الصحافة الإسرائيلية: "الأقل توّتراً سينتصر"

الصحافة الإسرائيلية تواصل مواكبة العمليات العسكرية على غزة معتبرة أن هجوماً بريّا -إذا حدث- لن يكون تكراراً لعملية "الرصاص المصبوب"،إذّ أن "حماس" و" الجهاد" زادتا كمية الصواريخ وتعلّمتا كيفية إستخدام أفضل الوسائل...وبالنهاية فإن الأقل توّتراً سينتصر"

الصحافة الإسرائيلية تتحدّث عن "حرق الأعصاب" لدى المستوطنين

بدأت الصحافة الإسرائيلية تتلّمس مقدار التوتر الذي يسود أجواء القيادة الإسرائيلية بشأن وجهة الأمور في الحرب الدائرة مع غزة. ودللّ أكثر من غيره على هذا التوتر الموقف الذي أعرب عنه كبير معلقّي صحيفة "إسرائيل بيتنا" المقرّبة جداً من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. كذلك كانت عناوين الصحف الرئيسية التي أشارت إلى قدر واضح من الإرتباك. فقد تحّدثت «يديعوت أحرنوت» عن «معضلة الحرب البرية»، في حين لفتت «معاريف» إلى ترددّ المستوى السياسي وخوفه من الورطة دولياً إذا أقدم على خطوة برّية في القطاع.وكتب يوسي يهوشع في «يديعوت» تحت عنوان «المعضلة البرية»،"يبدو أنه لا توجد عند الجانب الإسرائيلي رغبة حقيقية في الخروج إلى حملة برية. لكن إذا ما انطلقت الدبابات، المجنزرات والآليات الثقيلة في نهاية المطاف نحو غزة، فسيكون ذلك أمراً لا مفرّ منه»، مشيراً إلى أن «الدخول البري لن يكون تكراراً لحرب الرصاص المسكوب، إذّ ان حركتي حماس والجهاد الإسلامي إستخلصتا الدروس: زادتا كمّية الصواريخ، تعلمتا كيف تستخدمان بشكل أفضل الوسائل التي تستلماها من إيران، وبالأساس غيّرتا الانتشار في مواجهة الجيش الإسرائيلي".ولفت يهوشع إلى أنّ «لحالة الطقس دوراً في القرار. فالشتاء يقترب، ولا أحد في الجيش الإسرائيلي يرغب في أن يغرق في "الوحل الغزي"، مضيفاً ان «تعميق الضربة لحماس ليس هدفاً عسكرياً بل غاية سياسية، وعليه فمن الواضح الآن أنهم إذا كانوا يريدون الخروج إلى حملة بريّة فيجب أن يأخذوا بالحسبان أنها ينبغي أن تكون مغايرة، أيّ مختلفة، مركبة وخطيرة أكثر من تلك التي يتحدثون عنها الآن». ويشرح أن «مثل هذه الحملة، التي تتضمن بتر القطاع والسيطرة على معبر رفح، للكثير من الوقت، تحتاج الى طول النفس والإسناد الجماهيري. وبالتأكيد ليست هذه حملة يتم الانطلاق إليها عشية الانتخابات».ومقابل ذلك، فان مؤيدي الحملة، وفقاً ليهوشع، يرون أنها محتومة، «إذا كان الهدف هو بالفعل تحقيق الردع، حتى وان كان موقتاً، مع حماس». واعتبر أن المؤيدين يرون أن عملية برية، تصل إلى أماكن لا تصل إليها الطائرات، ويمكنها بالتالي ضرب البنى التحتية، الأشخاص ومخزونات السلاح، على شاكلة «السور الواقي». وبالإضافة إلى ذلك، فإن احتلال الأرض يكوي وعي العدو ويمكن له أن يؤشر إلى سورية و«حزب الله» بأن الجيش الإسرائيلي قوي وأن المجتمع الإسرائيلي مستعد لأن يبعث بجنوده.وفي «معاريف»، أوضح شالوم يروشالمي أن الجيش الإسرائيلي جاهز على حدود القطاع للدخول البّري لكن الوزراء يتحفظّون. ويُفضل معظمهم مواصلة منح الوقت للمفاوضات السياسية. لكن بينما لا تزال إمكانية الدخول البرّي قائمة، حيث تلقّت القيادة التنفيذية توجيهات لإستكمال الإستعدادات لها، فإن القيادة السياسية في المقابل تخشى التورط والمواجهة السياسية مع الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي. وحتى لو شنّت دخولاً برياً، فإنه في الغالب سيكون محدوداً وليس مكثّفا مثلما كان في حملة «الرصاص المسكوب».ورأى يروشالمي أن الوزير الوحيد الذي يؤيد حالياً الدخول البري هو وزير المالية يوفال شتاينتس. أمّا الوزراء الآخرون فينتظرون التطورات السياسية وإمكانية تحقيق تهدئة ووقف للنار من دون الحاجة إلى إدخال جنود الجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة.وفي «هآرتس»، أشار المعلق العسكري عاموس هارئيل إلى أنّ الوضع على الحدود يظهر التشخيصات التالية: «فقدان التفوق النسبي، حيث حظيت المرحلة الأولى من العملية بنجاح لأن إسرائيل استغلت فيها مزاياها في مكافحة الإرهاب، أيّ التكنولوجيا المتطورة والتفوق الجوي المطلق والسيطرة الاستخبارية، لكن الآن أصبحت المرحلة الجوية قريبة من الإستنفاد.

"حرب أعصاب"

وقد تمّت مهاجمة جزء كبير من الأهداف المهمة ويُبذل الآن جهد لصيد خلايا إطلاق من الجو».وإلى جانب نجاحات نقطية، فإن هذه عملية تجري في منطقة شديدة الاكتظاظ وفي ضغط زمني كبير، وكلما طالت هذه المرحلة أصبحت إختلالات مؤسفة مثل استهداف المدنيين، ولا يمكن تجنبّها تقريباً، وبالنتيجة تتضاءل بدورها الشرعية الدولية لاستمرار العملية.وتلاحظ «هآرتس» أن تأييد 30 في المئة فقط من الإسرائيليين للحرب البرية لا يتناسب مع مقدار المهانة التي يشعر بها الإسرائيليون جرّاء تساقط الصواريخ على غلاف غزة، والمدن الأخرى وخصوصاً تل أبيب، وتدفعهم إلى إطلاق صرخات القتال والدماء في عيونهم، فالإسرائيلي المتوسط يفهم جيداً الثمن الباهظ الذي يمكن أن يدفعه من أرواح جنوده جراء الحرب البرية.وربما لهذه الأسباب لم يكن غريباً أنّ يعتبر دان مرجليت ما يجري «حرب أعصاب» لن يحقق النصر فيها إلاّ من كانت أعصابه أقوى.وبعدما يعدد مرجليت الاعتبارات الكثيرة مع وضد العملية البرية والتعقيدات الدولية والانتخابية يكتب أن «كلّ واحد يعلم بأن اللحظة الحالية ستأتي. فالواقع الآن يختلف عما كان في مرحلة البدء. وهذه حرب أعصاب بين القيادات»، مضيفاً انه «من جهة مصر التي يوشك رئيسها محمد مرسي أن يشخص إلى الولايات المتحدة وهو في ضغط لإنهاء جولة المعارك الحالية في غزة، فضلاً عن أن سلطته على (رئيس الحكومة المقالة في غزة) إسماعيل هنية وعلى إدارة حماس في القطاع ليست كاملة؛ ومن جهة أخرى قيادة إسرائيلية تشعر هي أيضاً بأن الزمن ينفد إما لأنها لا تستطيع الإبقاء على قوات الإحتياط بلا عمل وإما لأن كل يوم سيزيد الضغط للتخلي حتى عن الأهداف الأساسية لـ«عمود السحاب» بمساعدة جهات في الداخل والخارج».وخلص إلى أن «من يكون أقل توتراً عصبياً سينتصر».

هلع في أوساط المستوطنين

اخترنا لك