سببه فوضى السير: تلوث هواء بيروت ضعف المسموح به عالميا
بعد اختبارات استمرت عاما كاملا، أصدرت الجامعة الأميركية في بيروت نتائج دراسة وبحوث تناولت تلوث الهواء في بيروت حيث تبين أن السبب الرئيسي لارتفاع نسبة التلوث هو حركة السير وكثافتها وعشوائيتها.
التلوث والدراسة
أجريت الدراسة بالتعاون بين الجامعة وشركة "ريمكو" (رسامني ويونس)، وبنك عودة. وقد جهزت ناقلة فان بمجسات تتحسس الجزيئيات المنتشرة في الهواء، وتقيس نسبتها في المتر المكعب، وجابت شوارع بيروت في ساعات الذروة يوميا، متنقلة في أماكن رسمت لها، وصولا إلى مدينة جونية.
وأوجزت الدكتورة نجاة صليبا نتيجة البحث بكلمة ل"الميادين": “تبين معنا أن أكبر عامل للتلوث في بيروت هو السيارات والغبار المتصاعد من الطريق”، مضيفة أن "دراستنا سعت لمعرفة عدد الجزيئيات التي نتعرض لها في تجوالنا على الطرق، وعند قيادة السيارات في الازدحام. ومنذ عشر سنوات ونحن نعمل على هذا الأمر، واشتغلنا بداية على الهواء الذي يبقى بعد أن تخرج كل العناصر منه، وأعلنا عن تلك الدراسة. وما يهمنا في دراستنا اليوم هو عدد الجزيئيات على الأرض".
قالت: "عندنا عدد كبير من السيارات، ونتعرض كذلك للعواصف الصحراوية التي تزيد نسبة التلوث بزيادة عدد الجزيئيات لكنها موسمية”.
وعن عناصر الطبيعة التي يمكن أن تؤثر في الجو، وتغيره، أوضحت ردا على سؤال إن "الشتاء يساعد على أن تنخفض الجزيئيات، لكن إذا كان هناك برد دون مطر فإن الجزيئيات تزداد” مردفة ان "هناك العديد من العوامل التي تؤثر في كيفية بقاء الجزيئيات، و تحركها مع الحرارة المرتفعة، ومع العوامل الأخرى، وهذا أمر شائك ومتشعب".
واختصرت الحل بكلمات: "تلافي بيروت للتلوث هو في وقف استيراد السيارات وتنظيم السير".
ومن ملاحظات الدراسة أن "من يمضي يومياً ساعة في الازدحام المروري يتعرّض لمقدار 22 ميكروغرام بالمتر المكعّب من الجسيمات الهوائية الدقيقة الملوّثة، وهذه الكمية هي ضعف المعدّل الذي تسمح به "منظمة الصحة العالمية" وتزيد من احتمال وفاة من يتنشّقها بنسبة 20 بالمئة”.
أظهرت الدراسة أيضاً أن المتاجر والسكان على جانبي الطريق معرضون للتلوث بنسبة تزيد 20 بالمئة عما يتعرّض له من هم في وسط الطريق. وخلصت الدراسة أيضاً إلى أن مستوى الانبعاث من عوادم السيارات على هذه الطريق هو عشرة أضعاف ماهو عليه في معظم الطرقات الأوروبية والأميركية.وتناولت الدراسة العناصر التي يتكون منها تلوث الهواء، وهي مزيج من العناصر الصلبة بأحجام كبيرة للجزيئيات تبلغ ١٠ميكروغرام، وصغيرة بحجم ٢،٥ ميكروغرام، بينما حجم شعرة الانسان هي ٥٠-٧٠ ميكروغرام. بالإضافة إلى مزيج غازي فيه أول أوكسيد الكربون السام، والأوزون، وثاني أوكسيد النيتروجين، وثاني أوكسيد الكبريت، وعناصر أخرى.وقد استهدفت الدراسة "الجزيئيات المنتشرة في الهواء توصلا لمعرفة تأثيرها على صحة الناس، فالكبيرة من الجزيئيات تؤثر في الجيوب الأنفية وممرات الهواء الرئوية، أما الصغيرة منها فتخترق الجسم إلى أماكن عميقة وأكثر حساسية، ومنها بشكل خاص القصبات الهوائية Bronchioles، فتتمازج مع تبدل الغازات فيها، وتصل منها إلى أنحاء مختلفة من الجسم”.
وتعزو الدراسة السبب الأساس للتلوث الى السيارات القديمة السيئة الصيانة، وعدد السيارات الكبير، ومستويات الازدحام المروري المرتفعة، ذلك أنه "تباع مائة ألف سيارة في لبنان سنويا، ومنها سيارتان مستعملتان بمقابل واحدة جديدة”.وفي مقارنة بين ما تسمح به منظمة الصحة العالمية وماهو في بيروت، تبين أن هواء بيروت فيه ٥٠ جزيء كبير في المتر المكعب، بمقابل ٢٠ تسمح به منظمة الصحة العالمية، و٢٠ جزيء صغير بينما لا تسمح المنظمة سوى ب١٠.
وبالنتيجة هناك من ضعفين إلى ضعفين ونصف في بيروت زيادة عما هو مسموح به دوليا.ومن العوارض المرضية التي تنجم عن التلوث تخلص الدراسة إلى "الربو، وضربات القلب غير المنتظمة، وقصور في وظيفة الرئتين، واحتمالات الموت المبكر”، مشيرة إلى أن "دراسة جرت في بريطانيا سنة ٢٠٠٧ أظهرت حصول ٩٠ وفاة بسبب جزيئيات سيارات الركاب”.ولحظت الدراسة أيضا أن "قياس الجزيئيات أظهر تناقصها مع الابتعاد عن بيروت، وعند التحرك الأسرع للسيارات علما أن إحصائية تشير إلى دخول٤٠٠ ألف سيارة إلى بيروت يوميا.