العاصفة الثلجية تفاقم وضع اللاجئين السوريين.. تقسو على فقراء القاهرة.. وتغرق غزة المحاصرة
على زحمة الأخبار السياسية في وطننا العربي تبقى أخبار العاصفة الثلجية في صدارة اهتمام المواطن العربي في ظلّ ما رافقها من ثلوج وأمطارٍ وانخفاض شديد في درجات الحرارة في مناطق شاسعة من تركيا وسورية ولبنان ومصر والأردن وفلسطين المحتلة.
مع الإنحسار المتوقع للعاصفة الثلجية "ألكسا" اليوم أو غداً ينتظر أن يتكشف المزيد من حجم المأساة الإنسانية التي لحقت خصوصاً بالنازحين السوريين في أماكن لجوئهم في سورية نفسها، وفي البلدان المجاورة كما حصل مع هؤلاء اللاجئين في أحد مخيماتهم في البقاع اللبناني.
وفي سورية تزداد الأوضاع المعيشية للنازحين السوريين، صعوبة مع العواصف الثلجية. ففي دمشق تدبرت عشرات العائلات خيماً بسيطة لا تقي من الثلوج والأمطار آملين العودة إلى بيوتهم.
وها هو وجع النازحين السوريين يتردد برداً في قلب دمشق، عشرات الأسر النازحة عن الأحياء الجنوبية للعاصمة ضاقت الدنيا بها. خيم متواضعة من خيش وورق لا تقي ثلج الشتاء.
أبو ربيع القادم من محيط الحجر الأسود يعيش يومياته في مساحة لا تتعدى أمتاراً مربعة قليلة. يقول "نحن جماعة مهجرين نعيش التشرد من برد ومطر ... هربنا من القصف والضرب وأولادي معي ووجعنا كبير.. نعيش كل يوم بيومه".
أحلام عائلة أبو ربيع تحبسها خيمة متواضعة. أبناء وبنات بنوا خيمهم الصغيرة بملاصقة خيمة العائلة. حالة بائسة زادت من وطأتها الثلوج التي قلما تسقط فوق دمشق.
تقول أم ربيع "ما عنا للتدفئة إلا الغاز الصغير .. ولا جرة غاز حتى ولا موقد للتدفئة.. وحتى لا أردية وفرش .. البرد جاء شو بدنا نعمل نبر الله يبعث الخير".
تحمل الكبار وجع البرد لا ينسحب على الصغار. يروون معاناتهم بطريقتهم.. ويحلمون بعودة طال إنتظارها لبيوت دافئة. يقول طفلان "سقعانين ما عنا صوبية (مدفأة).. نشتغل إن شاء الله نرجع على بلدنا .. ونشيل سحارات بندورة ..الشتوية برد علينا والله مثل مو شايفين برد".
وفيما لا يبدو منظر الخيم مألوفاً في دمشق، فإن عشرات الآلاف تدبروا أمورهم في مراكز إيواء مؤقتة وأكثر منهم في بيوت أهل وأقارب.
في مصر... قصة رجل قضى برداً
أما في مصر، فهناك من لم يجد مأوى له فقضى على قارعة الطريق في القاهرة تحت الأمطار الغزيرة والبرد القارس. وقد أثارت قصة رجل ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي التي انتقدت الحكومة بشدة ودعت الى مساعدة المحتاجين الذين يواجهون بأجسادهم قسوة المناخ.
هو العم محمد... مات من شدة البرد في أحد شوارع القاهرة. مأساته والطريقة التي انتهت بها حياته دفعت بنشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى توجيه نيران الإنتقاد للحكومة. حالة العم محمد ربما لن تكون الأخيرة. كمال على سبيل المثال مواطن مصري يعيش هو وأبناؤه الخمسة في الشارع يعانون قسوة الحياة ويواجهون برودة الطقس.
وعلى الرغم من تحرك العديد من أصحاب الأيادي البيضاء ممن لفتتهم قصة العم محمد، لتقديم المساعدات للمحتاجين إلا أن عدم تعاطي الحكومة مع الأسباب التي أدت إلى هذه المأساة ينذر بتكرارها.
ووسط هذا المشهد، لم يمنع سوء الأحوال الجوية من يقتاتون رزقهم يوما بيوم من النزول للعمل تحت الامطار، فيما تأثرت الأسواق بحالة الطقس فشهدت انخفاضاً ملحوظا فى حركة البيعِ والشراء.
وفي غزة.. المياه تغرق منازل القطاع المحاصر
وفي الأردن تسبب تساقط الثلوج والجليد في إغلاق معظم الطرق وإلغاء وتأجيل رحلات طيران من المملكة. أما في فلسطين المحتلة فقد شلّت العاصفة القدس المحتلة. فيما وجهت في الضفة الغربية دعوات للسكان لملازمة منازلهم. وأغلقت الثلوج الطرق بشكل كامل أمام حركة المرور داخل رام الله وفي محافظات رام الله والخليل ونابلس. أما في قطاع غزة فقد غمرت مياه الأمطار مئات المنازل في وقت جاءت فيه أضرار العاصفة مضاعفة بسبب الحصار الإسرائيلي وأزمة الكهرباء.
وتحولت قوارب الصيد بيد أفراد الدفاع المدني زوارق إنقاذ في غزة حيث قضت عائلات بأكملها ليلتها فوق سطوح البنايات بعدما صارت مياه الأمطار أنهراً غمرت طرقات الأحياء حتى سدت مداخل المنازل.
وتحولت غرف المدارس الحكومية في القطاع مقصداً للنازحين بعدما أعلنت حكومة حماس عن إيواء المتضررين فيها.
ولعل ما ضاعف تداعيات حصار المياه الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع حيث تمنع تل أبيب دخول مواد البناء من اسمنت وحديد. فيما باتت البيوت في أحياء غزة شبه منازل متداعية لا تصلح للحياة.
وفي غزة فإن حال من يلتحفون العراء لم يكن أفضل. فلا وسائل تدفئة ما خلا الوسائل البدائية. ومع تضييق الاحتلال الاسرائيلي على وصول السولار والغاز، تصبح غزة مدينة تعيش في عصر ما قبل الكهرباء.
وقد دفعت الأحوال المتدهورة في القطاع حكومة غزة لمناشدة المجتمع الدولي بضرورة رفع الحصار وإنقاذ نحو مليون و700 ألف إنسان.. ذنبهم أنهم فلسطينيون.