طائفة الله

حواء: لهم الله يا عزيزي، وإن كان لله طائفة فإنهم الفقراء.

حواء: ما كان سبب الضجيج خارجاً؟

آدم: صرخات قهر تلت مصادرة شرطة البلدية لبضائع الباعة الجوالين

حواء: ولمَ يضيقون عليهم؟

آدم: الحق يقال، ما يعيب هذه المدينة هم الباعة الجوالون والعشوائيون، إن مثل هذه المظاهر تفتقد للحضارة

حواء: أيّ حق هذا الذي يشنق بسببه طفل بحجة أن والده لا يلبس ربطة عنق؟ كما أن اللاحضارة التي يجب محاربتها هي الحرب والفقر والمرض والجوع والجهل والظلم

آدم: هلا حدثتيني عنهم؟

حواء: منازلهم قبور إلا لقمة وأولادهم موتى إلا رغيف.

آدم: لقمة ورغيف!

حواء: لا تستخف بالطعام فقليله عند الفقراء ألم جوع، وكثيره عند الأغنياء سم تخمة

آدم: أهي دعوة للكثير ليعطي القليل؟

حواء: الأغنياء بخلاء وأغبياء كفاية ليظنوا أن ثقباً في قارب الفقراء لا يخصهم. الأغنياء مغرورون كفاية لينسوا أنهم يجلسون على أكتاف الفقراء وأنهم سيغرقون معهم

آدم: أليس في كلامك تحامل على الأغنياء وانحياز للفقراء؟

حواء: لأن الفقراء شجرة مزهرة بالتضحية بينما الأغنياء حشرات، من كان منها بخيلاً صار ذبابة ومن كان كريماً صار نحلة

آدم: وأيهما أكثر؟ الذباب أم النحل؟

حواء: كأننا في هذه البلاد نقف على كومة قمامة، لا نحلة تمر من هنا إلا ما رحم ربي

آدم: الأغنياء كرماء أيضاً

حواء: الأغنياء يقرضوننا من جيوبنا أما الفقراء فيهدوننا من قلوبهم وطناً

آدم: كلٌ يؤدي ما عليه للوطن

حواء: متى يكف الوطن عن أن يكون أكذوبة تساعد اللصوص على ملء جيوبهم؟ وعذراً منافقاً يصدقه البسطاء ليحملوا الجميع على أجسادهم الهزيلة؟

آدم: عدتِ للمبالغة مجدداً

حواء: أبداً، أنظر كيف حين يُبتلى الوطن ينادون الفقراء ليدافعوا عنه وحين تنتهي الحرب يركض الأغنياء ليتقاسموا الغنائم

آدم: صدق من قال "الفقر في الحرب ماء طهارة"

حواء: وصدق من قال أيضاً "كلما أراد غني أن يشبع، جاع ألف فقير"

آدم: أين رجال الدين من الجائعين؟

حواء: إنهم على موائد الأغنياء

آدم: وأين حكوماتنا من الفقر؟

حواء: لم يأكل الفقر من لحم بسطائنا إلا حين شرب وزراؤنا رضابهم وتراجعوا عن وعودهم

آدم: للأغنياء السلطة والدين ومهرجي المجتمع، فمن للفقراء يا ترى؟

حواء: لهم الله يا عزيزي، وإن كان لله طائفة فإنهم الفقراء

آدم: يا لوقاحتنا. الله يمطر النعيم على عامتنا ولا أحد منا يتكرم على خاصة الله بشربة ماء

حواء: نحن في حب الله على نفاق ورياء، وإلا ما كنا كلما أطعمنا أحبته "الفقراء" جلبنا الكاميرات لنوثق تفوقنا عليهم

آدم: البسطاء محظوظون بمكافأة صبرهم عند الله لكنهم مذلولون بفقرهم أمامنا

حواء: أخطأت وأصبت. فثواب فقرهم لهم، لكن عاره علينا

آدم: يا لفقرهم العظيم، ويا لعارنا الكبير!