ماذا قال نجل الأسير القيادي مروان البرغوثي للميادين نت؟

كثيرون يعتبرون القيادي الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي الأوفر حظاً للفوز بمقعد الرئاسة إذا ما أرادت حركة "فتح" ترشيحه لهذا المنصب.

مروان البرغوثي معلّم الأسرى

انخرط القائد الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي مبكراً في حركة "فتح"، وهو في سن الخامسة عشرة، واعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1976 عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، وبعد خروجه من السجن التحق بقسم التاريخ والعلوم السياسية في جامعة بيرزيت، وترأس مجلس طلبتها.

منذ بداية حياته النضالية روّض البرغوثي نفسه على أن تكون الإقامة في سجون الأسر جزءاً من حياته، فتم اعتقاله للمرة الثانية وهو في سنّ العشرين عام 1978، فخضع للتحقيق  وتعرض للتعذيب الشديد.

وتم عزله لفترة قصيرة في سجن رام الله، ثم نقله إلى سجن طولكرم مع مجموعة من رفاقه بعد تأسيسهم مجموعة لمقاومة الإحتلال، وكانت المجموعة ذات ميول يسارية كمعظم أبناء قريته.

وقد ترافق اعتقال المجموعة مع اعتقال مجموعة أخرى من شباب القرية تابعة لحركة فتح، نفذّت عملية ضد قوات الاحتلال وحكم أفرادها بالسجن المؤبد، وهم نائل البرغوثي الملقب بـ"جنرال الصبر" الذي دخل عامه الأربعين في السجن ارتاح فيها لثلاث سنوات فقط، بين عامي 2011 و2014، وشقيقه عمر، وفخري البرغوثي.

ولأن الحكمة تقول: "الألم العظيم يصنع الوعي العظيم"، فقد اتقن البرغوثي العبرية والإنجليزية وحصل على شهادة الثانوية العامة وهو في الأسر، من خلال احتضان عدد من كوادر فتح الكبار له في سجن طولكرم.

خرج البرغوثي من السجن عام 1983، وتصادف ذلك مع قرار قيادة حركة فتح في الخارج والداخل بتأسيس الشبيبة الطلابية، والاهتمام بهذا القطاع، فشارك في تأسيسها. فأُفرز البرغوثي وعدد من الأسرى المحررين للالتحاق في جامعة بير زيت، لاستكمال دراستهم الجامعية، وقيادة الإطار الطلابي الجديد.

وقد قاد البرغوثي مجلس طلبة جامعة بير زيت لدورتين بين أعوام 1983-1985، وبسبب نشاطه الطلابي اعتقل من قبل قوات الاحتلال في أيلول /سبتمبر 1984 لمدة شهر ونصف تقريباً.

تزوج في 21 تشرين الأول/ أكتوبر 1984، لكن الاحتلال حرمه من حياة هانئة، فطورد من قبل قوات الاحتلال. ويشير البرغوثي إلى أن ظروفه وظروف زوجته كانت استثنائية، حيث كانت تدرس الرياضيات في لجان المرأة للعمل الاجتماعي، وهي إحدى الأطر النسائية التي أسستها حركة فتح في الداخل المحتل.

شهد عام 1985 إطلاق سراح العشرات من قيادات وكوادر التنظيمات الفلسطينية من السجون الإسرائيلية، ومنهم كوادر حركة فتح، وذلك في صفقة تبادل الأسرى التي عقدتها الجبهة الشعبية/ القيادة العامة.

دفع خروج هذه الكوادر لتطوير النشاط التنظيمي لحركة فتح، وتغلغلها في القطاعات الطلابية والاجتماعية والنسائية والمهنية. وأثناء الإحتفالات بالأسرى المحررين اعتُقل البرغوثي، وفُرضت عليه الإقامة الجبرية في قريته بتاريخ 24 أيار - مايو 1985. وبعد أربعة أيام تم اعتقاله مجدداً، ثم أُفرج عنه بعد 50 يوماً من التحقيق، ووُضع من جديد تحت الإقامة الجبرية في قريته.

أُعيد إعتقال البرغوثي ضمن حملة طالت عدداً من قيادات العمل الوطني الشابة في 28 آب/ أغسطس 1985، ثم أُفرج عنه بعد انتهاء حكمه الإداري في 1 آذار / مارس 1986.

دكتوراه في الزنزانة

يعتبر البرغوثي من أبرز قيادات الإنتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي عام 1987. وخلال الإنتفاضة، ألقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي القبض عليه ورحّلته بقرار من وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إسحق رابين في إطار سياسة الإبعاد التي طاولت العديد من القادة في الأراضي الفلسطينية. إلى الأردن التي مكث فيها 7 سنوات.

بعد ابعاده، استمر البرغوثي في موقعه في المنفى عضواً في اللجنة العليا للانتفاضة في منظمة التحرير الفلسطينية والتي تشكلّت من ممثلي الفصائل خارج الأراضي الفلسطينية، وعمل في اللجنة القيادية لحركة فتح. فعمل تحت قيادة أبو جهاد خليل الوزير، فعمل منسقاً لشؤون التعبئة والتنظيم في الداخل المحتل، وأدار عمله من عمان.

وبعد اندلاع الانتفاضة الأولى عمل في اللجنة القيادية لحركة فتح (القطاع الغربي)، ومع القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، تحت إمرة جبريل الرجوب، الذي استلم قيادة التنظيم في الضفة بعد اغتيال أبو جهاد. وفي المؤتمر العام الخامس لحركة فتح عام 1989، انتخب البرغوثي عضواً في المجلس الثوري للحركة، ليكون أصغر الأعضاء سناً في ذلك الوقت.

وبعد توقيع اتفاق أوسلو، وفي الخامس من نيسان - أبريل 1994، عاد ثانية إلى الضفة الغربية وبموجب اتفاق أوسلو، على رأس أول مجموعة من العائدين، واختير على إثرها لأمانة السر في حركة فتح. وعندما أجريت الإنتخابات التشريعية في كانون الثاني - يناير 1996، فاز البرغوثي بعضوية المجلس التشريعي عن محافظة رام الله والبيرة، وكمرشح عن حركة فتح، حيث حصل على 12716 صوتاً. وخلال هذه الفترة حصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية، وعمل محاضراً في جامعة القدس. واحتفظ بمقعده في الانتخابات التي أجريت عام 2006، حيث ترأس القائمة الموحدة لفتح في الإنتخابات التشريعية الثانية.

وتعرض البرغوثي إلى أكثر من محاولة اغتيال نجا منها، وفي إحداها أطلقت عليه وعلى مساعديه صواريخ موجهة، كما تم إرسال سيارة ملغومة له خصيصاً.

برز البرغوثي بشكل لافت مع اندلاع "انتفاضة الأقصى" عام 2000، وذلك بحكم منصبه في أمانة سر حركة فتح في الضفة الغربية، وتولى حلقة الوصل بين كوادر التنظيم في مختلف المحافظات مع قيادة الحركة، وخصوصاً مع الرئيس الراحل ياسر عرفات. واتهمت قوات الاحتلال البرغوثي بأنه حلقة الوصل بين عرفات وقيادة "كتائب شهداء الأقصى" العسكرية، وعلى رأسهم رائد الكرمي من طولكرم، وناصر عويص من نابلس، وناصر أبو احميد من رام الله، وغيرهم.

بعد اجتياح قوات الاحتلال للضفة الغربية ضمن حملة أطلقت عليها اسم "السور الواقي"، تم إعتقال البرغوثي مع مساعده الأول أحمد البرغوثي، الملقب بالفرنسي، من منزل زياد أبو عين في رام الله يوم 15 نيسان - أبريل 2002.

وخلال التحقيق معه حاول جهاز الشاباك أخذ اعترافات من البرغوثي تدين الرئيس عرفات، لتحميله مسؤولية الأعمال العسكرية التي نفذتها فتح. وقُدم البرغوثي للمحاكمة في محكمة تل أبيب المركزية، التي أصدرت عليه حكماً بالسجن المؤبد خمس مرات، إضافة إلى أربعين عاماً، وذلك بعد إدانته بتهم عدة، وهي صلته المباشرة بثلاث عمليات في القدس وتل أبيب، والشروع في القتل، والمشاركة في نشاط منظمة "إرهابية"، والتآمر لارتكاب "جريمة"، والمشاركة في مسؤولية 37 عملية ضد الاحتلال الصهيوني في الفترة من كانون الأول - ديسمبر 2000 ولغاية اعتقاله في نيسان - أبريل 2002 .

خلال اعتقاله حصل البرغوثي على درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 2010، وقد نشر مركز دراسات الوحدة العربية أطروحته التي كانت بعنوان (الأداء التشريعي والسياسي للمجلس التشريعي الفلسطيني، ومساهمته في العملية الديمقراطية في فلسطين من 1996 إلى 2006).)

ساهم البرغوثي في صياغة عدد من الوثائق السياسية، أبرزها إعلان هدنة بالتوافق مع قيادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي في دمشق، وذلك خلال تولي الرئيس محمود عباس رئاسة الحكومة عام 2003، وكذلك صياغة وثيقة الأسرى عام 2006، التي أعطت الصلاحية الكاملة للرئيس الفلسطيني محمود عباس في قيادة ومسؤولية المفاوضات مع الاحتلال، ثم انبثق عنها وثيقة الوفاق الوطني، التي اشترطت عرض أي اتفاق مع الجانب الصهيوني على استفتاء عام، وحصوله على موافقة المجلس الوطني بتشكيله الجديد.

البرغوثي الأوفر حظاً للفوز بمقعد الرئاسة

ووقع البرغوثي في 9 أيار/ مايو 2006 -نيابة عن الحركة فتح - "وثيقة الوفاق الوطني" الصادرة عن القادة الأسرى لمختلف الفصائل الفلسطينية في سجون الاحتلال، وهي الوثيقة التي قادت إلى اتفاق مكة بين حركتي فتح والمقاومة الإسلامية (حماس).

ورغم وجوده في السجن، انتخب البرغوثي مجدداً عضواً في اللجنة المركزية لفتح، خلال المؤتمر السابع للحركة الذي عقد في رام الله نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2016. وجمع البرغوثي 70% من أصوات أعضاء المؤتمر ليأتي في طليعة الفائزين بعضوية اللجنة المركزية لفتح. وقالت زوجته فدوى: إن مروان يتمتع بنفوذ أكبر مما كان عليه في أي وقت برغم وجوده في السجن منذ 14 عاماً، وإنه نجح في إفشال المخطط الإسرائيلي لإسكاته وعزله عن الشارع وعن الساحة السياسية الفلسطينية.

كثيرون يعتبرون أنّ البرغوثي الأوفر حظاً للفوز بمقعد الرئاسة إذا ما أرادت حركة "فتح" ترشيحه لهذا المنصب.

وفي 18 أنيسان/ أبريل 2017، وبمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، سرّب البرغوثي من سجنه مقالاً نشر في صحيفة "نيويورك تايمز" قال فيه إن السنوات الـ15 التي أمضاها في السجون الإسرائيلية خولته أن يصبح شاهداً وضحية لنظام الاعتقالات الجماعية العشوائية الذي تقوم عليه المنظومة الإسرائيلية غير القانونية بحق الفلسطينيين وإساءة معاملتهم، مضيفاً أنه استنفد جميع الخيارات الأخرى وقرر مقاومة هذه الانتهاكات بالإضراب عن الطعام.

ومنذ بادر وزير الأسرى السابق في السلطة الفلسطينية عيسى قراقع آنذاك إلى توقيع اتفاقية تفاهم مع وزارة التربية والتعليم وبالتعاون مع جامعة القدس المفتوحة، إلى عقد الإمتحان التوجيهي داخل السجون.

وبموجبه تتولّى تدريس الطلبة الأسرى مجموعة من الأسرى يشترط أن يكون الواحد منهم حائزاً على الماجستير أو الدكتوراه قبل دخوله السجن، فإن البرغوثي يتولى التدريس الجامعي للأسرى في سجن "هداريم".

نجل البرغوثي: زيارة الوالد قصة معاناة بحد ذاتها

يقول نجل البرغوثي، عرب، في حديث خاص للميادين نت إنه إلتقى بوالده قبل ثلاثة أيام في معتقله بعد أن قدمنا طلباً قبل 5 أشهر لمقابلته عبر الصليب الأحمر.

ويضيف عرب: "زيارة الوالد بحد ذاتها قصة معاناة  فقبل زيارته الأخيرة منُعنا من زيارته لمدة سنتين ونصف بعد أن قدمنا طلب المقابلة عبر الصليب الأحمر،  ورغم ذلك الوالد معنوياته قوية وصحة جيدة".

صدر للبرغوثي بحوث وكتب، من بينها "ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي" و"الوعد"، و"الوحدة الوطنية قانون الانتصار".

ولد البرغوثي في عام 1958 في قرية كوبر قضاء مدينة رام الله في الضفة الغربية.وقد مر على إعتقاله أكثر من 17 عاماً.