رغم القصف والبرد.. ضريرة لبنانية مسنة ترفض النزوح من سحمر
تقول السيدة معصومة "أنا لا أخاف الموت أبدا وهذا ما جعلني أصمد وحيدة في منزلي وسط بلدتي سحمر التي تتعرض بشكل شبه يومي للغارات الإسرائيلية التي لا ترحم".
أمام مدخل منزلها المتواضع وسط بلدة سحمر من البقاع الغربي شرق لبنان، جلست الضريرة المسنة "معصومة منعم" فوق كرسي تحصي القذائف والغارات الإسرائيلية وتتابع بدقة واهتمام تطورات المعارك بجنوب لبنان عبر مذياع يلازمها طوال الوقت.
فقدان "معصومة" لنظرها منذ حوالى 14 عاماً لم يحل دون قيامها بتأمين مستلزماتها الحياتية وواجباتها المنزلية، فهي قادرة على فعل كل ما تراه ضروري في حياتها اليومية بكل سهولة دون أية عوائق أو أخطاء.
وقالت "بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت بلدتنا سحمر في الأسابيع القليلة الماضية، نزح جميع سكانها والبالغ عددهم حوالى 8000 نسمة".
مرّ يوم عنيف على منطقة البقاع، حيث شهدت البلدات الواقعة في البقاع الغربي عدة غارات، كان أبرزها وأعنفها على بلدة #سحمر.
— الميادين لبنان (@mayadeenlebanon) October 20, 2024
المزيد من التفاصيل مع، مراسل #الميادين، أحمد طه 👇#لبنان #الميادين_لبنان @ahmadtaha_at pic.twitter.com/INabpdsnAj
وتابعت "بقيت وحيدة في هذه البلدة رافضة فكرة النزوح من أساسها، بالرغم من إلحاح أقاربي والذين أصروا على اصطحابي معهم إلى بلدة القرعون التي تبعد حوالى 7 كيلومترات من هنا".
قصف منزل مجاور
وأضافت "استهدفت أمس غارة إسرائيلية منزلا مجاورا لمنزلي" أدت لتكسير زجاج بعض النوافذ، فعملت بكل سهولة على تنظيف الزجاج المتناثر في كل اتجاه، جمعته داخل كيس من البلاستيك وأزلت الغبار من داخل الغرف والممرات".
وتابعت "بعدها حضرت مائدة الغذاء من البطاطا والقرنبيط المقلي وأتبعت ذلك بفنجان قهوة ارتشفته تحت أشعة الشمس والتي باتت مقبولة مع برودة طقس تشرين الأول/ أكتوبر".
الطيران الحربي الإسرائيلي ينفذ حزاماً نارياً وشن غارات متتالية على بلدة سحمر في البقاع اللبناني.#المنشر_الاخباري #البقاع_الغربي #لبنان pic.twitter.com/Qxn09KwmFe
— Elmanshar | المنشر (@El_manshar) October 20, 2024
وقالت "في منزلي غرفة جانبية ليس فيها نوافذ، أحتمي بداخلها عند تعرض البلدة للقصف المدفعي أو الغارات الجوية".
وأضافت "أتابع عبر المذياع الذي يلازمني وبكل دقة المعارك في جنوب لبنان، والغارات الجوية التي توسعت بشكل كثيف إلى العديد من المناطق اللبنانية".
ذاكرة قوية واتصالات مكثفة
وأشارت "إلى أنها تجري اتصالات هاتفية مكثفة من هاتفها المحمول مع أقاربها وأصدقائها لتطلع من خلالها على الأوضاع العسكرية المستجدة في الكثير من المناطق".
وأوضحت أنها تستعمل الهاتف المحمول بكل سهولة فهي تحفظ في ذاكرتها حوالى 30 رقماً هاتفياً وبمقدورها أن تطلب الرقم الذي تريد عن طريقة لمس وتحديد الأرقام على شاشة الهاتف بسهولة ودون أي خطأ.
وقالت "أنا لا أخاف الموت أبدا وهذا ما جعلني أصمد وحيدة في منزلي وسط بلدتي سحمر التي تتعرض بشكل شبه يومي للغارات الإسرائيلية التي لا ترحم".
لن استسلم للضعف
وتابعت "أنا فرحة بوحدتي نشيطة قوية بالرغم من فقدان النظر، لن أستسلم للضعف ولا أفرط بكرامتي وأشعر بأني تركت للقدر، لكن أجد نفسي ثابتة في إرادة الاستمرار وتحدي الصعاب".
وأضافت "مع هذه الظروف القاسية، فصمودي في منزلي رمز للإصرار على البقاء في وجه اليأس، فعزيمتي صخرية قوية لن تنهار".
غارات عنيفة تستهدف سحمر في #البقاع_الغربي pic.twitter.com/MPphhLGabt
— 𝙼𝙰𝙻𝙰𝙺 ||ملاڪ (@malaksh88) October 20, 2024
وتابعت "من منزلي المتواضع وبنبرة عالية أقول للعالم 'قد أكون ضريرة، قد أكون وحيدة، لكنني لست مكسورة وفي الوقت الذي يفر فيه الآخرون بحثا عن الأمان، تسمرت في مكاني ولن اتزحزح قيد أنملة'."
وقالت "فقداني لحاسة البصر جعلني أطور مهارات استثنائية للتكيف مع حياتي اليومية، وكان اعتمادي على حواسي الأخرى مثل السمع، واللمس، والشم ما ساعدني على القيام بمهامي اليومية مثل استخدام الهاتف، والطهي، وتنظيف المنزل وغيرها بكل بساطة".
وختمت بالقول "أنا أعتمد على ذاكرتي القوية، حيث أحدد مكان كل قطعة في منزلي ما يسمح لي بالتحرك بحرية دون الاصطدام بالأشياء".
كما "يمكنني اتحسس درجة الحرارة بالقرب من الموقد، أو التعرف على نضج الطعام من خلال حاسة الشم وفي التنظيف أعتمد على اللمس لتحديد الأماكن التي تحتاج إلى ترتيب أو مسح للغبار".