لبنان على خط الزلازل.. ماذا رصدت رادارات جنبلاط؟

لم يحدث منذ بداية تأسيس الكيان اللبناني أن خرج قائد الجيش وألقى بيانا يتعلق بسير العمليات العسكرية كما فعل قهوجي، بالتزامن كانت رادارات وليد جنبلاط تلتقط تطورات خطيرة مقبلة على لبنان وتدفعه للقاء السيد نصرالله ثم قاعدته الشعبية.. هل دخل لبنان آتون المنطقة.

قهوجي يدعو جميع المسؤولين السياسيين والروحيين إلى التنبه لما يرسم للبنان
تحركت رادارات وليد جنبلاط. رصدت هواء أصفر مقبل على لبنان. وقبل أن تبدأ معركة عرسال كان زعيم المختارة يلتقي بمبادرة منه السيد حسن نصرالله بعد انقطاع لثلاث سنوات. جزء من الحديث بين الزعيمين بقي طي الكتمان ولم يتسرب لوسائل الإعلام.

لم يمض أسبوع على اللقاء حتى سقطت عرسال بأيدي التكفيريين. خرج العماد جون قهوجي ببيان غير مسبوق شكلاً ومضموناً. لم يحدث منذ بداية تأسيس الكيان اللبناني أن خرج قائد الجيش وألقى بيانا يتعلق بسير العمليات العسكرية. السابقة التي تؤشر على مدى الخطر المحدق بلبنان يعززها كلام لا يقل خطورة. قال العماد إن الهجوم على الجيش في عرسال لم يحصل بالصدفة بل كان محضرا بدقة بانتظار التوقيت المناسب لتنفيذه. وأشار إلى أن ما حصل أخطر بكثير مما يعتقده البعض وأن الجيش لن يسمح بانتقال ما يحصل في العراق وسوريا إلى لبنان. وذكر أن "الجيش كان أول من نادى منذ أكثر من ثلاث سنوات بضرورة معالجة الوضع الأمني للنازحين السوريين"، وقال إن " الخوف الكبير الذي لا ينتبه له الجميع اليوم، هو أن ينتقل عنصر المباغتة من مكان إلى آخر"، مشيراً إلى أن "الجميع يعرف كيف تتداخل المناطق والبلدات"، داعياً "جميع المسؤولين السياسيين والروحيين إلى التنبه لما يرسم للبنان".

قرأ جنبلاط دقة المرحلة. وبالتزامن مع بيان قهوجي والمعارك المحتدمة في عرسال كان رئيس "جبهة النضال" النيابية يجول على قاعدته الشعبية في مدينة الشويفات.

قرر أن يتخلى "البيك" عن القواعد التقليدية التي تحكم اللعبة السياسية اللبنانية. نزع قفازاته وتوجّه إلى أنصاره بكلام يعكس مدى استشعاره بالخطر الوجودي. قال "مررنا بأيام أصعب بكثير من اليوم ولكن الآتي أصعب بكثير من اليوم". ذكّرهم بأن ما تبقى من مسيحيين في العراق انتهوا. اعترف بأن كلامه قد لا يعجب البعض منهم لكنه تمنى عليهم أن يفكروا فيه. شدّد على أن التاريخ لا يتوقف عند الحادي عشر من أيار (المواجهات بين حزب الله وأنصاره وبين أنصار جنبلاط عام 2008). أكّد على أن "داعش" آتية بفكر مغلق معتبراً أنه ليس صحيحاً أن تدخل حزب الله في سوريا استحضر داعش إلى لبنان.

لبنان إلى أين؟

يصف الخبير العسكري الاستراتيجي العميد أمين حطيط ما يحدث من مواجهات في عرسال بأنها  الأولى من نوعها بهذا الحجم وهذا الشكل، ويعتبر أن ما يواجهه لبنان اليوم هو الأخطر منذ عام 2006، فمصير معركة عرسال ونتائجها واتجاهها ستحدد مصير لبنان.

ويؤكد على أنه في حال فشل الجيش فإن لبنان متجه نحو مخاطر كبرى إحدى سماتها أن الطوائف اللبنانية ستتجه إلى حمل السلاح لحماية نفسها. ويلفت إلى أنه ليس مضموناً في حال فشل الجيش أن يبقى موحّداً لا سيما في ظل الفراغ الرئاسي والوضع الحكومي المهتز والمهدد.

ويشير حطيط إلى أن عرسال بأكملها باتت خارج يد الجيش، مذكّراً بأن الجيش منذ الأساس لم يدخل إليها نتيجة الضغط السياسي من قبل تيار المستقبل والذي قضى بإدخال قوى الأمن الداخلي إليها بدلا منه. ويضيف بأن التيار هو شريك سابق في ما حصل مذكّراً بالاعتداء السافر على دورية الجيش اللبناني في عرسال في بداية العام 2013 والتي أدت إلى استشهاد الرقيب بيار بشعلاني والرقيب ابراهيم زهرمان وما رافقها من تبريرات وغطاء سياسي.

ويقول إن "المستقبل" هو خائف حاليا بعدما وصل إلى السلطة لأنه مسؤول، لافتاً إلى ان وزير الداخلية نهاد المشنوق لم يدل بأي بيان منذ 24 ساعة برغم ضخامة الحدث.

جانب من المواجهات على أطراف عرسال

المخطط المرسوم

حطيط: الجماعات التكفيرية التي تتحرك اليوم في عرسال تعمل ضمن مشروع مرتبط بالخارج
يؤكد حطيط أن الجماعات التكفيرية التي تتحرك اليوم في عرسال تعمل ضمن مشروع مرتبط بالخارج. ويرى أن الخطة في هذه المرحلة تقوم على ثلاث خطوات:

- الخطوة الأولى هي احتلال عرسال ومنطقتها بهدف إيجاد بيئة آمنة بعيدة من قبضة الجيش السوري وخارج الأراضي السورية، وبالتزامن مع تنفيذ هذه الخطوة يجري ضغط داخلي على الجيش كيلا يتعرض للمسلحين، ويلفت على هذا الصعيد إلى اللقاء الذي جرى في منزل عضو "كتلة المستقبل" النائب محمد كبارة بالتزامن مع المواجهات في عرسال، حيث صدر بيان شدد على أن "ما يجري في عرسال السنية البطلة ليس إلا مسلسل إيراني سوري لإخضاع أهل السنة"، ويتطابق مضمون الخطاب مع الخطة بحسب حطيط، في ظل موقف داخلي تبريري لسلوك التكفيريين.

- الخطوة الثانية وضع اليد على طرابلس.

- الخطوة الثالثة ربط عرسال بطرابلس جغرافياً.

وعن مدى إمكانية تنفيذ مثل هذا المخطط وواقعيته خصوصا وصل عرسال بطرابلس جغرافياً يجيب حطيط: "هناك طرفان قادران على منع ذلك نظرياً هما الجيش اللبناني بشكل أساسي وحزب الله. الجيش هذه معركته الأساسية، أما حزب الله فلا يتحرك عسكريا خارج مناطق نفوذه او بيئته الاجتماعية بسبب الحساسيات المذهبية المعروفة في لبنان. وبالتالي بين عرسال وطرابلس هناك منطقة واسعة لا وجود لحزب الله فيها وتحديدا بعد الهرمل وباتجاه عكار". 

تطورات الأيام المقبلة

يقدّر حطيط عدد المسلحين اليوم في محيط عرسال بعشرة آلاف مسلح مخالفاً التقديرات التي تقول بوجود نحو 3000 مقاتل. هؤلاء شكلوا معسكرات تحت غطاء "مخيمات النازحين". ويعتبر أن الجيش اللبناني غير قادر لوحده على حسم هذه المعركة، ولا خيار آخر لديه غير التعاون مع الجيش السوري لحسمها لكن القرار السياسي يمنعه. حطيط  لا يجد جدية في التعامل مع الموضوع على مستوى السلطة ويعرب عن تخوفه من مآل الأوضاع التي سوف تطول برأيه.

وعن السياقات التي ستتجه إليها التطورات في المستقبل لا يستبعد حطيط أن يدخل التكفيريون في المرحلة المقبلة إلى بعض المناطق السنية ويرسموا خطوط تماس مع المناطق الشيعية محذراً من خطورة هذا السيناريو.

ويعتبر أنه إذا لم يعالج الموضوع خلال أسبوع وتعود الأمور الى نصابها، وفي ظل الشلل السياسي والفراغ الرئاسي، فإن وضع لبنان مفتوح على كل الاحتمالات بما في ذلك الأسوأ وقد تمتد بؤر التوتر الى مناطق أخرى من لبنان، ولكن المنطقة المرشحة أكثر من غيرها حاليا وفي المستقبل المنظور هي الواقعة شمال خط عرسال طرابلس.

يلخص حطيط الخطورة بالقول إن "الكيان اللبناني مهدد والوضع حرج جدا، ونراقب بدقة متناهية ما يحصل على الأرض وما يصدر من مواقف سياسية، لأن كل كلمة اليوم لها وزنها"، مذكراً بأن لبنان أدخل منذ أشهر ضمن خارطة "داعش" التي أعلنها التنظيم. 

الكيان اللبناني مهدد والوضع حرج جدا

اخترنا لك