مشاريع وابتكارات جديدة عند واحة نفطة التونسية

واحة نفطة في الجنوب التونسي، الغنية بالينابيع والعديد من المزروعات، تشهد مشاريع إنمائية جديدة، منها ما هو صديق للبيئة.

  • مشاريع جديدة في نفطة في تونس
    مشاريع جديدة في نفطة في تونس

يقول مزارع إنّ "كلّ شيء ينبت" في واحة نفطة في الجنوب التونسي، وهو يرغب كما كثر من عشاق المكان في  إحياء هذه الواحة بتقاليد مطبخها ومشاريع مبتكرة تعيد إليها إشعاعها. 

وأضاف لوكالة "فرانس برس" إنّ "الواحة كانت تضم 152 منبعاً للماء توفر 700 لتر في الثانية".

لكنّ إفراطاً حصل في استخدام المياه بهدف إنشاء واحات أخرى ولري أشجار النخيل التي تنتج تموراً من صنف "دقلة النور"، أدى إلى "استنزاف ينابيع الماء قبل 20 عاماً في نفط" التي تبعد 500 كيلومتر عن العاصمة تونس.

ويتابع: "يمكن أن نعيش مما تنتجه الواحة، ففيها كل الحاجيات، من خضار وعلال ورمان ومشمش فضلاً عن الطماطم والجزر". ويلاحظ أنّ "كل شئ ينبت هنا بفضل الشمس والماء"، وثمار شجرة النخيل التي تطلق عليها تسمية "الملكة" كفيلة بتوفير السعرات الغذائية الأساسية.

لكن محصول هذا العام لم يكن جيّداً بسبب قلّة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، خلال شهر آب/أغسطس الفائت، إذ ناهزت 55 درجة بفعل التغير المناخي، وبالتالي ظهرت على حبات التمر ندوب "جفاف".

إقرأ أيضاً: فوائد التمر يُحكى عنها منذ آلاف السنين.. فما هي أبرزها؟ 

ويعتبر التونسي-الفرنسي باتريك علي الورغي، الذي أنشأ عام 2011 دار ضيافة ذات مواصفات مراعية للبيئة في نفطة سمّاها  "دار الهي"، أنّ الواحة تمثل "نظام زراعة مستدامة سابقة لعصرها، وهي زراعة تعتمد على ثلاثة مستويات؛ النخلة تقي أشجار الغلال التي تحمي بدورها الخضراوات. وهذا طبيعي في الواحة". 

 مشروع "دار الهي"

و"دار الهي" ليس مشروع فندق فقط بل مختبر أفكار "بالم لاب" يُدعى إليه فنانون ومهندسون معماريون يأتون لمناقشة كيفية المحافظة على هذا "العالم الجميل".

ويشدد باتريك على ضرورة "جذب المستثمرين والمزارعين لإعادة الاستثمار في الواحة لأنّ وضعها في تدهور".

ولمواجهة نقص الموارد المائية يحاول باتريك المولع بالابتكار وشركاؤه "ادخال تقنيات جديدة مثل الري قطرة قطرة والطاقة الشمسية"، على حد شرحه. وينتقد سوء التصرف في كميات المياه بسبب نظام الري بالغمر لأجزاء من المزروعات المعتمد حالياً داخل الواحة، ويتم ضخها من عمق 100 متر.

كما سعى باتريك وأصدقاؤه إلى إحياء نفطة وجلب الانتباه نحوها من خلال إصدار كتاب "مطبخ الواحة"، إذ "لا يوجد شيء في الواحة ولكن لا ينقصنا شيء".

ويكشف باتريك أنّ هذا "المطبخ التقليدي" يعتبر "بسيطاً جداً ويعود إلى حلول أول الرُحل" عندما كانت نفطة "منطقة عبور للقوافل" التي كانت تأتي من أفريقيا وتجلب معها توابل غير معروفة، فظلت هنا تقليداً.

وتوضح رئيسة المطبخ في "دار الهي"، نجاح عامر، أنّ "ما يميّز نفطة أنّ إعداد التوابل يتم في المنزل. وهي تختلف جداً عن تلك التي يتم شراؤها من السوق، من حيث  تنظيف الأوراق والروائح والنكهات".

وتُعِد نجاح (40 عاماً) أصنافاً من الأكل ورثتها عن أمّها وأخرى من ابتكارات الفرنسي المشهور في عالم الطبخ "فاغ" (فريديريك غراسير إيرميه) و"العديد من المكوّنات والتوابل تأتي من الواحة مثل الفول الأخضر والفاصوليات والسلق".

سكر من التمر المطحون

غير بعيد عن "دار الهي"، يبحث مغرمون آخرون بالواحة عن سبل لتطوير وتثمين منتجات هذا المكان.

إقرأ أيضاً: كيكة التمر الهشة: طرق متعددة للاحتفال بخطوات بسيطة

ويقول الأميركي الذي يقطن محافظة سوسة (شرق)، والمغرم بالجنوب التونسي وبالتمور، كيفين كلاي: "لاحظنا أنّ ما بين 20 و30% من كميات التمور تُلقى أو تقدم للإبل كأعلاف فقط لأنّ شكلها غير جميل".

وبادر كيفين إلى شراء كميات من هذه التمور ونزع النواة وتجفيفها وطحنها، واستخرج منها "سكراً ذا سعرات حرارية أقل بخمس مرات من السكر الأبيض، وهو صحي يحتوي على بوتاسيوم أكثر من الذي نجده في الموز".

وأنشأ كيفين (35 عاماً) من خلال هذه الفكرة مصنعاً صغيراً في العام 2018، بمساعدة مستثمرين، ويشغّل العشرات غالبيتهم من النساء. وأصبح يستقبل "طلباً كبيراً من الولايات المتحدة".

تم ادماج زراعات جديدة في الواحة على غرار نبتة المورينغا أو "الشجرة العجيبة" التي تمكنت من التأقلم مع مناخ الدول الأفريقية، وتستعمل لغايات غذائية وطبية.

فضلاً عن ذلك ظهرت أفكار ومشاريع عدة أساسها التمور، من ذلك قهوة من نواة التمر والدبس.

اخترنا لك