هل التعليم عن بعد سيدوم إلى الأبد؟
يبدو أنّ المُعلّمين والطُلاب معاً سيواجهون تحدّيات كبيرة لمواكبة هذا التحوّل المُفاجئ.
تعتبر البرامج التعليمية إحدى العناصر الرئيسة للعملية التعليمية، ولذلك من الهام جداً تحديثها باستمرارٍ وتطويرها لتُساعِد في تحقيق جودة التعليم ومواكبة التطوّرات العلمية والعملية. عِلماً أن البرامج التعليمية تعكس وفي جميع مراحل التعليم، حال المجتمع وأوضاعه الاقتصادية ومدى التقدّم العلمي الحاصِل على مستوى العصر.
وفي القرن الحادي والعشرين لا يكفي أن تكون مناهج التعليم العالي مُتطوِّرة فقط، بل الأهم من ذلك يكمُن في توفير المعلّمين المؤهّلين والمُدرَّبين القادرين على مواكبة التغيير واحتضانه، ومتابعة كافة المُتغيّرات في البيئة الخارجية ومواكبتها، ولديهم الكفايات المطلوبة لمواكبة هذا القرن لا سيما كفاية الابتكار والإبداع، وكفاية التفكير الناقِد، وكفاية التواصُل الرَقمي.
وذلك، من أجل نقل العملية التعليمية من عملية التسميع والحفظ والتلقين إلى عملية التحليل والتفكير. فضلاً عن قُدرة هؤلاء المُعلّمين على التأهيل المستمر ومواكبة الابتكارات الجديدة وإجراء الأبحاث العلمية بما يخدم المصلحة التعليمية ويطوّر قُدراتهم ومهاراتهم.
وبات لا يُخفى على أحد بأنّ جائِحة "كورونا" أجبرت الجميع على استخدام التكنولوجيا بعد أن فرضت في جميع دول العالم إجراءات الإغلاق التام لفتراتٍ مُحدَّدة ومُتقطّعة، ولضمان سلامة الطُلاب والمُعلّمين والمجتمع ككل، تمّ في الوقت الحالي إلغاء فكرة التعليم في قاعات الدراسة التقليدية.
ولم يعد التعليم عن بُعد أو التواصُل الرَقمي يقتصر على فئةٍ مُعيّنة، بل أصبح الجميع في منظومة التعليم يستخدمون التطبيقات الإلكترونية، ليتحوَّل الأمر في قطاع التعليم إلى تواصُلٍ رقمي إلزامي.
ولا شكّ أن المؤسَّسات التعليمية التي تمارس التعليم الإلكتروني في الأوضاع الطبيعية كانت أكثر جاهزية للانتقال إلى التعليم عن بُعد، لأنّ مُعلّميها وطلبتها قد اعتادوا استخدام هذا الوسائل الإلكترونية سواء في الصف أمْ خارجه.
وبما أنّ التعليم عن بُعد أصبح واقعاً لا مفرّ منه يجب أن تتغيَّر القناعة لدى الناس بفاعلية التعليم عن بُعد، ولم تعد هذه العملية التعليمية مؤقّتة وتنتهي بانتهاء جائِحة "كورونا".
صحيح أن الآراء تعدَّدت واختلفت حول هذا الموضوع، فالبعض يقول بأنّ الأمور ستعود إلى طبيعتها بعد انتهاء هذه الجائِحة والبعض يقول لا رجعة عن التعليم الإلكتروني الذي طال انتظار التحوّل إليه بشكلٍ أكبر.
لذلك، يبدو أنّ المُعلّمين والطُلاب معاً سيواجهون تحدّيات كبيرة لمواكبة هذا التحوّل المُفاجئ، إلا أنه بالتخطيط المناسب يمكن التغلّب على كثيرٍ من العقبات.