كيري و"المقاعد السورية الوثيرة" !
الرئيس الأميركي يعلن عن إختيار عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي جون كيري وزيراً للخارجية الأميركية خلفاً لهيلاري كلينتون، ويبدي ثقته بقدرته على إعتماد سياسة خارجية متعددة الأهداف.
أفاد مراسل الميادين في واشنطن أن الرئيس الأميركي باراك اوباما أعلن عن إختياره لعضو مجلس الشيوخ الديموقراطي جون كيري، وزيراً للخارجية خلفاً لهيلاري كلينتون.
وقال مراسل الميادين إن الإعلان عن إختيار جون كيري لتسلّم وزارة الخارجية الأميركية لم يكن مفاجئاً، بل تمثّلت المفاجأة بالكلمات التي إختارها أوباما في إعلانه قائلاً إن كيري "بسبب خدمته ببسالة في فيتنام، يفهم أن علينا مسؤولية استخدام القوة الأميركية بحكمة، خاصة قوتنا العسكرية".
وعبّر الرئيس الاميركي عن ثقته بقدرة جون كيري على إستخدام كلذ الوسائل التي بتصرفه لاعتماد سياسة خارجية أميركية متعددة الأهداف، خاصة في الشرق الأوسط، وقال إنه"ونحن نقلب صفحة عقد من الحروب، فهو يتفهم أن علينا تسخير كل عناصر القوة الأميركية والتأكد من أنها تعمل بتناغم – الدبلوماسية والتنمية، الإقتصاد والسياسة، والعسكر والإستخبارات، بالإضافة إلى قوة قيَمنا التي تشكل وحياً للكثيرين حول العالم".
وشغل جون كيري منصب عضو في مجلس الشيوخ الاميركي منذ 28 عاماً.
" رغبة غريزية للتحاور"
وتبيّن عدد من وثائق ويكيليس المسربة للفترة ما بين الاعوام 2005 و2009، أن وزير الخارجية جون كيري مفرط بالتفاؤل في التزامات الولايات المتحدة لسياساتها المعلنة. وقالت مجلة "فورين بوليسي" التي تناولت المسألة إن كيري يشهد له "برغبة غريزية للتحاور" مع الطرف الآخر، لا سيما محادثاته مع فريق 14 آذار اللبناني عام 2006، للتهيئة للمحكمة الدولية التي تنظر في قضية اغتيال رئيس الوزارء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ومن ثم لقاء اقطاب المعارضة آنذاك ومحادثاته مع الرئيس بشار الاسد في ذات الفترة، وهو الذي زار سورية عشر مرّات.
وفيما يخصّ مسألة الصراع العربي – الاسرائيلي، اشارت المجلة نفسها إلى محادثات جون كيري مع الرئيس اللبناني، عام 2009، مبلغاً فيها الأخير ان الولايات المتحدة ترى ان "الزمن يمضي بسرعة" عكس مسار المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، موضحة أنّ كيري "قدم وعوداً غير عملية للقادة العرب، قائلاً لنائب الرئيس السوري إن الولايات المتحدة ستعارض مساعي اسرائيل بناء مستوطنات جديدة".
واظهرت البرقية المدى المفصّل الذي ذهب اليه كيري مع الأمير القطري في تحديد ملامح مساحات المناطق التي سيحصل عليها الطرفين (الاسرائيليين والفلسطينيين – كما جاء في الأصل) في نهاية المطاف، والإنطلاق من أرضية التفاهم عينها لترسيم الحدود بينهما، "بما فيها مدينة القدس التي ستصبح عاصمة مشتركة".
وفي محطة أخرى، خلال حديثه مع أمير قطر، في 23 شباط 2010، افادت البرقية ان الأخير أوضح لكيري والوفد الرسمي المرافق له ان "المقاعد الوثيرة المريحة التي يجلسون عليها هي صناعة سورية" ويتعين بذل جهود جادة للتفاوض مع الرئيس السوري.
وسارع نائب رئيس تحرير صحيفة «واشنطن بوست» والمعلق المعروف بقربه من الادارة دايفيد اغناتيوس إلى تدبيج مقالة حملت عنوان «في وجوب تعيين كيري وزيرا للخارجية».وكتب اغناتيوس ان كيري يؤيد «الديبلوماسية الصامتة، خصوصا الآن، من اجل احراز تقدم في رعاية عملية انتقالية في سورية، والبحث عن خيارات الحوار مع ايران، وتقييم احتمالات استئناف محادثات السلام الاسرائيلية - الفلسطينية».وتابع المعلق الأميركي ان «أوباما سيحتاج إلى مبعوث سري»، وإنه من الصعب على أي وزير خارجية العمل «بطريقة صامتة»،
لكن «كيري يعرف اهمية الصمت في هذا الوقت»، وهو بسبب سفراته الكثيرة في الماضي بسبب موقعه رئيسا للجنة الشؤون الخارجية، «يمكنه تخطي جولات التعارف».واضاف ان كيري مستعد دائما «لتحدي التفكير السائد، خصوصا في ما يتعلق بالانخراط مع اعداء اميركا».يذكر ان كيري زار دمشق والتقى بشار الاسد في صيف 2007، وتحول منذ ذلك الحين إلى ابرز دعاة فك العزلة الدولية عن النظام السوري التي كانت مفروضة على اثر اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري في فبراير 2005. ومع وصول أوباما إلى البيت الابيض مطلع العام 2009، قاد كيري حملة لدفع واشنطن إلى «الانخراط مع الأسد»، ولم تتوقف حملة كيري الا بعد اشهر على اندلاع الإضطرابات السورية المطالبة بأنهاء حكم( الرئيس)الأسد في مارس 2011.
اغناتيوس ختم بالقول ان اميركا أكثر ما تكون بحاجة إلى أمثال كيري، «فالعالم غير مستقر، وأصدقاء وأعداء أميركا بحاجة إلى التذكير بقوّتها ومثابرتها".