"حافي القدمين" يصطاد الجنود الأكثر حماية في العالم.. كيف؟
بعد مشهديات الأنفة التي لا تنسى من "مسافة صفر" إلى "بالله عليك اتركلي الدبابة"؟.. هل تُهزم غزة وفيها هذه الهامات الشامخات؟ مقارنة مع جنود "جيش" الاحتلال الهاربين المدبرين المتوارين الهائمين..
-
صورة رمزيّة لاقت تفاعلاً (كاريكاتور للرسام محمود نعيم عباس)
انهالت العبارات مقرونة أحياناً بمهج العبَرات التي تتيه فخراً واعتزازاً بهامته الفارعة بالعزيمة، إلى ما يشبه "الغزل الحربيّ" بالمجاهد الشاب، الذي استفز "قرائح الشعراء" وحيّر مدوّنات روّاد التواصل الاجتماعي بقدميه الحافيتين اللتين وطأتا أرض الشوك جريحتين في طريقه نحو دبابات الاحتلال، وها هو يشعلها ويشعل معها مهج الناشطين بصنيعه وجرأته وتضحيته وجهاده.
مشاهدات غزّاوية يومية لا تنسى لأبطال غزة من "القسّام " و"القدس" وأخوانهم ورفاقهم.. "من مسافة صفر"، إلى "بالله عليك اتركلي ياها (الدبابة)"، إلى "ولّعت"، إلى "المقاتل الأنيق Gaza Man" ، فمحتسي القهوة بهدوء مع "لفّة قدم على قدم" إلى جانب مدفع الهاون.. وإلى وإلى..
أنتم واقع يؤرق الأعداء، رموزٌ وقامات، لا بل مددٌ وجذوة هامات شامخات.. والصورة للرسّام الفلسطيني الشاب محمود نعيم عباس بعنوان "وأبوس الأرض"، تنهض شاهداً على ما تفعله أقدام عارية في وجه "جيش" مغترّ..
عرض هذا المنشور على Instagram
اقرأ أيضاً: "المقاتل الأنيق" الذي خطف الأنظار في غزة
طلّوا بهيئاتكم القشيبة، بهاماتكم الرفيعة الممشوقة المهيبة، "الياسين" التي امتشقتموها جعلت "ميركافهم" يباباً إن لم تكن مقبرة!
رعاديد هم بهندام نخبة ضباط وجنود، خرّت أقدامهم من "طلّتكم الفلسطينية"، وعزة غزة الأبية!
مختصّة للميادين نت: مقاتلون متصالحون مع أنفسهم
تقول المختصّة في السلوك البشري يمنى رواد لـ "الميادين نت" إن تصرّفات المقاومين "عفوية ونابعة من بيئتهم البسيطة الطيّبة التي لا تقبل المحتل ولا تتقبّل الظلم، هم بكلماتهم البسيطة على سجيتهم يظهرون قوة جبّارة كامنة في أرواحهم وقلوبهم".
-
"المقاتل الأنيق" في غزة لن يُنسى
المقاتل "المتصالح مع نفسه"، عبارة تطلقها رواد على "الشباب الذين يدافعون عن أنفسهم وعن أهلهم وأرضهم وعرضهم، واضعين نصب أعينهم الشهادة، ولا تهمهم أيّ تفاصيل حماية دنيوية، فالاتكال هنا على الله وعلى دعوات الناس الطيبين العاديين".
اقرأ أيضاً: صورة بطولة لمقاتل من غزة: "أغلى فنجان قهوة"
عامل آخر يؤدي دوراً رئيسياً في المعادلة هنا، وهو "تكسّر "الأساطير الإسرائيلية" عن "جيشها الذي لا يُقهَر"، وضرب هالة القوّة التي بنتها "إسرائيل" طوال 8 عقود، ولا سيما بعد تعطيل فعّالية القبّة الحديدية التي اخترقتها مئات الصواريخ، واختراق الرادارات والكاميرات والأجهزة العسكرية المتطوّرة المنشورة حول القطاع، والدخول إلى قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في منطقة الغلاف في 7 أكتوبر.
-
فنجان قهوة وهدوء مع القذيفة: مشهد بطولة
"لقد خسرت "إسرائيل الحرب حتّى قبل بدء الجولة الجديدة منها"، وبحسب السفير الأميركي السابق في "إسرائيل" دان كيرتزر فإن "حماس" انتصرت فعلياً".
ميزانية خيالية لحماية الجنود
ميزانية تاريخية للإنفاق العسكري خصصت لـ "جيش" الاحتلال خلال عام 2024 بعيد عدوانه على غزة، وسط توقّعات أن تصل إلى نحو 37 مليار دولار للمرة الأولى في تاريخ "الدولة" العبرية، وذلك بخلاف احتساب المساعدات الأميركية.
وكانت الميزانية العسكرية تلك قد سجّلت خلال عام 2023 نحو 31 مليار دولار، بعد إضافة نحو 8 مليارات دولار خلال الشهرين الماضيين كتكلفة للحرب الجارية، لتصل إلى مرتبة قياسية بعد أن كانت عام 2022 رسمياً نحو 23 مليار دولار.
ويُعدُّ جيشها الأكبر في الشرق الأوسط، ويحلُّ في المرتبة الـ18 بين أقوى جيوش العالم.
يكلّف الجندي الإسرائيلي قيادته تجهيزياً ولوجستياً نحو 5000 - 6000 دولار، وإذا كان من ألوية النخب فقد تصل قيمة تجهيزاته وحمايته إلى حدود الـ 12000 دولار أميركي.
-
مسافة صفر التي أرهقت المحتل
وحماية هذا الجندي من الرصاص والقذائف، وحتى من الخطف والأسر هاجس "جيش" الاحتلال، من هنا تعتبر بزته العسكرية مع ما تتضمّنه من عتاد محمول وحماية تقنية واستشعارية الأغلى في تصنيف الجيوش العالمية.
اقرأ أيضاً: ارتكابات جنود الاحتلال ضد الإنسانية فاقت التوقّعات..من يحاكم هؤلاء؟
وعلى الرغم من ذلك، يؤكد المحلل الإسرائيلي العسكري عمير ربابورت في صحيفة "ماكور ريشون"، فقد "قتل مئات الجنود والضباط في الحرب الحالية، كما أن عدد الجنود المصابين كبير، ويوجد حالياً 10 آلاف جندي معوّق، وكثيرون بينهم شُخّص مرضهم على أنهم "مرضى نفسياً"، مضيفاً أن عدداً كبيراً من الجنود في غزة والشمال يعاني من أعراض ما بعد الصدمة".
إيمان فعزيمة وشكيمة
كلّ هذا وأكثر، يعيد طرح السؤال: هل تُهزم غزة وفيها هذه الهامات الفارعات الشامخات؟ مقارنة مع جنود الاحتلال الهاربين المدبرين الهائمين..
"إن فيكم قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ"، قالها أنطون سعادة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، منذ عقود، وهذا ما ينطبق على حالنا اليوم، فغزة ورجالاتها وجبهات إسنادها وخاصة لبنان تثبت هذه المقولة.
وإلى قدمَي المقاتل العاري الصدر الحافي القدمين نعود وتسمو بنا هيبة اللحظة التاريخية: "نناديكم ونشد على أياديكم، ونبوس الأرض تحت نعالكم ونقول نفديكم"، كما قال شاعر المقاومة الفلسطيني توفيق زياد في قصيدته المغناة "أناديكم".
قدمان تلطّختا بالدماء والغبار ونالهما ما نالهما من الجراح والإصابات في جولاتٍ وصولاتٍ دفاعاً عن المسجد الأقصى وغزة وفلسطين وقبل كل ذلك شرف الأمّة، في الوقت الذي نام فيه كثيرون ملء عيونهم، وتركوا الساحة لهذا العدوّ الفاشيّ المجرم يسومها سوء العذاب.
تفاعل واسع مع "حافي القدمين"
قال أحد المدوّنين عبر وسائل التواصل في وصفه: "حافي القدمين فوق الأشواك والحجارة ولكنه شجاع القلب وقوي الإيمان وراسخ العقيدة، نقبّل الأرض تحت أرجلكم يا أسيادنا الأطهار.. لله دركم".
من جديد، أقدام حافية، ولكنها هذه المرة مصابة ومتورّمة، فلعلها الجولة الثامنة أو حتى العاشرة من القتال،
— Ali Abo Rezeg (@ARezeg) June 7, 2024
لن نكرر حديثنا عنهم أنهم معجزة، ولا أن هذه الأقدام توازي الجيوش الكرتونية، ولا عن قهرهم وألمهم من خذلان القريب والبعيد، فمن لم تحركه المجازر لثمانية أشهر لن تستفزه البطولات،… pic.twitter.com/UfDEwZUFFi
وقال المدوّن محمد: حَافي القَدمين وَعَلى كَتفِه وَسَّدَ عِزَّنَا، خَرج مُدَافِعاً عَن أرضِه وَ شَعبِه مُذِلاً لـ "إسرَائِيل" وَ فَخر صنَاعتهَا، هُو تَلبية نِدَاء {انفِروا}..
وتقول مدوّنة في مدحه: حافي القدمين ويعدّ بـ 1000 جندي لقوة إيمانه وشجاعته ودقته في التصويب، رجل ذو همة، يحيي أمة.. نحتاج أن نتعرّف إلى سيرته العطرة، حتى نرفع هممنا الضعيفة.
احد مجاهدي القسام حافي القدمين ذهب لضرب الدبابة في مشاهد اليوم ،
— د.سعاد القيسي (@suoad_q) June 7, 2024
وكما قال الشاعر اليمني " ومن آياته قومٌ حافة بهم تتشكلُ المتغيراتُ .. فتح قريب ستشهدهُ السماء والكائناتُ. pic.twitter.com/n3HFQk9ufS
ويشدّد المدوّنون على أنّ "الإيمان سلاح فتّاك .. وصاحبه لا يهزم، حتى وإن كان أمام أعتى وأقوى جيوش الأرض المدججين بكل أنواع السلاح".
حافي القدمين في وجه جنود مدججين بأحدث العتاد والسلاح..🦶🏻🦶🏻🦶🏻
— fatine madarachkar🇲🇦✌🏻🇵🇸 (@fatine05) June 7, 2024
مقاوم من #كتائب_القسام يتجول في دير البلح وسط قطاع #غزة ، قبيل لحظات من إطلاقه قذيفة "الياسين 105" على دبابة لجيش الاحتلال. pic.twitter.com/taUDGbz9Ip