سكرية: "القصير" قلبت موازين القوى و"القلمون" تستكملها

عضو كتلة الوفاء للمقاومة، العميد المتقاعد والخبير الإستراتيجي، النائب وليد سكرية يعتبر أن موازين القوى في سورية قد تغيرت منذ معركة القصير، وأن معركة القلمون-إذا وقعت- فلن تكون إلا إستكمالا لها بغية تمدد الجيش السوري لبسط سيطرته على المنطقة.

وجه النائب وليد سكرية في حديث خاص إلى موقع الميادين اللوم للدولة اللبنانية التي لم تأخذ الملف الطرابلسي بجدية، وحمل قيادات الرابع عشر من آذار مسؤولية التحريض المذهبي الذي وظف لخدمة الأحداث السورية، غير أن هذه القوى برأيه خسرت القدرة على ضبط الشارع. جاء ذلك خلال حوار خاص بـ"الميادين نت" هذا نصه

 

الجولة ال ١٧ في طرابلس، هل تترافق مع الحديث عن معركة القلمون؟

 معركة القلمون لم تبدأ حتى الآن، ولا صورة واضحة عما سيجري فيها. لا نعرف إن كان الجيش السوري سيتمدد في هذه المنطقة، ولكن المعروف أن قوى المعارضة تضعضعت، وأن الائتلاف السوري المعارض في وضع مفكك، والجيش السوري الحر في وضع انهيار تقريبا، ويتلقى ضربات من داعش ومن الجيش السوري. أما أن تكون الخطوة التالية في القلمون فهذا ما تقرره القيادة السورية.

 وبالنسبة لطرابلس، فللأسف لم يظهر لدى الدولة اللبنانية حل للمشكلة، والجولات تتكرر مترافقة مع متغيرات على الساحة السورية، لأن بعض القوى في منطقة الشمال أصبحت ملتزمة كليا ببعض قوى المعارضة العاملة في سورية. وأصبح وكأن جبل محسن جزء من النظام السوري، وتستخدم الحرب معه إما للانتقام أو سعيا لفتنة مذهبية، وتصعيدها في المنطقة لقاء أموال تدفع.

 

 ما هي أهمية القلمون، واحتمالات المعركة فيها؟

 هي منطقة استراتيجية هامة، تقدر بمائة كيلومتر، ولكنها تضم العديد من القرى الجبلية وعلى المحور الذي يربط حمص بدمشق، وهناك بلدتان رئيسيتان هما دير عطية والنبك التي هي المدينة الأكبر في المنطقة. دير عطية موالية للنظام، والنبك محايدة حتى الآن.

 تصل القلمون منطقة حمص وسط سورية والساحل، بمنطقة دمشق والمنطقة الجنوبية، ولكن هل خطوط التموين للجيش السوري مقطوعة ما بين دمشق وحمص؟ لا أعتقد ذلك، وبالتالي لا أعتقد بضرورة ملحة للدخول إلى القلمون. وإذا قطعت خطوط التموين يصبح الدخول أمرا ملحا لتأمين التموين.

 وفي حال دخل الجيش السوري إلى هذه المنطقة، دون أن تكون خطوط إمداده مقطوعة، فأعتقد أن الأمر سيكون مزيدا من التمدد للجيش السوري على أراضيه، ولتوجيه المزيد من الضربات للقوى المعارضة له. وتبقى الأولوية لتأمين التموين لدمشق ومحيطها والتواصل بين الساحل والمنطقة الوسطى ودمشق، وهذا قرار بيد القيادة السورية.

 

 القصير أحدثت تحولا هاما في الصراع في سورية. ما النتائج المرتقبة لمعركة القلمون؟

 قبل معركة القصير كانت الولايات المتحدة وروسيا تدعوان إلى "جنيف ٢" وتريد أميركا حكومة انتقالية والمعارضة لم تكن قد بدأت بالتفكك، فجاءت معركة القصير لتأمين الحدود اللبنانية، وحماية اللبنانيين في المنطقة، وثانيا، السيطرة على المنطقة شكل ضربة كبيرة للمعارضة لأن القصير كانت معقلا رئيسيا، وتربط منطقة شمال لبنان بالقلمون، فيتم التواصل بين الساحل اللبناني ومنطقة القصير فالقلمون وصولا إلى دمشق. عملية القصير قطعت هذا التواصل، وبنتيجتها دعت أميركا لتسليح المعارضة وتأجيل "جنيف ٢" لإعادة التوازن، لأن معركة القصير كانت ضربة غيرت بموازين القوى.

 لكن الآن هناك موقف دولي شامل لدى الدول الكبرى يدعو لـ"جنيف ٢" بعد وقوف روسيا والصين وإيران في وجه الأطراف الأخرى. وأصبحت المعارضة أعجز من أن تقول أنها لن تذهب إلى "جنيف ٢"، أو أنها تريد تغيير ميزان القوى على الأرض. هذه أصبحت من الماضي، خصوصا بعد إزالة الكيماوي، فمعركة القلمون لن تغير في موازين القوى على الأرض لأن هذه الموازين قد تغيرت. يمكن الاستنتاج أن معركة القلمون هي استكمال لما أنتجته معركة القصير، لاستكمال بسط سلطة الدولة على هذه المناطق. معركة القلمون لن تغير المزيد، فالتفاهم الروسي الأميركي أكبر من القصير ومن القلمون، وأعتقد أن الوضع في سورية حسم، كما حسم الذهاب إلى "جنيف ٢" بتسوية سلمية ما بين النظام وبعض مكونات المعارضة. والمشكلة هي في مكونات المعارضة التي لا تعرف ماذا تريد. 

سكرية: معركة القلمون لن تغير المزيد فالتفاهم الروسي الأميركي أكبر من القصير ومن القلمون

طرابلس.. مرحلة طويلة

سكرية: لا نعرف إن كان اللواء ريفي يريد أن يقوم بدور سياسي عسكري في طرابلس

هناك حديث عن صراعات محلية في طرابلس، بين قياداتها، بينما لا يبدو الجيش اللبناني قادرا على ضبط الوضع بشكل واضح، من يستطيع ذلك؟ وما هو الحل للمدينة؟

 قيادات ١٤ آذار عبأت الشارع الطرابلسي للتدخل في الشأن السوري، وتركت المجال للقوى الخارجية لتمد يدها وتبني خلاياها في هذه المناطق. لكن هناك عجز قوى ١٤ آذار عن أن تبقى هي صاحبة الكلمة في الشارع، والتحكم بتوجهاته وسياسته. الجيش اللبناني أمام خيار أن يقوم بعمل عسكري واسع وهو أمر صعب ويحتاج لموافقة من الزعامات لطرابلسية، ولموقف دولي، والمعركة لن تقتصر على باب التبانة لأن المسلحين سينتشرون في كل طرابلس. أعتقد أن الموقف الدولي حتى الآن هو ضد تمدد المتطرفين في لبنان، ولكن لم يصل بعد إلى الضغط على الدولة اللبنانية كي يقدم على حسم الموقف عسكريا كما حسم في البارد عام ٢٠٠٧. 

 أعتقد أننا أمام مرحلة طويلة في طرابلس، وقد نشاهد جولات أخرى لأن الدولة تعالج الأمور بالمسكنات. هناك علاج آخر هو العلاج الأمني بعد حفظ الأمن والاستقرار، والعلاج الأمني والسياسي هو في استيعاب هذه الجماعات، وسحبها من يد الجماعات المتطرفة التي تريد استخدام الساحة اللبنانية. من يستطيع القيام بذلك؟ الأمر صعب لأن قيادات ١٤ آذار مرهونة لقوى سياسية خارجية تملي عليها المواقف. والمطلوب تشكيل حكومة وحدة وطنية لمواجهة هذه الظواهر على الأرض.

 

حركة "أحرار طرابلس" أطلقها اللواء أشرف ريفي. ما أبعاد الحركة برأيك؟

 لا نعرف إن كان اللواء ريفي يريد أن يقوم بدور سياسي عسكري في طرابلس. هل بادرته هي محاولة لتوحيد هذه الجماعات تحت قيادته؟ عند ذلك يمكن ضبطهم لأنه ابن الدولة اللبنانية. ولا يستمرون "فلتانين" بأمرة "النصرة" أو "داع"ش أو الشيخ الفلاني.. بأمرة اللواء ريفي يكونون قد عادوا إلى أمرة تيار المستقبل، وتصبح إمكانية ضبطهم واردة. أما إذا أراد أن يأتمر بأمرة قوى خارجية لتنفيذ فتنة في لبنان فهذا موضوع آخر.

 

 وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال إن المرحلة الانتقالية لا يمكن أن تتم بمشاركة الرئيس الأسد؟

 لا يتسطيع كيري قبل أن ينعقد مؤتمر جنيف أن يقول إن الرئيس الأسد باق بعد الانتخابات. يكون بذلك قد رسم نتائج المؤتمر مسبقا. من الطبيعي أن الموقف الأميركي هو من شروط المفاوضات، وهو يريد أن يرضي حلفاءه كالسعودية وبعض فرقاء المعارضة السورية ليذهبوا إلى الحوار.

اخترنا لك