تساؤلات من دون أجوبة بشأن صور هجوم الغوطة

صحيفة "السفير" اللبنانية تنشر دراسة أعدتها رئيسة دير مار يعقوب في سورية الأم أغنيس مريم الصليب، والتي تؤكد من خلال تحليل ومعالجة فيديوهات "حادثة الكيميائي" في الغوطة الشرقية وجود فبركة في الصور تستخدم الأطفال بإطار بروباغندا إعلامية.

أسئلة تفصيلية يطرحها التقرير مستقاة من 13 شريط فيديو حول "مجزرة الغوطة"

ملاك مكي- صحيفة "السفير" اللبنانية: من هم هؤلاء الأطفال الذين تناقلت صورهم أفلام فيديو مجزرة الغوطة الشرقية؟ ماذا جرى لهم؟ أين هي عائلاتهم؟ لماذا لا تظهر صور لنساء وأمهّات في الفيديوهات؟ لماذا ظلّ الضحايا مجهولي الهوية؟ كيف يتشابه وضع الجثث الممدة في معظم التسجيلات؟ كيف تتقارب أعمار الأطفال الضحايا إن كان عدد الأمهات ضئيلا؟ أين الدلائل الموّثقة على مراسم دفن هؤلاء الأطفال الذين بقوا مجهولي الهوية على الرغم من أن العائلات والجيران، وفق النسيج الاجتماعي السوري، تعرف بعضها البعض؟ 

تطرح تلك الأسئلة رئيسة دير مار يعقوب في سورية الأم أغنيس مريم الصليب، في دراستها بشأن فيديوهات مجزرة الغوطة الشرقية والتي وزّعتها في جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التي عقدت في جنيف يوم الإثنين الماضي. وتعمل الأم أغنيس في إطار «الهيئة الدولية لدعم المصالحة في سورية»، والتي تضمّ أعضاء من مختلف أنحاء العالم (سويسرا، بلجيكا، إيرلندا، فرنسا، الولايات المتحدة..).

يرتكز التقرير على دراسة 13 شريطاً مصوراً تناقلتها أوساط أجهزة الإستخبارات الأميركية ومحطات تلفزيونية ومجموعات تنسيقية وناشطون، وعلى إتصالات مع عائلات تعرّفوا على أولادهم من خلال هذه الفيديوهات.

يقول الناشطون بأنّ الهجوم الكيميائي، وفق التقرير، حصل عند الساعة الثانية والنصف بحسب التوقيت المحلي في سورية في 21 آب الماضي في الغوطة الشرقية، بينما يؤكد أحد الأشخاص، الذي زعم بأنه منقذ من زملكا، أن الهجوم بدأ عند الساعة الواحدة والدقيقة الخامسة والخمسين.

يظهر التقرير تناقضاً بين أعداد الضحايا الذين ذكرهم «المكتب الطبي الموّحد» في الغوطة الشرقية، وعدد السكان المقيمين في تلك المنطقة، خصوصاً مع هجرة الأهالي ونزوحهم.

تعرض الفيديوهات صوراً لأطفال من دون عائلاتهم، فأين هم الاهل؟ يضع التقرير أربع فرضيات، قتل الأهل وتمّ إنقاذ الأطفال، أو قتل الأطفال ونجا الأهل (لكن لماذا لم يصطحب الأهل أبناءهم إلى المستشفيات أو إلى القبور)، قتل الأهل والأطفال غير أنه تم عرض صور الأطفال فقط لإثارة "بروباغندا " إعلامية لكن لماذا بقي الأطفال مجهولي الهوية؟، ليس للأولاد اهل في الغوطة الشرقية، فبالتالي من أين هم؟

من جهة أخرى، يشير التقرير إلى تعارض في شهادات المشرفين الطبيين، فيقول أحدهم إن «الأفراد نزلوا إلى الأقبية فاختنقوا بالغازات السامة»، بينما يفيد آخر بأن «الأفراد صعدوا إلى السطوح».

ويشير متحدث باسم الفرق الطبية إلى أنه تمّ توزيع كميات كبيرة من الأدوية، فيما يعيد أحدهم سبب وفاة الأشخاص إلى نقص في الأدوية.

لم يوفّر المشرفون الطبيّون جواباً في شأن عدم مرافقة الأهالي لأبنائهم إلى المراكز الطبية، قائلين إن الضحايا كانوا في بيوتهم نائمين. تعتبر منازل الضحايا مألوفة بالنسبة إلى المنقذين فلماذا لم يتم تحديد سوى هوية عدد ضئيل منهم؟. لم يسمع صوت سيارات الإسعاف إلا مرتين في الفيديوهات، فكيف يمكن تفسير نقل آلاف المصابين إلى المراكز الطبية؟

ينقل التقرير غياب صور النساء في معظم الفيديوهات، وغياب صور العائلات، فأين الأمهات؟ وكيف نجا الأهالي وقتل الأطفال، فهل تميّز الأسلحة الكيميائية بين طفل وبالغ؟ يقول فتى في شريط فيديو «عندما شمّ أخي رائحة الغاز، بدأ بالتقيؤ» بينما لا يمتلك غاز «السارين» رائحة!

يعلّق التقرير على مشاهدات عدة في الفيديوهات. فكيف يمكن أن يتشابه ترتيب الجثث في أمكنة مختلفة في فيديوهات عدة؟ وكيف يحيط عشرة إلى 20 شخصاً طفلاً ميتاً بينما يفتقر مصابون آخرون للمساعدة؟ وكيف يقف بعض الأشخاص وسط المصابين بهدوء محاولين تمضية الوقت؟

ويعرض الناشطون صورة لحيوانات نافقة، فكيف يمكن جمع تلك الحيوانات في صورة واحدة في وقت يحتاج آلاف الاشخاص إلى الإنقاذ؟. 

يقارن التقرير أيضاً فيديوهات ارتكزت عليها أوساط الإستخبارات الأميركية، حيث يعرض أحد الفيديوهات سبع جثث، بينما يعرض فيديو آخر في المكان عينه 15 جثة إضافية من دون تغيّير وضع الجثث السابقة، ما يطرح التساؤل بشأن مدى إمكانية وضع جثث أخرى من دون تحريك وضعية الجثث السابقة؟

وينقل أحد الفيديوهات صورة بنت في منطقة بين زملكا وعين ترما، غير أن الفتاة نفسها تظهر في فيديو في جوبر، ويظهر آخر صورة لشقيقتين في عربين، بينما تظهر جثة إحداهما في فيديو في كفربطنا، بالإضافة إلى فيديو يظهر والداً يصرخ بسبب وفاة ابنته، بينما تظهر الفتاة عينها في فيديو آخر (تم تحميله من المصدر ذاته) وهي على قيد الحياة مع غياب الأب.

يطرح التقرير تساؤلات عدة، عن كيف يمكن للمنقذين أن يتوّجهوا إلى بيوت المصابين من دون أدوات ومعدات للوقاية؟ وكيف يمكن أن تبقى الجثث مجهولة الهوية بينما يعرف المحاصرون بعضهم البعض؟

لا يجد التقرير تفسيراً لانخفاض عدد الضحايا النساء مقارنة مع عدد الضحايا الذكور والأطفال، إذ لا تتعدى نسبة النساء عشرة في المئة من مجمل الضحايا. وإن كان عدد الأمهات قليلاً، فكيف تتقارب أعمار الضحايا الأطفال؟ وأشارت لجان التنسيق المحلية، وفق التقرير، إلى 1188 ضحية، بينما لا تظهر الفيديوهات سوى 500 ضحية.

ويلاحظ التقرير أيضاً، غياب مراسم الجنازات والحداد، فأين دفن هذا العدد الهائل من الضحايا؟

والغريب، أنه في المجتمعات الشرقية يعرف الأشخاص بعضهم البعض، فهل من المعقول ألا يؤدي موت 1466 شخصاً وفق ما أكدّه الأميركيون، إلى «إعصار إجتماعي»؟ يتساءل التقرير. 

تؤكد الأم أغنيس، في حديث تلفزيونيّ الأسبوع الماضي، وجود فبركة ما في صور حادثة الأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية، بغية استخدام الأطفال كسلعة لـ "بروباغندا " إعلامية، من دون أن تنفي استخدام هذه الأسلحة.

وأشارت الأم أغنيس إلى أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، والمفوضة نافي بيلاي، تجاوبتا مع مضمون التقرير، إذّ أنه يحق للأهالي معرفة مصير أبنائهم، إن كانوا قتلوا أو ما زالوا أحياء يرزقون.