خلفيات الاتفاق الأميركي التركي وإمكانية نجاحه في تحقيق أهدافه
بعد زيارة وفدٍ عسكري أميركي إلى تركيا، انقرة توافق على دعم وتدريب ما يسمى "المعارضة السورية المعتدلة" بغية جعلها قوةً ثالثةً بين الجيش السوري وتنظيم داعش، والاتفاق بين واشنطن وانقرة يبدو أول المطاف للاعتراف بنصيب تركيا في الأراضي السورية والعراقية، لكنه مراهنةٌ على شرذمة الدولة.
فمطلب تدريب معارضة سورية، الذي حظيت به تركيا، بعد نأي الإدارة الأميركية، تسعى إلى استكماله بسيطرتها على إقليم في سوريا، كما ألمح رئيس الوزراء التركي، في حديثه عما سماه "قوة ثالثة". المنطقة العازلة التي تطالب بها أنقرة، تتضمن حظراً جوياً يقوم به الجيش التركي، بصيغة أطلسية على ظهر تحالف واشنطن، كما يتضمن كذلك حماية برية في عمق 40 كيلو متراً حتى ضريح سليمان شاه، وفق بعض الخطط التركية. في هذا الصدد لم يذكر اتفاق واشنطن مع انقرة، مكان تدريب المعارضة، على خلاف اتفاقها مع السعودية، الذي حدد الأراضي السعودية مكاناً للتدريب. هذا الأمر، قد يدل على أن انقرة تعول على أن تقام المنطقة العازلة، تحت سيطرتها ونفوذها، قبل إيواء وتدريب معارضة مقربة منها، ومنافسة للمعارضة الأخرى التي تأويها السعودية على أراضيها. في هذا السياق، ربما تعول تركيا على أن تحالف واشنطن يسعى إلى شرذمة الأراضي السورية، بذريعة مواجهة داعش، كما فعل الإحتلال الأميركي في العراق بذريعة مكافحة الإرهاب، حين قسم الأراضي العراقية إلى أقاليم طائفية وعرقية. فتركيا التي تراهن على اسقاط الحكم في سوريا، مدخلاً لتفتيت أراضي الدولة السورية أيدي سبأ، قد لا تذهب وحدها في هذه المراهنة، إذا لم تجاريها الإدارة الأميركية، التي تخشى المغامرة بقواتها، وبحلفائها المعارضين لتمدد النفوذ التركي. لكنها، تعتقد أن مأزق تحالف واشنطن في عجزه عن تحقيق مكتسبات ميدانية، يجعلها في موقع القادر على فرض شروطه في آخر المطاف. غير أن هذه المراهنات التي تتوقع تنازلات سارة، قد تصطدم بمفاجآت تغيير موازين القوى والظروف الميدانية، من حيث لا تنتظرها.