أميركا: المال السياسي حسم نتائج الإنتخابات النصفية

سياسة الرئيس الأميركي المتمثلة بمهادنة المال السياسي تظهر جلية في الانتخابات النصفية التي فاز الحزب الجمهوري فيها بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ، وهي تسلط الضوء على حالة الإحباط الشعبي من هذه السياسة.

تكلفة الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري بلغت 4 مليار دولار (أ ف ب)
واكب فوز الحزب الجمهوري بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ حملة منظمة من أصحاب رؤوس الأموال، قدرت تكلفتها الإجمالية بنحو 4 مليار دولار، وهي الأعلى في تاريخ الإنتخابات النصفية الأميركية على الإطلاق.

المسؤول الأول عن السماح للمال السياسي تحديد نتائج الانتخابات "وفتح باب التبرعات على مصراعيه" هي المحكمة العليا التي اصطفت إلى جانب المطالبين برفع القيود المفروضة سابقاً على تمويل الحملات الانتخابية، عام 2010.

الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه ليس بريئاً من التحيز لصالح رؤوس الأموال، سيما للهبة التي منحها لـ "إنقاذ" المصارف والرساميل الكبرى مطلع ولايته الرئاسية الأولى من خزينة المال العام، وإهماله تردي الأوضاع الاقتصادية لشرائح كبيرة ومؤثرة من عموم الشعب.

ولم يعد سراً خروج أعداد لا بأس بها من مؤيدي الرئيس عنه، نظراً لحالة الإحباط التي تسببت بها سياساته المهادنة للمال السياسي. وعليه، فإن التدقيق في مسألة توزع وتنوع الناخبين يدل على عمق حالة الاحباط الشعبي من السياسات الراهنة، فضلاً عن غلبة عامل المال السياسي على نسبة المشاركة الشعبية.

تشير آخر الإحصائيات إلى فوز الحزب الجمهوري بأغلبية 52 مقعداً في مجلس الشيوخ، ومقعدين آخرين لا زالت نتائجهما الرسمية غير نهائية، رغم أن الكفة الراجحة تميل إلى صالح الحزب أيضاً.

التوقعات الأولية للآلة السياسية تتيح للحزب المصادقة على بعض أهم برامجه: لا سيما مشروع أنبوب نقل النفط الكندي إلى السواحل الجنوبية للولايات المتحدة، "كي ستون اكس أل."

لعله من المفيد أيضاً الأخذ بالاعتبار أن 4 ممثلين من 7 مقاعد جديدة فاز بها الحزب هم من أشد المؤيدين لأنبوب النفط، إضافة لذلك فإن نحو 12 مؤيداً من الحزب الديموقراطي سينضمون للتصويت لصالح المشروع ليصبح المجموع 64 على الأقل، مما سيحبط صلاحية الرئيس أوباما استخدام قرار الفيتو الذي يتطلب نسبة الثلثين  لإبطال مفعوله، في هذا الأمر بالتحديد.

وربما ستتكرر تلك النسبة وتبنى بمقتضاها مسائل حيوية أخرى، أهمها على الإطلاق تخفيض حجم الضرائب المفروضة على شريحة الأثرياء، فضلاً عن إلغاء عدد من القيود والقوانين سارية المفعول، رغم هشاشتها، بالنسبة لكل ما يتعلق بمؤسسات وول ستريت.

ممثلي المال السياسي أيضاً سيصيغون، أو يناشدون تبني، سياسة خارجية تلبي مصالح معسكر الحرب ووسائل الإعلام الكبرى، ولن تقتصر على امداد المسلحين السوريين بمزيد من الأسلحة فحسب، بل ربما ستتفاقم الاصطفافات للضغط على الرئيس اوباما انتهاج سياسة عالمية أكثر تشدداً في عدد من الملفات، لا سيما روسيا والعالم العربي.

اخترنا لك