أوباما وأردوغان: حصار داخلي وتلاشي السحر الخارجي

مراكز الأبحاث والصحف الأمريكية تتناول بالنقد اللاذع رئيس الوزراء التركي بعد زيارته إلى واشنطن وتلقي الضوء على الفشل الذي منيت به سياسته الخارجية، إضافة إلى الفضائح الداخلية التي تطال أوباما وأردوغان.

أردوغان كان يأمل من زيارته إقناع واشنطن بالتحرك تجاه سورية

كان حري برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قراءة المتغيرات الجيو- سياسية في الإقليم بإتقان وتمعن قبل عزمه ركوب الطائرة متوجهاً لواشنطن، سيما وأن زيارته أتت بعد الإتفاق الأميركي الروسي على المضي بحل تفاوضي في سورية بدلاً من المعادلة الصفرية.

على الجانب الآخر، لم تسعف التطورات الداخلية الأميركية المتسارعة جدول أعمال الزائر التركي الحافل بملفات متعددة، خاصة للمأزق المستجد على الإدارة الأميركية في فضيحة التجسس على السلطة الرابعة، تلتها أزمة هيئة الضرائب باستهداف الجماعات المناوئة لسياسة الإدارة.

قبيل الزيارة، أسدى معهد "كارنيغي" نصيحة لأردوغان كان يتعين عليه التدقيق بها قبل تلقي الإهانات المبطنة من الرئيس أوباما في مؤتمرهما الصحفي المشترك على مرأى من العالم، الذي خفف فيه من حدة الإتهامات للحكومة السورية بإستخدام الأسلحة الكيميائية؛ والتي تبنت حكومة أردوغان روايتها وترويجها عالمياً. نصيحة المعهد (13 أيار الجاري) كانت وجيزة وبليغة: "هي فرصة لإنتقاء المفردات بمهارة وتوازن دقيق، والابتعاد عن إشهار الإعلانات أو انفعال العواطف، (والتي من شأنها) ترسيم معالم السياسة التركية وموقعها لسنوات عدة قادمة ضمن ساحة تعج بلاعبين أساسيين في منطقة تتصف بالتعقيد".

كما حث المعهد الحكومة التركية على الوقوف جانباً في التطورات السورية إذ أن "مسؤولية ايقاف النزيف الدموي تقع على عاتق الولايات المتحدة وروسيا.. أما تركيا وقطر باستطاعتهما لعب دور مساعد إن هما اصطفتا إلى جانب الإجماع الذي سينجم عن المؤتمر الدولي" المقبل.
ويوم لقاء أردوغان بأوباما أوضح المعهد عينه مجدداً للضيف الزائر دور أنقرة في تشكيل مجالس المعارضة المتعددة إن "أصدقاء سورية.. على مقربة من بدء البحث مرة أخرى عن إطار تمثيلي لقوى المعارضة يحوز على مصداقية أكبر.." (كارنيغي 17 أيار).
إذاً، مراهنات تركيا على هزيمة الحكومة السورية سقطت وسمعها أردوغان مدوية قبل مجيئه للقاء الرئيس أوباما.

لقاء الزعيمين في العام 2009 تميز بنشوة الإنتصار في مدى شعبيتيهما المرتفعة، خص أوباما فيه أردوغان القيام بدور في الإقليم نيابة عنه في مهام دقيقة الحساسية كالملف النووي الإيراني. وأفرط أردوغان في أداء دوره المرسوم ليجدد ولاءه لدور بلاده في الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، وليشكل نموذجاً اقتصادياً ناجحاً ينبغي اقتداء الإقليم به، سيما تجاه سورية.

لم تكن زيارة أوباما الأولى كرئيس للولايات المتحدة إلى تركيا مجرد صدفة، بل عززها تنامي المراهنة عليها لتعلب أدواراً متعددة تخدم صلب الإستراتيجية الأميركية كما جاء في خطابه آنذاك قائلاً إن الزيارة "تشكل دليلاً على أهمية تركيا ليس للولايات المتحدة فحسب، بل للعالم.. ولديها إطلالة نافذة على مروحة كبيرة من التحديات الإقليمية والإستراتيجية التي نواجهها". كما أكد أوباما أن تركيا تمثل نقطة تلاقي الشرق بالغرب، في إشارة لها دلالتها لدى الإتحاد الأوروبي الذي لم يتقدم خطوة عملية واحدة للقبول بتركيا المسلمة ضمن عضويته.

إستنادا إلى الدعم المعنوي الأميركي، توجه أردوغان لممارسة سياسة خارجية هجومية وتسخير مصادر القوة والنفوذ التركية في خدمتها. وبرز وزير خارجيته أحمد داوود أوغلو مزهواً بسياسة "صفرية المشاكل مع الجوار"، يعرضها بضاعة لتعزيز دور تركيا كمرجعية لحل الأزمات المختلفة.

وجاءت أولى ترجمات تلك التوجهات على لسان وزيرة الخارجية الأميركية آنئذٍ، هيلاري كلينتون، التي طمأنت العالم بعدم القلق لدى انتقال أحداث "الربيع العربي" إلى سورية إذ أن تركيا تتحكم بتلابيب الأمور هناك. ومن بين ما دلت عليه تصريحاتها التي تندرج تحت سقف سياسة الرئيس الجديد، أوباما، إن السياسات الأميركية السابقة القائمة على التدخل المباشر غالباً ما كانت تؤدي إلى مفاقمة الأوضاع في الشرق الأوسط بدلاً من تهيئة الأرضية لحلها.

نتائج إستراتيجية أوباما وفريقه السياسي على تركيا أتت سريعاً مخيبة لآمال المراهنين على قدرة تركيا ممارسة النفوذ القديم للإمبراطورية العثمانية في الإقليم؛ بل جاءت أيضاً كمؤشر على تنازل أميركا عن دورها لصالح تركيا لإتخاذ دور المبادر في السياسة الجديدة. للدلالة، تطورت أزمة السياسة الأميركية نحو سورية حيث أضحى أوباما يراوح في حاجة ماسة لأي كان اتخاذ زمام المبادرة كي يتلقفها ويبني عليها.

المؤتمر الصحفي المشترك لأوباما وأردوغان حمل رسائل واضحة موجهة للأخير سيما لعدم حسم الرئيس أوباما مسألة استخدام الأسلحة الكيميائية، واستطراداً عدم تجاوز "الخط الأحمر" المرسوم لسورية، على مسمع أردوغان. بل ذهب في مزيد من التوضيح بالقول "نحن بحاجة لمزيد من التعاون والعمل المشترك لجمع مزيد من الأدلة والمعلومات الموثقة". وقارب القول إن دور تركيا المرسوم شارف على النهاية عند تأكيده على "ممارسة ثابتة للضغوط من الأطراف الدولية" على الحكومة السورية، بخلاف توقعات أردوغان وفريقه الحاكم. وأرفق أوباما ترحيله الضمني لتركيا بالإشادة "بأولاد المسؤولين الأتراك .. الذين يتلقون تعليمهم العالي في الجامعات الأميركية،" من ضمنهم أنجال الرئيس عبدالله غول وأردوغان ووزير خارجيته داوود أوغلو، كأنه رمى للقول إن "أولادكم في حضننا" كما لخص الأمر بعض المراقبين.

أردوغان، من جانبه، لم يضمر مشاعر عدم ارتياحه لسير محادثاته مع الرئيس أوباما، عند إشارته إلى فعالية الدور الأميركي في سورية رداً على أسئلة الصحفيين قائلاً إنه "يفضل النظر إلى الجزء المملوء من الكوب، وليس إلى الجزء الفارغ" وفي لفتة تتسق مع تصريحات أوباما، أشار أردوغان إلى ضرورة العمل مع روسيا والصين في الشأن السوري. بعبارة أخرى، أضحى أردوغان يصرح عكس تصريحاته السابقة التي أشبعها تهديداً ووعيداً للرئيس السوري بالرحيل.

جعبة أردوغان التفاوضية كانت مثقلة بتداعيات الأزمة السورية على بلاده، وخشيته وفريقه الحاكم من إرتداد صداها داخل تركيا (تفجيرات الريحانية)، وحاجته الملحة للحصول على دعم أميركي في مستويات عدة. أصبح جلياً لدى أوباما أن مراهنته على استغلال النفوذ التركي لم تؤتِ الثمار كما كان مرسوم لها، بل باءت بالفشل لوقف الحرب برمتها أو لجهة تلطيف موقف الرئيس الأسد من حل يلبي المصالح الأميركية.

تفاقمت أزمة فريق أردوغان في سورية ليس لناحية تدفق اللاجئين السوريين فحسب، بل لعدم القدرة على إتخاذ قرار بشن حرب أو القيام بعمل عسكري محدود داخل الأراضي السورية، سيما وأن خطوة خطيرة من هذا القبيل لا بد لها من الحصول على تأييد أميركي؛ فضلاً عن أن الترسانة العسكرية التركية ليست على سابق عهدها من القوة إبان الحرب الباردة. كما يدرك أردوغان وفريقه أنه على الرغم من إتفاقه الأخير المبرم مع حزب العمال الكردي، فإن قواته المسلحة تعاني من عدم القدرة لبسط سيطرتها على مناطق شاسعة من الأراضي التركية في جنوب شرقي البلاد.

أما سلاح القوات الجوية فليس بأفضل حال والذي يدميه خسارة مقاتلاته كان آخرها بالقرب من الحدود السورية قبيل زيارة أردوغان لواشنطن ببضعة أيام. البنية التحتية للقوات المسلحة في عهد أردوغان أصابها العطب سيما وأن نسبة 20% من مجموع الضباط الأتراك تقبع في السجون على خلفية توجيه تهم ذات أبعاد ودلالات سياسية.

سياسات أردوغان وفريقه أضاعت الفرصة لتركيا كي تلعب دور الوسيط الإقليمي، الذي لم يكن بإستطاعتها القيام به دون دعم وتأييد أميركي.

تنامي فضائح أوباما الداخلية

من المألوف في تاريخ الرئاسة الأميركية أن تطبع الولاية الرئاسية الثانية بسيل من الفضائح وتردي نسبة الدعم الشعبي نتيجة ذلك. أوباما، في ولايته الثانية، بدا وكأنه يقترب من الشذوذ عن أسلافه حتى مطلع الشهر الماضي بالرغم من توارد تفاصيل مزعجة عن حقيقة ما جرى في الإعتداء المسلح على مقر البعثة الأميركية في بنغازي، 11 أيلول 2012.

لم تدم فرحة أوباما طويلاً، وما لبث أن حاصرته الإتهامات بتزييف الحقائق حول بنغازي. ثم تلتها إعترافات هيئة الضرائب بإستهداف المنظمات السياسية المحافظة، فاقمتها أنباء الإستيلاء على سجلات الهواتف الخاصة لعدد من الصحافيين الذين كشفوا عن عدد من تجاوزات الحكومة لصلاحياتها وتلاعبها بالحقائق. دورة الفضائح لا تزال في بداياتها لكنها تنطوي على مكونات تكفي لإثارة عواصف سياسية بإمكانها حرف بوصلة الرئيس أوباما وتسديد ضربة موجعة للبرامج التي ينوي تحقيقها في ما تبقى له من عمر ولايته الرئاسية.

تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المؤتمر الصحفي المشترك، بين أوباما وأردوغان، حفل بتساؤلات عدة من الصحافيين حول الأزمات الداخلية المشار إليها، على حساب الإهتمام بقضايا الشرق الأوسط.

أثبتت التحقيقات اللاحقة في مسألة بنغازي أن الإدارة كانت على علم بهجوم طور الإعداد نسب إلى تنظيم القاعدة، بخلاف إدعاءاتها المتكررة أن الإعتداء جاء على خلفية رد فعل لفيلم أميركي مسيء للإسلام؛ إذ كانت ترمي إلى حرف أنظار الرأي العام عشية الانتخابات (الرئاسية والتشريعية)، وأبعاد التهم عن أوباما لليونته في التعامل مع "الحرب على الإرهاب" كما يقول خصومه. بيد أن معظم الرأي العام لم يولي المسألة الأهمية التي كان ينبغي أن تنالها بإستثناء قطاع المناوئين لسياسة الرئيس أوباما.

أما إجراءاتهيئة الضرائب التي استهدفت مجموعات سياسية بعينها فمن المرجح أن تبقى حية وحديث الساعة، سيما وأن الهيئة لا تلقى ترحيباً بل تواجه عدم ثقة وربما مشاعر إحتقار شبه جماعية نظراً لطبيعة مهامها التي تنال من رفاهية كل فرد من أفراد المجتمع.

للإنصاف التاريخي، استغل الرؤساء الأميركيون هيئة مصلحة الضرائب لتحقيق أهداف سياسية منذ القدم، ولا تزال تداعيات فضيحة الرئيس نيكسون في ووترغيت ماثلة أمام الجميع. من المفارقة أن الصحافي كارل بيرنستين، الذي شارك مع زميله بوب وودوورد في كشف خفايا فضيحة ووترغيت والتي أدت إلى استقالة نيكسون، وصف إجراءات الهيئة في مقابلات متلفزة بأنها "أمر فاضح تجاوز كل الحدود" ومنهجها بمثابة "حادث نووي في طور الإنفجار".

المؤشرات الأولية على تصرفات الهيئة تدل على علم مسبق للإدارة بينما تم حجب المعلومات عن الكونغرس.
أما فضيحة الاعتداء على السلطة الرابعة من شأنها أن تتجاوز تداعياتها كل من بنغازي وهيئة الضرائب، لتحديها السافر لحقوق يكفلها الدستور، ولن يكون بوسع الإدارة التخفيف من أهوالها كما سيكون الأمر بالنسبة إلى القضيتين الأخريين. في التفاصيل، دأبت وزارة العدل، التي يرأسها اريك هولدر المقرب من أوباما، على التحكم بسجلات الهواتف الخاصة لعدد من مراسلي ومحرري وكالة "اسوشيتد برس" للأنباء، وشملت نحو 20 هاتفاً شخصياً ونيف للفترة الممتدة من شهري نيسان وأيار لعام 2012.

من الطبيعي أن تتضامن كافة المؤسسات الإعلامية مع زميلتها المعتدى عليها، مطالبة وزارة العدل بإعادة كافة السجلات الأصلية وإتلاف ما تبقى من النسخ. وقال رئيس وكالة "الاسوشيتد برس،" غاري بروويت، إن ".. محتويات السجلات الهاتفية قد تدل على هوية مصادر إخبارية موثوقة للوكالة ومراسليها.. ورسم خريطة لآلية عمل جمع المعلومات وإفشاء معلومات تتعلق بنشاطات ومنهجية الوكالة التي لا يتوفر للحكومة وأجهزتها أي حق أو مبرر للإطلاع عليها".

وقعت الإدارة في شرك شباكها، ووفرت للمؤسسات الصحفية فرصة ثمينة لتسديد أهدافها ضد البيت الأبيض تحديداً، الذي يعي جيداً ما آلت إليه تحقيقات الثنائي وودوورد وبيرنستين في استقالة الرئيس نيكسون، واللذين أصبحا مثالاً يخلد نزاهة السلطة الرابعة.

من المبكر راهناً التنبؤ بما ستؤول إليه سلسة الفضائح المشار إليها، سواء لإضطرار الرئيس الاعتزال عن منصبه أو الإستقالة. إذ أقدم الكونغرس خلال تاريخ النظام الأميركي على المضي بإجراءات عزل للرئيس في حالتين فقط: اندرو جاكسون وبيل كلينتون، واللذين لم يتم إدانتهما بجرم محدد ومضيا في منصبيهما لاستكمال فترتيهما الرئاسيتين.

أيضا، خصوم الرئيس من الجمهوريين في الكونغرس قلقون من خيار إجراءات العزل للخشية من الاتهامات بتوظيف المسألة لأغراض سياسية وإنتخابية بحت، سيما وأن الرأي العام يحملهم جزء كبير من المسؤولية عن التداعيات المالية التي نالت معظم البرامج الخدماتية الحكومية. بل من المرجح موافقتهم على بقاء الرئيس أوباما في منصبه إلى نهاية ولايته وتركه يلملم أضرار سمعته وحيداً.
بالمقابل، سيستمر هؤلاء في إستهداف وزيرة الخارجية السابق، هيلاري كلينتون، بدافع مسؤوليتها عن أحداث بنغازي بغية النيل من هيبتها وحظوظها في دخول حلبة السباق الرئاسي لعام 2016.

وعليه، لنستعرض الاحتمالات الأكثر ترجيحاً الناتجة عن سلسلة الفضائح المتلاحقة. أولها، وضع حد لمشاريع القوانين الطموحة للرئيس أوباما بل إفشالها إلى أن تنتهي ولايته الرئاسية؛ إذ يتعين عليه تسخير جهد كبير للحد من تداعياتها الشاملة وما يقتضيه من الحد من جهوده لإستغلال الموقع الرئاسي لدعم مرشحين ديموقراطيين لمناصب متعددة على مستوى الولايات المحلي أو الصعيد السياسي القومي. نظراً لهذا الإعتبار، سيتحول الرئيس أوباما سريعاً إلى عبء على المؤسسة الحاكمة برمتها، ويقوض حظوظه بالتعامل مع بعض الخصوم الجمهوريين الذين كان يعوّل على تعاونهم في بعض القضايا الهامة؛ بل قد يجد أن شركاءه الديموقراطيين ينأوون بأنفسهم عنه لتفادي الإحراج الإنتخابي فيما تبقى له من الولاية الرئاسية.

أولى ضحايا مشاريع أوباما سيتجسد في مشروع قانون الهجرة الذي بدأت عليه معالم الترنح في أروقة مجلس النواب، فضلاً عن تعثر بل فشل مشروع قانون الحد من اقتناء السلاح الفردي. أما مسألة الشد والجذب في الميزانية السنوية وتحديد سقف جديد للاقتراض الحكومي قد يتم تسويتها بعد إنقضاء فصل الصيف، لكن ينطوي عليها تقديم أوباما تنازلات إضافية أكبر مما كان يتعين عليه القيام به قبل استشراء الفضائح السياسية.

أما هيئة الضرائب فقد تخضع لتخفيض في ميزانياتها وإدخال تعديلات قاسية على آليات عملها ونطاق مهامها، بل قد يصل الأمر إلى فرض اصلاحات على النظام الضرائبي المعتمد وربما إزالة العديد من التعقيدات الإجرائية مما ينال من سطوة ونفوذ الهيئة وخضوعها لنظام مساءلة لم تعهده من قبل.
وفي هذا الصدد، ونظراً للدور المنظور للهيئة في تهيئة المناخ لتمويل برامج الرعاية الصحية والإجتماعية، المعروفة بأوباما كير، ستترك تداعياتها سلباً على مسار البرامج.

استطراداً، ستترك هذ الأزمة المتجددة تداعياتها على مناخ الإنتخابات التشريعية في العام المقبل، دون ريب؛ سيما وأن بعض النواب الحاليين عن الحزب الديموقراطي قد أعلنوا عن نيتهم بعدم الترشح للفترة المقبلة، مما قد يحفز التيارات المتشددة داخل الحزب الجمهوري الزج بمرشحيهم لمناصب عليا. الأمر الذي عزز توقعات الحزب الجمهوري ومناصريه من إمكانية سيطرته على مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس في الدورة المقبلة، فضلاً عما ستتركه من آثار إيجابية للحزب على المستويات الإنتخابية الأخرى.

من الطبيعي أيضاً أن تسفر التحقيقات المقبلة عن إستقالة بعض المسؤولين، أو إقالتهم، وتدرج الإستقالات تلقائياً إثر ذلك، ليس أقلها هروب البعض من المركب قبل الغرق، مما سيترك فراغاً في بعض الأجهزة والتشكيلات الحزبية والحكومية معاً. ما سيترتب على هذا الوضع هو صعوبة تجنيد مسؤولين بدائل لأولئك المستقيلين والمقالين، سيما وأن المناصب الرئيسة تستوجب موافقة من مجلس الشيوخ، الذي يمارس الحزب الجمهوري دوراً معطلاً في أدنى المستويات.

تداعيات الفضائح الداخلية ستنال السياسة الخارجية للولايات المتحدة نظراً لكونها من صلاحيات الرئيس، مما قد يحفز الرئيس أوباما القيام ببعض المبادرات على ذلك الصعيد لتعديل ميزان القوى الداخلي، وقد تشمل إجراءات أكثر تشدداً في مجال "الحرب على الإرهاب" لدرء الإتهامات من ناحية، وفرض أجندة جديدة من الناحية الأخرى.

في هذا الخصوص، قد يلجأ الرئيس أوباما المثخن بالجراح إلى الإقدام على خطوات أشد عدوانية في الشأن السوري، أو إيران أو كوريا الشمالية، بغية إسترضاء عطف الرأي العام؛ وربما ذهابه أيضاً لحث الخطى في مسار المفاوضات السلمية في الشرق الأوسط (كما درجت العادة على تسميتها)، أو العمل على التوصل لصيغة ما حول اتفاقية للأسلحة النووية مع روسيا.

حظوظ الرئيس أوباما تجاوز تلك الأزمات مجتمعة واردة وإن بنسبة ضعيفة، سيما وأن المجتمع الأميركي عادة ما يضجر من الرئيس وحزبه السياسي في منتصف ولايته الرئاسية الثانية، كما تدل التطورات التاريخية منذ نحو 70 عاما خلت، مع قليل من الإستثناءات.

مشاكل أوباما الداخلية قد تدفعه للتغطية عليها بخطوات في السياسة الخارجية

اخترنا لك