
بيار كرينبول - المفوض العام لوكالة الأونروا
نص الحلقة
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> طابت أوقاتكم.</p>
<p>منذ سبعين عاماً، أي منذ النكبة، وملايين الفلسطينيين يعيشون المعاناة، معاناة التهجير والنزوح والحرمان. وللتخفيف منها، وُلدت بعد النكبة بعامٍ واحد وكالة دولية هدفها تقديم الغوث إلى اللاجئين الفلسطينيين عُرفت اختصاراً بالأونروا بانتظار العودة إلى الديار.</p>
<p>حلمٌ طال ولم يفقد الفلسطينيون الأمل، وباتت الأونروا ضرورة لا بدّ منها في حال أكثر من خمسة ملايين فلسطيني يتوزّعون على مخيمات في الداخل الفلسطيني وبعض دول الجوار.</p>
<p>اليوم تعيش الأونروا أزمة تتهدّد وجودها والدور الإنساني الذي قامت من أجله.</p>
<p>هي أزمةٌ مفتعلةٌ عنوانها مالي تقودها الولايات المتحدة التي باتت ترى في هذه المؤسسة الدولية العريقة عائقاً أمام ما ترسمه من مشاريع ومخطّطاتٍ للمنطقة، فاختارت تقليص مساهماتها المالية، وهي ليست بقليلة، ما يضع الأونروا في عجزٍ مالي ويؤثّر في تقديماتها وخدماتها إلى اللاجئين الفلسطينيين.</p>
<p>للحديث عن مستقبل وكالة الأونروا وما تعيشه من مشاكل، وهل من إمكانيّةٍ لتجاوزها، يسعدني أن أستضيف المفوّض العام لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين السيّد بيار كرينبول.</p>
<p>مرحباً بك سيّدي الكريم.</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> شكراً جزيلاً.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> نبدأ سيّد بيار مع الواقع الذي تعيشونه. وكالة الأونروا التي تترأسون تواجه مشاكل مالية وهي ليست بجديدة، وقد أصبحت هذه المشاكل تنعكس بشكلٍ كبير على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في الداخل الفلسطيني أو في دول الجوار.</p>
<p>ما جديد هذه الأزمة؟ وكيف يمكن أن تتجاوزوها؟</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> أنت محق تماماً عندما قلت في المقدّمة إنّ الأزمة هي أزمة وجودية، فبالنسبة إلى المساعدات والأعمال التي نقدّمها لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني، نحن نعتمد على المساهمات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فهي الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أعطتنا هذه الولاية المحدّدة. وبالتالي، الولايات المتحدة الأميركية عندما أعلنت هذا العام بداية أنها تنوي أن تخفض مساهماتها بقيمة 300 مليون دولار، ومن ثم بعد ذلك مؤخراً قالت إنها ستتوقّف عن تمويل الأونروا بشكلٍ مطلق، نواجه بالطبع إذاً وضعاً يفرض علينا الكثير من التحديات، لأنّ الولايات المتحدة الأميركية كانت تقدّم ما يصل إلى نحو 360 مليون دولار كمساهمات في السنة. ونحن بالطبع منظمة نعمل على ولايتنا ونطاق اختصاصنا بشكلٍ جدّي، وفي يناير (كانون الثاني) أطلقنا حملة عامة إسمها الكرامة كلفتها باهظة، وقمنا بهذه الحملة لكي نتواصل مع الشركاء القدامى الموجودين وكذلك المُحتملين بهدف تخطي هذه الأزمة، لأننا نتعامل مع كرامة الإنسان وحقوق الإنسان، فلا يمكننا أن نتخلّى بكل بساطة عن ولايتنا، ونحن عازمون على مواصلة تقديم خدماتنا التعليمية وعلى مستوى الرعاية الصحية وغيرها، وحتى الآن قمنا في الواقع بحشد أكثر من 238 مليون دولار كتمويلٍ إضافيّ هذا العام بفضل الكثير من الجهات المانحة، لا سيما في بلدان الخليج وكذلك في آسيا وأوروبا.</p>
<p>وهذا سمح لنا بأن نفتح العام الدراسي في الوقت المحدّد لـ 500000 طفل فلسطيني وكانت تلك الإستجابة الأفضل لنا لهذه الأزمة.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> سيّد بيار، تقول إنّ وكالة الأونروا عازمة على مواصلة دورها وعملها، وأن افتتاح العام الدراسي هو أحد أوجه هذا العزم. ولكن هل تمتلكون القدرة المالية على الاستمرار، خصوصاً وأننا نعلم ألا موازنة موجودة للوكالة، أنتم تعتمدون على الدعم والتمويل من الدول المانحة؟</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> نعم، هذه نقطة هامة. للوقت الراهن، ما زلنا بحاجة في الواقع إلى 200 مليون دولار أميركي لكي نتمكّن من إنهاء كل خدمات ومشاريع هذا العام بشكل إيجابي، وهذه مرحلة هامة لأنني سوف أشارك في اجتماعات جامعة الدول العربية، وكذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية شهر سبتمبر (أيلول)، حيث سيعقد اجتماع خاص يركّز على الأونروا في محاولةٍ لإطلاق نداءٍ لدول أخرى وشركاء آخرين لم يقدّموا بعد أي تمويل إضافي هذا العام لكي يساعدونا في هذه الأوقات المتأزمة. من المهمّ فعلاً أن نعمل على هذا النجاح الذي تحقق من خلال فتح العام الدراسي في الوقت المحدّد. هذه مسألة حاسمة، عندما أتحسّس شجاعة التلاميذ الفلسطينيين في سوريا ولبنان والأردن، وكذلك بشكل واضح في الضفة الغربية وفي غزّة، الذين يدلّلون على قدر كبير من الشجاعة كل عام ويقصدون المدرسة على الرغم من كل الصعاب والتحديات، لا يمكنني أن أعود لهم وأقول لهم لقد فشلنا في حصد ما يكفي من المال لكي نبقي المدارس مفتوحة. بالتالي سوف نطرق كل باب ونبذل كل جهد لكي نحقّق النجاح.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> سيّد بيار، ما هي القطاعات التي تأثّرت بشكل أكبر جراء الأزمة التي تعانونها حتى الآن؟</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> بالنسبة إلى جوانب عن أعمالنا التي تأثّرت بشكل أساسي، هي أعمال الإغاثة الطارئة التي نقوم بها في الضفة الغربية وفي غزّة، لأنّ التمويل في حالات الطوارئ كان يعتمد بشكلٍ كبير على الدعم الأميركي في الماضي في الواقع، بالنسبة إلى هذين الموقعين تحديداً. ولسوء الحظ كنا مضطرين لإغلاق بعض المناصب في الضفة وفي غزّة، وهذا أمر مؤلم بالفعل، لأنّ الحاجات ما زالت موجودة على الأرض، وبالطبع عندما نفقد بعض الموظّفين ونكون مضطرين لإنهاء عقودهم، بالنسبة إلى هؤلاء، هذه صدمة حقيقية لا سيما في الضفة الغربية حيث يكون من الصعب جداً بالنسبة إلى أيٍّ كان أن يجد وظيفة ما مع جهة أخرى في المجتمع لأن بكل بساطة ما من بدائل بسبب الحظر وبسبب الاحتلال وكل ما يدور من أحداث في الضفة الغربية.</p>
<p>بالتالي من الصعب جداً بالنسبة إلى هؤلاء أن يجدوا وظائف ونحن بالطبع نتأسّف جداً على ذلك، لكننا بالطبع حدّدنا بعض الأولويات، بالنسبة إلى مسألة توزيع العينات الغذائية لمليون شخص في غزّة وفتح العام الدراسي في الوقت المناسب، وبالتالي عندما نواجه صعوبات لا بد وأن نحدّد الأولويات بطريقة واضحة، ولكنني كما قلت في رسالة مفتوحة قدّمتها للاجئين الفلسطينيين، لن نخذلكم وسنبقى واقفين مع هذا المجتمع الذي يستحق أن يحظى بكرامة وبحماية واضحة وفي كل زمان ومكان. يسعى البعض إلى التقليل من قيمة اللاجئين الفلسطينيين أو من أهمية تجربتهم، لكن بكل حال الأونروا ستبقى واقفة لدعم هؤلاء، فهذا التزامنا وعزيمتنا راسخة.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> كلام جميل سيّد بيار، ويعكس فعلاً إحساساً كبيراً بواقع ومعاناة الشعب الفلسطيني على مدى العقود الماضية، لكن الكثر من اللاجئين الفلسطينيين حتى الآن يخشى من تبعات هذه الأزمة. هل ترى أن هذا القلق مبرَّر لديهم؟</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> أنا أتفهّم بشكلٍ جيّد مسوّغات هذه المخاوف، فقد دارت نقاشاتٌ في وقت سابق من هذا العام بشأن وضع القدس، ثمّ حصلت نقاشات متعلقة بتمويل الأونروا، ولكن النقاشات الأهم عساها تكون تلك المرتبطة بالتحديات المفروضة على مستوى وضع اللاجئ القانوني. وهذا بالطبع يدعونا إلى العودة إلى القانون الدولي، أولاً اللاجئون الفلسطينيون يتمتعون بحقوق بموجب القانون الدولي، ومن الواضح أن الأونروا لها مسؤولية تجاه أجيال مختلفة من اللاجئين الفلسطينيين، ولن نتخلّى بكلّ بساطة عن هذه المسؤولية، لأنّ ما يؤدّي إلى استدامة واقع اللجوء ليس الأونروا، بل هو بسبب الأطراف المعنية بالنزاع، إسرائيل وفلسطين والأسرة الدولية، تلك الأطراف التي فشلت بشكل واضح في التوصل إلى تسويةٍ سياسية من شأنها أن تعطي أفقاً أفضل للاجئين الفلسطينيين، وإلى أن يتم إيجاد هذا الأفق على المستوى السياسي، الأونروا مدعوّة لمواصلة تقديم خدماتها لهذا المجتمع، ونحن عازمون على ذلك وعازمون كذلك على الحرص على أن يكون ذلك مفهوماً بشكل جيّد.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> ولكن المسؤولية بالدرجة الأولى تقع سيّدي الكريم على الاحتلال الإسرائيلي في استمرار معاناة هؤلاء اللاجئين.</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> من الواضح أنه بموجب القانون الإنسانيّ الدولي، السلطة المحتلة يجب أن تتحمّل مسؤولياتها بالنسبة إلى كيفية توفير الخدمات للمجتمع، وفي ظروفٍ عادية، هذه المسؤوليات تعني أنّ السلطة المحتلة يجب أن تغطي حاجات المجتمع المحلي، وولاية الأونروا تعود للعام 1949، ويتّضح منها على مستوى التوافق الدولي أنّ منظمة كمنظمتنا لا بدّ وأن تواجه وأن تلبّي الحاجات، ليس فقط الحاجات القصيرة الأمد على مستوى الغذاء والأدوية، بل كذلك الحاجات طويلة الأمد على مستوى الصحة العامة وبشكل خاص التعليم، وأنا مسرور لأنني أقود منظمة ربما هي الوحيدة في منظومة الأمم المتحدة التي قامت ببناء نظامٍ تعليمي بوجود 700 مدرسة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، تقدّم خدماتها لنصف مليون طفل، بوجود الكثير من الأساتذة العازمين على توفير الكرامة والحياة الكريمة لهؤلاء.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> فاصلٌ قصير سيّد بيار ونستكمل معكم هذا اللقاء.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p><strong><u>المحور الثاني</u></strong></p>
<p><strong><u> </u></strong></p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> أرحّب بكم من جديد مشاهدينا الكرام، وبضيفي السيّد بيار كرينبول المفوّض العام لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين.</p>
<p>سيّد بيار، كنّا نتحدّث طبعاً عن واقع وما تعيشه وكالة الأونروا التي تترأسونها، والتي تسعى لأن تبقى على قيد الحياة، ولكن يبدو أنّ مستقبلها في خطر. هناك كلام أميركي كبير وخطير يطال حيادية هذه المؤسّسة، عندما تقول الولايات المتحدة إنّ وكالة الأونروا تسعى إلى تسييس قضية اللاجئين، فما هو موقفكم؟ كيف تردّون وتؤكّدون فعلاً أنّ دوركم هو دور إنساني فقط من أجل إبقاء هؤلاء اللاجئين الذين يعانون على قيد الحياة في ظلّ أوضاع جيو سياسية معقدة؟</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> أنت محقّ تماماً. نحن نعمل ربما في السياق الأكثر استقطاباً وتوتّراً في المعمورة، وكل ما نقوله أو لا نقوله أو نفعله أو لا نفعله يتعرّض لتمحيصٍ دقيق من جانب جهات لها بالطبع آراء مختلفة، وبالتالي هناك مخاطر عالية على مستوى الوقوع في اعتبارات سياسية، لكنّني واضح عندما أتحدّث عن الولاية المحدّدة للأونروا وهي ذات طابع إنساني بحت، ومسؤوليتنا تجاه أكثر من خمسة ملايين لاجئ في المنطقة وهذه مجموعة كبيرة العديد. لا بد إذاً من أن نحمي مبادئ الكرامة الإنسانية والحيادية في طريقة عملنا. فضلاً عن ذلك، من الصحيح أنّ جهات أخرى قد تسعى إلى تسييس البيئة التي نعمل فيها، وصحيح هو بالنسبة إليّ القرار الذي اتّخذته الولايات المتحدة الأميركية بالنسبة إلى خفض تمويلها إلى الأونروا قد جرى اتخاذه بصورة واضحة لأغراض وأهداف سياسية، هذه مسألة أشعر بالأسف حيالها، لأنني أعتقد وأرى أن المساعدات الإنسانية يجب ألا تخضع للتسييس. لا بدّ وأن نبقى مركّزين على الحاجات لا على الاعتبارات السياسية.</p>
<p>وأنا أثير هذه المسألة بكل بساطة، لأنني أريد أن تكون الصورة واضحة في عقول الناس. القرار لم يُتّخَذ انطلاقاً من أداء الأونروا، عِلماً أن تقييم المنظمات الإنسانية يجب أن يكون الأساس. قد ينخفض التمويل لتراجع جودة البرامج، ولكن هذه ليست الحال بالنسبة للأونروا. الأسباب هي سياسية بصورة بحتة ولا بد من تفادي ذلك لأن المنظمات الإنسانية يجب ألا تخضع لأي تسييس أو لأن تُستخدَم كأدوات.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> كيف السبيل إلى تفادي ذلك سيّد بيار عندما تقول الخارجية الأميركية إنّ نموذج عمل وكالة الأونروا وممارساتها عملية مُعيبة بشكل لا يمكن إصلاحه، بما يدفعنا إلى أن نفهم من هذا الكلام أنّ واشنطن لم تعد لديها أية ثقة أو أي أمل بالوكالة، نتحدّث عن الجانب أو الشقّ السياسي في هذا الموضوع؟</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> في الواقع، على مرّ 68 عاماً، الولايات المتحدة الأميركية قد دلّت على قدرٍ كبيرٍ من الثقة في طريقة عمل المنظمة، وقد دعمت دورنا، وبالتالي ما قيل هو تطوّر حديث للغاية، ويجب أن نستذكر أنّ ولاية الأونروا قد حدّدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكلّ ثلاث سنوات تقوم الجمعية العامة بتجديد هذه الولاية، وعملياتنا المتواصلة لا تعتمد فقط على قرار بلد واحد، وإن كنّا نتحدّث عن الجهة المانحة الأكبر على المستوى التاريخي، والجهة المانحة الأكثر استقراراً، لكنني لذلك قلت إننا عازمون على السعي لإيجاد مصادر تمويل إضافية بهدف تحقيق الاستقرار المالي ومواصلة تقديم الخدمات بهدف عدم التخلّي عن هذه الجماعات. الوقت حسّاس، لكنني ممتنّ لكلّ الجهات التي تقدّمت في هذه الأوقات الصعبة مثل قطر، الإمارات العربية المتحدة، السويد، تركيا، اليابان، بلدان كثيرة في الواقع عرضت المساعدة في هذه المرحلة الحسّاسة، وقدّمت لنا مصادر تمويل بديلة، فبهذه الطريقة يمكننا أن نتجاوز الأزمة الحالية، وأنا بالطبع عازمٌ جداً على النجاح.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> ذكرك لبعض الدول العربية سيّد بيار يدفعنا إلى التساؤل أيضاً، عن مدى التزام الدول العربية بالتزاماتها المالية التي ضمن مسار وكالة الأونروا. هل الدول العربية التي اعتادت أن تقدّم المساعدات منذ نشأة الوكالة حتى الآن ملتزمة بالنسب المفروضة على كل بلد أو التي تعهّدت بها سابقاً؟</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> لا بدّ من أن أقول إنه بالنسبة إلى عدّة سنوات، المملكة العربية السعودية قد كانت جهة مساهمة أساسية، إضافة إلى الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، جهات ودول قدّمت مساهمات منتظمة للأونروا، وهذا العام كان استثنائياً في الواقع لأنّ قطر قدّمت مساهمة بقيمة 50 مليون دولار أميركي في مستهل العام، ثمّ الإمارات العربية المتحدة قدّمت مساهمة مماثلة بقيمة 50 مليون، وهذا التعهّد كذلك قد تقدّمت به المملكة العربية السعودية، وقد توصّلنا إلى الاتفاق في شأن ذلك، ونأمل أن يتم التوصّل إلى أمر مماثل مع الكويت ودول أخرى في الخليج لرفع مستوى المساهمات.</p>
<p>بالتالي، أنا متفائل جداً حيال ما حدث هذا العام وبالطبع هذه مسألة يمكننا أن نعتمد عليها أكثر في المستقبل.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> سيّدي الكريم، أودّ أن أسألك، في ظل التفاؤل الذي تبديه حول مصير المؤسسة أو الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، هل يمكن أن نقول إنّ ثمة ما يلوح في الأفق من أجل تأمين بديل عن التمويل الأميركي وهو الأكبر، وهو ما نعلمه منذ زمن، أن الولايات المتحدة هي الدولة التي تقدّم أكثر نسبة من المساهمة المالية؟</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> أقول ما يلي، من جهة أريد أن أعطي انطباعاً بالتفاؤل، لأنّ الوضع حسّاس إلى حدّ أنّ التشاؤم بالطبع سيمنعنا من التوصّل إلى الحلول التي نحتاجها، لكنّني صادق كذلك، وأنا صادق دوماً مع اللاجئين والموظّفين، نحن في سنة مرحلية، نعيش لحظة وجودية، لا بدّ من أن نجد البدائل المطلوبة، ومن الواضح أنه عندما تقوم جهة مانحة بتوقيف تقديم 300 مليون دولار وأكثر، نعيش أزمة حتمية، لكن كما قلت في البداية، لقد تمكّنا من تعبئة أكثر من 238 مليون دولار كتمويلٍ إضافي، وإذا ما تمكّنا من حشد المبلغ المُتبقي لهذا العام، وهو 200 مليون دولار، سنتمكّن من تجاوز الثغرة التي نتجت من القرار الأميركي والقصور الماليّ للعام 2018، وذلك من شأنه أن يكون نجاحاً كبيراً. لم نصل إلى ذلك بعد، فالأمر يتطلّب عملاً مضنياً لليوم الأخير من هذا العام، لكن كل الفريق من حولي وأنا عازمون بالطبع على بذل قصارى الجهد لأننا نتعامل مع أناس، مع بشر، وكما قلت سابقاً، لا يمكنني أن أتخيّل وأن أعود للطلاب واقول لهم لقد خذلناكم.</p>
<p>لذلك أشعر بالحاجة الملحّة ولكن الوضع محفوف بالتحديات، لا شكّ في ذلك.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> بمعنى أنكم ستعودون لتواجهوا نفس المشكلة ربما العام المقبل.</p>
<p>كيف السبيل إلى تجاوز هذا الوضع؟ أليس من المفروض بالأمم المتحدة التي أنشأت هذه الوكالة أن تضع لها ميزانية، كما تضع لبعض الهيئات الأممية الأخرى؟</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> نعم، أنت محق. بالطبع العام المقبل ستكون فيه التحديات الكبيرة كذلك وهذا واضح. لا بدّ وأن نحرص على أن الجهات المانحة التي قدّمت تمويلاً إضافياً هذا العام ستكون كذلك مستعدّة لمساعدتنا العام المقبل بالمستويات نفسها، وهذا من شأنه أن يفتح نقاشاً كبيراً مع هذه الدول. وأنت محق، لقد جرى طرح أفكار عدّة في الواقع، في العام 2017، في تقرير قام بإعداده الأمين العام للأمم المتحدة السيّد غوتيريش بعد التشاور مع الدول الأعضاء بهدف ربما إيجاد سبيل لاستقرار أفضل للأونروا، استقرار مالي أفضل، وهذه المقترحات تضمنت ما ذكرته، أي أن يجري توفير مساعدة أكبر ضمن ميزانية الأمم المتحدة للأونروا، فنحن الآن نركز أكثر على الأزمة، وبالتالي نحن منشغلون هذا العام بالصمود، وفي العام المقبل يمكننا أن نركّز على البدائل لنرى ما الذي يمكنه أن يساعد على أن نتوصل إلى استقرار أفضل في المستقبل. هذا مهمّ، لكن في الشرق الأوسط تكثر عوامل انعدام الاستقرار، ولسنا بحاجة لهذه القلاقل المالية في الأونروا. الأمر غير بنّاء وغير مفيد، وسنعمل مع الأمين العام في إطار المساعي للمضي قدماً.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> سيّد بيار، سؤالي الأخير، هناك من يدعو إلى تفكيك الأونروا وضمّها إلى المفوضية العامة لشؤون اللاجئين، بمعنى تحويل الوضع كلّه إلى شق إنساني بحت بعيداً عن حق العودة وشطب قرارات أممية كثيرة.</p>
<p>هل يمكن لهكذا قرار ربما أن يعيش؟ وهل يمكن للمنطقة أن تتحمّل هكذا إجراء برأيك، خصوصاً أنّ خمسة ملايين ربما سيتأثرون؟</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> لا بدّ وأن نكون واضحين بالنسبة إلى الأونروا ووكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نتحدّث عن وكالتين أمميتين تعملان على أوضاع اللاجئين، لكن إنطلاقاً من ولايتين مختلفتين، وهذا قد تحدّد بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، أي بقرار من كل الدول الأعضاء.</p>
<p>بكلماتٍ أخرى، لا يمكن أن يجري تعديل أي شيء على مستوى ولاية الأونروا أو المفوضية السامية من دون توافق المجتمع الدولي. لا يمكن أن يتغيّر ذلك بمجرّد إجراءٍ تتّخذه دولة عضو هنا أو هناك، وبالتالي ولايتنا راسخة على مستوى الجمعية العامة، وهذا ما سيسمح لها بأن تبقى، وأيّ تغيير في هذا السياق لا بدّ وأن يعكس إرادة الدول الأعضاء في الجمعية العامة بشكلٍ عام، وليس إرادة دولة واحدة. وبالتالي أنا واثقٌ جداً من أنّ هذا النقاش سيجري القيام به في الجمعية العامة بالنسبة إلى تجديد ولاية الأونروا، وسنتابع الأمر عن كثب، لكن مجدّداً هذه مسألة لا يمكن أن تحدّدها دولة واحدة.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط:</strong> في ختام هذا اللقاء سيّد بيار، ماذا تقول للاجئ الفلسطيني؟</p>
<p> </p>
<p><strong>بيار كرينبول:</strong> كلماتي الختامية هي أنني تعلّمت الكثير من اللاجئين الفلسطينيين في السنوات الأربع ونصف السنة التي أمضيتها في هذا المنصب، وأنا فخورٌ جداً لأنني أترأس هذه الوكالة. أقول لهم، أنا أعرف تماماً كم هم يخشون حيال وضعهم، لا سيما بالنسبة إلى التلاميذ في مدارسنا، وهم يتساءلون إن كانت مدارسهم ستبقى مفتوحة أم لا.</p>
<p>عندما فتحنا المدارس في الضفة الغربية ومؤخراً في الأردن، قلت لهم بشكل واضح، أريد منكم أن تركّزوا على دروسكم وأريد من الأساتذة أن يركّزوا على التعليم، ونحن نركّز على حشد التمويل والتعامل مع كل الانشغالات والهواجس الأخرى.</p>
<p>كما قلت، لن نخذل اللاجئ الفلسطيني وسنكون أوفياء لولايتنا ونقوم بها بعزيمة كبيرة.</p>
<p> </p>
<p><strong>عماد خياط: </strong>لقاؤنا مع السيّد بيار كرينبول المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين انتهى. كلّ الشكر لحضوره معنا في هذا اللقاء.</p>
<p>الشكر لكم أيضاً مشاهدينا الكرام على المتابعة ولفريق العمل أيضاً. دمتم بخير وإلى اللقاء.</p>