الدكتورة دلال عباس

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p><strong><u>المحور الأول</u></strong></p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: مساء الخير. تركت الأيام والأحزان ندوباً لا تُمحى من روح ضيفتنا أو من ذاكرتها لكنّها أبداً لم تحُل بينها وبين متابعة مشوارها الحافل بالتحديات والإنجازات. عاشت تحوّلات فكرية وفلسفية وشهِدت انهيار امبراطوريات وولادة أُخرى وتجرّعت مرارة فقدان فلذة الكبِد لكنّها ظلّت ثابتةً على عزيمتها واجتهادها، مثقفة لبنانية عربيّة وأكاديمية باحثة من (جبل عامل)، حطّت رحالها ردحاً من الزمن في بلاد "فارس" فكانت صلة وصلٍ حضاريّةٍ غاصت في بطون الكتب وأحشاء النصوص وترجمت ما استطاعت إليه سبيلاً من شِعرٍ ونثرٍ فعرّفتنا بشخصياتٍ تركت بصمةً جليّةً على صفحة الإبداع الذي يُخاطب الإنسان أنّا وأيّاً كان. ضيفتنا، سيّدةٌ جليلةٌ من جنوب (لبنان) الذي أعطانا دمه قبل حبره ووهبنا الأُدباء والشعراء والشُهداء وورثة الأنبياء، من الجنوب إلى الجهات كلّها يُسعَد "بيت القصيد"، بيت المبدعين العرب بالترحيب بالأُستاذة الدكتورة "دلال عبّاس" أهلاً وسهلاً بكِ</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أهلاً بك، شكراً لك أُستاذ "زاهي" على هذا التقديم</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: تستأهلين أكثر، لم نقل شيئاً بعد</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أخجلتني</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: العفو. بعد هذا العُمر الطويل بإذن الله، بعد هذا المشوار الحافل، ماذا أعطتكِ الكتابة؟ ماذا أضافت إلى حياتكِ؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: الكتابة بالنسبة لي هي جزء من حياتي، جزء من الحياة علماً أنّ ظروف الحياة وظروف التعلّم في المرحلة المتوسطة والثانوية وظروف التعليم في عُمرٍ مُبكِّر لم تُتِح لي الوقت الكافي للكتابة لكن دائِماً هذا الحلم كان يُراودني، حلم الكتابة الشخصية أولاً التي لم تُتَح لي الفرصة لكتابتها، ثم بالنسبة إلى البحث الأكاديمي أنا لم أتوقّف لحظة لكنّ كتابته كانت أحياناً تؤجّل في أعمال مؤجّلة، وحتّى الآن هنالك أعمال مؤجّلة تنتظر الوقت</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: إن شاء الله نراها قريباً وتبصر النور، لكن لو لم تكوني كاتبة ماذا كان يُمكن أن تكوني؟ غير أُستاذة ومُدرِّسة وأُستاذة جامعيّة؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لا أعتقد أنّه كان يُمكن أن أكون في حياتي سوى كاتبة ومعلّمة في نفس الوقت</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: هذه السوسة، سوسة الأدب والبحث العلمي والفِكري والقراءة والكتابة ورثتِها عن الأهل، عن جوّ البيت؟ أم</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: ورثت حبّ العِلم عن الأهل، والدتي كانت من عائِلة علماء</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: خصوصاً أننا نتحدّث عن زمن، زمن طفولتكِ ومراهقتك، لم يكن التعليم متاحاً لكلّ الناس ولم تكن الثقافة منتشرة</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أُمّي كانت تشعُر أنها كان يجب أن تتعلّم، هي لم تتعلّم أكثر من الكُتّاب، لكنّها كانت تقرأ باستمرار وعندما انتقلت من قريتها إلى قرية أُخرى، قرية والدي، تولّت وكانت تصحّح للرجال الصلاة مثلاً وتُعلِّم البنات إما القراءة والكتابة أو الحياكة وغير ذلك وكنت أنا الفتاة الأولى. حينما أصبحت في السابعة ونصف السنة من عُمري قرّرت أن تأتي إلى (النبطية)، والدي كان تاجراً في (النبطية) وكان مؤجّلاً مجيئها إلى أن ينتهي من بناء البيت الذي لم يكن قد انتهى بعد، وقالت: لو أنا كنت صبياً لكانت أرسلتني مع أبي وجدّي لكن بعد المدرسة أين سأمضي الوقت؟ فقرّرت أن تأتي مع ثلاثة أطفال إلى (النبطية) لأجل أن أتعلم لأنني كما قالت، " هي كان قد قال لها مُعلِّم الكُتّاب لو أنّ ابنتكِ في بيروت لكنتِ كفلانة أو كفلانة من المشهورات"</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ونِعمَ الأمّ، حقّقت يعني حلمها من خلالكِ</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: هي كانت مُصِرّة على متابعة تعليمي، وحتّى أنهم أدخلوني إلى المدرسة في السنة الثالثة الابتدائية وكنت أعرِف لغة عربية وحساباً أكثر من عُمري لكنني لم أرَ في حياتي كلمة فرنسية فأتيت إليها باكيةً وقلت لها، "يتعلّمون اللغة الفرنسية وأنا لا أعرِفها" فقالت لا، أنتٍ تعرفينها". حتّى أننا لم نعرِف أنا وأخي أنّ أُمّي لا تعرِف الفرنسية إلّا بعد سنتين وكانت تقول لي، "ادرسي، أعيدي، صحّحي"، هكذا، واستمر هذا الأمر</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: تشجّعكم. إسمحي لي أن نذهب برفقتكِ إلى (النبطية) التي ذكرتِها ورفقة زميلتنا "يارا أبي حيدر" لنستمع إلى حضرتكِ ونراكِ في "علامة فارِقة"</p> <p><strong>علامة فارِقة- دلال عباس</strong>:</p> <p>- أنا عادةً أتمشى عصراً لكن حينما يكون الشتاء غير قوي وعنيف بل حينما يكون خفيفاً. المشي في الشتاء في كلّ الأحوال يُذكّرني بمرحلة الطفولة عندما كنّا نذهب إلى المدرسة ونلبس ما كانوا يُسمّونه "مُشمّع"، يعني كان أقلّ إتقاناً مما ألبسه بكثير طبعاً، كنّا نذهب إلى المدرسة مشياً في (النبطية)</p> <p>- الطبيعة هي جزء من حياتي، أنا لا يُمكن أن أعيش في مكان لا يوجد فيه طبيعة ولذلك أنا لم أسكُن في العاصمة على الإطلاق. كنت في أثناء الدراسة وأثناء العمل أذهب يومياً إلى (بيروت) وأعود</p> <p>- أنا أُحبّ الطبيعة في كلّ حالاتها، لكن عندما تكون خضراء ويكون هناك أزهار تعني لي أكثر، يعني أنا لا أُحبّ اليباس في الشجر، لا أُحبّ الشجر اليابس</p> <p>- لأوّل مرة في حياتي أُحاول أن أعتمد الأشجار. أحضرت نوعاً من السماد ووضعته في غير موضعه فيبِست هذه الشجرة. تعلّمت أنّ هذا مناقضاً للقول الذي أنا أُردده دائِماً، "أعطي الخبز للخبّاز ولو أكلَ نصفه"</p> <p>- البيت بالنسبة لي هو المكان الذي من الممكن أن أعيش فيه وأتحرّك وأقوم بواجباتي وبما أُريد أن أقوم به يومياً من دون أن يُشكِّل لي عبئاً، كلّما كان البيت أصغر يكون أكثر حميمية. يعني البيت مثل كلّ الأشياء بالنسبة لي، وأنا أُحب أن أكون قادرة على التحكّم في الأشياء وليس أن تحكمني الأشياء</p> <p>- أنا أشبه أيّ شجرة تذبل وفي حاجة لسماد روحي ومعنوي لكي تستمرّ في الحياة، أشبه الشجرات التي تتساقط أوراقها وتنتظر ربيعاً لكي تتجدد</p> <p>- دائماً أمرٌ في حياتي تناقض مع الآخر، كانت كلّ الأعمال تسير معي، يعني كنت أماً وكنت في الوقت نفسه موظّفة، مُعلِّمة. عملياً الحياة قاسية ومُتعِبة وأمور راضية عنها وأمور لم أكن راضية عنها</p> <p>- حتّى الآن هنالِك كُتب شبه مُنجزَة ولم تُنجز بسبب الوظيفة أساساً. يعني أنا كان لا يُمكن أن أقوم بأي عمل آخر غير أن أكون مُعلِّمة، إنما ما أقصده بالوظيفة هو عملي كمُديرة للثانوية، هذا عملي الوظيفي وليس التعليم</p> <p>- قبل أن أعرِف أنّ هنالِك ثورات وأنّ هنالِك ثوريين كنت أعرِف هذا الرجُل. منذ أن كنت طفلة من أبواي وبعد ذلك كنت أحفظ نهج البلاغة من أجل اللغة العربية وفي الوقت نفسه لأنه كان يُمثِّل بالنسبة لي التاريخ العربي الإسلامي ممثلاً عملياً وثقافياً بهذا الرجُل الذي هو الإمام "عليّ بن أبي طالب" عليه السلام</p> <p>- أنا لم ألتزِم حزبياً على الإطلاق لكنني كنت ثورية في هذا المعنى، لكن هذا كان أمراً مثيرأً للاستغراب بالنسبة للأصدقاء، يعني كيف يُمكن أن يكون المرء ماركسياً ويُصلّي!</p> <p>- لم تكن صورة الدين المطروحة، حين كنتُ صغيرة، لم تكن جميلة لكن بعد أن تعرّفت على "بهاء الدين العاملي" وعرفته وميّزت بين الظاهِر والباطن تغيّرت نظرتي إلى كلّ أمور الحياة</p> <p>- ربما قد يسألني "زاهي"، لماذا كتبت الإهداء لـ "حسن"؟ ولا مرّة أنا حين أتحدث عن "حسن" أقول مثلاً "حسن الله يرحمه"، أنا أقول "حسن" قال، "حسن" كان، "حسن" كان يُترجِم. يعني سُئلت آخر مرّة حين كنت في (عدن) وأثناء عودتي، قلت أنّ هذا الكتاب مثلاً كان عن "الإسماعلية" وأراد ابني "حسن" أن يُترجمه ولا أعتقد أنّ الآخرين يعرِفون أنّ ابني "حسن" ليس هنا الآن. أتحدّث كأنّه لا يزال موجوداً وهنالِك أُناس لا يعرِفون أنّه غير موجود جسدياً وأُسأل، هل عندكِ أولاد؟ أقول عندي بنت وثلاثة شباب. يسألونني أين؟ أحدهم في (أميركا) والثاني في (ألمانيا) والثالث عند خالِقه</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ألف رحمة لـ "حسن"، سأسألكِ أكيد ولكن على سيرة التحوذلات وزمن اليَسار والماركسية والثورية، وحضرتكِ تفتّح وعيكِ في هذا الزمن الذي كان صاخباً بالأفكار والفلسفات والأحلام الكُبرى. كيف عِشتِه؟ كان عندكِ صراع داخلي بين جذوركِ ونشأتكِ البيتية؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لم يكن هنالِك صراع، أقول شيئاً، أنني منذ بداياتي كنت صغيرة جداً دون العاشرة أنا أحببت "عبد الناصر" مثلاً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، كانت صوَرَه معلّقة في بيوتنا، في بيوت أهلِنا</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: في بيوتنا نعم، أحببت "عبد الناصر" بدايةً. في الجامعة اليَسار بالنسبة لي كان يُمثِّل الثورة لكن أنا لم ألتزِم حزبياً، في أيّ معنى؟ دائماً، قلت أنّني تأثرت منذ أن كنت طفلة بما كنت أسمعه أو أقرأه في المدرسة أو حين أيضاً بدأت التدريس عن الإمام "علي بن أبي طالب". كنتُ أرى أنّه الصورة وهو الذي يُمثِّل الظاهر والباطن ولم أكن أعرِف كلمتي الظاهر والباطن لكنه كان في ذهني يُمثِّل هذا الأمر. كان يُمثِّل بالنسبة للتاريخ العربي والإسلامي أنه الرجُل المُثقّف، يعني كنت أُقارِن بينه وبين الآخرين. شيء آخر، أقول مثلاً الظاهر والباطن، يعني كان بالنسبة لي مثال الحاكِم المثالي قبل أن أُدرِّس أدب "صدر الإسلام" وأُعطي الطلّاب نص الرسالة التي وجّهها إلى "مالِك الأشتر". حينئِذٍ، أنا لأوّل مرة، وحين درست رسالة الإمام "علي" إلى "مالِك الأشتر"، أنا والطلاب في الصف، وكنت أدرِّس السنة الثانية في الجامعة، أنا نفسي كنت قد قرأتها من قبل لكن أنا فوجِئت بما فيها، فوجِئت بأنّ من يقرأ هذه الرسالة لا يُمكن أن يظنّ أنّ صاحبها هو الإمام "عليّ" بالمعنى الزمني، يعني منذ أربعة عشر قرناً. فصار بالنسبة لي مقياساً، يعني أقيس علماء الدين به، من هو في سيرته، أو من يُقلِّده أو من يسير على خُطاه فعلاً، ثمّ الذين مارسوا السياسة ويدّعون حبّه</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، سأعود إلى هذه المسائِل ولكن بالنسبة لزمن البدايات. حضرتكِ عندما نزِلت إلى الجامعة في (بيروت) كنتِ مُحجّبة وخلعتِ الحجاب</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: قبل ذلك، يعني حين بدأت في التعليم أحياناً كنت ألبس وأحياناً لا، هذا بالنسبة للإيشارب لأنني لا أُحبّ أن أُسميه حجاباً. لم تكن لتجِد حتّى حين دخلت "دار المُعلّمين الابتدائية"، كان بالنسبة لي يُمثِل أنني من القرية وأنا متخلِّفة، هذا كان الرأي العام</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: فخلعتِه</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: خلعته ولكن لم أكن متحمّسة لخلعِه</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: على مضض</p> <p>&nbsp;<strong>دلال عباس</strong>: على مضض، على أساس أنّ والدي كان متديّناً جداً وكان يثق بي إلى درجة، كان دائِماً يقول: "ولو أنّ النساء في مثل هذه لفُضِّلَت النساءُ على الرجال". كنتُ لا أُريد إغضابه، قلت: "لا يُمكن أن أذهب إلى الجامعة مع إيشارب، هذا أمر مُستحيل لأجل هذه النظرة"</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: وافق أن تخلعي الإيشارب؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لم يوافق علناً وأيضاً وافق على مضض، لذلك حين عُدتُ</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: حين عدتِ إلى الحجاب، عُدتِ على مضض</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لا، أثناء وجودي في (إيران) قرّرت أن أعود إلى الإيشارب قبل أن تنجح الثورة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: في زمن "الشاه"</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: في زمن "الشاه". الموقف من الحجاب كان الناس فيه مقسومين إلى قسمين، إما مُحجبات أو غير مُحجبات وضدّ الدين. في مرّة حدث معي شيء، حين أتى يُهنئني بالسلامة صاحب المبنى ليلة ذهاب "أنور السادات" إلى (فلسطين) المُحتلّة وكنتُ حزينة جداً، المهم، أتى ليُهنئني بالسلامة وفوجئ بأنني فتحت الباب وأنا في ثياب الصلاة، سألني: امرأة غير مُحجّبة وتُصلين؟ وهذا الأمر كان أمراً مُستهجناً، حينئِذٍ درست أسباب علاقة الإيرانيين بالحجاب وكنت دائِماً أقول أنّ هذا الأمر مُختلِف، بالنسبة إلينا نحن العربيات الأمر مُختلِف جداً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: هذا الشيء لا يعكس تحوّلات أو صراعاً داخلياً؟ يعني الأفكار</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: ليس صراعاً داخلياً بمعنى الصراع، إنّما هنالِكَ دائِماً تساؤلات. يعني أنا لم أكن في طبيعتي على قلقٍ كما قال "المتنبّي"، "على قلقٍ كأن الريح تحتي"</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لا يزال هذا القلق يُرافقكِ إلى اليوم؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لا يزال، لا يزال حتّى الآن</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أم وصلتِ إلى مرحلة من الطمأنينة؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لم أصِل، لم أصِل حتّى الآن إلى مرحلة الطمأنينة. لا أعتقد أنّ الإنسان يُمكن أن يصل إلى مرحلة الطمأنينة النهائية، لكن دائِماً هنالِك تساؤلات. يعني أنا تأثرت بالمارِكسية اقتصادياً وسياسياً وليس على المُستوى الآخر. لم أكن مُعجبة بالماركسيين، يعني بالأشخاص، كان الفكر بالنسبة لي مرحلياً إلى أنّ</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: على كلّ حال، قد تكون المآخذ على الماركسية إهمالها للجانب الروحي عند البشر، يعني حاجة الإنسان إلى الغيب وإلى الماورائيات</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم، وهذا ما نقوله عن الظاهر والباطن، بالنسبة إلى المتدينين أيضاً ينطبق عليهم. أنا كنتُ أُفاجأ مثلاً، شخص أعرِفه لنفترِض أنه ماركسياً زوّج ابنته وهي في الخامسة عشرة، وأمّي المتديّنة ووالداي المتديّنان كان يرفضان زواجي إلى أن أنهي الجامعة مثلاً، فهذا أمر كان مثيراً. أمر آخر، أنه حين يُصبِح بين يدي امرأة كانت ماركسيّة ثمّ حين أصبح بين يديها مال، طبيعة الإسراف، يعني هذا سرق أو انتشى</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: يعني ازدواجية</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: هذه الازدواجيّة التي يُمكن أن نُسميها بالنسبة إلى الدين الظاهر والباطن أيضاً. دائِماً هنالِك نفاق، النفاق موجود عند البشر سواء كانوا مُتديّنين أو غير مُتديّنين وتُطبّق الفِكرة. أيضاً نعود إلى الإمام "علي"، أنّ "من نصّبَ نفسه للناسِ إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره"</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: وليكن تعليمه</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لكن المشكلة اليوم، إذا انتقدتِ من يُنصّبون أنفسهم أو تُعطين مُلاحظة أو تقولين رأياً يعتبر وكأنّك على وشك أن تمُسّي الذات الإلهية</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: وليكن تعليمه بسيرته قبل تعليمه بلسانه، من هنا السيرة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، قبل أن أتوقّف مع موجز إخباري، في موضوع الأُمّ والأُمومة والمرأة، حضرتكِ تقولين أنّ الأُمّ هي صانِعة الحضارة، هلّ هذا الشيء ناتِج من تأثُركِ بوالدتكِ؟ أم نتيجة أيضاً قراءة وبحث من خلال اشتغالكِ على موضوع المرأة في أبحاثكِ؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم، أنا في المرحلة الأولى كتبت ثلاثة كتب عن المرأة، "حقوق المرأة في الإسلام" وغير ذلك، لكن المرحلة التي دائِماً كنت أقول ربما مرحلة ندَم لأنني كنت مديرة للثانوية، لكن معرِفتي من قُرب بالنساء في الجمعيات، اشتغلت في الجمعيات النسائية. معرِفتي عن قرب بالنساء، معرِفتي للرجال الذين كنتُ مديرةً عليهم في الثانوية، حين يُخاطبني شخص كان أكبر منّي سنّاً أو من عُمري، وأعرِف أُمّه مثلاً، أُفاجأ. مثلاً أُفاجأ أنه يستخدم عبارة، هو متعلِّم ومُثقف ودكتور، أنه يستخدم عبارات كانت تستخدمها أُمّه الأُميّة، يستخدم العبارات نفسها أو يتصرّف التصرّفات نفسها، حينها ترى تأثير الأُمّ</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لكن ألا نكون نُحمِّلها عبئاً للمرأة للأمّ عندما نقول أنّها صانعة الحضارة؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أحياناً ليس من الضروري، لا أقصد أن تكون المرأة الأُمّ متعلِّمة ومُثقفة لتنقُل العِلم والثقافة إلى أبنائِها، يكفي أن تكون صاحبة أخلاق ومُثُل، وبين النساء الأُمّيات أو شبه المتعلّمات الكثيرات من الأُمّهات اللواتي كنّ يحمِلنَ حسّاً إنسانياً رفيعاً ونقلنَ هذا الإحساس إلى أبنائِهن</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: تحدّثتِ عن "حسن"، إبنكِ الشاب الذي رحَلَ عن هذه الدنيا في ريعان الشباب، يعني لا تقولين الله يرحمه ولا تتحدّثين عنه بصيغة الميت، تتحدّثين عنه وكأنه موجود مثلما تفضلتِ وقلتِ. سؤالي، وأنا لا أُريد أن أنكأ الأحزان، لكن سؤالي: فقدان فلذة الكبِد، ونحن نشأنا على مقولة أنّ لا يوجد أصعب من أن يموت الصغير قبل الكبير، بمعنى الأبناء قبل الأهل، ومن هنا أتت كلمة "يا تقبرني" باللهجة الجنوبية وهناك أناس كثر لا يفهمون مردّها، ماذا غيَّر هذا الفقدان، هذه الفاجِعة؟ غيّرت في نظرتكِ للحياة، للوجود</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: سأقول شيئاً، أنا في أوّل سنتين تركت المنزل وانتقلت إلى منزِل أهلي لأنّه قريب من المقبرة. كنتُ يومياً وطوال النهار أُعلِّم ساعتين في الأُسبوع وأمر من جانبها ذهاباً وإياباً، حتّى أنّي كنت أُخاطبه وأقول: "لا تقول أنّ أُمّي ذاهبة وآتية" بالعامية بل " أنا مررت من هنا"، في هذا المعنى، طوال النهار. يعني بعد سنتين حين أُصِبت بجلطة على عصب العين وتركت، كنتُ مُشرِفة على أعداد من الرسائِل والأُطروحات في الجامعة اللبنانية وفي الجامعة الإسلامية، تركت الإشراف، يعني تركت الطلاب الذين كنت أُشرِف عليهم</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: مع أننا نؤمن أنّ الموت حقّ يعني</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: حتّى وأنا مُسلِّمة بالأمر لكن هذا الحُزن لا يُمكن أن تخفيه، لكن أثناء دخولي إلى المُستشفى اتخذتُ قراراً حين تكلّم معي، كلّمني ابني الكبير في (أميركا) وقال عاتباً لأنه لم يعرف بوفاة أخيه حتّى اليوم الرابع، فأنا قلت وتحدّثت بصوتٍ عالٍ، قلت: "إذا كنتِ تُحبّين الباقين فيجب ألّا تكوني عبئاً. الأعمار بيد الله وإذا مرضت أو أصابتكِ جلطة أُخرى، في هذا المعنى، ستكونين عبئاً عليهم. فيجب أن تُحاولي أن تعودي إلى رُشدِك. أنا خاطبتُ نفسي بصوتٍ عال، نعم</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: سأعود سيّدتي لو سمحتِ، سأعود، خصوصاً في ماذا غيّر موت العزيز الإبن في نظرتكِ إلى الوجود وإلى الحياة خصوصاً، لكن إسمحي لنا أن نتوقف مع موجز إخباري سريع ثمّ نُتابِع "بيت القصيد"</p> <p><strong><u>المحور الثاني</u></strong> &nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: مُشاهدينا الكرام، نتابع "بيت القصيد" مع الباحثة والكاتبة والأُستاذة الجامعيّة الأكاديمية الأُستاذة الدكتورة "دلال عبّاس". كنّا نتحدّث عن فقدان الولد الشاب، هذا الفُقدان انعكس على نظرتكِ للحياة؟ غير الحزن على المُستوى الشخصي والعلاقة بالأبناء</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أثّر، يعني أضاف بعض الإضافات. يُمكن أن أذكر شيئاً أيضاً جرى معي غير تجربة المُستشفى. ذهبتُ إلى الحجّ بعد سنة، هناك يوجد مكان قبل أن يبدأ الحج إسمه (جبل النور) يصعدون عليه، يصعد إلى هذا الجبل الشباب فقط. فأنا قرّرت، كنت في ذلك الوقت في أسوأ حالاتي، فقرّرت أن أصعد معهم والصعود صعب جداً وكانوا أصغر منّي، يعني مثل أولادي الذين يصعدون. حين وصلت إلى الأعلى كان هناك غمام ووجدت وكأنني قريبة من السماء، إسمه (جبل النور). المهم، أثناء النزول لأنه لا يوجد سلّم عملياً ويُمكن أن يقع الإنسان لاسيّما أنه لا يوجد شيء يُمكن أن نستنِد إليه. أنا قلت أيضاً، ودائِماً أحادث نفسي بصوتٍ عال، قلت أنّ الحياة بالنسبة إليكِ كصعود هذا الجبل والنزول منه. المرحلة الأولى كان يُمكِن في أية لحظة أن تعودي أو تغيّري وتستقيلي من الإدارة أو أي موضوع آخر لكن في مرحلة النزول، يعني مُتابعة هذا القسم الثاني من الحياة إجباري كهذا النزول وبانتباه، من دون انتباه يُمكن أن تقعي وتكسرين رِجلكِ فيجب أن تنتبهي. لم يُعلّمني الموت، أنا عملياً أدّعي أنني مؤمنة وكلّ الناس يدّعون الإيمان في هذا المعنى</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: إن أراد الله مؤمنة</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لا أُريد أن أقول إني مؤمنة مهما كان الأمر كان صعباً لكنني اتّخذتُ قراراً أنني يجب أن، أمور كنت قد أجّلتها فعُدت واستلمت، يعني أنا أخذت القرار وساعدني الأصدقاء</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: مِن هؤلاء الأصدقاء الباحثة والكاتبة الأُستاذة "يُسرى مُقدِّم". "يُسرى" أعطتنا شهادة في "كلام يوصل" عن حضرتكِ نسمعها معاً إذا تريدين</p> <p><strong>كلام يوصل </strong></p> <p><strong>يُسرى مُقدِّم &ndash; كاتبة وباحثة</strong>: أحببت أن أكتُب الأسئِلة والتعريف على الورق، وأحببت أن أقرأها لأنّ القراءة على الورق متعة أكثر من الكلام المُباشَر بالنسبة لي، وهذه الطريقة أيسر لأنها تُجنِّب الوقوع في الخطأ، وأمامك أنا لا أجرؤ على الغلط. هناك من نقول فيهم والقولُ صادِقٌ، إنهم جماعةٌ بصيغة مُفرَد، "دلال عبّاس" من هذه الفِئة. هي الدكتورة الجامعية المرموقة برتبة "بروفيسورة" لم يصرفها التقاعُد عن شغفها المعرفيّ البحثيّ استهلّته في سبعينات القرن الماضي برسالة "ماجستير" موضوعها المرأة في العصر الأندلسيّ". هذا العام صدرت رسالتها في كتابٍ وطأ أُكله بمقدمةٍ مُعمّقة. عن الفرنسيّة عرّبت البروفيسورة "دلال" كُتباً لأشهر الأسماء الإيرانية في ميادين الفلسفة والأدب والسياسة. صاحبة كتاب "القرآن والشِعر" سبق أن أغنت المكتبة العربيّة بذخيرةٍ معرفيّةٍ ثمينة أقصُد أُطروحة الدكتوراه حول الشيخ "بهاء الدين العاملي". صديقة استثنائية، صُحبتها ثراءٌ ورخاء على المُستويين الإنساني والمعرِفي. لا أظنني أُبالِغ إن قلتُ بأنّ العالم أغنى وأكرم وأعلم بوجود "دلال". هلّ لكِ أن توضِحي كيف للأُمّ بوصفها ماكينة ناشِطة في إعادة إنتاج المفاهيم الأبويّة، بطوعِها أو قسراً عنها، كيف لها أن تُخلّ بالوظيفة المناطة بها والتي هي أحد أنجح الطُرُق في ترسيخ المفاهيم التفاضليّة الفوارقيّة التي شرعنها النظام الأبويّ؟ كيف لهذه الأُمّ، ولأيّ أمّ ولو فاقت شريكها وعياً ومعرِفةً وإنسانية، أن تؤسّس لعدالة مفقودة في مُجتمعٍ لا تزال فيه الأُمّهات أنصاف بَشَر بأنصاف حقوق؟ ليس الأُمّهات فقط بل المؤنث بإطلاق</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: شكراً للسيّدة والكاتبة والباحثة والصديقة "يُسرى مقدِّم"، تفضلي، صعّبتها علينا قليلاً، تفضلي</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: "يُسرى" أولاً بالغت وهذه اللفظة" بروفيسورة" هي تصرّ عليها وتعلم أنني لا أُحبّ استخدام الألفاظ الأجنبيّة، في هذا المعنى، ولا أُحبّ هذه الألقاب. جواباً عن السؤال، لا تستطيع، هي صعّبت السؤال ولكن نحن النساء عملياً، لا نبحث عن المُساواة بل نحن راضيات بكوننا أُمّهات وزوجات وكون المجتمع، هذا المجتمع هو الظالم وليست العلاقة بين المرأة والرجل الزوج أو الأخ أو الأب، المُجتمع بشكلٍ عام هو الذي ظلم، يعني الأعراف الاجتماعية، الأعراف المتداولة، ونحن نُساعِد، نحن نُساعِد في تكريس هذه الأعراف</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أُلاحِظ دكتورة أنّه دائِماً تُسأل المرأة العاملة، في أي مجالٍ كانت خصوصاً إذا كانت ناجحة، عن مسألة التوفيق بين هذا النجاح وهذا العمل وبين مسائِل البيت والأُسرة، مسؤولياتها أعني، بينما الرجُل لا يُسأل مثل هذه الأسئِلة</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: فضلاً عن ذلك نحن جيلنا حتّى قبل أن تمُرّ علينا هذه الأزمة الاقتصادية في مرحلة مُعيّنة، كانت المرأة منّا تريد أن تُثبِت أنّها هي أيضاً ربّة منزل، كأنها مُجبَرة على العمل خارِج المنزل وداخل المنزل لتُثبِت للآخرين أنّها لم تُقصِّر في حين أنّ، طبعاً أنا تعرّفت من خلال عملي كمديرة أو في الجمعيات النسائية على نساء غير موظفات ولا عاملات ولا يدرُسن ولا يقرأن وهنّ مخدومات عملياً، في هذا المعنى. الآن عملية التوفيق، لترضى المرأة بواقعها يجب ألّا تبحث عن قضيّة المُساوات، يعني هي تُطالِب، هي تنتقد، تنتقد الأعراف لكنّها لا تستطيع أن تتحدّاها لأنّها تبقى</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: وما المطلوب منها؟ ماذا عليها أن تفعل؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: ماذا عليها أن تفعل! ليس بالضرورة أن تكون راضية أو أن تخضع لهذه الأعراف لكن عليها أيضاً، يعني صادف في هذا المُجتمع المُتخلِّف، صادف أنّها يجب أن تعمل، يعني أن يكون عملها مُضاعفاً عن العمل الذي يقوم به الرجل لتُثبِت جدارتها</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لتأكيد الذات وتأكيد الجدارة</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لتأكيد الذات، لتأكيد الذات. هي في النهاية يجب أن تُنصِف نفسها أولاً لتستطيع إنصاف الآخرين</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: بما أننا نتحدّث عن المرأة، في كتابكِ القيّم الذي هو عن المرأة الأندلسية، وكان لي حظّ أنني شاركتُ في ندوة حوله، تقولين أنّ عصر الجواري لم ينتهِ بعد، اليوم يعني لا يزال قائِماً عصر الجواري الذي كان سائِداً في عصور سابقة. لماذا عندكِ هذه القناعة؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أولاً، حتّى حين شعرت المرأة العربية، أنا أقول العربية وليس المُسلمة لأنّ هناك فارقاً كبيراً وليس الآن وقت الحديث عنه بين المرأة في (إيران) أو علاقتها بالإسلام وبين المرأة العربية. كما قلت أيضاً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أو في (تركيا) أو في (ماليزيا)</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم، في أيّ مكان آخر. المرأة العربية الظلم الواقع عليها كما ذكرت سابقاً، أنّ كلّ هذا الظُلم مردّه إلى أنّ العرب لم يُسلموا وإنّما عرّبوا الإسلام، بمعنى أنّ التقاليد</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أدخلوا الأعراف والتقاليد</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم، التقاليد والأعراف التي كانت سائِدةً ظلّت سائِدةً، وحتّى علماء الدين أنفسهم كرّسوا هذه الأعراف</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لكنها مقولة شجاعة وخطيرة أن تقولي أنّ العرب لم يُسلموا بل عرّبوا الإسلام</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أنا أقولها وأقولها دائِماً، من الناحية الاجتماعية ومن مُختلف النواحي. من يقرأ خطبة "حجّة الوداع"، الأمور التي ركّز عليها في هذه الخطبة لها علاقة بالثأر، لها علاقة بالحديث عن المرأة، لها علاقة بالمُساواة بين البشر، "لا فضل لعربيّ على أعجمي"، وكلّ هذه الأمور لم تُطبّق. كلّ هذه الأمور التي ركّز عليها، لماذا ركّز عليها؟ لم يقل صلّوا وصوموا في المرحلة الأخيرة، ركّز على هذه الأمور التي يعرِف أنها من عاداتهم وداخِلة في تلافيف عقولهم ومع ذلك، كيف استمر إذاً عهد الجواري والعبيد؟ تضاعف بعد الإسلام وكان من المُفترَض في النصف الأول من القرن الهِجري الأول أن يُمحى، أن ينتهي نهائياً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: للحقيقة، الذي يقرأ كتابكِ "المرأة الأندلسية" ويرى مسألة الجواري كيف كانت سائِدة في طريقة</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم، نحن حين نقرأ نتخيّل، وهذا ما قلته، لماذا العرب ولماذا في (الأندلس)؟ في (الأندلس) لأنّ المرأة كانت، أو الإنسان الأندلسي نتاج أعراق متعدّدة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، ليس عربياً فقط</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: وبعيد عن الصحراء، علماً أنّ الأندلسيين كانوا ينقلون، حين يسمعون أنّ كتاباً أُلِّفَ في (بغداد) ينقلونه وكانت أعرافهم مُختلِفة عن أعراف العرب في (بغداد)</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: حُكم العرب والمُسلمين لـ (الأندلس) استمرّ تقريباً ثمانية قرون، ثماني مئة عام. حضرتكِ تقولين إنّ المرأة الأندلسية مرآة حضارة شعّت لحظة وتشظّت. لماذا اعتبرت الزمن لحظة يعني</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لحظة في عُمر الزمن، يعني ثمانية قرون هي لحظة في عُمر الزمن إذا حسِبنا. الآن كيف نحسبها؟ مرآة حضارةٍ، هذه الحضارة حين تكون المرأة هناك طبيبة وفقيهة وفي الوقت نفسه هنالِك حرائِر وجوارٍ. الحرائر والجواري هي المنظومة التي ينسبها الآخرون في إنها إلى الإسلام والإسلام كان حتماً بريئاً منها. وصَلَ الأمر أن يكون في بلاط "المُستعصِم"، آخر الخلفاء العبّاسيين، ثماني مئة جارية، وطبعاً لسنا، الحريم يعني كان يضم هذا العدد عند "المُعتمِد بن عبّاد" في الوقت الذي كانت فيه (أوروبا) غارقة في الجهل والظلام وكان في (قرطبة) وحدها ثماني مئة حمّام</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: حمّام عمومي</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم، وكانت هناك قصة الجواري والحريم وكلّ هذه الأمور. هذا هو الفرق بين العرب وبين غير العرب ولذلك اتّهمَ القوميون الإيرانيون أو الشعوبيون الإيرانيون اتهموا الإسلام في أنه سبب هذا التخلُّف لأنّ الإسلام الذي عُرِضَ في ذلك الحين لم يكن وجهه وجهاً جميلاً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: كم تعتقدين أننا اليوم في حاجة لتجديد في الفِكر والفقه الإسلاميين، وهلّ هذا مُمكن؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم، ممكن</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: هلّ يُمكن قراءة النصّ القرآني على ضوء مُعطيات العصر؟ هلّ يُسمَح بهذا الأمر؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أولاً بالنسبة إلى التجديد، أنا فوجِئت، أنا حين قرأت "بهاء الدين العاملي" وحين درسته فوجِئت أنّ هذا الرجُل كان يعيش منذ أربع مئة عام وهو متقدِّم أميالاً. كان شاعِراً باللغتين العربية والفارسية</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: وفيزيائي</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: وكان عالِم رياضيات وكان مُهندساً، يعني مُعظم المباني في (أصفهان) حتّى الآن قائِمة هو هندسها أو أنه وضع تصميمها. كان أيضاً طبعاً لديه آراء فلسفية. شِعره العربي أرقى من شعر مُعاصريه وتُفاجأ. نحن درسنا في المدرسة أو درّست أنا في المرحلة الثانوية شيئاً عن عصر الانحطاط. حين تقرأ شُعراء (جبل عامل)، لاسيّما "بهاء الدين العاملي" لأنّ شِعره متأثِّر بالثقافة الفارسية والثقافة العربية في الوقت نفسه، لا يُمكنك أن تُطلِق بعد ذلك عن تلك المرحلة إسم "عصر الانحطاط"</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: سأعود إلى هذه المسائِل خصوصاً مسألة تجديد الفِكر والفقه الإسلاميين ولكن بعد أن نتوقف مع استراحة سريعة نُتابع "بيت القصيد"</p> <p><strong><u>المحور الثالث</u></strong>&nbsp; &nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: مُشاهدينا نتابع "بيت القصيد" مع الأُستاذة الدكتورة "دلال عبّاس" الباحثة والأكاديمية. في مسألة تجديد الفقه والفكر الإسلاميين حضرتكِ أصدرتِ منذ سنوات هذا الكتاب القيّم الذي إسمه "القرآن والشِعر" والذي فيه تحليل للنصّ القرآني، تحليل أدبي يُمكننا أن نقول، تحليل نصّ يعني مثلما تعلّمنا في قراءة النصوص الأدبية، ومع ذلك أثار موجة نقد ضدّكِ حينها واعتُبِر غير مقبول. إذا كان تحليل النص القرآني أدبياً غير مقبول مِن قِبَل البعض فما بالكِ بتفسير جديد أو في إعادة قراءة النصّ على ضوء العصر؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: إقرأ التفسير الكاشف للشيخ "محمّد جواد مُغنيّة" في الستينات، كنت ترى بالنسبة إلى عصره، بالنسبة إلى الستينات</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ولم يسلم، حتّى الشيخ "محمّد جواد مُغنيّة" لم يسلم</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: ولكنّه أقدم على هذا الأمر وأعطى تفسيراً واقعياً يُناسب الستّينات. هنالِك أيضاً تفسير باللغة الفارسية للسيّدة "نٌصرت أمين الإيرانية" التي كتبتُ عنها كتاباً وهي مُجتهِدة أيضاً، وضعت تفسيراً عرفانياً للقرآن في خمسة عشر جزءاً، تفسير رائِع، تفسير عرفاني، وهنالك أيضاً تفاسير أُخرى</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: كم يُمكن أن يكون التفسير العرفاني والصوفي" في شكلٍ أشمل قليلاً، أحد المخارِج اليوم في عصر الكراهيّات والبغضاء، وشاهدتِ مجزرة (نيوزيلندا) مثلاً</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لكن التفسير العرفاني في أيّ معنى؟ في معنى يُشبه ما كان قاله الشيخ "البهائي" حين قال: "من تفقّه ولم يتصوّف فقد تفيْقه ومن تفقّه ولم يتصوّف فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق". بمعنى أنه يجب أن يكون هنالِك جمع بين الأمرين، لا أن يكون الأمر خروجاً على الدين ولا في الوقت نفسه الوقوف أمام الظاهر والتزمُّت الظاهِري</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: عندما نقول "تصوُّف" نحن نقصد التسامح وقبول الآخر والإيمان بوِحدة هذا الوجود</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: ما يُسمّى بالعرفان مثلاً، بالعرفان. يعني العشق الإلهي الذي لا يُبعِدَك، لا يُبعِد الإنسان عن الدين ولكنّه في الوقت نفسه يرتفِع به إلى مُستوى روحي أعلى</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ويُقرّبك من أخيك الإنسان</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: حين تقترب من الله حتماً ستقترب من أخيك الإنسان، لا يُمكن</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أيّا كان دينه، أياً كان مذهبه</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: هنا أعود أيضاً إلى الإمام "عليّ" عليه السلام حين قال في رسالته تلك، "إمّا أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق" يعني التعامُل مع الآخر دائِماً ومعاملته، ما أقوله عن الظاهر والباطن وكيف كان يتعامل مع الأعداء، بهذا المعنى</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أنا لماذا ركّزت على هذه النُقطة؟ بسبب ما نعيشه اليوم، صورة الإسلام والمُسلمين، على يدّ "داعش" وأمثال "داعش" و"القاعِدة" وأمثال "القاعِدة"</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: في كلّ الأحوال، هذه الصورة ليست جديدة، هي أيضاً تكرار للإسلام التاريخي. صورة الإسلام التاريخي هو الصورة المكروهة، كيف طُبِّق الإسلام منذ عصر الخلفاء الملوك</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: كيف نخرُج من هذا النفق؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: يجب أن يكون هنالِك أولاً، هي القضيّة قبل أن نتحدّث عن مؤامرة خارجية وغير ذلك، قضيّة الخروج من هذا النفق تحتاج إلى جرأة وتحتاج إلى تعاون، يعني ليس من الضروري أن يكون التعاون بمعني بين علماء من مُختلَف المذاهِب</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، ليس في المعنى الفولكلوري، أن يكون تقارب المذاهب في أننا تصوّرنا مع بعضنا البعض</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم، نتصوّر ومؤتمر نخرُج منه بتوصيات، لا، هنالِك ما تتّفق عليه الأديان، ما تتفق عليه الأديان أكثر مما تختلِف، الأديان المُختلفة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، البحث عن المُشتركات</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: فكيف بالمُشتركات في الدين الواحد؟</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: حسناً، قبل أن أستمع إلى شهادة من الدكتور "حبيب فيّاض"، موضوع جماليات النص القرآني، كم هو جميل هذا الموضوع! أنا أحد الناس أُعطيكِ مثالاً سورة "يوسف"، بالنسبة لي شيء ممتِع، حتّى أدبياً وبلاغياً وجمالياً، أيضاً سورة "مريم". كم هذا الجانب مهمّاً وضرورياً أن نُضيء عليه ونتمثّل به؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم. أنا صدقاً، وأتحدّث عن سورة "يوسف"، كنت في إحدى المرّات في الصفّ</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: وتعلمين كم ألهمت شُعراء وكم كُتِب من وحيها</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أعطيتها في الصف وأنا عادةً أكتُب بعد الصفّ وليس قبله. فأقفلت بعد أن أحسست، أحياناً تُحِسّ أنّك أبدعت وأحياناً لا. أحسست بشيء من الإبداع فأقفلتُ باب غُرفة الصف كي يظنّون أن في الصف أحد وكتبت حوالى ساعتين ما يُشبه ما كنت قد قلته في الصفّ، وهذا ما أوجزته هنا بـ "الرمز والتأويل في النص القرآني &ndash; سورة "يوسف" نموذجاً". كان الأمر جميلاً جداً. أقول لك شيئاً، أنا حتماً، لا أدّعي أنني منذ أن كنت صغيرة كنت أقرأ وأفهم القرآن، لكن منذ أن بدأت أُدرِّس في المرحلة الثانوية وأنا أقرأ في "القرآن"، أقرأه نصاً أدبياً، ومع ذلك حتّى الآن أُفاجأ بمعانٍ وأُفاجأ بألفاظ وأُفاجأ بـسُوَر، حتّى الآن. هذا نص مفتوح على الكون من مُختلف النواحي ولذلك تفسير آيات الأحكام كان يجب، وفُسِّرَت، بما يتناسب والعصر</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: علينا الآن أن نستنبِط ما يتناسب مع العصر ومع الحياة ومع المُستجدّات</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: وهذا أمر طبيعي. يعني في مرّة، في مؤتمر في (عُمان) تحدّثت، ليس في المؤتمر، بعد المؤتمر عن تعدّد الزوجات وقلت لهم أنّه مُحرّم، هكذا أنا قلت وأفتيت بأنه حرام. حرام في أيّ معنى؟ في معنى بأنه فَرَض العدل، هناك فريضة للعدل</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، والعدل مُستحيل</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: إذاً هو حرام. أعرِف أنّ في قرانا، وأنت تعرِف، في قرانا في (جبل عامل) لم يكن الناس يتزوّجون أكثر من زوجة واحدة في حالات</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: صحيح</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لم يكن مفتوحاً هذا الأمر أمام الجميع</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: حتّى الذي يتزوّج أكثر من زوجة يُنظَر إليه نظرة غير مُستحبّة</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: وكان يُنظر إليه نعم، يعني نحن في قريتنا كانوا يقولون إذا وجدوا ولداً حافياً أو ولداً لا يلبس حذاء " إبن فلان" على أساس أنّ أباه كان متزوجاً أكثر من امرأة ويرميه. الآن من هو، فقط إذا أخذنا هذا النموذج عن آيات الأحكام التي كانت مناسبة عن تعدّد الزوجات بسبب ظروف الحرب والظروف في هذا العصر، مَن من الرجال الآن الذي يُدافِع عن تعدّد الزوجات يُمكن أن يتزوّج أكثر من امرأة؟ مَن؟ إذا كنت تذكُر مرّة مسلسلاً عرضوه إسمه "الحج متولّي"، هاجمته الصُحف، أنا يومها كتبت شيئاً ولم أنشره كيلا يُظنّونه، وأنت تعرِف، أنّه دفاع عن المسلسل لكن المسلسل كان هادفاً. أعطوه ثروة لا تُعدّ ولا تُحصى وأعطوه أخلاقاً يستطيع أن يُساير النساء الأربع وأولادهنّ في المُستوى نفسه، إن اشترى شيئاً لهذه يشتري للأُخرى</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ومع ذلك لم يمشِ الحال</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: الذي وضع المُسلسل لم يكن، الكلّ تحدّثوا أنّ هذا يُبرّر أو يُسوِّق</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: "محمود عبد الرحمَن" الكاتب الكبير</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم، هذا يُسوِّق تعدّد الزوجات ولم يكن الأمر كذلك</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لو سمحتِ لنا نستمع إلى رأي في تجربتكِ من الكاتب والمُحلّل السياسي الدكتور "حبيب فياض"</p> <p><strong>كلام يوصل </strong></p> <p><strong>حبيب فياض &ndash; كاتب ومحلّل سياسي</strong>: "دلال عبّاس" يُمكننا أن نقول قبل أي شيء إنها إنسانة. الخلفية الإنسانية هي التي كوّنت "دلال عبّاس" الباحثة، "دلال عبّاس" الكاتبة، "دلال عبّاس" المُربّية، "دلال عبّاس" المُثقفة. يُمكننا أن نقول أنّه لأنّ "دلال عباس" مستوى الإنسانية عندها عال جداً كانت ناجحة في المجالات الأُخرى. أقصد بالإنسانية هنا أنّ كلّ مسيرة حياة "دلال" تشعرين بأنها لم تطلُب شيئاً لنفسها، من أجل هذا هي من الناس الذين لم يأخذوا حقّهم، إمكاناتها وقُدراتها وتجاربها تسمح لها أن تكون أكثر بكثير مما هي عليه حالياً على المُستوى إذا أردتِ المعنوي والإعلامي. لكن "دلال" ولا مرّة كانت تُفكِّر إلّا في الآخرين، تتعامل مع طلّابها بشكلٍ متفانٍ وبعيداً عن الأضواء فقط من أجل مصلحة الطالب. اشتغلت لتجسير العلاقة بين (إيران) والعالم العربي في شكلٍ ناجح جداً من دون أن تطلُب لنفسها أيّ شيء. فـ "دلال" إذا أردت أن أحكي عنها أو أتصوّرها، هي لو لم تكن دكتورة أو أُستاذة أو باحثة لكانت قدّيسة، يعني من دون مُبالغة يليق لها أن تشتغل ضمن هذا الإطار الذي له علاقة بخدمة الناس وخدمة الآخرين زائِد شيء آخر، أنّ "دلال" في تصوّري الله يُحبها وهي تُحب الله وهذه مسألة ليست بسيطة في المُعادلات الإنسانية. شغلها، عن أعلَام إيرانيين، شغلها على "بهاء الدين العاملي" لعِب دوراً كبيراً جداً في تسليط الضوء على هذه الشخصيّة التي إذا أردتِ هي لعبت دوراً أساسياً لناحية مدّ التواصُل الثقافي والأدبي والديني بين العالم العربي و(لبنان). إذا أردت أن أسأل "دلال" سؤالاً أقول لها أنّه، إذا رجِعت الآن إلى عمر العشرين سنة، طبعاً هذا سؤال افتراضي، ما هي الأشياء التي قمتِ بها في الحياة حينها وما كنتِ قمتِ بها؟ ما هي الأشياء التي إذا قلتِ لو يرجع بي الزمان إلى الوراء لما كنت كرّرتها أو قمت بها؟</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: حلو سؤال الدكتور "حبيب"، وحلو ما قاله عنكِ أيضاً، تفضّلي</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أيضاً، كما بالغت صديقتي "يُسرى" في الحديث عنّي، "حبيب"</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: يعني عين المُحبّ دائماً تُكبِّر الحسنات وتتغاضى عن السيّئات</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: "عينُ الحبّ عن كلّ عيبٍ كليلةٌ ولكنّ عين البُغضِ تُبدي المساويَ". أولاً شكراً على ما قاله وأقول له، واقعاً ربما أنا عادةً لا أُحبّ المديح كثيراً لكن بالنسبة لي "حبيب" وكأنّه ابني، ممكن، فأنا أكبر منه بعشرين سنة، يعني ممكن أن يكونَ ابناً لي. بالنسبة إلى مسألة الندم، أنا أقول ما قاله "الشيخ البهائي" لكن أيضاً قال قبل "الشيخ البهائي" "الشيخ المتنبّي"، قال: "خُلِقتُ ألوفاً لو رجعتُ إلى الصبا لفارقتُ شيبي موجع القلبِ باكياً". ربما قبل الآن كنت أقول لو أنّني فعلتُ كذا ولو أنني فعلتُ كذا. كثيراً ما قلت ذلك لكن أنا الآن، بعد مرحلة تجربة طويلة عريضة وكنت أُستاذ "زاهي" قد سألتني عمّا أعطتني قضيّة الحُزن وقضيّة الموت. أنا أدركت أنّ ما فعلته كان يجب أن أفعله</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: يعني لا تُغيّرين شيئاً</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: لا أُغيِّر لأنني لا أستطيع التغيير. ربما إذا غيّرت يتغيّر مسار الحياة، أمور كثيرة، الآن بعد ذلك لأنّني في مرحلة توقفت عن العمل حوالى سنتين أو ثلاث سنوات، في هذه المرحلة كنت أُراجع، كانت مرحلة مُراجعة لأنّه قبل ذلك ما كان هذا. دائِماً كنت أقول مثلاً، لو لم أكن أو لم أقبل بأن أكون مديرة للثانوية مثلاً كنتُ أنجزتُ كتباً وكنتُ كتبت. أنا كنت قد بدأت في سيرتي الذاتية وفي تجربتي في (إيران) وتجربتي في الحياة. كنتُ أكتُب نصوصاً أدبية كلّها موجودة، لكن ظروف العمل والوقت وكلّه مع بعضه البعض. أقول، لو لم أكن مُديرة لألّفتُ كذا وكذا، لكن ربما كنتُ أيضاً فقط كاتبة ولا أعرِف شيئاً عن الحياة ولكانت ربما هذه المرحلة أعطتني تجربة حياتية أقوى</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: صحيح، لو سمحتِ لنا نتوقّف مع استراحة أخيرة ثمّ نُتابع "بيت القصيد"</p> <p><strong><u>المحور الرابع</u></strong></p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: دكتورة "دلال عبّاس"، من خلال كتاباتكِ عن المرأة وكُتُبِك في هذا الموضوع، كم حضور المرأة في المُجتمع، في الحياة العامّة، حقوقها، القوانين التي تكفل هذه الحقوق هي برهان على تقدّم المُجتمع أو تأخّره؟&nbsp;</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: حتماً. هذا أمر مفروغ منه. لولا مُطالبات النساء والجمعيات النسائية في مرحلة مُعيّنة، حتّى بعض الحقوق الدنيا لم تكن المرأة لتنالها، حتّى التجديد في الفِكر الديني، أليس كذلك؟ يعني لو لم تُناضل النساء من أجل حقّهِنّ المشروع، الموجود إسلامياً، الحقّ في التعلّم مثلاً، لما كانت أُعطيت هذا الحقّ. لو لم تُثبِت النساء، إن لم تُثبِت قُدرتها لا تُعطى حقها. في الوقت نفسه أنا أيضاً أُحمِّل النساء في أوقات مُعيّنة، جيلنا يعني، أنا مثلاً، طبعا أكبر منّي بعشر سنوات كنّ معي معلّمات في الثانوية وأكبر منّي، معظمنا يعلم أنّ امرأة من قرية تُصبِح معلمة ثانوية في ذلك الحين كان أمراً لافتاً. لكن في المرحلة التي كنتُ فيها مُديرة للثانوية مرّ في إحدى المحطات التلفزيونية: أنتِ كنتِ تعملين في العمل الاجتماعي والجمعيات النسائية، فقلت له حين أصبحت مديرة ثانوية توقفت عن المُطالبة بحقوق المرأة، لأنه كانت في البدء المرأة تبكي كي تذهب إلى المدرسة أو تُطالب بحقها، وحين أصبحَ العلم متاحاً أصبحن الفتيات لا يتعلّمنَ كما يجب. أتاني أب، لا أنسى، أب بكى أمامي وأنا أُقنعه أنّ يُقنِع ابنته، التي هي في صفّ الثالث متوسط ومتفوقة في صفّها، أن تُنهي سنتها الدراسية قبل أن تُسافِر مع العريس إلى (كندا) مثلاً. يعني في الوقت نفسه ما من حقّ في الدنيا، وليس فقط حقوق المرأة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أيّ حقّ</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نحن نتحدّث عن مُجتمعات أساساً دكتاتورية وظالِمة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لو سمحتِ لي، نستمع إلى شهادة ورأي امرأة ولكن هذه المرّة على طريقة وشهِدَ شاهدٌ من أهلِه، ابنتكِ الأُستاذة "رفيف صبّاغ"، نستمع إليها</p> <p><strong>كلام يوصل</strong></p> <p><strong>رفيف صبّاغ &ndash; ابنة دلال عباس</strong>: أوّل ما تذكّرته هو علاقتنا بالكُتب، علاقتنا بحبّ العِلم والكتب التي تربّينا عليها منذ صِغَرِنا. كنّا حتّى عندما نهدي هدايا لرفاقنا لم نكن نهدي سوى كُتب فقط، وكنّا حتّى نستحي، ونشعر أن هذا غريب. كانت هناك علاقة تربّينا عليها مع الكُتب ومع العِلم، وهي باحثة حرّة وهي من أهمّ علماء المنطقة كما أعتبرها، هذا ليس لأنها أمّي أقول هذا لكن في شكلٍ موضوعي تماماً. هي لم تُربِّنا نحن فقط، هي ربّت غيرنا أيضاً. هناك أجيال من الشابات والشباب هي ربّتهم، فتربّينا على القِيَم الحقيقية. يعني قضايا الحقّ، حتّى أخي "حسن" كان يقول، يعني في إحدى المرّات سأله جدّي وهو كان قد درس ليصبح طبيب أسنان، سأله لماذا اخترت هذا الاختصاص؟ قال له: مُجرّد مهنة. هذه مهنة في حال اشتغلت في الصحافة أو كان عندي رأي أُريد أن أُعبِّر عن، في أيّ رأي حرّ لا أكون مرتهناً لأحد ويكون عندي مهنة. وهي مثلي الأعلى ومثل أعلى لأخوتي أيضاً قولاً وفِعلاً، ومثل أعلى لكثير من الناس في المُحيط. يُمكن أن تصل إلى تفاصيل أن تجمع النفايات عن الطريق مثلا فيخجل منها الناس في أنّ في عُمرِها مثلاً تجمع فصار الحيّ بأكمله يقلّدونها، حتّى في الأمور البسيطة جداً، ولا تزال منتِجة، منتِجة بغزارة سواء علمياً أو تربوياً أو في دورها كأُمّ، يعني لا تزال هي التي تُعطي. أُحبّ أن أشكُر كلّ الناس الذين أفرحوا قلب أُمّي في أي شكل وفي أي عمل سواءً كان عملاً كبيراً أو عملاً صغيراً. أشعُر أنّ لها تأثير هائِل في هذا العالم وتترُك أثراً في كلّ الناس الذين تلتقيهم حتّى من دون كلام. ماما، أريد أن أسألكِ، هلّ يوجد أيّ عمل تحسّين أنّك نادمة لأنك لم تقومي به قبلاً وأنكِ أضعتِ وقتك في أعمال أُخرى تحسّين بأنها أقلّ أهمية؟ وما هو هذا الشيء؟ &nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: شكراً لـ "رفيف"، سؤالها شبيه ولكن عكس الذي سأله الدكتور "حبيب". سأل الدكتور "حبيب"، إذا عدت في السنوات ما يُمكن أن تغيّرينه، هنا العكس، ما هو العمل الذي لم تقومي به وتنمنين لو أنكِ قمتِ به</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: الأشخاص الثلاثة الذي حكوا هم الأشخاص الذين أخجلوني في حبهم، حبيبتي "يُسرى" و"حبيب" و"رفيف"</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: "يُسرى" في حديثٍ بيني وبينها شبّهتكِ بالنملة، قالت لي: مثل النملة، بمعنى دؤوبة، كم تشتغلين، كم تُلاحقين شغلكِ</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: واقع الأمر، مديحهم حقيقةً أحسست به، أخجلوني، وكأن في الإعلام هذا المديح غير مُبالغ به</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: هو نوع من احتفاء، نحن اليوم نحتفي بحضرتكِ</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: السؤال الذي سألته "رفيف" المعاكس لسؤال "حبيب"، عن شيء لم أقم به. لم يسمح الظرف، بعني لستُ نادمة لأنني لم أقم به لو أُتيح</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: وهو</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: الكتابات الخاصة بخلاف الكُتب. الكتابات الخاصة التي هي أساساً، الرواية اغير المُكتملة التي منذ عشرين سنة أكتبها بسبب ضيق الوقت في مراحل مُعيّنة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لربما هذه الليلة نُحفِّزكِ على هذا الشيء</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أنا يعني أكتب شيئاً. هنالِك مسرحية عن "الشيخ البهائي" وهنالك كتابات لا أدري إن كنت سأتمكّن من كتابتها كلها وهي عديدة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: الله يُعطيكِ العمر وتنشرينها كلها</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: بالنسبة لـ "بهاء الدين العاملي" بالتحديد، لأنّ الكتاب كبير، لكن ليس لأنّ فيه تفاصيل، الكتاب كبير لأنني لم أرضَ أن أتخلّى عن قسم منه، أنه كتاب عالم وفقيه وما يلزمنا من أُطروحة الدكتوراه. أخذت قراراً من زمان أن أكتبه روايةً، رواية تاريخية لكن عن الشخصية، عن علاقة علماء "جبل عامل" بـ (إيران) ليقرأها</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: كي تكون أسهل للقارئ</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: الكتاب غير موجّه للقارئ العادي بل موجّه للمتخصّصين. روايتي الشخصية أيضاً هي أشبه بالرواية التاريخية، بمعنى هي بين القرية وأمّي والمرأة، في هذا المعنى</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: من اللازم، ننتظرها، قد تكون رواية جيل كامل</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: هي فيها من هذا. حين أُنهي، أنا على فِكرة الأُطروحات الموجودة بين يدي، الآن بعد الحادث، أنا لا أستطيع كما كنت سابقاً أعمل</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: حادث فقدان "حسن"</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم ودخوله المُستشفى. عملياً أنا دائِماً بعد الصلاة أبدأ في الكتابة، أنا أكتب لكن لماذا كنت أُترجِم؟ الترجمة كانت في جزء منها</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: تعويض</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: تعويض عن الكتابة لأنّ الترجمة، ممكن أن أطبُخ مثلاً وأُترجم، ممكن أن أقوم بأي عمل، يعني ممكن أن أترك السطر وأُترجم في منتصفه</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: تقولين حضرتكِ، لفت نظري شيء، تقولين أنّ من لم يقرأ الشعر الفارسي ثقافته الإسلامية منقوصة</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: ليس فقط الشعر الفارسي، من لم يقرأ هؤلاء العلماء الإيرانيين الذين كتبوا، هذا الحسّ العرفاني الموجود عندهم ليس موجوداً عند العُلماء العرب</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: سؤالي هو، لماذا هؤلاء العرب، نحن العرب وكأنّ هناك شبه قطيعة ليس فقط، إذا أردنا أن نقول (إيران) لأسباب سياسية ومذهبية، ولا نعرِف شيئاً عن الفِكر والأدب التركي، الهندي، الصيني، إلّا ما ندر، لكاتب ينال جائِزة "نوبل" مثلاً أو جائِزة عالمية حتى نبحث، يعني العرب في قطيعة مع جيرانهم، مع العالم الآسيوي والأفريقي والأفغاني</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: نعم، أنت قلت الهندي والباكستاني، هنالِك إبداع لدى الأفغان والهنود والباكستانيين</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ما السرّ؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: العرب في مرحلة معيّنة كأنّهم تقوقعوا. يعني ظنّوا حين جاء في النص القرآني "كنتم خير أمّة أُخرِجت للناس"، ظنّوا أنّهم هم خير أمّة أُخرِجت للناس وصدّقوا أنفسهم &nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: اكتفوا بهذا القول</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أنت أحياناً لو ظللت على هذا الإسلام التاريخي أو أيضاً إيديولوجياً، سياسياً واجتماعياً إذا قرأته أنت ستكره، أنت إذا كنت مسلماً، تكره الإسلام من خلال تطبيقه. إذاً، نحن في حاجة إلى رؤية الآخر وكيف رأى الإسلام، من غير العرب</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: في المقابل استيلاب للثقافة الغربية ولكلّ ما يأتي من الغرب. يعني انقطاع عن مُحيط القرية بكلّ مخزونه وإرثه الحضاري والثقافي وانبهار</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أقلّه إذا نقول أكاديمياً، تكون في مؤتمر في إحدى الدول العربية أو غيرها، قال فلان وقال فلان وليس بين من قالوا، هنا قريباً يُمكن الإعادة إلى "الجرجاني" مثلاً أو إلى علمائِنا، أنّ العلماء الغربيين أو النُقّاد الغربيين هم الأساس، وأحياناً تأتينا أُطروحات أو أساتذة يُشرِفون على أُطروحات، وكأنّ فلاناً يعني كأنّه درس رياضيات على أساس ناقِد روائي معيّن وتُطبِّق، واحد زائد واحد يساوي إثنين، في هذا المعنى. حتّى الآن كان يجب أن يزول الانبهار بالغربي بعد مرحلة "نابوليون" بمئة سنة، مرّت مئتا سنة على "نابوليون"</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: خصوصاً أنّ هذا الغرب السياسي على الأقل، ولا أريد أن أقول الغرب بالمعنى الثقافي والحضاري، لهم إنجازات، لكن الغرب في السياسة دمّرنا يعني "حرق سلّافنا" بالعربي الدارِج &nbsp;</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: منذ ثلاثة أيام كان هناك حديث جانبي بعد أن انتهينا من مؤتمر في (عُمان)، والمؤتمر أساساً عن مُصطلح في اللغة العربية بعنوان "القضايا والآفاق" وأنا تحدثت فيه عن المُصطلحات المُترجمة في العصر العباسي وكيف تعامل العرب حين ترجموا المُصطلحات التي اجترحوها، لكن كان هناك حديث جانبي عن موضوع آخر وكان أحد المُشاركين ولن أذكُر الدولة العربية لأنه سيُعرف، لكن تحدّث عن الغرب وعن إنجازات الغرب كما كانوا يتحدثون في السبعينات. أنّ أنت في هذه المرحلة التي ترى فيها بأمّ عينِك إلى أيّ حدّ استخدم لفظة "الديمقراطية"، استخدمها بالانبهار نفسه الذي كان سائِداً في منتصف القرن العشرين، وهذا أمر لم يعُد مسوّغاً الآن، لك يعُد له أيّ مسوِّغ. شعرت بالاشمئزاز وهو يتحدث، وشخص آخر تحدّث عن (أميركا) وقال بمعنى: لماذا لا يرضخون أو لماذا لا نرضخ لـ (أميركا) مثلاً أيضاً من غير العُمانيين، من المُشاركين. لم يكن هذا الحديث علنياً بل كان جانبياً أن (أميركا) مُسيطرة على العالم فلماذا لا نسير كما، يعني إذا كان المثقفون أو الأكاديميون يقولون هذا الكلام فكيف بعامة الناس؟ في هذا المعنى</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: بعض الناس ربما عندهم إيمان فطري</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: ربما فهموا اللعبة، فهموها</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: على كلّ حال إن شاء الله أن يكون لنا لقاءات أُخرى لأننا ممكن أن نتحدث عن الترجمة، ممكن أن نحكي عن الأدب النسائي، ممكن أن نتحدث عن "بهاء الدين العاملي" بشكلٍ موسّع أكثر. إن شاء الله ألله يُعطيكِ العُمر والصحة والمزيد من الكتابات وأنا أنصح مُشاهدينا الاطلاع على كتبكِ سواء "بهاء الدين العاملي" أو "القرآن والشعر"، أنا جداً مهتمّ في هذا الموضوع، "المرأة الأندلسيّة" كتاب جميل جداً، وكلّ هذه الكتب موجودة في المكتبات، شرّفتِ "بيت القصيد"</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: شكراً أُستاذ "زاهي"</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أهلاً وسهلاً</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أنتَ كنت لطيفاً جداً والضيوف الكرام، وأنا أُعطيتُ أكثر مما أستحقّ</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: تستأهلين</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: أنا لم أكن أسعى لا وراء الشُهرة حين كتبت، ودائِماً كنت أختار ما أكتُب، يعني عن قصد</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أثناء تكريمكِ في (النبطيّة) من قِبَل البلدية والجمعيات الثقافية والأهليّة في المنطقة، طرحتِ سؤالاُ أنّه لماذا نكتُب؟ أو لماذا أكتُب؟ لو في الختام طلبت منك أن تجيبينني في جملتين لو سمحتِ، بإيجاز، لماذا تكتبين؟</p> <p>&nbsp;<strong>دلال عباس</strong>: أنا ولا مرّة كتبت بمعنى القول أنّ الكتابة لإثبات الذات، أنا دائِماً أُريد أو أوصِل فكرةً، أنا أكتُب لأوصِل رأياً أو فكرة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: للآخر</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: للآخر، هذا هو الهدف. يعني سمعت بـ "بهاء الدين العاملي" فأردت أن أوصله، أُترجِم كتاباً، في إحدى المرات عُرِضَ عليّ كتاب للترجمة فقلت: "يجب أن أقرأه أولاً، لستُ كالنائِحة المُستأجرة، بمعنى أنني لا أُترجِم من أجل الأجر المادّي إنما أُريد أن أوصِل فِكرة معيّنة إلى الآخر</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: إن شاء الله يكون لنا لقاء حول الترجمة في شكلٍ خاص وأهميتها وضرورتها</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: كلِمة صغيرة عن "جبل عامل"، وجدتُ حينها هذه النُسخة الوحيدة عن "بهاء الدين العاملي"، النُسخة القديمة، وكنت أبحث فيها فوجدتُ ورقة، وهذا ممكن أن يكون مُفاجئاً للمُستمعين ما في هذه الورقة، ليس الشعر لـ "بهاء الدين العاملي" وإنما لـ "صاحِب المعالِم" هو إبن الشيخ "زين الدين" إبن الشهيد الثاني المولود سنة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، ماذا تقول؟</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: يقول من قصيدة، "طول اغترابي بفرط الشوق أضناني</p> <p>والبينُ في غمرات الوجدِ ألقاني</p> <p>يا بارِقاً من نواحي الحيّ عارضني</p> <p>إليك عنّي فقد هيّجتَ أشجاني</p> <p>فما رأيتُكَ في الآفاقِ معترضاً</p> <p>إلّا وذكّرتني أهلي وأوطاني</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: بماذا تُذكِّركَ هذه الأبيات التي قالها صاحبها منذُ أربع مئة عام ونيِّف؟ بقصيدة "رشيد أيوب"</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: صحيح</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: يعني، هذا التراث العاملي الذي كان</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: هناك شيء وكأنه حرفي</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: هو عارَض القصيدة، أنا حين رأيتها كنت أشتغل على "بهاء الدين العاملي" وأقرأ في "أعيان الشيعة" وقرأت القصيدة ومنذ ذلك الحين هي موجودة في هذا الكتاب وأنا أحتفِظ به لأنه ما عاد عندي نُسخ منه، يعني هذه النُسخة الأولى من "بهاء الدين العاملي"، وجدتها وليس هذا فقط، يعني هذا يُلغي الكلام على عصر الانحطاط لأنّ من يقرأ الشِعر العاملي منذ أربعة قرون يُلغي الكلام، ليس فقط الشعر بل الشعر والنثر عن عصر الانحطاط الأدبي</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: على كلّ حال، الشعر العاملي وكلّ ما أنتجه "جبل عامل" في الأدب والفِكر في مراحل مُعيّنة للأسف أُهمِل ولم يُسلّط عليه الضوء لأسباب عديدة سياسية وغير سياسية، لنا بحث آخر بإذن الله، ألف شكر سيّدتي</p> <p><strong>دلال عباس</strong>: شكراً لك &nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: شكراً لفريق العمل، للمُخرِج "علي حيدر"، المنتجة "غادة صالِح" والشُكر الأكبر دائِماً لمُشاهدينا في كلّ أنحاء العالم نلتقيكم على خير الأُسبوع المقبل بإذن الله</p> <p>&nbsp; &nbsp;</p>

برامج أخرى

10 حزيران 2012

تصفح المزيد