اللعبة الدولية في حرب اليمن؟
تفشل لغة التفاوض في اليمن ويستمرُّ شبح الحرب، فمن يعطل فعلا ً مساعي إنهاء القتال والمجازر؟ ما هي حقيقة المواقف الإقليمية والدولية من حربٍ لا تفرّق بين مقاتل وعسكري وطفل وامرأة وشيخ؟ هل ثمة عجز دولي أم تواطؤ يدمّر إحدى أقدم الحضارات؟
نص الحلقة
سامي كليب: أهلاً بكم أعزّائي المُشاهدين إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامج "لعبة الأمم" عبر قناة "الميادين". قبل أيام فشلت المُفاوضات التي لم تبدأ أصلاً حول (اليمن) في (جنيف) واكتفى المبعوث الدولي بالقول: لم نتمكّن من إقناعِ وفد (صنعاء) بالقدوم إلى هنا، لم ننجح بذلك بكلّ بساطة ولا يزال من المبكّر جداً القول متى ستُعقَد المُشاورات المقبلة بينما قال الحوثيون أنهم لم ينجحوا في الحصول على ضماناتٍ في شأن عودتهم سالمين إلى (اليمن) فانبرى السفير الأميركي في (اليمن) للردّ على الحوثيين بقوله، إنّ الشروط التي وضعها الحوثيون تدعو إلى التساؤل عن جدّيتهم في اتّخاذِ خطوةٍ في طريق الحلّ السياسي. فشِلت المُفاوضات إذاً فاستؤنِفت الحرب الضروس التي تنهش الجسد اليمني قتلاً ودماراً وفقراً وأمراضاً وتشريداً في واحدةٍ من أسوأ كوارِث القرن وفق ما تقول الأُمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي. هناك عشرون مليون شخص بحاجةٍ إلى المُساعدة الفورية وفقَ الصليب الأحمر. لماذا فشلت المُفاوضات؟ على ما كانت ستُركِّز أصلاً؟ ما هو مصير هذه الحرب التي تُدمِّرُ إحدى أبرز لحضارات الإنسانية لأجلِ أهداف ما عاد أحد يعرِف بالضبط ما هي. (السعودية) التي تقود تحالفاً ضدّ الحوثيين تقول على لسان وزير خارجيتها، "يجب ردع إيران"، فيردّ عليها "عبد الملك الحوثي" بشنّ حملةٍ على دورها وعلى دور عُلمائِها في تشريع الحرب على (اليمن). كلّ هذا مفهوم في منطق المُتحاربين ولكن أمامَ هذه المأساة الإنسانية الكُبرى نسأل، هلّ ثمة تواطؤ دولي لاستمرار حرب (اليمن) ولماذا؟ ولأية أهداف؟ فـ (أميركا) و(روسيا) المُختلفتان على قضايا كثيرة تبدوان متّفقتين على عدم إعاقة عمل التحالف ضدّ الحوثيين. ثمّ ماذا عن الأطراف المحلية والإقليمية؟ هلّ غرِقَ الجميع من (السعودية) إلى الحوثيين إلى (إيران) إلى الأطراف المحليّة الأُخرى في فخِّ دولي نُصِبَ لهم بغية ابتزازهم واستنزافهم؟ عن كلّ ذلك سنُحاول الإجابة في هذه الحلقة من "لعبة الأُمم" ومعنا فيها كلّاً من، عبر الهاتف سيكون معنا الدكتور "محمّد علي مارِم" وهو السفير اليمني في (مصر)، "محمّد البخيتي" من (صنعاء) عضو المكتب السياسي لحركة "أنصار الله"، الدكتور "يونس أبو أيوب" المُستشار السياسي للمبعوث الخاص للأُمم المتحدة إلى (اليمن) سابقاً معنا من (تونس) والدكتور "خالد باطرفي" وهو كاتب وباحث سياسي سعودي سيكون معنا من (جدّة)، أهلاً وسهلاً بكم جميعاً إلى هذه الحلقة من "لعبة الأُمم"
المحور الأول
سامي كليب: أهلاً بكم أعزّائي المُشاهدين إلى هذه الحلقة من "لعبة الأُمم". سنبدأ بما قاله وزير الخارجية السعودي "عادل جبير" في أوّل تعليق له بعد فشل المُفاوضات
عادل جبير: إنّ ميليشيات "الحوثي" الإرهابية التابعة لـ (إيران) لم ولن تستجيب لدعوة المُجتمع الدولي للانخراط في العملية السياسية بشكلٍ جادّ وآخر دليلٍ على ذلك عدم حضورها اجتماع (جنيف) الأخير. إجمالي الدعم الإنساني الذي قدّمته المملكة خلال أربع سنوات الماضية بلَغَ أكثر من ثلاثة عشر مليار دولار أميركي. لعلّ الإرهاب الذي مارسته (إيران) من خلال تدخّلاتها السافرة في شؤوننا العربية ودعمها لمليشيات إرهابية يُعتَبَر من أبشع مظاهر ذلك الإرهاب الذي يحتاج منّا التكاتف والتعاون لمواجهته وردعِه
سامي كليب: حسناً، هذا موقف (السعودية) الأوّل بعد فشل المفاوضات. سيّد "محمّد البخيتي" عضو المكتب السياسي لحركة "أنصار الله" أُريد أن أسألك، لماذا لم تذهبوا إلى المُفاوضات؟ هلّ فعلاً طرحتُم شروطاً كثيرة باستثناء شرط أن تعودوا سالمين بعد المُفاوضات؟
محمد البخيتي: بسم الله الرحمن الرحيم. من أجل أن نُقيِّم الأمر بشكلٍ موضوعي علينا أن ننطلق من قضية أنّه لكلّ وفد مُفاوِض الحقّ في إيجاد وسيلة آمنة للوصول إلى مكان الحوار أو المفاوضات أو المشاورات، وطبعاً بعد (جنيف 1) جرت العادة على أنّ الوفد الوطني لا يستخدِم إلّا الطائرة العمانية فقط لأنّ طائِرة الأُمم المتّحدة في (جنيف 1) تمّ اعتراضها وإجبارها على الهبوط في (جيبوتي) واحتجاز الوفد الوطني هناك لمدّة يومين بشكلٍ غير مُبرّر. أيضاً أثناء عودتهم في أحد المرّات تمّ تأخيرهم لمدّة سبعين يوماً وعندما طالب الوفد الوطني من الأُمم المتحدة توفير طائِرة تابعة للأُمم المتّحدة لإعادتهم إلى (اليمن) تلكّأت الأُمم المتّحدة كثيراً عندما زدنا الضغط عليها طلبت الأُمم المتّحدة من أعضاء الوفد التوقيع على قرار بأنّ الأُمم المتّحدة غير مسؤولة عن حياتهم. طبعاً منذ ذلك اليوم نحن قرّرنا استخدام فقط الطائِرة العُمانية وجرت العادة على استخدامها، لذلك كان مفاجئاً لنا أيضاً ومفاجئاً للأُمم المتحدة اعتراض (السعودية) على وصول الطائِرة العُمانية المُفترضة التي ستقوم بإيصال الوفد. إذاً هم من يتحمّلون مسؤولية عدم وصولنا
سامي كليب: سيّد "بخيتي"، هلّ كان هذا هو الشرط الوحيد بالنسبة لكم كـ "أنصار الله"؟ فقط الطائِرة والعودة سالمين أم كانت هناك شروط أُخرى مثل إطلاق سراح بعض المُعتقلين؟ مثل إيصال المُساعدات؟ مثل فتح بعض المعابر كما قيل؟
محمّد البخيتي: نعم كان لنا مطالِب ضمنها وقف الحرب، وقف العدوان ورفع الحصار، ولكنها لم تكن شروطاً، لم نضعها كشروط من أجل المُشاركة في المُشاورات، لكننا كنّا نقول لا بدّ من التهدِئة وتهيئة الظروف لنجاح المُشاورات أو المُفاوضات أو الحوار لكنّ هذه المطالِب رُفِضت وبالتالي لم تكن لنا أيّة شروط، وهذا حقّ ولا يُعتَبَر شرطاً، حق لكلّ وفدٍ مُفاوض. أيضاً تُلاحِظ، تفضّل
سامي كليب: كنت فقط أودّ أن أسألك سؤالاً عابراً، أرى السيارات خلفك بشكلٍ عادي والحياة وكأنها طبيعية. هلّ الآن الوضع هادئ عندكم؟ لا يوجد أيّ شيء في هذه اللحظات؟
محمّد البخيتي: طبعاً في (صنعاء) الوضع هادئ، وأنا من (صنعاء) أتحدّث، ولكن في (الحديدة) اليوم كان هناك تقريباً أكبر هجوم سواءً من الناحية البريّة أو الجوّية
سامي كليب: صحيح
محمّد البخيتي: من أجل السيطرة على كيلو 16 ولكنّها باءت بالفشل وتكبّدت قوّات العدوان ومرتزقتهم خسائِر كبيرة جداً
سامي كليب: سنتحدّث عن (الحديدة)، لأنّ هذه مسألة مُهمّة جداً، بعد قليل، ربما في النصف الثاني من هذه الحلقة. ولكن دعني أسأل سعادة السفير "محمّد علي مارِم" سفير (اليمن) في (مصر) حالياً. كنت أتمنّى أن تكون معنا بالصورة والصوت ولكن يبدو أنّ انشغالكَ منع الصورة فسنكتفي بالصوت سعادة السفير. هلّ لديك أيّ تعليق على ما تفضّل به السيّد "البخيتي" لكي تشرح لنا ما الذي أعاق ذهاب الوفد؟
محمّد علي مارِم: أهلاً وسهلاً. حقيقةً أنّ الإجابة في حدّ ذاتها لا تحتاج إلى تعقيب. نحن في وضعٍ مُزرٍ، البلد يموت فيه الآلاف يومياً
سامي كليب: صحيح
محمّد علي مارِم: وبالتالي يتمّ التبرير بأنّ هذه طائرة حمراء أم طائِرة زرقاء، أمر أساساً لا يرد التعليق عليه. من أساساً يشعُر بالمسؤولية حول وطن، يريد كيفية استقلال وطن، بغضّ النظر عن أيّة اختلافات تنشأ بين الساسة فعليه أساساً أن يتجاوز هذا من أجل الحفاظ على الوطن وعلى الشعب، أمّا كيفية البحث عن تفاصيل أمور صغيرة لا ترتقي إلى مستوى المسؤولية حول شعب وانتهاكه لسنين، هذا أمر لا يستحقّ منّا أن نعقِّب عليه
سامي كليب: سعادة السفير، إذا كان الأمر صغيراً إلى هذه الدرجة ولا يستحقّ ألّا يذهب الوفد، لماذا لم تتركوهم يذهبون في الطائِرة التي طلبوها؟ إذا كان صغيراً وغير مهم
محمّد علي مارِم: يا سيّدي، من يؤكِّد لك هذه التفاصيل الدقيقة وهذه الأشياء التي أساساً لا ترتقي إلى مستوى المسؤولية، نحن نتحدّث حول كيفية الوصول، وكان المبعوث الأممي خاض جولات وجولات، وكيفية الوصول من أجل الوصول إلى هذه النقطة. من يخسر كلّ هذه التكاليف وكلّ هذه الأوقات وكلّ الدخول في أصعب الأماكن، يعني لا تتوقّع أساساً أن يكون هنالك تمسُّك بجزئيات ليست هي موضوع النقاش. موضوع النقاش هو كيفية أن نصل ونطرح قضية من القضايا إذا كان هنالِك قضيّة واضحة تتطلّب كيفية الاتفاق حولها وكيفية استقلال البلاد وليست طائِرة أو كُرسي أساساً في الـ Economy أو في الدرجة الأولى، هذا أمر غير مطروح ولا يصل إلى مُستوى حديث يُمكن أن نتناقش حوله إذا كان هنالك حديث للنقاش حول استقرار البلاد
سامي كليب: أوكي. على كلّ حال سعادة السفير أي عربي أعتقد، يتمنّى أن يعود السلام إلى هذا البلد وتتوقّف الحرب بأيّة طريقةٍ كانت لأنّ ما يحصل كما تقول الأُمم المتحدة والصليب الأحمر كارِثة إنسانية ربما تكون الأكبر في هذا العصر. دكتور "يونس أبو أيوب" المُستشار السياسي للمبعوث الخاصّ للأُمم المتّحدة سابقاً إلى (اليمن) أهلاً وسهلاً بك. كنت حضرتك في أصل المُفاوضات، في أصل كتابة الوثيقة الأُولى للتفاوض بين الحوثيين وبين المملكة العربيّة السعودية قبل في الواقع حصول الحرب وفجأةً حصلت الحرب. اليوم حضرتك تُتابع مسألة (اليمن)، هلّ تعتقد أنّ فشل المُفاوضات هو فعلاً قضيّة ذهاب الوفد وعودة الوفد وطائِرة وعدم وجود طائِرة؟ أم القضيّة أعمق من ذلك بكثير وكلّ طرف يُريد أن يُحقّق مكاسب كبيرة لم تتحقّق حتّى اليوم؟
يونس أبو أيوب: أهلاً أُستاذ "سامي"، الوضع قد اختلف كثيراً عن الأيام التي كنت فيها أُشارِك في المُفاوضات اليمنية سابقاً. أولاً المُفاوضات قبل الحرب كانت يمنية – يمنية والنقاش كان بين الأطراف السياسية، الأحزاب أو بالأحرى ما كنّا نُسمّيه آنذاك المكوِّنات الأربعة وهي "المؤتمر الشعبي العام" وحلفائه و "القائِمة المشتركة" و"أنصار الله" وحلفاؤهم و"الحراك". هذا كلّه تغيَّرَ بعد الحرب، وبالتالي ما حصلَ مؤخراً هو جزء من المشاكل التي شابت المسار التفاوضي منذ 2015 وبالتأكيد منذ بداية الحرب. فالمسار قد تغيّر، شكل المسار قد تغيّر، نوعية المُفاوضات تغيّرت، المُكوّنات التي كانت أساس كلّ الحوارات اليمنية قبل الحرب لم تعُد جزءاً من هذه المُفاوضات وتحوّلنا إلى طرفين فقط. إضافةً إلى هذا أظنّ أنّ من الأمور الأساسية في كلّ تاريخ المُفاوضات وتقاليد المُفاوضات سواء كانت في (اليمن) أو في غيرها أن يكون هناك إعداد واضِح، جدول أعمال واضح، مرجعيات واضحة وأُسس يتفق عليها الطرفان قبل الشروع في أيّ نقاش. لا أدري إن كان هذا كلّه قد تمّ قبل أن يتمّ إعلان هذه المُشاورات، وهنا أُحدّد، تمّ الحديث عن مُشاورات وليس مُفاوضات، وهذا يعني أنّه ربما لم تكتمل ولم تتهيّأ الظروف الضرورية لإنجاح هذه العملية في رأيي وربما كان هناك نوع من التسرُّع ربما لأنّه يجب وقف هذه المأساة، وأظنّ أن المبعوث انطلق من حُسن نيّة، أنه يودّ أن يُسرِع ويُنجز شيئاً، فربما هذا ما جعل سرعة الترتيبات وعدم نُضج البيئة هو ما أدّى إلى إخفاق هذه المرحلة الأُولى من المُشاورات، وهو كان واضحاً، المُشاورات وليس المفاوضات
سامي كليب: دكتور "يونس"، كنتم تُعِدّون آنذاك وثيقة، وحسب ما فهمت كان وافق عليها الطرف السعودي ووافق عليها الحوثيون وفجأةً وقعت الحرب. هلّ فاجأتكم آنذاك الحرب؟ هلّ كنتم تتوقّعون أن تبدأ الحرب؟ هلّ سألتم لماذا بدأت الحرب آنذاك؟
يونس أبو أيوب: لا أحد كان يتوقّع نشوب الحرب، على الأقلّ في فريق الأُمم المتحدة آنذاك. كانت هذه المُفاوضات، ما يُسمّى عُرفاً في (اليمن)، كانوا يُسمّونها مفاوضات الـ "موفمبيك" لأنّ المُفاوضات كانت تتم في فندق "الموفمبيك" حيث كنّا على مدة تسعة أسابيع وبشكلٍ مستمر ولساعات طويلة كانت تتجاوز أحيانا 14 إلى 16 ساعة يومياً من النقاشات ما بين هذه المُكوّنات التي كنّا نتحدّث عنها قبل قليل، فالمسار كان مختلفاً تماماً عن مسار اليوم والظروف كانت مُختلِفة. كانت هناك بعض التعقيدات لكن كلّما كنّا نُنجِز نُقطة يتمّ الاتفاق عليها ونتقدّم كانت تُباغتنا في الأسابيع الأخيرة والأسبوعين الأخيرين بشكلٍ أساسي تغيّرات على الأرض، استقالة رئيس الحكومة آنذاك "خالد بحّاح" وبعد ذلك احتجاز رئيس (اليمن) وبعد ذلك تقديمه لاستقالته وكلّ التعقيدات التي حصلت في الميدان، ونحن على طاولة المُفاوضات توصّلنا إلى إنجاز عدد كبير و توفير ربما قد نقول تسعين في المئة من الاتفاق عدا بعض الأمور التي ما زالت عالقة، لكن فوجِئنا بالتغيّرات الميدانية وبداية الحرب فنسف ذلك كلّ شيء ودخلنا في وضعيّة وبيئة جديدة. أنا بصراحة لا أغبط المبعوث الحالي لأنه يتحرّك في ظروف أصعب بكثير مما كنّا نتحرّك فيها آنذاك
سامي كليب: حسناً، على كلّ حال سنُكمِل هذا النقاش بتفاصيل أكثر، سأذهب الآن إلى المملكة العربية السعودية. دكتور "خالد باطرفي" كاتب وباحث سياسي أهلاً وسهلاً بك في هذه الحلقة. وددَت أن أسألك، بعد ثلاث سنوات من الحرب دخلنا في العام الرابع، هلّ حقّقت فعلاً المملكة العربية السعودية أهدافها أم تشعُر كما يشعُر الجميع أنّها في مأزق ولا بدّ من الخروج منه الآن؟
خالد باطرفي: أولاً كلّ عام وأنتم بخير
سامي كليب: وأنتم بخير
خالد باطرفي: عليكم وعلى ضيوفكم وعلى المُشاهدين الكرام. المملكة العربية السعودية عندما دخلت هذه الحرب، دخلت لدعم الحكومة الشرعية التي انقلب عليها الحوثيون في عهد السيّد "جمال بن عُمر" وحبسوا الحكومة وحبسوا الرئيس وانقلبوا على كلّ الاتفاقيات التي وقّعوها في الـ "موفنبيك" وأرادوا أن يُقيموا دولة هم من يُديرونها تحت دعم أو رعاية (إيران). لذلك هذا كلّه حدث في ظروف الأُمم المتحدة كانت مسؤولة فيها وللأسف الشديد "جمال بن عُمَر" شرعن هذا الانقلاب باتفاقية السِلم والشراكة، ثمّ قبِلَ بكلّ ما حدث من القضايا التي ذكرناها وقبِلَ حتّى بتقدُّم قوات الميليشيات الحوثية و"علي عبد الله صالِح" وقصف (عدن) ومُحاولة الدخول إليها وقتل الرئيس. هذه كلّها حدثت تحت نظر وبصر الأُمم المُتّحدة التي قبِلَت بهذا كلّه، ولذلك كان لا بُدَّ لـ "جمال بن عُمر" وفريقه أن يرحلوا وأن يأتي فريق أكثر نزاهة وأكثر عدالة وأكثر قُدرة عل ضبط الأمور. المملكة العربية السعودية عندما دخلت أرادت أن تُنفِّذ قرارات مجلِس الأمن ومن ضمنها قرار 2216 وهو كما يعرِف الجميع وخاصةً ضيفك الذي كان ممثلاً أو مُساعِداً لـ "بن عُمر" أنه يأتي تحت الفصل السابع، وهذا يعني استخدام القوة العسكرية في إعادة الحكومة الشرعية المُعتَرَف بها دولياً للحُكم، هذا القرار لم يُنفَّذ والأمين العام للأُمم المتحدة "بان كي مون" في ذلك الوقت كانت أمامه مهلة خمسة عشر يوماً ليأتي بتقرير عمّن يرفض هذا القرار ومن يقبله لكنه لم يُقدِّم هذا التقرير حتّى اليوم
سامي كليب: سيّد "خالد" أوكي، كلّ هذا مفهوم وجزء منه معروف ولكن الآن في التقييم الحالي، هلّ المملكة العربية السعودية تستطيع أن تقول إنّها حقّقت شيئاً؟ أو على العكس تماماً، الصواريخ تسقُط على المملكة العربية السعودية، الحوثيون يزدادون ربما قوةً وسيطرةً على الأوضاع ونحن أمام مأزق كبير لا أحد يعرِف كيف الخروج منه الآن وقد يستمرّ سنوات طويلة لأنّه على ما يبدو المُجتمع الدولي غير آبِه كثيراً بما يحصل
خالد باطرفي: يعني 85 في المئة من هذه الأهداف تحقّقت على الأرض، يعني في يوم من الأيام كانوا هم
سامي كليب: يعني مثلاً
خالد باطرفي: يُسيطرون على 85 في المئة من الأرض واليوم الحكومة الشرعية هي التي تُسيطر على 85 في المئة أو 87 في المئة من الأرض وهذا أعتقد إنجاز كبير لو قارنّاه بالمُدة التي احتاجها التحالف الدولي من 67 دولة ضدّ "داعش" لاستعادة (الموصل) واستعادة (الرقّة) وغيرها. أنا أعتقد أنّ هذا أسرع بكثير. "الناتو" إلى الآن في (أفغانستان) لم يتمكّن من تحقيق أهدافه بالكامل. فالمسألة تحتاج إلى وقت، "عبد الناصر" بقي يدعم الجمهوريين لمدّة عشر سنوات تقريباً وفي النهاية انهزَمَ وخرج. أنا أعتقد أنّ المملكة العربية السعودية عندها نفس طويل خاصّةً عندما يتعلّق الأمر بأنّها لن تقبل أبداً أن تكون (إيران) على حدودها الجنوبية تُهدّدها مهما كان الثمن
سامي كليب: أوكي. سأعود إلى البداية، إلى السيّد "محمّد البخيتي". طبعاً كما استمعت أنه في النهاية (السعودية) تُحقّق أهدافاً كبيرة وأنّكم كنتم تُسيطرون على 85 في المئة والآن الشرعية كما توصَف من قِبَل (السعودية)، يعني خصومكم في الداخل، هم الذين يُسيطرون على 85 في المئة وأنّ (إيران) ربما تكون قد أُصيبت بنكسة في (اليمن). أُريد أن تُعلِّق على ذلك، معنا دقيقة ونصف الدقيقة قبل الفاصل ثمّ نُكمِل لو سمحت
محمّد البخيتي: فقط تعليق على سؤالك رغم أنّ فيه الكثير من المُغالطات
سامي كليب: تفضّل
محمّد البخيتي: عندما يقول أنّه تحقّق 85 في المئة من الأهداف ويرجع يقول أنّه استولى على 85 في المئة من الأراضي وهذا يعني أنّه حقّق 85 في المئة من الأهداف، هذه مُغالطة كبيرة أولاً لأنّ حكومة الإنقاذ تُسيطر على 70 في المئة من المناطق السُكّانية. دول العُدوان ومرتزقتها يُسيطرون على ثلاثين في المئة من نسبة عدد السكّان، أمّا بقيّة المناطق في (اليمن) فهي مناطق صحراوية لا أحد يُسيطر عليها، وهذه الحقيقة يعرفها الجميع ولا يُمكن لأيّ طرف أن يتواجد فيها. من ناحية الأهداف، حتّى الآن (السعودية) لم تُحقّق أيّ هدف من الأهداف التي أعلنت الحرب من أجلها. إعادة "هادي" للسُلطة، هذا لم يتحقّق، أيضاً تدمير القُدرات الصاروخية اليمنيّة لأنها كانت تعتبر أنّها تُشكِّل تهديداً رغم أننا لم نكن حتّى ذلك الوقت، لم نكن نُطلِق طلقة واحدة، الآن الصواريخ اليمنية، يعني أولاً (اليمن) تحوّلت من دولة مستورِد للصواريخ إلى مُصنِّعة للصواريخ وأصبحت هذه الصواريخ تضرب في العُمق السعودي الإماراتي. أيضاً على مُستوى المنطقة تورُّط (السعودية) في (اليمن) أو حلفاء (أميركا) في العُدوان على (اليمن) أضعف من قوّتهم التخريبية في العديد من البُلدان. وبالتالي، نحن كشعب يمني بصمودنا في مواجهة هذا العدوان أنقذنا محور المقاومة. (سوريا) كانت على وشك السقوط وموقع (سوريا) كان مهماً لمحور المُقاومة لكن عدوانكم على (اليمن) مكّنّا من استنزاف هذا التحالف الأميركي في المنطقة مادياً وعسكرياً واقتصادياً وأخلاقياً وأنقذنا محور المُقاومة. إذاً أنتم لم تُحقّقوا أهدافكم، أنتم من مكّنّا من تحقيق أهدافنا
سامي كليب: حسناً، بعد الفاصل، موجز للأنباء قصير ثمّ نُكمِل النقاش وآمل أن يبقى معنا سعادة السفير "محمّد علي مارِم" أيضاً من (مصر) لأنني أعتقد أنّ النقاش مُهمّ وسوف نُقدِّم العديد ربما من وجهات النظر والمعلومات في القسم الثاني. إن وجدتم هذه الحلقة مفيدة ابقوا معنا
المحور الثاني:
سامي كليب: أهلاً بكم مُجدّداً أعزّائي المُشاهدين لمواصلة هذه الحلقة من "لعبة الأُمم" نتحدّث فيها عن مآل الوضع في (اليمن) بعد فشل المُفاوضات الأخيرة. أعود وأُرحِّب بضيوفي في هذه الحلقة، سعادة السفير اليمني في (مصر) الدكتور "محمّد علي مارِم"، السيّد "محمّد البخيتي" عضو المكتب السياسي لحركة "أنصار الله" من (صنعاء)، الدكتور "يونس أبو أيوب" المُستشار السياسي للمبعوث الخاصّ للأُمم المتّحدة إلى (اليمن) سابقاً معنا من (تونس) والسيّد "خالِد باطرفي" الكاتب والباحث السياسي السعودي. سعادة السفير أُرحِّب بك مُجدّداً، وددت أن أسألك، مع فشل المُفاوضات الحالية انتهى الأمل القريب بأن تُستأنف المُفاوضات أم ثمّة مساعٍ تحصل حالياً نعرِفها أو لا نعرِفها قد تؤدّي إلى استئناف هذه المُفاوضات في الأيام القليلة أو الأسابيع القليلة المُقبلة؟
محمّد علي مارِم: بالتأكيد دائِماً قادة الدول يسعون إلى كيفية الحفاظ على دولهم، تكون الرؤيا لديهم واضحة، ويكون السلام هو هدف بعيد. الجمهورية اليمنية، ممثلة بفخامة الرئيس والحكومة الشرعية لها، لديها وضوح واضح جداً ولديها رؤية واضحة سواء كانت في المرحلة الحالية أو في ما سبقها منذ تولّي فخامة رئيس الجمهورية السُلطة عندما جاء بعد الانتخابات وقام بكيفية وضع الحوار الوطني الذي اشتركت فيه كلّ القوى السياسية وخرجنا بدستور إلى درجة عالية من الرباط وكان فيه مُشترَك من الكفاءات في "أنصار الله"، أمثال "أحمد شرف الدين"، و"الخيواني" وكلّ معنى ذلك، من الذين صنعوا فعلاً السياسة التي تقرّرها (اليمن). هذه الفئات للأسف التي ذكرتها من "أنصار الله" تمّ قتلها من داخل "أنصار الله" أنفسهم ولم يتركوا هؤلاء أن يبقوا حيث يكون هنالك كفاءات معهم تعين هذا البلد للوصول إلى دستور جديد فعلاً يلبّي كلّ احتياجات المنطقة كلها، (اليمن) جميعها بكلّ أطيافها المُختلفة على بعض الروابط سابقاً. بالتالي، لا زالت الحكومة اليمنية والرئاسة اليمنية التي بدأت بهذه الرؤية سابقاً، لا زالت تحمل نفس الرؤية وهي كيفية الوصول بـ (اليمن) إلى الاستقرار وهي تمدّ يدها باستمرار للأقوى في البيت الواحد
سامي كليب: ممتاز ولكن سعادة السفير ولكن
محمّد علي مارِم: وهي تمدّ يدها باستمرار للأقوى في البيت الواحد، الحوثية نساندها لأنّ السلام لن يكون إلّا هو الطريق الرئيسي لكيفية استقرار البلد. لكن على ما يبدو أنّ هناك أشياء أُخرى، لا يكتفون بكيفية ما أجروه في داخل (اليمن) فقط، وعلى ما يبدو أنهم يرون أو يتجهون إلى أنّ (اليمن) هي عبارة عن أداء من أجل الوصول إلى أماكن أُخرى ودول أُخرى وليس فقط (اليمن)
سامي كليب: حسناً، سعادة السفير دعني آخذ منك الجانب الإيجابي مما تفضّلت به، تقول أنّكم لا تزالون تمدّون اليد للطرف الآخر وسمّيت الحوثيين وهذا إيجابي، ولكن أنا كان سؤالي أنّه في هذه المساعي الحالية الناشطة على ما يبدو هلّ من موعد جديد، هلّ من معلومات جديدة عن موعِد جديد لاستئناف المُفاوضات أم تنتظرون شيئاً ما مثلاً؟
محمّد علي مارِم: الموعِد بالنسبة للحكومة الشرعية دائِماً مفتوح، ولكن هلّ أيّ موعد مطروح من قِبَل الإخوة أقول عنهم، إخوتنا. هلّ لديهم القليل من الإدراك بأنّه لا بدّ من كيفية الجلوس من دون أيّة تبريرات واهية مرّةً عن طائِرة ومرّةً عن البلد ومرّةً عما إلى ذلك، هل توجد لديهم رؤية؟ ماذا يريدون من الدولة؟ أنا أُريد رداً واحداً، ما هي رؤيتك للبلد؟ ماذا تُريد؟
سامي كليب: أوكي، أنا سأطرح السؤال بعد قليل على السيّد "بخيتي" لكي يُجيبك بشكلٍ مُباشر على الهواء ولكن أعزّائي المُشاهدين الوضع الإنساني في الواقع كارثي على ما يبدو في (اليمن). يعني لو رجعنا إلى بعض الإحصاءات وليسمح لي الضيوف فقط لنمرّ عليها لأن الناس، الإنسان أهم من كل السياسيين في (اليمن) وفي خارِج (اليمن). حسب الصليب الأحمر الدولي، يقول:
- إنّ الوضع الإنساني صار كارثيّاً في (اليمن)
- يُعدّ (اليمن) اليوم أكبر مأساة إنسانية في العالم
- هناك أكثر من عشرين مليون شخص بحاجة إلى المُساعدة ويواجهون تحدياً مع الزمن في ظلّ استمرار الحرب في (اليمن)
- أجهزت الحرب على البنية التحتيّة في البلاد ما أدّى إلى حدوث كوارِث
- الضرَر الذي أصاب قطاع الرعاية الصحية بلَغَ حداً جسيماً نجم عنه حرمان ذوي الأمراض المُزمنة الحصول على العلاج المُنقِذ للحياة
- إنّ انقطاع المياه عن بعض المُدن يُنذِر بعواقب جسيمة في ظهور وتكاثّر أمراض الكوليرا
- يُقدّر أن نحو 14.8 مليون شخص يفتقدون الحدود الدنيا من الرعاية الصحيّة مع حلول العام 2018
- مع بداية العام الحالي أشارت الإحصائيات إلى أنّ خمسة عشر مليون شخصاً يُعانون للحصول على مياه الشُرب النظيفة كما أنّ تسعين في المئة من السُكّان في (اليمن) يعتمدون على صهاريج المياه لتأمين احتياجاتهم اليومية
- يفتقد 24.3 مليون شخص في (اليمن) الحصول على التيار الكهربائي بما في ذلك بعض المشافي والمنشآت الصحية
سامي كليب: هذا الافتقاد في الواقع يؤدّي إلى كوارِث صحية كثيرة، مثلاً يعيش ملايين من اليمنيين في ظروف صحيّة سيّئة جداً والأشخاص المُصابون بالفشل الكلوي هم من أكثر اليمنيين مُعاناةً نتيجة تدهور القطاع الصحّي في البلاد بسبب النزاع الحالي. يعتمد بقاؤهم على قيد الحياة على قُدرتهم في الوصول إلى مراكز غسيل الكلى التي تضرّر عدد منها نتيجة النزاع الدائِر حالياً في البلاد. وصلت نسبة الوفيّات من بين مرضى الفشل الكلوي إلى 25 في المئة نتيجة نقص أو غياب الخدمات الصحيّة. نصف المراكِز الصحيّة مُغلق جرّاء النزاع. 28 مركزاً فقط يخدِمُ 27 مليون يمني، ثلاثون دقيقة هو وقت العلاج فقط وهو ما يتمكّن المرضى من الحصول عليه على جهاز غسيل الكلى. واحِد من كلّ أربعة مرضى يموت بسبب ضعف الرعاية الصحية في (اليمن). دكتور "يونس"، من يقرأ هذه الأرقام في الواقع يُفاجأ بأنّ هذا الصمت الدولي المريب، بغضّ النظر من هو مُحِقّ ومن هو مُخطئ في (اليمن)، ولكن هناك كارِثة إنسانية. وعلى ما يبدو أنّ (أميركا) و(روسيا) متفقتان على عدم الانخراط المُباشر وترك الأمور على نواهِلها
يونس أبو أيوب: قبل أن أُجيب على سؤالك أودّ فقط أن أُثمِّن كلام سعادة سفير (اليمن) في (القاهرة)، في (مصر)، وأُثني عليه على صراحته وموضوعيته، فقد أشاد بأكبر إنجازات التي أنجزتها الأُمم المتحدة أيّام السيّد "جمال بن عُمر" في (اليمن) وهي مُخرجات الحوار الوطني والدستور اليمني، وهذا كلّه قد أُنجِز تحت رعاية مكتب المبعوث إلى الأُمم المتّحدة آنذاك وبشهادة الكثيرين سواء في الأُمم المتّحدة أو حتّى في الأطراف اليمنية من الجهتين وخاصّةً في الحكومة أشادوا بهذا العمل وهذا الإنجاز الذي كان هو الإنجاز الأبرز للأُمم المتحدة في المنطقة العربية باستثناء طبعاً (تونس) والحوار التونسي الذي لم تكن فيه الأُمم المتحدة. إضافةً إلى هذا، في ما يتعلّق باتفاق السلم والشراكة يجب الإشارة إلى أنّ اتفاق السلم والشراكة كان يحتوي على ملحقٍ أمني. استطاع المبعوث أن يدفع ويُقنِع الجميع وخاصةً "أنصار الله" إلى أن يوقّعوا عليه وكان من بين بنوده أن يتمّ تسليم الأسلِحة الثقيلة إلى الجيش اليمني، فلماذا تمّ إلغاء هذا الاتفاق بعد 2015؟ هذا سؤال مفتوح. على أيّة حال، لا أودّ أن أدخل في هذا السياق
سامي كليب: ولكن دكتور "يونس" إسمح لي
يونس أبو أيوب: نعم
سامي كليب: تُشيد بما تفضّل به سعادة السفير ولكن نحن استمعنا أيضاً إلى صوت سعودي، السيّد "خالد باطرفي"، يقول العكس. يقول إنّ "جمال بن عُمر" هو الذي شرعَنَ الانقلاب وهو الذي قبِلَ بتقدُّم الميليشيات الحوثية وفقَ تعبيره. يعني في النهاية نحن أمام رأيين مُختلفين حولَ عمل "جمال بن عُمر" الذي عملت معه حضرتك
يونس أبو أيوب: طبعاً، أنا عملت مع المبعوثين وليس فقط مع الأُستاذ "جمال بن عُمر"
سامي كليب: صحيح، طبعاً
يونس أبو أيوب: طبعاً أنا أودّ لو كان هو شخصياً يتحدّث عن نفسه، أنا لستُ هنا في معرض الدفاع عن الأشخاص لكن أنا أتحدّث عمّا وقع والحيثيات، والحقيقة التاريخية، ما حصل فعلاً. هناك من اتّهمَ الأُمم المتحدة آنذاك أنها شرعنت انقلاباً لكن يجب أن نأخُذ في الاعتبار أُموراً كثيرة كانت تحدُث في الميدان خارجة عن سيطرة الأُمم المتّحدة وحتّى الأطراف اليمنية بذاتها. أمّا في ما يتعلّق بالدخول إلى (صنعاء) فأظنّ أنّ التاريخ سيُثبِت في المُستقبل أنّ هناك أموراً كثيرة لم تظهر بعد وما هي حيثيات هذا الدخول إلى (صنعاء) وكيف سقطت (صنعاء)، فهذه أمور مُعقّدة ولا يُمكن أن نختزلها في شخصٍ شرعَنَ أو لم يُشرعِن أو نتّهم الأُمم المتحدة بذلك. في ما يتعلّق بسؤالك عن الصمت الدولي أظنّ أنّ الوضع قد تغيَّرَ ليس فقط في (اليمن) بل في المنطقة العربية وفي العالم أيضاً. هناك مُشكِلة في ما يتعلّق بـ (اليمن)، أظنّ، منذ فترةٍ طويلة، أن (اليمن) لم يكُن استراتيجياً بما يكفي لكي يتمّ التركيز عليه، في أيام كانت الحرب الضروس تقع في (سوريا) وبالتالي أظنّ إنّ ما حصل وخاصّةً في ما يتعلّق بالقرار 2216 لمجلِس الأمن وكيفية الاتفاق عليه وعَدَم استعمال (روسيا) لحقّ النقد، أظنّ، وهذا تحليل شخصي طبعاً ليس إلّا، هو أنّ (روسيا) كانت منشغِلة بما هو أهمّ بالنسبة لها في (سوريا) والصراع في (سوريا)
سامي كليب: صحيح
يونس أبو أيوب: بالتالي لم يكن يحظى بأيّة أولوية عند هذه الدول. أنا أتذكّر كلمة قالها لي آنذاك أحد المسؤولين الكبار في الحكومة اليمنية، قال لي، " مع الأسف نسينا العالم وأصبح (اليمن) مهراً في ما يتعلّق بالحلول أو الاتفاقات السياسية في (سوريا)، وأظنّ أنّ هذا ما وقع بالنسبة إلى (اليمن) وبالتالي تمَّ نسيان هذه الحرب لأنّه كان هناك ما هو أهمّ بالنسبة للدول الكُبرى
سامي كليب: إذاً توافقني دكتور "يونس" أنّ اليوم موقف (روسيا) تماماً كموقف الولايات المُتحدة الأميركية بالنسبة لـ (اليمن)، إن لم يكن تجاهلاً فهو تغطية لفريق ضدّ فريق آخر
يونس أبو أيوب: أظنّ أنّه ليس أولوية بالنسبة لـ (سوريا)، (اليمن) ليس أولوية عفواً بالنسبة لـ (روسيا)، أظنّ الأولوية الآن لهذه الحرب الضروس التي لا نقول انها باردة ولا نقول إنها ساخنة، هذه الحرب التي أصبحت الآن الحرب الباردة الجديدة في المنطقة العربية موقعها وبؤرة صراعها الأساسية هي (سوريا)، و(اليمن) الآن ما يزيد صعوبةً من التوصُّل إلى حلّ هو أنه لا يُمكن حلّ المُعضلة اليمنية إذا لم تُحلّ المشاكل الاقليمية وتتمّ طمأنة كلّ الدول في منطقة الخليج على مصالِحها وعلى أمنها، وهذا ما زاد الأمور تعقيداً. لم يكن هذا الأمر كذلك في 2012 و2013 في (اليمن)
سامي كليب: سيّد "خالد باطرفي"، نلاحظ منذ أيام أنّ مُعظم التقارير الدولية إن كان تقرير فريق خبراء الأُمم المتحدة، فريق Human Rights Watch، تقرير آخر من خبراء آخرين أيضاً من الأُمم المتحدة كلّها تُحمِّل المسؤولية الأولى للتحالف بقيادة (السعودية) عن قتل الكثير من المدنيين، وطبعاً هناك انتقاد لهذه التقارير من قِبَل (السعودية) وبعض وزراء الخارجية العرب سمعناه في الأيام القليلة الماضية ولكن هلّ تستطيع السعودية تحمُّل مثل هذه التقارير إن طال أمد الحرب؟ ألا تخشون أن تنقلِب الصورة الدولية ضدّكم في الأيام القليلة والأسابيع القليلة المقبلة؟
خالد باطرفي: تقارير الأُمم المتحدة في مثل هذه الأمور سقطت مصداقيّتها سواء في (غزّة) أو في (سوريا) وفي (العراق) وفي غيرها وفي (بورما). عندما يتعلّق الأمر بالدول العربية والإسلامية تكون الأجندات الخفيّة لبعض المسؤولين أو بعض القوى المتنفِّذة في الأُمم المتحدة هي الأهمّ. ولذلك وجدنا في التقرير مثلاً مُساواة بين الانقلابيين وبين الحكومة وكأنّما أهمّ طرفي الصراع طبيعي في أي بلد ولم يكن التقرير واضحاً ويتكلّم عن قائِد الثورات، يتكلّم عن وزير الدفاع أو يتكلّم عن رئيس مجلِس سياسي وكأنهم شخصيات سياسية مُعتَرَف بها دولياً. هذا الكلام هو الذي يُشرعِن، هذا الذي نقوله نحن. الأُمم المتّحدة منذ البداية وهي ترتكب أخطاء لا أعرِف إذا كانت مقصودة أو غير مقصودة، تُشرعِن الانقلاب وتعطي الحوثيين أسباباً للتعنُّت لأنّهم يتعاملون معهم بأكثر مما يستحقونه
سامي كليب: يعني هلّ المبعوث الدولي سيّد "باطرفي"، اسمح لي، عفواً للمقاطعة
خالد باطرفي: تفضل
سامي كليب: هلّ المبعوث الدولي اليوم يُشرعِن ما تصفه بالانقلاب أيضاً؟ يعني هلّ دوره غير موضوعي؟ غير مُحايِد؟
خالد باطرفي: أنا أتكلّم الآن على التقرير، التقرير لم يُعدّه المبعوث الدولي "باتيل"
سامي كليب: حضرتك تحدّثت عن مسؤولين، مسؤولي الأُمم المتحدة لذلك سألتك، حسناً فلنبقى في التقرير، تفضل
خالد باطرفي: فلذلك التقرير أيضاً مصادره في (صنعاء) هي مصادِر حوثية، يعني أنا أستغرِب أنّهم لم يُفكّروا أن يذهبوا إلى مناطق مثل (تعز) مثلاً أو مناطق تحت إدارة الحكومة الشرعية وفضّلوا أن يكون بحثهم وتقصّيهم عن أخطاء الحرب أو التقارير الإنسانية فقط في المناطق التي يُديرها الحوثي وبالتالي أيّ وفد، الذين يوصلونه إلى هذه الأماكن ويرينه هذه المدرسة أو ذلك المسجد لا يقولون له مثلاً أنّها كانت تُستخدم لتخزين الأسلِحة أو أنّ الفصول كانت الصيف كانت تُستخدم لاجتماعات قيادات حوثية أو أنّ هذا الباص كان نصفه من الأطفال المُجنّدين والنصف الآخر من المدرّبين، لا يقولون لهم هذا الكلام، وهؤلاء ينقلون الصورة كما رأى الحوثيون أو المرافقون لهم أن يروها. لذلك نجد أنّ هذا التقرير غير عادل
سامي كليب: سيّد "خالد"، دعني أستنِد إلى كلامك. في بداية هذه الحلقة قلت أنّ الآن الفريق الشرعي كما تصفونه الذي تؤيّده المملكة العربية السعودية والتحالف يُسيطر على 85 في المئة، والآن تقول لي أنّ الحوثيين هم الذين يقودون الفريق. حسناً، إذا كانوا يقودون الـ 15 في المئة الباقية هناك 85 في المئة تحت تصرُّف الفريق الآخر. لماذا لا يرى الفريق ما يحصل في الجانب الآخر في هذه الحال؟
خالد باطرفي: هذا هو سؤالي، لماذا يرفضون أن يذهبوا إلى المناطق التي عانت من قصف "الحوثي" وعانت من التفجيرات الحوثية. (تعز) على سبيل المثال، لم يدخلوا إلى (تعز) ولم يُقدّموا أيّ تقرير عنها مع أنّها تتعرّض لقصف يومي من الحوثيين على مناطق مدنيّة، هذا هو التحيُّز. تركوا 85 في المئة وأصرّوا على أن يكون كل تقاريرهم عن 25 في المئة
سامي كليب: حسناً، لكي يفهم المُشاهِد عن أيّ تقرير نتحدّث فقط اسمحوا لي ضيوفي الكرام
خالد باطرفي: عفواً عن 15 في المئة
سامي كليب: اسمحوا لي ضيوفي الكرام أن نورِد بعض ما جاء في تقرير فريق خبراء الأُمم المتحدة المعني بـ (اليمن). يقول:
- إنّ أطراف النزاع المُسلّحة ارتكبوا وما زالوا يرتكبون انتهاكات وجرائِم بموجب القانون الدولي
- إنّ أفراداً من الحكومة اليمنية وقوّات التحالف بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المُتّحدة وأفراداً من سُلطات الأمر الواقع ارتكبوا أفعالاً قد ترقى إلى جرائِم حرب إلّا أنّ تأكيد ذلك يبقى رهناً بتقييمٍ تُجريه محكمةٌ مُختصّة ومُستقلّة
- إنّ غارات التحالف الجوية أدّت إلى السقوط المُباشَر لمُعظم الضحايا المدنيين
- إنّ الحكومة اليمنية والقوات المدعومة من التحالف وقوّات "الحوثيين – صالح" تقوم بتعبئة الأطفال أو تجنيدهم في صفوف القوات أو المجموعات المُسلّحة واستخدامهم للمُشاركة بشكلٍ فاعِل في الأعمال القتالية
- تُراوِح أعمار الأطفال في مُعظم الحالات بين 11 و17 سنة علماً أنّ تقارير مُتماسِكة تُشير إلى تجنيد أو استخدام أطفال حتّى الثامنة من العُمر
- إنّ المسؤولية القانونية الأساسية للحدّ من هذه الانتهاكات والجرائِم تقع على عاتق حكومة (اليمن) التي تضطلع بحماية الأفراد الخاضعين لولايتها القضائية، ويدعو الخبراء الحكومة اليمنية إلى التحقيق في الانتهاكات التي ترقى إلى جرائِم التي ارتكبها مواطنوها وقواتها المُسلّحة ومُلاحقتهم قانونياً
- "كمال الجندوبي" رئيس فريق الخبراء البارزين الاقليميين والدوليين المعني بـ (اليمن) قال، ما من دليل يُشير إلى مُحاولة أيّ من أطراف النزاع تقليص عدد ضحايا مدنيين وإنني أدعو وبشكلٍ فوري إلى إعطاء الأولوية للكرامة الإنسانية في هذا الصراع المنسي
سامي كليب: أمّا أعضاء الفريق، فريق الخبراء، فهُم لمن لا يعرِفهم، أولاً السيّد "كمال الجندوبي" من (تونس) هو الرئيس، السيّد "تشارلز غاراواي" من المملكة المتحدة و(إيرلندا) الشمالية، والسيّدة "ميليسا بارك" وهي من (أُستراليا) وهُم جميعاً يعملون كخُبراء للأُمم المتحدة. سيِّد "بخيتي"، كما نُلاحِظ أنتم أيضاً مسؤولون وفق التقرير عن جزء من المجازِر التي تحصل في (اليمن) وهو لا يُحمِّل فقط قوّات التحالُف
محمّد البخيتي: حسناً، ولكن أتمنّى أن تتاح لي فرصة أكبر
سامي كليب: تفضّل
محمّد البخيتي: لأنّ فترتي الأولى كانت دقيقتان وأيضاً هما اثنان يعني أنا معي اثنان في مواجهتي
سامي كليب: تفضل
محمّد البخيتي: طبعاً، دائِماً تقارير منظمات الحقوقية دائماً ناقصة لأنّ المنطقة العمياء في عملها واسعة جداً، فهي لا تُعطي أيّة أولوية لمن بدأ بالعدوان ومن يُصِرّ على استمرار العدوان ومن يُراهِن على الخيار العسكري لأنها لو أعطت هذا الجانب حقه فبالتالي دول العدوان ومرتزقتهم يتحمّلون كلّ الجرائِم حتّى الدماء التي تُسفَك على الجبهات بين المتقاتلين لأن هذه أيضاً هي دماء. وعندما يكون هناك هذا العُدوان، المُعتدي يفرِض حرباً بهذا الشكل وبهذا الاتّساع فبالتالي سيتضرّر المدنيون من تلك الحرب خصوصاً عندما يتحوّل الكثير من المناطق إلى ساحة معركة كـ (تعز)، لكن من المسؤول عن تحويلها إلى ساحة معركة؟ هذا من جانب، من جانب آخر، التقرير عندما تحدّث عن الجرائِم التي نُسِبت إلينا ذكر أن مصادِره هي وسائِل الإعلام وليست تحقيقات ميدانية. أمّا الجرائِم التي ارتكبتها دول العدوان وكذلك المُرتزقة أؤكِّد على أنها أكثر بكثير وأيضاً بناءً على ماذا؟ على تحقيقات مؤكّدة، يعني هذه قد تثبُت أو قد لا تثبُت التي نُسِبت إلينا. أيضاً هناك شيء آخر، الاغتصابات الجنسية، هذه لم تحصل في التاريخ اليمني. تخيّل، في يومٍ واحد مئتي سجين يتعرّضون لاعتداءات جنسية من قِبَل قوّات (الإمارات). نحن في قمّة الصراع في (اليمن) عندنا لا تحصل مثل هذه التجاوزات لأنّ العُنصر الأجنبي غير موجود. مثلاً لاحظ، في الشمال كانت هناك حرب (صعدة)، كام؟ ستة حروب، وكان أكثر مناطق يُمارَس فيها البلطجة هي منطقة (حاشِد)، كانت تستخدمها السُلطة لأي شيء؟ من أجل قمع من تعتبرهم خصومها. لكن أنا أقول لك، أولئِك الأشخاص رغم إجرامهم، عندما تأتي سيارة، كانوا يوقفون كلّ السيارات ويعتقلون، لكن عندما تأتي سيارة فيها امرأة كان أولئِك البلطجيون الشرسون يوجهون وجوهم إلى مكانٍ آخر، لا ينظرون حتّى إلى السيارة الموجودة فيها المرأة ويسمحون لها بالمرور. لكن عندما وُجِدَ العُنصر الأجنبي الذي جلبته حكومة الفنادق والقوات المُرتزقة حصلَ هذا الشيء، وهذه الآن تحدث بشكلٍ كبير جداً، هذا واحِد. أنا أيضاً أُريد أن أُعلِّق على ما قاله الأخ "ماهر باطرفي"، تلاحظ أنهم ماذا؟ يكيلون الاتهامات ويُغالطون فقط. مثلاً "مأرِب"، عندما يقول لماذا أنتم لم تتجاوزوا عن هذا التفصيل وتذهبوا إلى هناك من أجل حقن الدماء ومن كذا ومن كذا؟ أنا يمكن أن أقول لك نفس الشيء، وكيف إذا أصبحنا منطق "طفرته"، "طفرته" يعني في المنطق جلسات نسائية، نسميّها في (اليمن) "طفرته"، لماذا ولماذا، هذا كلام "طفرته" وليس كلاماً سياسياً. أنت الآن سفير وتتحدّث في كلام منطقي كلام "طفرته"
سامي كليب: إسمح لي
محمّد البخيتي: هو يتجاور عندما يقول إننا قتلنا "أحمد شرف الدين"، أنا سآتي إليه. لاحظ، لماذا نحن قلنا الحوار في (جنيف)؟ لماذا؟ لأنّها منطقة مُحايدة وآمنة للجميع. لماذا لم نقل الحوار لازم في (صنعاء) ولا في (عدن) ولا في (الرياض) ولا في (طهرا)؟ الجميع أقرّوا لا بدّ في النهاية من أنه لا ينجح إلّا في (جنيف) لماذا؟ لأنها منطقة مُحايِدة. حسناً، الوسيلة لنقل جميع الوفود لا بدّ وأن تكون آمنة
سامي كليب: حسناً، هذه تحدّثنا عنها سيِّد "بخيتي"، إسمح لي
محمد البخيتي: لا، هذه نُقطة مهمة
سامي كليب: لكيلا نعود إلى نفس النُقطة
محمد البخيتي: أعطني الوقت الكافي لو سمحت لأردّ عليهم
سامي كليب: تفضّل
محمد البخيتي: لأنني عندما أُصرّ على وسيلة آمنة، عدم توافرها سيترتب عليه ماذا؟ إضرار في حقّي، لكن القضية ليست قضية صفراء الطائِرة أو حمراء بل الوسيلة، لكن عندما تأتي الطائِرة العُمانية لن تنتقص من حقوقهم، هذا جانب، أنا فقط اأاحظ المُغالطات. عندما يتّهمنا بأننا قتلنا السيّد "أحمد شرف الدين" وأيضاً "الخيواني"، هذا تجده غير معقول، هذا شيء لن يُصدّقه أحد. أيضاً أنا أُريد أن أُعلِّق على ما قاله السيّد "باطرفي"
سامي كليب: سيّد "بخيتي" لكنكم قتلتم الرئيس "علي عبد الله صالِح"، أيضاً هناك وقائِع على الأرض. في الحرب لا يرمي المتقاتلون الورود على بعضهم البعض، هناك قتل وهناك عمليّات إجرامية ولكن أنا كنت أودّ أن أنطلِق إذا سمحت لي وآسف لمُقاطعتك، كنت أودّ أن أنطلِق مما تفضّل به سعادة السفير، أنه يمدّ اليد وأنا أُريد أن أفهم، بعد كلّ هذه الكارثة الإنسانية الحاصلة بغضّ النظر من هو المسؤول لأنّ كلّ طرف عنده كلّ المبرّرات منذ بداية الحرب حتّى اليوم. الآن نحن دخلنا في العام الرابع، عدد القتلى كبير، عدد الجرحى كبير الظروف الصحية هائِلة، أكبر كارِثة إنسانية. حسناً، قد تستمرّ سنوات طويلة هذه الحرب كما حصل في (لبنان)، خمسة عشر عاماً ونصف العام والمُجتمع الدولي لم يسأل لذلك أنا أسأل، هلّ من بارِقة أمل يُمكن أن نستنِد إليها الآن ونقول، قد يُستأنف الحوار قريباً. هلّ من شروط يُمكن أن تؤدّي إلى استئناف الحوار، مثلاً غير مسألة الطائِرة؟
محمّد البخيتي: طبعاً عندما تقول هو يمُدّ اليد، "هادي" وجماعته لم يعُد لهم أيّ وجود على أرض الواقع، "هادي" وجماعته يُستخدمون كأداة لشنّ عدوان على (اليمن) من أجل إعادة السفير الأميركي إلى (صنعاء) ليكون الحاكم الفِعلي لـ (اليمن) ومن أجل إعادة (اليمن) للوصاية الدولية. هذا هو ما يستخدمونه لأنّ "هادي" عاجِز عن البقاء في (عدن)، "هادي" طُرِدَ من (الإمارات)، طُرِد من بعض الفصائِل المُسلّحة في (عدن) وهذا الشيء واضِح للجميع
سامي كليب: أوكي
محمّد البخيتي: لذلك هو لا يمتلِك حتّى هذا الشيء. لكن نحن بالنسبة لنا، نحن نقول، وأيضاً عندما يقول يمدّ لنا اليد، أنت الآن تستقوي بدول خارِجية تُمارِس عدواناً على (اليمن) وتقول أنك تمدّ لنا يد السلام؟ بالنسبة إلى موقفنا، موقفنا واضِح وهو بناء سلام مُشرِّف يضمن كرامة وسلامة الجميع. بناء عملية سياسية تقوم على أساس التوافقات الداخلية، لكن المُشكلة أين؟ من اللازم أن نوضِح للأفاضل المُشاهدين، المُشكلة أين؟ الطرف الآن الذي لم يعُد له أيّ وجود في الداخل لا في (صنعاء) ولا في (عدن) يُصِرّ على قضية الانفراد بالقرار السياسي
سامي كليب: سيّد "بخيتي" إسمح لي
محمد البخيتي: الطرف الموجود على الأرض يريد أن يُسلِم سلاحه
سامي كليب: أوكي، اسمح لي، اسمح لي آسف. حضرتك تقول أنّ الطرف الآخر لم يعُد له وجود ويعتمِد على دعمٍ خارجي وما إلى ذلك، لكن الطرف الآخر يقول أنّ الحوثيين من دون (إيران) ما كان لهم وجود وأنه لولا الدعم الإيراني لكانوا انتهوا منذ فترةٍ طويلة. في النهاية كلّ طرف يُحمِّل الطرف الآخر مسؤولية دعم خارِجي وفي النتيجة الدم اليمني هو الذي يُسفَك عملياً
محمّد البخيتي: لكن أين (إيران)؟ من يعتدي على (اليمن)؟ (أميركا) وحُلفائِها في المنطقة، (إيران) غير موجودة، هذا أولاً. ثانياً هذا الطرف المهزوم الذي لم يعُد في يده شيء وبات يعتمِد على الخارج، نحن لا نُصِرّ على الإقصاء ولا على الانفراد بالقرار السياسي، المُشكلة أنّ الطرف المهزوم الذي فقد كلّ مقوّمات البقاء في الداخل ويستقوي بالخارِج لا زال يصرّ على الانفراد بالقرار السياسي ويريد منّي أن أسلّمه سلاحي، يريد منّي ماذا؟ أن أنسحِب من مناطق سيطرتي التي أُسيطر عليها، يطلب منّي ماذا؟ أن يعود ليحكُم، هذا منطق غير قابل للتطبيق. الآن لم يعُد أيّ طرف يستطيع أن يحسمها رغم أنهم يحسبونها في الخارِج للك لا بدّ من بناء عملية سياسية توافقية
سامي كليب: سيِّد "بخيتي" بشكلٍ سريع لأنني سأعود إلى ضيوفي الآخرين، هلّ تعتبرون أنّ (روسيا) كـ (أميركا) اليوم في الملفّ اليمني؟ نفس التصرُّف؟ نفس الرأي حيال البلدين الكبيرين بالنسبة لكم؟
محمّد البخيتي: لا طبعاً، (أميركا) هي جزء من العدوان و(روسيا) ليست جزءاً من العُدوان. صحيح أنّ (روسيا) لم تقم بدورها كما ينبغي في مجلِس الأمن أو في غيره لكن بالنسبة لنا نحن لا نُراهِن على الخارِج لا على (روسيا) ولا على (إيران) ولا على غيرها. نحن نُراهِن على الله سُبحانه وتعالى وعلى شجاعة الشعب اليمني، وهذا الصمود الذي صمده الشعب اليمني في مواجهة هذا العُدوان العالمي يؤكِّد أنّ الإرادة الشعبية هي ضدّ هذا العُدوان وضدّ مرتزقته في الداخل وإلّا لكانوا انتصروا
سامي كليب: اسمحوا لي أن نستمع إلى وجهة نظر الكاتب والباحث السياسي اليمني "ياسين التميمي" معنا من (إسطنبول). سيّد "ياسين" أهلاً وسهلاً بك. دعنا نفهم أكثر لو سمحت، هلّ ثمّة إحصاءات مؤكّدة عن عدد القتلى في (اليمن) وعدد الجرحى حتّى اليوم بعد كلّ هذه السنوات من الحرب الضروس؟ ولماذا الآن يتركّز الصراع على (الحُديدة)؟ ما هي أهمية (الحُديدة) داخلياً وخارجياً في رأيك؟
ياسين التميمي: تحيّة لك أُستاذ "سامي"
سامي كليب: أهلاً بك
ياسين التميمي: ولضيوفك الكرام. في ما يتعلّق بوجود إحصاءات دقيقة، بالتأكيد ليست هناك إحصائيات دقيقة، المسألة تعتمِد على جميع مُعطيات دائِماً عن طريق المنظّمات الدولية وهي دائِماً تستوفي معلوماتها من أطراف الصراع، من الحوثيين، من الحكومة الشرعية، لكن أيضاً هناك هامِش كبير لإخفاء الحقائِق. مثلاً الحوثيون لديهم فلتر قوي جداً لا ترشح منه المعلومات كاملة بعكس الطرف الآخر، تقريباً مفتوح على تدابير كثيرة على تفاصيل كثيرة أقصُد
سامي كليب: أُستاذ "تميمي"، هلّ من إحصاءات شبه تقريبية ولو تقريبية يعني، كم حتّى الآن فقد (اليمن) من أهله كقتلى وجرحى عملياً؟
ياسين التميمي: تقريباً في حدود عشرة آلاف، يعني ما بين ستة آلاف إلى ثمانية آلاف إلى عشرة آلاف شهيد أو قتيل في هذه المعارِك بالإضافة إلى أعداد مُضاعفة طبعاً من الجرحى. مأساة الحرب في (اليمن) أنّها لا تُقيم اعتباراً للإنسان عكس بقية الساحات العالمية التي تشهد مواجهات من هذا النوع، لكن هناك إحصائيات، هناك توثيق، هناك اهتمام على الأقلّ بالناس الذين يموتون في الحرب اليمنية، حتّى هناك إهمال حتّى لجرحى الحرب وهناك جرحى يُهملون بطريقة فظيعة
سامي كليب: حسناً، معركة (الحُديدة)
ياسين التميمي: معركة (الحُديدة)، (الحُديدة) معركة مفصلية. أنا أعتقد أنّ الحوثيين سيفرغون جهدهم في معركة (الحُديدة) ولن يخوضوا معركةً أقسى منها تقريباً خلال المرحلة القادمة والسبب هو أنّ مدينة (الحُديدة) أولاً وميناءها من الناحية الاقتصادية تُشكِّل أحد أهم الموارِد الاقتصادية بالنسبة إلى الحوثيين ومدخلاً للتصرُّف بأشياء كثيرة ليس فقط من ضمنها تأسيس اقتصاد موازٍ أو على الأقل السماح بتهريب أكبر قدر من الأسلِحة وخصوصاً الأسلِحة النوعية لكن أيضاً المورِد الاقتصادي، التحكُم أيضاً بالمُساعدات الدولية التي تصل إلى (اليمن) من المُنظّمات الدولية ، الحوثيون يجيّرون جزءاً كبيراً منها لصالِح معركتهم في مواجهة الحكومة، والأهمّ من هذا أيضاً أنّ (الحُديدة) تُشكِّلُ عُمقاً جغرافياً للحوثيين ويستطيعون الادّعاء بأنهم يحكمون جزءاً مهماً من الجغرافيا اليمنية وهذه الجغرافيا التي يتركّز فيها مُعظم سُكّان (اليمن)
سامي كليب: بالنسبة للطرف الآخر؟
ياسين التميمي: بالنسبة للطرف الآخر، أولاً القرار بيد (الإمارات) و(الإمارات) ترى في تحرير (الحُديدة) مُجرّد ضغط، لكن أنا أعتقد أنّ هناك أولويات أمنيّة مُلِحّة بالنسبة للمملكة العربية السعودية وهي تعتقد أنه بالسيطرة على مُجمل الساحل الغربي ومن ضمنها (الحُديدة) يُمكن أن تهدأ قليلاً وتمنع من تدفُّق الأسلِحة الثقيلة والنوعية للحوثيين وخصوصاً التي تأتي من (إيران)، وهذا الأمر طبعاً تزايد وتضاعف. قلق المملكة العربي السعودية في الفترة الأخيرة بعد أن بدأ الحوثيين يوجّهون ضربات صاروخيّة مؤثِّرة في العُمق السعودي. (الإمارات) أيضاً لها أهداف جيو- سياسية في نهاية المطاف، هي تُمارِس اليوم نوعاً من النفوذ على الجغرافيا اليمنية عبر سيطرتها على مراكز استراتيجية مُهمة كـ (باب المندب)، ميناء (الحُديدة)، ميناء (عدن)، ميناء (المُكلّا)، مطار (المُكلّا)، تقريباً هي تُمارِس النفوذ على هذه المناطق وحاولت بشكلٍ واضح وصريح في (سقطرة) على سبيل المثال أن تفرِض سيطرة عسكرية بشكلٍ مُستفِزّ مع وجود رئيس الوزراء. فتتداخل بطبيعة الحال الأهداف، لكن ما يجب تأكيده هنا هو أنّ الحكومة تقريباً في معركة (الحُديدة) ليس لها حضور قوّي جداً وليس هناك ضمانات من أنّ معركة (الحُديدة) في حال نجحت في استعادة (الحُديدة) يُمكن أن تؤسّس نموذجاً حقيقياً لنفوذ الدولة اليمنية والسُلطة الشرعية التي يدّعي التحالف أنه جاء لدعمها. هناك مخاوِف بطبيعة الحال من إعادة إنتاج (عدن) أُخرى في (الحُديدة)، ولهذا الحوثيون يستميتون في الدفاع عن هذه المنطقة لأنّها عُمق استراتيجي ولأنها مصدر مُهمّ جداً في دعم المعركة
سامي كليب: حسناً، دكتور "يونس أيّوب" هلّ لديك أيّ تعليق على قضية (الحُديدة)؟ هل هي فعلاً استراتيجية إلى هذه الدرجة؟ خصوصاً أنها فعلاً جغرافياً وجيو – سياسياً مهمة جداً، الآن ولمستقبل المنطقة
يونس أبو أيوب: أظنّ بالنسبة إلى تغيير المُعادلة على الأرض وبالتالي تغيير المواقف السياسية والتفاوضية على الطاولة، يبدو أنّ هناك اهتماماً كبيراً جداً بـ (الحُديدة)، كان يُنظر إليها على أنّها مُنطلق أو مخرج ونُقطة تواصُل مع الخارِج بالنسبة لطرف (صنعاء) و"أنصار الله"، وبالتالي تمّ التركيز عليها من منظورٍ عسكريّ ليتِمّ تحقيق تقدُّم على الميدان يؤثِّر على المُفاوضات، وأظنّ أنّ هذا هو المُنطلق الذي ينظر منه إلى (الحديدة)
سامي كليب: دكتور "يونس"، نحن أمام فشل ثالث مبعوث دولي إلى (اليمن)، هلّ لا توجد رغبة عند الدول الكُبرى بحلّ مسألة (اليمن) رغم الكارِثة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون؟ ولولا وجود بعض المنظّمات الإنسانية والدوليّة مثل الصليب الأحمر وغيره ربّما الكارِثة كانت مُضاعفة مرّات عديدة. ألا توجد رغبة في حلّ مسألة (اليمن) أم فعلاً هناك عقم وصعوبات وعدم قدرة على الحلّ؟ فهمت من كلامك في البداية أنه ليست أولوية ولكن حين يصل الأمر إلى هذه الكارِثة الإنسانية تبقى عديمة الأولوية؟ يعني ألا يوجد ضمير عالمي ينظُر إلى ما يحصل؟
يونس أبو أيوب: في الحقيقة لا يُمكن الحديث الآن عن فشل المبعوث السيّد "مارتن غريفيث" لأنه يشرع في عمله وبالتالي هذه ربّما انتكاسة أولى أو كبوة قد يستطيع في ما بعد لو توفّرت الظروف أن يُنجِز شيئاً ما. ثانياً، فترة الأُمم المتحدة والمبعوث الأول منذ 2011 إلى 2015 كانت ناجِحة إلى حدٍّ بعيد. ما حصل في ما بعد من تطوّرات ميدانية هو الذي أدّى إلى تغيير المُعادلة. اليوم الوضع مُختلِف تماماً عما كان عليه قبل سنوات، اليوم أضحى من الضروري أن يكون هناك على الأقلّ مساران، مسار بين (اليمن) و(السعودية) يؤمِّن لكلا البلدين حقوقهما وطمأنة المملكة السعودية على حدودها وعلى مصالِحها الجيو استراتيجية ويُطمئِن أيضاً ويُحافِظ على سيادة (اليمن) وأن يكون هناك مسار آخر يمني – يمني، وهذا في رأيي أساسي لأنّ في السابق لم يكُن الوضع كما هو الآن. هلّ هناك ضمير عالمي؟ هذا لا ينطبق فقط على (اليمن)، حن نتحدّث عن دول عن مصالِح جيو – سياسية وبالتالي التاريخ مليء بصراعات مثل هذه، لم يكُن بالضرورة المنظور الأخلاقي الضمير الإنساني هو الأساسي فيها بل مصالِح دول وصراعات بين هذه الدول. هذا مؤسِف ولكن هذه هي السياسة العالمية
سامي كليب: حسناً، سعادة السفير "محمّد علي مارِم"، الآن واضح أنّ كلّ طرف لا يزال يحتفِظ بالكثير من أوراق القوّة. يعني لا الأهداف تحقّقت من التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية والدليل أنّ الحوثيين لا يزالون يُقاتلون وبشراسة كُبرى ، ولا الحوثيون استطاعوا أن يهزموا الطرف المواجِه لهم. في النهاية الحرب قد تستمرّ سنوات طويلة. هلّ يُمكن، لكي نتحدّث بشيء من التفاؤل حيال شعب ربما يُشاهدنا الآن ويشعُر بالفقر، يعيش الفقر ويعيش الجوع، ربما جرحى لا يستطيعون الخروج من منازلهم، يُعانون، هلّ نستطيع أن نقول لهم ولو كلمة أمل؟ ما هو المطلوب ولو بشروط دنيا للدخول في حلٍّ سياسي لهذه المأساة الإنسانية الكُبرى؟ ما هو المطلوب؟
محمّد علي مارِم: يعني أوضِح مُسبقاً بعض النقاط لو سمحت
سامي كليب: تفضل
محمّد علي مارِم: أعطني الوقت الكافي
سامي كليب: تفضّل
محمّد علي مارِم: بدايةً يجب إعادة الأمور إلى أصولها لكي يكون هناك وضوح أمام المُشاهِد وأمام العالم. لا نستغفل في بعض المُصطلحات ولنضعها كتساؤلات، من الذي دخل إلى (صنعاء) وأوقف نتائِج الحوار الوطني؟ من الذي حاصر فخامة رئيس الجمهورية؟ من الذي نزل إلى داخل (عدن) وانتهكها كمدينة آمنة لا يوجد فيها سلاح ولا يوجد فيها جندي بل كانت كلّ الجنود فيها أساساً تتبع الذي يُسانِد الحوثيين. من الذي قتل الأبرياء في داخل (كريكر) وفي داخل (التوّاي) ومن الذي ضرب (سفينة) كانوا منها أساساً خائِفين من القتل وهو طاردهم في داخل (التوّاي)؟ من قتل أبناء (دار سعد)؟ من؟ من فعل كلّ هذا؟ وبعدها يقول عدوان. ثانياً العامل الدولي، ألا يقوم العامِل الدولي بكيفية الحفاظ على الاستقرار في العالم وهنالِك نُظم؟ ألا توجد انتخابات في جميع الدول وأنّ من يُمثِّل الدولة يجب الحفاظ عليه؟ وبالتالي، جاء العامِل الدولي بشكله العام على كيفية إصدار قراره 2216 وكيفية تسليم السلاح وخروج مؤسّسات الدولة وكيفية عودة المسار السياسي؟ إذاً كلّ هذه الأشياء التي تصير ولها منهجيات ووضع، لا نأتي يوماً ونقول والله هنالِك عدوان. من الذي اعتدى؟ مجموعة مُعينة لا تزيد عن خمسة في المئة وبالتالي تنتهِج دولة متكاملة واليوم أساساً ندخُل في تفاصيل ونقول والله هنالك مساعدات. لماذا لا نعود لأصل الأمر؟ من أنتم حتّى تغتصبوا الدولة؟ إذا كان هنالك إرادة في تغيير الدولة فهنالِك انتخابات قادِمة كانت بعد خروج الحوار الوطني بنتائِجه. إذا كانت هناك إرادة في تغيير شكل الدولة
سامي كليب: يا سعادة السفير، أوكي
محمّد علي مارِم: إسمح لي، اإسمح لي
سامي كليب: تفضّل
محمّد علي مارِم: إذا كانت هناك إرادة في تغيير نظام الحُكم أو شكل الدولة فهنالِك الهيئة الوطنية وكانت هي داعمة لها، لكنّ كلّ هذا الاستخفاف وكلّ هذا الدخول في تفاصيل غير صحيحة هي أساساً توضِّح. حتّى اليوم عندما نرى هنالك عندما نقول هنالك إيضاحات ومن الممكن أن يكون هنالِك مسار جديد للمبعوث الدولي يتّضِح أنّ هنالِك لا زالت هذه المجموعة لم تكتفِ باعتبار (اليمن) هي أداة من أجل الوصول إلى المنطقة
سامي كليب: يا سعادة السفير، يا سعادة السفير، ماذا ستفعلون؟ يعني لن تستطيعوا حتّى الآن هزيمة هذا الطرف
محمّد علي مارِم: يا أخي سأوضح لك
سامي كليب: إسمح لي فقط، الآن وأنا أتحدّث إليك حديثاً عن 15 شهيداً وعشرات الجرحى في غارات شرق (الحُديدة). في النهاية كلّ يوم يفقِد (اليمن) جزءاً من شعبه وأنت إبن هذا الشعب والسيّد "بخيتي" إبن هذا الشعب، يعني لا تستطيعون أن تقولوا للشعب اليمني أنّ هناك إمكانية للحل، أنه يُمكن أن يطوي الإنسان جراحه، يُمكن أن يطوي مشاكله، يُمكن أن يفتح صفحة جديدة، هلّ ستتقاتلون حتّى يبيد طرف الطرف الآخر؟
محمّد علي مارِم: بلى، الحلّ موجود سيّدي، الحل موجود وهناك طريقتان كلّها في أيادي السُلطة الشرعية. الحلّ الأول وهو أساساً ما يُنادي به فخامة الرئيس وكلّ من معه هو حلّ السلام، فلتأتِ يا أخي، ما هي النُقطة المطروحة أمامك كرؤية أنت أساساً تُحارِب من أجلها؟ فلتأتِ، هذا واحد. الحلّ الثاني، يجب أن تعرِف أنه كما وصل من انقلب على الدولة إلى داخل (عدن) و(حضرموت) واليوم لدينا أكثر من 85 في المئة، اعلَم أنّ هناك قوّة عسكرية جبارة تستطيع في خلال أيام الوصول إلى كلّ باقي الدولة اليمنية لكن هنالِك إرادة أُخرى تنطق باستمرار على كلّ القوات العسكرية ألّا تتقدّم، وإذا تقدّمت أحياناً فضربه التحالف يرفض تقدمها ولا يريد في ذلك لأنها عبارة عن المزيد من الاقتتال في الأماكن التي فيها اكتظاظ بالسكان. هذا واقع يجب عليه، لكن هنالك إمكانية عسكرية وهنالِك إمكانية سلام. إمكانية السلام هي اليد الممدودة باستمرار من قِبَل فخامة الرئيس وكلّ من معه، وأكبر دليل على ذلك هو (جنيف)، وعندما طُرِحَت كلّ النقاط فهنالك من يقول طائِرةً زرقاء
سامي كليب: أوكي، سيّد
محمّد البخيتي: الحلّ هذا يعود للحُكم، هذا ما تريده
محمّد علي مارِم: أبداً، أبداً، لم يكن "هادي" يريد الحُكم ولم تقل السُلطة الشرعية ذلك، قالت فليأتيِ المسار السياسي وكلّ النقاط حوله
محمّد البخيتي: يعني مع اختيار رئيس جديد وحكومة وحدة وطنية، "هادي" الآن متّفق على أساس اختيار رئيس جديد وحكومة وطنية أم لا؟
محمّد علي مارِم: لم يقل "هادي" أنا أُريد السُلطة، حينما تمّ الانقلاب على الدولة كانت هناك
محمّد البخيتي: لا لا، سؤالي لك، هلّ أنت مع اختيار رئيس جديد بدلاً من "هادي"؟
محمّد علي مارِم: فلتكن انتخابات، نعم نعم، تكتمل العملية السياسية بإجراء العملية الانتخابية وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لا يتمسّك بها لا فخامة الرئيس ولا أي أحد في الحُكم ولن نرضى
محمّد البخيتي: حسناً، مَن يُدير هذه الانتخابات؟ لحظة، مَن يُدير هذه الانتخابات؟ طرف في الصراع؟
محمّد علي مارِم: يديرها؟ هناك أصول في طريقة الإدارة فلتكن أنت واحد ممن يديرونها
محمّد البخيتي: لا، لا بد من أن تكون هناك حكومة سلطة انتقالية جديدة مقبولة من جميع الأطراف تُدير الانتخابات
محمّد علي مارِم: بالضبط، لا مشكلة، طبيعة النقاش والتفاصيل
محمّد البخيتي: أنت لن تقبل أن أدير أنا الانتخابات وأنا لن أقبل لأنك طرف في الصراع
محمّد علي مارِم: أيّ صراع؟ أنت صاحب الصراع ...
سامي كليب: سيّد البخيتي، لو سمحتما لي، واضحة وجهتا النظر وحضرتك تقول لا بدّ من سُلطة انتقالية هي التي تُدير الانتخابات المقبلة والسفير يقول إنّنا نقبل برئيس آخر إذا كانت الانتخابات ستؤدّي إلى ذلك. عال، هذه نُقطة
محمّد علي مارِم: لا، أنا لم أقل هكذا، أنّ هنالِك أُصولاً في الدولة، هذا رئيس شرعي مُنتَخَب وعلى المسار السياسي أن يُحدّد، فلتأتِ هذه المجموعة ولتتنافس
محمّد البخيتي: انتهت مدته واستقال، استقال "هادي"
سامي كليب: ممتاز، اسمحوا لي فقط
محمّد البخيتي: أتمنّى عليك
سامي كليب: يا سيّد بخيتي أنا آسف، أنا أعلم أنّ كلّ طرف منكم يُريد أن يتحدّث بشكلٍ أطول، وفعلاً نحن عندنا من يُراقب الوقت، يعني نُعطي الوقت بشكلٍ متساوٍ وأنا أُعطيك أكثر لأنّه كما تفضلت هناك طرفان في الجهة الأُخرى، ولكن اسمح لي
محمّد البخيتي: لا بالعكس
سامي كليب: سيّد "باطرفي" مجلة National Interest الأميركية تقول التالي، والكثير من الصُحف الأميركية في الواقع تُركِّز على هذه الأمور. تقول: بعد أن فقد السعوديون (سوريا) يُضاعفون جهودهم لإنكار ما يُمكن أن يُعِدّوه انتصاراً آخر لـ (إيران) في (اليمن) المُجاورة، أصبح (اليمن) الملاذ الأخير في تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية والحرب مدفوعة بالرغبة الأميركية السعودية في ليّ ذراع (إيران) لكنّها مدفوعة أيضاً بمُشتريات سعودية كبيرة من الأسلِحة الأميركية المتطوّرة وتتحدث عن خطر المواجهة المُباشرة الإيرانية السعودية. طبعاً عندك حرية التعليق على هذا الكلام وأُريد أن أسألك، كيف تتخيّل الحلّ؟ هلّ من حلّ سياسي أو ستستمرّ المعارِك طويلاً؟
خالد باطرفي: عندما أطلق الحرس الثوري صواريخ داخل (العراق) ليضرب مُعارضين إيرانيين ومُعارضين كرد لم نرَ من يقول بأنّ هذا تدخُّل في شؤون (العراق) أو اعتداء على سيادته، هذا اعتداء صريح. أيضاً (تركيا)، لأنّ هناك إرهاباً على حدودها تدخّلت للقضاء على هذا الإرهاب. نحن نواجه ما هو أكثر من ذلك، اختطاف لدولة كاملة من قِبَل ملالي (إيران) ومُرتزقة يعبثون بمقدّرات هذا الشعب ويريد خمسة في المئة منهم أن يحكموا شعباً كاملاً ويتكلّمون باسمه، فنحن أمام إشكالية كبيرة
سامي كليب: والحلّ سيّد "باطرفي"، الحلّ
خالد باطرفي: نعم، أنا مع الحلّ، الحلّ يجب أن يكون له مرجعيات. أنا أعجبني في كلام الدكتور "يونس" عندما قال في بداية الحلقة بأنّه لا يُمكن أن تذهب إلى مُفاوضات أو حتّى مُشاورات إذا لم تكن هناك أُطُر متّفق عليها، إذا لم تكن هناك مرجعيّات مُتفق عليها. عندها مرجعيّات مُتّفق عليها من قبل، مُخرجات الحوار الوطني متفق عليها من قِبَل الحوثيين أنفسهم. عندنا المُبادرة الخليجية أيضاً مُتفق عليها وعلى أساسها تنازل الرئيس "عبد الله صالِح"، وعندنا القرارات الأُممية. فإذا كان الحوثيون يُنكرون هذا كلّه، يُنكرون أنّ هناك حكومة ولا يعترفون بحكومة "هادي" ولا بالحكومة الشرعية ويعتبرونها غير موجودة، والقرارات الأُممية لا يعترفون بها، ونقضوا كلّ ما وافقوا عليه من قبل، فكيف يُمكن أن يكون هناك حوار؟ لذلك علينا، على المُجتمع الدولي، في نظري، الحالي أن يضغط على (طهران) لأنّ الحوثيين لن يكون من أمرِهم شيء. عليه أن يضغط على (طهران) لتسمح لمرتزقتها في (اليمن) بالقبول بهذه المرجعيات، ومن دون القبول بهذه المرجعيّات لا يُمكن أن يكون هناك حوار مثمر أو مسار للسلام
سامي كليب: للأسف انتهى الوقت. سيّد "بخيتي" سؤال أخير، ما هو تصوُّرك للحلّ ولكن بشكلٍ سريع لو سمحت لأنّه فعلاً انتهى الوقت
محمّد البخيتي: هذه هي المُشكلة، أنكم تطرح عليهم سؤالاً يخرجون من السؤال ويكيلون الاتهامات التي لا تسمح لي أن أُعلّق عليها. أنا لا أتهمهم، أنا أُدافع فقط. قضيّة الحلّ في شكلٍ مُختصر هي بأن يتركوا لليمنيين حلّ خلافاتهم بأنفسهم. هذا ما طرحناه، أنه لا بدّ من أن يكون هناك مسار داخلي، حوار يمني- يمني بين المكوّنات السياسية اليمنية من أجل التوصُّل لاتفاق على سُلطة انتقالية جديدة مقبولة من جميع الأطراف، أي رئيس جديد مقبول من جميع الأطراف، حكومة وحدة وطنية تستوعِب جميع الأطراف وأن تقوم هذه السُلطة الانتقالية الجديدة بفرض سُلطتها على مُختلف المُحافظات اليمنية وتُعِدّ للانتخابات القادمة، لكن المُشكلة أنّهم يسعون للانفراد بالقرار السياسي، يُصرّون على قضية الانفراد بالقرار السياسي ويُراهنون على الخيار العسكري من أجل الوصول إلى هذا الهدف، وأيضاً أن يكون هناك مسار خارِجي للحوار بين (اليمن) و(السعودية) و(الإمارات) كطرف آخر، لكن الآن المُشكلة حتّى الآن أنّ (السعودية) لا تُريد أن تعترِف أنها طرف في الصراع. كيف يُمكن أن نوقف الصراع وأحد أطرافه يُنكِر أنه طرف فيها؟ رغم أنّ الطائِرات السعودية تقصف كلّ المحافظات اليمنية ونحن نقصف الآن في العُمق السعودي وفي العُمق الإماراتي، نحن صرنا طرفين. أيضاً مثلاً، "هادي" ومن معه لم يعد لهم أيّ وجود في الداخل، ومع ذلك نحن به كطرف، لكن لا، يُريد أن يعود إلى الحُكم لا يريد أن يكون طرفاً. يقول لك، أنا أعود إلى الحُكم ونُجري انتخابات وأنا أحكم وأنا أستلم السلاح وأنا سلطة الدولة
سامي كليب: شكراً جزيلاً
محمّد البخيتي: يعني كلام غير منطقي
سامي كليب: شكراً جزيلاً لك. دكتور "يونس" بنعم أو بلا، انتهى الوقت فعلاً وتخطّينا الوقت، هلّ تعتقد أنّ الحلّ اليمني قريب أم ستطول الحرب؟
يونس أبو أيوب: أظن الحرب ما زالت مُستمرة ليست هناك ظروف مناسبة للحل، لكن أنا متأكِّد أنّ في آخر المطاف ليس هناك حلّ عسكري لهذا الصراع وسيأتي الأطراف كلهم في آخر المطاف إلى حلٍّ سياسي، فمن الأفضل أن يكون ذلك عاجلاً وليس آجلاً
سامي كليب: شكراً جزيلاً لك. أُريد فقط أن أعتذر من الكاتب والباحث السياسي اليمني "ياسين التميمي"، لم نستمع إليه كثيراً، أعِدكَ بأن تكون ضيفاً رئيساً في حلقةٍ مُقبلة إن شاء الله عن (اليمن)، كما أودّ أن أقول أنّ نحن ننتظر دائِماً من المُجتمع الدولي في الواقع، ولكن مؤسف أنّ جامعة الدول العربية لا تتحرّك بقوة وتجمع الطرفين وتُنهي أكبر كارِثة إنسانية في تاريخنا المُعاصِر. شكراً لكم أعزّائي المُشاهدين، إلى اللقاء في حلقةٍ مُقبلة من "لعبة الأُمم"