تجربة اليمنيين مع القبيلة في التاريخ الحديث للدولة
نافذة الميادين على اليمن ترصد تجربة اليمنيين مع القبيلة في التاريخ الحديث للدولة.
أدت القبيلة في اليمن أدواراً مختلفة خلال العقود الأخيرة، حتى وصلت إلى أن تكون اللاعب الأساسي في صعود الرؤساء وفي طي صفحات حكمهم. وكان اليمنيون ينظرون إلى القبيلة كمعيق لبناء الدولة المدنية منذ ستينيات القرن الماضي.
بعد خمس سنوات على قيام النظام الجمهوري في اليمن عام1962، مكنت القبيلة من التموضع على رأس الهرم السياسي والمجيء بالرئيس المدني عبد الرحمن الإرياني، الذي اتكأ في سنوات حكمه على رموزها، مستقوياً بهم على خصومه. حينذاك غدت القبيلة صاحبة الكلمة الفصل في الإطاحة برأس الدولة واندمجت في إطارها متحكمة ومهيمنة على قرارها السياسي.
أستاذ علم الإجتماع في جامعة صنعاء الدكتور فؤاد الصلاحي قال إن "القبيلة استمدت قوتها أطراف خارجية وداخلية مكنتها من أن تلعب دوراً محورياً، حتى وصل الأمر إلى اختيار الأشخاص الحاكمين والتحالف معهم فأصبحت الدولة القبيلة بشكل أساسي غير"، مضيفاً "صحيح أن القبيلة ظلت خارج الدولة، بل كانت هي الدولة، ولعبت أدواراً مهمة منذ 1968 إلى 2011".
إحصائيات قديمة قدرت عدد القبائل اليمنية بمئتي قبيلة، تسكن غالبيتها المناطق الجبلية. وأشهر هذه القبائل هما قبيلتا "حاشد" و"بكيل" المتصارعتان في الشمال.
أما أستاذ علم الإجتماع الدكتور فؤاد الصلاحي فقال بدوره إن "القبيلة وشيوخ القبائل يعملون على إعادة إنتاج المشاكل والثارات فيما بينهم، وأفراد القبيلة يجندون مع القبيلة في الحق والباطل، ويزاحمون الدولة وظائفها".
تتمتع القبيلة اليمنية بإمكانيات مادية وبشرية كبيرة أدت إلى تعاظم تأثيرها لا سيما مع امتلاك رجالها للسلاح. وتقول معلومات إن قبيلة حاشد وحدها تملك مئات الآلاف من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
من جهته، المحامي خالد الآنسي قال "أنا ضد امتلاك القبائل للسلاح، وأنا مع دولة قوية تتركز فيها كل عوامل القوة التي تساعدها على حماية مواطنيها".
لقد ظلت القبيلة مؤسسة قوية في مواجهة الدولة التي تماهت معها وعملت خلال العقود المنصرمة على تغذية بنيتها، وحلت مكان مؤسسات الدولة حين كانت تعجز عن القيام بأدوارها خصوصاً في المناطق النائية.
ويقول بعض السياسيين ممن يتمسكون بحتمية التغيير في العلاقة المتداخلة بين الدولة والقبيلة إن تجربة اليمنيين مع القبيلة في التاريخ الحديث لدولتهم تجربة مرة، على أن يكون هذا التغيير في صالح بناء دولة قوية تعمل على إضعاف مراكز القوى، وتحد من دورهم الموازي لدور الدولة أحياناً، والمتجاوز له في حالات أخرى.