عن كوكب بات صالحاً للموت!

أدرجت المنظّمات الدولية تغيّر المناخ في قائمة التهديدات التي قد تكتب نهاية هذا العالم.

  • عن كوكب بات صالحاً للموت!
    عن كوكب صالح للموت!

لم أسمع أبداً عن بيتٍ احتضن أبناءه لآلاف السنين من دون أيّ مقابل، فكان جزاؤه نكران الجميل. هذا هي حالنا مع كوكب الأرض. الكوكب الوحيد الصالح للحياة بات الآن على حافّة الموت. لم نكن لنلحظ الضَرَر الذي تسببّنا به لولا انتشار فيروس "كورونا" الذي جعلنا نشعر بقيمة كوكبنا.

ففي الوقت الذي يتسابق فيه العالم مع عقارب الساعة لاكتشاف العلاج، اكتشفت الأرض علاجاً لها وها هي الآن تتعافى بفضل غيابنا. 

قد يظنّ البعض أنّ حياتنا في خطر الآن، لكنّها كذلك منذ زمن بعيد. ومن المفارقات أنّنا نحمي أنفسنا من الخطر تارةً ونشكّل خطراً على أنفسنا تارةً أخرى. فبعد الثورة الصناعيّة مثلاً، بدأت تظهر المخاطر التي يسبّبها الإنسان على الأرض ومن أبرزها "تغيّر المناخ". هذا المُصطلح الذي كثيراً ما تردّد على مسمعنا لكنّ البعض قرّر التغاضي عنه، لكن إلى متى؟

أدرجت المنظّمات الدولية تغيّر المناخ في قائمة التهديدات التي قد تكتب نهاية هذا العالم.

وقال الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد بيتيري تالاس إن "فيروس كورونا والتغيّر المناخي مشكلتان خطيرتان تتطلّبان استجابة مُحدّدة من الحكومة والمؤسّسات والمواطنين. ويجب قهرهما."

بدوره، شدّد غوتيريش على الفَرْق بين المشكلتين، ففيروس "كورونا" مؤقّت ومن المتوقّع أن تكون تداعياته كذلك، على عكس تغيّر المناخ الذي سيظلّ معنا لعقود. وأضاف: "بلغت حرارة المحيطات مستويات قياسية، فهي ترتفع بما يعادل سقوط  قنابل نووية في الثانية". 

وتُظهر السجّلات أنّ تغيّر المناخ الذي نشهده اليوم – وتحديداً منذ القرن العشرين – يحدث بسرعة كبيرة عمّا قبل ولا تقتصر أسبابه على الحوادث الطبيعيّة.

إذ أكَّد تقرير أعدَّته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ (IPCC) في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، أنّ هذا الاحترار في النظام المناخي "لا لُبس فيه"، ومن المرجَّح أن يكون التأثير البشري هو السبب الرئيس.

لقد تسبَّبت الأنشطة البشرية، ولا سيّما حَرْق الوقود الأحفوري كالنفط والفحم والغاز، في انبعاث ثاني أوكسيد الكربون وغيره من الغازات الدفيئة بكمياتٍ تكفي للتأثير في المناخ العالمي.

ومن النشاطات البشرية الأخرى إزالة الغابات،حيث تُشير التقديرات إلى أنّ قَطْع الأشجار وإشعال الحرائق وغيرها من أشكال تدهور الغابات تُسهم بما يصل إلى 20 % من انبعاثات الكربون العالميّة. إذًا، ما الذي ينتظرنا؟

وفقاً لتقرير المخاطر العالميّة للعام 2016 الصادر عن "المُنتدى الاقتصادي العالمي"، فإنّ الفشل في التخفيف من تغيّر المناخ والتكيّف معه هو الخطر الأكثر تأثيراً في السنوات المقبلة ويفوق خطورة أسلحة الدمار الشامل.

ولا يصعب تصديق ذلك، فبحسب "منظّمة الصحّة العالميّة"، من المتوقّع أن يتسبّب تغيّر المناخ بين الأعوام 2030 و2050 بحوالى 250,000 حالة وفاة إضافية سنوياً، من سوء التغذية والملاريا والإجهاد الحراري.

وتقدّر تكاليف الأضرار المباشرة على الصحة ما بين 2 إلى 4 مليارات دولار أميركي سنوياً بحلول العام 2030.

ويسبّب تغيّر المناخ في انحسار الأنهار الجليديّة وارتفاع منسوب سطح البحر.

وفقدت غرينلاند وأنتاركتيكا 6.4 تريليون طن من الجليد بين عامي 1992 و2017، ما رفع مستويات المحيطات بمقدار 17,8 ملم.

هذا الارتفاع من شأنه أن يحدث فيضانات ستعطّل حياة الناس في جميع أنحاء الكوكب.

كما يؤدّي تغيّر المناخ إلى انكماش غابات الأمازون التي أُطلق عليها إسم "رئة العالم" علماً أنّها تنتج حوالى 20 % من الأوكسجين.

وشهدت هذه الغابات حرائق مُدمّرةً في العام 2019، سببها الأوّل الجفاف الشديد، والذي يتزايد يوماً بعد يوم بسبب التغيّر المناخي، أما الثاني فالأنشطة البشرية التي تؤثّر سلباً على طبيعة الغابات.

ويسفر تغيّر المناخ أيضاً إلى انتشار الأمراض المُعدية في العالم وزيادة العواصف وشدّتها وحدوث موجات جفاف وتصحّر في مساحات كبيرة من الأرض. 

أعلنت منظمة الصحة العالمية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 تسجيل إصابات بمرض الالتهاب الرئوي (كورونا) في مدينة ووهان الصينية، ولاحقاً بدأ الفيروس باجتياح البلاد مع تسجيل حالات عدة في دول أخرى حول العالم.