نديم

المرء يُنسب إلى نديمه، لكن.. من هو نديم؟

نَديم

تَعَلّلْ بِالمُدامِ مَعَ النَديمِ

فَفيهِ الرَوحُ مِنْ كُرَبِ الهُمومِ

ولا تجْعَلْ نّديمَكَ في شَرابٍ

سَخيفَ العَقلِ أو دَنِسَ الأديمِ

وإنّ المَرءَ يَصحَبَ كُلَّ جيلٍ

ويُنْسَبُ في المُدامِ إلى النَديمِ

هذه الأبيات لشاعر الخمرة المُقدّم في العصر العباسي أبي النُواس (757 - 814) يذكر فيها بعض صفات النديم، أي المشارك في مجلس الشراب. ويخلص إلى أن المرء يُنسب إلى نديمه، فإن كان النديم كريماً شهماً نبيلاً نُسِبَ مًنادِمه إلى هذه الصفات الحميدة، وإن كان النديم طائشاً سيئ العِشرة نُسِبَ مُنادِمُه إلى سوء العشرة.

وإلى ذلك يذهب الشاعر العباسي محمد بن عبد الرحمن العَطَوي (ت 880) حيث يقول إن المُدام أو الشراب يطيب مع النديم الطيّب المعشر ويسوء المزاج مع نديم سيّئ الخُلق:

طِيبُ النَديمِ يَفوقُ طِيبَ الراحِ

ويَحُثُّ شارِبَها على الأقداحِ

تَصفو الزُجاجةُ بِالنَديمِ إذا صَفا

ويًكَدِّرُ النَدْمانُ صَفْوَ الراحِ

النديمُ إذن هو المجالسُ على الشراب. هذا هو أصل المعنى. ثم يًطلَقُ النديمُ على كل رفيق صالح ومُصاحب أنيس. ومنه أخِذٍ اسم العلم المذكر نَديم.

والنديم والمُنادِمُ بمعنى واحد. يقال: نادَمهُ، يُنادِمُه، مُنادَمَةً،على الشراب: جالسه ورافقه وشرب معه، فهو مُنادمُ، وهو نَديمُ، وهو نَدمانُ على السواء. والجمع نُدَماء ونُدمان ونَدامَى.

قيل إن المُنادمة والندَم مشتقان من أصل واحد يدلّ على التَأسُّف والتندّم. يقال: نَدِمَ،يَندَمُ، نَدَماً،وندامةً،على شيء فعله، أي حَزِنَ وأسِفَ وتَحَسّرَ،وفعلَ شيئاَ يَكرهه وتاب، فهو نادم، ونَدمان.

وذهب بعضُهم إلى أنه قيل لمُشارِب الرجل نَديمه من الندامة،لأن مُعاقِر الكأس إذا سكر ربما تكلم بما يندم عليه، ثم اشتُقّ من ذلك النديم.

وفي النديم الذي يرتاح إليه ويفضّله أبو نُواس يقول:

ولي نَديمٌ ماجِدٌ لا أرتَضي

عنهُ بديلاً كائناً مَنْ كانا

أخو فُكاهاتٍ متَى حاضَرتَهُ

في مَجلِسٍ وَجَدتَهُ بُستانا

حُلوُ الحديثِ وإن غنّاكَ لمْ

تَجِدْهُ في ألحانِهِ لَحّانا

لا يَعرِفُ الهَمَّ فَتىً يَعرِفُهُ

ولا تَرى نَديمَهُ نَدْمانا