واشنطن تغضّ النظر عن التسليح الخليجي

صحيفة "السفير" اللبنانية تكشف عن مراوحة أميركية في المكان حول جنيف، حيث لا تحمل واشنطن أيّ طلب واضح وعاجل للمعارضين لدفعهم إلى طاولة المفاوضات، وتتحاشى إغضاب السعودية في الوقت الراهن وتغضّ الطرف عن تسليحها لـ "الذراع الجهادي".

الولايات المتحدة تغضّ الطرف عن التسليح الخليجي للمسلحين في سورية

محمد بلوط- صحيفة "السفير" اللبنانية: مراوحة ديبلوماسية أميركية في المكان حول جنيف. السفير الأميركي السابق لدى سورية روبرت فورد، المشرف على المعارضة السورية في الخارج، استعاد الأسبوع الماضي لقاءات مع بعض شخصياتها وقادتها بين باريس واسطنبول. 

ولفتت "السفير"، إلى أن الأميركيين لا يحملون طلباً عاجلاً وواضحاً إلى أصدقائهم المعارضين لدفعهم إلى طاولة المفاوضات مع النظام السوري، عملا بمقتضى التفاهم المعقود مع الروس وبقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118. ولا يزال السفير الأميركي يعمل على جعل «الإئتلاف الوطني السوري» المعارض «مظلة» أي وفد معارض يجلس إلى طاولة المفاوضات، ويعمل على إقناع من يلتقيهم من خارجه في باريس وغيرها بالإنضمام إليه، تسهيلاً لمهمة تشكيل وفد «ائتلافي» حصراً إذا أمكن، وتهميش- ما أمكن أيضاً- المعارضة الأخرى التي تمثلّها «هيئة التنسيق» و«تيّار بناء الدولة» و«الهيئة الكردية العليا». 

وكشفت الصحيفة، أن السفير الأميركي حاول، ومعه السفير الفرنسي ايريك شوفالييه، الإيحاء لمن التقاهم أن ورقة تنحّي الرئيس الأسد لا تزال مطروحة على الطاولة. وذهب إلى حدّ التلويح مع من يلتقيهم بأن الروس خلال الجلسات المشتركة لا يمانعون في تنحيته.

ونقلت "السفير" عن معارض سوري إنه " يستبعد ما قيل له لأن التخلي عن الأسد يعني التخلي عن ورقتهم الأساسية في سورية وعنوان إستراتيجيتهم في مواجهة الأميركي، علما أن بقاء الأسد في منصبه حتى نهاية ولايته منتصف العام المقبل أصبح خارج أيّ مساومة بفضل التطورات الميدانية واستعادة الجيش السوري المبادرة على الأرض، منذ أشهر وسقوط أي تهديد جدي لنظامه بعد التسوية حول الأسلحة الكيميائية.

وأضافت الصحيفة، أن من التقوا السفير الأميركي، الذي يعمل على التمهيد للمؤتمر، ينقلون عنه طرحه مجدداً سلسلة أسماء بديلة لقيادة المرحلة الإنتقالية في سورية، لا يزال نائب الرئيس السوري فاروق الشرع احدها، بالإضافة إلى أسماء أخرى، يقيم أصحابها في الخارج، لم تعتبر جدية. 

وفي هذا السياق يقول مصدر سوري معارض للصحيفة، إن المسؤول الأميركي يفكر ببدائل لقيادة المرحلة الانتقالية، لكنه يشكو من فقدان الاتصال مع شخصيات من الحلقة الأولى من النظام، أو تلك القريبة منها، تساعد على طرح أكثر جدية لتنحية الأسد، كما أنها ستكون معرّضة لخطر الاغتيال إذا ما بقيت داخل سورية وينبغي التفكير بإخراجها منها، أو البحث عن أسماء تقيم في الخارج. وقال المصدر إن الأميركيين ينشطون للوقوع على قناة اتصال مع الحلقة الأولى، ولكنهم لا يملكون سوى خيارات تقتصر حالياً على كتلة من الضبّاط السوريين المتقاعدين. 

والأرجح أن مسألة إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والجيش لم تعد من أولويات جنيف أميركياً. إذ ينزع الأميركيون إلى المزيد من المرونة وخفض سقف المطالب، تحت ضغط عامل صعود المكوّن «الجهادي» في السلاح السوري المعارض وتطور قوة تنظيم «القاعدة» وتسارع نموّه بما يهدد بخروج الأمور عن السيطرة، بحسب المصدر السوري المعارض. 

ويقول معارض سوري إن الأميركيين لا يريدون المساس بالجيش السوري، ولا بالأجهزة الأمنية السورية، وإنما باتوا يطالبون بتغييّرات في بعض القيادات لا أكثر، للإبقاء على المؤسسات العسكرية قادرة على مواجهة «القاعدة» والجماعات الإرهابية، بعد هزيمة «الجيش الحر» في معارك الشمال وتضعضّع ألويته المستمر بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«جبهة النصرة». 

وقالت الصحيفة اللبنانية، إن الموقف الأميركي يبدو متفاوتاً إزاء الدور الذي تقوم به الاستخبارات السعودية في تقوية الذراع «الجهادي»، المقرب من «القاعدة»، داخل المعارضة السورية على حساب «المجلس العسكري الموحد» و«الجيش الحر» الذي تدعمه رسميا مع أميركا. وكان 50 لواءا وكتيبة «جهادية» أعلنت الإنضواء في «جيش الإسلام» الذي يقوده زهران علوش، رجل رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان، وأنكرت على «الائتلاف» تمثيله للمعارضة في الداخل، كما رفضت مؤتمر جنيف. 

ونقل معارض عن فورد قوله "إننا لن نغضب حلفاءنا في الخليج، من السعودية والإمارات، ومن يبحث عن الحسم العسكري". ويبقى الأميركي بعيدا عن إغضاب السعودي في هذه المرحلة نظرا لاستمرار السعودية الاضطلاع بدور مركزي في تسليح المعارضة، نيابة عن الولايات المتحدة وبالتنسيق معها. وقال المصدر المعارض إن الأميركيين يغضّون النظر عن هذه السياسة لأنها «تشاغب» على الروس، ولكنهم يعتقدون انه ينبغي إفهام حلفائهم أن الخشية من جنيف غير مبررة، لأنها لا تمثل نهاية المطاف في الأزمة السورية وإنما محطة مؤقتة، عليها أن تستوعب قبل كل شيء خطر الجماعات «الجهادية»، وأن التسوية الدائمة لا تزال بعيدة. 

اخترنا لك