علماء يفكّون لغز مومياء "المرأة الصارخة" في الأقصر المصرية

العلماء يتوصلون لحل لغز أثري يتعلق بمومياء عثر عليها بالقرب من مدينة الأقصر المصرية قبل حوالى 90 عاماً.. والأشعة المقطعية مكّنت العلماء من تنفيذ "تشريح افتراضي" حلّوا من خلاله لغز "الصرخة".

0:00
  • علماء يتوصلون إلى تفسير لغز مومياء
    علماء يتوصلون إلى تفسير لغز مومياء "المرأة الصارخة" في مدينة طيبة بالأقصر المصرية

قد يتملّك المرء الذهول وهو ينظر إلى مومياء، عُثر عليها في رحلة استكشاف أثرية عام 1935 في الدير البحري في مدينة طيبة القديمة بالقرب من مدينة الأقصر المصرية، لامرأة محنّطة فاغرة فمها على اتساعه في صرخة ألم.

وتوصّل العلماء حالياً إلى تفسير لمومياء "المرأة الصارخة" بعد استخدام الأشعة المقطعية لإجراء "تشريح افتراضي"، حيث اتضح أنها ربما ماتت وهي تتألّم، وعانت من نوع نادر من تصلّب العضلات، يسمى "تشنّج الجثث"، ويحدث في لحظة الوفاة.

لأول مرة.. فتح تابوت أثري أمام وسائل إعلام دولية

وفي السياق، قالت سحر سليم، الأكاديمية المتخصصة في علم الأشعة بجامعة القاهرة التي قادت الدراسة، التي نُشرت، أمس الجمعة في دورية (فرونتيرز إن ميديسين)، إنّ الفحص يوضح أنّ "المرأة كانت تبلغ من العمر نحو 48 عاماً عند وفاتها،  وإنّ جسدها حُظي بعملية حفظ جيدة أثناء تحنيطه قبل نحو 3500 عام خلال عصر المملكة الحديثة في مصر القديمة، باستخدام مكونات مستوردة باهظة الثمن مثل زيت العرعر ومادة الراتنج".

وأضافت سليم أنّ "العلماء استخدموا الأشعّة المقطعية لإجراء تشريح افتراضي".

هل أهملوا إغلاق فمها؟

وأوضحت سحر أنّ "جودة مكوّنات التحنيط تستبعد أن تكون عملية التحنيط قد تمت بإهمال، وأنّ المحنّطين أهملوا ببساطة إغلاق فمها"، مشيرةً إلى أنهم قد "حنطوها في الواقع جيداً وأعطوها ملابس جنائزية باهظة الثمن، تضمّنت خاتمين فاخرين مصنوعين من الذهب والفضة وشعراً مستعاراً طويلاً مصنوعاً من ألياف النخيل".

وتابعت أنّ هذا الاكتشاف "فتح الطريق أمام تفسيرات أخرى للفم المفتوح على اتساعه"، منها أنّ "المرأة ماتت وهي تصرخ من الألم، وأنّ عضلات وجهها تقلّصت للحفاظ على هذا المظهر وقت الوفاة بسبب تشنّج الجثة وهو حالة غير مفهومة بشكل جيد، تحدث بعد معاناة جسدية أو عاطفية شديدة، حيث تصبح العضلات المتقلّصة متيبّسة بعد الوفاة مباشرة، على عكس تيبّس الجثة بعد الوفاة".

هل تمّ تحنيط المرأة وهي حية؟

ولم تستطع سحر تحديد سبب وفاة المرأة، قائلةّ: "في كثير من الأحيان لا نستطيع تحديد سبب الوفاة في المومياء ما لم يكن هناك دليل من الأشعة المقطعية على إصابة قاتلة".

وعُثر على "المرأة الصارخة" في موقع مدينة طيبة القديمة أثناء حفر قبر مسؤول رفيع المستوى يدعى "سنموت"، المهندس المعماري والمشرف على الأعمال الملكية الذي يعتقد أنه كان حبيباً للملكة "حتشبسوت" التي حكمت مصر بين عامي 1479 و1458 قبل الميلاد.

وكانت مومياء "المرأة الصارخة" موجودة داخل تابوت خشبي في حُجرة دفن أسفل مقبرة عائلة "سنموت". ولم يتم تحديد هويتها، لكّن وضعها الاجتماعي والمالي يكشف عنه الخاتمان الذهبي والفضي بما يحليهما من جعرانين، مصنوعين من حجر اليشب. وكان الجعران رمزاً للبعث، وفق ما توضح سحر فإنه "من المرجّح أنّ المومياء كانت من أفراد العائلة المقربين نظراً لدفنها ومشاركتها في مثواهم الأبدي".

وكشفت الدراسة عن تفاصيل شعرها المستعار حيث عُولجت ضفائرها الملتفّة بمعادن الكوارتز والمغنتيت والألبيت لإكسابها الصلابة ومنحها اللون الأسود الذي يدلّ على الشباب. وصُبغ شعرها الطبيعي بالحنّاء وزيت العرعر.

كما تمّ العثور على عدد من المومياوات القديمة، في مصر والأميركيتين، اكتست وجوههاً بتعبير يبدو أنه صراخ، ويُشبه بشكل غريب لوحة "الصرخة" للرسام النرويجي إدوارد مونش.

اقرأ أيضاً: أقدمها عمره 4300 عام.. العثور على مومياء وتماثيل في مصر