الاتحاد الأوروبي يشدد على ضرورة المصالحة في مصر

الناطق باسم الخارجية المصرية يقول لصحيفة "الحياة" إن بلاده لم تطلب من الإتحاد الأوروبي المساعدة والمصالحة بين الجيش و"الإخوان"، وأن جهد الإتحاد الأوروبي لحل الأزمة السياسية عقب عزل الرئيس مرسي «كان له ظرف معين، لكن الآن اختلف السياق".

عبد العاطي: الإتحاد الأوروبي بذل مساعي حميدة لحل الأزمة السياسية في مصر لكن الآن اختلف السياق

صحيفة الحياة: عرض مبعوث الاتحاد الأوروبي إلى جنوب المتوسط برناردينو ليون على الحكومة المصرية معادوة «بذل الجهد» من أجل حل الأزمة السياسية بين الحكم وجماعة «الإخوان المسلمين»، مشدداً على ضرورة عقد مصالحة شاملة. وكشف أن قيادات في الجماعة و«تحالف دعم الشرعية» المؤيد لمرسي التقاها في زيارات سابقة عبرت عن رغبتها في «العودة إلى الحياة السياسية».

والتقى ليون الذي يزور القاهرة حالياً وزير الخارجية المصري نبيل فهمي ومسؤولين آخرين والقيادي في «الإخوان» الوزير السابق عمرو دراج ورئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور عمرو موسى وممثلين عن أحزاب «المصريين الأحرار» و«الدستور» و«النور».

وقال بيان لوزارة الخارجية إن فهمي أشار خلال اللقاء إلى «أعمال العنف والإرهاب التي تشهدها البلاد في الفترة الحالية وتصميم الحكومة على مواجهة هذه الأعمال بكل حسم وقوة ووفقاً للقانون، وأكد التزام الحكومة خريطة الطريق وتنفيذها وفقاً للتوقيتات الزمنية المعلنة». وتحدث ليون مع الوزير عن ضرورة شمول العملية السياسية الجميع، فأكد له فهمي أن «أي شخص أو طرف ينبذ العنف ولا يحرض عليه ولا يواجه تهماً قضائية أو جنائية ويقبل بخريطة الطريق سيكون متاحاً له المشاركة في العملية السياسية الجارية». وأوضح أن «استمرار أعمال العنف والإرهاب يؤدي إلى مزيد من التباين... والمشاركة في المسار السياسي الحالي متاحة فقط لمن ينبذ العنف والإرهاب ويحترم الإرادة الشعبية ويقبل خريطة الطريق».

وذكر البيان أن ليون أكد أهمية دور مصر الإقليمي، وجدد إدانة الاتحاد الأوروبي أعمال الإرهاب، معرباً عن اعتقاده بأن «تحقيق التوافق الوطني يتعين أن يتم من خلال جهود مصرية فقط». وقال إن «الاتحاد الأوروبي لا يسعى إلى القيام بدور محدد في هذا الشأن، غير أنه على استعداد للمساهمة في أي جهد يطلبه الجانب المصري».

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية بدر عبد العاطي لـ «الحياة» رداً على عرض ليون المساعدة، إن «الحكومة المصرية لم تطلب شيئاً في هذا الإطار، وأكدنا فقط أن تحقيق الديموقراطية يحتاج إلى تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ولذا يجب الاستمرار في برامج التعاون بين مصر وأوروبا». وأوضح أن الجهد الذي بذله الاتحاد الأوروبي لحل الأزمة السياسية عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي «كان له ظرف وسياق معين... كانت مساع حميدة بذلت لفض اعتصامي رابعة والنهضة بالحوار. الآن اختلف السياق، والمبعوث الأوروبي أكد أن موضوع التوافق يتم من خلال الجانب المصري».

والتقى ليون عمرو موسى الذي نقل عنه دعم الاتحاد الأوروبي الخطوات التي تتخذها مصر طبقاً لخريطة الطريق والتفاؤل ببدء لجنة الخمسين لتعديل الدستور عملها. وأضاف موسى في بيان أنه اتفق مع ليون على أهمية وضرورة الدعم السياسي والاقتصادي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لمصر، وضرورة استمرار الاتصالات والزيارات على المستويات كافة بين دول الاتحاد ومصر.

من جانبه، قال ليون في تصريحات للصحافيين في مقر الاتحاد الأوروبي في القاهرة إنه جاء «من دون أي غرض للتدخل في الشؤون الداخلية لأن مستقبل مصر يحدده المصريون، لكن هناك تحديات تواجه البلاد والمجتمع الدولي يمكن أن يلعب دوراً لمواجهة هذه التحديات». وأضاف أن «الرسالة الرئيسة التي تلقيناها من الأطراف كافة التي التقينا بها أنه يجب القيام بعملية تتضمن جميع الأطراف، كنقطة أساسية في خريطة الطريق، وكل أصدقاء مصر يتفقون على ذلك ومن حق الجميع أن يتم تضمينه في مستقبل مصر... لسنا هنا لتقديم دروس أو تعليمات أو توجيهات لأي شخص في مصر».

وأوضح أن الاتحاد الأوروبي سبق أن اكد خلال فترة حكم مرسي أهمية مشاركة الجميع. وقال: «نحن الآن نواجه أزمة فقدان الثقة نفسها. رسالتنا أنه يجب أن نجد سبيلاً ونبدأ من نقطة ما لبناء الثقة... فقدان الثقة مازال موجوداً، ويجب أن نفهم أننا في حاجة إلى حل سياسي لا يعتمد على العنف، وهو اتهام متبادل بين الإخوان والحكومة، حتى أن كلمة مصالحة أصبحت صعبة والبعض يعتقد أن من يتحدث عنها شخص ساذج».

وقال: «نحن هنا للمساعدة والعمل معكم ولم نقل أي شيء عن أننا نؤيد أي شكل أو نوع من أنواع الإرهاب. نعلم أن مصر تشن حرباً على الإرهاب في سيناء، والاتحاد الأوروبي دان الأعمال الإرهابية في سيناء والقاهرة. وبناء على تجربتنا في الاتحاد، نعتقد أن المصالحة ضرورة ملحة ويجب أن نجعلها ممكنة حتى وإن كانت صعبة. من خلال معرفتي بطبيعة الشعب المصري اعرف أنها ممكنة».

ولفت إلى أنه التقى مرات عدة مع القياديين في «الإخوان» عمرو دراج ومحمد علي بشر وأعضاء في «تحالف دعم الشرعية»، وهم تحدثوا «عن رغبتهم في العودة إلى الحياة السياسية، وأن التوتر في الشارع يجب أن يتوقف. لا أعلم ما يقولونه في وسائل الإعلام المحلية من آراء مختلفة ولا أستطيع أن أتعامل سوى مع ما يقولونه لي مباشرة. لا أعرف ما إذا كان ممثلو الإخوان الذين التقي بهم يمكنهم اتخاذ قرار بالفعل لأني أعرف أن هيكلهم التنظيمي تضرر بسبب اعتقال عدد كبير منهم».

وعبر عن اعتقاده بأن نائب مرشد «الإخوان» خيرت الشاطر الموقوف على ذمة قضايا جنائية «من الممكن أن يقدم رسالة إيجابية لبدء حوار سياسي، لأننا نعتقد أن له قوة مؤثرة داخل جماعة الإخوان، وإن وافق على شيء ستوافق عليه الجماعة».

وكانت سلطات الأمن في مطار القاهرة منعت محمد علي بشر من السفر إلى دبي «بسبب صدور قرار قضائي بمنعه»، رغم أن الرجل أعلن أنه استفسر قبل سفره عن وجود قرار بمنعه وتلقى إجابة بالنفي. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، إن حقائب بشر أنزلت من الطائرة. ويعد منع بشر من السفر، وهو قيادي في «الاخوان» تصدر جهود الوساطة بين الحكم والجماعة، مؤشراً على إمكان أن تطاول حملة التوقيفات كل رموز الجماعة.

من جهة أخرى، لمح حزب «النور» إلى إمكان الانسحاب نهائياً من لجنة الخمسين لتعديل الدستور بعد استبدال ممثله الأساسي المنسحب من اللجنة بسام الزرقا بالدكتور محمد سعد الأزهري العضو الاحتياطي فيها. وعزا القيادي في الحزب شعبان عبدالعليم قرار الاستبدال إلى «ظروف صحية ألمت بالزرقا».

وكان وفد من «النور» برئاسة يونس مخيون التقى رئيس اللجنة وأعضاء فيها للحديث عن مواد الشريعة في الدستور الجديد. وقال مخيون بعد اللقاء إن حزبه متمسك بالمادة 219 المفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية في الدستور المعطل. وأوضح عبدالعليم لـ «الحياة»، أن اللقاء مع موسى تناول «ضرورة التوافق على مواد الهوية وعدم اللجوء إلى التصويت لحسمها في ظل غلبة تيار معين في اللجنة».

وأضاف أن وفد الحزب «أكد لموسى ضرورة تجنب أخطاء اللجنة السابقة التي كانت الغلبة فيها للتيار الإسلامي ما أدى إلى انسحاب الليبراليين».

وقال: «إذا شعرنا أن وجودنا في اللجنة لن يكون مفيداً، فلن نلعب دور المحلل. لن نكون ديكوراً. سنشارك ولم نتخذ قراراً بالانسحاب، وليس في نيتنا، لكن لو شعرنا بعدم جدوانا، فلن نكمل». وأشار إلى أن «اللجوء إلى التصويت على مواد الهوية يعني غلبة توجه تيار معين وإقصاء الآخرين».

اخترنا لك