلمة آرامية أيضاً. يعود تاريخ الشيروبيم إلى عدة آلاف من السنين قبل المسيحية. والدليل فيه المغاور العديدة الموجودة في دير الشيروبيم، مجموعة مغاور طبيعية، ومنها مغاور صناعية متجاورة: كل ثلاث أو أربع مغاور متجاورة مع بعضها البعض. وكان الإنسان يسكن فيها قبل أن يتحوّل هذا الموقع إلى دير.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: ولكن أيضاً هناك آثار آرامية.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: آثار آرامية في الشيروبيم، في الدير نفسه. موقع الدير قبل أن يتحوّل إلى كنيسة كان معبداً آرامياً، ويسمّى معبد البامة أو المكان المرتفع. وقبل الشيروبيم كان ثمة مذبح صخري في مار توما. وأيضاً معروف أنه كان يرتبط الديران ببعضهما البعض بدرب كان يُطلق عليه الدرب المقدّس.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: سنأتي إلى مار توما.</p>
<p>دكتور نبيل كحلا، أهلاً بك ضيفاً عزيزاً على "أجراس المشرق". <br /> الشيروبيم عرفناها تاريخياً من الأستاذ زهر. ولكن الشيروبيم كانت في هذه الحرب على سوريا معركة فاصلة خضتموها بوجه الإرهاب. وهذه المعركة يقول أهالي صيدنايا إنها حمت في المحصّلة صيدنايا. كيف حصلت هذه المعركة؟ وما هي مندرجاتها؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: الحقيقة أنّ الشيروبيم هو موقع استراتيجي مطلّ على عدة محاور استراتيجية، وهو موقع حسّاس ذو أهمية عالية. فكما تفضّل الأستاذ عجاج، هو يرتفع 1900 متر عن سطح البحر. له عدة إطلالات لعدة محاور استراتيجية، منها عسكرية ومنها دينية. ويطلّ على بلدة صيدنايا. فكان له دور كبير جداً كموقع. حاولوا عدة مرات أن يأخذوا هذا الموقع الاستراتيجي بما أنه أعلى قمّة موجودة في القلمون بعد التلال المطلّة على لبنان. <br /> وهو مطلّ على لبنان على مناطق بريتال ومعربون، على مناطق عدة لبنانية. حصلت عدّة هجمات.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: ليست معركة واحدة بل عدة معارك.</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: حصلت ثلاث أو أربع معارك، لكن أكبر معركة هي المعركة الأخيرة التي كانت في ذلك الوقت بالضبط بتاريخ 11 كانون الثاني سنة 2015 واستشهد فيها عندنا شباب من صيدنايا ومن الجيش العربي السوري وشباب من المقاومة، وحصلت عدة جبهات في ذلك الوقت.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: القوى التي كانت تأتي إليكم كانت تعي تماماً أنها ستنزل إلى المدينة. كيف تطوّع شباب صيدنايا للدفاع عن مدينتهم عبر هذا المكان الذي يدعى الشيروبيم؟ كيف تداعيتم لتشكّلوا فريقاً مقاوماً بوجه الإرهاب؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: تعرف أنّ ثمة نفوساً كثيرة ضعيفة. بدأنا في بادئ الأمر كحماية بلدة. كحماية بلدة، حصلت بعض الفوضى في أول الأزمة التي نحن نسميها الأزمة السورية. حصلت فوضى، وبدأنا نحن نحمي البلدة من مخارج البلدة ومداخلها. أقفلناها كلها وتركنا مدخلاً واحدا ومخرجاً واحداً للبلدة. ومن خلالها بدأنا نطوّر أنفسنا رويداً رويداً. تعرف أننا لسنا محاربين. نحن لدينا المهندسون والأطباء والناس المتعلمون. والصراحة أنّ كل الموجودين في البلدة شاركوا، والذين كانوا خارج البلدة في تلك الفترة صاروا كلهم يأتون إلى بلدتهم ويدافعون عن أرض أهلهم وأرض أجدادهم ويثبّتون أنفسهم في المنطقة.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: وأهالي البلدة ماذا فعلوا؟ النساء ماذا فعلن؟ الصبايا؟ من الواضح، عندما ندور في المدينة أو نزور في المدينة أنّ كلّ الناس يحسّون بأنهم أقوياء ومقاومون. ماذا فعل المجتمع الأهلي؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: تستطيع أن تقول إننا بدأنا من عمر 15 إلى عمر 80. كل واحد كان له دور. والنساء أدّين دوراً كبيراً في بلدة صيدنايا. أسّسن جمعية تكوّنت من نساء صيدنايا. صرن يصنعن طعاما، يقدّمن طعاماً للجيش، يقدّمن طعاماً للناس المتطوّعين في الدفاع الوطني والناس الرديفين للجيش. كل واحد كان له دور يؤديه في تلك الفترة.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: أستاذ عجاج الزهر، من الواضح أنّ صيدنايا مجمّع ديني وكنسي، لا بل يبدو مجمّع قديسين في الهواء الطلق. لماذا؟ أيُعقَل أنه في هذه الكيلومترات ثمة 40 كنيسة و40 قديساً؟ لماذا؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: اجتمع في صيدنايا طهر المكان ونبل الإنسان، تاريخياً. هذا ليس حالياً وإنما منذ وجود صيدنايا وأهالي صيدنايا. وإلّا كيف حافظت صيدنايا على هذه الأوابد التي تعود إلى أكثر من آلاف السنين؟ كلّ المعابد التي ذكرتها والتي عددها حاليا، العامرة منها 26 ديراً وكنيسة. وهناك قسم ذهب، يقال إنه كان 40 كنيسة. فهناك طهر المكان ونبل الإنسان. هناك منطقة في مدخل صيدنايا الشرقي، منطقة لا تزيد مساحتها عن نصف كيلومتر مربع. فيها خمسة أديرة كبيرة: دير بطرس، دير مار نقولا، ودير التجلّي، وأيضاً الدير الغني عن التعريف دير سيّدة صيدنايا، ودير مار تقلا. هذه المنطقة الصغيرة فيها خمسة أديرة. وصيدنايا ككل فيها 40 كنيسة متوزّعة داخل صيدنايا وفي أطراف صيدنايا. لهذا السبب أُطلق عليها كما وصفتها: بلدة القديسين والشجعان.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: وصيدنايا فيها أربعة أديرة وبطريركية لأنطاكية وسائر المشرق. ولكن أيضاً أربعة من كم..؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: سأذكر لك، وهذه تأتي من الأمور التي اشتهرت بها صيدنايا. بطريركية أنطاكية وسائر المشرق المترامية الأطراف التي تتوزّع على ثلاث قارّات فيها تسعة أديرة بطريركية. من أصل هذه الأديرة التسعة، أربعة أديرة موجودة في صيدنايا هي: دير سيدة صيدنايا ودير القديس جاورجيوس ودير خريستوفوروس ودير الشيروبيم.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: سأذهب إلى دير السيدة. هو الدير الأشهر في المشرق.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: نعم.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: المسيحيون يقصدون دير السيدة من سوريا والعالم. ما أهمية هذا الموقع روحياً وثقافياً؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: دير سيدة صيدنايا يعود، طبعاً هذا التاريخ الأشهر، إلى 547 ميلادية. حتى إنّ رقم هاتف دير سيدة صيدنايا بعد المفتاح 0547 تأكيدا لتاريخ بناء الدير. دير سيدة صيدنايا هو القبلة الثانية للمسيحيين في العالم كله. ودير سيدة صيدنايا يقع على رابية تتوسّط البلدة.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: ولكن الأهمية الروحية الثقافية له؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: الأهمية الروحية أنه ارتبط باسم الإمبراطور الروماني جوستنيان. وإن حاولنا أن نلقي نظرة كيف بُني الدير...</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: ورد في التقرير. ولكن أقصد القيمة الروحية له والثقافية بالنسبة لمسيحيي سوريا والعالم.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: كما ذكرت، هو القبلة الثانية للمسيحيين في العالم وهو دير للراهبات منذ 1500 سنة، والدير مدرسة أيضا لكلّ الذين يدرسون فيه منذ مئات السنين في صيدنايا. فأهميته الروحية من كثرة الزوار والضيوف والدراسات العديدة: رسائل ماجستير ورسائل دكتوراه أقيمت حول صيدنايا، وبشكل خاص عن دير سيدة صيدنايا. وقلما يأتي زائر إلى سوريا إلّا ويزور دير سيدة صيدنايا.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: دكتور نبيل، أنتم حميتم كل هذه المدينة. ولكن أنتم كدفاع وطني مَن دعمكم؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: طبعا دعمنا جاء من الدولة السورية ومن الجيش العربي السوري الذي كان واقفاً معنا ندّا لندّ، كتفاً إلى كتف. ونحن الرديف للجيش العربي السوري.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: أهالي البلدة ماذا قدّموا عسكرياً؟ هل أتاكم دعم من غير الجيش؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: لا، جاءنا دعم فقط من الجيش العربي السوري.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: فقط من الجيش.</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: من الجيش العربي السوري.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: وفي كلّ المواقع كنتم سوية أنتم وإيّاهم في الدفاع عن صيدنايا؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: داخل البلدة وخارج البلدة.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: وقوى المقاومة الأخرى الرديفة؟ نسمع أنّ القوى الحليفة والرديفة كانت موجودة في صيدنايا معكم طيلة هذه الفترة.</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: وخارج بلدة صيدنايا.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: وكيف لبّى الشباب الصيدناوي الدعوة إلى القتال؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: لبّينا الدعوة من أول يوم حصلت فيه مشكلات، نحن لدينا مشكلة كما قلت لك هي موقعنا الاستراتيجي. بلدة صيدنايا مطلّة على الأوتوستراد: صيدنايا، معرّة، معرونيا. الصراحة أنّ هذه البلدات الثلاث كانت يداً واحدة، متكاتفين مع بعضهم البعض. حصلت عدة جبهات من عدة محاور، هجوم على البلدة، كانوا يرمون من الخارج عليها هاون وصواريخ. الشعب استبسل. لدينا نحو 57 شهيداً خلال سنتين من فترة 2013 و2014.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: اسمحوا لنا بأن نذهب إلى فاصل.</p>
<p>أعزائي، فاصل ونعود إلى الحوار مع الأستاذ عجاج الزهر والدكتور نبيل كحلا من صيدنايا. انتظرونا.</p>
<p> </p>
<h2>المحور الثاني</h2>
<p> </p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: تحية لكم من "أجراس المشرق".</p>
<p>بما أننا تكلّمنا على دير سيدة صيدنايا، سنقدّم لكم تقريراً عن هذا الدير، ثم نعود إلى الحوار مع الأستاذ عجاج الزهر والدكتور نبيل كحلا.</p>
<p> </p>
<h3>التقرير</h3>
<p> </p>
<p>يروي التقليد المسيحي أنّ دير سيدة صيدنايا بناه الإمبراطور يوستنيانوس الأول (527--565) من دون وجود دليل أركيولوجي. لكنّ الكثيرين يرون أنه تأسّس في العصر البيزنطي. ويبدو أنه من الأديار الناجية خلال عهد الحاكم بأمر الله أو عهد المماليك. وذكره ياقوت الحموي الذي أشار إلى أنّ رحلة الحج إلى القدس تتضمّن المرور به.</p>
<p>شهدت هندسة الدير تغيّرات كثيرة. أمّا شكله الحالي فيعود إلى نهاية العصر العثماني وبداية القرن العشرين. <br /> وفيه أقسام تعود إلى القرون الوسطى هي: <br /> الشاغورة التي تحوي أيقونة السيدة العذراء التي يقول التقليد إنّ لوقا الرسول رسمها. وقد أُقفل عليها وعلى غيرها من الأيقونات.<br /> والطابق السفلي، ويضمّ المطبخ والأقبية والغرفة المقبّبة تحت صوامع الراهبات. وجميعها بُنيت فوق الصخر.</p>
<p>الشاغورة وتعني بالسريانية المشهورة واللامعة، وهي غرفة صغيرة مقبّبة ومنخفضة السقف، وجدرانها ملأى بالأيقونات والهدايا على مرّ العصور. يقصدها المسيحيون والمسلمون.</p>
<p>أمّا كنيسة الدير القديمة فكانت بازيليكية، وصفها الرحّالة بارسكي بأنها أجمل كنيسة زارها في الشرق. <br /> دُمّرت خلال مجازر 1860، وأعيد بناؤها بشكلها الحالي بمساحة مكعّبة تكلّلها قبّة مرتكزة على ثلاثة أروقة. وتعلو الصحن الرئيس قبّة نصف اسطوانية، والأرض مبلّطة بالرخام المطعّم بالألوان، وفيها إيقونسطاس خشبي جميل وأيقونات أغلبها من القرن التاسع عشر.</p>
<p>أمّا القسم العلوي فخاص بالراهبات. وهناك متحف وغرف أخرى.</p>
<p> </p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: أهلاّ بكم مجدداً في "أجراس المشرق".</p>
<p>أستاذ عجاج، تحدّثنا عن دير السيدة. لكن هذه البلدة التي تمحورت، تكوكبت حول الدير، ما العلائق الاجتماعية التي ربطت أهل صيدنايا ببعضهم البعض وبين أهلها وهذه السيدة الجاثمة على تلك الصخرة؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: استكمالاً للسؤال السابق عن أهمية الدير الروحية كونه يحمل إسم ست البرايا مريم العذراء، وصيدنايا كما ذكرت أيضاً فيها عدة أديرة. لكن عندما نقول الدير فقط من دون أن نُقرِن إسماً آخر بكلمة الدير نعني دير سيدة صيدنايا. أمّا عندما نقول مثلاً دير القديس جاورجيوس، دير خريستوفوروس، إلى آخره...</p>
<p><strong>غسان الشامي: كلمة الدير أي السيدة.</strong></p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: دير تعني دير السيدة. من هنا تأتي أهمية الدير كونه معروفاً من قِبل القاصي والداني، القريب والبعيد، يعرفون الدير وأهمية الدير.</p>
<p><strong>غسان الشامي: هذا معروف.</strong></p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: وصيدنايا تاريخياً دافعت بكل الوسائل الممكنة عن أوابدها ومعابدها.</p>
<p><strong>غسان الشامي: ما العلاقة التي تربط الأهالي بالدير؟</strong></p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: أولاً أقول عن أهالي صيدنايا بكل أطيافهم وبكل فسيفسائهم: عندما يُقسمون، أحياناً يحلف المرء يقول وحياة كذا، المسيحي والمسلم يحلف يقول: وحياة الدير؛ يقصد: وحياة دير سيدة صيدنايا. هذا المقصود به ارتباطهم من دون العودة إلى الطوائف. فكلهم مرتبطون بديرهم وبأوابدهم. وفي صيدنايا الدين لله والوطن للجميع. فهناك عيد هام لصيدنايا: عيد دير سيدة صيدنايا والذي يجري في 8 أيلول من كل عام. في هذا العيد تجري عراضة، يمكن أن نجيب عنها في سؤال آخر.</p>
<p><strong>غسان الشامي: نعم، نعم. هل نتحدث عن صيدنايا العلم والثقافة؟</strong></p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: نعود دائماً إلى دير سيدة صيدنايا لأهميته أيضاً. ثمة مكتبة داخل دير سيدة صيدنايا فيها كتب ومخطوطات كبيرة وكثيرة وعديدة في هذا الدير. هناك وقفيات، في نهاية كل وقفية تقول: أُوقِف هذا الكتاب بتاريخ كذا من قِبل فلان الفلاني. وأغلبهم من صيدنايا وبتواريخ تعود إلى أكثر من ألف سنة. هذا إن دلّ على شيء فإنه يدلّ على أنّ التعليم أو العلم، معرفة القراءة والكتابة وحتى اللغة الأجنبية يعود إلى قرون عديدة. <br /> في صيدنايا مدارس عديدة. وأنا كتبت الكثير الكثير. عدا كتاب صيدنايا أيقونة الشرق والكتب الأخرى، لديّ مخطوطات، كتبت عن الثقافة في صيدنايا والعلم في صيدنايا. ميزة أخرى أيضاً تدلّ على التلاحم داخل صيدنايا هي أسماء المدارس الموجودة في صيدنايا، ومن ثم أعود إلى أقدم مدرسة في صيدنايا. المدارس الحكومية: هناك مدرسة الشهيد إبراهيم قوزما، ثانوية الشهيد حسن سرّيّة، إعدادية الشهيد أندريه الأخرس. إن دلّت هذه الأسماء على شيء فإنها تدلّ على الفسيفساء الصيدناوي، على التلاحم في صيدنايا. أمّا أقدم مدرسة في صيدنايا، وهي من أقدم المدارس في سوريا، فهي مدرسة دير سيدة صيدنايا وتعود إلى نهاية القرن السابع عشر كمدرسة أهلية. وتخرّج منها مئات إن لم نقُل آلاف الطلاب. وهناك مدرسة كنيسة آجية سوفية. وهذه المدرسة أيضاً منذ مطلع القرن العشرين، وكان يعلو باب المدرسة شعار: تعلّم يا فتى فالجهل عار.</p>
<p><strong><u>غسان الشامي: ولكن أيضاً هناك مخطوطات كثيرة أُحرقت. يذكر الأستاذ حبيب الزيّات في كتابه الشهير والمفتاحي عن صيدنايا أنّ مخطوطات كثيرة أُحرقت، وربما كانت كنوزاً كبيرة عبر التاريخ في دير سيدة صيدنايا.</u></strong></p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: طبعاً هذه الواقعة موجودة ووثّقها حبيب الزيّات في كتابه الشهير الذي طُبع في الربع الأول من القرن العشرين وتحديداً في عام 1930 تقريباً، وإسمه <u>خبايا الزوايا في تاريخ صيدنايا</u>. وله كتاب آخر أيضاً هام، كوننا نتحدث عن العلم، إسمه <u>خزائن الكتب</u>. تحدّث في هذين الكتابين عن صيدنايا بالتفصيل وحكا عن أهمية المدارس في صيدنايا. والمتعلمون في صيدنايا، هناك أناس يحملون الشهادات الجامعية منذ أربعينات القرن العشرين، يحملون الشهادة الجامعية سواء في الهندسة أو في الطب أو في القانون منذ الثلاثينات والأربعينات. ولا حاجة لذكر الأسماء، هناك العشرات من الأسماء اللامعة والمشهورة الصيدناوية، في صيدنايا ومن أصل صيدناوي في المهجر. هناك أناس في المهجر من أصل صيدناوي يعتزّون بانتمائهم إلى صيدنايا ويحملون شهادات جامعية.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: دكتور نبيل كحلا، تكلّم الأستاذ عجاج عن أنّ صيدنايا منذ الأربعينات تعجّ بالأساتذة والجامعيين. في هذه الأزمة، سمّيتها الأزمة السورية، في هذه الحرب على سوريا ماذا فعل الشباب الجامعي الصيدناوي؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: لدينا جامعيون: المهندسون، الأطباء. مثلاً لدينا أطباء قاموا بالإسعاف الحربي، حملوا بندقية حتى. <br /> أنا ذكرت قبل قليل أنهم من عمر 15 إلى عمر 70 كلهم حملوا بندقية ووقفوا بوجه الإرهاب.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: هل أمّنوها؟ هل الأطباء أمّنوا البلدة طبياً؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: كل شخص جامعي كان له دور بمهنته شارك بهذا الأمر.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: واجتماعياً كيف تصرّف الشباب؟ هل تحوّلوا إلى عسكر أو تابعوا أيضاً حياتهم؟ الآن نرى أنها حياة طبيعية.</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: الصراحة أنه صار ثمة وجهان للّذين كانوا في قلب الأزمة: الطبيب في الوقت نفسه مارس مهنته وحمل بندقية وتابع مسيرته.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: أستاذ عجاج، يقولون، الكثير لديه انطباع أنّ صيدنايا مرادف للشجاعة، وصيدنايا مرادف للعمل. هل يمكن أن تشرح هاتين المفردتين أو الصفتين عن صيدنايا؟ الشجاعة والعمل؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: في ما يتعلق بالشجاعة، حماية أوابد ومعابد صيدنايا التي بُنيت وشُيّدت منذ مئات السنين إن لم نقُل آلاف السنين، حمايتها كانت تتم على يد شباب صيدنايا. هناك معركة حدثت في عام 1860 يوم تم الهجوم على المسيحيين في كل المنطقة التي يوجد فيها المسيحيون. جرت معركة يقال لها معركة عابا. هاجم صيدنايا مئات الفرسان عام 1860.</p>
<p><strong>غسان الشامي: عابا أين؟ هي في صيدنايا أو أنّ الإسم هو عابا؟</strong></p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: لا، المنطقة سُمّيت بكلمة عابا نسبة... طبعا يقال إنها أسطورة. معركة عابا البعض يسميها أسطورة. فلنسمِّها ما شئنا، لكنها معركة حقيقية وسمعنا عنها من الأجداد إلى الآباء إلى الأبناء. معركة عابا تمت عن طريق... سجن صيدنايا معروف، في مدخل صيدنايا الغربي. هناك تلة إسمها أوز عابا. المنطقة الشرقية لهذا الأوز، أوز وليس قوز، أوز عابا، في المنطقة الشرقية يوجد سهل إسمه سهل عابا. جاء مئات المهاجمين من المدخل الغربي لصيدنايا ووصلوا إلى سهل عابا. لم يكن اسمه عابا في تلك الأيام.</p>
<p><strong>غسان الشامي: ماذا حصل في هذه المعركة؟</strong></p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: في هذه المعركة، مئات من المهاجمين هاجموا البلدة صيدنايا، قابلهم العشرات من أبناء صيدنايا. عشرات مقابل المئات. والأسطورة تقول إنّ خيّالاً دخل بين المتحاربين وذرّ الرماد بينهم فعاب الجيش المهاجم وصار يقتتل في ما بينه. واستطاع المقاتلون الذين عددهم بالعشرات أن يدحروا وأن يردّوا البقية الباقية من هذا الجيش على أعقابه ولم يستطيعوا...</p>
<p><strong>غسان الشامي: أليست الصلابة والشجاعة جزءاً مثلا من هذه الجبال؟ هنا طبيعة هذه الجبال، كنا على علوّ ألفي متر، كلها صخور. أليست الطبيعة الجبلية جزءاً من الشجاعة؟</strong></p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: طبعاً، هناك محاضرة ألقاها قبل نصف قرن تقريباً أحد المتعلمين، أحد المثقفين من صيدنايا الأستاذ جرجي عيد كاترينا، ذكر هذه الناحية، قال: استمددنا صلابة رجال البلدة وحتى نسائها من صلابة صخورها. تحوّلت هذه الصلابة إلى الرجال. وكم من محاولة جرت بعد عام 1860؟ حتى هذا التاريخ جرت عدة محاولات سابقة، وكل المحاولات رُدّت على أعقابها قبل أن تصل إلى مشارف البلدة.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: أي ليس جديداً عليكم أن تقاتلوا. أيضاً صيدنايا اشتهرت بالأعياد. ذكرت مثالاً عيد السيدة وأنه من كل أنحاء سوريا يأتي أناس ليشاركوا في هذه الأعياد. هل هناك أعياد أخرى؟ هل نتحدث عن تاريخية الأعياد في صيدنايا؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: صيدنايا تعيّد في كل الأعياد الوطنية والأممية: الوطنية مثل عيد الجلاء، الأممية مثل الأول من أيار، وإلى آخره. وتعيّد في الأعياد الدينية. الأعياد الدينية كلها تعيّد فيها. لكنّ الأشهر في صيدنايا هو عيد الفصح ويقال له العيد الكبير. طبعاً العيد الكبير عيد الفصح تعيّد له كل الطوائف المسيحية. أمّا العيد الوحيد الذي تتفرّد به صيدنايا فهو عيد دير سيدة صيدنايا، ويتم مساء السابع من أيلول ويستمر حتى اليوم التالي أي 8 أيلول. <br /> أهم مراسم هذا العيد أو أهم المظاهر وخصوصاً ما قبل الأزمة فلنقُل أنّ هذا العيد تجري فيه عراضة كبيرة ويصعدون إلى دير السيدة ويرقصون ويدبكون على التراث الصيدناوي المعروف. عيد السيدة هو عيد خاص بدير سيدة صيدنايا، دير ست البرايا العذراء مريم.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: دكتور نبيل، هل استمر خلال هذه الأزمة العيد؟ هل تابع الناس إقامة الاحتفالات في عيد السيدة؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: طبعاً استمر، لكن لم يستمر كما كان في السنوات التي قبل الأزمة. جرت أعياد، لكن تعرف أنّ ثمة أناساً حزانى، لدينا شهداء. لا يمكن لأحد لديه شهيد أن يعيّد أو قريبه. ونحن بلدة كلنا نقرب بعضنا بعضاً. لا يمكن مثلاً أن يكون قريبي شهيدا، ذكرت لك أنّ لدينا 57 شهيدا، كلنا نقرب بعضنا بعضاً، لا يمكن أن يحصل عيد لأن فرحتنا كلنا واحدة وحزننا واحد في هذه البلدة.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: وأنت لديك أخ شهيد أيضاً.</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: نعم.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: نحن نترحّم على جميع شهداء هذه البلاد. استشهد أيضاً الكثير من الآباء والأبناء في سوريا. <br /> يبدو أنه لا يوجد بيت سوري لم يُكلَم. كيف تنظر إلى المستقبل بعد كل هؤلاء الشهداء؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: رحم الله شهداء الجيش العربي السوري والقوّات الرديفة والمقاومة. نحن نعيش الآن على دماء الشهداء. وإن شاء الله الأمور إلى الخير وإلى الأحسن في المستقبل.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: تحتاج البلد إلى نوع من التضامن والتكافل الاجتماعي والمسامحة. مَن سقط له شهيد هل يسامح يا سيدي؟</p>
<p><strong>نبيل كحلا</strong>: عقيدتنا أننا نسامح. لكن هل الغير يسامح؟ أنا لا أعرف.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: شكراً. أستاذ عجاج، نعود إلى صيدنايا، لنخرج من هذا الحزن العميق. صيدنايا هي درب للحج عبر التاريخ. لم يكن يمكن أن يكتمل الحج إلى القدس إلّا أن تمرّ في صيدنايا.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: صحيح.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: هذا المكان الذي يحجّ إليه الناس، ماذا يعني لكم كأهالي صيدنايا؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: الحج قديم جداً في صيدنايا وفي المنطقة، حتى إنه يعود إلى ما قبل المسيحية. ذكرت أنا في البداية أنّ الحج قبل المسيحية كان يتم من دمشق إلى صيدنايا إلى دير مار توما عبر الدرب المقدّس الذي تحوّل إلى الدرب الروماني إلى المعبد الكبير الذي يسمّى البامة في الشيروبيم.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: ولكن أنا أقصد الحج المسيحي.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: وأيضاً استمر هذا الحج إلى ما بعد ظهور الديانة المسيحية. صيدنايا في عيد السيدة... صيدنايا قديماً كانت عدة آلاف فقط. اليوم 12 ألفاً الموجودون في صيدنايا. في عيد السيدة أو يُطلق عليه حج السيدة يتضاعف عدة مرات عدد سكان صيدنايا. يأتون إليها من مشارق الأرض ومغاربها. فهذا الحج قديم جداً، ولا يزال حتى في هذه الأزمة أكثر الناس الذين يأتون إلى صيدنايا يأتون من المناطق المجاورة: من لبنان ومن الأردن ومن كل الدول العربية ومن الأميركيتين وأوروبا، يأتون في حج السيدة إلى صيدنايا.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: لديّ دقيقة.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: تفضّل.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: هناك زغاريد تقولونها في الأعياد.</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: نعم.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: هل تحفظ أي زغرودة صيدناوية؟</p>
<p><strong>عجاج الزهر</strong>: أنا أودّ أن أعبّر عن التلاحم الموجود في صيدنايا. أثناء العراضات يقولون: <br /> "هاي صيدنايا بكل مكان، <br /> إنجيل يعانق قرآن."<br /> هذا إن دلّ على شيء فإنه يدلّ على اللحمة الوطنية، لا طوائف، لا فوارق بين الأديان والمذاهب الموجودة في صيدنايا.</p>
<p><strong>غسان الشامي</strong>: وأنا أريد أن أشكركما سيّديّ.</p>
<p>أعزائي، كانت هذه الدروب ممرّاً للحجّاج الذين يقصدون القدس كما قلت قبل قليل، ولم يكن يكتمل الحج إلّا بزيارة هذه البلدة. بعد ألفي عام وحتى انقضاء الدهر ستبقى صيدنايا وقديسوها ومريم فيها شهوداً على عمق الانتماء لهذه الأرض، على عمق المحبة.</p>
<p>شكراً للأستاذ عجاج الزهر على حضوره في "أجراس المشرق". شكراً لقائد الدفاع الوطني في صيدنايا الدكتور نبيل كحلا. لزملائي في "الميادين" الذين أتوا من بيروت وقرعوا أجراس المشرق من صيدنايا: جهاد نخلة، لور موراني، حازم مجذوب.<br /> شكراً لكم على طيب المتابعة.</p>
<p>وسلام عليكم وسلام لكم.</p>
<p>شكراً.</p>
<p> </p>