ذاتُ الكعب العالي
أيَتَكَرّمُ البخيلُ على الجوّاد؟ أم صار اللصوص أسياداً في كل واد؟
-
ذاتُ الكعب العالي (John William Waterhouse)
آيْ، من هذي الأفعى أمامي
زُعافٌ في عظامي سُمُّها!
فَحيحها في المدى
أَبْعِدوا عني هذي التقنية الرقطاء!
المحشوّةَ في إبهامي
سَرَتْ أشعتُها في دَمي
هذي الشاشات شُعُّ العنكبوت
قُوتُها ألمي
خُيوطُها الوهمية وَهْن الرّوح
بَوْحُ الْجُرْحِ فَريسَتُها.
يا زُرْقة التكنولوجيا!
لم تَقِ حتى عبيدَك من الأسياد..
الخُلَّص الطامعون في رشوتك.
ربي خَلّصْني منها..
تَعالَيْتُ أن أكون لها من العباد،
قارون العصر هذي، عدوّة الأشعارِ
لا تَعْشَقُ في رِحاب جَمالك إلا حضن الدولارِ.
***
اِنطفئْ أيها الهاتف
لا تهتفْ.. أنْباؤك عِلَّتي
ما أردتُ منك
أخبارَ فرنسا عن أطفال
أدمنوا التسكّع
في زوايا ظُلمة الأنوار،
من خلف نَظّارَتِها رَمَقَتْ باريسُ
بقايا أشلاء تحت كَعْبِها العالي
مُتعاليةً، رَمَتْ لهم عَقِبَ سِيجارتها
مُتناسيةً ذِكرياتها القديمة
كَشَطَتْ صورَةَ عَشيقِها بَيْن الأجْنادِ
في نَفْثِ دُخانها رائحةُ حَوافِر الأَجْيادِ،
ثُريّاتُكِ الذهبية
أَبْراجُكِ الحديدية
متاحف السلام
من آهات بلادي
أيَتَكَرّمُ البخيلُ على الجوّاد؟
أم صار اللصوص أسياداً في كل واد؟
يا عاصمة الحب، اخلعي كعبك العالي
سيري الهُوَينا، يا عاشقة الزُّمُرُّد،
ما أظنُّ أديم الأرض إلا من زَبَرْجَد الأجساد