«جنيف 2» النووي: اختراق معلّق على شيطان التفاصيل

صحيفة "السفير" اللبنانية تواكب اجتماعات جنيف بخصوص الملف النووي الإيراني، وتنقل عن مصادر ايرانية أن أي اتفاق سيكون له انعكاسات إيجابية على المنطقة بأسرها، وأن طهران كانت جاهزة بخطتّها التي شكّلت الإطار الأساسي للمسودة التي يتم بحثها.

يؤكد وزير الخارجية الإيراني أنّ حسن نوايا الطرفين يعد ضماناً لتنفيذ الإتفاق المشترك"

رباب الزبيدي- صحيفة السفير اللبنانية: بين تجهّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وابتسامات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الموزعة يميناً ويساراً، بدا وزير الخارجية الأميركي جون كيري كالواقع بين مطرقة الصديق المحبط، وسندان الفرصة التاريخية لحلّ لأزمة البرنامج النووي الإيراني، فالفرص تمرّ مرّ السحاب، ولا بد من اقتناصها. 

غالب كيري السحاب، قاطعاً مسافة غير مخططّ لها بين تل أبيب وجنيف لينضم إلى المحادثات الجارية هناك بين إيران والدول الست الكبرى. وفجأة تحوّلت المحادثات النووية في جولتها الثانية إلى قمة وزارية أوروبية- أميركية- إيرانية. 

نيّة كيري كانت كافية لوزراء خارجية فرنسا لوران فابيوس وبريطانيا وليم هيغ وألمانيا غيدو فيسترفيله ليتناولوا الغداء في سويسرا، على أمل أن يكون العشاء دسماً على طاولة واحدة مع ظريف وكيري ومعهم العرّابة وزيرة خارجية الإتحاد الأوروبي كاثرين آشتون. 

وبينما الأمور التفصيلية في طور النقاش، علم أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيصل صباح السبت إلى جنيف، كذلك وفد صيني رفيع المستوى يتوّقع أن يرأسه وزير الخارجية أو من ينوب عنه، ما يؤكد تمديد المفاوضات يوماً واحداً على الأقل. 

المناقشات لم تتوقف خلال نهار الجمعة، الإجتماعات كانت شبه مفتوحة وناقشت المسوّدة المقدّمة من إيران، بالإضافة إلى الطرح الأوروبي الأميركي المشترك، لكن الملف الرئيس الذي استنزف معظم الوقت كان العقوبات على إيران، وتحديداً تلك المفروضة عليها من دول وكيانات غير الأمم المتحدة. 

طالبت إيران برفع هذه العقوبات، أو على الأقل التخفيف منها، وخصوصاً تلك المتعلّقة بالنفط والتحويلات المصرفية، على أن تقوم إيران بالمطلوب منها في المرحلة الأولى، والذي لن يكون كما تم الترويج له عبر بعض وسائل الإعلام "تجميد إيران لنشاطاتها النووية بشكل كامل". 

المطلوب من إيران هو وقف التخصيب بنسبة 20 في المئة، والمطروح أن يقتصر التخصيب على 3.5 أو 5 في المئة فقط، إضافة إلى إقفال منشأة "آراك" النووية، وهو الأمر الذي تحاول إيران أن تأخذ في مقابله ثمناً ضخماً يساوي تقديم هكذا مبادرة. 

اللقاء بين كيري وآشتون وظريف، كان الأكثر تأثيراً والأطول، إذ إمتد لساعات من دون أن يرشح عنه أي تسريب يعطي أملاً بنجاح أو فشل، فأمل النجاح تعوّل عليه دول ومحاور، وأمل الفشل كذلك. لكن الإجتماع، وهو الثاني بين الوزيرين الإيراني والأميركي، أعطى انطباعاً عاماً بأن تفاصيل التفاصيل هي التي لازالت عالقة. 

مصادر في طهران أكدت لـ"السفير" أن الاتفاق بين الـ"1+5" وإيران هو لمصلحة الجميع، وأنه "كان بالإمكان التوصل إليه قبل أقل من شهر في لقاءات جنيف الأولى"، ولم يكن لدى طهران أية مشكلة في ذلك، إذ أنها كانت "جاهزة بخطتّها التي شكّلت الإطار الأساسي للمسودة التي يتم بحثها، لكن الفريق الأميركي كان يحتاج إلى وقت إضافي، لا لدراسة تفاصيل العرض الإيراني، وإنما لإيجاد أرضية مناسبة لتسويق الاتفاق على أنه غير موّجه ضد أي من الحلفاء الرئيسيين في الشرق الأوسط". 

المصادر الإيرانية تؤكد بدورها لـ"السفير" أن أي اتفاق سيكون له انعكاسات إيجابية على المنطقة بأسرها، اللهم إلا من لا يرغبون بأن يسود الهدوء المنطقة، بحسب المصادر، فإن الإنعكاس سيكون في «رفع العقبات التي تسد طريق قضايا أخرى يمكن أن تحل، إذا ما كانت هناك رغبة جدية في حلها». 

بعض هذه الملفات قد يكون في الجهة الغربية من إيران، وتحديداً الملف السوري، إذ تشير تسريبات من طهران إلى أن الجانبين الأميركي والفرنسي طلبا من طهران في حال التوصل إلى صيغة أولية للاتفاق حول البرنامج النووي، أن يتم الانتقال لبحث الملف السوري في أسرع وقت ممكن. 

لكن هناك ملفات أخرى تهتم لها الولايات المتحدة، كأفغانستان الواقعة على حدود الجمهورية الإسلامية، والعلاقة مع باكستان التي أوقفت قبل فترة دفع ما عليها لإكمال أنبوب الغاز الإيراني الذي كان من المفترض أن يصل أيضاً إلى الهند، والسبب يعود إلى العقوبات الأميركية. 

الاتفاق إذاً سيفتح الباب مجدداً أمام طهران لإكمال هذا المشروع وإيصال غازها إلى جنوب شرق آسيا، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على كل من إيران والعلاقات الباكستانية الأميركية المتوترة حالياً. 

وفي وقت سابق أمس، أكد ظريف أن حسن نوايا الجانبين يعد ضماناً لتنفيذ الاتفاق المشترك بين إيران ومجموعة الدول الست. وقال وزير الخارجية الإيراني «نتطلع إلى صياغة نص بصورة مشتركة، فيما الأطر واضحة تماماً ولا بد أن تتضمن جميع الأهداف وجميع الخطوات كي يتسنى تنفيذه». 

واعتبر ظريف أن "حسن نوايا الجانبين هو خير ضمان لتنفيذ الاتفاق المشترك"، مشيراً إلى أنهم في "مرحلة الإختبار، وقد بدأنا فعلاً مرحلة المفاوضات ولذلك فإن ما يعلن من مواقف يحظي بأهمية بالغة". 

وإذ أعرب عن أمله في أن "تنطوي المفاوضات على مسار يفضي إلى إنهاء الأزمة المفتعلة ويؤدي إلى الانتقال لمرحلة جديدة، وفي كل هذه المراحل لا بد أن نكون حذرين ومتبصرين"، أوضح ظريف أن فريقه التفاوضي يواجه "مواضيع في غاية الصعوبة، ونأمل التوصل إلى اتفاق بشأنها وقد تكون هناك حاجة إلى المزيد من العمل والمتابعة، لكن الأهم هو أننا لا بد أن نسير في الطريق الصحيح". 

إذاً هو الملف النووي، لكن الملفات المرتبطة به كثيرة، ومعظم من هم حول طاولة التفاوض مرتبطين بشكل أو بآخر بهذه الملفات، لذا فاللحظة التاريخية يرجح أن لا تترك للهواء من دون اقتناصها. 

اخترنا لك