أدلة جديدة عن احتمال وجود كوكب غامض في نظامنا الشمسي

علماء الفلك يكشفون أدلة جديدة تتعلّق باحتمال وجود كوكب غامض في نظامنا الشمسي أطلق عليه مؤلفو الورقة البحثية اسم "الكوكب Y".

0:00
  • أدلة جديدة عن احتمال وجود كوكب غامض في نظامنا الشمسي
    أدلة جديدة عن احتمال وجود كوكب غامض في نظامنا الشمسي أطلق عليه مؤلفو الورقة البحثية اسم "الكوكب Y"

لطالما ألهم البحث عن كوكب غير معروف في نظامنا الشمسي علماء الفلك لأكثر من قرن من الزمان. وحالياً، تشير دراسة حديثة إلى وجود مرشّح محتمل جديد، أطلق عليه مؤلفو الورقة البحثية اسم "الكوكب Y".

لم يُرصد هذا الكوكب بعد، بل تمّ استنتاج وجوده فقط من خلال المدارات المائلة لبعض الأجسام البعيدة في "حزام كايبر"، وهو عبارة عن حلقة كبيرة من الأجسام الجليدية تقع خلف مدار كوكب نبتون. 

ولفت الباحثون إلى أنّ هناك شيئاً ما لا بدّ أنه يسبّب اضطراباً في هذه المدارات ويميلها.

 وقال المؤلف الرئيسي أمير سراج، عالم فيزياء فلكية وطالب دكتوراه في قسم العلوم الفلكية في جامعة برنستون، إنّ "أحد التفسيرات يتمثّل بوجود كوكب غير مرئي، ربما أصغر من الأرض وربما أكبر من عطارد، يدور في أعماق النظام الشمسي الخارجي".

وأضاف أنّ "هذه الورقة البحثية ليست اكتشافاً لكوكب، لكنها بالتأكيد اكتشاف للغز يُحتمل أن يكون الكوكب هو حلّه".

وقد نشر سراج وزملاؤه نتائجهم في الدورية العلمية Monthly Notices of the Royal Astronomical Society.

يُعدّ "الكوكب Y" الأحدث في سلسلة من الكواكب الافتراضية في النظام الشمسي التي اقترحها العلماء خلال السنوات الأخيرة، وجميعها تتمتّع بخصائص مختلفة قليلاً، لكن يُعتقد بأنها جميعها تختبئ في "حزام كايبر"، الذي يضم أيضاً كوكب بلوتو، الكوكب التاسع السابق، الذي تمّ تخفيض تصنيفه وإعادة اعتباره كوكباً قزماً في العام 2006.

اقرأ أيضاً: بحجم النيزك.. قمر "خفي" يرافق الأرض

ويتمثّل السبب وراء ظهور هذا العدد الكبير من المرشحين لـ"الكوكب التاسع" في أنّ "حزام كايبر" يقع في منطقة مظلمة وبعيدة من النظام الشمسي، ما يجعل عمليات الرصد صعبة وغير مكتملة. لكن من المرجّح أن تتغيّر هذه العقبات قريباً، إذ يستعدّ تلسكوب جديد يُدعى مرصد "فيرا روبين" لبدء مسحه الليلي للسماء لمدة عشر سنوات.

وقال سراج:"أعتقد أنه خلال العامين إلى الثلاثة أعوام الأولى، ستتضّح الأمور بشكل حاسم. إذا كان الكوكب Y ضمن مجال رؤية التلسكوب، فسوف يكون قادراً على رصده مباشرة".

البحث عن الكوكب X

بعد اكتشاف كوكب نبتون في العام 1846، واصل علماء الفلك البحث عن كوكب آخر في النظام الشمسي، الذي أصبح يُعرف في مطلع القرن العشرين باسم "الكوكب X"، وهو اسم شائع أطلقه الفلكي الأميركي بيرسيفال لويل. وكان يُعتقد أنّ هناك جسماً بعيداً غير مكتشف هو السبب وراء التقلّبات في مداري نبتون وأورانوس.

وعندما تمّ اكتشاف بلوتو في العام 1930، أعلن الفلكيون أنه الكوكب التاسع، معتقدين بداية أنه الكوكب X. لكن في العقود التالية، تبيّن أنّ بلوتو صغير جداً بحيث لا يمكنه تفسير تلك التقلّبات. وبحلول أوائل التسعينيات، كشفت بيانات من مسبار "فوياجر 2" أنّ نبتون أقل كتلة ممّا كان يُعتقد سابقاً، وهو ما فسّر الاضطرابات المدارية من دون الحاجة إلى الكوكب X.

اقرأ أيضاً: عالم هندي: مقدّمات محتملة للحياة على قمر زحل "إنسيلادوس"!

احتدام النقاش والجدل!

هذا وقد أُعيد إحياء البحث العام 2005، عندما اكتشف ثلاثة علماء فلك، من بينهم مايك براون، أستاذ علم الفلك الكوكبي في معهد كاليفورنيا للتقنية، كوكب إريس، وهو جسم جليدي أكبر قليلاً من بلوتو ويدور أيضاً حول الشمس من "حزام كايبر".

وأدّى هذا الاكتشاف في النهاية إلى خفض تصنيف بلوتو من كوكب إلى كوكب قزم، وهو قرار أثار الكثير من الجدل. 

وفي العام 2016، نشر براون وزميله كونستانتين باتيغين أولى أبحاثهما حول فرضيتهما المتعلقة بوجود كوكب إضافي في النظام الشمسي، أطلقا عليه اسم الكوكب التاسع (Planet Nine).

ويُعتقد أنّ الكوكب التاسع قد يكون أكبر من الأرض بـ 5 إلى 10 مرات، ويدور حول الشمس على مسافة تعادل نحو 550 ضعف المسافة بين الأرض والشمس، أي أبعد بكثير من بلوتو. وقد وضع العلماء على مرّ السنين فرضيّات مختلفة حول كواكب خفية بأحجام متفاوتة، من جسم بحجم المريخ إلى ما أطلقوا عليه "سوبر بلوتو".

وفي هذا الإطار قال سراج "إنّ البحث عن الكوكب التاسع أو Y، موضوع نقاش محتدم في علم الفلك"، مضيفاً: "أعتقد أنه نقاش مثير للغاية، وكان هذا في الحقيقة الدافع وراء تحقيقنا في هذه المسألة، بسبب كل هذا الجدل في الأوساط العلمية".

وتابع: "أظن أننا محظوظون جداً لأننا نعيش في زمن قد تُكتشف فيه مثل هذه الاكتشافات"، موضحاً أنّ "الكوكب التاسع والكوكب Y يمكن أن يكون كلاهما موجوداً".

وبدأت رحلة سراج في البحث عن الكوكب Y قبل عام، عندما كان يحاول معرفة ما إذا كان شكل حزام كايبر مسطّحاً.

وأجرى سراج وزملاؤه محاكاة حاسوبية شملت جميع الكواكب المعروفة إضافة إلى كوكب افتراضي. وقد قاموا بتغيير معايير هذا الكوكب الافتراضي مراراً، ووجدوا أنّ الفرضيات السابقة مثل الكوكب التاسع لا تتوافق مع نموذجهم، وكانوا بحاجة إلى فرضية جديدة.

وأوضح سراج:"الكوكب Y على الأرجح جسم تتراوح كتلته بين كتلة عطارد وكتلة الأرض، ويقع على بُعد يتراوح بين 100 إلى 200 ضعف المسافة بين الأرض والشمس، ومائل بزاوية لا تقلّ عن 10 درجات مقارنة ببقيّة الكواكب".

وضوح في الأفق

ونظراً لصعوبة رصد "حزام كايبر"، يعتمد علماء الفلك على دراسة مدارات عدد محدود من الأجسام لاستنتاج وجود كوكب محتمل.

وفي حالة دراسة سراج، يبلغ عدد هذه الأجسام نحو 50 جسماً، ما يجعل وجود الكوكب Y غير مؤكّد.

وقال سراج:"مع هذه الأجسام الخمسين تقريباً، تتراوح الدلالة الإحصائية بين 96% و98%. إنها قوية، لكنها ليست حاسمة بعد".

ومن المقرّر اكتشاف المزيد من هذه الأجسام بمجرّد أن يبدأ مرصد "فيرا روبين" مهمته الأساسية هذا الخريف. ويقع التلسكوب على قمة جبل يبلغ ارتفاعه 2,682 متراً في تشيلي، ويحتوي على أكبر كاميرا رقمية في العالم، وسيلتقط صوراً للسماء بأكملها كل ثلاثة أيام.

وقال باتيغين، أستاذ علوم الكواكب في معهد كاليفورنيا للتقنية (Caltech)، الذي كتب العديد من الدراسات حول الكوكب التاسع لكنه لم يشارك في بحث الكوكب Y، إنّ "الدراسة تُعدّ مقاربة مثيرة للاهتمام لاستكشاف التشوّهات الطفيفة في النظام الشمسي الخارجي".

وأضاف:"على مدار السنوات التالية، سيكشف مرصد فيرا روبين البنية الديناميكية للنظام الشمسي الخارجي بدرجة من الوضوح غير مسبوقة".

ومتى ما بدأت بيانات روبين بالوصول، ينبغي أن يحصل علماء الفلك على صورة أوضح بكثير عمّا إذا كان ميل "حزام كايبر" يشير إلى وجود كواكب إضافية تختبئ بعيداً وراء نبتون.

اقرأ أيضاً: "ناسا" تخطط لبناء قرية صالحة للسكن على سطح القمر

اخترنا لك