الإعلامية السورية زينة اليازجي
نص الحلقة
زاهي وهبي: مساء الخير. حاوَرت كبار الشخصيات وجَسّت نبضَ الشارع العربي وحاولت بصراحة استنطاق المسؤولين والمؤثِّرين وعاشت مثل الكثيرين من أبناء المهنة تقلّبات الإعلام العربي من صعودٍ وهبوطٍ واختبرت تحوّله أداة في الصراع الضاري على المنطقة ودَفعت ثمن رفضها الانخراط في الحرب الإعلامية على بلدها. خرّيجة الأدب الإنكليزي والصحافة قدّمت نموذجاً للإعلامية الرصينة الراقية فلم تكتفِ بجمال الشكلِ وأناقة المظهر بل عمِلت على صقلِ تجربتها وتطوير مهاراتها وأقامت شراكةً إنسانيةً وأُسريّةً جميلة مع المُمثل البارِع والنجم المحبوب "عابد فهد". "بيتُ القصيد"، بيت المبدعين العرب يُسعَدُ باستقبال الإعلامية السورية اللامعة "زينة اليازجي"، أهلاً وسهلاً بكِ، شرّفتِ "بيت القصيد"
زينة اليازجي: تسلم يا "زاهي"، شكراً جزيلاً. شكراً على المُقدِّمة. أنا أعرف أنّ كلّ ضيوفك يشكّرونك على المُقدِّمة لكن بالفِعل هي "المزهريّة" في "بيت القصيد" وأنا أشكُرك كثيراً على الاستضافة
زاهي وهبي: أهلاً وسهلاً، نحن نعتزّ بكِ ودائِماً أنا أقول أنّ المُقدِّمة هي عبارة عن أحدهم يقف على الباب ويستقبل زوّاره، هي الـ أهلاً وسهلاً وهي صوغ للمحبّة بكلمات. نُصيغ المحبّة بجمل وعبارات
زينة اليازجي: مرسي، مرسي، بكلمات "زاهي وهبي"
زاهي وهبي: تسلمين لي. أولاً، فلنتحدّث عن علاقتكِ بـ (بيروت). كيف هي علاقتكِ بهذه المدينة؟
زينة اليازجي: علاقتي لها عدّة أشكال "زاهي"، أولاً علاقتي كسوريّة بـ (بيروت)، (بيروت) الأضواء، (بيروت) الأنوار، الإعلانات، الإبهار، الانفتاح، التعدّد، كلّ شيء. التعدّد السياسي والتعدّد الفِكري والتعدّد البشري إذا أردت. وأيضاً عندي العلاقة التي أتت بعدها عندما درست في الـ L.A.U، الجامعة اللبنانية الأميركية، كطالِبة. كانت علاقة، أتذكّر في البداية أنني بدأت في الـ A.U.B. للحقيقة، وكنت صغيرة وكانت المرة الأولى التي أسمع هذه النقاشات الفكرية بين الطلّاب في الـ A.U.B.
زاهي وهبي: نعم، والجدل السياسي
زينة اليازجي: هذا من الحزب القومي وذاك من الحزب الاشتراكي وغيره، كانت أخّاذة، رائِعة، وقلت في قرارة نفسي: هلّ يُمكننا أن نحكي هكذا؟ هل يمكن للمرء إلى هذه الدرجة أن يُعبِّر عن أفكاره بهذا العُمر الصغير وهناك هذا الصراع والنقاشات الحادّة فقط، هو نقاش فكري أيضاً ولم يكن أيّ شيء آخر وليتنا بقينا هكذا. بعدها كانت للمرة الأولى علاقة الغُربة، كانت المرّة الأولى التي أترُك فيها أهلي
زاهي وهبي: نعم
زينة اليازجي: فكانت قاسية قليلاً
زاهي وهبي: خصوصاً في عُمر عندما يكون الإنسان لا يزال على مقاعِد الجامعة ولا يزال في بداية الشباب، خرج من المُراهقة، يُغادر المُراهقة ويدخل في سنّ الشباب
زينة اليازجي: صحيح ويكون خارِجاً من دفء البيت والراحة وأمان الأهل وأمان (اللاذقية) وأمان (سوريا) ويأتي إلى غربة لوحده وعليه أن يتصرّف
زاهي وهبي: اليوم كيف هي علاقتكِ؟
زينة اليازجي: اليوم علاقة القُرب، عندما آتي إلى (بيروت) أشعُر بأنني اقتربت من بلدي
زاهي وهبي: خصوصاً وأنّ جزءاً من شغل "عابد" زوجكِ، في أحيان كثيرة يكون التصوير هنا في (لبنان)
زينة اليازجي: أتعرِف؟ معك حق. شغل "عابد" أعطاني نظرة جديدة لـ (لبنان). "عابد" يحتفون به كثيراً للحقيقة في (لبنان) وشغله صار فيه علاقة عضوية مع البلد ومع الأشخاص ومع العالم، فصارت للحقيقة علاقة سعادة عندما آتي وأكون مسرورة حين أراكم وأرى البلد
زاهي وهبي: ماذا بقي من (اللاذقية)؟ ماذا تحملين منها؟ أبرز ما في وعيكِ ووجدانكِ ويظلّ معكِ في الحِلّ والترحال؟
زينة اليازجي: (اللاذقية) أهلي، ذكريات حلوة
زاهي وهبي: ماذا؟
زينة اليازجي: نعم، فقط دقيقة
زاهي وهبي: أنا أحترِم تأثُّركِ. دعينا
زينة اليازجي: دعنا نتحدّث لاحقاً
زاهي وهبي: دعينا نذهب إلى (جبيل)، من (بيروت) و(اللاذقية)
زينة اليازجي: أجل دعنا نكون في (جبيل)
زاهي وهبي: إلى (جبيل)، نراكِ في علامة فارِقة ثمّ نعود إلى الأستديو
علامة فارِقة
زينة اليازجي:
- الآن نحن في (جبيل)، هذا يعود ويضعني في مكاني الطبيعي إذا أردت. عن جدّ اشتقت، الآن حينما جلست هنا أحسست بأنني مُشتاقة، مُشتاقة لنفسي، مشتاقة للسماء الزرقاء ومُشتاقة للبحر الأزرق، مُشتاقة للأخضر الحقيقي الطبيعي، مُشتاقة للجبل، مُشتاقة للعالم الطبيعيين حيث ليس كلّ شيء مُنظّم ومُرتّب
- حنين مجبول بالشجن، بالخوف، ممكن أن يكون كلّ شيء راح، ربما ألّا أعود وأرى (اللاذقية) بعيون العالم، سعيدين مُرتاحين مُستقرّين متأمّلين بغدٍ أفضل
- (سوريا) فيها الكثير من المُبدعين، فيها الكثير من الكُتّاب، فيها مسرحيون، فيها دراميون، سيناريست، رسّامون، كلّهم يُقدّمون حلولاً للحياة وهي ليست فقط عن كيف أُريد أن أُحارب أو كيف أُريد أن أقطن، لا، كيف أُريد أن أعيش، حلول في نُسَخ جديدة للحياة لكن أين الإعلام منهم؟ هؤلاء المبدعون كنز وجوهر (سوريا)، جوهر الشخصية السورية أصلاً
- يشغل رأسي الغد وفي أين سأكون، كيف سيرجع بلدي؟ سأجد وطن آخر؟ سأجد مكاناً آخر؟ الشغل يشغُل لي بالي، ما هي الخطوة المقبلة؟ مهنياً أين سأكون وكيف سأقوم بمهنتي ومع من؟ "زينة" الإعلامية انتهت أم هي استراحة وسنعرِف كيف سنعود ونبدأ؟
- غداً من اللازم أن يكون جيّداً، ليس خياراً ألّا يكون جيّداً ونحن محكومون بالأمر، هذا قرارنا وقدرنا من اللازم أن نكتبه نحن بيدنا وغداً من اللازم أن يكون أحسن إذا أراد الله
- ظللت أسأل نفسي، أنا أخاف أو لا أخاف؟ أنا أحد شُجاع أم جبان؟ هذا جعلني أُعاود وأسأل نفسي. ولا مرّة سألت نفسي إن كنت شجاعة أم جبانة. عادةً أتصرّف حسب الظرف لكن أنا أعتقد أنّ علاقتي بالخوف هي علاقة حديثة بسبب الظروف التي صارت في البلدان كلّها، في المُواطن العربي
_ إذا أردت أن أتحدّث عن سيرتي المهنية مُعظم اللقاءات التي أجريتها ما زالت مع أشخاص موجودين على قيد الحياة وما زالوا في عزّ قوّتهم، وأنا إذا أردت أن أكتب سيرتي على أن أقول الحقيقة والحقيقة ربما اليوم لا تمرّ لكن سأكتبها في يوم
- حلمي أن أصير مُحامية، كنت دائماً أشعُر، وأنتِ تعرفين هذه الأحلام الكبيرة عن الحقّ والعدل وأنّه من اللازم أن يقف أحدهم مع الناس، من اللازم أن نسأل، من اللازم أن نحكي، لكن رويداً رويداً تبلور هذا الحلم بشكلٍ قريب. أنا أشعُر بنفسي ما زلت مُحامية لكن بالكلمة، في الإعلام، في التلفاز
- ما الذي لم أعد قادرة على تحمّله في الإعلام؟ أنه لا رائِحة له ولا لون. ربما لا! أتعلمين؟ له رائِحة، له رائِحة العداوة ورائِحة الدم والكراهية، وليس هذا الذي من اللازم أن نتحدّث فيه، هناك أشياء أساسية من اللازم أن نحكي فيها، وهناك أمل وهناك تسامُح وهناك أفكار لها علاقة بالشارِع وبالشباب وبالأولاد وبالكبار، هناك حلول، لماذا نذهب إلى المُشكلة ونغرق فيها؟ من اللازم أن يكون عملنا أن نبحث عن الحلّ. أحلى ما في البحر أنه يسع كلّ الحزن ويعود ليعطينا الفرح
زاهي وهبي: على سيرة الحياة وأهداف الحياة ولماذا يأتي المرء إلى الدنيا، هلّ حقّقتِ أهدافكِ الأساسية في الحياة؟
زينة اليازجي: سؤال كبير جداً ولكن أنا أعتقد أنه في كلّ مرحلة عُمرية وفي كلّ مرحلة مهنية تتجدّد الأهداف. يعني أنت أهدافك كطالب تكون أن تكون جاهزاً، أن تكون متألّقاً، أن تشرب المعلومات بطريقة صحيحة. بعدها تُصبِح أهدافك في المهنة وفي البدايات أن تُعلِّم وأن تقول أنا موجود وعندي رأي وعندي فكرة وعندي طريقة. بعد ذلك، بعد فترة تصير تُريد أن تقول، أنا نجحت في هذه الطريقة، استطعت أن أتميّز، استطعت أن أُدافع عنها رغم الظروف، رغم الاختلاف، رغم المنافسة إلى آخره. وطبعاً كشخص يكون عندك أهداف، كأُمّ عندي أهداف، كزوجة عندي أهداف، كإنسان
زاهي وهبي: من أجل هذا أنا قلت الأهداف الأساسية في الحياة
زينة اليازجي: إنسانياً أعتقد، أشكر الله. يعني حقّقت أن أتمكّن من أن أقوم بهذا التوازن بين المهنة والبيت. أهدافي الكبيرة أنّك تترُك بصمة بالفِعل لا تكون عابرة، أعتقد هذا حلم الجميع
زاهي وهبي: سنعود لاحقاً إلى البيت وإلى الأُسرة، ولكن هلّ توجد وصفة للإعلامي الناجح؟ هلّ توجد وصفة يتمكّن فيها الإنسان من أن يشتغل على أساسها لينجح في مجال الإعلام؟
زينة اليازجي: هناك وصفة أنا أعتمدها
زاهي وهبي: وهي؟
زينة اليازجي: التي هي الطريق المُستقيم
زاهي وهبي: نعم
زينة اليازجي: التي هي أن تأتيكَ الفُرَص ولكن أنتَ يجب أن تكون جاهزاً. التي هي مقاومة الإغراء لسهولة الطُرُق الأُخرى
زاهي وهبي: دائماً في الشُهرة منزلقات مهما كانت، إعلام أو فنّ أو تمثيل، يعني شهرة الإنسان
زينة اليازجي: الشهرة والنجاح. أنت اليوم تكون تمشي في طريق وعندك طريق Short Cut، طريق مُختصر بأساليب عديدة. أن تُحافِظ على صيغتك هذه بالنسبة لي مُقاومة، هي هدف حقيقي، وأكيد أن تؤمن بما تقوله، أن تُحاول أن تكتشف وتظلّ تُحاول، أنا بالنسبة لي صيغة "زينة" هي المعرِفة. أنا شغلي كإعلامية أن أُعلِّم، وحتّى أُعلِّم عليّ أن أتعلّم، أتعلّم المعلومة، أتعلّم كيف أسأل، أتعلّم الخطأ من الصحّ، أتعلّم كيف أسبُر السياسيين أو المُفكرين وإلى آخره، وهذه تجربة. أنت لا تصل إلى نهاية "زاهي"، هل تصل؟ لا تصل
زاهي وهبي: لا طبعاً
زينة اليازجي: التجربة هي طريق
زاهي وهبي: الحياة لا يتخرّج منها الإنسان
زينة اليازجي: طبعاً
زاهي وهبي: إلّا لا قدَّر الله بالموت، عندما يموت يتخرّج
زينة اليازجي: أنت طوال الوقت في حال تجربة
زاهي وهبي: الذي يستعرِض تجربتكِ الإعلامية يشعُر أنّكِ كثيرة التنقّل بين المؤسسات الإعلامية، من "رويترز" إلى الـ AP إلى مراسلة لـ CNBC في (سوريا) إلى التلفزيون السوري إلى "العربية" إلى "دبي" إلى "سكاي نيوز" ولا ندري بعد ذلك إلى أين. هذا الترحال أليس مُتعباً؟ أم لا، خبرات واكتشافات
زينة اليازجي: هذا أكيد مُمتع. أولاً الترحال في رأيي كصحافية كان جيد جداً لأنه أُتيحت لي فُرصة أن أبدأ في وكالات الأنباء لأتعلّم صوغ الخبر. وكالة الأنباء هي صوغ الخبر بحيادية تامة، بموضوعية، وهذا درس وضعناه جانباً. هي عبارة عن أنك تبني نفسك كجدار، كلّ طوبة، كلّ مرحلة وكلّ محطّة كانت عبارة عن لبنة، عن جزء من هذا الجدار. في "رويترز" تعلّمت، في الوكالات كما قلت لك، الحيادية. في التلفزيون السوري تعلّمت أن أرى بلدي كإعلامية وهذا كان جداً ممتعاً، ليس كمواطنة وليس كـ "زينة" ولا بنت (اللاذقية)، لا، كإعلامية أُساهِم في أفكار، في إنارة أفكار في البلد. في "العربية" تعلّمت وكانت أول تجربة مهنية، "العربية" جداً مهنية واعتمادها على الـ MBC. عندك System أخباري مُتخصّص سياسي، عندما انضممت إليها علّمتني كيف أكون Professional، أن أكون مهنية
زاهي وهبي: في الـ CNBC
زينة اليازجي: لا، أتحدّث عن "العربية". وفي "العربية" أمضيت ثماني سنوات وكوّنت صداقات وكوّنت عائِلتي وتعرّفت على (دبي) وتعرّفت على طريقة الحياة التي أنا فيها. في الشارع العربي، حقيقةً كان "زاهي" مُمتِع جداً العمل لأنّني طوال الوقت كنت أمكث في الأستديو كمذيعة أخبار رئيسية في "العربية". بعد ذلك تكتشف أنّ هذه القصص التي نحكيها فيها وجوه وفيها قصص، لها رائِحة، لها طعم مُختلف عندما تنزل إلى الشارع، وتحديداً في فترة يكون الشارع فيها يمُوج. في "سكاي نيوز" اجتمعت كلّ هذه الخبرات لكي أتمكّن من أن أمكث أكثر بصراحة في برامج مع صانعي القرار، الذين في يدهم الفِكرة والمفتاح
زاهي وهبي: فقط أُريد أن أتوقّف عند نُقطة المهنيّة. كم يُمكننا أن نتحدّث عن مهنيّة المؤسّسات الإعلامية العربية في المُطلَق. أعلم أنّه ليس من السهل على الإنسان أن يتحدّث عن مؤسّسة هي جزء من تجربته ومن حياته، لكن مع الصراع الذي انفجر تحت يافطة "الربيع العربي"، كم ما زال يُمكننا أن نتحدّث عن مهنية عندما تحوّلت وسائِل الإعلام إلى أدوات في الصراع؟
زينة اليازجي: للحقيقة "زاهي"، أنا معك أننا اليوم ليس في إمكاننا أن نتحدّث عن محطّة ونستثني أُخرى لأنه للأسف، الإعلام العربي بمُجمله من دون استثناء أبداً، وهذا للأسف لأنّ هذا كياني، هذا هو المكان الذي أشتغل فيه وهذا حلمي، الإعلام العربي هو حلمي. ولكن للأسف، تحوّل إلى إعلان على مُستويين في رأيي، على مُستوى السياسة تحوّل إلى إعلان حرب. إعلان عسكري، إعلان حرب
زاهي وهبي: نعم
زينة اليازجي: وعلى مُستوى الـ Entertainment تحوّل إلى إعلان تجاري
زاهي وهبي: صحيح
زينة اليازجي: يمكننا أن نُفصِّل كثيراً لكن أنا أضع هذين العنوانين، مع أنه صارت قليلة جداً فرص الإعلام الحقيقي
زاهي وهبي: هلّ تعتقدين أنكِ دفعتِ ثمن عدم انخراطكِ في هذا النوع من الإعلام؟ عدم انخراطكِ في حملات ضدّ بلدكِ، ونحن نعرِف خصوصاً في البداية كم (سوريا) كانت تحت المجهر السياسي والإعلامي وللأسف كما تعلمين، العسكري والأمني والحربي إلى آخره
زينة اليازجي: أنا أعتقد أنني دفعتُ ثمن خياري
زاهي وهبي: نعم
زينة اليازجي: هذا خيار كان. في الموضوع السوري لا يوجد أحد لم يدفع الثمن، الثمن جلل كان لكلّ السوريين
زاهي وهبي: وخصوصاً الضحايا الذين ماتوا والذين جُرِحوا والذين خُطفوا والذين تدمّرت
زينة اليازجي: في الحقيقة، أنا اليوم أخجل أن أقول أنني دفعت الثمن لأنه كان خياري في النتيجة وأنا استطعت أن أُكمِل طريقي من بعده بخيارات مهنية أُخرى. لا أعلم، إذا أنا سأقول دفعت الثمن ماذا سيقول، كما أنت تقول، اللاجئ أو الشهيد أو الذي يمكث في البلد أو الذي تهدّم منزله
زاهي وهبي: هناك أُسرٌ بكاملها أُبيدت، هناك منازل فيها أربعة أو خمسة شُهداء في كلّ منزل
زينة اليازجي: أجيال، بالضبط. يكفيك اليوم أنّه لا يوجد تعليم يكفي نسبة النازحين الذين في داخل البلد. الثمن كان كبيراً على الكلّ، ولكن أنا كان خياري "زاهي"، وما زلت إذا أراد الله، ما زلت مُصرّة عليه، أنني لن أشترِك في معارِك. ليس عملي أن أُحارِب، أنا إعلامية أفتح حوارات، أسألك وأتحدّث معك. عندي عقلي لأُشغِّله وعندي قلبي لأحسّ فيه، عندي هدف إنساني حقيقي وليس كلاماً نموذجياً. إذاً نحن الإعلاميون لم نعرف أن نجد هذه المساحات المُشتركة بين المُتحاربين، من سيجدها؟
زاهي وهبي: نعم. قلتِ في فترة ما سُمي بـ "الربيع العربي" أنّ كلّ إعلامي موضوعي واجه مُشكلة أو تحدّي، قرأت ذلك في حوار صحافي مع حضرتكِ. ما هي أبرز التحديات أو المُشكلات التي واجهتِها في السنوات العجاف دعيني أُسميها، العجاف على وطننا العربي ولكن في (سوريا) أكثر مأساوية القصص وفي (العراق) وفي (اليمن) وفي (ليبيا)
زينة اليازجي: أعتقد أنّ أهمّ تحدّ على المُستوى المهني هو أن تعرِف الحقيقة، يعني بالفعل ما الذي يجري، كيف بدأ ولماذا بدأ، أين الحقّ وأين الباطل، أين المُحِقّ وأين الظالم، أين المُدافِع وأين المُعتدي. أسئِلة كبيرة حقيقية كانت. على المُستوى الإنساني الخوف "زاهي"، الخوف
زاهي وهبي: قبل أن أرجع إلى الأسئِلة المهنية التي هي في صلب المهنة، ولكن إنسانياً "زينة" كمواطنة، كإنسانة، كإعلامية، كيف وقع عليكِ ما أصاب (سوريا)؟ كيف تُتابعين وتابعتِ على مدى سنوات ما تعرّضت له (سوريا)؟
زينة اليازجي: "زاهي"، أنا أعتقد أنني كنت دائِماً أبحث عمّن يطرح فكرة الحوار والشراكة في الوطن. أبحث عن الذي لم يحمل السلاح، لم يستسِغ قتل أخيه السوري أو أُخته السورية، لم ترِق له فكرة الدمّ أو الهدم. من كان يطرح فكرة أنّه في إمكاننا أن نحيا مع بعضنا البعض وأنّ الوطن يسع الكلّ وعندها يكون بالفِعل هذا وطني ووطنك ووطننا جميعاً، دائِماً كان هذا الهدف. يُحزنني، أتذكّر كنت أُقدِّم النشرة وبالفعل أعود مهزوز كياني، كنت أزعل، كنت أبكي، كنت أبحث على الأشخاص الذين عندهم نفس الصيغة التي أتحدّث فيها لكي يكونوا معي ضيوفاً ومن الممكن أن يكونوا يطرحون حواراً. كنت دائِماً أسال، هلّ أنت سعيد؟ هلّ أنت مُقتنِع؟ هلّ لديك خيار؟ هلّ لديك بديل آخر؟
زاهي وهبي: نعم، تحاولين أن تلعبي دوراً إيجابياً يمكنني أن أقول؟ ألا تنخرطين في التحريض، ألّا تنخرطين في الفتنة، ألّا تنخرطين بكلّ هذه المسائِل
زينة اليازجي: صحيح، أنا في طبيعتي شخص غير عنيف، أنا شخص لا أُحبّ المعارِك ولا العُنف. أكيد أُدافِع عن نفسي، أكيد، ولكن أُدافع عن نفسي بالعقل وبالفِكر وبالتنوير وليس بأن أنخرِط في ظلام أو في الدم، وأشعُر بأننا كمواطنين سوريين وكمواطنين عرب لنا الحقّ في الحياة
زاهي وهبي: على كلّ حال مُجتمعاتنا العربية على اختلافها ربما تحتاج إلى تنوير أكثر بكثير مما تحتاج إلى تثوير. ربما الثورة أو التثوير في مُجتمعات غير متنوِّرة تقود إلى ما قادت إليه
زينة اليازجي: صحيح
زاهي وهبي: سأُتابع مع حضرتكِ ولكن إسمحي لنا أن نتوقّف مع موجز إخباري سريع ثمّ نُتابع "بيت القصيد"
المحور الثاني:
زاهي وهبي: مُشاهدينا، نُتابع "بيت القصيد" مع الإعلامية السورية السيّدة "زينة اليازجي". "زينة"، لنرجع ونتحدّث مهنياً ونستفيد من تجربتكِ لو سمحت. كنّا نتحدّث عن الأستديو وعن الشارِع. أين وجدتِ العمل أمتع؟ أين استفدتِ أكثر بصراحة؟ داخل الأستديو قراءة أخبار وأحداث وحوار ربما أحياناً مع السياسيين أو الاحتكاك في الناس وفي نبض الشارِع؟
زينة اليازجي: عندما تكون في الأستديو "زاهي" تكون في المطبخ وهذا مُهمّ لأنك تكون على اضطلاع عام وتعرِف كلّ الأخبار وكيف تأتي ومن أين تأتي ومراسليك، فتشعُر بأنّك في مكان مُشرِف على الأخبار وتعرِف أكثر عن الأحداث، لكن بكلّ تأكيد الاحتكاك بالشارع يعيدكَ إلى الأساس، يُذكِّرك لماذا أنت أصلاً اخترت أن تكون إعلامياً في كلّ الأبعاد، في قصص النجاح، في قصص الحزن، في أحلام الشارع. اليوم هناك في رأيي جزء كبير من الشارع العربي خارِج الإعلام، لا نجده ولا على محطّة، مع كلّ توجهات "العربية"
زاهي وهبي: أنا مثلاً أسمح لنفسي أن أقول بأنني أشعُر أنّ مُعظم القضايا الجوهرية للمواطن العربي غائِبة عن الإعلام
زينة اليازجي: بالضبط
زاهي وهبي: الفقر، الأُميّة، البطالة، المذهبيّة، لا أحد يطرحها بمعزل عن أجندات سياسية
زينة اليازجي: من أجل هذا قلت لك، تحوّل إلى إعلان، إعلان حرب. ماذا يعني إعلان حرب؟ يعني لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، صحيح ولكن هذا في أرض المعركة. أمّا الإعلام في رأيي، ليس من مهمته أن يكون جزءاً من المعركة، مهمّته أن يرعى المواطن، أن يكون الصوت للمواطن، أن يُحاكِم السياسي، أن يُحاكم الخيارات السياسية
زاهي وهبي: لكن كيف لا يكون جزءاً من المعركة؟ الإعلام هو أحد أهمّ الأسلِحة
زينة اليازجي: جزء من المعركة ولكن ليست الحربيّة
زاهي وهبي: نعم
زينة اليازجي: معركة العقل، معركة الخيارات. أنا اليوم، هلّ يُعقَل أنّ كلّ مُجتمعاتنا العربية وكلّ خياراتنا السياسية إمّا قاتِل أو مقتول؟ دائماً توجد فِكرة العداء؟ أين الانسجام؟ أين التآخي؟ أين المصالِح المُشتركة؟ أين مُستقبلك؟ الشاب العربي اليوم في كلّ أصقاع البلدان العربية، اسمع مُشكلاته، اسمع أحلامه، اسمع خوفه "زاهي"، هو نفسه، ولكن تسمعه على الـ Social Media، تسمعه في بيته، تسمعه في الإعلام
زاهي وهبي: مُغيّب. على سيرة الـ Social Media، أتعتقدين أنها سحبت البساط من تحت أقدام الإعلام التقليدي؟
زينة اليازجي: والله أنا أُهنِّئهم، هناك الكثير من الإعلاميين في الحقيقة يخافون من الـ Social Media ويقولون أنّ الـ ٍSocial Media هو خطَر يتهدّد الإعلام التقليدي الذي نحن نعمل فيه. أمّا أنا أرى أنه لا، أقول على العكس، لو لم نُقصِّر، لو لم نخلُق الفراغ لما مُلئ بالـ Social Media. الـ Social Media تملأ الفراغ بصوت الناس، بصوت الشعب، بصوت المواطن وهذا واجبنا ونحن في إمكاننا أن نلعب هذا الدور
زاهي وهبي: ربّما تسييس أيضاً الإعلام التقليدي واستخدامه كأداة للصراع وتغييبه للقضايا الجوهرية، تعتيمه على كثير من القضايا، إثاراته للفِتَن الأدبية والطائِفية ساهم في تراجُعه وتقدُّم الإعلام البديل كما يُسمّى. حسناً، لو سمحتِ لي، بما أننا نتحدّث عن الإعلام، دعينا نسمع رأياً في تجربتكِ من أحد نجوم الإعلام العربي ووجوهه البارِزة، الإعلامي الزميل والصديق العزيز "نيشان"
كلام يوصل
نيشان ديرهاروتيونيان – إعلامي: "زينة اليازجي" صديقة وأحترِم فيها فنّ الإصغاء. عندما نكون نتجالس تعيرني كامل اهتمامها. صادقة جداً ويلفتني اهتمامها بشخصها كأُمّ، الهمّ الذي كابدته كأُمّ، حياتها كلها تتمحور حول "عابد" وأولادها الاثنين وأهل "عابد" وأهلها هي. فُجِعَت بموت أبيها في الفترة الأخيرة ولكن دائِماً المحور الأساس هو العائِلة، التكاتف. تتحدّث دائِماً عن (دبيّ) كما أعتقد كوطن بديل، ولكن (اللاذقية) دائِماً في قلبها و(الشام) نبض روحها. تأسرني كإعلامية، هي من الإعلاميات الزميلات اللواتي يُناهضن جعل المرأة شيء وسلعة. هذه الامرأة المُثقفة الجميلة ولكن دائِماً عندها حزم عندما تكون تُحاور رؤساء دول مسؤولين، وزراء وأُمراء، حكّام، دائِماً عندها موقف ثابت يقول، " أنا أُحاورك كمهنية كإعلامية، كمُحاورة، فأرجوك أُنظر إليّ كمهنيّة ولا تنظر إليّ أبداً كأُنثى أو امرأة جميلة شقراء وعيناها ملوّنتان". أخبرتني مراراً عن مواقف حدثت مع مسؤولين كانت تُحاورهم وكم كانت صارمة وحازمة. تأسرني مواقفها الهادِئة، "زينة" هادِئة جداً وتغلي من الداخل، لكن أُحبّ جداً غيرتها على زوجها وغيرتها على مِهنة زوجها وعلى نجاح زوجها، يتشاطران الأفراح والأتراح. شخصياً، عندما أتحدّث معها عن المهنة أرتاح لأنها من القلائِل الذين أستطيع أن أبوح أمامهم بكلّ شيء وأتعرّى من كلّ أقنعتي، وعندما ينتهي اللقاء أو الغذاء أو العشاء أو فنجان القهوة، عندما ننتهي يكون كلّ واحدٍ منّا عنده القيمة نفسها والمقدار نفسه والنظرة نفسها للآخر، هذا ما اُحبّه في "زينة اليازجي". سأطرح عليكِ "زينة" سؤالين، السؤال الأول يتعلّق بمهنتكِ. عندما انتقلتِ من شاشة "العربية" إلى شاشة "دبي" إلى شاشة "سكاي نيوز"، أعلم أنكِ سُئلتِ كثيراً عن سبب انتقالاتك واكتفيتِ باليسير من التبرير ولكن ما خُفِيَ أعظم. هلّ أنتِ اليوم مُستعِدّة لتتحدّثي عن هذا الأعظم؟ سؤالي الثاني عن "عابد فهد"، هناك إجماع عربي من النُقّاد والمُشاهدين بأنّ في خارطة الدراما السورية "تيم حسن" هو الأول ويتصدّر المشهد. هلّ "عابد فهد" أيضاً هو من الأوائِل؟ أو هو ثانٍ؟ ما هو تقييمكِ؟ أين يقف "عابد فهد" على خارِطة البرامج الرمضانية والمُسلسلات الرمضانية؟ كمُشاهِدة وكزوجة
زاهي وهبي: شكراً لـ "نيشان"، ما قاله عنكِ حلو جداً. السؤال الثاني عن "عابد" دعينا نؤجّله قليلاً
زينة اليازجي: لا يُمكنه ألّا أن يشتغِل "نيشان"
زاهي وهبي: ولكن السؤال الأول، هو وفَّر عليّ للحقيقة أن أطرحه، من أجل هذا لم أطرح قبل قليل سبب انتقالكِ، ودعيني أُركِّز على الآن، راهناً "سكاي نيوز". "العربية" بسبب الظرف العام، وتحدّثنا قبل قليل عن السبب وهو عدم رغبتكِ في أن تكوني جزءاً من هذه المعمعة العالمية التي حصلت، لكن تركك لقناة "سكاي نيوز" كان مُفاجئاً
زينة اليازجي: للحقيقة "زاهي"، مع "سكاي نيوز" كان الموضوع إدارياً أكثر من أي شيء آخر
زاهي وهبي: هلّ كان صداماً مع مُدير القناة؟
زينة اليازجي: كان نوعاً مما أسميته نجاحاً مبتوراً. كان هناك قرار بأنّ هذا البرنامج، برنامج "بصراحة"، لا يُستكمَل. القرار بالنسبة لي لم يكن للحقيقة مفهوماً. لا عندي شرح لأقول لك ولا أُخبّئ، أنا بالفعل لا شرح عندي، وبعد ذلك وصلنا إلى مرحلة أنّه صار في الإمكان للطرفين الاستغناء عن بعضهما فاستغنينا
زاهي وهبي: قال لكِ "نيشان" أنّكِ قلتِ أنّ ما خُفيَ أعظم. هلّ جاء وقت البوح بهذا الأعظم أم لا يزال مؤجلاً؟
زينة اليازجي: من يومين إلى الآن؟ لا تزال القصة بعيدة عن ذلك الآن لكن أنا أكتفي أعتقد بثقتي بذكاء المُشاهِد والمُتابعين والمُحبّين وحتّى غير لمُحبّين. الظرف الذي تجوّل على البلدان العربية للحقيقة زاح عنّي همّ أن أشرح، صار مشروحاً ولا داعي للشرح. وكان أيضاً ما قمت به بعد "العربية" أيضاً كان قد شرح موقفي. أنا كنت أُريد أن أتحاور، أُريد أن أحكي، أُريد أن أطرح كلّ وجهات النظر "زاهي" ولا أُريد أن يقول أحد هذه وجهة النظر
زاهي وهبي: لا تريدين أن تُردّدي فقط ما يُقال لكِ أو ما يُكتب أو ما يُملى
زينة اليازجي: بالضبط. هذا بلدي أوكي، هذا كياني، هذه هويتي، هؤلاء أولاد بلدي، وما جرى في (سوريا) كان ماذا سأقول لك، كانت الصيغة التي يُمكن أن تتكرّر في أيّ بلد آخر للأسف. فكان من الضروري في رأيي أن أقوم بواجبي الإعلامي الشخصي والمهني والوطني أيضاً. أن يكون في استطاعتي أن أحكي بخيارات بنّاءة إذا أردت أن أقول
زاهي وهبي: تعلمين "زينة"، أنا أكثر شخص مُمكن أن يفهمكِ. كلّنا الذين كنّا في قنوات وانتقلنا إلى قنوات أُخرى، من الصعب علينا أن نتحدّث مهما كانت الظروف آنذاك، أن نتحدّث بالسلبية عن مؤسسات عمِلنا فيها لسنوات. حتّى لو كان اصطدمنا في لحظة من اللحظات مع إدارة، مع مُدير، مع توجُّه، لكن لا يُمكنكِ أن تأتي بعد ذلك، عندما تتركين مكان العمل أن تبدئي
زينة اليازجي: شوف "زاهي" أتعلم لماذا؟ لأنّه صار
زاهي وهبي: الشخص الذي يحترم نفسه يحترم تجربته في كلّ الأمكنة التي اشتغل فيها
زينة اليازجي: أنا حتّى أحترِم الذين اشتغلت معهم
زاهي وهبي: هذا ما أقوله، احترام المؤسّسة، احترام الذات، احترام سنوات العمل
زينة اليازجي: بالضبط. أحترم النجاح، أحترِم المنصّة التي أعطوني إياها، أحترم الضوء الذي بنى إسمي وبنى سُمعتي عن طريق نِسب المُشاهدة العالية، لا يُمكنني أن أنكُر أبداً كلّ هذه الأشياء وأيضاً أنا لا أُحبّ نظرية المؤامرات
زاهي وهبي: نعم
زينة اليازجي: أنت مؤتمَن على شيء على الهواء، إن أعجبك ذلك استمرّ، لم يُعجبك بكلّ احترام تمشي وتبحث عن مكان آخر أو على مساحة يُمكن أن تُعبِّر عن نفسك أكثر فيها. أنا في رأيي، استغلال، إسمح لي، استغلال هذا الظرف والوقت، مثل لا سمح الله إذا كان هناك حادث وفاة، هذه لحظة جداً حسّاسة. هنا يُبان المرء الكريم من الداخل، ألّا تستغلّ الموضوع. ألّا تبني مجدك على لحظة هدم، كثيرون من الإعلاميين بنوا مجدهم على لحظة الأزمة
زاهي وهبي: بينما نحن نشأنا على مقولة واذكروا محاسن موتاكم، وهذا ينطبق
زينة اليازجي: مثلاً، هذا يأتي في سياق الفكرة. عليك أن تكون كريماً ونبيلاً وأنت اصنع خيارك. لا يُمكنني أنا أن أطلع وأقول الحقّ على هذه الجهة أو هذه الجهة
زاهي وهبي: دعيني فقط أسأل سؤالاً أخيراً عن "سكاي نيوز". أنا أيضاً مُحرَج أن أتحدث عن قناة أُخرى وأن يبدو وكأنني أُريد أن أنتزِع منكِ موقفاً ضدّ مؤسسة، الأمر أبداً ليس هكذا. لكن رُبِطَ خروجكِ من "سكاي نيوز" أيضاً بخروج زميلات لكِ، وهلّ كانت المسألة شخصيّة مع "زينة اليازجي" أم السوريات والسوريين في تلك المؤسسة الإعلامية؟
زينة اليازجي: لهذا أنا قلت لك أنني ضدّ نظريّة المؤامرة، أنا بالضبط كنت أتحدّث عن هذا الموضوع الذي صار معي، مرّة أُخرى أقولها، هو موضوع إداري شخصي
زاهي وهبي: مع السيّد "نارت بوران" الذي هو
زينة اليازجي: لا أُريد أن أذكُر أسماء لا بأس
زاهي وهبي: مدير المحطّة
زينة اليازجي: أنا أصلاً لا أعلم من صاحب القرار، أنت أحياناً لا تدري من صاحب القرار أو من أين أتت الرغبة أو كيف صارت الأمور. ما ألومه هو تركيبة الإعلام التي نحن نسمح فيه أن يكون فيه
زاهي وهبي: أمزِجة شخصية، أمزجة سياسية
زينة اليازجي: برفو، شكراً، ويكون هناك مُدراء غير
زاهي وهبي: نزيهين أو مهنيين دعينا نقول
زينة اليازجي: غير قادرين على تمييز اللمعة المهنيّة. اليوم نعم، إذا ذهبت "زينة" يُمكنني أن أُحضِر أحد غيرها وطبعاً لا أُريد أن أُقارِن نفسي بكَ، أنت قامة كبيرة لكن يُمكنني أن أُحضِر أيّ فلان، لا، ليس صحيحاً. أنت اليوم تتحدّث عن الإعلام وهو قيمة، هكذا يتفرّد الشخص، يتفرّد بثقافته وقدرته على المُحاورة
زاهي وهبي: لا شكّ في تميّزكِ "زينة"، وأنا حاورتِ شخصيات كبيرة ومؤثِّرة. من أبرز الشخصيات التي تعتزّين بها أو التي كانت إضافة للحوار معها في مسيرتكِ المهنية؟ حضرتكِ حاورتِ أُناساً مثل "كوفي أنان" مثل "ياسر عرفات" مثل "عبد الفتّاح السيسي" مع حفظ الألقاب للجميع
زينة اليازجي: طبعاً ما من شكّ أنّ كلّ شخص يُعلّمني شيئاً في تجربتي، إيجابي أو سلبي. ولكن كما تعرِف، نحن نحكُم على القصص تاريخياً، نُحبّ العظَمة أو القيمة التاريخية. أعتقد أنّ فكرة أنني استطعت أن أُحاور "غورباتشوف"
زاهي وهبي: نعم، الزعيم السوفياتي الأخير
زينة اليازجي: الأخير نعم، هو زعيم لبلد لم يعُد موجوداً
زاهي وهبي: لم يعد موجوداً نعم، والبعض يُحمّلونه مسؤولية انهيار الاتحاد السوفياتي
زينة اليازجي: طبعاً، بالضبط. ولكن "زاهي" في لحظة قلت له: "غورباتشوف"، كيف تُريد أن يذكرك التاريخ؟ "غورباتشوف" نفسه والاتحاد السوفياتي والحرب الباردة ونهايتها وإلى آخره. أدمعت عيناه وقال لي، أُريد من التاريخ أن يذكرني كرجُل طيِّب
زاهي وهبي: نعم
زينة اليازجي: كرجُل طيِّب؟
زاهي وهبي: أين؟ وهلّ في السياسة رجل طيِّب أصلاً؟
زينة اليازجي: هذه هي؟ وتعود أنت وتقول، الإنسان مهما كبر، مهما عمل، مهما خاض في النتيجة هو عبارة عن جوهر بشر مخلوق من التراب
زاهي وهبي: صحيح، ماذا يبقى في ذاكرتكِ من حواركِ مع وزير الإعلام المصري الإخواني الأُستاذ "صلاح عبد المقصود"؟ لا أُريد أن أقول ما هو التعبير الذي استعمله في الحوار معكِ ولكنه اعتُبِرَ في وقتها في الكثير مما كتبه أنّه تحرّش، نوع من التحرّش اللفظي على الملأ، على الهواء أمام
زينة اليازجي: شوف، أنا طالما أستطيع أن أُدافع عن نفسي لا أعتبره تحرّشاً، هو علِقَ مع الشخص الغلط للحقيقة. ففي لحظة، حينما قال لي بعدما قلت له: الآن عندي تقرير وأتمنّى أن أسمع منك ردّ الفعل عليه، قال لي: إن شاء الله لا يكون التقرير، بين قوسين، سخناً مثلكِ. فأنا أفهم اللهجة المصرية صحّ، وأنا في لحظة نظرت إليه وبالفعل لم يكن عنده أيّة نظرة خبيثة أو غير نظيفة تجاهي. ولكن الكلمة كانت ثقيلة، وإذا سمعها أحد كان لا بدّ من أن أردّ
زاهي وهبي: وهي ليست محلّها من رجل مسؤول ورجل وزير مع احترامنا لشخصه
زينة اليازجي: بالضبط. وما قاله "نيشان" جداً صحيح. أنا بالفِعل دائِماً
زاهي وهبي: كلّ سيدة جميلة تتعرّض، خصوصاً في مهنة فيها احتكاك مع
زينة اليازجي: صحيح، وأنا أراها في عيون من يجلس أمامي. في البداية أرى الحلم، بعده أرى أنني أجلس أمام أحد يُفكِّر، بعد ذلك لا، انتبه إلى نفسك، أنت تجلس أمام أحد عليك أن تفكِّر حين تجيبه This Is it، فأنا أعرِف أنّ هذا ما سيحدث لكن للحقيقة الكلمة كانت صاعِقة وكنّا على الهواء. لو لم أكن على الهواء معه لكنت بطبيعة الحال حذفتها لأنني لا أبغي لا الإثارة ولا هكذا أشياء. أصلاً أخجل أن يحدث هذا ولكن هذا
زاهي وهبي: ولكنه حصل
زينة اليازجي: حصل لسوء حظه
زاهي وهبي: نعم. سنُتابع مع حضرتك "زينة يازجي" ولكن نتوقّف مع استراحة سريعة ثمّ نُتابع "بيت القصيد"
المحور الثالث:
زاهي وهبي: مُشاهدينا الكرام، نُتابع "بيت القصيد" مع الإعلامية السورية المتألّقة "زينة يازجي". "زينة"، قبل أن نسمع الأُستاذ "عابد فهد" وما يقوله عن حضرتكِ وعن تجربتكِ وكيف يجدك، هلّ التمثيل وارِد بالنسبة لكِ؟
زينة اليازجي: لا أعتقد، لا
زاهي وهبي: لماذا طُرِحَ هذا الموضوع وحُكيَ فيه؟
زينة اليازجي: طُرِح وكنّا بالفعل نمزح أنا و"عابد"، كنا داخلين على الـ Red Carpet في مهرجان (دبي)
زاهي وهبي: مهرجان السينما
زينة اليازجي: فسألوه سؤالاً عن التمثيل وأخذ وقته الصحافي فأنا تدخّلت وقلت له، "أنا أريد أن أُمثِّل"، كانت في لحظة
زاهي وهبي: مزحة
زينة اليازجي: مزحة
زاهي وهبي: لكن إذا عُرِضَ عليكِ مثلاً عمل جدّي مُحتَرم
زينة اليازجي: أنا أعتقد أنّه طالما أنا أُريد أن أشتغل سياسة، من غير المقبول أن أكون ممثلة. إذا قرّرت أن أذهب على شكل آخر من الإعلام
زاهي وهبي: أليس راحة أكثر للرأس؟
زينة اليازجي: أي والله
زاهي وهبي: الآن "عابد" رأسه مرتاح أكثر منكِ
زينة اليازجي: أسلَم، أأمن، جماهيرية أكثر، شعبية أكثر، الناس لا يُحاسبونك، أصلاً ليس في إمكانك أن تُقرّر فيها
زاهي وهبي: تلبس شخصيات
زينة اليازجي: فقط تلبس شخصيات. لكن أعتقد أنني إعلاميّة أكيد أولاً
زاهي وهبي: إذا فكّرتِ في الموضوع، "عابد"
زينة اليازجي: بعد ذلك ماما الله يرحمها قالت لي، لا تمثلي
زاهي وهبي: نصحتكِ ألّا تمثلي، لماذا؟ الله يرحم والدتك ووالدكِ الذي توفّى منذ أشهر، العوض بسلامتكِ
زينة اليازجي: تِسلِم، شكراً
زاهي وهبي: أنا أتجنّب أن أسألكِ أسئِلة لها طابع
زينة اليازجي: والله أنا عاطفية كثيراً في هذه النُقطة، كثيراً، لأنها أثَّرت بي في طبيعة الحال. كلّ الأشخاص يكونون متعلّقين جداً بأهاليهم
زاهي وهبي: أنتِ لاحظتني، حتى حين الحديث عن (اللاذقية) غيّرت الموضوع
زينة اليازجي: نعم. أكيد أُحبهما طبعاً وأعتزّ بهما جداً، لكنني فخورة في الطريقة أيضاً
زاهي وهبي: التي ربّوكِ فيها
زينة اليازجي: التي استطاعا فيها أن يقيما هذا البيت ويربّونا بها. كان دائِماً هناك طيبة يا "زاهي" حقيقية في البيت لكن في نفس الوقت كان هناك دراية بما هو حولهما، أنت طيِّب ولكنك لست غبياً. لم يكن هناك أي شيء والشكر لله كنّا في حاجة إليه ولكن دائِماً لم نكن نتعامل على أساس أننا محظوظون أو لنا حظ أو في أيّ نوع من عدم الإحساس بالآخر. كان هناك عِلم في البيت مُهم، بابا كان دكتوراً وماما خرّيجة (السوربون)، كان مهماً لكنه كان قاسياً، لا مزاح عندنا
زاهي وهبي: على كلّ حال يُقال " من خلّف لم يمُت"، والعزاء بأُسرتكِ الجميلة، بـ "ليونا" وبـ "تيم" الله يخليهما وبـ "عابد". هلّ يُشجِّعك "عابد"؟ يُمكن أن يوافق إذا أنتِ أحببتِ أن تأخذي مجال التمثيل؟
زينة اليازجي: حتّى "عابد" أشعُر به متردّداً
زاهي وهبي: يعرف البئر ويعرِف غطاءه
زينة اليازجي: ربما لأنّه يحسّ بأنني كإعلامية، هذه صورتي، هذه أنا وهذا نجاحي
زاهي وهبي: وربّما أيضاً من تجربته يعلم كم هناك مشقّة في عالم التمثيل والتصوير
زينة اليازجي: نحن عندنا مشقّة أيضاً "زاهي" قويّة جداً خصوصاً، أنا مثلاً في برنامج "بصراحة" كان عليّ في كلّ أُسبوع أن أُسافر لأربعة أيام خارج المنزل، أعتقد خوفاً على ما حقّقته الآن، أو سأكون في دور جداً مُميّز وجدّي كما قلت وراقٍ، هادف، لذلك سأُحوّل أي مسلسل سأشتغله إلى سياسي، إذاً من دونه
زاهي وهبي: دعينا، قبل أن نطرح سؤال "نيشان"، ثاني سؤال حول "عابد فهد"، دعينا نسمع "عابد" وما يقوله عن حضرة جنابكِ
زينة اليازجي: هيّا
كلام يوصل
عابد فهد – فنان: الحديث عن "زينة" يطول كثيراً. "زينة" الإنسانة التي تُفكِّر بغيرها قبل أن تُفكِّر في نفسها، همّها العائِلة، همّها الآخرون ووجع الناس. تُسافر إلى كلّ أنحاء العالم لكي توصِل كلمة الناس المُشرّدين والفُقراء الذين لا تصل كلمتهم. "زينة" إنسانة بكلّ معنى الكلِمة، هي الحبيبة والزوجة والأُمّ والمُفكِّرة والعقل. للحقيقة يعجز اللسان وخاصةً أنا، أنا أعرِفها جيداً جداً وأعرِف كم هي شغوفة وكم عندها حلم كبير لا ينتهي، ترى الإعلام بعين نظيفة. كإعلامية "زينة" أنا أشتاق أن أراها على التلفزيون، مشتاق أن أُشاهِدها وهي تتحدّث سياسة، وهي تُحاور سياسياً كبار الزُعماء الذين مرّوا وعبروا معها في "الشارع العربي" و"بصراحة" وكبار المسؤولين. ليس لأنني أعرِف "زينة" جيّداً وأنا قريب منها، أنا أُصدِّق "زينة" حين تُجري حواراً سياسياً وهذا أهمّ شيء. لأنني أُصدِّق "زينة" حين تُجري حواراً سياسياً أتمنّاها أن ترجع، أشتاق أن أراها في الفضائيات وأنا لا أعرِف إذا كان عندها رغبة في العودة، وهذا هو السؤال الذي أُحب أن أوجّهه. السؤال هو، هلّ لديكِ الرغبة في العودة إلى المنابر الإعلامية؟
زاهي وهبي: هلّ لديكِ الرغبة طبعاً. ما يقوله "عابد" عنكِ واضح في حبّه بثقة واحترام وبإعجاب لتجربتكِ وليس فقط في شخصكِ الكريم. الكلام والتصوير في موقع مسلسل "طريق"
زينة اليازجي: صحيح
زاهي وهبي: هذا المُسلسل الناجح الذي عُرِضَ على الشاشات ويُعرَض خلال شهر رمضان المبارك. تفضلي أجيبي "عابد"
زينة اليازجي: هلّ لديّ الرغبة؟ أكيد
زاهي وهبي: نعم، اليوم حضرتكِ مُستشارة إعلامية في الأُمم المتحدة
زينة اليازجي: صحيح. أنا صار لي فترة مُستشارة إعلامية مع مُفوّضية اللاجئين وهو موضوع قريب على قلبي "زاهي" تحديداً لأنه موضوع فيه كمّ كبير للأسف من اللاجئين السوريين، فأنا رحت إلى كلّ المُخيمات وبالتالي أحسست أنّني في هذه الفترة ممكن أن أجمع الهمّ الإعلامي مع الهمّ الإنساني في هذه الوظيفة. ولأنني واثقة بعدما رأيته، أُريد أن أقول لكلّ العالم أنّه في إمكاننا أن نُساعِد كثيراً. غير مقبول أن يكون هناك هذا البؤس خارِجاً ونشيح نظرنا عنه
زاهي وهبي: خارِج الصورة
زينة اليازجي: وكأنهم غير موجودين. عيب علينا كبشَر، وهناك مؤسسات يمكننا فيها أن نُساعِدهم
زاهي وهبي: سنعود إلى موضوع اللاجئين ولكن جواباً على سؤال "عابد"، هلّ لديكِ رغبة بالعودة إلى الشاشة؟
زينة اليازجي: بالتأكيد لديّ رغبة في العودة إلى الشاشة، أنا أشتاق كثيراً للشاشة، أشتاق كثيراً للتحضير للضيف، أشتاق إلى اللحظة التي تُحرِج فيها الضيف أو هو يُحرِجك، لحظة الحقيقة، لحظة المعرِفة الحقيقية، لكن أين لا أدري
زاهي وهبي: في "الميادين" (يضحك)
زينة اليازجي: (تضحك)
زاهي وهبي: أهلاً وسهلاً بكِ
زينة اليازجي: أُظهِر لي الـ Contract لأراه، أريني
زاهي وهبي: نعم. أُريد أن أطرح لو سمحتِ سؤال "نيشان"، قلنا أننا نطرحه في وقته، أعود وأُذكِّركِ فيه. هناك إجماع عربي بأنّ في خارطة الدراما السورية "تيم حسن" هو من يتصدّر المشهد، يليه "عابد فهد". حضرتكِ ما هو رأيكِ كمُشاهدة وكزوجة في مكانة "عابد" في المسلسلات الرمضانية؟
زينة اليازجي: في البداية، يعطيك العافية "نيشان" على السؤال، لهذا اشتقنا لك على الهواء "نيشان". "نيشان" ذكي جداً وأنا أشعُر أنه
زاهي وهبي: طبعاً، لا شكّ عندي في هذا الموضوع
زينة اليازجي: أبداً، أنت تفهم اليوم الإعلام العربي عندما ترى أحداً بهذه النوعية، بهذا الذكاء
زاهي وهبي: لا تهربي من السؤال
زينة اليازجي: لا والله، سأعود إليه بجديّة. عندما تجد هكذا نوع من الإعلاميين خارِج الكاميرا، خارج الشاشة
زاهي وهبي: للأسف
زينة اليازجي: معنى ذلك، ماذا نُقدِّم نحن؟
زاهي وهبي: هذا أحد الدلائِل، تراجُع الإعلام العربي
زينة اليازجي: طبعاً. بالنسبة لي نجاح "تيم" أو نجاح "عابد" أو نجاح أيّ ممثل حقيقي ليس فقط عن (سوريا) ولو أنها موجودة، تكركرني وأحس بفخر أنّه أكيد برفو علينا لأنني أعتقد أنّ صناعة الدراما
زاهي وهبي: أعجبتني كلمة تكركرني
زينة اليازجي: ولكن الصناعة السورية، صناعة الدراما السورية هي الصناعة السورية الناجحة، لا أُريد أن أقول الوحيدة ولكن هي الأكثر نجاحاً بالفِعل
زاهي وهبي: للأسف، قبل الحرب وقبل ما أصاب (سوريا) كانت صاعِدة مثل الصاروخ
زينة اليازجي: أنا عندي ثقة فيها. عندنا موهبة قوية جداً "زاهي" في الدراما. الدراما السورية حلّت مكان الإعلام وحلّت مكان السياسة وحلّت مكان الكثير من الأشياء. لكن في اليوم التالي تُشاهِد مُسلسلاً سورياً وتجد فيه الهمّ السوري الحقيقي
زاهي وهبي: صحيح
زينة اليازجي: تشعُر بنفسك تقرأ رواية
زاهي وهبي: صارت أقرب إلى الواقع
زينة اليازجي: هي رواية، هي شِعر، هي مقال، حلّت مكان كثير من المنصّات التي كانت مُغلقة للتعبير. ولكن هي موجة، هذا النجاح والنجومية هما موجة. "عابد" أدّى دور "الحجّاج" وضرب الدنيا، أدّى في "أسمهان" وضرب الدنيا، أدّى في "لعبة الموت" وضرب الدنيا. مُعظم أعماله في الحقيقة أعمال
زينة اليازجي: لأقول لك أنا كيف أجدها. هي موجة يصعد شخص في عمل يضرُب جداً في مُحيط
زاهي وهبي: ربما "سمرقند" العمل الذي لم يكن
زينة اليازجي: "عابد" منذ سنتين يؤدّي في مسلسل تاريخي، "سمرقند" و"أركيديا". جمهور التاريخي الآن جداً قليل، فهذا لا يعني أنّ عمل "الجمهورية" يُخفف من النجومية الحالية. "عابد" الآن
زاهي وهبي: لكن الآن في مسلسل "طريق"، قد يكون أنجح المُسلسلات الرمضانية
زينة اليازجي: أنا أعتقد الآن
زاهي وهبي: أنا أظنّ هو و"تانغو" في صدارة المُسلسلات الرمضانية
زينة اليازجي: أنا أُوافقك
زاهي وهبي: هلّ تتابعين المُسلسل؟
زينة اليازجي: كلا العملين الذين اخترتهما هما المُسلسلين اللذين أُتابعهما بالفعل لأنّ فيهما طرح لشخصيات تمثيل جديدة، فيها جديّة في التعاطي
زاهي وهبي: صحيح
زينة اليازجي: والشخصية التي أداها "عابد" لـ "جابر سلطان" ما هي؟
زاهي وهبي: تاجر المواشي، شخصية مركّبة وفيها تناقضات
زينة اليازجي: بالضبط، لا يشبه شخصية درامية تقدّمت قبلاً، وهنا الإبداع، أن تُغامِر بكلّ جرأة في أن تُقدِّم شخصية، هذه تُخيف، هذه ممكن أن تكون هزلية لو لم يكن فيها الجانب الإنساني والجانب الجدّي الكريم الذي أدّاه. ممكن أن تكون مسخرة، يعني تُخيف، فيها مُجازفة أو مُغامرة لا يستطيع إلّا مُعلِّم كـ "عابد فهد" أن يقوم بها
زاهي وهبي: نعم. أُحيي إعجابكِ وتشجيعكِ لـ "عابد"
زينة اليازجي: تحمّست الآن
زاهي وهبي: ثيابه في "الطريق"، هذه الثياب من يختارها؟
زينة اليازجي: ثيابه لا تذكّرني، لستُ أنا
زاهي وهبي: ساعدتِ في هذه الثياب؟
زينة اليازجي: عندما رأيته يختار ثيابه خفت بيني وبينك، هناك شيء مُخيف فاته، ولكنه قال لي: أنا أعرِف وعندي مرجعيات لهكذا نوع من الشخصيات
زاهي وهبي: هلّ تُعطيه رأيكِ بصراحة لـ "عابد فهد"؟ ويُعطيكِ رأيه بصراحة، من دون مُجاملات؟ من دون قفّازات؟
زينة اليازجي: جداً جداً. أنا أحياناً أخاف أن أكون، أنا أحياناً أُعطي رأيي ويكون حاداً قليلاً، يكون خوفي عليه وعلى ما سيكون إنتاجه
زاهي وهبي: مثلما أفعل مع "رابعة"، أكون قاسياً في رأيي، ولكن نتيجة الخوف على مثلما تفضّلتِ
زينة اليازجي: يكون الناس لا يرونه هكذا وأنا أراه بطريقة أُخرى، أراه وأخاف في تفاصيل عديدة، لكن لهذا نرجع إلى بعضنا البعض، لهذا عندنا ثقة بأننا نُساند بعضنا البعض
زاهي وهبي:” ليونا" و"تيم" الله يخلّيهما، ابنتكِ وابنكِ، هلّ ظهرت عندهما ميول فنيّة إبداعية معيّنة أم بعد؟
زينة اليازجي: "ليونا" إبنة الصورة بامتياز ولكن ما وراء الكاميرا. "ليونا" شخص هادئ، تأخذ الهدوء منّي، أحد خجول، أنا أُصارِع الخجل في مُعظم أوقاتي لكن تعلّمت الجرأة، تعلّمت أن أتخطّى الحواجز. "تيم"
زاهي وهبي: العمل ربما أمام الكاميرات بحاجة إلى كسر حاجز الحياة
زينة اليازجي: ربما الآن كمراهقة في سنّ الرابعة عشر ربما أيضاً تبحث عن هويتها وعن نفسها وعن حدودها. "تيم" يحكي بصوت عالٍ، يفرِض رأيه كثيراً، الخجل عنده قليل، يرى التفاصيل كثيراً. أعتقد أنّه من اللازم أن تكون لهما علاقة في التعامل مع البشر، مع الإنسان. بين التعامل مع الأرقام أشعُر أنّك في هذا العُمر في إمكانك أن تعرِف أنّ هذا يتعامل مع الأرقام أم مع الكلمات. هما تعاملا مع الكلمات، مع الروح أكثر، وهذا طبيعي أعتقد
زاهي وهبي: الله يخلّيهما ويخلِّيكما فوق رأسهما وتظلّوا عائِلة جميلة وقدوة لكثير من محبّيكم في كلّ أنحاء العالم. سنُتابع مع حضرتكِ في القسم الأخير ولكن بعد استراحة أخيرة نُتابع "بيت القصيد"
المحور الرابع:
زاهي وهبي: مشاهدينا الكرام، نتابع "بيت القصيد" مع الإعلامية السورية اللامعة السيّدة "زينة يازجي". "زينة"، حضرتكِ درستِ أدب إنكليزي ثمّ درستِ صحافة. سؤالي هو، كيف علاقتكِ بالأدب عموماً، هلّ حضرتكِ قارِئة، هلّ تهتمّين بنوعٍ مُعيّن من الأدب؟ هل تقرئين روايات؟ شعر؟ فلسفة؟ ماذا تقرئين؟
زينة اليازجي: الشعر الوحيد الذي أقرأه هو لك على "تويتر" وأقوم لك بـ Like
زاهي وهبي: جيّدة جداً هذه
زينة اليازجي: لكن أنا في الحقيقة لستُ بنت الشِعر مع أنّ عندي إحساس يشبه الشعر
زاهي وهبي: نعم، ما هو نوع قراءاتكِ وكم هي أهمية القراءة بالنسبة للإعلامي وبالنسبة للإنسان عموماً
زينة اليازجي: نحن في شكلٍ عام، أنا و"عابد" و"ليونا" و"تيم" عندنا علاقتنا بالكتاب حاضرة بشدّة
زاهي وهبي: حلو، عوّدتما الأولاد على هذا الأمر، الكتاب الورقي أم
زينة اليازجي: الورقي. "ليونا" قارِئة نهِمة
زاهي وهبي: هذا يريح
زينة اليازجي: "ليونا" تمكُث ولا أعلم عدد الكتب التي تقرأها، لكن أيّة مسابقات لها علاقة بالقراءة ليونا is number one، فوراً تقرأ
زاهي وهبي: شيء حلو
زينة اليازجي: جداً، قارِئة نهِمة وذكيّة في القراءة، فقط تقرأ لتنتهي. مخزونها من الشخصيات ومن الخيال ومن الأحاسيس والتجارب كلّه من القراءة، من الرواية. لكن للأسف تقرأ باللغة الإنكليزية
زاهي وهبي: هذا تقصير منكِ ومن "عابد"، وهذه هي مُشكلتنا مع أولادنا بشكلٍ عام، ونحن نُعانيها أيضاً
زينة اليازجي: مُشكلتنا في المدارِس أيضاً. أنا أعترِف أنه جزء من تقصير لكن أنا لم أترُك كتاباً لطفل عربي إلّا واقتنيته
زاهي وهبي: سبقتني، أُريد أن أقول في جزء منه المُحتوى العربي للأطفال غير جذّاب
زينة اليازجي: المُحتوى العربي للأطفال سواء في المدارِس، سنتحدّث عن مسألة بعيدة عنّا، لكن أنا بالفعل أشعُر بأنها قضيّتي كأُمّ وكإعلامية وكعربيّة، أن مُحتوى المناهِج، مُدرّسينا العربي، محتوى الإنترنت، الـ On Line، مُحتوى الكُتب والروايات العربية هو إمّا مُترجَم وركيك أو سطحي سخيف أو قديم ومعقّد. لا أعلم لماذا لم نتعلّم الطريقة
زاهي وهبي: من أجل هذا يذهبون إلى لغات أُخرى أو على نماذِج. أتعزفين على البيانو؟
زينة اليازجي: نعم
زاهي وهبي: عازِفة جيّدة؟
زينة اليازجي: تعلّمت الكثير، طوّلت كثيراً، بعد ذلك قطعت فترة يسمّونها التنقلات لأن البيانو ليس شيئاً يمكنك أن تحمله معك وتمشي، لكن أنا عازِفة جيّدة على البيانو
زاهي وهبي: هلّ يُمكننا أن نسمعكِ إذا أحضرنا لك "بيانو"؟
زينة اليازجي: نعم، عندك هنا؟
زاهي وهبي: لا، هنا ليس عندي، أمزح، أو إذا عندكِ لقطة تزوِّدينا بها
زينة اليازجي: عندي على "اليوتيوب"، "عابد" مرّة صوّر على الإنستاغرام وموجود، عزف طويل إذا أردت سأعطيكم إياه
زاهي وهبي: سنشاهده. تحدّثنا قبل قليل عن مسألة الشكل، مسألة الجمال، والسيّدة الجميلة تواجه في الحياة. أولاً هلّ تتعاملين مع نفسكِ كسيّدة جميلة؟ وهلّ الجمال كان في حياتكِ نعمة أم كان أحياناً نقمة؟
زينة اليازجي: أنا لا أعتبره سوى نعمة طبعاً، أشكُر الله بكلّ تأكيد ولكن أنت كيف تتصرّف به. ربما الآن أكتشف أنّ حسناته أكثر. في الفترة السابقة أكيد لم أكن أتعامل مع نفسي كشخص جميل، لكن الآن صرت أفهم أكثر أنه للأسف يختصر عليك أشياء. ينفتِح لك الباب، باب القبول وليس فقط من عُنصر ذكري، حتّى إذا كنت مُرتّب وشكلك حلو يُصبِح أسهل التعامل معك، وبعد ذلك الأمر عليك. المضمون وكيف أنت تقود هذه النِعمة هو بين يديك، أنا أعتبره وديعة
زاهي وهبي: وديعة إلهية؟
زينة اليازجي: وديعة إلهية. هي وديعة لك، ستعرِف كيف تزيد عليها وتبني عليها مضموناً وتبني عليها ثقافة، تبني عليها أخلاقاً وقيَماً وتستغلّها لأشياء إيجابية أو تُفرِّط بهذه الوديعة
زاهي وهبي: كيف تُحصّنين جمال الشكل مع الزمن مع الوقت، مع العُمر، وهو قابل للتحوّل وللتغيُّر. بماذا نُحصِّن الخارِج؟ الشكل الخارجي؟
زينة اليازجي: أنت تُحصِّن حين تكون صغيراً، تُحصِّن نفسك بأخلاقك، هذه حقيقة وليست كلاماً، أتمنّى أن أقول لكلّ بنت اليوم ولكلّ سيّدة أنّ الأخلاق لم تندثِر
زاهي وهبي: نعم، إنما الأُمم الأخلاق
زينة اليازجي: يُمكنها أن تكون أو يُمكنكِ أن تكوني تمشي في الطريق المُستقيم وسوف تصلين وأنتِ سعيدة ونقيّة، أحلى بكثير مما أن تذهبي في غير طريق. أمّا إذا تتحدّث عن العُمر بعدين، ربما الخبرة "زاهي" بعدين. أنا مثلاً قبلاً كان عندي خوف، دفاعي عن نفسي كان أعلى لأقول أنني جميلة لكنني لستُ هكذا، انتبه وابتعِد عنّي. العُمر يعطيك
زاهي وهبي: ثقة وراحة
زينة اليازجي: إنه خلص، أنا صرت في عمر لم أعِد أخاف من الطامع
زاهي وهبي: بينكِ وبين "عابد" هلّ يوجد شيء من الغيرة؟ تغاران على بعضكما أو تغاران من بعضكما أحياناً، تتنافسان، تتكاملان. كيف يُمكننا أن نصف
زينة اليازجي: أكيد نتكامل، أكيد لأنّ الجانب الفنّي عنده عالٍ جداً، جانب المُغامرة والمجازفة عنده عالٍ جداً
زاهي وهبي: في الحياة هو كما يظهر على التلفزيون؟ عنده هذه
زينة اليازجي: أوكي، سأقول لك سراً حقيقياً، هذا لك وللمُشاهدين
زاهي وهبي: هيّا
زينة اليازجي: أنا بالأمس أُختي أرسلت لي على الواتس أب، طبعاً أهلي كلّهم يحبّون "عابد" جداً ويشجّعونه وأصدقاؤه لأنّ "عابد" ليس فقط على المستوى الفني بل على الشخصي أيضاً، عندما يأتي أحدهم لعندنا إلى البيت مثلاً، عند أهلي، هو الذي يرفع الـ Spirit، هو الذي يُدخِل النُكتة، هو الذي يُحطِّم القصص، يلّا نفعل كذا، يلّا نفعل لا أدري ماذا. فبالأمس أرسلت لي وقالت، يا أختي "عابد" هو الذي كتب نصّ "الطريق"؟
زاهي وهبي: لأنه يُشبهه
زينة اليازجي: يُشبهه كثيراً، يشبه حركاته ويشبه الـ Effect ويشبه النكتة. "عابد" يُذلِّل العقبات، يبعُد عن السلبي، وهذه تقنية وموهبة أنا أتعلّمها والأولاد يحبّون أن يتعلّموها
زاهي وهبي: على كلّ حال، منذ عدة سنوات
زينة اليازجي: أنا حذِرة، منظّمة في بعض الأشياء وهذا مفيد له بالفوضى التي هو فيها
زاهي وهبي: منذ عدة سنوات كان ضيفنا، تشرّفنا به في "بيت القصيد"، وإن شاء الله قريباً، سنرسل له دعوة مع حضرتك، ويكون أيضاً مرة أُخرى
زينة اليازجي: هذا اسمه استغلال، استثمار مهني
زاهي وهبي: أجل. في المهنة مسموح، اغتنام الفُرَص كما يقولون. نتمنّى أن يكون ضيفنا ونتحدّث عن مُسلسل
زينة اليازجي: ما من شكّ أنّك منصّة مُحترَمة "زاهي"
زاهي وهبي: الله يخلّيكِ
زينة اليازجي: أولاً أنت صديق وأنت نموذج إعلامي أساسي
زاهي وهبي: ممنونكِ
زينة اليازجي: وعلاقتك أنت و"رابعة" تشبه علاقتنا أنا و"عابد"
زاهي وهبي: صحيح، نحن كلّنا أصدقاء
زينة اليازجي: صحيح
زاهي وهبي: ونعتبر أنفسنا حالاً واحدة ونتحدث معه إن شاء الله عن مُسلسل "الطريق" وعن المرحلة الجديدة والأعمال التي قام بها في السنوات الأخيرة
زينة اليازجي: أنا أعتقد أنّ هذه الشخصية بحاجة لتشريح كي نفهم كيف توصّل إليها
زاهي وهبي: لأنّه من بعد الحوار السابق هناك "أوركيديا" و"سمرقند" و"طريق" وعدة أعمال ممكن أن نتحدّث فيها معه. أُريد أن أتحدّث لو سمحتِ، أن أرجع قليلاً لموضوع اللاجئين. زرتِ لاجئي "الروهينغا"؟ هذه القضية شبه المنسية لا يوجد تركيز كبير عليها إلّا عندما تحدُث مجزرة أو فضيحة ما
زينة اليازجي: للأسف
زاهي وهبي: ما الذي رأيتِه باختصار
زينة اليازجي: أنا أعتقد ليس "الروهينغا" فقط بل كلّ قضيّة اللاجئين هي منسيّة "زاهي". أنا ذهبت إلى مخيّمات اللاجئين في (العراق) وفي (مصر) وفي (لبنان) وفي (ألمانيا) وفي (تركيا)؛ لا يوجد أصعب من شعور اللاجئ، تسمع قصصاً. أنا عندي حالتان مُختلفتان، شعوران متناقضان للحقيقة، أرجع بشعور غضب، غضب عارِم، كيف نحن يُمكن أن نترُك هكذا عالم في حاجة إلى مُساعدة ونحن قادرون على المُساعدة ولا نتمكّن من توصيلها إليهم. هناك مُشكلة في النظام الإنساني نحن في حاجة لإعادة تأهيله، وأرجع بخوف "زاهي"، أخاف. تصير تُفكِّر في أبشع السيناريوهات
زاهي وهبي: أنه ممكن لا سمح الله أن يحصل معنا نفس الأمر
زينة اليازجي: مع أيّ أحد، هؤلاء الأشخاص لم يُخطئوا بمعنى أن أحدهم لم يأخذ قراراً خاطئاً، هو أمضى سنوات في هذه المنطقة وفي هذا البيت وفجأة يجد نفسه في سقوطٍ حرّ من دون أي شيء. سيناريو مُخيف يجعلنا جميعاً نعيش سيناريو الخوف من أشياء لم يكن يخطُر في بالنا حدوثها. "الروهينغا" المُرعِب فيهم أنهم أجيال. بالنسبة للسوريين تغيظ لأنهم أصحاب كرامة وذلّوا، انكسروا، تشعُر بانكسارِهم. "الروهينغا" أجيال من القهر ومن حدٍ يمنع عنهم الهوية والتعليم والبيت، أصلاً منذ كانوا يعيشون في (بورما) بسبب أنهم مسلمون
زاهي وهبي: للأسف، رئيس (بورما) الحالي يحمل جائِزة "نوبل" للسلام
زينة اليازجي: وبعد ذلك، مليون شخص خلال
زاهي وهبي: مثل "مناحيم بيغن" ومثل "شيمون بيريز" ومثل "رابين"، كم هذا العالم كاذِب
زينة اليازجي: بالضبط، هذا يقول لك أين جائِزة السلام هذه؟ هذا شخص معروف، أنت اليوم عمن تضحك؟ السلام هو كيف تترك السلام حيّاً في قلب كلّ شخص، تجعله يحتفِظ بماضيه، تجعله مرتاحاً على حاضره، تجعل مُستقبله بين يديه ممسوكاً وممكن أو يكون هناك أمل، وهذا الذي جذبني لأشتغِل في الحقيقة مع اللاجئين
زاهي وهبي: "زينة"، قبل أن يُداهمنا الوقت، أنا في بداية الحوار عندما سألتكِ عن (اللاذقية) وتأثرتِ غيّرت الموضوع. لكن لا بدّ من أن تحكي كلمتين عن (اللاذقية) وما تحملينه معكِ من (اللاذقية). أعود للسؤال
زينة اليازجي: يا "زاهي"، ماذا سأقول لك؟ (اللاذقية) هي نموذج لنجاح مغمور، لفنانين وأشخاص كان عندهم الكثير من الطموح وما زال عندهم، أولاد البحر. ابن البحر هذا يظلّ هكذا مبدِع، يكون عنده مزاج له علاقة بالتعاطي مع الآخر، بالبحر، بالسرد، ولكن ظُلِم، لم يكن هناك ضوء ولم نعرِف أن نتعامل لإيصال هذه المواهب لتكون موجودة على المنصّة العالمية لنقرأها. مثلاً طبعاً، "ممدوح عدوان"، "سعد الله ونوس"، "الماغوط"، أسماء كثيرة كبيرة تمكّنت من اختراق جدار الحصار المحلّي إذا أردت أن أقول، الذي كان موجوداً. هي أهلي وهي أخواتي، وأنا كنت محظوظة جداً لأن أخواتي كانوا أكبر منّي في العُمر وأنا لم يكن عندي فقط أمّ كان عندي ثلاث أمّهات قلوبهنّ طوال الوقت معي وأشكرهنّ على كلّ لحظة
زاهي وهبي: حضرتكِ الأُخت الصغرى؟
زينة اليازجي: نعم
زاهي وهبي: المُدلّلة؟
زينة اليازجي: واضح عليّ، ظاهِر؟ (تضحك). هي ذكريات، رفقتي، المدرسة، تعلّمنا صحّ على فِكرة. أنا تعلّمت في "الكرملية"، تعلّمت في مدارس، تعلّمنا لُغات، كان هناك أشياء نيِّرة جداً
زاهي وهبي: تؤسّس، هذه المراحل تؤسّس الإنسان على نمو شخصيته
زينة اليازجي: صح. أتعرِف؟ لا أدري إذا الوقت يسمح لنا، لكنها تُعلّمك شيئاً، لا أدري إذا بسبب السن والمرء بعد فترة يعود ويقول أنّ المحلّية أن تبقى ويُمكنك أن تنجح في مدينتك، من حقّك أن تنجح في مدينتك ويُمكنك أن تنجح في بلدك وفي وطنك
زاهي وهبي: ماذا تقولين لروح والداك؟
زينة اليازجي: لا "زاهي"، هذا صعب جداً
زاهي وهبي: لـ(دمشق) ولـ (سوريا)؟
زينة اليازجي: صعب جداً مثل والداي، صعب جداً
زاهي وهبي: ماذا تتمنّين لـ (سوريا) التي تعرّضت لما تعرّضت له، ولملايين المُهجرين، لآلاف الشهداء، للآثار المسروقة والمنهوبة، للمدن المُدمّرة؟
زينة اليازجي: أتمنّى.. ماذا سأتمنّى؟ مثلما كلّ سوري يتمنّى. أتمنّى أن نعود ونجد أنفسنا. أتمنّى لكل (سوري) من دون استثناء أن يعود ويرى ويلتقي بنفسه، بماضيه وبحاضره وبمُستقبله، أن يضع نفسه على المِخدّة ويطمئِن على أنّ أولاده سيكونون بخير وأنه هو بخير، أنّ جهده لم يذهب سدىً، أنّ وطنه مُحصّن، أنّ الغد أفضل، أنه سيرجع يعرِف كيف يتقدّم، سيكون عنده راحة نفسية ومالية ومادية وتعليمية وكلّ شيء، وبألا يخاف أن يمرَض. أنت تعرِف اليوم، أيّ أحد يخاف أن يمرَض مثلاً. تخايل أنك تعيش وفي لحظة، تعيش على الشفرة وعلى الحدّ، كلّ شيء محسوب. أتمنّى أن نرجع ونحبّ بعضنا البعض ونرجع نتذكّر أننا نحن أولاد بلد واحد. يد بيد سنبني أشياء أفضل. العداء والدم نريد أن ننساه، الأخطاء كانت كبيرة جداً والمخاوف كانت كبيرة جداً وصحيح أنه كانت هناك مطامع كبيرة ولكن إذا نحن حصّنا بيتنا الداخلي لن يكون هناك مكان لكلّ هذه المطامع مهما كبُرت، وهذا ليس كلام شعارات، هذا كلام يُمكن تطبيقه
زاهي وهبي: وربما السوريون اختبروا أصلاً هذا الأمر في التجربة القاسية ولكن التي تُعلِّم والتي تحفُر. من خلالكِ "زينة" أتمنّى لكِ الخير ولـ "عابد" و"ليونا" و"تيم"، هذه الأُسرة الجميلة، الله يوفقكم ومن خلالك للسوريين أينما كانوا في (سوريا) أو في مُخيمات اللجوء، والله يفرِجها على الجميع. شرّفتِ "بيت القصيد"
زينة اليازجي: تسلم "زاهي"، شكراً جزيلاً عن جدّ
زاهي وهبي: أهلاً وسهلاً، نوّرتِ
زينة اليازجي: أنا سعيدة جداً وأنت تعلم أنّ هذه أول مُقابلة أظهر فيها بعد كلّ
زاهي وهبي: ما حصل
زينة اليازجي: بعد كلّ هذه الأمواج ولكن لأنني كنت أعلم أنني سأكون في أمان مع "زاهي" الصديق
زاهي وهبي: أهلاً وسهلاً بكِ
زينة اليازجي: والإعلامي والأديب
زاهي وهبي: أهلاً وسهلاً بك، إن شاء الله يتكرّر لقاءنا وتكونين موجودة على الشاشة ونستمتع بالحوارات التي تقومين بها مثل العادة
زينة اليازجي: شكراً، أتمنّى أن يكون هناك شاشة تسع الكلّ. عندما تنوجِد شاشة تسع الكلّ أنا أكيد سأكون من أولى المنضمين
زاهي وهبي: أهلاً وسهلاً بك في شاشتنا التي تسع ما تستطيع إليه سبيلاً
زينة اليازجي: أتمنّى
زاهي وهبي: وصدّقي، غير الموجود في شاشتنا تكون المُشكلة عنده وليس عندنا
زينة اليازجي: أتمنّى
زاهي وهبي: أهلاً وسهلاً بك، طبعاً الخير نتمنّاه لمُشاهدينا في كلّ أنحاء العالم. شكراً لفريق العمل، لمُخرج البرنامج "علي حيدر"، للمُنتِجة "غادة صالِح" والشُكر الأكبر دائِماً للمُشاهدين في كلّ أنحاء العالم كما قلنا، نلتقيكم الأُسبوع المقبل على خير بإذن الله