منطقة عازلة ولكن للنصرة!
عبد الباري عطوان يكتب في صحيفة "القدس العربي" عن المخططات الأمريكية التي تهدف لإقامة منطقة عازلة عند الحدود السورية مع الأردن، يكون هدفها الأساسي حماية إسرائيل من "جبهة النصرة".
كتب عبد الباري عطوان في صحيفة "القدس العربي" عن آخر التطورات في الخطط العسكرية الأمريكية بشأن الأزمة السورية، وخصوصاً المخططات بإقامة منطقة عازلة في الأراضي السورية عند الحدود مع الأردن، تكون مقراً للحكومة المؤقتة وتحمي إسرائيل من المقاتلين المتشددين التابعين لجبهة النصرة.
وسرد عطوان التطورات المتلاحقة على صعيد الأزمة السورية من؛ استضافة اسطنبول اجتماعاً لمنظومة "أصدقاء سورية" لوضع خريطة طريق حول كيفية التسريع بإسقاط النظام، وتكثيف عمليات تسليح المعارضة السورية "المعتدلة" بأسلحة حديثة ومتطورة.
وتابع عطوان "على الأرجح سيكون الأردن البوابة الأوسع لتسليح المعارضة وتدفق المقاتلين إلى العمق السوري، استعداداً لمعركة دمشق الكبرى في شهر حزيران/يونيو المقبل بحسب تقارير غربية. عدد القوات الأمريكية في الأردن يتضخم يوماً بعد يوم".
وشرح عبد الباري عطوان الأهداف من وراء إقامة المنطقة العازلة جنوب سورية، وبمحاذاة هضبة الجولان السوري المحتل، والحدود مع فلسطين، وهما هدفان أساسيان؛ "الأول: ايجاد منطقة آمنة يسيطر عليها الجيش السوري الحر، وتكون مقراً للحكومة السورية المؤقتة بقيادة غسان هيتو، والثاني: منع الجماعات الجهادية الإسلامية من الوصول إلى الحدود مع فلسطين المحتلة، وشن هجمات صاروخية أو استشهادية ضد أهداف إسرائيلية".
ولكنه يشدد في الوقت ذاته أن "الهدف الثاني هو الأكثر أهمية، لأن حكومات عربية أقنعت إسرائيل وأمريكا بأن الجماعات الجهادية هي الأكثر بلاء في مواجهة النظام السوري، ولذلك ربما من الخطأ مواجهتها في الوقت الراهن، أما القلق الإسرائيلي من خشية تواجدها قرب الحدود من الجولان أو فلسطين المحتلة، فيمكن تحييد هذا القلق من خلال إقامة المنطقة العازلة هذه، ومنع عناصرها، أي الجماعات الجهادية، وجبهة النصرة خاصة من دخولها بالقوة".
ويعتبر عطوان أن هذه المخططات الأمريكية تبدو محسوبة جيداً على الورق، لكن لا أحد يستطيع أن يتكهن بمدى ترجمتها ترجمة صحيحة وفاعلة عملياً على الأرض، "فالأمور في المنطقة العربية لا تسير دائماً وفق ‘المانيول’ مهما بلغت دقة اعدادها، فمن يضمن ألا تخترق جبهة النصرة المنطقة العازلة في حال إقامتها، أو وصول الأسلحة النوعية الحديثة إليها؟".
ويذكر عطوان في هذا المجال بأفغانستان عندما "انشق المئات إن لم يكن الآلاف من الجيش الرسمي الكرزاوي (نسبة إلى حميد كرزاي) وانضموا إلى حركة طالبان ومعهم أسلحتهم، كما نفذ بعضهم عمليات استشهادية ضد قوات الناتو".
كما يذكر الأردنيين بالطبيب همام البلوي، الذي اخترق ثلاثة أجهزة مخابرات (الأمريكية والأردنية والأفغانية) وقتل ثمانية من القادة الأمريكيين في خوست عام 2009، وأمير هاشمي (ابن عم الملك) وهو مسؤول في المخابرات الأردنية جنده لاغتيال الملا عمر وقادة آخرين في تنظيم "القاعدة".
ويختم عطوان "من الصعب معرفة طبيعة المخطط الجديد الذي تسعى أمريكا للتشاور مع حلفائها في الخليج والأردن وتركيا بشأن تطبيقه، ولكن ما يمكن التكهن به هو أن إنشاء منطقة عازلة جنوب سورية وبمحاذاة الحدود مع فلسطين المحتلة، يحتل أولوية قصوى. الطبخة بدأت تنضج، وتفوح رائحتها في الأجواء، والمأدبة قد تقام في غضون الشهرين المقبلين، وكل الاحتمالات واردة!".