"يوم الموتى" ... هكذا يتواصل المكسيكيون مع موتاهم

يحتفل المكسيكيون كل عام بما يسمى "يوم الموتى" الذي يضرب عميقاً في جذور الثقافة المكسيكية، ولا علاقة له بالهالوين. فما هو "يوم الموتى"؟

"يوم الموتى" يضرب عميقاً في جذور الثقافة المكسيكية

إنه "يوم الموتى". يوم يضرب عميقاً في جذور الثقافة المكسيكية. صحيح أن "يوم الموتى" يتزامن مع الاحتفال بالهالوين الذي يعمّ الكثير من دول العالم، إلا أنه يختلف عن الأخير في مضمونه وأبعاده وغاياته.

فإذا كان الهالوين غايته التنكر والرعب و"الاذى"، فإن "يوم الموتى" الذي يحتفل به على مدار يومين يكشف عما يشبه إنفجار الألوان والفرح توكيداً للحياة.   

فما يعرف بالمكسيكية بــ " ديا دي لوس مويرتوس"، يسعى حاضراً لإثبات حب واحترام الأسرة لأفرادها المتوفين، حيث يقدمون لهم الغناء والرقص في مسيرات وهم يرتدون أزياء غير تقليدية ويصبغون وجوههم بألوان تختلف عن طرائق الماكياج العادي.

الحدث السنوي الأكثر سخونة في المكسيك، إعترفت به منظمة "اليونيسكو" وأدرجته ضمن التراث الثقافي الذي تتناقله الأجيال، بوصفه إعادة تأكيد على حياة السكان الأصليين.

 

"يوم الموتى" نشأ قبل آلاف السنين

وتعدّ الجماجم التي يرسمها المشاركون على وجوههم بأشكال مزخرفة أو بعضها الذي يصنع من السكّر، تعدّ الرمز الأساسي في الاحتفالية. وكذلك ارتداء أزياء تحاكي الهياكل العظمية، حيث تحيط المشاركين أزهار بألوان زاهية وأريج فواح يُعتقد بأن وظيفتها إرشاد أرواح الموتى.

وفي هذا اليوم أيضاً، تعمد العائلات إلى تحضير موائد خاصة في المنازل، وعلى شواهد القبور وتقدم الطعام المفضل لأحبائها.

ويقول المكسيكيون إن "يوم الموتى" نشأ قبل آلاف السنين تخليداً لأرواح المقاتلين الذي قضوا في الحروب أو المجازر، وأن هذا اليوم يهدف حالياً لإبقاء الصلة مع كل الأموات عبر الذاكرة والروح.

تجسد "لا كاترينا" أعظم رموز التعبير عن تجذّر الثقافة المكسيكية

وتجسد "لا كاترينا" إحدى أعظم الرموز التي تعبر عن تجذّر الثقافة المكسيكية. فرسمها الأول بين الأعوام 1910 و 1913 تحت عنوان "الجمجمة الأنيقة"، أراده الرسام المكسيكي الشهير خوسيه بوسادا، نموذجاً صارخاً في سخريته من طبقة الأثرياء المكسيكيين الذين كانوا يتطلعون إلى تبني أنماط الحياة والتقاليد الأوروبية في مطلع القرن العشرين. فرسمها عبارة عن صورة لهيكل عظمي أنثوي يعتمر قبعة ويلبس ثياباً تلائم زي الأرستقراطية الأوروبية.

ويقدم خبراء التجميل اليوم كل ما بوسعهم لجعل المشاركين يشبهون "لا كاترينا"، وعلى الرغم من أنها شخصية نسائية إلا أن بعض الرجال المكسيكيين لا يجدون حرجاً في ارتداء ملابس تحاكيها.

 

الفعالية السنوية متاحة لكل الأعمار

ويشارك في الفعالية السنوية التي تقام في الأول والثاني من شهر تشرين الثاني/نوفمبر، مكسيكيون من كل الأعمار. ويخصص اليوم الأول للأطفال الأموات ويعرف بـ "يوم الأبرياء"، بينما يخصص الثاني للبالغين الأموات.

وقبل أيام شارك 700 فنان وفنانة مكسيكيون في موكب كرموا فيه المسعفين الذين طلبوا التزام الصمت كي يرهفوا السمع لالتقاط أصوات الناجين تحت الأنقاض، وذلك بعد الزلزال الذي وقع يوم 19 أيلول/سبتمبر وهدم عشرات المباني وقتل نحو 230 شخصاً في العاصمة المكسيكية.

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]

 

اخترنا لك